قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا إلعب يلا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الرابع

نوفيلا إلعب يلا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الرابع

نوفيلا إلعب يلا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الرابع

واجهه الصمت مره اخري ليردف بسلاسة مستهدفا ازعاجها...
-حبيتي واحد و خلي بيكي؟! ولا في حاجه كده و لا كده تكون حصلت مث...
انتفضت دعاء بعيون هائجة لتقاطعه بغضب حاد...
-كلكم رجاله قذره بتفكير زباله و مرضى مش شايفين الست غير جسد و بس لا بيهمكم دم ولا قرابه ولا نسب ولا صحاب!+...
اتسعت عيناه بشيء من الصدمة، نعم توقع اغضابها وازعاجها ولكنه لم يتوقع حده اقوالها ورد فعلها لابد انه جاء على الجرح تماما!..

زم شفتيه يتابع شهقاتها و محاولاتها للتنفس وإلجام غضبها ووجها الاحمر الغاضب والواضح بشده رغم سمارها القمحي...
مرت دقائق صامته بينهم قبل ان يقرر تشغيل سيارته والاتجاه إلى بيتها مستشعرا وحشيه مشاعره في تلك اللحظات، متوعدا اي كائن حاول اذيتها وتحويلها لما هي عليه الان!

وتعهد انه سيقتلع عيني ذلك الحقير الذي انتزع منها رد الفعل ذاك، اخذ عقله يصور له الكثير من السيناريوهات البغيضة والتي قد تكون مرت بها فتاته...
لم يعد يتحمل الصراع فأوقف السيارة بحده قائلا...
-قوليلي اسم اللي عملك حاجه وانا همحيه من على وش الدنيا...
وضعت يدها على وجهها بقله صبر قائله...
-ممكن تخليك في حالك بقي كفايه اوي تدخلك لحد كده!
-طيب هو قريبك؟
-مالكش دعوه!
-طيب عملك ايه؟!

-لا اله الا الله انت مجنون اسكت و وصلني البيت يا تفتح الباب يا جدع انت!
قالتها بصوت عالي نسبيا ليردف بغضب اكبر...
-لمسك يعني بطريقه مش كويسه؟!

جزت على اسنانها بغضب احمر لتردف بذهول...
-انت واعي للي بتقوله ده انت ازاي بتكلمني كده وبأي حق!
-متجننيش قوليلي انا اعصابي باظت خلاص!
قالها بصوت هز السيارة حتى ان قليل من المارة نظروا تجاههم ليستكمل بعنف...
-حد اتحرش بيكي يعني وصلك لكده ما انا مش هسيبك غير لما اعرف انتي بتعملي ليه كده!
-عشان انا حره انا حره ياااخي روحني بقي، انت عايز مني ايه حرام عليك!

-عايز اتجوزك و ميهمنيش اي حاجه في دماغك واي زفت على دماغك غير اني بحبك وعايز اتنيل اتجوزك!
علا صوت تنفسهم الحاد من شده مشاحنتهم المشتعلة، ونظرت له بتشتت واضح في عينيها وكأنه مجنون يقابله اصرار واعتراف صريح بالملكية من ناحيته ارهبها بشده...
ابعدت انظارها وهي تهز رأسها برفض لتردف بتعب...
-ارجوك كفايه كده ؛ انا مش هتجوزك لا انت ولا غيرك..
-لا يا دعاء هتتجوزيني!

علت دقات قلبها بتمرد لتضع كلتا يداها على وجهها بإرهاق تنبه له مالك، فأدار سيارته قائلا...
-ماشي انا كده رسالتي وصلت، هروحك واعملي حسابك انه قريب اوي هتبقي مراتي وعلى سنه الله و رسوله...
-هو عند؟! فهمني تحدي هو، ده مستقبل و حياه و بعدين انت شفتني من شهر ولا اقل...
قاطعها بحده...
-مش همسك ورقه وقلم لقلبي واقوله معلش حب دي بعد فتره هو كده خلاص شفتك و حبيتك واللي كان كان!
-بس انا مش بحبك!

ابتسم بغموض ليردف...
-بس انا هخليكي تحبيني...
اشار لوجهه و جسده المتناسق بغرور مستكملا...
-مش هتكلم عن نفسي كتير...
ضحكت! ضحكه مذهوله غير مستوعبه لما يتفوه به ذلك العنيد المغرور، نظرت لجانب وجهه المبتسم برضا لتردف بثقه...
-سوري ما يلزمنيش!
نظر لها بحاجبين مرفوعين وابتسامه شاسعه...
-متقلقيش في وقته هيلزمك!
كادت تجيب عندما اوقف السيارة فجاه قائلا...
-يلا انزلي هنا عشان محدش يتكلم لو وصلتك جوا...

-لا ابن اصول!
رفع حاجب بتحذير فاحمرت وجنتها، جذبت حقيبتها وهرعت للخارج...
اسرعت بخطواتها حتى انها التفتت اكثر من مره للتأكد انه لم يغير رأيه ويقرر ملاحقتها ذلك المجنون المريع...
ابتسم مالك بشده عندما اختفت عن انظاره و القي رأسه للوراء يتنهد متمتما...
-الله يحرق الحب و سنينه، ايه اللي انا بعمله ده؟!
اعاد تدوير السيارة بابتسامه ذهول...
ممتاز الان اصبح هو المخبول ولها حق الهرب منه الف ميل إلى الامام!

في غرفه دعاء...
قفزت رحمه بسعادة وفرحه وهي تخبط كفيها بمرح...
-الله الله الله بيحبك يا دعاء والله صدقيني مش انا رحمه العقلة اديني بقولك اهوه انه بيحبك!
وقفت دعاء تجذبها من شعرها بغيظ قائله...
-انتي خليتي فيها رحمه العقلة بت انتي اهدي كده واعقلي متجننيش انتي وهو!
نظرت لها رحمه شزرا لتردف...
-انا مش فاهمه انتي عايزة تدفني نفسك بالحيا ماخلاص اللي حصل حصل وبعدين انا نسيت وانتي كمان انسي...

قالتها بثقه وهميه و عيون تحاول اشعاع القوة لتقول دعاء بهدوء و واقعيه...
-بغض النظر عن انك مش ناسيه واني انا كمان عمري ماهنسي تقصيري و تفاهتي ؛ بس ممكن تقوليلي ايه اللي هيحصل لو انا اتجوزت ومشيت من هنا!

اصفرت ملامح رحمه قليلا لتردف بتلعثم...
-مش هيحصل حاجه هو خلاص بيخاف مننا ده حتى مبقاش يطلب فلوس الشهر اجره الشقه من بابا زي ما كان بيعمل عشان يطفشنا منها...
لتردف دعاء بحده...

-ده عشان انا هنا، عشان انا مخاويه و خايف مني ومن اللي ممكن يحصله لو قرب وحتى لو ده محصلش و مقربش منك ؛ ابوكي الغلبان اللي بيصلب طوله بالعافيه هينزل يشتغل عشان يدي ابن عمك الجشع إيجار الشقة اللي هي اصلا شقتنا وورثه من ابوة قدام ربنا، متحسسنيش انك غبيه انتي متأكده انها اول حاجه هيعملها اول ما اتجوز!.
-بس يا دعاء...

-ما فيش بس! بصي لاخوكي اللي متشحطط علينا لا عارف يكفينا ولا عارف حتى يشيل قرشين على جنب عشان يتجوز، سيبيني سكته يا رحمه، كده احسن لحد مااتخرج واشوف شغلانه تشيل هم اخوكي شويه وساعتها لازم انهي التمثيلة اللي بوخت دي!
هزت رحمه رأسها بيأس واخذ عقلها يدور كالساعة في محاوله لإنقاذهم من تلك المحنه التي وضعت شقيقتها بها!

في بيت مالك...
استلقي مالك على فراشه يتقلب كالسمكة خارج المياه لينتفض جالسا بغيظ...
طفح الكيل! لم يعد يتحمل حرقه الدم تلك و افكاره الشنيعة حول ما حدث لها ودفعها لاصطناع افعالها تلك..
قرر الذهاب لعامر في الصباح الباكر بحجه اقلاله للعمل و التقدم لدعاء رسميا فبعد محادثتهم الصغيرة اصبح لا يطيق الانتظار...
ماذا فعلت تلك اللؤلؤة السمراء لتفقده عقلا سبق عمره بسنوات وقلبا مهملا لم يشغله سواها...

اطلق ضحكه خفيفة ليردف بصوت عال كالمجنون...
-يابنت اللعيبه! ايه دماغك دي ؛ بس على مين و ديني لأعيد تأهيلك و لعب بلعب بقي!
اختفت تلك الابتسامة المنتصرة من على وجهه ليرمش بذهول على ما حدث للتو، ليتمتم...
-انا بتكلم و بضحك مع نفسي ؛ منك لله يا مجنونه بنت المجانين ضيعتي عقلي!
زفر بتروي ليهدأ قليلا، ساعلا بخفه قبل ان يتدثر بغطائه مناجيا النوم!

بعد مرور ثلاث ايام...
لعن مالك في سره، فقد انشغل بمشكله طرئت بشكل مفاجأ بأحدي طلبيات المصنع...
خرج من السيارة متجها إلى المبني حيث تقطن عائله دعاء، لاح بعيونه إلى المحيط المهترئ المحاط به و وعد نفسه بأنه سيعرض عليهم الانتقال إلى شقة والديه القديمة للعيش بها ان وافقت على الزواج منه والذي في حد ذاته تحدي لا يعرف نهايته ولا يخيل له انها سترضخ له...
ولكنه سيجازف و لن ييأس...

وجد نفسه يقف امام شقتهم بتوتر ليجذب انتباهه اصوات خافته تأتي من اعلي، يبدوا ان احدهم على سطح المبني كاد يدق الباب عندما سمع صوت ارتطام وانين سرعان ما تم كتمه...
شيئا ما ليس على ما يرام، دون تفكير توجهه بخفه للأعلى ليري ذلك الكريه قريب عامر يمسك بذراع رحمه الصغير و وجهها الاحمر الباكي بالأخرى ويميل يهمس بقذارة في اذنها بينما تشد هي على جفونها بقوة...

بسرعه البرق وجد نفسه يضربه بذراعه من الخلف قبل ان يمسك رأسه يطرقها بالحائط مرتين بشده كانت كفيله بدوران العالم من حوله ليسقط مغشيا عليه!
-ااااه!
وضعت رحمه كفيها الصغيران بذعر على وجهها ليردف مالك دون اي مراعاه لمنير الفاقد للوعي...
-انتي كويسه ؛ عملك حاجه الكلب ده؟!
هزت رأسها بعنف لتردف...
-انا كويسه محصلش حاجه!
-انتي متأكده يا رحمه!
-ايوة ايوة انا انا انا...

شعر مالك بشفقه على حالها ليلمس يدها المرتعشة بخفه محاولا تهدئتها...
-طيب تعالي انزلي و اهدي و خلي مرمي زي الكلب كده ؛ انا هنزل اقول لعامر وهنخلي يندم انه اتولد...
امسكت رحمه ذراعه بخوف قائله...
-بالله عليك بلاش تقول لعامر...
-ازاي يعني ؛ انتي بتهزري! ده كان مثبتك على السلم!
صمتت رحمه ببكاء غير قادره على مواجهة عينيه خجلا و قهرا ليستكمل بجنون...
-انتي طفله! يعني لازم يتعدم في ميدان عام!..

اطلقت العنان لتوسلاتها الباكيه...
-عشان خاطر ربنا خلاص بالله عليك!
-يا نهار اسود انتي اللي بتتحيلي عليا انتي خايفه من ايه ده زباله ميقدرش على حاجه انا هعمل بلاغ في ال...
قاطعته رحمه بهستيريا!..
-ابوس ايدك بلاش فضايح ؛ انا بقولك محصلش حاجه ارجوك يا ابيه مالك ارجوك ده ممكن يرمينا في الشارع وابويا وامي مش حمل بهدله!

اطلق منير انين يبدو منه انه سيستعيد وعيه و كاد مالك يركله ذلك الضعيف عديم الإنسانية و الرجولة ليتفاجأ بطوفان قادم من الخلف!

خرجت دعاء تبحث عن شقيقتها عندما طال غيابها فقد ادعت نزولها لإحضار بعض الملح من جارتهم بالأسفل فقررت الاطمئنان عليها كادت تهبط عندما انتبهت إلى صوتها القادم من الأعلى لتتفاجأ اكثر عند سماعها صوت مالك صعدت بهلع لتستمع لما يدور وتري منير ملقي على الارض ويضع يده على رأسه بجفون تحاول الارتفاع...

فارت كل نقطه دم بجسدها الضئيل واطلقت صرخة غاضبه كصرخات المحاربين القدامى قبل ان تطيح بمالك و رحمه إلى الجانب وتقفز بجنون على جسد منير مستخدمه كل اسلحتها البسيطة من اظافر تعشق اطالتها ولكمات لوجهه و اسنان تغرز في كتفه و ذراعه جعلت عيونه تنفرج باتساع ليزداد هذا الاتساع لدي رؤيته لها و تنسحب الدماء من وجهه ليصبح كقماشه من الكتان الابيض!

اتخذ مالك خطوات سريعة يحملها بصعوبة من فوق منير الصارخ بذعر و لم تمر دقيقه حتى اجتمع نصف سكان المبني ان لم يكن الجميع يتابع بخوف و وولوله الفتاة المسكونة وارواحها تهاجم منير الذي يتفوق على حجمها بالضعفين!
صفعت احدي السيدات على صدرها وهي تصرخ بابنتها الصغيرة...
-انزلي الله يحرقك طالعه ورايا ليه ليطلعوا منها و يدخلوا فيكي انتي صغيره انا ناقصه يامنيله!
لتمسك ابنتها وتركض بها إلى الاسفل...

خرج عامر الذي كان يأخذ حماما ساخنا على صوت صراخ شقيقته الذي لا يختلف عليه اثنين وففد حفظه و اعتادت اذانه عليه منذ محنتها!
ارتدي سرواله بسرعه و صعد يأخذ الدرج اثنان في اثنان فرأي مالك محيط بخصر دعاء التي تكاد تتحول حرفيا إلى احدي الحمم البركانية و شقيقته الصغرى تبكي بذعر على شقيقتها المسكينة!

اخذها بقوه من بين ذراعي مالك لأحضانه كارها ملامسة ايا يكن لشقيقته برغم انه يعلم بصفاء نيه مالك و يثق به ولكنه يرفض تماما ان يحتويها غيره!
رفعها بقوة ليهرع إلى اسفل الدرج و نحو شقتهم الصغير ليخبأها عن عيون الجميع، كم يكره ضعفه وقله حيلته معها و كم يتمزق لرؤيه شفقه و ذعر الجميع نحوها وهي افضل و اجمل الفتيات ؛ ماذا فعل ليعاقبه الله بمثل هذا الشعور المقيت؟!

هدأت دعاء ولكن دموعها استمرت، شعرت بضيق و قهر كبيران ؛ ذلك الحقير القذر بعد كل ما فعلته و تفعله لايزال يملك الجرأة ليتحرش بصغيرها!
ولكن ما يزيد من بكاءها ان هناك جزء مستتر داخلها و لأول مره يشعرها باشمئزاز من تأدية دورها المتقن والتي تلجأ اليه لتبرير افعالها فقط لانها قامت به امامه هو! ذلك ال مالك اللعين الذي اقتحم عذريه قلبها و حصون عقلها!

احتضنها عامر بقوة لتنتبه لشهقات بكاءها العالية وتتثبت به و تحتضنه بقوة ذلك السند المنيع التي تخشي اخباره فينهار و يتصدع امام عيونها ذلك الذي يتحمل الكثير والكثير!
نظر مالك بحزن للمشهد امامه و مال يربت على رأس رحمه الباكيه يطمئنها بعينيه انه سيصمت...

اعاد انظاره إلى دعاء و للحظه التقت عيونهم، و لكنها كانت كافيه ليري الحزن و القهر فتتأكد شكوكه و يبدأ عقله في نسج السيناريو الصحيح الذي يدور منذ البداية!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة