قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

بعد مرور يومان..
جاءت نهلة تُخبر صديقتها ياسمين آن إبن خالتها طارق يريد أن يتقدم رسمياً لخطبتها، فتعجبت قليلا ياسمين وهي تتساءل: إبن خالتك!، أين رأني؟
نهلة بإبتسامة متحمسة ؛: عندما كنتِ في خطبة إبنتي، لقد لفتِ إنتباهُ وآتي إلىّ على الفور ليسألني عنكِ وقلت له أنكِ زميلتي وقال لي آن أخبرك أنه يريد أن يتقدم لكِ رسميا.
تنهدت طويلا ثم أردفت: حسنا، ماذا يعمل؟ وكم عمره؟.

أجابتها نهلة هادئة: من نفس عمرنا، يبلغ خمس وثلاثون عاما يعمل مهندس بأحد الشركات وله دخل جيد ويملك شقه ومقتدر إلى حد ما..
أومأت ياسمين قائلة، : وماذا عن عبادته؟ قولي لي بصراحة يا نهلة، هو مواظبا على صلاته وأولي أولوياته أم يُأخرها إلى آن يتفرغ لها..؟

أجابتها نهلة سريعاً: لا أقسم لكِ أنه محافظا على صلاته وعلى قدر من التدين ولذلك تقدم لكِ لانكِ أنتِ من لفتِ نظره من بين جميع الفتيات الحاضرات، نحن عرضنا علىه الكثير من الفتيات ولكنه كان يرفض لتبرجهن أو جراءتهن الزائدة كان يبحث عن من تكون مُحتشمة مثلك، وما إن وجدكِ قرر أن يتقدم لعلكِ تكونِ نصيبه وحلاله..
صمتت ياسمين فتابعت نهلة في تساؤل: ماذا قلتِ؟ هل تسمحي له أن يأتي ويتقدم لكِ رسمياً؟

ردت ياسمين بهدوء: سأخبر أمي أولا يا نهلة وسأخبرك بعد ذلك.
أومأت نهلة قائلة: حسنا..

بالفعل أخبرت ياسمين أمها بذاك الخبر فسعدت فردوس ورحبت بل وتهللت أساريرها، وحمستها على أن تحدد موعد مع صديقتها نهلة حتى يأتيا إلى المنزل، وكذلك فعلت شقيقتها يمنى...

وفي ذات يوما من الأيام، جاء طارق إلى منزل ياسمين بصحبة إبنة خالته نهلة، رحبت فردوس بهما ولكنها تساءلت بتعجب نوعا ما: أهلا يا إبني أنارت، ولكن أين والدتك أو والدك، لماذا لم يأتي أحد منهما معك؟.

أجابها طارق بصوتٍ مُهذب: والدي متوفي، وأمي لم تعد قادرة على الخروج من البيت كثيرا، ستأتي معي في المرة القادمة إن إتفقنا اليوم، بعتذر أنها لم تأتي معي، أنا فقط أخاف علىها وعلى صحتها، فأصريت أن تبقي بالمنزل حتى لا تتدهور صحتها..
إبتسمت فردوس وقالت بهدوء: بارك الله فيك، الله يرزقها الصحه...
طارق بتأمين: آمين، أشكرك.

- دلفت يمنى إلى غرفة شقيقتها وهي تقول بمرح: ياسمين، ياسمين، عريسك وسيم للغاية، مثل القمر تماما، هذا أخر صبرك..
ضحكت ياسمين على كلام شقيقتها وتابعت: أضحكتيني يا يمنى، وهل سأوافق علىه أنا لشكله ووسامته..! فلنفرض أن أخلاقه سيئه مثلا..؟
زفرت يمنى بحنق وتابعت: ياسمين أنتِ مُعقدة جدا، الرجل يبدو علىه الرجولة الطاغية وخفة الظل أيضًا، كُوني مرحة أكثر من ذلك ياسمين، وإلا سيهربُ منكِ!

تنهدت ياسمين بتوتر بعض الشئ وتابعت: أمرك يا يمنى هانم، هيا لنخرج، قولي لي نقابي معتدل؟.
أومأت يمنى رأسها وتابعت بمزاح: نعم معتدل يا شيخة ياسمين..
إتجهتا الأختان إلى الخارج حيث يوجد طارق ذلك الشاب الوسيم صاحب البنية القويه والبشرة البيضاء والعينان السوداوتين...
إبتسم حين وجدها تقبل علىهم، وهي تقول بصوتها العذب: السلام علىكم
رد علىها قائلاً في هدوء: وعلىكم السلام ورحمه الله وبركاته..

وكذلك ردت نهلة السلام، لتجلس ياسمين و بعد قليل من التحدث في أمور كثيرة خاصة بالزواج...
تركوهما على إنفراد قليلا، كانت ياسمين تفرك يديها بخجل شديد وإرتباك ملحوظ، فأحب طارق أن يخفف من ذلك الشعور قليلا فأردف قائلاً بمرح: إحم، حسنا، أريد آن آراكِ إذا سمحتيلي يا سيدتي!

أخذت نفساً عميقاً قوياً لتحاول جاهدة السيطرة على توترها البالغ، ثم زفرته بهدوء وبيدها المُرتعشة رفعت النقاب عن وجهها المتورد بشدة ولاتزال تنظر إلى الأرض بخجل شديد...

إبتسم طارق بإعجاب وهو يتفحص بعينيه ملامح وجهها الجميل، وجنتيها المتوردتينِ اللتين أصبحتا تشبهانِ حبات التفاح الأحمر، عينيها العسليتين بلون العسل الصافي، أنفها الصغير وشفتيها المحمرتين أثر خجلها، تنهد طارق بعمقٍ وخرج الكلام من فمه تلقائياً: ما هذا الجمال؟! لم أتوقع أنكِ جميلة إلى هذا الحد أبدا...

أنزلت ياسمين بسرعة النقاب كما كان على وجهها لتتحدث بثبات: إذا سمحت نحن لا تربطنا أي علاقة شرعية فلا داعي لهذا الكلام..
تنحنح بحرج وقال: آسف، لم أقصد، تحدثت تلقائياً فقط..
ثم تابع: تفضلي إذا كنتِ تريدين معرفة أي شيئاً عني..
أومأت ياسمين رأسها وقالت: نعم أريد، أريد أن أعرف كيف يكون يومك، بمعني ماذا تفعل منذ أن تستيقظ صباحا، إلى أن تنام ليلا، ورجاءا كُن صريح معي..

عقد طارق ساعديه أمام صدره وإستند إلى ظهر المقعد وقال في ثبات: ، حسنا، أنا أستيقظ مع آذان الفجر أتوضأ وأصلي في المسجد ثم بعد ذلك بقوم بقراءة وردا من القرآن ووردا من التسبيح، وبعد ساعتان بذهب إلى عملي وهناك بقوم بتأدية صلاة الظهر والعصر، وعندما أنهي عملي بعود إلى المنزل مرة ثانية، لي ورد ثاني من القرآن قبل آذان المغرب، أصلي المغرب ومن بعده العشاء..!

تنهدت ياسمين لتتابع: وأين النوافل؟ أنت تصلي الفروض فقط..؟
حرك رأسه نافياً وقال: في الحقيقة لا أصلي إلا الفروض فقط هل يوجد عقبه في ذلك؟.
ياسمين متنهدة: لا لم توجد عقبة ولكن أنا أحب من يقتدي بسنة رسولنا دائما..
طارق بمرح: أنتِ ستعلمينني إن وافقتي علىّ طبعا، هل لديكِ مانع؟
إبتسمت وقالت بصوت هادئ: لا ليس لدي مانع، نستكمل الأسئلة؟
أومأ طارق، لتتابع ياسمين قائلة في ثبات: هل أنت حافظ القرآن، أو أجزاء منه؟

طارق بإحراج بعض الشئ: لا للأسف، على ما أعتقد أنا أحفظ جزء عما فقط..
سألته سؤال آخر: حسنا، هل تحفظ أحاديث مثل الأحاديث القدسية والنبوية؟.
حرك رأسه نافياً وتابع: قليلا منهم لأكون صادقا معك
أومأت ياسمين وقالت: هل تعرف قصص الانبياء جميعا؟ أو بعض منهم
أومأ رأسه قائلاً بحماس: نعم، أعرف الكثير والكثير يوجد لدي مجموعة كتب دينيه كثيرة ومنها قصص الأنبياء، هذا الكتاب الذي قراءته جيدا..
-سؤال آخير..

طارق بهدوء: تفضلي..

ياسمين بجدية: لماذا تقدمت لي أنا بالأخص، مع أن القاعة كانت مليئة بالفتيات الجميلات وأنا لم يظهر مني أي شئ فكيف تتقدم لي دون أن تراني وكان من الممكن أن لا أعجبك شكلا..
أجابها طارق بإبتسامة: أنا أبحث عن من تكون محتشمة وعلى قدر من التدين حتى تأخذ بيدي إلى الجنة، لا أبحث عن من تكون أقل مني دينا! فأنا أريد أن أفهم ديني جيدا وبإختصار أريد زوجة صالحة..

لم تنكر ياسمين أنها أعجبت بكلامه، ولكنها أردفت: حسنا، إذا سمحتلي لدي سؤال واحد فقط!
ردد طارق مازحاً: لقد كان السؤال الأخير منذ قليل..!
إبتسمت وقالت: بعتذر منك، ولكن هذا سؤال هام
قال طارق: تفضلي..
ياسمين بهدوء: قل لي بصراحة إذا كنت اليوم رأيتني قبيحة أو لست على قدر كاف من الجمال، هل كنت ستعتذر وترحل أم ماذا حينها سيكون رد فعلك..!

حك رأسه وقال رافعاً حاجبه بجدية تامة: لا أعلم، الحمد لله أنكِ على قدر من الجمال..

تعجبت ياسمين وقالت بنبرة جادة: أفهم من ذلك أنك تبحث عن الجمال لا عن الأخلاق مثل ما قلت من قليل!
ضحك في هدوء وتابع: أمزح معك، بالفعل أنا أبحث عن الأخلاق وفي شئ أسمه قبول يا آنسة ياسمين، تكفي الروح الجميلة، ثم تابع سريعا: هل لديك أسئلة أخري؟
حركت ياسمين رأسها نافية وتابعت: لا، تفضل أنت وإسألني وسوف أجيبك..
طارق بجدية: سؤالا واحدا فقط، هل أنتِ موافقة علىا الآن..؟

تلعثمت ياسمين وبات التوتر واضحا علىها، فأردفت في إرتباك: ها، آآآ...
قاطعها مجئ أمها الذي أنقذها من الموقف، جلست فردوس تقول بمرح: ما الأخبار؟.
نهضت ياسمين مهرولة إلى الداخل وقلبها يعلو ويهبط بقوة أثر إرتباكها وخجلها ذاك...
دلفت يمنى خلفها تقول بمرح: ما رأيك يا عروس هل بإمكاننا نقول مبروك؟
قالت ياسمين في توتر: لا أعلم يمنى، أشعر براحةٍ تجاهه ولكني أشعر أيضاً بشئ من القلق!

يمنى زافرة بضيق: يا إلهي، أنتِ غريبة الشكل يا ياسمين إفتحي قلبك وتمتعي بحياتك، هذا إنسان جيد جداً وأنا أري أنه مناسب لكِ أيضًا، رجاءا وافقي، نريد جميعا أن نفرح بكِ..
تنهدت ياسمين قائلة بمرح: حسنا يمنى مبدئيا موافقة...
تهللت أسارير يمنى التي إحتضنتها قائلة بسعادة: مبارك حبيبتي، الله يسعدك دائمًا.

أخبرت فردوس طارق بموافقة ياسمين وحددت معه موعد لزيارتهن مرة أخري مع والدته لإستكمال مراسم الخطبة أيضا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة