قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا جبابرة العشق للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الأول

نوفيلا جبابرة العشق للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الأول

نوفيلا جبابرة العشق للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الأول

خرج مصطفى من غرفة النوم ليجد صغاره الثلاثة ليالي و ليليان و دياب اصغرهم بنتين ينتظروه على مائده الطعام و جنيته الصغيرة برقتها الخلابة سارقه عشقه تحوم حولهم بنشاط ام برعت في تأدية دورها وهي تضع الطعام بعنايه ووفره امامهم...
ارتفع جانب وجهه بسعادة، ماذا سيطلب اكثر وهو يستيقظ يوميا على هذا المشهد الجذاب...
-صباح الخير!
اتسعت ابتسامه ليالي وليليان ليردفا معا كأنهم في منافسه!
-صباح الخير يا بااااباا!

-صباح الخير!
اردف دياب وهو يركض نحو والده بسعادة ليحمله مصطفى بسهوله بالغه ويتجه إلى زوجته مقبلا رأسها بحنان قبل ان تستوقفه نظرة يحفظها جيدا تنذره باقتراب عاصفه!
ضيق عينيه اليمني رافعا حاجبه الايسر بترقب ولكنها ابتسمت مظهره غمازاتها الرائعة التي تجعله يرغب في حجزها داخل جدران قلبه...
-صباح الخير يا حبيبي!
ارتفع كلا حاجبيه على نبرتها الرفيعة المنمقة ليردف بتساؤل...
-هو في ايه بالظبط!

-ايه يا مصطفى اقعد افطر هو مينفعش ادلع جوزي و ابو عيالي القطاقيط دول!
جلس بعد ان وضع دياب بجواره قائلا..
-وماله دلعيه، دلوقتي هنشوف!
زمت شفتيها تخفي ابتسامه ترغب في الهروب منها؛ تبا لتلك السهولة التي يقرأ اقل افعالها و ما بين اقوالها قبل ان تتفوه به و كأنها مؤدية وهو المخرج يعلم ما ستتلوه ولكنه ينتظر لالتقاطه برؤيته المناسبة!
ما لبث ان قدمت له الطعام و تناول منه القليل حتى قالت بخفوت...
-دبدوبي!

نظر لها بطرف عينه وهو يمضغ كارها لقبها له ليقول...
-قولي يا سمر ماتلفيش و تدوري اللي ربى خير من اللي اشترى!
-انت رخم على فكره؛خلاص مش عايزة اقول حاجه!
ضحك ليردف بذهول...
-هو انا اتكلمت يا بنتي!
-ايوة اهوه بقولك دبدوبي تقولي لف و زفت؛ انت مابقتش تحبني زي الاول و مش طايقلي كلمه!
قاطعتهم ضحكه سخيفة من ليالي وهي تغمز لشقيقتها قائله...
-أسطوانة كل يوم!
ضيقت سمر عينيها بتوعد قائله...

-انتي يا بنت مش خلصتي اكل اتفضلي قومي من هنا!
وقفت ليالي و هاله التمرد الموروثة من والدها تحيط بهيئتها التي لم تتعد السبعة سنوات لتتجه بكل غرور إلى الأريكة بالخلف وتتبعتها ليليان بكل ادب و سكون مخالفا تمام لطباع شقيقتها!
اعادت سمر نظرها إلى مصطفى الضاحك لتردف...
-شفت عمايلك!
-انا!
-ايوة انت!
وضعت يدها على وجنتها لتردف بضيق...
-انا مكنش ليا في جواز انا؛ ولا عيال كمان هاه ومش هقولك حاجه تاني!

ابتسم على طفولتها اللامتناهية والتي تتفوق بها على اطفالهم احيانا ليمد ساقيه اسفل مقعدها و يجرها نحوه...
لم تهتز شعره منها او تتحرك انشا فقد اعتادت على ان يرفعها ويضعها بسهوله في اي مكان وبكل شكل تصورته او لم تتصوره!
وضع ذراعه السميك على رقبتها وقربها نحو فمه يقبل وجنته قائلا...
-خلاص متزعليش قولي، عايزة ايه يا روح دبدوبي؟!
نظرت إلى الجهة الأخرى متمنية تذوق الانتصار لتردف...
-ليالي و ليليان زعلانين!

-ليه؟ مش فاهم؟
امسكت ذراعه الملتفه حول رقبتها بتوتر لتردف...
-عايزين يروحوا مدرسه تانيه...
-و مالها المدرسة اللي هما فيها، حد ضايقهم؟!
كاد يقف و يتجه إلى الفتاتان لتردف سمر مستوقفه اياه...
-لا لا اصل هما عايزين يبقوا مع دياب و فهد و مازن!
نظرت له بطرف عينيها بقلق لتري ملامحه تتغير للجمود ليردف بحده...
-هنرجع للموال ده تاني يا سمر، انتي مش بتتعبي!
زفر وهو يبتعد لتعتدل وهي تمسك ذراعه بقوه...

-يا حبيبي افهمني انت كده بتعقد البنات!
-لا معلش انا حر في تربيه بناتي!
-طيب ربيهم وايه علاقه المدرسة بده!
-انتي غريبه جدا؛ اول مره اشوف ام عايزة بناتها تختلط بالأولاد مش تحافظ عليهم عشان يبقوا متربين!
-نعم! قصدك ايه بالظبط؟ انا طول عمري في مدارس مختلطه و متربيه احسن تربيه!
وضع يده على رأسه بتعب قائلا...
-انتي حاله خاصه!
ابتسمت بتهكم قائله...
-و خاصه ليه انا مش متربيه يا سيدي!

-خلاص يا سمر اقفلي على الموضوع ده!
لتردف بإصرار و قد طفح الكيل...
-لا يا مصطفى و اعمل حسابك بكره هروح انقلهم البنات عايزين يبقوا وسط بقيت العيال انت ليه عنصري كده!
وقف مصطفى مذهولا ليردف بغضب...
-انا عنصري انا!
رفعت اصبعها بغضب قائله...
-و ديكتاتوري سلطوي!
كان يتنفس بغضب من انفه ليردف من بين اسنانه وهو يغيم عليها بجسده الضحم قائلا...
-طيب يا سمر، مفيش بنات هتتنقل ايه رأيك بقي!
-ليالي، ليليان!

اسرعت الفتاتان لتلبيه نداء والدتهم الغاضبة لتنظر لهم سمر قائله بأصبع اتهام موجهه لوالدهم...
-معلش يا حبايبي بابا مش عايزكم تروحوا مع مازن و دياب و فهد مدرستهم!
انكمشت ملامح ليالي بغضب بينما ظهر الحزن جليا على وجه ليليان التي مطت شفتيها لأسفل وقالت بصوت شبه باكي...
-ليه انا عايزة العب معاهم في البريك؛ البنات في المدرسه مش بيحبوني!
-وانا لازم اروح معاهم؛ العيال بتضايق مازن وانا مش بعرف ابقي معاه!

قالت ليالي وهي تعقد ذراعيها بعند لتردف الفتاتان بغضب باكي...
-ماليش دعوه انا عايزة اروح المدرسة العادية!
نظر مصطفى بغضب وتوعد لسمر قبل ان يجذبها من ذراعها متجها إلى غرفتهم وسط مقاومتها البسيطة حتى لا تجذب انتباه اطفالها ليقول للفتاتين وهو يهم بإغلاق الباب...
-بس انتي و هي مفيش مدرسه!
ما ان اغلق الباب حتى سمع صوت ارتطام شئ به ليتوعد ليالي في سره تلك الصغيرة المتقمصة لأدق تفاصيله وصفاته!

نفضت سمر ذراعها قائله...
-شفت تصرفاتك؛ اهي البنت بقت متوحشة زيك!
-متوحشة زيي! بتثبتيني قدام العيال يا سمر!
اخذ خطوه تجاها لتبتعد بتوتر تحاول اخفاؤه بقناع من الشجاعة ليردف بتحذير..
-اقفي مكانك احسنلك!
رفعت رأسها بشموخ قائله...
-انا مش بخاف!
ليبتسم بغموض و ثقه وهو يرفع ذراعه نحو رأسها ولكنها انتفضت هاربه للخلف صارخه بقلق...
-والله العظيم لو جيت نحيه ودني لأصوت والم عليك الناس!

لم تبتعد ثلاث خطوات حتى؛ ليحيطها بذراعيه وينفضها نحوه..
-اااه بطني!
-ايه وجعتك يا حبيبتي!
التفت بين ذراعيه بذعر وهي تضع كلا كفيها على اذنيها قائله بعيون شرسة موجهه اليه...
-لو لمست ودني يا مصطفى هاكل صوابعك!..
لم يستطع كبح ضحكاته متناسيا خلافهم بالخارج ليردف بمشاكسه...
-طيب بلاش ودنك!
اتسعت عينيها وقبل ان تأخذ رد فعل كان يغطي شفتيها بشفتيه الصلبة محاولا تعميقها و التراقص على احبال تمردها!

-مامتي انا طالعه لطنط ندي انا و دياب!
قالت ليليان لتخرجها من غيوم احاطت عقلها ولكنه كان سريع الرد...
-لا استني مع ليالي و شويه ماما هتطلع معاكم، واقعدوا مؤدبين مش شايفاني بتكلم مع ماما!
نظرت له سمر شزرا وكادت توافق على مطلب ليليان عندما اردفت الصغيرة بتأفف...
-ليالي طلعت اصلا عند طنط غاده عشان تلعب مع مازن!

اتسعت ابتسامه سمر بحاجب مرفوع على احمرار وجه مصطفى الغاضب من تمرد ابنته الصغيرة لتردف مستغله انشغال عقله...
-اطلعي يا حبيبتي و خدي بالك من دياب اوعي يتعور!
اتاهم ردها الحماسي الذي يدل ابتعاده عن مرمي سمعهم على تحركها بالفعل!
-حاضر يا ماامتي!
وضعت سمر كفها على فمه مغطيه وابل اعتراضاته حتى سمعت اغلاق الباب فانفجرت الضحكات منها على ملامحه الغاضبة ليردف بتوعد...

-انتي فرحانه انها طالعه للواد الملزق ابن بلال، شغل الافلام القديمة وانهم هيحبوا بعض ده مفرحك! لكن بعنيكم كلكم انا بناتي محدش هيلمح ضفرهم!
-الله وانا مالي وبعدين دول اطفال سبع سنين بلاش التخيلات اللي في دماغك دي!
-تخيلات! انتي عارفه ابوة كان عامل ايه في امه! بلاش تطلعي البت غلبانة وهبله زيك!
شهقت باعتراض لتردف بعيون ضيقه وهي تنفض ذراعيه من حولها مشيره إلى صدرها...
-انا هبله!

زفر مصطفى كارها ان كل كلمه تأول إلى شجار حاد بينهم، وضعت ذراعيها على جانبيها لتميل بحركة شعبيه إلى اليمين قائله...
-اسم الله! طيب وليالي انا بردو اللي خلتها عنيفة و متملكه زيك هاه! انطق مين اللي فضل يقول انتي بتاعتي و يتخانق معايا قدام العيال عشان بابا كان عايز يمسكني المطاعم مش انت بردو!
ليردف بغيظ مشابه بصوته الخشن...

-نسيب الموضوع الاساسي ونفكر في اني رفضت شغل ابوكي ولا قبلته! واهو اي نكد والسلام؛ بقولك ايه يا سمر هو انا كده انسان ديكتاتوري بقي سلطوي مش عارف ايه، انتي متجوزاني وانا كده انا مضحكتش عليكي؛ انا راجل شعبي رجعي و مش هشغل مراتي و هدخل بناتي مدارس بنات بس ومش هجوزهم كمان عاجبك و لا مش عاجبك!
انهي كلماته وهو على بعد خطوه منها ويميل قليلا إلى مستواها عسي ان تتفهم كل كلمه يتفوه بها...

علا صوت انفاسهم الغاضب وهم يتشاحنون بأبصارهم المتحاربة!
لتستسلم هي اولا رغما عنها عندما شعرت بحراره دموعها تصارع للهبوط؛ حاولت تخطيه ولكنه وضع ذراعه امامها يستغفر الله بصوت عالي...
استدارت رافضه النظر إلى همجيه ملامحه لكنه ضمها إلى صدره وسط مقاومتها للابتعاد لتردف باختناق...
-اوعي ايدك دي!
حاولت ازاحته ولكنه كالحائط المنيع يرفض التزحزح...
-اهدي بقي!
-يا بجاحتك! انت ماسكني عشان تنرفزني اكتر يا مصطفى!

ابتسم رغما عنه فبعد 9 سنوات لا يزال يفشل في التعبير عن مكنونات قلبه...
-متعيطيش طيب؛ انتي عارفه انا مش بعرف اقول كلام يهدي بس عايز اهديكي والله انا مقصدتش ازعلك انتي اللي بتنرفزيني بكلامك و حركاتك دي!
اطلقت صوت اعتراضي بغيظ قائله..
-لا اله الا الله! اسكت يا مصطفى احسنلك!
-هو انتي مفيش فرصة للتفاهم معاكي؛ كل ما اكحلها اعميها!
-قول لنفسك يا محترم!

قالتها لترضي بمصيرها مستسلمة لذراعيه فيجر جسدها وهو يعود للوراء و يحملها عل ساقيه بعفويه زوجين اعتادا على ذلك الفعل...
(زوجين هاااه متفتكروش للحظه ان الكلام الفارغ ده موجه للسناجل الكرام متعيشوش الدور انتي وهو وهي
وضع رأسها بين رقبته و كتفه قائلا بتحذير لمقاومتها...
-اثبتي بقي!
-اهدي بقي و اثبتي بقي هو كله امر بكلمه واحده!
حاول تخفيف الموقف بمزاح ليردف...
-اولا دول كلمتين وبعدين مش احسن من اسكتي!

عادت ذكرياتهم إلى اول انفعالاتهم والتي استمرت كلما التقوا...

فلاش باااااااك...
ارتجف صوت والدتها وهي تنظر اليه برجاء...
-معلش يا ابني احنا اسفين وهي ان شاء الله مش هتعمل اي حاجه تضايقك، دي نزلت تشتري...!
قاطعها مصطفى بعد ان اغمض عينيه ونظر ارضا حتى يقلل من هيبه هيئته الطاغية عليه مهما فعل...

-العفو يا حاجه انا مقصدش، انتي ضيفه هنا وعلى راسي و لو الارض مشالتكمش اشيلكم انا، احنا ولاد بلد ونعرف الاصول، انا بس بتكلم عن لبسها عشان هي ممكن تجبرني ادافع عنها لو حد ضايقها!
اراد ان يقول ان تجبره على ارتكاب مذبحه ولكنه انقذ نفسه وماء وجهه قليلا من تدخله الغير مسبوق في حياة شخص ما! وليس اي شخص بل امرأتان لا حول لهم ولا قوة!
غضب اكتر على نفسه فهو لن ينزل إلى هذه القذارة حتى لو فعل الاسوء!

ضايقته دموع سمر اللامتناهيه كثيرا بعد ان ابعدت يد والدتها بخفه رافضه ان تحتضنها، فقال بضيق وقله حيله بصوته الخشن..
-اسكتي!..
انتهي الفلاش بالك...

مسحت دموعها بابتسامه ترفض الاختفاء قائله...
-كتك القرف في مشاعرك!
امسك فكيها يقبلها رافضا محاولتها للهروب ليبتعد بعد ثوان قائلا...
-بس بتحبيني!
تنهدت وهي تحيطه بذراعيها قائله...
-للأسف اه بحبك يا رخم!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة