قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة الفصل الثامن

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

كانت (هيلانة) تجول فى قاعتها كليث جريح، تتمتم بكلمات غاضبة:
-قتلوا تنيني.. الأوغاد، لن يفلتوا مني، سأريهم من أكون ومالذى أستطيع أن أفعله بهم...
قاطعتها (أوار) قائلة بصوت مرتبك:
-مولاتي!

توقفت (هيلانة) عن التجوال، ترمق (أوار) بتحفز، بينما قالت (اوار ) بلهفة:
-لقد وجدنا الساحرة (سيلين) ، يبدو أن تلك التعويذة التى تطلقها كي تختفي عن أعين سحرتنا قد زال مفعولها، ولم تنتبه.
قالت (هيلانة) بعيون تلمع:
-و أين هي الآن؟

قالت (أوار) :
-فى غابة (تبرزان) ، تتنقل بسرعة، بإتجاه نهر الخيزران الأعظم ومعها تلك اللعينة (ريتان).
قالت (هيلانة) بصوت كالفحيح:
-حسنا .. إذهبي الآن وتابعى تقدمها بحذر.

إنحنت (أوار) بإحترام قبل أن تغادر القاعة، بينما لمست (هيلانة) عقدها قائلة:
-لقد حان الوقت لزيارتك أيها الجني، ولكن تلك المرة أحتاج إلى بعض الخصوصية، فلدي الكثير من الأمنيات وعليك أن تحققها لى... جميعها.
لتلمع عيونها بالشر، عيون تليق ب (هيلانة) ، ملكة سحرة الظلام وتابعة الشيطان (ثالوث) .

قالت (ريتان) بسعادة وهي تتبع (سيلين) :
-لا أصدق أنهم وافقوا على مساعدتنا بتلك السهولة.

قالت (سيلين ) وهي تتحرك بسرعة:
-كانوا فقط يحتاجون لملكة، لرمز يجمعهم تحت رايته، ومن خير من نجمتهم (تارا) آخر سلالة الملكة (جيلان) ليتبعونها دون تردد، ويسيرون تحت رايتها ليحرروا مملكتنا من الظلام، ويعودون إلى أرضهم التى يعشقونها...

(أستيريا) ليست فقط مملكتنا كما تعرفين، بل إنها أرضنا الطيبة التى تمنحنا السحر والجمال، هي حضن دافئ يضمنا، وترياق لكل داء، هي أرضنا التى ان ابتعدنا عنها نزوي ببطئ، حتى نعود إليها فتعود إلينا الحياة... بقوة .

قالت (ريتان) :
-معك كل الحق.
لتصمت قليلا قبل أن تقول:
-ترى كيف حال ملكتنا الآن ؟وهل حصلت على عقدها؟
قالت (سيلين) بغموض:
-بل حصلت على ماهو أقوى من العقد بكثيير.
عقدت (ريتان) حاجبيها قائلة:
-أقوى من العقد؟!لا يوجد شيئ أقوى من عقد الملكة (جيلان) .

قالت (سيلين) بإبتسامة:
-بل هناك يافتاة... الحب، فالحب هو دفء القلوب، هو تلك المشاعر الجميلة التى تجعلنا ننبض بالحياة، هو السعادة فى أنقى صورها.
قد نعانق السماء حين نحب ونلامس النجوم، فالحب يجعلنا قادرين على فعل المستحيل.. نستطيع تغيير أقدارنا حتى، فقط إن وقعنا بالحب.
إبتسمت (ريتان) موافقة، تتبعها وهي تشعر بسعادة خالصة بدورها.

ظلام دامس يحيط بها، ولفحات من الهواء البارد تضرب جسدها، تجمدت دمائها وتحولت إلى صقيع، دارت عيونها بالمكان تبحث عنه فى ظل شعاع من الضوء الأحمر غمر المكان ليظهر هذا الشيئ يتلوى متقدما منها، حتى توقف أمامها بهيئته كاملة.
أضخم ثعبان رأته فى حياتها، وأغرب كائن على الإطلاق، ذا قرنين يخرجان من رأسه، و عيون حمراء يشقها خط أصفر لامع، صوت عميق يشبه الفحيح خرج من هذا الكائن وهو يقول بلهجة ممطوطة يشوبها الغضب:
-لماذا إستدعيتني أيتها البشرية فى هذا الوقت؟ألم أحذرك من قبل أن تفعلى ذلك؟

إنحنت (هيلانة) بتبجيل قائلة:
-عذرا سيدي، ولكن إستدعائي لك كان ضروريا، فلم أستطع أن أنتظر حتى المساء، سيفوت الأوان.
تمايل الكائن ببطئ قائلا بضجر:
-كفي عن الثرثرة وأخبريني عن هذا الأمر الجلل الذى أجبرك على إستدعائي.
إستقامت (هيلانة) قائلة:
-لقد قتلوا تنيني، هذا الكائن الذى أهديتني إياه عندما عقدنا إتفاقنا، وشارفوا على الوصول لمملكتنا، أحتاج مساعدتك.

تقدم الكائن بإتجاهها ببطئ وأحاطها بذيله الطويل قبل أن يشرف عليها مقتربا بوجهه المخيف من وجهها قائلا:
-من هؤلاء الذين تخشينهم إلى هذا الحد؟حتى أننى أشعر برائحة الخوف تنبعث من كل جسدك.
أطرقت (هيلانة) برأسها قائلة:
- (سيلين) وأعوانهاو... و...

لترفع عيونها وتواجه نظرات (ثالوث) المرتقبة تبتلع ريقها بصعوبة قبل ان تقول:
-و (تارا) .
خيل ل (هيلانة) أن (ثالوث) قد إزداد حجمه وهو يستقيم بوجهه يختفى هذا الشق الأصفر من عينيه وهي تتحول إلى ظلام تام يظلله بعض النقاط الحمراء، لتنتفض عندما هدر قائلا:
-وأخييييييرا.

كان يتقدمها مجددا شاهرا سيفه، يتطلع أمامه بحذر بينما تسير خلفه تتأمله بعشق، بقلب صار مالكا ومملوكا، تدرك بكل يقينها أنه حين إختار لها القدر (نوار) فارسا، كان يدرك أن العشق خلق لهما وحدهما دون غيرهما، كم تشعر بأنهما وجهان لعملة واحدة، يكملان بعضهما البعض، فإن كان (نوار) كتابا كانت هي اوراقه، وإن كان نهارا كانت هي شمسه وإن كان ليلا كانت هي نجمته..
 (تارا) و (نوار) ، ملكة وفارسها... إلى الأبد

تقدمت بإتجاهه ليشعر بيد تسللت إلى يده الحرة لتتخلل أصابعها أصابعه، توقف متطلعا إلى تلك التى جاورته بعشق قائلا:
- (تارا) إبقي خلفي كي أحميكي.

رفعت يده إلى خافقها تضعها عليه قائلة:
-إستمع إلى دقات قلبي لتدرك أنها تدوي عشقا وليس خوفا، لم أعد أشعر بالخوف مطلقا.. أثق بك كثقتي فى تلك اللحظة بأنى قادرة على إسترجاع مملكتي وقهر كل من يحول دون ذلك.

أثارته دقات قلبها، ونظراتها الساحرة التى تغلغلت إلى كيانه فبعثرته، فمال يقبل ثغرها بعشق، تاركا مشاعره الثائرة تقوده وتمنحه مايرغب به دوما فى رحابها، إمتزاج أنفاسهم العاشقة.

ابتعد عنها مرغما كي يستعيدا أنفاسهما الضائعة، ليطالع عيونها التى غشيتها نظرة ناعسة راغبة، إبتسم ممررا يده على وجنتها الناعمة قائلا:
-لا تغريني يافتاة وإلا لن نصل إلى مملكتنا أبدا.

بادلته إبتسامته بأخرى خجول، زادته عشقا، ليكاد أن يطيح بكل شيئ ويعاود تقبيلها حد الإرتواء ولكن صوت موسيقى عذبة تناهى إلى مسامعهما فأثار إعجاب (تارا) التى قالت بحماس:
-ما هذا الصوت؟ومن أين يأتي؟

إبتسم (نوار) وهو يمد يده إليها قائلا:
-تعالى معي، سأريكي.

تمسكت بيده يتجهان صوب الموسيقى حتى توقف (نوار) خلف إحدى الأشجار وهو يشير لها بالصمت، لتتطلع (تارا) إلى هذا الكائن العجيب بإنبهار، لقد كان مخلوقا يشبه وحيد القرن ولكن قرنه عملاقا .. به اثنان وأربعون قرنا مجوفا، يصدر من قرنه موسيقى عذبة شجية تجمع لها سائر الحيوانات، تقف بإجلال تستمع لتلك الموسيقى الملائكية.

قالت (تارا) بهمس:
-ماإسم هذا المخلوق وكيف يصدر قرنه تلك الموسيقى الرائعة؟
أجابها (نوار) بهمس مماثل:
-إنه (شادهافر) مخلوق سحري من مخلوقات مملكتنا، عندما تمر الرياح عبر قرنه السحري، تصدر تلك الموسيقى الخلابة فتسحر من يسمعها.
طالعت هذا المخلوق بإنبهار قائلة:
-إنها حقا نغمات...
صمتت حين وصلتها كلمته:
-ساحرة.

إلتفتت تنظر إليه على الفور فقد كانت نبراته تنطق بالعشق جذبت كل حواسها، وجدته يتأملها هي لا المخلوق، يسحرها بنظراته فتشعر بأنها تطير معه فى سماء السعادة، يكمل سحر تلك اللحظات نغمات رائعة.. تطوف بهما عشقا.

عادت عينا (ثالوث) كما كانت، حمراء يشقها خط أصفر لامع وهو يطالع (هيلانة) قائلا:
-كنتي تخفين عني هذا الأمر، أليس كذلك؟
قالت على الفور بثبات:
-نعم.
قال (ثالوث) بسخرية:
-تعترفين بثبات !ألا تخشيني أيتها البشرية الحمقاء؟

قالت بهدوء:
-بل أخشاك بالطبع، كنت مخطأة، ظننت أننى قد أستطيع الحصول على دمائها لنفسي، فأحصل على الخلود.. طمع أحمق نقع به جميعا بشر وشياطين، ولكني أعدك بأن لا أكرر هذا الخطأ مجددا، لا أنكر أني أريد الخلود مثلك تماما، ولكني بالتأكيد لن أخاطر بالموت فى سبيل الحصول عليه، لذا سأمنحك إياها على طبق من ذهب، إن منحتني القوة لأحكم (أستيريا) سنوات عديدة دون تهديدات لسلطاني.

تراجع برأسه مطلقا ضحكة ساخرة عالية، أثارت حنق (هيلانة) ولكنها لم تحرك ساكنا، و (ثالوث) يعتدل مطالعا إياها مجددا قائلا هدوء:
-تعجبيني يافتاة.
ليبتعد عنها مستطردا:
-حسنا، سأمنحك ماتريدين فى سبيل القضاء على (سيلين) وأعوانها، ولكن لا تقتلي (تارا) ، بل أحضريها لى حية.

لتضوي عينيه وهو يقول:
-أريدها حية لأتلذذ بقتلها بنفسي، ويالها من لذة تثير دمائي شهوة تخيلها.
نادته قائلة:
-انتظر، إمنحني ماأريد كي أهزمها وأحضرها إليك.
إلتفت إليها قائلا:
-فى يدك سوار.

نظرت (هيلانة) إلى يدها فوجدت سوار يحيط معصمها، نظرت إليه مجددا وهو يستطرد:
-إلمسي دائرته القرمزية و إلقى أوامرك فحسب وستتحقق، ولكن إحذري فلديك ثلاثة أوامر، إن فشلتي بعدها أصبحت روحك ملكي.

إقشعر جسد (هيلانة) ، فلامست السوار دون وعي، تلاشى (ثالوث) تدريجيا ومع إختفاءه، سمعت فحيحه الذى تردد فى الأرجاء:
-إحذري إتحاد الفارس مع مليكته، إمنعيه بأي ثمن.

فتحت (هيلانة) عيونها لتطالع حجرتها، رفعت يديها تطالع سوارها قائلة بإنتصار:
-لا تقلق ياصديقي، فإن كان فارسها (نوار) كما أخبرونى، فلن يقربها، فهو عدو للنساء منذ أن تخلت عنه والدته وإتبعت طريقنا، طريق الشيطان.

لتطلق ضحكة عالية شيطانية وهي تمسك سوارها تلمس دائرته القرمزية تأمر شيطانها بالأمر الأول، تبتهل أن يكون... الأخير.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة