قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس

دق باب دار محروس عدة مرات متتابعة
لتصرخ هنية من الداخل في ضيق: - ما تفتحوا المخروب اللى عيخبط ده..!؟.
اندفع حسين ابنها الأوسط لفتح الباب ليطالعه وجه عنايات الباسم ليهتف الشاب في سعادة: - مرت عمى..!؟، اهلا، اهلا
اتفضلى..
افسح لها الطريق لتدلف لداخل الدار و هو لايزل يلقى بعبارات الترحيب و المودة..
ردت عليه عنايات بمودة مماثلة و تعجبت ان يكون مثل ذاك الشاب الصالح من نسل
محروس و زوجته الحاقدة..

قطع ترحاب حسين امه التي ظهرت تتمايل بغنج فاضح لا يتناسب مع سنها مطلقا مما دفع عنايات لتكتم ضحكاتها على مظهرها
هتفت هنية مدعية الفرحة: - اهلا بمرت الغالى، ازيك يا عنايات و ازى بناتك..!؟
و ضغطت هنية بخبث واضح على لفظة بناتك فلطالما عيرتها بانها لا تنجب البنين و ان خلفتها كلها بنات على خلافها هي التي رزقها الله ثلاثة ذكور دفعة واحدة..

ابتسمت عنايات و قد ادركت مغزى إشاراتها المبهمة كالعادة و ردت بنبرة كلها فخر: - بناتى زنين زى الفل، ربنا يبارك لى فيهم، هانت، سماح ثانوية عامة و سنة و تدخل الچامعة و تبجى أستاذة كد الدنيا و تحصلها نادية و منى..

تغير لون هنية التي ضربتها الغيرة العمياء كالإعصار من مباهاة عنايات ببناتها فهتفت بحنق يدلل على مدى حقدها: - انتِ جاية عايزة ايه يا عنايات..!؟، ورث..!؟، كلامك مع محروس مش معاى، و هو جالى انه سوى الموضوع معاكِ..
ثم استعادت نبرتها الخبيثة من جديد هاتفة باشفاق كاذب: - و ااه صُح، ربنا يعوض عليكِ في جاموستك..
هتفت عنايات و ابتسامتها لم تغادر شفتيها: - ربنا يخلف علىّ بغيرها عن جريب باذنه..

هتفت هنية باستهزاء: - منين..!؟، ده اللى اعرفه انك بعتى اللى حيلتك عشان تشتريها..
أكدت عنايات: - معلوم، بعت دهباتى عشان اشتريها بس البركة فيكم..
هتفت هنية بانتفاضة: - جولى كِده..!؟، انت چاية تستعطفى محروس يشتريلك بهيمة تانية، منين..!؟، مكنش يتعز يا ام البنات..
أكدت عنايات بثقة: - لاااه، انتِ مش واخدة لى بالك، محروس ملوش دعوة بالموضوع دِه، انتِ اللى هتشتريها..

انفجرت هنية ضاحكة و صوت ضحكتها الماجنة ترددت في ارجاء الدار لتهتف أخيرا: - شكلك اتجننتى يا عنايات و موت البهيمة كَل عجلك..
هتفت عنايات في هدوء: - بصى يا هنية..
البهيمة دى تمن انى اسيب لك جوزك تتهنى بيه، صدجينى انا بخدمك خدمة العمر، بس الظاهر انى كنت غلطانة..
انتفضت هنية لكلمات عنايات و صرخت في غل و غضب: - انتِ جصدك ايه يا مرة يا مجنونة انتِ..!؟، جصدك..

قاطعتها عنايات في ثبات مؤكدة: - ايووه، اللى فهمتيه و جه ببالك يا ام الرچالة، چوزك المحروس طلب يدى للچواز و انى اللى رفضت، بس تعرفى، شكلى كِده
هغير رأيي و أفكر تانى، و اهو يبجى البنات في ضَل عمهم و حمايته، و اروج انا لحالى..
امتقع وجه هنية و غاب عنه لونه ليحاكى وجوه الموتى و لم تنبس بحرف..

لتستطرد عنايات في جزل: - انى كنت كافية خيرى شرى و بصرف على بناتى و مش طالبة حاجة و لا عايزة حاجة من الدنيا و البهيمة اللى حيلتى كانت سترانا، دلوجت هروح فين و إجى منين بالبنات اللى في رجبتى، ضَل راجل يسترنى و يسترهم
و لا الحوچة، و اهو على الأجل راچل مش غريب، ده عمهم..

و نهضت عنايات في تثاقل تدعى الرغبة في المغادرة هاتفة: - انا عارفة ان ملكيش صالح بموت الجاموسة، بس محروس هو اللى عملها عشان يطاطى راسى و اچرى اجوله ألحجنى يا عم البنات، و اوافچ على الچواز و انا لا عايزة و لا بفكر حتى في الچواز، بس هجول ايه، أمرى لله..

و نهضت عنايات بالفعل متوجهة لباب الدار راحلة و هي ترى غريمتها تكاد تجن مما سمعت فهى تدرك تماما ان عنايات لم تكذب في حرف واحد و لطالما شعرت بميل محروس لها و طرق هذا الخاطر فكرها بعد موت وهدان و حذرها الكثيرون من حدوث ذلك و خاصة ان هذا العرف السائد بالفعل
ان يتزوج الأخ أرملة أخيه حتى يحتضن أبناء أخيه تحت جناحه و يتولى تربيتهم كابناءه و بالأخص لو كانوا فتيات..

هتفت هنية بصوت متحشرج تدعو عنايات للتمهل قبل ان تغادر: - عنايات..!؟.

توقفت عنايات و لم ترد او حتى تستدير لتواجها، لتستطرد هنية هاتفة: - هاتاچيلك الچاموسة لحد باب دارك و الناس كلها هاتعرف ان محروس هو اللى عوضكم بيها..
استدارت عنايات هاتفة: - و حج بناتى في ورث ابوهم..!؟.

هتفت هنية باستكانة تناقض تماما تلك النبرة المتكبرة الشامتة التي بدأت بها حديثها: - ورث بناتك مجدرش أتكلم فيه، محروس مش طوعى زى ما انتِ فاكرة، و بيعمل اللى يعجبه و اللى في شوجه، لكن بهيمتك دى هجيبها من مالى..
هتفت عنايات في راحة: - خلااص يا هنية
و ماله، دى جصاد دى، المهم تكفونى شركم و انا مش عايزة حاجة غير انى أربى بناتى..
هزت هنية راسها موافقة على كلام عنايات.

و كانها تعطيها عهدها بالا تقربها بسوء من جديد..
اندفعت عنايات خارج دار محروس تكلل وجهها ابتسامة راضية فقد استطاعت ان
تستعيد جزء من حق بناتها..

صدحت الزغاريد في بيت عنايات فها هي ابنتها الثانية نادية تنجح في الثانوية العامة
و في سبيلها للالتحاق بالجامعة لتلحق بسماح اختها الكبرى التي ألتحقت بكلية الحقوق و أصبحت في عامها الثانى..
كان اليوم هو يوم سوق و لم تستطع عنايات التأخر عن طلبات سيادة المستشار و زوجته، فأنطلقت تلبيها لكن نادية أصرت على مصاحبتها هذه المرة حتى تشترى ما يحلو لها مكافأة اجبارية لنجاحها.

و لم تستطع عنايات ان ترفض مطلبها بعد ان رفعت راسها عاليا بنجاحها..
دقت عنايات باب سيادة المستشار لتفتح خيرية في بشاشة كعادتها: - ازيك يا عنايات، ايه ده، مين القمر دى، بنتك!؟.
هتفت عنايات بفخر وهى تشير لنادية: - اه يا ست خيرية، بنتى الوسطانية نادية، نچحت النهاردة و جابت مجموع عالى و هتدخل الچامعة باذن الله..
هتفت خيرية في سعادة: - الله اكبر، ربنا يبارك لك فيهم يا عنايات و تشوفيهم عرايس..

هتفت عنايات: - الشهادة الكبيرة الأول يا ست خيرية و بعدين ياچى العريس..
فتحت خيرية باب شقتها و هي تجذب نادية من كفها: - مادام بقى فيها نجاح يبقى لازم يبقى في هدية للقمر ده..
هتفت عنايات بإحراج: - ملوش لزوم يا ست خيرية..
لكن خيرية جذبت نادية من كفها خلفها لداخل الشقة التي تطلعت نادية لأركانها مبهورة، حتى انها لم تنتبه و هي تلحق.

بخيرية لتصطدم بأحدهم يخرج من غرفة جانبية، تراجعت في ذعر و هتف هو باعتذار: - اسف..
ثم تساءل: - حضرتك مين..!؟.
ما ان همت نادية بالتحدث الا و ظهرت خيرية تستعجلها على باب حجرتها لتبتسم
في مودة لولدها الوحيد: - حسام، دى نادية بنت عنايات..

نظر اليها حسام من جديد غير مصدق ان تلك الفاتنة التي تقف أمامه الان أمها تلك السيدة المكافحة التي زادها الشقاء سنوات على عمرها الذى لم يتجاوز الخامسة و الأربعين على أقصى تقدير: - صحيح..!؟.

هزت نادية راسها بخجل و تبعت خيرية لحجرة نومها و التي فتحت خزينة ملابسها العامرة لتجذب منها بعض القطع و تضعها بين ذراعى نادية هاتفة بمودة حقيقية: - الحاجات دى غالية عليا يا نادية و انا لو عندى بنت كنت هديهالها لكن ربنا مرزقنيش الا بالباشمهندس حسام..
ابتسمت نادية في حياء و هي تتذكر نظراته لها و وسامته المفرطة عندما ابتسم في وجهها لتهمس: - ربنا يخليهولك يا ست خيرية..

أمنت خيرية خلفها و جذبت نادية من كفها عائدة بها لامها و التي دفعت نظراتها باتجاه خيرية القادمة من ذاك الرواق الطويل و خلفها ابنتها ذراعاها عامرة بما جادت به خيرية عليها، لكن ما استرعى انتباه عنايات و دق ناقوس الخطر داخلها
و شعرت انها أخطأت بجلب ابنتها معها هو رؤيتها لحسام يخرج من باب حجرته لتستقر نظراته على نادية و لا يحيدها عنها.

و الادهى هو ذاك التلويح الأخير الذى قام به تجاهها و هي تمر بباب حجرته و استدارة نادية اليه و ابتسامة تكلل محياها..
كل ذلك دفعها لتلقى بحاجات خيرية التي طلبتها في عجالة و تجذب ابنتها خلفها مغادرة و هي تلعن ذاك الحظ الذى جعل الباشمهندس حسام متواجد في إجازته التي يقضيها من عمله في كنف و الديه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة