قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا تعويذة غرام للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني

نوفيلا تعويذة غرام للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني

نوفيلا تعويذة غرام للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني

كتم صرختها بيداه بينما يداه الاخرى تتحسس جسدها بطريقة مقززة ويردد بصوت فاح منه الرغبة:
-انا كمان هاديكِ فلوس لو طاوعتيني، أسكتي أنتِ بس!
ظلت تهز رأسها نافية ودموعها تتسابق كجنود لا تملك سلاح في ساحة الحرب على وجنتاها...
خاصةً وهي لا تدري هوية ذلك الرجل ولاول مرة تراه منذ ان دلفت ذلك القصر!..
حاول تقبيلها وهو يهمس لها بصوت أشبه للفحيح:
-أنتِ جميلة اوووي، يخربيت جمال امك عليكِ جسم!..

ازداد بكاؤها وهو يجثم على جسدها يُعيق حركتها تمامًا، فلم يكن منها الا ان ضربته بقدمها بقوة من الامام فابتعد يصرخ بألم وهو يحاول كتمان صوته حتى لا يأتي على صوته احد...
فأسرعت هي تركض لتفتح الباب بسرعة تلتفت كل لحظة لترى إن كان يركض خلفها ام لا، لتصطدم بصدر صلب فصرخت بفزع ولكنه أحاط ذراعيها هامسًا بصوته الرجولي:
-هششش في ايه مالك اهدي؟!

ما إن تخللت حروفه الحنونة اذنيها حتى أنهارت على صدره تبكي وهي تحتضنه مرددة بلا توقف وشهقاتها تُزين حروفها المتقطعة كأكليل ذابل أسود:
-جاسم، انا خايفة اووي خدني من هنا والنبي ابوس ايدك
شعر بشيء غريب وهي بين أحضانه، شيء جعل داخله يهتز بعنف وكأن يحتضن امرأة ولاول مرة!..
نيران لا يدري من أي مزيج خُلقت لتنشب بين ضلوعه مطيعة لهب لمستها التلقائية، لا يدري ماذا يفعل..

لا يدري أي شعور ذاك الذي يهاجم جوارحه بقوة كأنه عدو لدود يقتحم دواخله، رغم انه يتحاشى لقاءها منذ ذلك اليوم!
الان يشعر ان هذان اليومان دهر كامل...!
فاحتضنها وهو يغمض عيناه بقوة بين ذراعيه العريضان يضماها له وهو يهمس برقة:
-ماينفعش تخافي وأنتِ ف حضني!
وبالفعل بدأت تستكين وهي تحتضنه خصره بطفولية مستمتعة بشعورها بالأمان بين تلك الضلوع...
ولكن إنتفضت فجأة مبتعدة على صوت زوجته الصارخ بغضب اعمى:.

-أنتِ يا حيوانة ابعدي عنه كدة، أنتِ نسيتي نفسك ولا ايه!
لا تعلم من أين اتتها الشجاعة لتجيب بتحدي:
-ده جوزي
عندها جن جنون تسنيم وهي تدرك أن تلك الفتاة لم تكن بريئة لدرجة الترحيب بالأهانة!..
فكادت تنطق ولكن جاسم قاطعها عندما زفر بقوة قائلًا ل كارمن :
-اسكتي خالص، وادخلي اعمليلي كوباية قهوة وهاتيها على مكتبي
ثم غادر هكذا وببساطة!

لتشعر كارمن بعلقم الاهانة يستقر في حلقها خاصةً وتلك تناظرها بأنتصار رافعة احدى حاجبيها وهي تغمغم بازدراء:
-ده مستواكِ الطبيعي، مجرد خدامة!
ثم إنصرفت كزوجها بعدما خدشت تلك الروح البريئة...!
وبالفعل إتجهت كارمن للمطبخ تحتجز تلك الدموع وبصعوبة في عيناها..
إنتهت ثم أخذتها وسط نظرات الخدم المتفحصة لها ولذلك الروب الطويل ذو النصف كم الذي لا يسترها سواه...
وصلت امام مكتبه مترددة لتفتح الباب وتدلف بهدوء...

وما إن رآها حتى تفجر كل غضبه كالشظايا القاسية في وجهها:
-أنتِ ازاي تدخلي من غير ما تخبطي الباب؟ هي وكالة من غير بواب! اتفضلي اطلعي بره وخبطي على الباب
وعندما وجدها متصنمة مكانها تشدق بسخرية قاسية:
-ولا هتقوليلي جوزي كمان؟
ثم عادت نبرته للجدية الحادة وهو يستأنف:
-افهميها كويس، أنتِ مش مراتي أنتِ واحدة بستخدمها عشان أخلف وبس. يعني وقتك معايا ينتهي اول ما يحصل حمل!

وبشيء من الغضب الذي يناقض كل كلامه القاسي أردف:
-وبعدين أنتِ ازاي تخرجي بالروب بتاع القميص كدة بس؟ ازااااي وأنتِ عارفة إن في خدم رجالة
هزت رأسها نافية ببرود تحاول استجماع هيئتها:
-دي حاجة ماتخصكش أنت مش جوزي عشان ابررلك!
شهقت بعنف عندما دفعها نحو الحائط بجسده ليسقط كوب القهوة ارضًا فيحيط جسدها بين ذراعيه عند الحائط، وبحركة مفاجئة أمسك برقبتها وكأنه سيخنقها ثم همس امام شفتيها:.

-لأ تخصني، كل حاجة فيكِ تخصني! وارجع تاني افكرك إنك زي أي حاجة اشتريتها بفلوسي وبقت بتاعتي انا!
بدأت دموعها تهبط، لاول مرة منذ أن رأته تبكي معلنة استسلامها وسط تلك المشاحنات!..
لتلين قبضته تلقائيًا، سقطت على الارض تبكي بحدة ضامة جسدها لها وتتمتم بهيسترية:.

-أنا تعبت، أنت بتعاملني كدة لية هو انا اذيتك ف ايه؟! انا عارفه إن انت اتجوزتني عشان تخلف بس، ومش طالبة الا انك تعاملني كويس! هو ده صعب؟ وبرضة عارفه إنك مضغوط وخايف على ابنك لكن انا كمان مضغوطة!
ارتجافة عميقة تلك التي اجتاحت روحه لبكاءها ام هي مجرد تهيؤات صنعها عقله الذي اصبح يفكر بأشياء غريبة؟!.
على اي حال هو لا يحتمل دموع أي شخص، لذا هبط ببطء لها يرفع رأسها المنكوسة وهو يهمس بصدق:
-أنا اسف!

رفعت عيناها التي بدأت تحمر من البكاء لتحدق بعيناه التي كانت مغموسة بدفء غريب يشل اطرافها كلما حدقت بها...
طالت النظرات بينهما، وهو مأخوذ بتلك العينان التي كادت تسحره، لينتبه لحروف اسمه من بين شفتاها وهي تهمس:
-جاسم!
همهم دون رد لتفاجئه عندما قالت بجرأة غريبة عليها:
-بوسني!
لا تدري ما قالت او كيف قالت حتى، ولكنها شهقت بصدمة عندما شعرت بشفتاه تلتهم شفتاها وكأنه ينتظر تلك الدعوة!..

يقبلها بتمهل عطش وكأنه لم يُقبل قبلًا ولن يُقبل بعدًا!
بينما أغمضت عيناها من فرط المشاعر التي اكتسحتها، شعرت وكأن فراشات رقيقة تداعب معدتها وهو يلبي ندائها بأرق وابطء الطرق!..

كانت تسنيم تجوب الغرفة ذهابًا وإيابًا تكاد تجن من التحدي الذي لمحته يتراكم بين نبرة تلك الفتاة...
خلال الشهر الذي كانت هي وجاسم يراقبونها فيه بالدار الذي تربت به كانت تبدو لهم بريئة، ضعيفة، هادئة دومًا وربما هذا ما شجعها على اختيارها!
ولكن يبدو ان تلك القطة ستُظهر لها مخالبها الان؟!..
امسكت بهاتفها تتصل برقم ما ليجيبها خلال دقيقة:
-ايوة يا ست هانم
اجابته صارخة تنهره:.

-ايوة يا متخلف، هو انا قولتلك تحاول تعتدي عليها لدرجة ان تخليها مرعوبة كدة؟ قولتلك حاول تأثر فيها واعرض عليها بس، افرض جاسم سألها دلوقتي؟!
ارتبكت نبرته وهو يتابع:
-انا آآ اسف يا ست هانم بس البت حلوة والشيطان شاطر
تأففت بضيق مكملة:
-خلاص غور بس أياك تظهر ادامها اليومين دول على الاقل
رد مسرعًا:
-امرك ياست هانم.

أغلقت الهاتف لتلقيه على الفراش وهي تتذكر عندما حملت هي وذاك الخادم كارمن ليضعوها في المطبخ بعدما أمرت الخدم بأشياء اخرى...
بحيث إن حدث اي شيء تصبح كارمن هي من أتت للمطبخ وحدث ما حدث!..
تأففت عدة مرات وهي تدب على الارض بقوة هامسة لنفسها:
-رفضت خالد يبقى هي وافقت على جاسم عشان شخصه مش عشان هو واحد كدة هايديها فلوس وخلاص!
رفعت حاجبها وهي تتوعدها بغيظ:
-ماشي ياست كارمن اما نشوف اخرتها ايه معاكِ!..

بعد مرور ثلاث أيام...
خرجت كارمن من الغرفة المخصصة لها، كانت تتطلع بعيناها بحثًا عن أي شخص، ولكن يبدو أن المنزل فارغ...
تأففت وهي تخلع ذلك الروب عنها لتصبح بقميص نوم فقط، كانت تسير بهدوء تام إلى أن لفت نظرها طفل صغير يسير بسكون غريب وببطء بلا وعي، للحظة كان سيهبط على السلم الطويل والعريض والذي لا يلائمه بالطبع!..
فركضت دون تردد نحوه لتحمله بسرعة قبل أن يسقط من السلم..

لم يعطي الطفل أي رد فعل لتعود هي به نحو الغرفة وهي تبتسم له بحنان متألمة ملامحه التي وكأنها نسخة طبق الاصل عن والده...
وعلى ذكر سيرة والده وجدت نفسها تبتسم بشرود وهي تتذكر تلك القبلة، قبلتها الاولى التي سرقها بأذن منها!
لمَ تشعر وكأنه وشمها بنيرانه فلن تستطع نيران اخرى محوه!؟..
تنهدت بقوة وهي تنظر لذلك الطفل مرددة:
-أنت عارف، انا بحسدك
كانت نظرات الطفل ساكنة وكأنه ينتظر التكملة فأردفت:.

-عندك عيلة، عندك أب بيخاف عليك، عندك أم تعرفها وتعرفك، عندك ناس خايفة عليك ويتمنوا إنك تبقى طبيعي! وعندك حاجات كتير اوي أنا بتمنى اعيشها يوم واحد بس حتى
ثم ابتسمت بسخرية، وبدت حروفها ثقيلة تخدش دواخلها مع كل مخرج لها وهي تقول:
-معندكش حد يقولك...
صمتت برهه تستجمع نفسها لتردف بعدها ممثلة ما قيل لها بشراسة:
-نفسي تموت، نفسي اقتلك بأيدي بس هروح فيك ف داهية، لو مُت انا هرتاح نفسيًا، ربنا ياخدك!

وفجأة قبل أن تكمل حديثها الساخر وجدت من يسحبها من ذراعها بعنف، لتتجمد ملامحها وهي ترى تسنيم التي بدت وكأنها جنت تمامًا وهي تصرخ بهيسترية:
-أنتِ بتدعي على ابني ونفسك تموتيه يا مجرمة يا حقيرة؟!
لتُنهي أخر حرف لها بصفعة مدوية على وجنتا كارمن التي شحبت وكأنها على وشك الموت!
ليأتي جاسم في تلك اللحظة تحديدًا ويزيد الطين بلًا!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة