قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس والأخير

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس والأخير

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس والأخير

مر إسبوع كامل.
بعد إلحاح فردوس الدائم على ياسمين وافقت أخيرًا على مقابلة يزيد رغما عنها وحينما علمت أنه مُصر على مقابلتها تعجبت له، وتساءلت لماذا يُصر كل هذا الإصرار..!
وقفت أمام المرآة تعدل من نقابها ذو اللون البني وملحفتها البنية أيضا..
لتتفاجئ بشقيقتها يُمني تدلف وهي تقول بمرح: لقد وصل يزيد بصحبة شقيقته، هيا لنخرج ياسمين..

خرجت معها ياسمين بثبات رغم التوتر البالغ والإرتباك الشديدين اللذان يجتحانها..
ألقت السلام، وجلست بجانب والدتها، لتقول نشوي بإبتسامة: مرحبا ياسمين كيف حالك؟
أجابتها ياسمين بهدوء: الحمدلله..
ساد صمت متوتر بين الجميع، ليتبادلون الحوار لمدة دامت ساعة، إلى أن قالت فردوس أخيرا: هيا لنتركهما سويا، يا نشوي، هيا يا يمنى..
توترت ياسمين بشدة، وصمتت طويلا لم تجرؤ على التفوه بكلمة واحدة.

سمعت صوته الهادئ ينطق بإسمها وهو يقول بخفوت: كيف حالك ياسمين..؟
أردفت بتلعثم:
آآ الحمدلله، بخير
إبتسم وقال: أدام الله حمدك، ثم صمت لبرهه ليتابع بثبات:
هل أنتِ غاضبة؟
ردت سريعا: لا ولماذا أغضب!
تابع مبتسما: لأني قد علمت أنكِ ترفضين الارتباط بي، ومع ذلك أصريت على مقابلتك.
صمتت مرة أخرى فقال يزيد بفضول:
هل بإمكاني أن أعرف سر رفضك النهائي لي دون حتى أن تتعرفين على شخصي؟..
إزدردت ريقها بصعوبة ثم قالت:.

- لأني أريد الارتباط!
سألها مرة أخرى: لماذا؟
زفرت أنفاسها وتابعت هادئة: سأخبرك في نهاية جلستنا!
أومأ برأسه موافقًا ثم تابع: حسنا، هل لديك أسئلة؟
قالت بإيجاز: أريد أن أعرف من هو يزيد بصراحة تامة!
قال بإبتسامة صافية: أبسط خلق الله، هو إنسان ليس لديه سوي شقيقته وعمله ولدي أصدقاء أيضا..
أحاول جاهدا أن أفعل ما أمرني الله به، ولعل الله يتقبل مني صالح الاعمال.
سألته بجدية: ماذا تعمل..؟

تنهد وأردف: أعمل محاسبا في أحد الشركات.
قالت بهدوء متساءلة مره اخرى: كم عمرك؟
رد بنبرة جادة: ثماني وثلاثون.
-لماذا لم ترتبط إلى الان؟
-لقد أقدمت منذ فترة على مشروع زواج لكنه لم يتم!
-لماذا؟
- لم نتفق على الاطلاق فقررت الإنفصال.
أومأت برأسها وصمتت ليستكمل يزيد: هل تريدين معرفة اشياء أخري؟
قالت بصوت مرتجف: هل أنت تحب الأطفال؟
إتسعت إبتسامته قبل أن يردف بمرح: لا أحبهم بل أعشقهم عشقا!

تنهدت بضيق وأطرقت رأسها للأسفل، فراح يزيد يسألها بقلق: ما بكِ؟
رفعت رأسها ثم قالت بثبات: أنا من الممكن أن لا أنجب اطفالا لأني قاربت على الأربعون عاما ولهذا السبب أنا أرفض الزواج وبعد ان تأكدت الان انك تعشق الاطفال فلن اخاطر واتزوج وأكون بعد ذلك مصدرا لتعاستك! رجاءا تقبل رأيي
ذهل يزيد الذي أردف بحسم: ومن قال لكِ هذا الكلام؟ هل أنتِ تدخلين في علم الغيب؟
أجابته بعد أن تنهدت طويلا:.

- لا ليس كذلك، ولكن هذا ما قاله العلماء والأطباء.
تابع يزيد بإتزان:
ومن هم الأطباء؟ إن الله يقول للشئ كن فيكون! كما أن قول الأطباء ما هو إلا إحتمالات، وحرام شرعا الذي تقولينه الان ياسمين كنت أحسبك أكثر تدين!
أطرقت رأسها مرة ثانية، ولقد شعرت بالخجل من كلامه ذاك فانها تعلم جيدا ما يقوله، هذا علم عند الله فمن نحن حتى نتوقع أو نحدد مصيرنا بأيدينا!

-الكثير من الفتيات الصغيرات في العمر تزوجن ولم ينجبن ياسمين!
أردف يزيد بهذه الكلمات بجدية تامة في حين تابعت ياسمين بصوت خافت:
- معك حق! ولكني أريد أن أعلم منك، ما موقفك إذا لم يرزقك الله بالاطفال مستقبلا؟
أجابها بصدق: سأرضي بما كتبه الله لي ولن أعترض.
ثم إستكمل حديثه: هل لديك أسئلة أخري ياسمين؟
حركت رأسها نافية ثم قالت بهدوء: لا، تفضل أنت وإسالني.

رفع أحد حاجبيه ثم قال في تساؤل: هل إذا تزوجنا، وإكتشفتِ بعد ذلك أنني لا أنجب، كيف حينها سيكون رد فعلك؟.
أجابته دون تردد ؛ سأصبر، وأدعِ الله أن يرزقنا.
سأله مجددا: ولن تتخلين عني؟
حركت رأسها باعتراض: بالتأكيد لا!
- وأنا مثلك سأدعي وأصبر هل توافقين علىا الان؟
توترت بشدة وهي تفرك كلتي يديها في بعضهما، فقال يزيد متفهما: سأتركك تفكرين، ثم تابع مازحا: ولكن لا تتمادي فانا سأنتظر بفارغ الصبر.

قالت فجأة وكأنها تذكرت شيئاً: أنت لم تراني!
ضحك بخفوت ثم قال هادئا: شعرت أنكِ لا ترغبين في ذلك، وسأتركك أيضا على راحتك ياسمين.

مرت الأيام، قامت ياسمين بصلاة الاستخارة وشعرت بالارتياح الشديد نحو يزيد واخيرا وافقت على الارتباط، الجميع سعد بموافقتها تمت خطبة بسيطة عائلية أيضا حتى مر ثلاثة أشهر كاملة، كانت فترة الخطبة فترة مريحة جدا لكلايهما، فلقد وجدا التوافق والتفاهم بينهما..
أصر يزيد أن يتزوجا فلا يوجد عقبة الان، وبالفعل استجابت ياسمين لهذا القرار وبكل سعادة...

تزينت في ذات يوم من الأيام، حيث إرتدت فستانها الأبيض ونقابها الابيض أيضا بعد وضعت مساحيق التجميل كأي عروس لكنها لم تظهر زينتها تلك وأخفت كل شيء حتى عينيها الجميلتين..
لم يراها يزيد إلا حين تم عقد القران في أحد القاعات الخاصة بالافراح الاسلامية، وسط بهجة وسعادة الجميع، أمها وشقيقتها وابنة عمها، كلا منهن ستطير فرحا بالعروسين.
أصبحت ياسمين زوجة يزيد شرعا..
توالت الايام إلى أن مر شهر..

شهرا كاملا وهما يعيشان بمودة ورحمة كما أمر الله.

جثت على ركبتيها ذات يوم ساجدة تبكي، بكاءا متواصلا وهي تردد فقط: الحمدلله، الحمدلله.
إنتهت من الصلاة ليهرول يزيد الذي آتي من عمله الآن، سألها بهلع: ياسمين، ما بكِ حبيبتي..؟ لماذا تبكين؟
قالت من بين بكاؤها وهي تمسك كلتي يديه بيديها المرتجفتين: يزيد إني حامل!
إتسعت إبتسامته وهو يتنهد بارتياح: وهل تبكين لآنك حامل؟ لقد فزعتيني حبيبتي!

أغلقت عينيها وقالت ببكاء: لقد كنت خاطئة تماما يزيد، عندما ظننت انني لن أنجب، فها لقد رزقني الله بل وضاعف لي الرزق!
نظر لها متسائلا لتقول بابتسامة واسعة: سأنجب طفلان، يزيد هذا الذي ظهر في التحاليل الطبية.
عانقها بشدة وهو يحمد ربه على هذه النعمه وكذلك فعلت ياسمين، التي ندمت على كل لحظة حَزنت فيها، فالله قد يُأخر شيئاً ليضاعفه لك ويجعلهم يتعجبون لما وصلت إليه هؤلاء الذين كانوا يسخرون منك ذات يوم!

جلست معه ذات يوم في شرفة منزلهما يتسامران كعادتهما دائما..
أردف يزيد بملاطفته المعهودة:
أحبك ياسمين، هل أخبرتك اليوم بحبي لكِ..؟
ضحكت برقة وهي تتابع: أنت تخبرني في اليوم عشرون مرة يزيد!
إبتسم لها وقال غامزًا: الدور علىك إذنِ، هيا أخبريني أنتِ أيضا.
تنهدت بعمقٍ وراحت ترفع وجهها إلى السماء ثم تفوهت بخفوت:
- أحبك يزيد بعدد دقات قلبي أحبك حبيبي.
أدار وجهها إليه ثم قال بإبتسامة جذابة: هل أخبركِ سرًا؟

أومأت في هدوء. ، ليتابع بصوتٍ هادئ ونبرة حانية:
- عندما تقتربين مني، أشعر وكأن دنياي أصبحت معطرة برائحة الياسمين.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة