قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

نوفيلا حالة وجد للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

لا أخاف الموت ولا أخشى الفناء ولكن جل ما أخشاه هو الفراق، أن أفارق أحبتي دون رجعة حين إقتراب الأجل أدركت أنني لم أكتف من منهم بعد.
حقا. أنا لا أهاب الردى ولكنني أخشى على أحبتي مغبة فراقي، سأغيب عن حياتهم ولكن ستظل ذكرياتي حاضرة، تحمل لهم ألما، لن يحتمل.
مرت الأيام بطيئة على أبطالنا، مريرة عليهم جميعا لا مفر من الحقيقة ولا مهرب...

(تيم) لديه ورم في الفص الجبهي من المخ ويجب أن يخضع لجراحة عاجلة، يتمزق قلبه على كل المحيطين به والذين يكنون له الحب، تحمل أعينهم شفقة إمتزجت بالحزن، ولكنهم يحاولون أن يتماسكوا من أجله، خاصة والدته التي تحاول بشتى الطرق إيجاد أفضل مشفى لعلاجه، فلم تدع بابا للأمل لم تطرقه.
أما هو فقد بدا مرحا كعادته ولكنهم يدركون أن هذا المرح هو واجهة فقط لحزن دفين ربض بعينيه، لا يفارقه أبدا...
فقط حين يكون معها...

يتناسى ألمه ومخاوفه...
حين يكون معها...
يشعر أنه يشاركها عالمها النقي، الخال من الأحقاد
حين يكون معها...
تتلون ظلمات حياته الحالكة. وتنبض بالحياة.
كان جالسا بجوارها يطالعها وهي ترسم، تلون لوحتها فتضفي عليها من روحها ضياءا. كما تضفي على حياته تماما، توقفت عن الرسم وإلتفتت إليه تقول بترقب: إيه رأيك؟

نهض يطالع لوحتها، كانت الرسمة لفتاة وسط الضباب يحيط بها نور قوي كأشعة وضاءة يتضائل هذا الضباب حولها تدريجيا، لتخرج ذراعها من دائرة الضباب من جهة، فمال مشيرا إلى الفتاة في الصورة قائلا:
دي بنت لفها الضباب، ضباب الحياة اللي عاشتها، دنيا محبتهاش، رفضتها، إستسلمت للضباب لحد ما جه شعاع النور اللي شوية بشوية بيشيل الضباب عن حياتها وبيخرجها للعالم من تاني.

إبتسمت وهي تطالع الصورة قائلة: قدرت تحلل الصورة بشكل أبهرني انا شخصيا.
نظر إلى إبتسامتها التي أشعلت ملامحها بالحياة ليبتسم بدوره، نظرت إليه تتعلق بعينيه قائلة:
أنا البنت دي يا(تيم). وأنت شعاع النور بتاعي.
تجمدت إبتسامته ثم إختفت وهو يستقيم ببطئ ويواليها ظهره، ينتابه هذا الشعور مجددا بالخوف، هو لا يخشى الموت ولكن يخشى أثره على من تعلقوا به خاصة والدته و، و...
(وجد)...

ربما ستجد والدته السلوى مع أصدقائها (نازلى و ملك ود. رياض) ربما ستجد عزائها في عملها ولكن (وجد). ترى ما مصيرها؟
أفاق من أفكاره على صوت (وجد)تقول بقلق: (تيم). أنا قلت حاجة غلط؟
إلتفت إليها يطالع عيناها القلقة التي وقع في سحرهما ودق قلبه بعشق نظراتهما ليبتسم ابتسامة باهتة وهو يقول:
لأ. المشكلة مش في كلامك يا(وجد). المشكلة فية أنا!

عقدت حاجبيها تحاول إستيعاب كلماته فبدت كطفلة بريئة، شعر بالذنب، أراد منحها مخرجا من حياته البائسة، ربما لو علمت بمرضه وقتها سيصبح سهلا عليها أن تتقبل فكرة الفراق.
جلس بجوارها مجددا وأمسك بيدها وقال بجدية: (وجد) أنا مريض!
طالعته بحيرة قائلة: وفيها ايه دي؟ عالج نفسك يادكتور زي ماعالجتني!
إبتسم قائلا: ياريتها كانت بالسهولة دي، أنا مريض بمرض خطير، عندي(Brain tumor).

عقدت حاجبيها في قلق فاستطرد قائلا: ورم في المخ يعني، خلايا مش طبيعية في الدماغ وكل مابيزيد حجم الورم بيزداد الضغط جوة الجمجمة وده ممكن يؤدي لتلف في خلايا الدماغ وفي حالات كتيرة، بيؤدي للموت.

وضعت يدها على فمه بجزع تهتز بقوة قائلة: لأ. لأ! متجيبش سيرة الموت يا(تيم) إنت مش هتسيبني زيهم، أنا ما صدقت لقيتك، إنت لمسة الرحمة من ربنا علية، إنت الإيد اللي اتمدتلي وأنقذتني من الغرق، أنا من غيرك. من غيرك، من غيرك هضيع من تاني، وهيكون بإرادتي عشان مش عايزة أعيش بدنيا متكنش إنت فيها.

أزاح يدها من على فمه، يمسك كلتا يديها بين يديه قائلا بعيون تنطق بالألم: أنا مش عايزك تقولى الكلام ده، ومش عايزك تنهاري من تاني، أنا عايزك توعديني انك تكوني قوية، عايزك توعديني إنك تكوني أد كل صدمة، أد كل محنة، عايزك تآمني إنك تقدري على الزمن ومشاكله، الموت علينا حق، وأنا مهما عشت أكيد في يوم هفارق! ساعتها عايز أكون مطمن عليكى يا(وجد). عايز أموت وأنا...

قاطعته وهي تحتضنه بقوة وسط صدمته، تقول بإصرار وحزم: إنت مش هتموت يا(تيم)بطل تقول الكلمة دي أدامي، أوعدك إنى أكون قوية بس مش عشاني لأ. عشانك إنت. لإني من دلوقتي هحارب معاك. همدلك ايدي زي ما مديت ايدك لية، هحارب معاك ضد المرض، هحارب معاك ضد ضعفك اللي شايفاه في عنيك وحاسة بيه في رعشتك دلوقتي، هحارب كل حاجة ممكن تبعدك عني حتى لو هحاربك إنت. لإني مش مستعدة أخسرك يا(تيم).

لم تدري ماذا فعلت بكيانه في تلك اللحظة، غمرته كلماتها بالقوة التي بعثتها في نفسه. نعم. ربما لم يحن وقت الإستسلام بعد، ربما عليه حقا الولوج في حرب مستعرة مع المرض، من أجل عائلته(أزاد وعمار). من أجل والدته ومن أجلها هي. طوق نجاته، (وجد).

قالت (أزاد)برجاء: كفاية كدة يا(تيم) إنت بتموت نفسك بالشكل ده، مش معقول يعني شغل طول النهار ولما بترجع البيت مبتفارقش (وجد). تقريبا مبتنامش، إنت كدة جسمك هينهار فجأة من التعب.
قال(تيم) بنفاذ صبر: قلتلك يا(ازاد) أنا كويس ومرتاح كدا!
قالت (أزاد) ل(عمار)بحنق: قل له شيئا يا(عمار)، انت ساكت كدة ليه؟

تطلع إليها (عمار)بقلة حيلة بينما قال (تيم)بعصبية: هيقول ايه يعني؟ من فضلكم ارحموني شوية مش كل أما تشوفوا وشي تقولولي ريح نفسك و خد أجازة. أجازة أنا مش هاخد وهفضل أشتغلخر يوم في عمري وياريت تريحوا نفسكوا وتخليكوا في حالكوا شوية. مفهوم؟
قال كلماته ثم غادر الحجرة صافقا الباب خلفه بعنف، لتشهق (أزاد) بعيون دامعة، أحاط(عمار) بكتفها قائلا:
هوني عليك يا(أزاد)! تعلمين مايعانيه الآن من ألم وصراع.

نظرت(أزاد) إليه قائلة بمرارة: عارفة وحاسة بيه، بيحاول يدفن خوفه في الشغل، بيحاول ميلاقيش وقت للتفكير، بس أنا خايفة عليه يا(عمار)، مايفعله يضر بصحته.
قال (عمار): دعيه يحارب مرضه ومخاوفه بطريقته الخاصة، تعالي نصلي وندعيله، دى الحاجة الوحيدة اللي في إيدينا دلوقتي عشان نقدمهاله.

ضرب (تيم)صفحة وجهه بالماء بقوة، ونظر إلى المرآة، يزداد الألم في رأسه وشعوره الصباحي بالغثيان، يدرك أن حالته تتدهور بسرعة وأن عليه اللجوء للجراحة او العلاج الكيماوي، ولكنه يخشى كل ذلك، يخشى الفراق، يعلم أن الموت قادم. ولكنه يحاول التأجيل قدر الإمكان...
شعر بجانبه الأيمن يتخدر، رفع يده اليمنى يتفحص إرتعاشتها بقلق، اهتزت الصورة أمامه للحظات قبل أن يسقط مغشيا عليه.

قالت الطبيبة (منى): مفيش ادامى غير (ألمانيا)، أنا بعت لدكتور (صادق)هناك وهو شجعني على أن(تيم)يعمل العملية في ألمانيا.
قال الطبيب (رياض) بعملية: ليه(ألمانيا). (انجلترا)أو (الولايات المتحدة ) بتهيألي هتكون إختيار مناسب أكتر.

قالت (منى): لأ (ألمانيا)فيها تشخيص نوعي بيستخدموا فيه أحدث أساليب التصوير يعنى بيحددوا شكل الورم وحجمه ومكانه بالظبط، وبيستخدموا احدث المعدات لإزالة الورم بشكل كامل من غير مايمسوا الأعصاب والأوعية وأنسجة الدماغ كمان بيقوموا بالعملية من غير إزالة جزء من عضم الجمجمة، يعني بيدخلوا للورم عن طريق الأنف أو البلعوم وده طبعا بيشفى المريض أسرع. في المانيا يادكتور المريض فرصته للبقاء على قيد الحياة أكبر، والمضاعفات أقل. لأ وكمان متابعة كويسة جدا بعد العملية عشان إعادة تأهيله.

قال الطبيب (رياض): أنا معاكي في ده كله بس العلاج فيها مكلف جدا...
قاطعته (منى)قائلة بحزم: يتكلف زي مايتكلف، ده ابني الوحيد، انا مليش في الدنيا دي غيره.
تنحنح (رياض)قائلا: احمم. طبعا أنا مقدر ده. وعشان كدة يعني أنا مستعد أساعدك...
قاطعته مجددا قائلة: شكرا يادكتور بس مفيش داعي. أنا سحبت المبلغ الموجود في البنك وكنت هبيع المزرعة أو البيت اللي في إسكندرية بس (كمال)جاي مصر وهيتكفل بباقى المصاريف.

قال(رياض)بهدوء يخفى ضيقه: هو (كمال)عرف؟!
قالت بتنهيدة: للأسف. رغم كل شيء بينا بس هو هيفضل والده ومن حقه يعرف، رغم اني...
قاطعها دلوف (عمار)إلى الحجرة يقول بجزع: الحقينا يادكتورة.
نهضت (منى)تطالعه بقلق وهي تقول: حصل إيه يا(عمار)؟
قال(عمار): (تيم)أغمى عليه...
لم تنتظر لينهي كلماته بل أسرعت تغادر الحجرة وقلبها يخفق بقوة. بخوف، ولوعة أم.

كان الجميع يقف أمام تلك النافذة الخاصة بالحجرة القابع فيها (تيم)ساكنا دون حراك، كانت (ازاد)تبكي بينما يحيطها (عمار) بذراعه يضمها لجانب صدره، تغشى عيناه الدموع بدوره، بينما تجلس السيدة (نازلي)إلى جوار(ملك)، تتشابك أيديهم وتتساقط دموعهم في صمت، لقد جاءوا خصيصا من تركيا لمؤازرة عائلتهم في مصر ف(منى)بمثابة اخت لهم و(تيم)تماما ك(عمار وأزاد)، خرجت الدكتورة (منى)من حجرته بوجه غارق بالدموع، فالتف الجميع حولها يسألونها عن حاله. قالت بصوت متهدج:.

حالته مستقرة دلوقتي وهيبقى كويس بس لازم يسافر يعمل العملية في أسرع وقت.
قال كل من(ازاد و عمار)فى نفس واحد: احنا هنسافر معاكوا.
هزت (منى)رأسها نفيا قائلة: مش هينفع نسيب المستشفى كلنا.
لتمسك كلتا أيديهما قائلة: انا هسيب المستشفى والعيانين أمانة بين ايديكم.
سمعت صوتا أنثويا يأتي قريبا منها وصاحبته تقول بحزم: بس أنا أكيد هسافر معاكوا.

طالعها الجميع بدهشة فعلى مقربة منهم وقفت بثبات تخلت عن فستانها الأبيض وإرتدت فستانا زهرياهذا اللون الذي أخبرها يوما أنه يفضلهوعقصت شعرها لتظهر ملامحها الجميلة ثابتة قوية كما لم تكن من قبل، اقتربت منهم وسط صدمتهم، لتكون (منى)اول من تفيق من صدمتها قائلة: (وجد)انتي جيتي هنا إزاي؟
قالت برقة: (الست بيضا)هي اللي جابتني وهي كمان اللي قالتلى.

وقفت أمام النافذة تطالع (تيم)للحظات صامتة لم ينبث أي شخص بحرف وهم يلاحظون تعلق نظراتها به وملامحها التي توردت، اهتزازة خفيفة منها ليدركوا جميعا أنها تبكى، رفعت يدها ومسحت دموعها قبل أن تلتفت إليهم ثم توجه حديثها إلى (منى)قائلة بحزم: من فضلك جهزيلي أوراقي لإني مسافرة معاكم.
قالت (منى)في حيرة: أيوة بس...
قاطعتها قائلة: انا وعدته إني مش هسيب ايده. من فضلك خليني أحافظ على وعدي.

نظرت (منى )إلى عيناها التي إرتسم فيهم التصميم، لترى أنه لا جدوى من الرفض خاصة انها تشعر في داخلها بأن (تيم)ربما يتمسك بالأمل إن وجدها إلى جواره. ربما كانت ل(تيم)رغم كل شيء، طوق نجاة.

قالت(زينب) بشفقة: ياعيني عليكي يا(وجد)، مبتلحقش تفرح ياماما، يعني ماصدقنا انها لقت البني آدم اللي قدر حالتها وقدر يعالجها ويخرجها من العالم اللى كانت فيه ده، واتجوزها عشان يحافظ عليها، فجأة البني آدم ده يبقى بين الحياه والموت. سبحانك يارب!

قالت(فاطمة)بحزن: والله يابنتي ماعارفة ازعل على مين أكتر، على الشاب اللي ممكن شبابه يروح هدر في ثواني ولا على (وجد)اللي مش هتقدر تتحمل حاجة زي دي تحصل، قلبي قايد نار والله، كان نفسي ابقى جنبها هناك، متوغوشة عليها ياحبة عيني. ياترى عاملة إيه دلوقت؟

ربتت (زينب) على يد والدتها قائلة: قومي نصلي وندعيلهم ياماما، يرجعولنا هم الاتنين بالسلامة وميخسرناش حد حبيناه أبدا، قومي ياماما، ده اللي بيلجأ لربنا في وقت ضيقه مبيخيبوش أبدا.
ابتسمت (فاطمة)بحب قائلة: ونعم بالله يابنتي، ونعم بالله، قومي ربنا يبارك فيكي ويتمم لك إنتي كمان حملك على خير، وأشوف ضناكي بخير وسلامة يا(زينب) يابنت بطني!
قالت (زينب)بإبتسامة: يارب ياماما، يارب!

حتى لو فرقنا القدر وكان مابينك وبيني الردى، خذني إلى أحلامك. وإجعلنا فيها لا نفترق!
فى ألمانيا...
كانت تجلس بجواره ترفع الكتاب أمامها تقرأ له بصوت ناعم رقيق، بينما يغمض عينيه بوهن يستمع إليها بعمق وهي تقول:
ما دمت يا عصفورتي الخضراء حبيبتي إذا. فإن الله في السماء...
تسألني حبيبتي.
ما الفرق ما بيني وما بين السما؟
الفرق ما بينكما أنك إن ضحكت يا حبيبتي أنسى السما.

الحب يا حبيبتي قصيدة جميلة مكتوبة على القمر...
الحب مرسوم على جميع أوراق...
الشجر الحب منقوش على ريش العصافير. وحبات المطر...
لكن أي امرأة في بلدي إذا أحبت رجلا ترمى بخمسين حجر...
نظرت إليه قائلة: الكلام ده صحيح يا(تيم). لو حبينا حد بيرمونا بالحجر!
ابتسم دون أن يفتح عينيه قائلا: ده كان زمان يا(وجد). كملي!
عادت بعينيها إلى الكتاب تقرأ: حين أنا سقطت في الحب...
تغيرت، تغيرت مملكة الرب.

صار الدجى ينام في معطفي...
وتشرق الشمس من الغرب...
يا رب قلبي لم يعد كافيا...
لأن من أحبها تعادل الدنيا...
فضع بصدري واحدا غيره...
يكون في مساحة الدنيا...
تنهد وهي تستطرد: ما زلت تسألني عن عيد ميلادي...
سجل لديك إذا ما أنت تجهله...
تاريخ حبك لي، تاريخ ميلادي...
لو خرج المارد من قمقمه...
وقال لي: لبيك!
دقيقة واحدة لديك...
تختار فيها كل ما تريده...
من قطع الياقوت والزمرد...
لاخترت عينيك. بلا تردد...

ذات العينين السوداوين...
ذات العينين الصاحيتين الممطرتين...
لا أطلب أبدا من ربي إلا شيئين: أن يحفظ هاتين العينين...
ويزيد بأيامي يومين...
كي أكتب شعرا...
في هاتين اللؤلؤتين...
توقفت عن القراءة وهي تقول بحزن: (تيم )انا عيوني مش سودا.
فتح عيناه يطالعها قائلا بحب: عيونك بلون السما الصافية وياويلي، نظرة منهم بتقتلني والتانية بتحيي مواويلي
عيونك في عز الظلمة نور ينور عتمتي وليلي.

احتبست أنفاسها بداخل صدرها تشعر بأن جسدها يشتعل نارا من نظراته تلك و كلماته لتقول بإرتباك: دي أغنية؟
ضحك بقوة فضحكت معه، قبل أن يتوقف عن الضحك قائلا بإبتسامة: كملي يا(وجد). كملي!
عادت للقراءة قائلة: لو كنت يا صديقتي بمستوى جنوني رميت ما عليك من جواهر وبعت ما لديك من أساور ونمت في عيوني...
أشكوك للمساء أشكوك للسماء كيف استطعت، كيف؟
أن تختصري جميع ما في الكون من نساء
لأن كلام القواميس مات...

لأن كلام المكاتيب مات...
لأن كلام الروايات مات...
أريد اكتشاف طريقة عشق أحبك فيها.
بلا كلمات...
صمتت حين سمعته يقول مغمض العينان: أنا عنك ما أخبرتهم.
ليفتح عيونه يتطلع إليها مستطردا: لكنهم لمحوك تغتسلين في أحداقي
أنا عنك ما كلمتهم.
لكنهم قرأوك في حبري،
وفي أوراقي للحب رائحة.
وليس بوسعها ألا تفوح مزارع الدراق.
أكره أن أحب مثل الناس...
أكره أن أكتب مثل الناس...
أود لو كان فمي كنيسة...
وأحرفي أجراس...

ذوبت في غرامك الأقلام...
من أزرق. وأحمر. وأخضر...
حتى انتهى الكلام...
علقت حبي لك في أساور الحمام...
ولم أكن أعرف يا حبيبتي أن الهوى يطير، كالحمام عدي على أصابع اليدين ما يأتي...
وجدها تمسك يدها لتعد، إبتسم لبرائتها وعفويتها مستطردا: فأولا: حبيبتي أنت
وثانيا: حبيبتي أنت
توقفت عن العد وظلت فقط تحملق فيه، تغرق في سحر العينين: وثالثا: حبيبتي أنت...

ورابعا، وخامسا وسادسا، وسابعا وثامنا، وتاسعا وعاشرا. حبيبتي أنت!
مسحت (منى)دموعها التىيد تتساقط على وجنتها فقد كانت شاهدة على أروع شعور قد تمنت أن يعيشه ولدها، الحب. العشق الخالص! انتفضت على صوت (كمال) الذي قال من خلفها بهمس: الحب شيئ جميل يا(منى). مش كدة؟

إذن كان شاهدا بدوره، مسحت وجنيتها بالكامل قائلة بثبات: الحب نعمة ربنا على الأرض يا(كمال) واللي بيحب بجد، بيتحدى الدنيا كلها عشان يبقى مع حبيبه، مش بينتهز اول فرصة خلاف ويتخلى بسهولة عنه.

أدرك انها تقصده، فاطرق بخزي لتستطرد قائلة: (تيم)اتحدى الكل عشان (وجد)وجه الوقت اللي هي كمان تتحدى خوفها عشانه، وبتخرج من عالمها بكامل قوتها عشان تقف جنبه، ده هو بجد الحب الحقيقي اللي بيبقى طوق نجاة ودلوقتى عن إذنك، هدخل أبلغهم إن العملية خلاص ميعادها إتحدد. بكرة الصبح بإذن الله!
طرقت الباب الموارب ثم دلفت إلى الداخل، بينما تابعها (كمال)يدرك بألم أنه رغم ندمه فقد خسر طوق نجاته، للأبد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة