قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

هتفت خيرية في انبهار و هي تنظر الى قفة عنايات الزاخرة اكثر من المعتاد: - الله اكبر، ايه الخيرات دى كلها يا عنايات..!؟
ابتسمت عنايات بفخر هاتفة: - انى اشتريت چاموسة يا ست خيرية، و كل حاجة من خيرها، اللبن و الجشطة و السمن البلدى
و الچبنة كمان بجيت اعملها لحالى، و فاطير و چبنة جديمة، ايه جولك..!؟.
انفجرت خيرية ضاحكة ليقاطع ضحكاتها.

سيادة المستشار هاتفاً بمزاح: - دى بقت مغارة على بابا يا عنايات، فطير و سمنة و قشطة و بيض، أحمدك يا رب..
علت قهقهات خيرية و هي تهتف: - صدقت يا عونى..
بينما نظرت عنايات في سعادة و لم تعلق ليهتف عونى من جديد: - عنايات تفتح المغارة بتاعتها و عونى يدفع طبعا..
هنا هتفت عنايات في مرح: - ربنا يخليك ليهم يا باشا و ما يحرمك من المجايب..

هتف عونى و هو يستعد لمغادرة المنزل: -تسلمى يا عنايات، انا نازل بقى يا خيرية
، عايزة حاجة..!؟.
هتفت خيرية في امتنان: - عايزة سلمتك يا عونى..
رحل و بدأت هي في انتقاء ما تريد من جعبة عنايات، لترحل عنايات بعد ذلك
بفترة قصيرة للسوق لتبيع ما تبقى معها
و قد انتشت فرحا من عدد الجنيهات التي.

تحملها في جيب جلبابها الأسود و قد ايقنت ان الدنيا بدأت تبتسم لها و لو قليلا و ذلك اثلج صدرها و اعتلت الابتسامة شفتيها اخيرا و التي غادرتها منذ رحل الغالى و لم تعود الا في تلك اللحظة..

صنعت الجاموسة في تلك الدار جوا اخر و حياة أخرى، أصبحت فردا غالى من الاسرة، يعتنى بها الجميع و يسهر على راحتها، و كيف لا، و هي كل رأس مالهن و ما يملكن من حطام الدنيا، و هي الوسيلة التي يؤمن بها حياتهن من شر الحاجة و العوز..
ابتسمت عنايات و هي تجلس تضفر شعر ابنتها الصغرى منى القابعة أسفل قدميها.

بينما دلفت سماح لصحن الدار قادمة من ذاك الباب الجانبى الذى يُفتح على الزريبة حيث موضوع بهيمتهن الوحيدة الغالية وهى تحمل سطل ممتلئ من اللبن تنوء بحمله هاتفة في سعادة: - الله اكبر ياما..
الجاموسة حلبتها زايدة و فايضة النهاردة..
هتفت عنايات متنهدة في راحة: - الحمد لله، فضل و نعمة، يا جابر خاطر الغلابة يا رب..
دق الباب لتنهض عنايات تفتحه ليطالعها احد الأطفال هاتفاً: - امى بتجولك عايزين.

كيلو لبن من حلبة الچاموسة يا خالتى..
و هتبعت لك تمنه لما ربنا يوسعها..
ابتسمت عنايات للطفل هاتفة: - حااضر، من عنايا..
و استلمت الوعاء الذى جاء به الطفل لتلملأه بما يزيد عن الكيلو الذى طلبته ام الصبى، و تناوله أياه..
هاتفة في مرح: - خد يا سيد الرچالة اللبن اهاا بس اوعاك تدلجه، و سلم لى على امك و جول لها تمن اللبن وصل يا غالية..

ابتسم الغلام و تناول الوعاء في سعادة و هو يسير الهوينى حذرا كى لا يهدر قطرة واحدة من حمله الغالى..
أغلقت عنايات الباب لتهتف نادية في حنق: - يعنى ياما طلب كيلو عطتيه أزيد و كمان متخديش فلوسه، مش احنا أولى..!؟.

صمتت عنايات للحظات و أخيرا هتفت بنبرة هادئة لابنتها: - يا بت جلبى، انتِ جاية على الفجير و تتشطرى، دى مَرة غلبانة عنديها كوم لحم، و احنا الحمد لله ربنا كارمنا، موعتيش لسماح وهى بتجول الجاموسة حلبتها زايدة ماشاء الله، ده رزجهم و ربنا بعته و خلانا سبب فيه..
اومال علام ايه اللى عتتعلموه لما انى الجاهلة اللى عجولك كِده..!؟.
زمجرت نادية كعادتها و انصرفت من امام أمها التي دعت لها بالهداية..

هتفت هنية في ضيق بعد ان وصلتها اخبار عنايات و ما جنته من وراء شرائها الجاموسة: - ايه يا محروس، هتسيب الولية مرات اخوك دى فضحانا كِده..!؟.
هتف محروس في لامبالاة و هو ينفس دخان نرجيلته: - و عيزانى اعملها ايه.!؟
ما تغور تعمل اللى هي عيزاه، المهم بعيد عنينا و مطالبش بجرش من ورث اخويا..
هتفت هنية بغل من جديد: - انت هتسبها يا راچل تعلم بناتها و تخليهم احسن من عيالك الرچالة اللى محدش فيهم فلح..!؟.

رد عليها من جديد مغيبا يشد انفاس النرجيلة و التى يعبق بدخانها الأزرق المكان: - متجوليش على عيالكِ كِده، و بعدين ما هو حسين ماشى في العلام تمام، أحمدى ربنا اهو واحد من التلاتة فلح..
صرخت في غيظ: - انت ناوى تجننى، و عهد الله لو متصرفت مع المَرة دى لهتشوف شغلك معايا..
زمجر محروس في ضيق منتفضاً: - طيب خلاص، يا ساااتر على وچع الراس، طيرتى الحجرين اللى بجالى ساعة بظبط دماغى بيهم..

هتفت تلح من جديد: - اه يعنى هتعمل ايه!؟.
هتف في نفاذ صبر: - انا مفيجش أفكر، جولى انت عوزانى اعمل ايه و انا اعمله عشان أريحك و أريح دماغى كمان..
زفرت هنية في ضيق تندب حظها في سرها على ذاك الرجل الذى اُبتليت به هي من دون النساء وهى بنت الأصل و الحسب بينما عنايات ابنة ذاك العامل في ارض ابيها خطفت قلب وهدان سيد شباب نجعهم و الذى ظل يهيم بها عشقاً حتى اخر أنفاسه..

تنبهت ان زوجها و اخر صبرها على وشك النعاس فهتفت فيه بضيق جعلته ينتفض ليتيقظ من جديد لتتلو على مسامعه خطتها
الجهنمية لتركيع عنايات و إذلالها..

تنهدت عنايات متعجبة، فما تشعر به غير طبيعى بالمرة، تقلبت على فراشها مسهدة
لا تدرى لما يجافيها النوم على غير العادة..
تشعر بأنقباض غريب بصدرها..
لم يعد هناك مجالا للنوم، فها هو الفجر يدق النوافذ و عليها ان تستيقظ لحلب جاموستها و إحماء الفرن الطينية التي تخبر فيها فطيرها و خبزها..
نهضت بالفعل من فراشها و ما ان اقتربت.

من صحن الدار حتى سمعت بعض الجلبة تأتى من باب الزريبة، شعرت بالخوف فهى وحدها و بناتها نيام بالداخل و لازال الوقت يعتبر ليلا لتستنجد بأحد من الجيران
حملت هراوة كانت لوهدان قديما و توجهت
تتمتم ببعض من ايات القران الكريم و الادعية لتدفع عنها خوفها..
دفعت باب الزريبة في بطئ و ما ان وقعت عيناها على جاموستها الغالية حتى صرخت في لوعة أيقظت كل من بالدار..

جاءت البنات تجرى على صوت صراخ أمهن، وقفن جميعا مزهولات و الجاموسة
ترقد على الأرض لا حراك فيها..
تقلب فيها عنايات و تهزها لعلها تستفيق لكن لا فائدة ترجى من جسد فارقته الحياة..
بكت عنايات و كذلك بناتها اللائي وقفن منتحبات في صمت و كأنهن في عزاء عزيز غال، كن يودعن الامل في الحياة الأفضل التي حلمن بها جميعا..
انتبه الجيران على صوت الصراخ القادم من دار عنايات ليندفع الرجال في سرعة.

باتجاه الدار لاستطلاع ما يحدث خاصة و ان عنايات وحدها دون رجل يزود عنها و عن بناتها ما قد يتعرضن له..

وقف بعض الرجال في حزن صامت بعد ما طالعوا مشهد البهيمة المسجاة ارضا و قد فارقتها الحياة، يعرفوا جميعا مقدار الفجيعة التي تعرضت لها عنايات..
تقدم احد الرجال باتجاه البهيمة يفحصها في ريبة و يقلب فيها بشك و أخيرا هتف محزونًا: - الله يعوض عليكِ يا ام سماح، و يجازى اللى عملها..
تنبهت عنايات من بين شهقات بكاءها على مضمون كلماته لتهتف في عدم تصديق: -بتجول اللى عملها، عمل ايه..!؟.

كان عقلها يستنتج مغزى تصريحه لكنها لم تكن لتستوعبه الا بقول قاطع منه، لذا هتف الرجل في سرعة: - البهيمة مسمومة يا ام سماح..
ضربت صدرها بكفها في لوعة و جحظت نظراتها و هي تهتف: - مسمومة..!؟، لا حول و لا قوة الا بالله، حسبنا الله و نعم الوكيل..
لحظات مرت عليها غير مصدقة لما يجرى ثم أخيرا أضاء عقلها لتعرف بل تتيقن من الفاعل، لم تشأ ان تثير جلبة اكثر من ذلك.

لذا مسحت دموعها في حزم شاكرة من جاء يطمئن و يشاطرها حزنها، لينفض أخيرا
الجمع فتغلق بابها خلف الجميع و تبدأ في التفكير، كيف لها ان تنتقم و تستعيد حقها و حق بناتها الضائع..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة