قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

هناك شيء عن (بوراك) يمكن أن يلاحظه الشخص من أول لقاء به، هالة الغرور التي تحيط به! ربما ذلك يعود إلى نجاحاته الباهرة وهو في هذه السن الصغيرة أو جاذبيته التي لا يختلف عليها إثنان، هو من أولئك الأشخاص الذين يخططون ويحسبون خطواتهم وقراراتهم بالمسطرة والقلم، لكنه مع ذلك خفيف الظل ومرح بعض الشيء، أسس شركته الخاصة بالمقاولات وأصبح ينافس رجال الأعمال الكبار.

يعتبر صديق عائلة(أزاد) ولطالما كان معجب بها والآن أتيحت له الفرصة للتقرب منها.
إجتمعت العائلة والأصدقاء على طعام الغداء يتبادلون الأحاديث بخصوص زفاف (يلدز و أركان ) ليقول (بوراك) موجها كلامه ل(أزاد) باللغة التركية:
( أزاد) أتيت خصيصا من أجلك، لقد راسلتك كثيرا على إيميلك ولكنك لا تجيبين!
لأنها مشغولة ليس لديها وقت للثرثرة!

قالها(عمار) دون أن يفكر وبالأحرى بدون وعي لتتوجه الأنظار نحوه وهو ينظر إلى صحنه ولم ينتبه إلا حين داس (تيم) على رجله فرفع رأسه وحينها انتبه لما قاله، فحاول أن يغطي على قوله بقول آخر: احم. أظن أن(يلدز وأركان) كلفاك بعمل ديكورات منزلهما، أرى أن لديك الكثير من العمل وزفافهما قريب، لما أتيت!
ومن جديد أفسد ماحاول إصلاحه، كان (تيم )يفهم اللغة التركية لذا فقد ضرب(عمار) على رجله بقبضته وهو يقول في سره.

غبي. غبي!
أما (بوراك) فقال: لقد أصرت (يلدز) أن تختار (أزاد) كل مايتعلق بالمفروشات والإكسسوارات، أما أنا فعلي تنسيقها، زيارتي هنا للعمل. وربما لشيء آخر، سنرى ذلك فيما بعد.
وابتسم أما( عمار )فكاد يعض على يده غيظا بعدما قالت (أزاد ): سأتفرغ لذلك مساءا، يسعدني كثيرا العمل على منزل أخي وزوجته، أظنني سأقضي وقتا رائعا برفقتك، وسنبدأ بعد العشاء، مارأيك؟

وقبل أن يجيبها وقعت الملعقة من يد( عمار )على الصحن فأصدرت صوتا بينما قال: الكنافة. أمي( ملك )تحب الكنافة! سأحضر الكنافة!
وغادرهم ليلحق به (تيم) بعدما تحجج بدخوله إلى الحمام، كانت (أزاد) تشعر بنصر ساحق، تلك الغيرة أثلجت قلبها بعض الشيء.
قال تيم وهو يمسك بيد صديقه: كنافة! والله!؟
قال (عمار)بحنق: تيم، دعني أرجوك أحطم وجه هذا الأبله!

قال (تيم )ساخرا: الأبله هو انت وبس يا (عمار)، ( أزاد) هتكون مشغولة معاه طول الوقت وخليك انت على جمب كدا، أقولك. خليك مع الكنافة بتاعتك. وبعدين الكنافة تطلب من البوفيه هنا مش من برا!
لم يعلق (عمار) بشيء ورحل رغم محاولات (تيم) لمنعه فاضطر هو لإحضار الكنافة لهم، و أخبرهم بضرورة عودته إلى المشفى.
أول عودته إلى المشفى توجه إلى غرفة (وجد).

كانت جالسة تمسك بأصابعها كأنها تعد شيء وهي تحملق في الجدار على ثغرها نصف إبتسامة، اقترب منها قليلا وجلس على الأرض أمامها، حاول أن يلفت إنتباهها فراح يصفر لحن الأغنية التي تغنيها لها (فاطمة)، لكنها استمرت على وضعهها وكأنها وحدها بالغرفة، اقترب منها وأمسك بالدب وبدأ يسحبه فالتفت نحوه بعنف وسحبته تشدد إحتضانه وبدأت تتراجع إلى الخلف زاحفة إلى أن اصطدمت بالجدار فاستقام (تيم) وهو يحاول تهدئتها ويطلب منها عدم الخوف لكنها بدأت في الصراخ، فصرخ بوجهها بصوت عال وقال:.

بطلي خوف يا(وجد)!، اهدي. أنا مش هأذيكي!

واقترب منها وأخذ وجهها بين كفيه وقال وهو ينظر إلى عينيها مباشرة: صدقينى أنا مش هأذيكي، ثقي فيا يا(وجد)، أنا هنا عشان أساعدك. إمسكي إيدي وتعالي معايا! تعالي. فيه حياة حلوة مستنياكي تعيشيها، اطلعي من أحلامك. اطلعي من العالم اللي عايشة فيه هناك لوحدك، هنا ناس بتحبك بجد. اطلعي من خوفك، أرجوك ساعديني، إديني أي إشارة عشان أعرف أساعدك، قولي يا(وجد ). اتكلمي. أنا عارف إنك سمعاني وفهماني.

إنتي بنت ذكية جدا، قومي، لازم ترجعي تعيشي من تاني، لسه في أمل موجود جواكي، أنا حاسس بكدا.
قاومته بشدة وعنف ووضعت رأسها بين رجليها وهي تصرخ، لتأتي( فاطمة )على إثر صراخها واقتربت منها تحاول تهدئتها بينما قال (تيم) بغضب:
برافو عليكي، خليكي كدا، إوعي ترفعي راسك وتشوفي اللي حواليكي بجد. خليكي عايشة مع خوفك.
وهم بالخروج حين قالت: I mam mou den fgei!

وكررت هذه الكلمة كثيرا، مما جعل (تيم )يقف مكانه مشدوها غير مصدقا أنها تكلمت حقا، التفت إلى( فاطمة) وقال:
هي اتكلمت صح. دا صوتها صح؟
لتجيبه( فاطمة) بفرحة: أيوة والله نطقت. قالت همامومو. حاجة كدا!

وقبل أن يقول شيء أسرع نحوها لتدهور حالتها حيث اشتدت نوبة الصرع التي انتابتها جعلتها تنتفض وتتخبط حتى فقدت وعيها، وبعد اسعافها وفحصها اتضح أنها دخلت في غيبوبة، مما جعل الدكتورة (منى) تستشيط غضبا لما فعله إبنها وحملته مسؤولية ماحدث كما منعته بصرامة من التعامل معها أو الإقتراب منها.

جلس في مكتبه ليلحق به (عمار)، كان ينتابه مزيج من الغضب والسرور، لقد أحرز تقدما في حالتها وهاهو الآن يعود إلى نقطة الصفر من جديد، حاول (عمار )التخفيف عنه قائلا:
لا تنزعج يا صديقي! أنت تعلم أن الدكتورة حذرتنا بشأن هذه الحالة مرارا ومنعتك من الإشراف عليها من البداية، من الواضح أن حالتها متدهورة جدا، التحسن هو أن نبقي حالتها مستقرة.

استقام (تيم) وبدأ يزفر بغضب وقال: لا، التحسن مش إننا نخلي حالتها مستقرة، التحسن ان احنا نخرجها من اللى هي فيه. أنا عارف إنها موجودة، محتاجة حد يطلعها من هناك، شوية صبر بس وهترجع. صدقني!
ثم صمت قليلا وقال بحماس: دي اتكلمت يا(عمار). أنا قلتلها إديني إشارة عشان أساعدك. والله إتكلمت حتى (فاطمة) كانت هناك وسمعتها.
قال (عمار)بدهشة: أيعقل هذا! وماذا قالت؟

راح (تيم) يفكر لكنه لم يستطع أن يتذكر ماقالته، جلس على الكرسي بخيبة وقال: مش فاكر! مش فاكر! حاجة زي، هوما. مش فاكر يا(عمار).
اقترب منه (عمار )وقال بحماس: غرفة المراقبة!
تسابق الإثنان إلى غرفة المراقبة وأعادا بث المشاهد المسجلة حتى وصلا إلى مايريدان رؤيته.
I mam mou den fgei!
نظرا إلى بعضهما وردداها معا.
I mam mou den fgei!
وقال عمار: وماذا تعني؟!
قال(تيم) وهو يقلب في هاتفه: هنشوف!

ثم إستند إلى الجدار وقد غيم عليه الحزن، ليسأله صديقه بحيرة: ماذا بك! ماذا حدث!
وقبل أن يقول شيء دخلت الممرضة التي يبدو عليها الخوف وقالت بلهفة: الحقني يادكتور! الحقني، الحالة(A/8) هتموت الدكتورة( أزاد ).
ركض ثلاثتهم نحو الغرفة التي دلتهم عليها الممرضة، كانت الممرضة تحاول إبعاد الفتاة عن.

(أزاد) التي تقاومها بكل قوتها وهي تطبق على عنقها وتردد: هقتلك قبل ما تقتلينى. مستحيل أسمحلك تبعدينى. أنا هفضل هنا ومش هموت. هقتلك وبعدين هقتلها! وهفضل أنا. أنا وبس.
اقترب (عمار) بسرعة ورفعها بقوة عن( أزاد )ودفعها جانبا لتقع بين يدي (تيم) الذي أمسكها كأنه يقيدها بينما حقنتها الممرضة بمهديء، بينما هو هرع (عمار) نحو (أزاد) وحملها بين يديه وهي فاقدة الوعي.

كان ينتابه خوف شديد بشأنها، وضعها على السرير وراح يفحصها وهو يردد بتوسل: استفيقي( أزاد ). هيا! أنت بخير. أفتحي عينيك رجاءا، سأموت إن حدث لك شيء. إفتحي عينيك حبيبتي!

أصيبت أزاد بضربة على رأسها وخربشات على يديها وعنقها، لكنها كانت على مايرام، كانت واعية تماما. ولكنها واهنة. لم تفتح عينيها عندما إستمعت إلى كلمات (عمار). أرادت أن تسمع المزيد. لم لا يتحدث هذا الأبله بمشاعره تجاهها مباشرة. لم يتحدث بها فقط حين تكون غائبة أو فاقدة للوعي.

سمعته يقول متوسلا: هيا (أزاد)بالله عليك افتحى تلك العينان وامنحى خافقى دقاته. امنحيه الحياة بعد أن كاد يفنى وهو يتخيلك صريعة تلك المجنونة. (أزاد)أنا دونك لاشيئ. لا شيئ مطلقا.
أشفقت عليه وهي تشعر بصوته يتهدج. لذا فتحت عيونها ببطئ تطالعه بهما ليزفر بإرتياح ويرفع يده يمسح تلك الدمعة التي خانته وسقطت على وجنته ليقول بسعادة: حمدا لله على سلامتك.

إبتلعت ريقها وهي تنظر إليه قائلة: ليه كل الخوف اللى شفته في عيونك ده يا(عمار)؟ أنا بخير. صدقنى.
فى تلك اللحظة دلف (تيم) إلى الحجرة بعد أن أودع هو والممرضة تلك الفتاة في حجرة أخرى أشد تأمينا. ليقول: حمد الله على سلامتك يا(أزاد)قلقتينا عليكى. أنا مش قلتلك تاخدى بالك.

قالت بإبتسامة: لقد أوهمتنى بأننى على وشك القضاء عليها ثم باغتتني بهجومها. إنها تخشاني وتدرك أنى قادرة تماما على القضاء عليها. لقد كدت بالفعل لولا عنصر المفاجأة لطرحتها أرضا.
قال (عمار)بحنق: تظنين نفسك المرأة الحديدية. أليس كذلك؟ وتخاطرين بروحك ولا تعلمين أنها غالية عل...

قطع كلماته وقد كاد أن يخبرها بمشاعره. لتنظر إليه بعيون قبع فيهم لهفة حاولت أن تواريها. ليستطرد بإرتباك قائلا: إحمم. ان روحك غالية علينا جميعا فتوخي الحذر مستقبلا من فضلك. لم تعودى طفلة. عليك أن تنضجى وتدركين عواقب أفعالك.
إنظروا من يتحدث عن الطفولة. وعواقب الأفعال.
مازال يخفى مشاعره.

مازال يؤلمها بصمته. حسنا ستجعله يعض على أنامله ندما. لذا فقد نهضت قائلة بحنق: أنا مش طفلة صغيرة. لكنى أعدك بأن أريك أننى ناضجة بما يكفى. بإذنكم سأعود للمنزل. يكفيني عملا اليوم.
كاد (عمار)أن يعرض عليها ان يوصلها للمنزل ولكن(تيم) سبقه قائلا: إستنى هوصلك.
تقدمته مغادرة الحجرة. بينما نظر (تيم)ل(عمار )بحنق قائلا: مفيش فايدة. سعد زغلول قالها.

ثم غادر ليزفر(عمار)ممررا يده بشعره في حنق. ربما كان هذا هو الوقت المناسب ليصارحها بمشاعره. ولكن خوفه حال مجددا بينه وبين التنفيذ. ربما هو مريض بالخوف وعليه أن يلجأ ويالسخرية القدر إلى، طبيب نفسي.

زفرت(أزاد)قائلة: أمى. بالله عليك. لا تزيديها. أنا بخير. أمامك. مازلت حية أتنفس.
قالت(نازلى)بجزع: وهل أنتظر حتى تقتلين لأطالبك بالرجوع معى إلى تركيا وترك تلك المهنة التي كادت أن تودي بحياتك.
لتغشى عينيها الدموع مستطردة: أنا أمك وكل ماأبغيه هو أن أراك سعيدة في حياتك. مع زوجك وأولادك. تحظين بكل ما حظيت به وأكثر.

ربتت (أزاد)على يد أمها قائلة بحنان: أعدك بأن احقق كل أمنياتك ولكن دون أن أتخلى عن حلمى. عن طموحى. فممارسة الطب النفسي. يجرى في وجدانى وشراييني. أمى. لا تخشى شيئا.
لتشير إلى (تيم)المتابع في صمت مستطردة: فلدي اثنين من البودى جارد ليحموننى. العظيم (تيم). والجبار(عمار). اليس كذلك؟
إبتسم (تيم) بينما عقدت (ملك)حاجبيها في تلك اللحظة قائلة: صحيح. أين ولدى. لماذا لم يحضر معكما؟

قالت (أزاد) بحنق: إنه في المشفى. ربما يبحث لى عن وسيلة تجعلنى أنضج.
رفعت (ملك)حاجبيها في دهشة قائلة: ماذا؟
لتطالع (ازاد)(تيم). بنظرة خاصة قبل أن ينفجرا بالضحك...
لتتبادل(نازلى)و(ملك). النظرات، في دهشة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة