قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل السابع

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل السابع

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل السابع

من أين أبدأ! كأنني ألملم شظايا البلور المتناثرة على الأرض، إن تركتها ستجرحي وإن إلتقطتها ستفعل أيضا، الأمر مؤلم، كأنني أضغط على جرحي القديم الذي أبى أن يشفى لأعيد فتحه من جديد، لينزف من جديد. ويذكرني أنك اللوعة التي تحرق قلبي!
جلست ( أريانا) بالقرب من (وجد) وأخذت تنظر إليها بتمعن بينما هي غارقة في نومها، هناك شبه كبير بينهما، ابتسمت وهي تتذكر ضحكاتها البريئة، ثم عادت إلى برودتها وقالت:.

لم يكن ذنبك! ومش ذنبي أنا كمان! والدك الله يرحمه أصر إننا نخليكي! لقد كنت صغيرة،
وكانت عندي طموحات وأحلام، أن أنجب طفلا وقتها كان بمثابة قيد كبير يعيق حركتي، ومع ذلك طاوعت والدك وخلفتك!

حبيتك جدا يا (وجد)! كنت طفلة رائعة الجمال رقيقة جدا، كنت تدعينني لأترك كل شيء من أجلك وبدأت أفعل ذلك. سنة كاملة انشغلت بك وانعزلت عن العالم، لكنني بدأت أفقد ذاتي، شعرت أنني زي ما أكون مش أنا! ولما رجعت أحلم تاني كان لازم أبعد عنك، أنانية مش كدا؟! كان عندي خيارين وقتها. أفقدك أو أفقد نفسي، اخترت أفقدك!
أسفة يابنتي! أسفة والله! أنا مش من حقي أناديك طفلتي حتى!

لن يفهمني أحد مهما شرحت! الأمر كان، بكل الأحوال كنت سأخسرك! لكنني حملتك بقلبي دوما، أقسم أنني أحببتك بالماضى، أحببتك جدا، إنت سبب تمسكي بالحياة وإلا كنت موت نفسي من زمان.
وضعت وجهها بين يديها ودخلت في نوبة بكاء لبعض الوقت ثم رفعت رأسها من جديد وقالت:.

بالله عليك لا تعاقبيني بصمتك! أنا هنا قومي يا(وجد) قومي. أنا كنت خايفة من قبل أمسك إيدك فأتعلق بيها وماقدرش أسيبها، كنت أكبر مخاوفي، أنت الحلم الذي حققته لكنني لم أحصل عليه ولم أستمتع به!
افتحي عينيك. أنا هنا! بحاجة إليك! لن أرحل مجددا.

هل تسمعينني! أنا هنا بجانبك، أنا أشعر بالوحدة، عذبت نفسي وعذبتك معايا، كنت فاكرة أن دا احسن ليكي وليا. بس كنت غلطانة، سامحيني يا وجد. سامحيني! (دميتي كوكيامو)! افتحي عينيك،!
شدت(وجد) على يدها بقوة وبدأت تنتفض وتتخبط وذاك الجهاز بقربها يصدر صفيرا قويا،.

أتت الدكتورة (منى) وطاقمها الطبي وبدأوا في إسعاف (وجد) بعد أن أخرجوا والدتها من الغرفة، لم تستجب (وجد) للحقنة المهدئة، فطلب الدكتور (رياض) إحضار جهاز الصدمات الكهربائية بسرعة، فقالت د. (منى) باعتراض:
صدمات كهربا في حالتها دي، لا يادكتور، يمكن نخسرها!
قال د. (رياض) بعملية: هنخسرها بكل الاحوال لازم نحاول ع الأقل، يمكن ننقذها!

ساعدته الممرضة في تطبيق الجهاز، أعطاها صدمتين وبعدها ارتخت وعاد الجهاز إلى صفيره المنتظم، فزفر براحة في حين راحت
د. (منى) تفحص مؤشراتها الحيوية، ثم قالت بحماس: بتستجيب للضوء والحركة، طلعت من الغيبوبة يادكتور! الحمد لله!
ثم خرجا بعد أن أوصيا فاطمة بمراقبتها عن قرب، أما د. (منى) قالت بحزم ل( تيم) الذي كان خارج الغرفة لمنعه من الدخول إليها:
تعالى ورايا!

تبعها (تيم) إلى مكتبها وقال بغضب: ماينفعش إللي عملتيه يادكتورة، أنا كطبيب من حقي أفحص المريض اللي بعالجوا!
صدمات كهربا. بجد! انتو بتهزروا. لو حصلها Apoplexy ( سكتة دماغية) كنتوا هتعملو ايه؟
نظرت إليه والدته متفحصة إياه وقالت: وتعريضها لضغط عاطفي وهي في غيبوبة مايعملهاش سكتة!؟ على العموم هي طلعت من الغيبوبة! هنتابع حالتها بدقة لمدة 48 ساعة لحد ماتصحى، وبعدها نشوف هيحصل ايه!

وبالوقت دا طبعا. أنت في أجازة! اتفضل يادكتور!
ضرب المكتب بقبضته وهو يستشيط غضبا قائلا بحدة: أنا أعترض! هتابع حالتها لغاية ما تستقر!
جمعت والدته يديها على صدرها وقالت: احنا Psychiatrists، ولا نسيت إلى درسته يادكتور، المفروض الطبيب يكون حيادي وموضوعي بالحالات اللي بيعالجها، ودا عكس اللي شيفاه معاك! تعلقك بالحالة ورغبتك في علاجها السريع هيأذيها، عشان كدا بقولك خليك بعيد عنها.

قال بحنق قبل أن يغادر: مش متعلق بالحالة، بس حاسس بيها، كنت ممكن أبقى زيها دلوقتي! شكلك نسيتي يادكتورة!
أطرقت (منى) برأسها وخيم عليها الحزن، فقد أصابتها كلماته في مقتل، وأعادت لها ذكريات أليمة، لأول مرة تشعر بالألم الذي سبباه هي وزوجها بخلافاتهما لابنها!
وقتذاك كانت (أريانا) تنتظر أي أحد يطمئنها على حالة ابنتها، اقترب منها (تيم) ووضع يده على كتفها وقال:.

ماتخافيش الحمد لله صحيت من الغيبوبة، هتفضل نايمة يومين على ما نتأكد إنها بخير
اطمني ياهانم!
أجهشت بالبكاء وهي تعض على يدها بقوة وقالت بصوت مختنق: أنا بعدت عنها عشان مخسرهاش، مش هتحمل تضيع مني تاني! أنا مش هسيبها بعد كدا! مش هسمح لحد يبعدها عني!
كان (تيم) يشعر برغبة كبيرة في صفعها والصراخ بوجهها وقول هي هنا بسببك! مادام هتتخلي عنها، كنتي اجهضتيها من الاول وارتحتى وريحتيها.

لكنه تمالك نفسه وغادرها دون أن يتفوه بشيء!
في غرفة أخرى.
كان يجلس (عمار) مع أحد المرضى، كانت المريضة فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، أتت للكشف عنده، كان (عمار) قد بدأ يعتاد اللهجة المصرية ويحاول التكلم بها أحيانا ليبدو كالأخرق سألها قائلا:
هاا ياصافي! كيف حالك بعد آخر مرة تقابلنا!

كانت ملامح الفتاة مقتضبة، هالات سوداء تحت عينيها تشير إلى قلة نومها أو عدم نومها لمدة لابأس بها، أظافرها مقضومة، وارتعاشة رجلها تدل على أنها متوترة جدا، وضعت حقيبتها جانبا وأدارت الكرسي تواجهه ووضعت كلتا يديها على مكتبه ونظرت إليه قائلة:
وأقولك أخباري ليه! عشان تستغلني زيهم!
كلكم كدا. عرفاكم أنا! هااا كشفاكم!
بتمثلوا الاهتمام وبعدها تأذوني! عارفة. عارفة!

قال (عمار) بسره بدأنا بدري انهاردة, الواضح حالتها بتسوء اكتر ثم تنحنح وقال لها:
من الجيد أنك ذكية! فلا تخافي من الأذية.
إلتمعت عيناها كما لو شعرت بالإطراء وقالت: طبعا أنا ذكية وحلوة. كلهم بيغيرو مني وعايزين يوقعوني! إنت عارف بوسي قالت إيه عني.
قال بقلة حيلة: قالت إيه؟
قالت بعينين متسعتين: قالت إني. غبية ومجنونة! أنا مجنونة. أنا مجنونة!
قال بسرعة: لالا! اهدي طبعا لاء. بتهزر معاكي يمكن! هي صاحبتك؟

تراجعت إلى الخلف وأسندت رأسها إلى الكرسي وقالت: كانت صاحبتي. بس مش حباها هطردها م البيت!، قطة سودا. سودا! حقودة وبتغير مني!
نظر إليها بتمعن وقال: أممم. بوسي قطة!؟
أشارت بيدها قائلة: فكك منها خلاص هطردها! بس ماقلتليش إنت سبت لندن وتركيا وجاي تعمل ايه هنا؟
فكر في شيء يقوله لها حتى لا يثير جنونها أكثر من ذلك ثم قال: ربما لأصبح صديقك.!

ثارت واستقامت بغضب وقالت: جاسوووس! أنت جاسوس! حسيت كدا أكيد بابا جابك تجسس عليا. عارفة! عارفة!
قال بسرعة: لالالا. لا! لست جاسوس، أنا دكتور!
قالت بحدة: مش واثقة فيك!
ثم قالت بطريقة درامية: اااه ياربي كلهم عايزين يتخلصوا مني. عارفة عارفة لانهم مش هيقدروا يكونوا زيي!
وجلست ثم أردفت بحماس: تخيل حتى الشيبسي ببيبصلي بريبة كدا!
عقد حاجبيه بريبة قائلا: الشيبسي!

قالت: ايوة الشيبسي! أصلك مش فاهم. والكولا كمان بتكون ساقعة ولما باجي اشربها بتعمل نفسها شاي اخضر!
قال في سره وهو يخط شيء على الورقة التي أمامه يخربيتها شغلانة. كنت بقيت دكتور أسنان أحسن لي .
استمع لها وهي تقول: كلهم بيتآمروا يحبطوني بس أنا كشفاهم...
سألها قائلا: إنتي لابسة اسود ليه.؟
قالت بخيلاء: عشان الإسود ملك. وأنا ملكة!
قال: نعم! معك حق! أنت ملكة، ولكن لكل ملكة مملكة، فين مملكة صافي بقى؟

تراجعت إلى الخلف وأراحت رأسها على طرف الكرسي وأغمضت عيناها وقالت: شبه مملكة السنافر! كل حاجة فيها صغيرة وبسيطة بس بتوسعني، ريحة الحب ماليه المكان، لغتنا كلمة وحدة بس ليها معاني كتير
كل واحد على طبيعته. الغبي غبي! والغضبان غضبان! والمازح مازح! وسنفورة الوحيدة. أنا!
ثم فتحت عيناها بعنف وأمسكت حقيبتها وغادرت مسرعة دون أن تأبه بنداءه لها!
اصطدمت ب(تيم) الذي كان يهم بالدخول إليه،.

فلفتت إنتباهه حالتها وقال متسائلا: مالها دي طالعة بتجري كدا ليه؟
أومأ له (عمار) بأن يجلس بينما يضع هاتفه على أذنه ينتظر الرد من أحدهم الذي مالبث أن أتاه:
نعم! مرحبا (أحمد) بيك! أنا د. (عمار)، أتحدث إليك بشأن حالة الآنسة صافي! أرجو أن نتقابل، أنا متفرغ مساءا يمكنك المرور علي
لأعلمك بالمستجدات!، نعم! حسنا! إلى اللقاء!

وضع الهاتف جانبا وقال: حالة بارانويا متقدمة، لازم تدخل المستشفى، حالتها بتسوء، تطورت حالتها لهلاوس سمعية وبصرية! تخيل بتقول عليا جاسوس تركي!
جعل هذا الكلام (تيم) ينفجر ضاحكا متناسيا غضبه من والدته ليردف (عمار): أضحك! اضحك! أنت بتتعامل مع الحالات الصامتة مش زيي! سأجن ولن أجد من يعالجني لأنني متأكد أننا مجانين كأطباء!
قال (تيم) يحاول تغيير مجرى الحديث: ( أزاد )! عملت معاها إيه ياروميو؟

إلتمعت عيناه بحماس وقال: مفاجأة! آخر الأسبوع! وطبعا ستساعدني!
قال (تيم): وانا مالي، البس لوحدك!
نهض (عمار) من مكانه وجلس أمام (تيم) وقال: حفل خطوبتي، عليك مساعدتي! وهذا أمر.
سنذهب إلى القونة يوم الخميس ونقضي يومان هناك! أجمل يومان!
اقترب منه (تيم) يصافحة ويسلم عليه ثم قال ببرود: بردوا مش هساعدك.

وراح يضحك على تعبيرات وجه (عمار). وأردف: القونة! وليه القونة؟ مانروح مزرعة جدي ف الفيوم حلوة جدا والله وهتعحبكم! وفيها خيل كمان. و(أزاد) تعشق الخيل!
قال (عمار): وتعشق البحر أيضا! أمم احترت بسببك الآن
ماذا سأختار. البحر! الخيل!
وقتذاك دخلت (أزاد) وألقت التحية ليقول (تيم) بسرعة: (أزاد)! بتحبي ايه أكتر البحر ولا الخيل؟
قالت (أزاد)بحيرة: لما؟
قال: جاوبي الأول!
فقالت: بعشق الخيل أكتر الصراحة!

وظهرت الحماسة على وجهها.
غمز (تيم)(عمار ) واستقام وهو يقول: البس أنا على عيني! انا ماشي سلام!
قالت (أزاد) وهي تجلس بالمقعد المقابل ل(عمار): في إيه إنتوا بتخططو لإيه؟
اقترب منها عمار وطبع قبلة على وجنتها وقال: Sürpriz akm! (مفاجأة حبيبتي).

لم تكن (وجد) تحتاج سوى جرعة أمان تجعلها تشعر بوجود من حولها، لقد نجت من الغيبوبة التي كان من المحتمل أنها لن تستفيق منها أبدا،
العطف الذي حصلت عليه من (فاطمة)، والسند الذي وجدته في (تيم)، وأخيرا ظهور والدتها، مكنوها من الإنفصال قليلا عن ذاتويتها.
لا زالت تحلم. لكنها لا تستغرق بالأحلام، ومع ذلك هذا الحلم يشعرها بالراحة نوعا ما.

في قارب صغير وسط اللامكان من البحر، حيث السماء تبدو رائقة البال، والشمس تبتسم على دعابات النوارس المحلقة، تجلس بطرفه وتغرق رجليها بالماء الدافيء، فتحييها السمكات المارة بقربها بإجلال، تسمع تهويدات بصوت والدها. وتسمع أخرى بصوت جدها.
وقصائد بصوت جدتها. وحكايات بصوت (فاطمة).
على هذه الشطآن أسعى إلى الأبد.
بين الرمل مسعاي وبين الزبد...
سوف يطغو المد على أثار قدمي...
فيمحي ما وجد...

أما البحر والشاطيء فيبقيان إلى الأبد.
مرة، ملأت من الضباب يدي...
ثم بسطتها. فإذا الضباب دودة.
وقبضت يدي، وثانية بسطتها، فكان ثم عصفور...
وأخذت أقبض يدي وأبسطها...
فإذا في قرارتها رجل قائم ينظر إلى عل ساهم الوجه.
ثم قبضت يدي وبسطتها، فلم يكن ثم غير الضباب...
لكنني سمعت شدوا وما أعذبه من شدو!
بالأمس القريب خلتني شظية ترتعد نافرة في فلك الحياة.
والآن! أعلم أنني الفلك، تجري في الحياة كلها شظايا متسقة.

(جبران خليل جبران رمل وزبد)
كانت تبتسم في نومها، كأنها أخيرا وجدت السلوان، لم تتوقف دموع (فاطمة) لوهلة مخافة عليها ولسانها لم يتوقف عن الدعاء لها.
رن هاتف( فاطمة )فأسرعت بالإجابة ثم تذكرت أنها تنتظر إبنتها من أجل الفحوصات الدورية، فقالت بسرعة:
استنيني يا(زينب) في المعمل. أنا جاية حالا!
أقفلت الخط، وطلبت من ممرضة أخرى أن تنوب عنها مراقبة (وجد) إلى أن تعود.

قالت (زينب) ممازحة والدتها: طبعا بتنسيني لما تكوني مع (وجد) هانم!
قالت (فاطمة) وهي تقبل جبين ابنتها: انتو الاتنين بناتي وغاليين على قلبي زي بعض، وبعدين بطلي غلبة ويلا بسرعة اعملك التحاليل مع انهم مش بيعملو النوع دا من التحاليل بس أمك هنا بيحبوها، أهو نوفر قرشين نشتري بيهم حاجات القمر لما يهل علينا
قال (حسن) بغباء كعادته: انتي نايمة عليهم ياخالتي فطلعيهم بقى!

لتجيبه (فاطمة)بغيظ: قل اعوذ برب الفلق! ماتحلمش بيهم أنا عايزة اروح بيت ربنا! انسى!
ليقول بذات البلاهة: تقبل الله ياخالتي!
قامت (زينب) بالتحليل وقبل أن تغادر طلبت من والدتها أن ترى (وجد)، فقد مر الكثير من الوقت على آخر مرة قد رأتها، فوافقت (فاطمة)
وأخذتهم إلى غرفتها فوقفوا يطالعونها من وراء الزجاج، كانت جدتها هناك. تجلس بالقرب منها ترتكز بعصاتها التي تسند عليها وجهها المغيم بالأحزان.

قال (حسين): الله ااا، البت حلوة زي بتوع التلفزيون، دي ملونة.!
وكزته (زينب) بغضب وقالت: اسكت فضحتنا!
انتبهت الجدة لوجود أشخاص بالخارج، استقامت وقبلت جبين حفيدتها ثم توجهت نحو الخارج، فأسرعت نحوها (فاطمة) وألقت التحية عليها وعرفتها على ابنتها وصهرها...

قالت الجدة بصوت ثابت فيه بعض الامتنان: أنا متشكرة أووي ليكي يا(فاطمة) يابنتي! لولا اهتمامك وحبك ل(وجد) كنت خسرتها من زمان! عارفة انك بتحبيها لو طلبت منك تراعيها خصوصا الوقت دا فأنا عارفة إنك مش هتخيبيني!
لتقول فاطمة: (وجد) بنتي ياصفية هانم! وربنا يعلم مش بميزها عن زينب أبدا!

ربتت الجدة على يدها وقالت: عارفة يابنتي! أنا همشي دلوقتي وأرجعلها بكرة! لو سمحتي اطلبيلي تاكسي يوصلني، السواق مريض فواخد أجازة.
ليقول( حسين) بغباء كعادته: أنا أوصلك ياهانم! ولو عايزة أبقى سواقك الخاص لحد ما يرجع سواقك!
نظرت إليه (فاطمة وزينب) نظرات حارقة، لكن الجدة قالت: ماعنديش مانع يابني! تعالى!

سارت الجدة بعد أن ودعتهما و(حسين)يتبعها تغمره السعادة، لتقول (زينب)بألم: هطين عيشتك ياغبي لما ترجع! كان يوم أسود يوم ما حبيتك.
حاولت (فاطمة)تهدئتها وقالت: متضايقيش نفسك ياقلبي، هو (حسين)كدا دايما فضحنا! تعالي أوديكي لدكتورة (أزاد) تعملك سونار وتطمنا ع البيبي!

كان (تيم) قد تحدث مع شركة لتنظيم الحفلات من أجل خطبة صديقيه، وأعطاهم عنوان مزرعة جده بالفيوم من أجل تجهيز كل شيء في غضون يومين فقط، واختار زينة ملائمة لجو المزرعة البهيج فهي أقرب لغابة بأشجارها المتنوعة، وبما أن الجو صيفي فسيكون الإحتفال ليلي لذا طلب الكثير من القناديل الزجاجة البيضاء والملونة لإضفاء لمسة ساحرة على المكان، كما طلب فرقة من الفرسان ورجل التنورة لإحياء الحفل، وترك للأمهات ترتيبات الطعام والحلويات و المدعويين، و ل( عمار) أمر الشبكة والخاتم والفستان...

وكل هذا سيحدث طبعا كمفاجأة ل(أزاد). ستبقى ذكرى خالدة مهما تقدم بها العمر.
قبل أن يغادر المشفى أراد إلقاء نظرة على (وجد) فدخل غرفتها متسللا من والدته، اقترب من سريرها وانحنى إلى مستواها وقال:
هتبقي كويسة! إنتي قوية يا(وجد)! هتقاومي أنا عارف إنك سمعاني. أنا جنبك، ومامتك هنا كمان! أنا شفت صور كتير ليكي ونتي صغيرة في بيتها، حتى أوضتك لسة زي ماهي. وألعابك كمان ورسومك ع الحيط وع التلاجة.!

أنا كنت زيك. وحيد! محدش شايفني منهم، ع الأقل إنتي كان عندك باباكي وجدك. أنا ماكنش ليا حد! تعرفي. هقولك على سر! أنا كان عندي صديق خيالي، اسمه نجم!
ايوه، هو النجم اللي بيطلع بالليل، أكتر واحد بيبرق. كنت بكلمه عن أي حاجة بتوجعني.
مكنش عندي صحاب ولا بعرف أكلم حد!
لحد مالقيت (عمار و أزاد). هما طلعوني من الحفرة الضلمة إلى كنت واقع فيها...
الحب بيحسسنا بالأمان.!
و إحنا بنحبك جدا ياوجد!

فجأة فتحت عينيها ونظرت إليه لبعض الوقت، بينما عينيه محمرة مغمورة بالدموع، ثم ظهر على ثغرها شبح إبتسامة وأغلقت عينيها بعدما قالت بوهن...
Min lypithete(ميني لي بيثيتي )!
اعتدل مدهوشا ثم ربت على يدها وقد شعر بالألفة معها، وراح يردد الكلمة كي لا ينساها
ثم فتح هاتفه وقالها لتأتيه الترجمة الصوتية...
لا تحزن!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة