قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا حبهان للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الخامس

نوفيلا حبهان للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الخامس

نوفيلا حبهان للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الخامس

قالت اخر جملة لها وهي تستدير بتلقائية لتنصدم من تواجد فهد الذي يبدو أنه دخل في الدقيقة الاخيرة ليسمع جملتها التي جنت جنونه وجعلت الشياطين تتلاعب بعقله، فاحتدت عيناه بنظرة غاضبة مُخيفة و...
-ضحكتيني وربي لخليكي تندمي على عملتك دي.

رمى مدحت كلماته السامة وهي لاتزال في صدمتها لرؤية فهد واتبعها بإغلاق الهاتف في وجهها، لم تهتم فكل اهتمامها كان منصب على الرجل الذي يرتفع صدره ويهبط في جنون قبل أن يلقي ما بيده من حقائب بلاستيكية ويندفع نحوها متسائلًا في هدوء يخالف النيران التي تشع من مقلتيه:
-كنتي بتكلمي مين؟
لم تستطع إخراج حرف ودقات قلبها العنيفة تسيطر على مسامعها وتصيبها بدوار خفيف فاستطرد فهد من بين أسنانه مُلحًا:.

-انطقي مين الراجل اللي كنتي بتكلميه؟
حاولت ترطيب حلقها الجاف بلا فائدة، ثم انتقل تفكيرها المذعور لتهديدات زوجها السابق فهمست بصوت مبحوح:
-كنت بكلم مدحت..
خرجت شهقة فزعة منها حين عصر فهد معصمها ودفعها نحوه في حدة هاتفًا في عنف:
-وتكلميه بتاع أيه؟ مش بقيتي على ذمة راجل دلوقتي!
إنعقدت ملامحها في غضب وحقد على انتقالها من سطوة رجل لأخر فصرخت مؤكده:
-انت صدقت نفسك ولا ايه، ده جواز صوري مش بجد.

خرجت منه ضحكة مخيفة تخلو من المرح وهو يميل نحوها مشيرًا بأصبعه لرأسها:
-لا ده انتي صدقتي نفسك بجد، فوقي انتي مش في لعبة انتي مراتي غصب عنك وعن اللي خلفوكي!
حاولت التملص منه لكنه إلتقط ذراعها الثاني وقرب جسدها منه أكثر وهو يخبرها من بين أسنانه بنبرة فاح منها عاطفة تملكية متقدة:
-يعني لو معرفتش دلوقتي انتي كنتي بتكلميه ليه، هكسر كل عضمه في جسمك!

ارتعشت شفتاها وهي تصيح في اتهام بينما عيناها تنضح بالشراسة والحقد:
-كلكم متوحشين شبه بعض معندكمش ضمير.
-ايوة انا زفت وعايز اعرف السبب اللي يخليكي تكلمي واحد يوم جوازك ليا، ايه وحشك لدرجة انك توعديه بطلاقك الوشيك، ولما انتي بتحبيه لسه سبتيه ليه!
زمجر فهد في إنفعال يشعر بكل ذرة به تثور بجنون الغيرة مطالبة بتفسير، لتسارع هي الرد في استنكار:.

-حبك برص انت وهو انا مش بحب حد ومش مجبره ابدًا اني ابرر اي حاجة انت ملكش حق عليا.
كبل يداها بين قبضته الكبيرة الخشنة وأحكم فكها بقبضته الاخرى ليهدر في جنون:
-مش عايز أسمع كلمة ملكش حق دي تاني، انتي مراتي ولا لازم اجرجرك على اوضه النوم عشان تفهميها!

إتسعت عيناها مصدومة واقشعر جسدها وقد ارتعشت شفتيها في كره ووهن وعبراتها تنساب فشعر فهد بوخزه تتملك قلبه لكنه اكتفى بإبعاد أصابعه عن وجهها في غضب والمطالبة في حده:
-كلمتيه ليه؟
نظرت إلى صدره تتفادى عينيه القاسية وحاولت السيطرة على رعشه تتملك همستها:
-مش أنا، هو اللي اتصل لما عرف اني اتجوزتك وعايز ياخد بنتي مني،
وانا خفت أوي وقولتله اني هتطلق منك عشان ميعملش حاجة لحد ما اشوف المحامي اللي طلقني منه.

اندفعت نبرتها المقهورة دون توقف حتى استقرت داخل صدره وثنايا قلبه مؤنبة إياه، فخفف من قبضته على معصميها المستقران بين صدريهما فأنزلتها في ضعف ترغب في الابتعاد، لكنه فاجأها بضمها إلى صدره ثم قال وهو ينظر لأسفل ليتفحص وجهها المنهك:
-والمحامي طلقك منه ازاي؟
-أنا اتهنت أوي على ايده وبنتي اتدمرت بسببه ومش هسمح لأي حاجه تخسرني بنتي، انا استحملت فوق...

انكمشت ملامحها ولم تستطع نطق ما تريد اخباره به وقد تملكها بكاء مرير حاد كان يخرج من احشاءها في قوة ترثي بها الذات، فضمها فهد إليه أكثر رافضًا محاولتها في نفضه عنها وهمس وهو يقبل خصلاتها الناعمة:
-اهدي هو ميقدرش يعملك حاجه وأنا معاكي.
صفعت بكفيها فوق ضهره مرتين وهي تتهمه في قهر:
-وأنا مين هيحميني منك!
ابتعد يتابع ملامحه في حزن ليقول مؤكدًا:
-أنا عمري ما هأذيكي.
-انت لسه حالاً...

قاطعها بخشونة مثخنة بالعواطف وهو يمرر ابهامه فوق شفتيها ووجنتيها يزيل عبراتها:
-دي طبيعتي وقت الغضب بقول كتير لكن عمري ما مديت ولا همد ايدي على ست خصوصا انتي يا حبهان.
-انت اتعصبت من غير ما تسمعني حتى.
-لما ادخل الاقيكي بتكلمي راجل وبتقوليله انك هتتطلقي مني يبقى ليا حق اتجنن،
واللي يثبتلك اني عمري ما هأذيكي اني ما ممدتش ايدي عليكي رغم اني كنت ولازلت نار من جوايا.

قال في نبرة جدية حازمة وهو يعيد تربيت رأسها ويسمح لها بأخفاء وجهها في صدره لتجيبه في حزن:
-متضحكش عليا بالكلام، أنا شوفت كتير اللي يخليني مصدقش أي كلام مهما كان حلو، خلاص مش بيأثر فيا..
-حتى لو قولتلك اني بحبك؟
تشنج جسدها ثوان ولم تجيبه فقط أصابعه المستقرة أسفل كتفها الأيسر تخبره بثورة دقات قلبها وتأثير كلماته، ارتفع جانب فمه في شبه ابتسامه حين قابله الصمت ومال يخبرها:.

-محدش يقدر ياخدك او ياخد رنا مني انا مصدقت لقيتكم ودخلتوا حياتي واي حد يفكر يهوب نحيتكم هخلي يندم على اليوم اللي اتولد فيه.
اذهلتها تلك المشاعر المتولدة من ذبذبات صوته الاجش لتثير العبث والجنون داخلها فوجدت نفسها تطمئن من صدق كلماته وأمر داخلها يؤكد لها انه سيفعل ولكن العقل يخبرها بالتريث فأمامها الكثير للحكم.

تنفس فهد رائحتها وهو يستند برأسه لجانب عنقها مستمتعًا بذراعيها المحيطان لجسده بقوة وسعيد بإحكامها لقبضتيها على قميصه بعد كلماته متأكدًا انها اعطتها الأمان حتى لو امتنعت عن اخباره بفمها.

مرت دقائق طويلة مريحة وكلاهما بين ذراعي الآخر قبل أن يبتعد فهد ويأتي بها خلفه نحو غرفة النوم، اتسعت عيناها وتسمر جسدها متوقفة عن الحركة بأعين متسعة فالتفت لها بتساؤل متعجب من رد فعلها ونظراتها المتوترة نحو باب الغرفة لكن همستها المنخفضة نبهته لما يدور بعقلها:
-أنا مرهقه وتعبانة وعايزة أنام!
رفع يدها نحو فمه يقبلها في شغف ثم ابتسم في مشاكسه قائلًا بنبرة سعيدة:.

-اومال انتي فكراني واخدك على فين ما احنا هننام.
تحركت معه حين جذبها رغم ترددها وقالت متسائله بشك:
-هنام بجد؟
حاول ابعاد مشاعره بخيبة الامل عن صدره لاصرارها على ابعاده عنها وعدم تقبلها للمسته لكنه متفهم الضغط الواقع عليها بعد مكالمة الحقير فأكد بهزة من رأسه وابتسامه صادقة:
-هننام يا حُب.

لا بد انها صدقته لأنها افلتت نفس كانت تكتمه داخل صدرها ودلفت معه إلى الغرفة برضا واطمئنان بينما حاول عقله عدم التفكير في الأمر فوجودها بين ذراعيه غافيه حلم لا يصدق انه سيتحقق.

في صباح اليوم التالي...
سمعوا طرقات هادئة على الباب فخرج فهد من المرحاض ليشير لـزينة التي كانت توقظ ابنتها التي شاركتهم الفراش بعد منتصف الليل، بيداه متمتمًا في هدوء:
-خليكي يا زينة أنا هفتح.
وبالفعل توجه نحو الباب ليفتحه فوجد والدة زينة وصديقتها مديحة يدلفن بابتسامة واسعة وحماته تقترب منه لتسارع باحتضانه وهي تهنئه بفرحة غامرة وود جلي:.

-مبروك يا حبيبي صباحية مباركة يا عريس، ربنا يسعدكم يارب ويبعد عنكم أي حاجة وحشة.
-كان نفسي والله يا حماتي بس انتي مخلفة دبشة متنقلة.
غمغم بها فهد بصوت خفيض استوطنته الحسرة، لتسأله حماته عاقدة حاجبيها بعدم فهم:
-بتقول إيه يا فهد؟
سارع يصحح لها راسمًا ابتسامة مصطنعة:
-بقول الله يبارك فيكي يا حماتي.

ابتسمت هي الاخرى وتلتها مديحة التي هنئت فهد بنفس الابتسامة، لتظهر زينة مرتدية جلبابها الطويل ذو الاكمام الذي كانت ترتديه منذ أمس، لتحتضنها والدتها بحنان تتبعها مديحة...
نهضت والدتها وهي تسحبها من يدها برفق وتهتف بمكر:
-ثواني كده يا جماعه، تعالي يا زينة عايزاكي.
نهضت معها زينة عاقدة حاجبيها بعدم فهم حتى دلفوا الغرفة الخاصة ب رنا وتبعتهم الصغيرة، حينها سألتها والدتها وأساريرها متهللة:.

-هاا طمنيني حصل إيه امبارح؟
في البداية تسمرت زينة مكانها بصدمة وكأن سؤال والدتها سهم مفاجئ غُرز بمنتصف جسدها، أجابت بعد ذلك بصلابة وعدم تصديق ان فضولها مستمر للآن:
-محصلش يا ماما ومش هيحصل ابدًا، انسي اني أعامله كزوج بجد.
أمسكتها والدتها من ذراعها تعنفها بغيظ مكتوم:
-يابت فوقي بقا من الماضي الاسود اللي مش راضي يسيبك ده، فوقي هتضيعي راجل مفيش منه اتنين بسبب غباءك!

أبعدت زينة ذراعا والدتها عنها وهي تستدير متوجهة نحو طفلتها، وبدت وكأنها تخفي ندوب الماضي التي تشوه روحها والتي ظهرت لوالدتها بوضوح، وهي تقول بنبرة شديدة اللهجة حازمة قاصدة بها إنهاء ذلك الحوار السخيف:
-أنا فايقه يا ماما ولو سمحتي ماتفتحيش معايا الموضوع ده تاني، دي حياتي وانا عارفة همشيها ازاي.

زفرت والدتها بيأس تعلم أن الحديث لن ينفض أتربة الماضي عن جوهر الحاضر داخلها، وريثما تتحرك زينة نحو أبنتها، أردفت والدتها ببراءة كانت ستار لمكر انثوي:
-لكن انتي مش حرانه؟ اقلعي الجلابيه دي والبسي ترينج من ترينجاتك النص كم الحلوه دي بقا يلا.
رمقتها زينة بنظرة حادة تحذرها ولكن والدتها أشارت لها بإصبعها بصرامة:.

-لا بقولك إيه، قسمًا بالله ما هسيبك الا اما تلبسي ترينج نص كم، امال لو قولتلك البسي قميص نوم كنتي هتعملي إيه؟! يابت ده جوزك!
تنهدت زينة بقلة حيلة وهي تتوجه نحو حقيبة الملابس لتخرج احدى بيجاماتها القطنية وهي تستطرد موافقة على مضض:
-اهو يا ماما، أهو الترينج ياكش تحلي عن دماغي انتي والمحروس التاني وتبطلوا نغمة جوزك جوزك.

وبالفعل أبدلت زينة ملابسها بعدم رضا، لتنظر لنفسها في المرآة تتفحص تلك الملابس التي أبرزت عودها الفرنسي، لتتقدم والدتها منها كي تفك رباطة شعرها بحركة مفاجئة لينسدل شعرها الأسود الطويل مفرودًا على ظهرها، ثم اتجها نحو الباب مناديه بصوت عالي:
-يا فهد، تعالى عايزاك يا حبيب حماتك.
اتسعت حدقتا زينة بهلع لا تتخيل أنه سيراها بهذا الشكل، بمجرد تخيلها شعرت أن نبضها يرتفع بجنون وقد عصفت به مشاعر عنيفة..!

ولكن لم تفكر طويلًا في طرقه للاختباء اذ كان فهد يخترق عزلتهم في دقيقة مهمهمًا بإجابة:
-ايه يا حماتي فـ...
وابتلع حروفه حينما لمح زينة بتلك الهيئة الجديدة، فلعن تحت أنفاسه بصوت مكتوم، أكان ينقصه زيت يوضع على نار عواطفه التي اصبحت جمرات حارقة يضطر أن يكتمها بين ثناياه في كل مرة...!
خرجت حماته ولم تنطق بكلمة اخرى، بينما زينة سارعت تحاول النطق بتحذير وسيطرة واهية:
-فهد أطلع بـ...

ولكنه قاطعها حينما تقدم منها ببطء غامزًا إياها بطرف عيناه ليتابـع بعبث بينما عيناه المحترقة تمشط جسدها من أعلاه لأسفله:
-حبهان بس قمممر!
إتسعت حدقتا زينة وهي تنظر خلفه بحرج:
-خالتي مديحة!
فاستدار فهد بتلقائية ولكن لم يجد مديحة وفي تلك اللحظات استغلت زينة الفرصة وركضت هاربة للخارج وهي تضحك مرددة ببسمة منتصرة ونبرة أجشه محذرة:
-ابقى خلي بالك من عينك بتروح فين لاتوحشك!

فقهقه فهد بصوت عالي بفرحة لم يستطع إخفاءها على شقاوتها التي بدأت تفلت من بين زمام جديتها وصلابتها الظاهرية...!
انتبه فهد لرنا التي جلست بمنتصف الغرفة تتثأب وهي تقول برقة:
-صباح الخير.
فتوجه فهد نحوها يغمرها بين أحضانه وهو يقبل وجنتها بحنان:
-صباح النور على احلى روني في الدنيا.
ثم حملها برفق ليتوجه بها نحو الخارج، فركضت رنا بين أحضان جدتها، اقترب فهد من زينة هامسًا جوارها بهدوء مستفسرًا:.

-هي رنا مش بتروح حضانه ليه؟
نظرت له زينة ببرود وهي ترد:
-ملكش دعوة.
حرك فهد حاجباه وهو يستطرد لاويًا شفتاه يقلدها:
-ملكش دعوه!
ثم زفر بعمق مكملاً بيأس:
-رجعنا للدبشة تاني!
كادت زينة تتحرك من جواره ولكنه أوقفها حينما احاط خصرها بقوة يبقيها جواره شبه ملتصقة به ثم قرص على خصرها من الخلف بقوة ليست كبيرة مستغلًا تسترها على الوضع كي لا تنتبه والدتها وهمس جوار اذنها:.

-لو سمعت كلمة ملكش دعوه دي تاني قسمًا بالله ما هسيبك.
قال اخر كلمة ثم أفلتها متعمدًا لتتحرك هي مبتعدة عنه بسرعة وهي ترمقه شذرًا بسخط...

-ااه.
تأوه فهد حين التقى ظهر الملعقة بأصابعه وهو يحاول خطف إحدى حبات البطاطا ليحذر في غيظ وعبث لا ينفصلا عن شخصيته:
-لو المعلقه نزلت على ايدي تاني، المرة التانية هتنزل عليكي في مكان مش هيرضيكي!
رمقته شذرًا وعادت لتقليب الحساء المفعم باللذه ورائحة الحبهان الشهية تسيطر على الطعم.
فسألها فهد بتفكير:
-ايه سر رفضك للطبخ غير لما انزل اجيب حبهان من محلك عشان تطبخي؟
-مالكش دعوة.

قالتها بإهمال وهي تتنقل بين الأطباق فزفر في حنق فمنذ أصر على طهوها للطعام وهي تعامله كأنه طفل مزعج لا يطاق.
زم شفتيه في حنق وعقد ذراعيه لا يزال يتبع خطواتها في كل اتجاه حتى وقف والتفت إليه قائلة في استفزاز:
-ممكن تقعد في حته خيلتني!
-الله بتفرج، الفرجة كمان لا!
-اه لا!
قالت وهي تتخطاه وتتجه نحو موقد النار فاتبعها غير مبالي بهتافاتها واستطرد:.

-خلصي الأكل واكليني وبعدين قوليلي أبعد ومتبعدش، ثم ايه اللي مأخرك كل ده احنا بقالنا ساعتين في المطبخ ده.
استدارت نحوه وتخصرت ثم قالت بضحكة مستفزه:
-مالكش دعوة.
ضاقت عيناه في غيظ واقترب خطوه مهددًا:
-صدقيني لو قولتيلي انت مالك او مالكش دعوة متلوميش غير نفسك، تمام..!
زفرت وازاحته من امامها في ضيق وقد زاد احمرار وجهها بسبب نظراته المستفزة وحين كادت تنتهي بعد مده قاطع تركيزها بسؤاله الشقي المزعج:.

-في حد يطبخ وهو حلو اوي كده!
-ملكش دعوة.
قالتها تلقائيًا دون تفكير لكنها انتبهت لثوان الصمت التي تلت جملتها ورفعت عيناها تنظر نحوه لتقابلها عيونه المشعه بلمعة من التحدي والشغف لتتفاجأ بجسده يتحرك نحوها في سرعة وتلقائيًا صرخت في خفه وركضت في جنون هربًا منه.
تبعها صوت ضحكاته الرجولية المتسابقة مع وقعات قدميه الثقيلة من خلفها قبل ان يحملها في الهواء وينتهي بها الأمر ممده فوق طاولة الطعام في الردهة.

كبل ذراعيها أعلى رأسها ومرت عيناه على جسدها في وقاحة قبل ان يغمزها قائلًا بنبرة مشاكسة:
-أنا كنت عارف إن بعد الجوع ده كله الطرابيزة دي مش هتفضى من خيرات ربنا..!
التوت زينة أسفله معلنة في خجل وعيون متسعة:
-مش مصدقه قلة ادبك أنا!
تجاهل مقاومتها واقترب من شفتيها مبتسمًا قبل ان يهمس امامهما في شوق:
-قصدك تقولي اني قليل الأدب؟
-انت فعلا قليل الأدب!

قالت بصوت متقطع الأنفاس بسبب اقترابه المميت منها وشعرت برجفه تتملكها حين ارتفعت نظرته القاتلة من فوق شفتيها لتتعلق بعينيها البنية قبل ان يرسم ابتسامه مستذئبة ويهمس في خشونة:
-بس دمي خفيف!
وبذلك استقر بشفتيه فوق ثغرها الصغير الوردي يلتهم منها ما يرضيهما في عدم صبر وشوق يكاد يحرقهما سويًا.

ولكن لم تكتمل القلبة ليقاطعهم ضجيج حاد فوق الباب الخشبي لينتفض كلاهما بين خجل زينة وضيق فهد الذي اتجه نحو الباب هاتفًا بتوعد:
-طيب استنى في ايه!
فتح الباب ليتفاجأ بطفل وام مديحة تصرخ في وجهه:
-رنا اتخطفت!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة