قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

نوفيلا برائحة الياسمين للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

يمنى مؤكدة: نعم معك حق يا أمي، وهذا ما أقصده ياسمين.
تحدثت ياسمين بهدوء: يا الله، لم تملي يا أمي من هذا الحديث! لقد قلت لكِ من قبل إنني أرتاح في هذه الثياب وأعشق النقاب حتى أصبح جزءاً مني ولن أتخلي عنه فرجاءاً لا تقولي لي هذا الكلام مره ثانيه وأنتي أيضاً يمنى! فحقاً مللت!

رفعت يمنى أحد حاجبيها وقالت بضيق: ونحن أيضاً مللنا منكِ ياسمين نري الفتيات جميعهن تزوجن وأنتِ وحدك لم تتزوجين إلى الآن! واللاتي بعمرك سنا أنجبن وأصبح أبنائهن على وشك الزواج أيضاً أنتِ لم تنتبهي أنكِ تخطيتي الخمس وثلاثون عاماً من عمرك؟ ها أنا سأتزوج قريباً وأنتِ كما أنتِ والسبب هذه الثياب التي تدفنك دفناً!
وكزتها أمها في ذراعها وهي تقول بخفوت: كُفي عن هذا الكلام يمنى!

يمنى بلا مبالاه: لماذا؟ أليست هذه الحقيقة؟ من الذي سيتزوج فتاه لم يراها ودائماً مغطاه بهذا السواد!
أجابتها ياسمين بثقه: الذي سيتزوجني، سيتزوجني لأجلي و ليس لأجل ثيابي يا يمنى، وإن كان سيتزوج من أجل الثياب والجمال ف لا يلزمني، أنا أعشق ثيابي ولن أتخلي عنها في سبيل الزواج، وإعلمي أن تأخر زواجي بيد الله ليس بيدي أو بسبب ملابسي..

أنهت ياسمين حديثها ثم إتجهت صوب الباب فهتفت أمها قائلة: إلى آين يا سمين أنتي لم تأكلين شيئا حبيبتي.
ياسمين بحزن بعض الشئ: شكرا، لا أريد!

ما كان من فردوس إلا أن عاتبت إبنتها يمنى بشدة حيث قالت لها:
أنتِ عديمة الإحساس يا يمنى، لم تخافي على شعور أختك أبداً، لا يوجد داعي لهذا الكلام الجارح..!
تنهدت يمنى وقالت: يا أمي أنا أصغرها بخمسة عشر سنوات وسأتزوج عن قريب، أريدها تتزوج هي الأخري، لابد من تغيير ثيابها!

فردوس بحدة: لن تغيره هي! كفى وإتركيها لقد نصحتها أكثر من مرة وهي تصر على ذلك ف لا تدخلين أنتِ مرة ثانية!، فإذا ظللتي هكذا ستدمرينها بكلامك يمنى..!
زفرت يمنى بضيق ونهضت قائله: حسنا أمي أنتما أحرار..!

كانت تسير تسترجع حديث شقيقتها! هي لم تحزن يوما على تأخر زواجها، نعم تشعر بالفراغ العاطفي أحياناً ولكنها لم تشعر بالحزن، لأنها تعلم أن هذا نصيب ومكتوب عند الله لا داعي لسخافة من حولها، وأيضاً ياسمين تعلم بأن الله يُخبئ لها الأجمل تلك هي ظنونها في خالقها...
سارت إلى أن وصلت للمدرسه التي تعمل بها مُعلمة لغة إنجليزية..
أقبلت علىها صديقتها نهلة وهي تقول مبتسمه: أهلا ياسمين صباح الخير كيف حالك؟

ياسمين بإبتسامة: بخير، الحمدلله..
قالت نهلة: خطبة إبنتي يوم الجمعة لابد آن تأتي ياسمين.
عقدت ياسمين حاجبيها وقالت في تساؤل: إبنتك أليست صغيرة بعد؟ على ما أعتقد أنها في السابعة عشر من عمرها لم تتجاوز العشرون
نهله بتهكم: نعم، لم أنتظر حتى تتخطي الثلاثون عاما وتُصبح عانس وتجلس إلى جواري ثم يفوتها قطر الزواج!

صُدمت ياسمين ثم قالت بتعجب: أنتِ أيضاً تقولين ذلك يا نهلة! ألم تعلمي أن ذلك بيد الله وآن يوجد أشياء آخري أهم من الزواج المبكر!.
ضحكت نهلة ساخرة: أعلم ياسمين، وما المانع أن تحقق ما تتمني وهي متزوجة أيضاً! وإلا بعد ذلك تصبح عانس وحديث الناس!
أومأت ياسمين برأسها وقالت بعدم إقتناع: ربما معكِ حق!
تنحنحت وقالت: آسفة ياسمين لم أقصدك أنتِ بذلك الكلام...

ياسمين بثقة: أعلم! لأنني لم أشعر يوماً أنني أصبحت عانس، لأن لايوجد شيئاً إسمه عانس، هذا لقب سخيف أطلقه الجاهلون!، ثم تابعت: عن إذنك سأري عملي، ومبارك مُقدما لإبنتك
ردت نهلة سريعا: بالتأكيد ستأتي ياسمين! وجودك هام حبيبتي.
أومأت لها ياسمين وأجابت بهدوء: بالتأكيد سأآتي...

ها قد آتي يوم الجمعة، هذا اليوم الذي تحبه ياسمين وتشعر فيه براحةٍ نفسية، كُونه راحة من العمل ويوم تذكر الله فيه كثيراً وتدعي بما تتمناه فهي تعلم آن يوجد به ساعة إستجابة لذا تحرص ألا تغرب الشمس دون آن تبوح بكل شئ إلى خالقها...
بعد آن أدت فريضة العشاء، دلفت يمنى التي قالت في تساؤل: ياسمين أنتِ ستذهبين إلى خطبة إبنة صديقتك نهلة؟
أومأت ياسمين قائلة بهدوء: نعم سأذهب، تأتي معي..؟

إبتسمت يمنى قائلة: نعم
بادلتها الإبتسامة وهي تقول: حسنا، إرتدي ملابسك وأنا أيضاً سأرتدي ملابسي..

إرتدت نقابها الأسود، على ملحفتها السوداء أيضاً ثم خرجت بصحبة شقيقتها يمنى متجهتان إلى حفل الخطبة وتركتا أمهما تدعو بتوسل بآن يرزق إبنتها الزوج الصالح..

وصلتا إلى حفل الخطبة الذي كان في أحد القاعات المتوسطة، دلفتا إلى الداخل، ثم صافحت ياسمين زميلتها نهلة وقامت بتهنئة إبنتها وسط همزات النساء اللاتي تحدثن بخفوت منهن من تنظر لملابسها بإستغراب ومنهن من تشفق علىها بسخرية لعدم زواجها إلى الآن، حتى شعرت ياسمين بتلك الهمسات السخيفة ولكنها لم تهتم وإتسعت إبتسامتها تعجباً لهن..!

أقبلت علىها إحدي الزميلات وهي تقول: أهلا ياسمين، كيف حالك؟
أجابتها ياسمين بهدوء: الحمدلله، بخير، كيف حالك أنتِ؟
أومأت لها قائلة: بخير، ثم تابعت بمرح: قولي لي أنتِ لم تتزوجين إلى الآن ياسمين؟
تنهدت ياسمين بنفاذ صبر وهي تقول: نعم، لم أتزوج إلى الآن هل يوجد عقبه؟

لا أبدا حبيبتي، ولكن أحياناً أحدث نفسي كيف تعيشين بلا زواج إلى الآن، أنتِ فتاة جميلة ولكن مع الأسف تخفين جمالك في هذا النقاب أعتقد ياسمين أنكِ إذا تخليتي عن هذه الثياب ستتزوجين بسرعة شديدة..!

- وهل من الممكن أن تتخلي عن جزء لا يتجزء منكِ؟ هذه الثياب هي جزء من روحي أرتاح بها وأشعر وكأني ملكة ولم تكن أبدا عقبة في الزواج، الغريب انكم تعتقدون أن تأخر زواجي بسبب ملابسي، ونسيتوا آن هذا الآمر بيد الله سبحانه وتعالى فقط..!
-نعم، نعلم ولكني أستغرب أحيانا لماذا هذه الثياب تحديدا وهي لم تكن فرضا علىنا، إنما الحجاب فقط هو الذي فرضا علىنا..! فلماذا أنتِ تتمسكين به هكذا..؟

ضحكت ياسمين بهدوء ثم قالت: لم أختلف معك عزيزتي إن كان فرضا أو لا، ولكنه سنة وفضل وأنا لست بغني عن فضله، هذه الثياب عفة وحياء، كما أنها إقتداء بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، ويكفيني فخرا أنني أتشبه بيهن، وأيضاً أنا أحب هذه الثياب وأعشقها بشدة، لأنني ببساطة كما قلت لكِ أشعر كأني ملكة وجوهرة غالية...
لم تقتنع صديقتها بكلامها وإنما أومأت برأسها وإبتسمت...
لتبتسم ياسمين أيضًا وتصمت..

وبعد قليل ظهر شابا وسيما إلى حد ما و...

ظهر شابا وسيما إلى حد ما أثناء حفلة الخطبة، ألقي السلام على إبنة خالتهُ نهلة..
ف صافحته الآخيرة وهي تقول مبتسمه: أهلا طارق، كُنت سأغضب منك إن لم تأتي الخطبة!
ضحك طارق وقال مرحا: ها قد جئت يا نهلة، مبارك ل إبنتك.
نهلة بمرح: العقبة عندك يا طارق، أظن أن الدور سيأتي علىك أنت المرة القادمة.
طارق بمزاح: إذا إبحثي لي عن عروس، تليق ب المهندس طارق.

ضحكت نهلة قائلة من بين ضحكاتها: أنت مغرور للغاية يا طارق، بالطبع سنجد من تليق بك، عن إذنك قليلًا!
تركته بعد ذلك، ليقف طارق بمفرده ويتجول بعينيه القاعة حتى وقعت عينيه على تلك الحورية المنتقبة التي تقف بهدوء ورازنة، لفتت إنتباه من ضمن الحاضرات لحفل الخطبة، فظل ينظر لها بإستغراب قليلا إنها الفتاة الوحيدة التي ترتدي الزي الإسلامي في هذه القاعه المليئة بالمتبرجات، تعجب قليلًا وهو يتمعنها بعينيه..

فراح يسأل نهلة عن من تكون هذه الفتاة!

-من هذه الفتاة يا نهلة؟
أردف طارق وهو يُشير بيده في إتجاه ياسمين.
فأجابته نهلة بإبتسامة: هذه الفتاة زميلتي في العمل يا طارق.
طارق بإندهاش: معني ذلك أنها بنفس عمرك؟
أومأت له بتأكيد، ف مط طارق شفتيه بضيق وتابع: بالتأكيد هي متزوجة؟
حركت نهلة رأسها نافية ثم أردفت بمرح: لا لم تتزوج إلي الآن، من عمري ولكن نصيبها لم يأتي بعد!
إبتسم طارق بإتساع وقال مُتابعا: حسنا.

نهلة بمراوغة: معني هذا أنها قد نالت إعجاب السيد طارق؟
إبتسم طارق متابعا: نعم وأريد أن أتقدم لها رسميا ف أنا أبحث عن عروس صالحة منذ زمن وأخبرني قلبي أن هذه الفتاة صالحة.
تابعت نهلة بحماس: ما رأيك أن أذهب وأخبرها بهذا الكلام؟
طارق نافيا: لا، أخبريها غدا عندما تأتي إلى العمل منعا ل إحراجها الآن يا نهلة.
نهلة بإبتسامة: حسنا يا باشمهندس.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة