قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة الفصل التاسع

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

الغابة قد تبدو ساكنة أحيانا، ولكنه سكون وهمي، فهناك صوت زقزقة العصافير يلوح بالأفق، أو صوت نسمات الهواء تداعب أوراق الشجر، أو صوت أنين الصخور حين تتخلل الرياح ثناياها، أو صوت أنفاس ثقيلة لحيوانات مفترسة تتربص بفرائسها..
الغابة لاتكن أبدا ساكنة كالقبور ..
فإن وجدتها هكذا فإعلم أنه السكون الذى يسبق العاصفة.

توقفت (سيلين) تنظر حولها بريبة فقالت (ريتان) :
-ماذا هناك يا سيدتي؟
قالت (سيلين) :
-سكون الغابة يقلقني؟
قالت (ريتان) بحيرة:
-لطالما كانت الغابة ساكنة، تلك هي طبيعتها.

قالت (سيلين) بحذر:
-لم تكن أبدا ساكنة كالقبور، إستمعي.. لا صوت لزقزقة العصافير، ولا حفيف لشجر، وكأن الغابة أصابها...
قاطعتها ريتان وهي تقول بلهجة مرتعبة ناظرة إلى نقطة خلف (سيلين) :
-سحر أسود.
إلتفتت ( سيلين) تنظر إلى مايرعب تابعتها، ليدب الرعب فى أوصالها بدورها وهي ترى مجموعة من الحيوانات المفترسة تقترب منهم، وعيونهم قد تغير لونها لتصبح حمراء... بلون الدم.

أطلقت (هيلانة) ضحكة ساخرة وهي تتابع مايحدث على بلورتها السحرية، قائلة بشماتة:
-أريني الآن أيتها البلهاء كيف ستتخلصين من حيواناتي التى زدتها شراسة وإفتراسا بسحري.
لتملس بلورتها بعيون تلمع قائلة:
-تمنيت لو كانت (تارا) معكما، ولكن لا بأس.. مازال لدي أمران، فصبرا جميلا أيها الحمقى.

أطلقت ضحكة أخرى وعيونها تزداد لمعانا ترى تلك الحيوانات تقترب من فريستها، تستعد فى أي وقت للإنقضاض عليها وقتلها... دون رحمة.

شعرت (سيلين) بقرب النهاية، فإن كانت تملك القوة والسحر للقضاء على بعض تلك الحيوانات، لكنها بالتأكيد لن تستطيع القضاء عليهم جميعا، لتلمع عيناها فجأة وقد تذكرت أمرا، فأسرعت تفتح حقيبتها بهدوء كي لا تثير تلك الحيوانات، تمسك بصدفة غريبة اللون والشكل، رفعتها إلى فمها وهي تحرك عقدها متمتمة ببعض الكلمات داخلها، تلقى بتعويذتها، تبتهل أن يستمع مخلوق الغابة لندائها بسرعة، أعادت الصدفة إلى حقيبتها وهي ترى إحدى تلك الحيوانات يستعد للإنقضاض عليها بينما يتحفز البقية لإفتراسهما، فحركت يديها بحركات متتالية تتبعها (ريتان) لتنطلق من أيديهما أشعة من النور أصابت بعض الحيوانات وأردتهم قتلى، فإشتعل غضب البقية وهاجمت كل من (سيلين) و (ريتان) ، تنوى قتلهما.. دون شفقة.

توقفت (تارا) فجأة فتوقف (نوار) بدوره ناظرا إلى ملامحها .. يراها تركز ناظريها على نقطة ما تعقد حاجبيها بحيرة، فقال على الفور:
-مابك حبيبتي؟
أشارت (تارا) إلى الأشجار قائلة:
-إنظر ( نوار ) إلى تلك الأشجار وأخبرني، هل تزداد فروعها كثافة؟أم يهيأ لى؟

نظر (نوار) إلى الأشجار ليعقد حاجبيه وهو يرى أن أفرع تلك الأشجار تزداد كثافة حقا وتستطيل، ليترك يدها شاهرا سيفه وهو يقول:
-بل هي كذلك بالفعل فإستعدي، تبدو كأفعال (هيلانة) ، وهذا يعني شيئا واحدا.
لمست (تارا) عقدها بقلق و (نوار ) يستطرد:
-أنها إكتشفت وجودنا وأصبحت ترانا وتحاول بكل قوتها القضاء علينا.
لينتفضا سويا وتلك الأشجار تتوحش ويظهر لهم عيون... بلون الدم.

كانت تحاربان بكل قوتهما، تطلقان أشعة النور لتصيب من ترتطم بها، تبعد الأذى عنهما، قبل أن تشعران بخوار قوتهما حتى كادتا أن يستسلمان لقدرهما .. ولكن فجأة كانت تلك الحيوانات تطير لتقع أرضا وتموت، فنظرتا لمن كان السبب فى إبعاد تلك الحيوانات عنهم وقتلهم واحدا تلو الآخر، فإذا بمخلوق يشبه الثور، ذو قرون كبيرة وذيل طويل، يمتلك قوة أسطورية، حيث بركلة واحدة منه كان يبعد تلك الحيوانات لتسقط على بعد مسافة بعيدة، وقد فارقت الحياة.
إنه (بوناكون) مساعد السحرة، هذا الذى لايؤذي البشر أبدا ولكنه فقط يؤذي من يحاول إفتراسهم.

توقف (بوناكون) أمامهما، يطالعهما بقوة فإنحنيا أمامه بإجلال قبل أن يستقيما مجددا، ليهز الكائن برأسه قبل أن يبتعد عنهما ويختفى من حيث أتى، لتقول (سيلين) بقلق:
-حمدا لله، هيا بنا.. علينا الإسراع، فما حدث يؤكد أن (هيلانة) تسخر كل قوتها للقضاء علينا والحول دون وصولنا إلى المملكة، ويعني ايضا أن تعويذتي قد فقدت سحرها فأصبحنا مرئيون لها، ولم يعد بإمكاننا الإختفاء عن بلورة سحرة الظلام، ولا وقت لدينا للذهاب وإحضار عشب لتعويذة جديدة، ف (تارا) قريبة جدا وحياتها قد تكون الآن بخطر.. هيا أسرعي خلفى.

لتهرول (سيلين) تتبعها (ريتان) بينما كانت هناك عيون تتبعهما بحنق، تصرخ بغيظ هادرة:
-لن تفلتا منى، سأسخر كل قوتي لأقضى عليكم... جميعا.

كان (نوار) يحاول بكل قوته أن يمنع وصول تلك الأفرع المتوحشة إلى حبيبته، تساعده بدورها بكل ماتملك من قوة، يضربان الأفرع بالسيف وكرات النور، فكانت تلك الأفرع تنكسر لينبت لكل فرع فرعان جديدان، شعرا بالإنهاك وبقرب النهاية، فى نفس اللحظة التى ظهر فيها كل من (سيلين) و (ريتان) ، يسرعان إلى جانبهما ويطلقان بدورهما أشعة النور على تلك الأفرع فتزداد، أصابت إحدى تلك الأفرع (نوار) فخضبت صدره بالدماء، شعرت (تارا) بالهلع، ولكنه أظهر لها أنه بخير وهو يواصل القتال بكل قوته، يخبرها بعينيه أنه لن يتخلى عنها أبدا ولن يرحل مهما كان ألمه، فمنحها القوة لتتطلع إلى محيطها، تبحث عن الخلاص، فما يفعلونه بالتأكيد يزيد الأمر سوءا ولا يبشر بالخير أبدا، تعلقت عيونها بجذوع الأشجار التى شعرت بها تنبض بالحياة، صرخت بقوة:
-إتركوا الأفرع، وإجتثوا تلك الأشجار من جذورها، هيا صوبوا نحوها بسرعة.

ليقوم الجميع بتصويب كرات النور على الجذور بينما يقطعها (نوار) بسيفه الساطع، لتقع الأشجار أرضا ترتعش للحظة قبل أن تسكن وتخبو منها الحياة، ليقضوا عليها جميعا بعد دقائق، ويهللوا بسعادة.

أسرعت (تارا) إلى (نوار) تحتضنه بقوة فتأوه بضعف، كادت أن تخرج من بين ذراعيه وهي تتذكر بهلع أنه مصاب ولكنه استبقاها بين ذراعيه قائلا بهمس فى أذنيها:
-راحتي فى وجودك بين ذراعي ياحبيبتي، فلا تسلبيني إياها.

إستقرت فى صدره هامسة بدورها:
-ولكنك مصاب، وتحتاج لعلاج.
ضمها بين أضلعه قائلا:
-تمنحيني إياه دون أن تدرى، وجودك على صدرى يسكن نبضات القلب، وأنفاسك القريبة منى تشفي الروح والجروح.

إبتسمت بحب وتسارعت نبضات خافقها لتبتعد على الفور حين إستمعت إلى (سيلين) وهي تقول:
- هيا أيها الفارس، لنعالج جرحك ثم نسرع إلى المملكة، فالقادم يحتاج إلى كل قوة لدينا كي نحارب الظلام ونهزمه، فقد آن الأوان .
أفسحت لها (تارا) الطريق على الفور لتبدأ (سيلين) بعلاج فارسها ... وحبيبها.

أسرعت (أوار) تلبي نداء سيدتها الغاضب لتدلف إلى الحجرة وتتوقف فى صدمة، تتطلع إلى محتوياتها المحطمة بالكامل، لتنتفض على صوت (هيلانة) وهي تقول بغضب:
-إستدعى سحرة الظلام، أخبريهم أن يجتمعوا و يستعدوا بكل قوتهم للقادمين، ف (تارا) آتية مع أعوانها، ولن أسمح لهم بإستعادة المملكة، أبدا.. لم يعد لدي سوى أمرا واحدا، لا تجبروني على اللجوء إليه .. وإلا أهلكتكم جميعا، إذهبى.. هيا، أغربي عن وجهي الآن.

أسرعت (أوار) تغادر الحجرة بخطوات مضطربة لتخبر السحرة بتعليمات مليكتها، تدعوهم لإجتماع عاجل، تشعر بالخوف يراودها وهي تشكك لأول مرة فى قدرة (هيلانة) على ردع (تارا) ، رغم إتحادها مع الشيطان نفسه من أجل ذلك، فلأول مرة تشتم (أوار) رائحة الخوف فى نبرات ملكتها منذ ان تولت أمر سحرة الظلام، تخشى أن يعود كل شيئ مثل الماضي فيحصل سحرة النور على مليكة تنهض بهم وتحميهم من جديد، تعيد إليهم سلطانهم وقوتهم بينما يعود سحرة الظلام إلى باطن الأرض يقتاتون فقط... على سواد قلوبهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة