قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

مرت الأيام على شهد بطيئة منذ تلك الليلة وفارس يخرج أول النهار ليتركها تقوم بكل أعمال المنزل في قائمة يتركها لها في ورقة على طاولة المطبخ قبل أن يخرج، وتقوم هي بكل الأعمال في صمت، تظل تعمل جاهدة وتأكل القليل حتى أصابها الهزال والتعب، فالمجهود الذي تبذله في رعاية هذا المنزل الكبير وذنب والدها الذي تحمله في أعماقها لا يجعلانها تشعر بأى رغبة في الطعام، ثم تنام مبكرا قبل ان يعود فارس ليتكرر روتينها يوميا،.

كانت تقوم بعملها كالمعتاد وهي تفكر بمشاعرها تجاه فارس، لم تعد تشعر تجاهه بالكره بل تشعر نحوه بالشفقة وتساءلت في نفسها هل الشفقة هي الشعور الوحيد الذي تشعره نحوه، فداخلها ينمو شعور غريب تجاهه، ذلك المزيج من الاعجاب والانجذاب والذي كانا قد نبتت بذرتهما قبل أن يعرض عليها الزواج لتمر بها مرحلة ضبابية امتزجت فيه تلك المشاعر بالخوف منه لتعود مجددا تشعر بتلك الأحاسيس بعد أن عرفت قصته وسبب ما يفعله بها، تتسارع دقات قلبها كل يوم وهي ترتب غرفته وتتنقل بين أشيائه، ترى عناوين الكتب بجوار سريره وتلك الصور له ولأخته، لتشعر بأنه شخص آخر غير ذلك الشخص المنتقم الذي يحاول اذلالها.

تشعر بأن داخله شخص آخر يقاوم في الظهور، شخص حان محب، ان فارس يجذبها نحوه، يجذب شعورها الانسانى في محاولة محو احزانه التي رأتها في عينيه ليلة زفافهما، ورغم محاولته سجنها وتعذيبها واذلالها وقسوته عليها وتجريحها بكلماته، الا انها تشعر أنه مرغم عليها والدليل على ذلك انه لا يجلس بالمنزل ليحاول ان يزيد من اذلالها، بل يتجنب تماما المكوث به، عليها فقط ان تحاول اقتحام حصونه التي بناها حوله لتعيد اليه ابتسامته وحبه للحياة والذين رأتهم على ملامحه في ألبوم الصور الخاص به، ستحاول ان تكفر عن ذنب والدها مهما قاومها، نعم تلك هي خطتها الجديدة ولا مزيد من الهروب.

قالت ياسمين بفرح:
بجد ياشهد؟، يعنى نجاح هتتخطب، انا مش مصدقة ودانى، أخيرا فيه حد قدر يقنع عدوة الرجال الأولى بإن الرجالة مش كلهم وحشين، فيه حد قدر يخلى المتمردة الأولى تخضع لسلطانه، ده اجمل خبر سمعته من زمان.
ابتسمت شهد قائلة:
انا اول ما سمعت الخبر قلت اقولك علطول، انا كمان مكنتش مصدقة، لأ ولما تعرفى التفاصيل هتندهشى اكتر.
قالت ياسمين في لهفة:
قولى ياشهد بسرعة، قولى وفرحينى.

قالت شهد وهي تستند بظهرها الى الوسادة تريحه بعد عناء اليوم:.

الموضوع ياستى، ان الأستاذ وليد خبط فيها في النادى زيك تمام، بس نجاح طبعا مش زيك، مسكتتلوش، خطبة طويلة من انه اعمى ومبيشوفش او انه اكيد قاصد وساعتها يبقى مامته داعية عليه، هو كمان مسكتلهاش خبط فيها جامد وسابها ومشى، بعد كدة طلعت مامته صاحبة مامتها ونفسها تناسبها، نجاح كالعادة رفضت بس قعدت مع العريس عشان متحرجش مامتها ولما عرف العريس ان عروسته نجاح، قرر يكمل الخطوبة عشان ينتقم منها وهي كمان فكرت زيه وفي مدة قليلة مقالبهم في بعض اتقلبت لحب وقرروا يكملوا مع بعض، هي دى كل الحكاية، وحفلة خطوبتهم ياستى الشهر اللى جاي ولانها كلمتك كتير ومردتيش عليها، أكدت علية اعزمك، لازم تيجى ياياسمين.

قالت ياسمين بهيام:
هيييح، طبعا هاجى، وانابرده افوت فرصة اشوف فيها نجاح عروسة وفي الكوشة، جاية أكيد ياشهد، هقول بس لعادل وهاجى علطول.
قالت شهد:
صحيح اخبارك ايه معاه؟
تنهدت ياسمين قائلة:
زى ما احنا مفيش جديد، انتى كمان عاملة ايه مع فارس؟
قالت شهد ساهمة:
فارس، فارس ده حكاية معقدة لوحدها مش عارفة ابتديهالك منين؟
قالت ياسمين وقد شعرت بنبرات شهد التي تحمل الكثير:.

ابتديها من الناحية اللى تحبيها بس بالراحة كدة وواحدة واحدة عشان افهم.
تنهدت شهد قبل ان تقول:
هحكيهالك م البداية خالص ياياسمين، من أول ليلة فرحنا.

حاولت شهد تلك الليلة ان تنام ولكنها لم تستطع، كادت ان تخرج من الغرفة لتتجه الى المطبخ لتشرب كوب لبن يساعدها على النوم، ولكنها ما ان تحركت باتجاه الباب حتى سمعت صوت أنين يأتى من حجرة فارس فأسرعت الخطى تجاه الباب المتصل بحجرته، وحاولت الانصات فتكرر الأنين الخافت، تمالكت شهد نفسها وتشجعت وهي تفتح الباب لتراه جالسا على السرير يضع يده على عينيه ووجهه، شاحبا للغاية وبنظرة واحدة متفحصة ادركت ما به، أسرعت الى خزانة الأدوية الخاصة بها وأحضرت الدواء ثم دلفت الى حجرته وأطفأت النور فسمعته يقول مزمجرا:.

بتعملى ايه؟
قالت شهد بصوت خفيض:
انا طفيت النور يافارس، انت عندك صداع نصفي والاضاءة هتضايقك اكتر، خد الدوا ده هيريحك.
ومدت يدها بالدواء وكوب الماء لفارس الذي قال في حدة:
ابعدى عني، مش عايز حاجة منك
قالت شهد في حزن:
خلى انتقامك على جنب دلوقتى وسيبنى أساعدك، وحياة اغلى حاجة عندك.
أحست بتردده فأعطته الدواء الذي أخذه منها وشربه فاستطردت قائلة:
دلوقتى بقى هدلك راسك وهيبقى كل شئ تمام.

أحسته يتصلب لتشعر برفضه الذي كاد ان يعلنه فأسرعت قائلة:
من فضلك خلينى أساعدك.
ارتخت عضلاته قليلا وهو يتركها تدلك رأسه بأيد خبيرة وبالفعل شعرت به شهد يرتاح ويغمض عينيه يستسلم للنوم فأبعدت شهد يديها عنه ثم دثرته بالغطاء واتجهت لغرفتها ولكنها مالبثت ان توقف عندما سمعته يقول بهمس:
شهد.
التفتت اليه فوجدت عيناه تنظران مباشرة اليها رغم الظلام وهو يقول:
انتى عرفتى منين انى عندى صداع نصفي؟
قالت شهد بهدوء:.

ماما الله يرحمها كانت بتعانى هي كمان منه.
أومأ برأسه في هدوء وهو يقول:
الله يرحمها.
ارتسمت ابتسامة مترددة على فمها وهي تقول:
تصبح على خير.

لم يرد عليها لتدرك استغراقه في النوم لتتجه الى غرفتها تشعر بدقات قلبها المتسارعة والتي تخبرها انه رغم كراهيته لها الا انها احبته، لم تكن تلك المشاعر التي تنتابها تجاهه سوى الحب فنظرة واحدة منه تكفى لأن تطيرها فوق السحاب، ربما لا أمل لعلاقتهما ولا أمل لأن يحبها ولكنها ستساعده على ان يجد نفسه مرة اخرى، ستساعده ليكون سعيدا ثم ستخرج من حياته للأبد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة