قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

مرت الأيام التالية على شهد سريعا منذ ذلك اليوم الذي وافقت فيه على زواجها، حتى جاء ذلك اليوم الذي تخشاه، يوم زفافها، أحست شهد بالمرارة فاليوم كان من المفترض ان يكون أسعد أيام حياتها، حيث كانت تتألق في فستانها الأبيض وزوجها فارس بجوارها يمسك يدها، حانت اللحظة التي ستغادر فيها الى منزلهما فامتلأت عيناها بالدموع وهي تودع والدها الذي لم يستطع مواجهة عينيها لتقبله مودعة وهي تسرع في خطواتها، أحست بنظرات فارس لوالدها وهما يغادرون يملؤها التشفى وتعجبت من تلك النظرات، جلست الى جواره في السيارة متجهين الى المنزل، لم ينظر اليها ابدا وهو يقود، مالت برأسها تستند الى النافذة بجوارها تتأمل الطريق ولا تراه من دموعها وعندما وصلا الى وجهتهما فتح الباب في صمت ونزل متجها الى المنزل فمسحت شهد دموعها واتبعته دون كلمة حتى فتح باب المنزل ودلف الى حجرة وهناك وقف والتفت اليها قائلا:.

دى اوضتك.
وأشار الى باب جانبى مستطردا:
وده باب متصل بأوضتى، لو احتجتى حاجة متخبطيش على بابى.
كاد ان يغادر متجها الى حجرته فاستوقفته قائلة:
بتعمل معايا كدة ليه يافارس، من حقى أعرف.
التفت اليها فارس قائلا وعينيه تلمعان من الغضب:
انتى ملكيش حقوق عندى، انتى هنا عشان تسددى دين باباكى، ودين باباكى مش فلوس وبس على فكرة.
نظرت اليه مشدوهة من اندفاعه الغاضب وكلماته فاقترب منها مستطردا في مرارة:.

باباكى دينه كبير اوى مكنش هيسدده حتى بموته، كان لازم احرق قلبه زى ما حرق قلبى، كان لازم اشوف قهرته بعينى، باباكى حرمنى من اغلى انسانة عندى، قتلها وهرب من غير ضمير.
اتسعت عينا شهد في صدمة من كلماته وذلك الألم الذي يبدو واضحا في عينيه وهو يستطرد قائلا:
حرمنى من اختى، حرمنى من الانسانة الوحيدة اللى كانت مالية علية حياتى، مكنتش اختى وبس، كانت زى بنتى،
صمت لثانية قبل ان يقول:.

فاكرة الحادثة اللى باباكى عملها من ٣ سنين وراحت ضحيتها بنت عندها ١٥ سنة، دى كانت اختى نهاد، اللى باباكى صدمها وهرب وسابها تموت من غير رحمة.

كادت شهد أن تموت من الصدمة مع كل كلمة ينطقها فارس شحب وجهها بشدة فهى تعلم ان أباها قد قام بحادث منذ ٣ سنوات تسببت في كسر يده ولكنها لم تعلم انه صدم فتاة في تلك الحادثة وان تلك الفتاة قد ماتت، احست بالحزن والشفقة تجاه فارس واغمضت عينيها في الم وهي تقول في سرها، (ياالهى، ماذا أفعل وقد أثم أبى اثما كبيرا)، وترى ماذا سيفعل بى فارس كي يحقق انتقامه.
فتحت عينيها على صوت فارس وهو يقول في شماتة:.

زى ما باباكى اخد منى نور حياتى خدتك منه، سجنه مكنش هيشفى غليلى ولا موته لكن يمكن يشفى غليلى انى اشوفه كل يوم بيتعذب وهو شايف عذابك على ايدى ساعتها بس هيرتاح قلبى.
اختنقت شهد بالدموع وهي تقول:
صدقنى مكنتش أعرف.
هز فارس كتفيه قائلا:
متفرقش عندى، سواء عارفة او لأ، هحقق انتقامى.
نظرت الى عمق عينيه قائلة:
وتفتكر لما تعذبنى وتشوفه بيتعذب انت كدة هترتاح؟

احست باختلاج ملامحه للحظة بالارتباك والحيرة ثم مالبث ان قال بقسوة:
اكيد هرتاح، انتقامى منكم هو الحاجة الوحيدة اللى ممكن تشفى غليلى وتريحنى.
قال كلماته ثم تركها، واتجه الى غرفته فتهاوت على سريرها في صمت ودموعها تنهار وهي تقول بصوت خافت:
ساعدنى يارب.

كانت ياسمين تقف في شرفة حجرتها، تنتظر وصول عادل الذي تأخر على غير عادته، تشعر بالقلق عليه، تطلعت الى تلك السماء البعيدة عنها كبعد عادل عن حياتها، لقد مر اسبوعا كاملا وهي في منزل عادل، كان اسبوعا تحملت فيه ما يفوق احتمالها، إما تجاهل منه أو قسوة في معاملتها عندما تشاء الظروف ويجتمع بها، لقد اضطرت ان تعود معه لأنها تعلم تماما انه قادرا على تنفيذ تهديده واخراجها من حياة طفلها، فقد كانت تدرك أن عادل يستطيع ان يكون قاسيا جدا ان أراد، مرت الايام عليها بطيئة تحاول فيها أن تبتعد عن عادل بينما يتجنبها هو ايضا، يقضى اوقاته بالمنزل إما بحجرة مكتبه او حجرة طفله يلاعبه ويهتم به بطريقة جعلتها نادمة على انها كادت تحرم طفلها من اب كهذا الأب، تتساءل بدموعها، هل حظي ابن تلك المرأة الأخرى على ذلك الحنان والحب، وهل تحظى تلك المرأة الأخرى الآن بما كانت تحظى به من عشق ومشاعر تفتقدها؟

شعرت بالغيرة، بالغضب الحارق يغمرها وشعرت بالشوق، الشوق اليه يقتلها ايضا، والحزن يغمرها، تشعر به في أوجه، عندما تقارن بين ما يحدث بينهما الآن وما كان يحدث سابقا، عندما يدخل من الباب بهيئته الساحرة الجذابة، كان حينها يستقبلها بين احضانه ويقبلها في وجنتها محييا، أما الآن فيتجاهلها تماما مبتعدا الى غرفة مكتبه، تشعر بالشوق أيضا اليه عندما تراه على مائدة الافطار يقرأ الجريدة وأمامه فنجال القهوة،.

وقتها كانت تشاكسه وتبعد عن يده الجريدة ثم تجلس على قدميه وتمسك يده الممسكة بالفنجال بين يديها ترفعها الى شفتيها لترتشف منه القهوة، وقتها كان يترك فنجاله ليلتقط شفتيها بين شفتيه في قبلة بطعم القهوة، ثم يتركها مغادرا الى عمله لتشع عيونها بعشق تتنظره بشوق في المساء، اما الآن فكليهما يجلس غريبا على مائدة الافطار تختلس النظرات اليه فتلاحظ جموده، حتى فنجال قهوته لا يمسه بل يتركه ليصبح باردا تماما كحياتهما، وفي المساء يعود مرهقا تتمنى لو اخذته بين ذراعيها تمنحه الراحة والسكينة كما كانت تفعل ولكنها تنهر نفسها مذكرة إياها بأنه لابد وقد وجد راحته في حضن تلك المرأة الأخرى،.

انتابتها الغيرة وهي تتخيله بين ذراعيها، هي تدرك انه الآن ملك لأخرى ولكن هذا الادراك يضربها في مقتل، تتساءل هل يحب تلك الأخرى ام انها نزوة فقط، وهل لها مكانة في قلبه أم لا؟، هي تعلم ان عادل ليس حصينا تجاهها تتذكر ذلك اليوم الذي كانت فيه تجلس امام المرآة في حجرتها تمشط شعرها، حين فوجئت بعادل يقتحم الحجرة بغضب،.

ولكن عند وقوع عينيه عليها تبدلت ملامحه كلية وهو يتأملها، تجمدت في مكانها وعينيه تأسرانها عبر المرآة، اقترب منها ببطئ حتى توقف خلفها تماما، مال يمسك من يدها الفرشاة ويمشط شعرها وهي واقعة تحت سحر لمسات اصابعه التي كانت تمس عنقها رغما عنه لترسل الرجفات الى جسدها، الى جانب نظرات عينيه الساحرة اليها والتي تغمر كيانها بالعشق، ترك الفرشاة من يده وأمسكها من كتفيها ينهضها ويديرها لتواجهه، ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تراه يقترب بوجهه منها، تكاد شفتيه تلامسان شفتيها ليعتدل فجأة وهو ينظر اليها بصدمة،.

ثم يغادر الحجرة وكأن شياطين الدنيا تطارده، لتتصاعد دماء الخجل والخزى الى وجه ياسمين وتترقرق الدموع بعينيها وقتها لاستسلامها لمشاعرها الخائنة، هي تعشقه، تريده في حياتها بشدة حتى وان كان خائنا، كم مقتت نفسها لعشقها اياه، رغم كل شئ.

رأت سيارته تدلف الى الحديقة فأسرعت تدخل حجرتها وتغلق باب شرفتها، لا تريده ان يرى كم كانت قلقة عليه لتأخره بالخارج حتى هذا الوقت، تتساءل عن مكانه وعما اذا كان عند تلك المرأة التي لا تعرفها ولا تود سماع اسمها حتى، انها تتعذب بتلك الأفكار والتخيلات والتي تدور برأسها ولكنها اكتشفت ان عذابها قربه افضل الف مرة من عذابها في بعده.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة