قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا جار البحث عن حائط بشري للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

نوفيلا جار البحث عن حائط بشري للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

نوفيلا جار البحث عن حائط بشري للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

فتحت الباب وأطلقت زفيرًا قويًا، ثم تجهمت ملامحها بضيقٍ وهي تُناظر هذا السمج الواقف أمامها يغمز لها بعينه! ويمسح فوق شعره المُجعد، فيما يتحدث:
-مساء الفُل يا ست الكُل.
ضغطت على أسنانها بقوة، بينما تهتف بامتعاضٍ:
-ست الكُل؟، ما تحسن ملافظك شوية يا إسمك إيه إنت!
-ببلاوي.
أخبرها بحدة وهو يرفع سبابتهُ أمام وجهها، ويقول بنبرة تحذير:.

-إسمي ببلاوي ولما تتكلمي معايا، تتكلمي عِدل، وتحترمي نفسك وتحمدي ربك إني بعبرك أصلا وبسأل علىكِ يا بايرة.
شهقت وهي تلطم على صدرها، بينما تتسع عيناها بصدمة من كلمته الأخيرة، يا له من وقح!
-أنا بايرة يا...
بتر جملتها وهو يهتف بحدة:
-أيوة بايرة ومش لاقية حد يبصلك، وجاية تتشطري علىا عشان عاوز ألمك في بيت وأكون معاكِ زفت أسرة صغيرة.
-بمنظرك دا؟
لوى شفتيه بتهكم وهو يردد:
-ماله منظري؟

ثمة يتطلع إلى هيئته، بطنه المُتدلية، جسده البدين إلى حدٍ ما، قامتهُ القصيرة!
بينما يقول بفخرٍ:
الناس كلها بتقول إني شبه أحمد عز، وتيجي إنتِ يا مقشفة تتريقي علىا أنا!؟، أنا ببلاوي!
أطلقت ضحكة تهكمية وهي ترد بغيظ:
-دا لو أحمد عز سمعك هينتحر، يا شيخ إتلهي وإبعد عني.
تنهد محاولًا ضبط أعصابه فيما يقول:.

-اللهم طولك يا روح، يا هيام إعقلي، والله ما هتلاقي حد غيري يعبرك، الروايات بتاعتك لحست مخك، بتدوري على بطل خارق وإنتِ محتاجة صيانة أصلا، دا أنتِ شبه الجاموسة العارجة بالظبط، ورغم كدا أنا بقول عاوز أتهبب وأتجوزك عشان نعمل زفت أسرة صغيرة مع بعضينا!
-أنا جاموسة!
قالتها وهي على وشك الإنفجار فيه، ليؤكد ما قاله بقوله:.

-طب أنا والله ظلمت الجاموسة، دا حتى الجاموسة لها منفعة عنك، بناخد منها لبن وزبدة وقشطة وبندبحها وناكل لحمة وكرشة وممبار، ولحمة راس كمان، إنتِ بقى فايدتك إيه، لو عندك الشجاعة الأدبية تردي يا بغلة!
اتسعت عيناها بشدة، وهي تهتف ترد علىه بغيظ:
-أنا ليا فايدة طبعا وكبيرة جدا، أنا نص المجتمع يا بابا، أنا اللي هكون أم في يوم من الأيام وأربي وأكبر وأعلم وفي الآخر أطلع جحش زيك كدا يجي يقولي فايدتك إيه!

رفع حاجبه وهو يضيق عينيه قائلًا ببرود:
-عظيم عظيم، بس عارفة إيه أحلى حاجة في كلامك؟
قالت باستغرابٍ:
-إيه؟!
قال وهو يغمز بعينه يريد استفزازها:
-إنك قتلي يا حبيبي، شوفتي بقى اعترفتي ازاي وإنتِ مش واخدة بالك؟!
وكان ردها علىه صدمة، حين أقفلت الباب بقوة في وجهه، ليفتح عينيه متأثرًا، لكنه هدأ سريعًا وهو يُكمل بصوتٍ عالِ:
-يا بت دا أنا معزوم عندكوا النهاردة يعني وراكِ وراكِ!

ولجت إلى غرفتها وهي تشتمه سرًا، ثم صعدت على فراشها وتلتقط احدى رواياتها وتبدأ في استكمال قراءتها بشغفٍ.

صدح رنين هاتفها، فالتقطته في ضجرٍ بينما تضغط زر الإجابة وهي ترد على المُتصل بحِنق:
-ألوو..
-أهلا بحضرتك يا فندم، مع حضرتك شركة فودافون وبنقدم لحضرتك عرض ال...
قاطعت حديثهُ وهي تعتدل في جلستها وتقول مُرحبة بتلهفٍ:
-أهلا وسهلا أهلا أهلا! قولتلي عرض، عرض إيه يا فندم؟
-حضرتك العرض بيتكلم عن نظام فليكسات كُل شهر و...
-إنت مُرتبط؟
قاطعته مرة أخرى بسؤالها المفاجئ، بينما تعجب الآخر وهو يهتف بحدة:
-نعم حضرتك!

-صوتك حلو أوي إنت مرتبط؟، وتُحدث نفسها بأملٍ:
- يارب الطوبة تيجي في المعطوبة
-يا فندم أنا مضطر أقفل حضرتك بتهرجي!
أردفت بسرعة وهي تتوسله:
-لا لا إستنى بس، إنت قفوش كدا ليه دا مجرد سؤال وعموما يا سيدي أنا آسفة، اتفضل حضرتك كمل وقولي على العرض.
تنهد بصوتٍ مسموع، ثم استطرد بجدية:
-حضرتك النظام المفروض إنك بتشحني في الشهر ب 30 ج والعرض شامل آآ...
-أنا إسمي هيام، وأنت؟

تفاجأت أنه أغلق الخط بعد أن سمعته يصيح بانفعالٍ:
-دي مجنونة دي ولا إيه!
زفرت بحنق وهي تنهض وتتجه خارج الغرفة إلى المطبخ حيث جدتها، تأففت من تلك الرائحة المنبعثة من المطبخ، ثم فتحت فمها وهي تشهق مع قولها:
-إيه داااا، بتعملي كرشة يا نبوية!
ردت الجدة وهي مُنشغلة في تحضير الطعام:
-أيوة كرشة يا عيون نبوية، عاوزة حاجة؟
-أنا مابحبش الكرشة.
-مش ليكِ انتِ، دي ل براهيم والواد ببلاوي أصلي عزماهم على الغدا.

-إزاي تعزميهم على الغدا؟ أنتِ بتتصرفي كأنك عايشة لوحدك يا نبوية؟!
تأففت الجدة وقالت:
-دول جيرانا والجار للجار يابت، بطلي أنزحة كدابة، يلا تعالي ساعديني.
لا يمكن أحط إيدي في الحاجات دي، .
نبوية بنفاد صبر:
-طب تعالي حمري المنبار، أنا عملاه مخصوص عشانك وعارفة إنك بتحبيه.
هيام وقد رفعت حاجب:
-أوك إذا كان كدا ماشي، وقولتلك مليون مرة إسمه ممبار مش منبار، هفضل أعلم فيكِ لحد إمتى يا نبوية؟

-عوض علىا عوض الصابرين يارب.
ضحكت هيام بينما تستطرد:
-والله ما أنا عارفة في إيه بالظبط بينك وبين إبراهيم دا، أه منك إنتِ أه.
احمرت الجدة خجلًا وهي تبتسم، فتعجبت هيام ضاحكة على أفعال جدتها!، ثم صاحت:
-ربنا يوفق الدنيا على بعضها.

تركتها مرة أخرى وهي تضرب كفا بكف ذاهبة إلى غرفتها، تلك المرة قررت تفقد إيميلها الخاص على تطبيق الفيس بوك في ضجرٍ، تلقت إشعار بطلب صداقة من أحد الأشخاص، قررت فتح الصفحة الشخصية، فشهقت حين رأت صورته الشخصية!، شابٍ وسيم، وسيم للغاية، ضحكته رائعة، ملامحه رجولية، يبدو أنه بجسد رياضي ومفتول العضلات، حائط بشري آخر وها قد أتت فُرصة ثانية فلتقتنصها!
ضغطت تأكيد وهي تبتسم، ثم تحدث نفسها بأملٍ:.

-يارب الطوبة تيجي في المعطوبة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة