قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة الفصل العاشر والأخير

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل العاشر والأخير

همهمات سرت بالقاعة لدى إعلان ( أوار ) عودة (تارا) إلى المملكة، لتتأمل (هيلانة) الوجوه المضطربة بإمتعاض.. نهضت ببطئ تتطلع إلى وجوههم قائلة:
-فلتعلوا أصواتكم وأخبروني بمايدور فى خلدكم، لا تضطروني لقراءة أفكاركم.

نهضت إحدى الساحرات قائلة بإضطراب:
-تقولون أن (تارا) عائدة للملكة وتطالبونا بالتصدى لها، إنها (تارا) إبنة الملكة (نشروان) ، وحفيدة (جيلان) أم السحرة أجمعين، لا قبل لنا بتلك المواجهة وإلا كان مصيرنا الهلاك يامولاتي.

قالت (هيلانة) بصوت كالفحيح:
-سحرة الظلام لا يهابون أي شيئ، حتى الموت.
قالت الساحرة بحزم:
-بل نهابه يامولاتي، لا أحد يرحب أن يفنى بين براثنه ولا حتى أنتى .

سرت همهمات موافقة بين الحضور فرمقتهم (هيلانة) قائلة ببرود:
-إذا ستتخاذلون.. تستسلمون بسهولة وتعودون لباطن الأرض تقتاتون على الظلام فقط، بعد كل هذا؟
لتشير بيديها حولها وهي تستطرد قائلة:
-ستعودون شرزمة تختبئ كالجرزان، تخضع فى خوف كما كنتم بالماضي أليس كذلك؟
قالت الساحرة بمرارة:
-الحياة بحد ذاتها حتى وإن كنا خاضعين أفضل بكثير من مجابهة الموت الحتمي يامولاتي.

طالعتها (هيلانة) بغضب قائلة:
-ما جعلني ملكتكم هو إصراري على تغيير أقدارنا البائسة، هو إيماني بأننا نستحق الأفضل، نستحق أن نكون ملوك العالم، ومازلت مصرة على ذلك .. أنا لا أخشى تلك ال (تارا) ، ولدي كل الرغبة فى مواجهتها، قتلت ملكة سحرة النور مرة وأنا على إستعداد لقتل آخر سلالة ( جيلان) بكل ما لدي من قوة.

قالت الساحرة بإصرار:
-قتلتيها بالحيلة، لم تكن تواجهك وإلا كان مصيرنا الهلاك، تريدين مواجهة الملكة، فلتفعلي .. ولكن نحن لن نفعل، فلا قبل لنا بها.
طالعتها (هيلانة) ببرود قائلة:
-بئس القرار إتخذتم.

لترفع يديها فجأة بإتجاه الساحرة تسحب روحها بينما إنتفض الحضور، وعيون (هيلانة) تتحول إلى اللون الأحمر، يدركون أن شيطانها الآن حاضرا.. معها.

توقفت (هيلانة) لتقع تلك الساحرة أرضا جثة هامدة زرقاء، لتتطلع (هيلانة) بعيون من الدم إلى وجوههم قائلة بصوت أثار الرعب فى أوصالهم:
-لن أقبل بوجود جبان بين صفوفي، إما أن تكونوا معي وتحاربون عدوكم بكل مالديكم من قوة، أو أحضر الموت إليكم وأسلب أرواحكم الفانية بيدي هاتين... الآن.

نهض جميع السحرة يقول أحدهما بوجل:
-بل معك يامولاتي.
ليقول آخر:
-كلنا معك.
بينما قالت إحدى الساحرات:
-أخبرينا فقط، ماذا نفعل؟

تطلعت إليهم واحدا تلو الآخر وهي تقول بعيون قد عادت إلى طبيعتها تظللهما نظرة شر خالصة:
-لا شيئ مطلقا، كونوا على طبيعتكم فقط، اقتلوا دون رحمة، أخرجوا الظلام من قلوبكم، ووجهوه إلى قلوب سحرة النور، فقط إفسحوا لى الطريق لأواجه (تارا) بمفردي.

لتلمس سوارها وهي تقول:
-وأنا قادرة تماما على هزيمتها وتقديمها قربانا لشيطاني.
لتومض عيونها باللون الأحمر، بينما تبادل السحرة النظرات فيما بينهم.

جاء الصباح وافترشت الشمس كبد السماء، ترسل أشعتها الذهبية لتبعث فى القلوب الدفء، تبعث الأمل...
الأمل فى أن يكون هذا اليوم هو يوم البشرى لكل سحرة النور وسكان المملكة..
أن يكون هذا اليوم هو يوم الخلاص .. يوم النصر بعد سنوات من الذل والهوان..

علم الجميع بوصول (تارا) إبنة الملكة الراحلة (نشروان) إلى المملكة، يتبعها أعوانها من سحرة النور، فإجتمع كل السحرة الذين رأوا فى (تارا) خلاصهم .
إتجهوا إلى ساحة السحرة حيث يجتمع الجميع إما فضولا ليروا مايحدث بين كل تلك القوى المتجمعة، وإما مؤازرين لأحد الطرفين.
إنتظر الجميع رؤية حفيدة (جيلان) ، تلك التى ظنوها قد ضاعت أو ماتت ولكنها عادت بعقد جدتها تبغى إسترداد ملكها وإرجاع سحرة الظلام إلى مكانهم الذى جاءوا منه..

كانت (هيلانة) تجلس على عرشها الذى إستقر فى آخر تلك الساحة، تتوسط أتباعها المتحفزين، ينتظرون ظهور تلك النجمة التى يعقد سحرة النور عليها آمالهم..

لتطل هي، تتطلع كل العيون إليها، تحيطها هالة من البراءة والجمال، تقبع فى عينيها نظرة جعلت كل سحرة الظلام يشككون فى نتيجة حرب اليوم، نظرة الإيمان بأن اليوم هو يوم عودة الحقوق إلى أصحابها، اليوم هو يوم إنكسار سحرة الظلام .. إنه يوم الإنتقام لكل أرواح المظلومين .

تقدمت (تارا) لتتوسط الساحة يجاورها فارسها (نوار) من جهة بينما على الجهة الأخرى منها وقفت (سيلين ) ، وخلفهم (ريتان) ومجموعة كبيرة من السحرة الفرار، يتقدم منهم آخر من تبقى من سحرة النور، ينضمون إلى صفوفهم خلف ملكتهم.

تطلعت (هيلانة) إلى هؤلاء السحرة واحدا تلو الأخر، حتى إستقرت عيناها على (تارا) ، تثير حنقها تلك النظرة الراسخة بعينيها، وكأن الحرب قد حسمت لصالحها، تمتزج فى تلك العيون البراءة بالقوة لتهز أركان المملكة وتبعث القلق فى نفس أتباع (هيلانة) ، فنهضت تقف على الفور قائلة ببرود:
-ما الذى جاء بك إلى مملكتنا أيتها الدخيلة؟

قالت (تارا) بهدوء:
-لست بدخيلة، أنا (تارا) إبنة الملكة (نشروان) حفيدة الملكة (جيلان) وآخر سلالتها، وريثة عرشها والأحق بالحكم منك أيتها المغتصبة الغادرة سوداء القلب والعقل.
قالت (هيلانة) بغضب:
-أتجرؤين على سبي أيتها البلهاء؟ستدفعين الثمن غاليا، غاليا جدا.

تحدتها (تارا) بنظراتها فتجاهلتها وهي تنظر إلى (نوار) قائلة:
-وأنت أيها الفارس الهمام، هل ستقاتل فى صفها؟!
ألا تكره النساء كما قلت سابقا لجميع رفاقك؟
ظللت شفتيه إبتسامة ساخرة وهو يقول:
-سأفعل، ولا شأن لك بما أقول أيتها اللعينة.

نهضت بغضب تسير مقتربة من إحدى الساحرات قائلة:
-ستفعل.. اممم.. ستحارب مع إمرأة بل وتبذل روحك فداؤها؟
لتشير إلى ساحرة وقفت أمامها قائلة بسخرية:
-ألم تتخلى عنك إحداهن؟
طالعهما (نوار ) ببرود قائلا:
-لست كلكن سواء..

ليمسك بيد (تارا) ناظرا إليها بحب فطالعته بدورها بينما يستطرد قائلا:
-فمنكن من هي مستعدة للتضحية بحياتها فى سبيل أحبتها، من هي مستعدة أن تزهق حتى روحها فى سبيل أناس لا تعرفهم فقط لتعيد إليهم حقوقهم.

ليتطلع مجددا إلى (هيلانة) الحانقة وتلك الساحرة التى خلت ملامحها من كل تعبير وهو يقول بسخرية:
-شرذمة منكن فقط بلا قلب أو ضمير إعتنقن الغدر مذهبا فأصبحت لكن الشرور عائلة، أباكن الغدر وأمكن الخيانة وأخواتكن الظلم والخراب، لا يحزن لفراقكن مخلوق بل يعدها نعمة يشكر الله عليها فى كل وقت.

أطلقت (هيلانة) ضحكة ساخرة، ثم قالت بخبث:
-إذا لن تحزن إن قتلتها.. أليس كذلك؟!

لتقوم بغرز السكين فى قلبها بسرعة فوقعت أرضا جثة هامدة، أطلق (نوار) صرخة مريرة وهو يرى والدته قتيلة أسفل قدمي (هيلانة) ، ليتقدم بإتجاهها فتمسكت (تارا) بيده، نظر إليها بأعين زائغة، فقالت له بعينين مغروقتين بالدموع، تشعر بهذا الألم الرابض بصدره:
-لا تمنحها ماتريد، هي فقط تريد إبعادك عنى، تريد أن تقترب منها فيسهل عليها قتلك ثم قتلي، تعلم أن فى وجودنا معا قوة لا قبل لها بها، لا تذهب (نوار) ، فنضيع معا وتضيع مملكتنا.

شعرت بجسده المشدود يلين مع كلماتها وعيونه تستقر رويدا رويدا، تثبت نظراته ويعود إليه رشده، يومئ لها برأسه، فبادلته إيمائته، ثم طالعا (هيلانة) التى رأت نظرات الحب تمتزج بالقوة فى عيونهم بينما رأت السخرية فى عيون (سيلين) مما أصابها الغضب لتقول موجهة حديثها إلى (تارا) :
-هراء.. دمك النقي.. نسبك وهذه الكلمات الفارغة عن الحب والوفاء، فليذهب كل شيئ إلى الجحيم حيث ستذهبين بدورك أيتها البلهاء أنتى وأعوانك الأغبياء، فمن الجنون أن تظنوا أنفسكم قادرين على هزيمتي وأنا معي شيطان الجن (ثالوث) .. هيا.. اهجموا سحرة الظلام، إذهقوا أرواحهم دون رحمة، إجعلوهم يدركون من نحن وماذا نستطيع أن نفعل بهم.

ليبدأ الهجوم وتنطلق كرات النور والنار فى كل مكان، ليشتعل الجحيم بالفعل بين جنبات المملكة.

كانت (هيلانة ) تشتعل غضبا، فرغم قوة سحرة الظلام إلى جانب قوتها إلا أنهم لم يحدثوا ضررا بالغا فى صفوف سحرة النور، يحميهم درع (تارا) التى أقامته حولهم ليصد أي محاولة هجوم من قبل أتباع الظلام، بينما سحرة الظلام قد تضررت صفوفهم بشكل خطير، ووقع منهم العديد من القتلى والجرحى..

خطت بضع خطوات بين جثث مخضبة بالدماء، تشتعل عيونها بلون الدم القاني، نظرت إلى (سيلين) التى تقتل مع الفارس (نوار) كل من يعترض طريقهما من سحرة الظلام، يحرسان ملكتهما كدرع لا يمس بينما تطلق (تارا) أشعة النور خاصتها فتصيب أهدافها بدقة لينهار كل السحر وتفشل كل التعاويذ.

ترى هل اقتربت النهاية حقا؟!

صرخت بكل قوتها:
-محاااال.
لتمسك إسوارتها تلمس حجرها القرمزي هادرة:
-آمرك أيها الحجر المسحور، أن تنادى الموتى من القبور، ليلبوا نداء مليكتهم صاحبة العهد المحظور.

ليلمع الحجر ويضوى بقوة، ثم إهتزت الأرض وإنشقت، توقف القتال والكل ينظر إلى تلك الشقوق ومايخرج منها لتتسع عيونهم بقوة وهم يرون جنودا تخرج من باطن تلك الشقوق تباعا.. جنودا من الموتى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة