قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

و بعد مرور ساعتان من الزمن، دق جرس المنزل معلناً عن وصول الضيوف، توجهت فردوس لتفتح الباب ويدلفا إلى الداخل قامت بالترحيب بهما، وكذلك فرحّت نشوي لرؤيتها فمنذ زمن لم تراهن..
جلست بصحبة شقيقها يزيد الذي كان فاره الطول ونحيف إلى حد ما، وله لحية خفيفة وعينان بنيتان واسعتان أيضاً وملامحه رجولية إلى حد كبير...
توجهت فردوس له بالحديث: أنارت منزلنا يا يزيد مرحبا بك...

إبتسم لها بوقار، ثم تابع هادئا: أشكرك، هذا نوركن.
أقبلت علىهم يمنى وألقت السلام ثم صافحت نشوي وعانقتها مُرحبة بها..
فأردفت نشوي في تساؤل: أين ياسمين؟
نهضت فردوس قائلة بإبتسامة: ستأتي حالا، وأنا سأحضر لكم عصير...
ثم إتجهت إلى غرفة إبنتها ودلفت لتقول بحنق: ما هذا ياسمين؟ أنتِ لم ترتدين ملابسك إلى الآن؟
حركت ياسمين رأسها وقالت بنفي: أنا لم أرتدي ثيابي ولن أخرج أيضاً!

إنفعلت فردوس قائلة: ماذا؟، إنهضي الآن وإخرجي لإبنة عمك وصافحيها!
تنهدت بضيق وقالت: هي ليست بمفردها، معها رجل غريب، وأنا لا أرغب في رؤيته..!
- ستلقي السلام علىه وإنتهي الأمر! هيا إنهضي يا ياسمين وإلا لن أتحدث معك مرة ثانية!
إنصاعت ياسمين أخيراً لوالدتها، ونهضت لترتدي ملابسها على مضض، بينما والدتها أحضرت العصائر وبعض الحلوي وتوجهت إلى نشوي وشقيقها، وبعد قليل خرجت ياسمين وهتفت في هدوء: السلام علىكم..

رد يزيد دون أن يرفع عينيه: علىكم السلام..
بينما نهضت نشوي لتعانقها وهي تقول بإنبهار: ياسمين! متي تنقبتي؟
إبتسمت واجابتها: تنقبت منذ عشر سنوات..
نشوي بإعجاب: ما شاء الله، الله يحميكي..
رفع يزيد عينيه عندما علم انها منتقبة، ليخفضها سريعاً بعد ذلك وإبتسم حين سمع صوتها تقول: شكرا يا نشوي، أنتِ كيف حالك؟

أومأت برأسها وقالت: الحمدلله بخير، لقد إشتاقت لكُن كثيرا، وجئت أنا وأخي لنراكن، ولكن كانت آخر توقعاتي آن أراكي مُنتقبة، أخبريني كيف تنقبتي ولماذا؟
أجابتها بثبات: تنقبت عندما عٙلمت آن النقاب عفة وستر، وعندما علمت آن كل جزء أقوم بتغطيته تتضاعف لي الحسنات والأجر، ثم تابعت بمرح: وأنا أُريد كُل حسنة ولست بغني عنها..

نشوي بإنبهار: رائع جدا، تعلمين ياسمين أنا أريد آن أرتديه ولكني أخشي أن يُقيدني ولا أستطيع أن أفعل شئ، حذرني الكثير منه، منهم من يقول لي، لن تأخذي راحتك، ومنهم من يقول ستخلعيه بعد ذلك وتتخلين عنه ولن تتحمليه أبدا..

تابعت ياسمين بتنهيدة: بالنسبة لي، العكس صحيح، أعتقد إني أصبحت حرة أكثر عن ذي قبل! همٔ يفكرون أنه تقييد للحرية ولكن في الحقيقة أنه لباس ساتر يعطيكي حرية، وأنا لم أشعر يوما أنني مقيدة بل بالعكس أنا أخرج وأتنزه مع بعض الصديقات ونضحك ونمرح ولم يكن أبدا عقبة في حياتي، كل ما في الأمر أنه عفة وفضل، وإقتداء بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
قالت نشوي بإعجاب: كلامك رائع ومقنع ياسمين.
إبتسمت ياسمين وفضلت الصمت.

وإبتسم يزيد بإعجاب ف كلماتها أصابت قلبه وصوتها الرقيق إخترق مسامعه.
إنتهت الضيافة وعاود يزيد مع شقيقته نشوي إلى بيتهما حيث يوجد شقة خاصة بهما أيضا بالقاهرة يقيما بها عندما يأتيا من مرسي مطروح.

جلسا سويا في شرفة المنزل يتناولا الشاي الذي أعدته نشوي...
إرتشفت منه رشفة ثم أعادت الكوب على الطاولة، وقالت بإبتسامة: إلى أين ذهبت يزيد؟
إنتبه يزيد الذي كان يحتسي الشاي بشرود، ثم قال: معك، ماذا تقولين؟
ضحكت نشوي ثم قالت: أقول، بماذا شردت!
مط شفتيه وتابع مردفاً: لم أشرد يا نشوي لقد كُنت أتناول الشاي ليس أكثر..!

ضيقت نشوي عينيها بمكر وتابعت: حسنا، أخبرني ما رأيك في زوجة عمي وبناتها، هل أعجبتك هذه الزيارة؟ أم هناك شئ لم يعجبك..؟
حرك رأسه نافياً وتابع: لا، على العكس هناك شئ بداخلي لا أعلم ما هو حينما ذهبنا لهذه الزيارة، وهذا الشئ تضخم داخلي حين سمعت صوتها وكلامها الذي إقتحم آذني إقتحامًا..
إبتسمت نشوي ولكنها عقدت حاجبيها في تساؤل: من؟ من هذه التي تتحدث علىها!

تنهد يزيد طويلاً وراح ينظر إلى السماء الصافية، ثم تفوه بإسمها ببطئ وكأنه يستشعر كل حرفاً فيه: ياسمين..
ردت نشوي بمرح: أقسم لك، أنني كُنت مُتيقنه من أنك ستعجب بها من الوهله الأولي.
رفع حاجباه وتابع بمزاح: ومن قال لكِ إنني أعجبت بها! هذا مُجرد شئ داخلي لا أعلمه..
أجابته مرددة: وهذا هو الإعجاب يا أخي العزيز، ولن تجد مثل ياسمين مهما بحثت فلنقول مبارك مُقدماً.

ضحك يزيد بتعجب: ما بكِ يا نشوي، أنتِ ترتدين إزاحتي من البيت!
شاركته الضحك وهي تقول من بين ضحكاتها: لا، ليس كذلك، كل ما في الأمر أريد أن أفرح بك وأراك عريس مع عروس صالحة، وفي الحقيقة لن أجد مثل ياسمين عروسا لك، هذه الفتاة متدينة وجميلة ومرحة أيضاً وبها صفات يتمناها أي شاب، ولكن نصيبها لم يأتي بعد..

أومأ يزيد برأسه وقال مؤكدا: وهذا ما شعرت به، حين سمعت صوتها وانصت إلى كلامها أصابني إرتجافة في قلبي وشعرت به يخفق بشدة فلا اعلم هل هذا إعجاب أم ماذا، ولكني شعرت بإرتياح منذ أن أتينا من منزلهن...
تحدثت نشوي بفرحة ظهرت على ملامح وجهها: جيد جدا، أنا سأذهب إليهن غدا، وسأخبرهن أنك ستتقدم رسمياً لياسمين وتريدها زوجة على سنة الله والرسول...
يزيد بإندهاش: بهذه السرعة..؟

أومأت نشوي: ولماذا التأخير، دعني أوفق رأسين في الحلال يا أخي العزيز.
ضحك يزيد وقال: معك حق، إذهبي ثم أخبريني بما حدث، وسأنتظر بفارغ الصبر!.

في اليوم التالي ذهبت نشوي إلى منزل عمها مرة ثانية، لتخبرهن أن يزيد، يريد أن يتقدم رسمياً، ولكنها صُدمت حين تلقت رد فعل ياسمين، ألا وهو الرفض التام!

قطبت نشوي جبينها وتابعت بإستغراب: لماذا يا ياسمين..؟ هل به شيئاً لم يعجبكِ!
تنهدت ياسمين قائلة بثبات: أنا لا أريد الزواج يا نشوي، أخيكِ شاب جيد، ولكني لا أريد الزواج أنا سأستقل بحياتي هكذا، سأستقل بها دون رجل!
تدخلت فردوس في الحوار قائلة بصرامة: ماذا تقولين ياسمين، هل جننتِ..؟ ما معني هذا الكلام، أنتِ تريدين موتي بالسكتة القلبية!

تابعت نشوي بتساؤل: حسنا، أخبريني ياسمين ما سبب رفضك للزواج، هل حدث شيئاً سبب لكِ عقدة؟
أجابتها يمنى سريعاً: نعم، حدث لها أن شخصا كاد أن يرتبط بها ولكنه تراجع و تركها خوفاً من أن لا تنجب مستقبلا بسبب تقدم عمرها فإعتقد هو أن المرأة التي قاربت على الأربعون عاما لن تنجب، ومن حينها وجُرحت ياسمين فإلتمسي لها العذر يا نشوي..

إبتسمت نشوي ثم قالت بهدوء: وما ذنب البقية..؟ إذا مررتي بهذه التجربة فلابد أن تكوني اقوي عن ذي قبل! وليس العكس.
زفرت ياسمين وتابعت: نعم أنا أقوي بالفعل عن ذي قبل، ولن يهزني أي شئ!
- لا، لقد إهتزيتي ياسمين رفضك للزواج الآن ما هو إلا ضعف ولا يوجد سبب مُقنع أو مُبرر لرفضك ذاك.
صمتت ياسمين ولم ترد، بينما أومأت يمنى بتأكيد: معك حق يا نشوي..

نهضت نشوي، ثم قالت متنهده: حسنا ياسمين سأتركك الآن، خذي وقتك وفكري جيدا، ثم بعد ذلك أخبريني بقرارك النهائي. ولا تحكمين على شخص وأنتِ لا تعرفينه، لابد أن تتحدثين معه على الأقل حتى تحددي هل موافقة أم رافضة! والآن أستأذن منكن وسأنتظر ردك ياسمين.
أوصلتها فردوس إلى باب المنزل ثم خرجت لتعود تعنف إبنتها على ما قالته بضيق شديد..

- أنتِ غير طبيعية ياسمين، منذ متي وأنتِ تحكمين على أي شخص دون أن تتحدثين معه؟ لماذا أنتِ مُصرة على دفن ذاتك بالحيا!
نهضت ياسمين وإتجهت إلى غرفتها بصمت وقد ترقرقت العبرات في عينيها، أغلقت باب حجرتها خلفها ودلفت لتجلس على الفراش وبداخلها صراع، فمن الممكن أن تتزوج ولن تنجب! ومن الممكن أن يرزقها الله بكُل ما تتمني، هو غيب لا نعلمه فلما نسبق الأحداث؟!

تركت لدموعها الحارقة المجال أن تنساب فوق وجنتيها، هي تخشي القادم وبشدة، لا تريد أن تنجرح مرة ثانية لطالما جُرحت من قبل فالبطبع يزيد سيكون مثل طارق!

هكذا كان عقلها يصور لها الأوهام! ثم أفاقت على صوت الباب وهو يُفتح ثم ينغلق وتتجه والدتها إليها، لتجلس إلى جوارها وهي تقول بحنان: لقد قلت لكِ ياسمين أريد أن أراكي قوية كما تعودت دائما أن أراكي، ولقد وعدتيني بأنكِ ستكونين قوية لن يأثر علىكِ أي شئ فما الذي حدث الآن..؟

جاهدت ياسمين في نطق الكلمات فخرجت منها بصعوبة وهي تقول بصوت متحشرج ٍ: إنني أخشي يا أمي، أخشي أن أنجرح مثل ما حدث معي من طارق، ويأتي اليوم الذي أجد فيه نفسي محطمة، إذا قولي لي كيف إذا أصبحت عاقر؟ سأكون حينها ظلمته معي وقضيت على أحلامه..
إنفعلت فردوس قائلة:
ما هذا الكلام السخيف ياسمين؟، أنتِ التي تقولين ذلك، تعلمين جيدا أن كل شيئاً في يد الله جل في علاه، وأنتِ تؤمنين بذلك تماما فماذا حدث لكِ الآن؟

لم تجد أي رد منها، فتنهدت بعمقٍ وأردفت بحزم: سأتركك تُفكرين ياسمين جيدا، وستتقابلين مع يزيد وتجلسا لتتعرفي علىه أكثر من ذلك وبعدها أياً كان قرارك سنتقبله..
تركتها وخرجت لترفع رأسها للاعلى حيث توجهت إلى خالقها بالدعاء وتوسلت إليه بأن يجعل لها الخير.

علم يزيد برفضها، فأصابه الإستغراب وأردف بجدية: لماذا؟ لماذا رفضت!
أجابته نشوي: عٙلمت من شقيقتها يمنى، أنها جُرحت من قبل شخص تقدم لها منذ فترة قصيرة وهي أخبرتني أنها تريد العيش بدون رجل.
تنهد يزيد بيأس واردف: هي رفضت رفض تام؟
أومأت نشوي برأسها ثم قالت: مع الأسف، لكني أحببت أن أتركها على راحتها حتى تُفكر قليلاً فربما تغير رأيها وتعيد النظر في هذا الموضوع.

يزيد بهدوء: حسنا، تواصلي معها يا نشوي وأخبريني بردها بعد التفكير، وأخبريهن إني مُصر على مقابلتها ف ليس من حقها الرفض دون أن تتكلم معي وبدون رؤية شرعية أيضاً!
- حسنا يزيد سأخبرهن!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة