قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا تعويذة غرام للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس

نوفيلا تعويذة غرام للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس

نوفيلا تعويذة غرام للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس

بعد حوالي اسبوعان...
كان جاسم يجلس بغرفته على الأريكة يضع يداه على رأسه منكسًا رأسه وكأن مصيبة ما حلت برأسه!..
اخذ يتذكر ما حدث بعد أن أتوا من ذلك المطعم...

فلاش باك###
ركضت كارمن لغرفتها دون كلمة واحدة، بينما إلتفت هو لوالدته التي أتت خلفهم ليزمجر والعصبية تكاد تمزق شريانه:
-لية! عملتي كدة لية؟ انا متأكد إن إنتِ اللي جبتي الصحافه!
مطت شفتاها ببرود لتجيبه بنبرو عملية جادة:.

-عشان أعرفك إن لو اتعاد الموقف دا وانا مليش دعوة، مش هتقدر تقولهم إنها مراتك، وعمومًا كمان مش هينفع تصارح الناس انها مراتك! عارف لية؟ عشان هي ملهاش اصل ولا فصل، عشان كل واحد هيخترع قصه من دماغه وسُمعتك هتتشوه، عشان مش هتقدر تكتب ابنك بأسمها ولما يطلع يقولك فين جدو وتيته وخالو وخالتو تسكت، عشان هتخسر شغلك والعملاء هيفكروا انك بتاع ستات ومش بعيد تطلع شهرة عليك إنك خمورجي! فووووق البنت دي ماينفعش تكون ليك بشكل رسمي ابدًا!

وكأن كلماتها كانت صفعات قوية لجاسم الذي هربت الحروف من بين شفتاه!..
يود مهاجمة الحقيقة بأسباب واهية، ولكنها تنخرط معها فيذوب هو صريعًا..
نظر لها يهتف بشرود:
-انا مقولتش اني هعلن للناس وبعدين إنتِ خلاص افترضتي كل حاجة!
ابتسمت بسخرية وهي تتشدق بثقة:.

-انت حبيتها يا جاسم، حبيتها من ساعة ما كنت بتراقبها ف الدار طول الشهر، بس لما تبعد دلوقتي احسن ما تتورط اكتر، دلوقتي انت قولت للصحافه إنها صديقة عمل واني كنت بهزر، لكن تخيل لو كنت قولتلهم انها مراتك مكنتش هتقدر تكذب الخبر ده!
ثم اكملت بتحذير:
-وخصوصًا انه بمجرد ما يحصل حمل مش هتقدر كمان تدي تسنيم مبرر عشان تكون قريب منها، وانت عارف تسنيم مجنونة مش بعيد تأذيها!
باك###.

ها هو المبرر قُتل...
والروح قاربت على الإنصهار في ذلك الجحيم!
يشعر وكأن غليان من نوع اخر بصدره، غليان يحرقه حرفيًا!..
لكل نهاية بداية تُسلخ من اطرافها، ولكن هو يشعر أنه عاجز، عاجز عن وضع نقطة بداية لتلك النهاية الحالكة!

نظر لتيم صغيره الذي كان عنوان تلك البداية، وواضع نقطة النهاية ايضًا!
ليتذكر كلام الطبيب الذي دفعه لتلك الزيجة.

جاسم بيه افهمني، انا بقترح انه يبقى له اخ عشان يخرجه تلقائيًا من الوحدة دي، عشان تيم يتعامل معاه بفطرته وبتلقائية، لانه لو ودتوه عند حد او صديق وجيتوا مشيتوا مثلا، هو هيحس انه برضه في حاجز، انه دا مش اخوه ومع الوقت هيدرك انه دا مجرد وسيلة، وخاصة انه الطفل التاني لو مش اخوه هيجي وقت هيزهق منه، لكن اخوه هيبقى معاه دايمًا ومع الوقت تيم هيبدأ يتفاعل معاه.

أغمض عيناه بقوة وفتحها لينهض خارجًا من غرفته وهو ينادي على الخادمة المسؤلة عن المطبخ:
-بدرية! تعالي هنا
خلال دقيقتين حضرت امامه تسأله بتوتر:
-ايوة يا جاسم بيه اتفضل!
اشار للسلم وهو يقول بصوت أجش لم تختفي لمحة الغضب منه:
-مين اللي اتدلق منه الزيت على السلم؟ لا وكمان مامسحهوش
قطبت جبينها بحيرة وهي تحدق بالسلم، لتنطق بعد صمت دقيقتان تقريبًا:.

-محدش يا جاسم بيه. اصلا الخدم ممنوع يخرجوا بالاكل من المطبخ الا وقت الغدا!
واسفًا هو متيقن من حديثها...
بل الحقيقة واضحة كضوء الشمس، ولكن ماذا إن كان يتمنى خسوف ذلك الضوء؟!
خرج صوته حادًا وقاسيًا وهو يخبرها:
-إنتِ مطرودة لحد ما أعرف مين اللي عمل كدة
هنا ظهرت احدى الخادمات تقول بلهفة:
-لا يا جاسم بيه والله الست بدرية ملهاش ذنب، محدش خرج بالزيت الا تسنيم هانم بس والله
نال ذلك الأعتراف اخيرًا...

احتلت عيناه نظرة سوداء عميقة وكأنها حفرة غائرة ستبتلعك حتمًا...!
ثم اشار لهم ان ينصرفوا ليتوجه نحو غرفة تسنيم دون كلمة اخرى..

كانت تسنيم ترتدي قميص نوم وتجلس في غرفتها في إنتظار جاسم...
تضع قدم فوق الاخرى وتبتسم بانتصار هلل ملامحها الملطخة بسواد النَفس...!
تضع -مونكير- في اصابع قدمها وتدندن الاغنية بصوت هادئ مدلل:
-على رمش عيووونها قابلني هوا طار عقلي وآآ...
قاطعها دخول جاسم الذي وكأنه سحب الهواء من المكان، فزمجر فيها دون مقدمات:
-جاتك هوا لما ياخدك ويريحني منك
ضيقت عيناها ترمقه بنظرة متنمرة وهي تسأله بقلق:.

-في ايه يا جاسم مالك؟
جذبها من شعرها بعنف فصرخت بصوت عالي متأوهه، ليسبها صارخًا بحنق:
-إنتِ عايزة ايه هاا؟ من امتى وانتِ بيئة بتدبري لحاجات متخلفه زيك!
الحقد كان متربع وسط طيات روحها وهي تجيبه بصوت مغلول:
-من ساعة ما بدأت تهتم بالبت دي على حسابي
ثم سألته مستنكرة:
-أنت اخر مرة قربت لي فيها امتى؟ اليومين اللي هي بعدت عنك فيهم صح؟ لكن من ساعة ما اتجوزتها مافتكرتش تيجي تبات عندي حتى!

كز على أسنانه بقوة مغمغمًا:
-ده عشان الطفل بس
تخصرت وهي تتحرك ببطء مرددة بسخرية واضحة:
-انت بتضحك على عيل صغير يا جاسم؟!
نظر لها باشئمزاز من اعلى لأسفل وكاد يغادر ولكنها اسرعت تقترب منه وهي تهمس بتلاعب:
-خلاص اسفه، بس خليك أنت وحشتني اوي
ومع اخر حرف لها اصبحت تعبث بأزرار قميصه، لمستها كانت بالنسبة له كوشم يكويه بالنيران ليزول!.
فدفعه بعنف وهو يغادر تلك الغرفة لاعنًا اليوم الذي تزوجها به...

في الحديقة بالأسفل...
كانت كارمن تقف جوار ذلك الشاب الذي يعمل جنايني بالمنزل وهو يسقي الأشجار...
لاحظت إعجابه الواضح بها منذ أن انتقلت للعيش بتلك الغرفة جواره..
فقررت التلاعب بتلك النقطة جيدًا، لتخلق كلمة اخرى مغلفة بالغليان!
الغيرة
الغيرة سلاح الانثى...
سلاح قوي يتيح لها فرصة استغلاله في حرب الحب، بغض النظر عن كونه سلاح ذو حدين!

كانت ترتدي بنطال بها بعض الخرق وهو ما يسمى بالموضة وتيشرت ذو اكمام، تاركة لشعرها دور إبهار كل من تسقط عيناه عليها!..
كانت تقف جواره مبتسمة تراقبه بهدوء وهي تتحس بطنها...
منذ ما حدث وهي تتلاشى جاسم تمامًا!
ولكن فجأة رأته يخرج من البوابة فلم يكن منها الا ان اقتربت من ذاك الشاب بسرعة وكأنها تقترب لتسأله:
-الا قولي يا مصطفى، هو تيم منزلش لية زي كل يوم عشان نلعب شوية؟!

ابتسم لها بود ونظراته تصرخ بأعجاب ساعدت هي على نموه:
-زمانه نازل ياست البنات متقلقيش
وفجأة وجدت جاسم فوق رأسها يصرخ فيها بعصبية متساءلاً:
-أنتِ ايه اللي موقفك معاه وبتعملي ايه هنا اصلًا؟
لم ترد عليه وإنما اعطته ظهرها وهي تقول للجنايني ضاغطة على كل حرف ؛
-كمل كمل يا صاصا يلا
إتسعت حدقتا ذلك الشاب المسكين بخوف...
سيقتله حتمًا..!

لا يعلم إن كانت تعني له شيء ام لا ولكن بعد الاحتراق الذي نشب بين جحور عيناه وكأنه على وشك قتل احدهم...
ادرك أنها تعني له الكثير!..
أمسكها جاسم من التيشرت يجذبها نحو تلك الغرفة ليدفعها بعنف ويغلق الباب خلفه..
ظلت تعود هي للخلف بقلق وهي تشير له بإصبعها الذي يرتعش:
-اوعى تتهور يا جاسم، انا بحذرك والله العظيم هعيط وهصوت.

اختنق من الجو الحار فبدأ يفتح ازرار قميصه العلوية بملامح ممتعضة، فبدأت هي تصرخ شاهقة وهي تردد بشكل مضحك:
-يالهوووويتي، انا عارفه إن نيتك زبالة اصلًا، عشمتني وغدرت بيا!
امسك ذراعها بقوة يضغط عليه وهو يزجرها بقسوة:
-اخرسي يابت، الشغل دا مش هيخيل عليا، أيه اللي مقعدك مع الواد دا؟! ولا إنتِ بتحبي يكون أي راجل ف حياتك وخلاص، عشان يملا الحرمان اللي عندك!
كلماته حفرت جرحًا، لن يزول كالوشم سيظل مدى الدهر!

كرامتها صرخت متوجعة، وروحها تلوت ملكومة بصفعات كلماته...!
فلم يكن منها الا أن نفضت ذراعه عنها وهي تحاول تصنع البرود متمتمة:
-ايوة بالظبط. وبعدين انت مالك بيا؟ كان بينا مجرد اتفاق وخلص، وملكش عندي الا العيل!
ظل يقترب اكثر وهي تعود للخلف بقلق، حتى إلتصقت بالحائط فوضع هو يداه يحاصرها، ليسألها بحدة:
-واية البنطلون المقطع اللي إنتِ لابساه ده؟ مش شايفه رجلك باينه ازاي؟!

مطت شفتاها ببرود تخفي الرجفة التي هزت كيانها:
-دي الموضه!
ضرب الحائط بقبضتاه وصراخه اصبح كزلزال مُرعب يكاد يهدم الثقة الواهية التي بنتها بصعوبة في الايام الماضية:
-ينعل * ام الموضه! مفيش حته منك تبان لجنس راجل خلقه ربنا
وفجأة اصبح يحاول تمزيق التيشرت بعنف حتى ظهر اجزاء من جسدها وصدرها وهو يقول بخشونة:
-يلا دي كمان موضه قطعي هدومك وامشي فرجي الناس!..
ثم أمسكها من شعرها بعنف حتى تألمت وأكمل:.

-وشعرك ده يتغطى إياكِ اشوفه مكشوف!
اصبحت تدفعه باهتياج وتضربه على صدره وهي تردد بهيسترية من وسط بكاؤها ؛
-ملكش دعوة بيا انت عايز مني ايه ابعد عني بقا انت اصلًا ملكش حكم عليا، عايز مني ايييه عايز مني ايييه بقا ارحمني وسبني ف حالي، عايز مني ايه!
اصبح وجهه قريب منها جدًا، حتى لفحت أنفاسه صفحة وجهها الابيض وهمساته كانت فراشات رقيقة تداعبها:.

-عايزك ومش عارف اعمل ايه، مش عارف ابني هيتكتب بأسم تسنيم ازاي! عايزك ومش عارف الا اني عايزك ومستحيل اسيبك تبعدي عني، بس حاسس ان في حاجات كتير اوي طابقه على نَفسي مش قادر اخد حريتي منها!
اغمضت عيناها وهي تهمس:
-جاسم...
رد هو بنفس الطريقة:
-روحه..
كانت انفاسها مضطربة، روحها تترنح مستمتعة بخليطه الذي يخترق روحها، وقلبها ينادي متعطشًا الاعتراف!
فقالت بصوت مبحوح:
-انا بحبك!
هل تهيء له ما سمعه؟!

ام قلبه الأبله يُملي عليه ما يريده!..
اصبحت دقاته سريعة حد الجنون، ولمعت عيناه ببريق مختلف، بريق جعل عيناه كنيران دلالة انتصار تلك الحرب!..
قبل جبينها بعمق..
ليهبط ببطء ويُقبل عيناها المغمضة ترمش كل دقيقة بتوتر...
ليهبط اكثر ويهبط وجنتها الملتهبة بخجلها الفطري، وعند شفتاها لم يتحمل ذلك البطء فالتهمها بلا تمهل...
يقتنص حق شوق وحرمان هذان الاسبوعان!

يريد أن يطفئ تلك النيران المشتعلة بصدره ولكنها تشتعل اكثر فأكثر، وكأنه جوعه لها لن ينتهي...!
حملها بين ذراعيه ولم تنقطع قبلاته المتلهفة لها ليضعها على ذلك الفراش برفق وهو معها...!

صباح اليوم التالي...
استيقظ جاسم يفرد ذراعيه يتأثب بكسل، وتلقائيًا بمجرد ان فتح عيناه تعلقت ابتسامة هادئة وهو يتذكر ليلة امس..
الليلة التي كانت كالأضاءة وسط ظلمات روحه!..
ولكن سرعان ما اختفت تلك الابتسامة عندما لم يجد كارمن على الفراش جواره فهب ناهضًا بفزع يرتدي ملابسه وهو يبحث عنها بعيناه ولكن للاسف لم يجدها!..

انتهى من ارتداء ملابسه وكاد يغادر الغرفة ولكن توقف عندما رأى ورقة صغيرة موضوعة على المنضدة فأمسكها بلهفة يقرأها لتتصنم ملامحه وتُنحت روحه وكأنها تُعذب ببطء متلف!
فقد كان محتواها الصادم
جاسم، انا اسفة بس مش هاقدر استحمل اكتر، ارجوك ماتحاولش تدور عليا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة