قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا أمير تيتا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس

نوفيلا أمير تيتا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس

نوفيلا أمير تيتا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس

استيقظت روان في الصباح ولم تجده بالغرفة تأففت موبخه نفسها لمَ تتمني وجوده من الأساس؟ ذلك اللعين المخادع، بللت شفتيها فانتقلت افكارها المخجلة إلى قبلتهم معاً، رفست الغطاء بحنق وحمدت الله على عدم وجوده ليشهد على قلة حياءها!

بعد دقائق خرجت من حمامها جاهزة، جذبت بضع أنفاس و رفضت ان تسمح لنفسها بالشعور بالحزن و الخزي من والدتها الحمقاء، فهي أقوي من ذلك، جدتها ربتها قوية و ستبقي قوية، تلك المرأة انتهي أمرها منذ زمن ولا داعي ليطول وجودها...

خرجت فوجدت جدتها تجلس بوجوم و عدم ارتياح و والدتها تضع ساق على الأخرى في المقعد المحاور لها و اصابعها على ما يبدو قد اعتادت ألا تفارق سجائرها، لا شك ان جدتها تشعر بالانزعاج من كل تلك الادخنة، كسرت الصمت بقولها:
-صباح الخير يا تيتا، عامله ايه دلوقتي؟
ابتسمت الجدة لرؤيتها واحتضنت كفها تقبله قبل ان تعيد لها روان قبلتها مضاعفه وقالت:
-صباح الورد يا حبيبتي، انا الحمدلله اطمني!

-ايه مفيش صباح الخير لماما اللي ضربت مشوار من الكويت لحد هنا على الفاضي!
قالت أولفت بسخرية واشمئزاز واضح لقربهما العاطفي امامها فرمقتها روان بجمود مجيبه:
-انتي لسه هنا انا فكري انتي مشيتي، غريبه في حاجه مخلياكي لسه هنا؟
نظرت لها اولفت بغل فأكملت بأستهزاء:.

-كنت مستغربه انك نزلتي مصر قولت معقول وحشتك ده انتي معملتهاش من يوم ما سافرتي، بس حقيقي عايزة اسألك سؤال ايه اللي يخليكي تفتكري اني ممكم اسمع كلامك في اي هبل مش موضوع جواز وبس!
-انا امك...
قاطعتها بحده:.

-انتي فقدتي اللقب ومستحيل يرجعلك تاني، اتمني بجد من كل قلبي انك تمشي و متفكريش ترجعي هنا تاني، انا مش محتاجه وجودك بالظبط زي ما انتي مش محتاجه وجودي، كلنا هنا كبار وواعين إن نزولك هنا كان مصلحه وانتهت!
نظرت أولفت بأستخفاف للجدة وقالت:
-برافو علمتيها القسية!
دوت ضحكة روان لتجيبها بجمود:
-لا اتعلمتها حصري منك!

قطع حديثهم رنين جرس الباب و وصول أمير، جذبت روان نفس عميق ثم فتحت له، قابلها بابتسامه مشرقه و قبلها بمشاكسه على جبينها الذي احمر في التو و اللحظة ثم همس:
-صباح الخير يا مراتي!
دفعته بخجل وهي تشير برأسها للعيون المتعلقة بهم، تنحنح وهو يناظر الجدة السعيدة و والدتها الغاضبة وقال بحب للجدة:
-صباح الفل يا تيتا، عا...
قاطعته أولفت بحده وقد ازعجها كل تلك العروض بالاهتمام و صاحت:
-خلصني جبت الورقة!

ارادت روان ان تصرخ بها بغضب بان ذلك ما سيرضيها ورقه، إلى هذا الحد هي لا تستحق محاربة منها ولا تستحق ان تبقي أياماً طويلة بل و شهور حتي تتأكد من خبر كهذا حتي ثورتها بسبب فشل خططتها وليس لأن ابنتها تزوجت أياً كان دون معرفتها، اكتفت روان بنظرة متهكمه تغمرها بها...

تقدم امير و جذب ورقة مثنيه من جيب سرواله وقد قرر التوجه للبيت ليطمئن على والدته التي تحادثه منذ شروق الشمس وفي نفس الوقت يصطنع أنه توجه لإحضار الورقة أمام والدتها، وقف امامها و فتحها في وجهها قائلاً:
-اتفضلي نزلت البيت زي ما قولتلك الصبح جبتها و جيت!
-ايه ده!
قالت اولفت بحده وكادت تجذبها منه لكنه ابعد ذراعه برفض قائلاً:
-افندم!
-دي مش قسيمه!

-اكيد دي ورقه من المأذون ماشين بيها لحد القسيمة ما تطلع احنا مبقالناش تلت أسابيع متجوزين...
اعادها إلى جيبه فوقفت أولفت تدق قدمها بغضب وانظارها تتنقل بين ثلاثتهم قبل ان ينكمش وجهها بامتعاض و تدخل إلى غرفة الجلوس مغلقة الباب خلفها، استقامت الجدة بتروي و توجهت لحفيدتها وربتت على ظهرها بحنان، ضمتها روان بابتسامه مصطنعة وقالت تطمئنها:.

-متقلقيش يا تيتا ولا اتهزيت، انا اصلاً من زمان و عارفة ان انتي ابويا و امي!
وصلهم من الداخل صوت همزات الام التي تتحدث على الهاتف فتوجهت روان خارج عن ارادتها نحو الغرفة عسي ان تسمع ما يدور بينها وبين زوجها ولم تنتبه لأمير المرافق لها كظلها...

تابعها أمير بعيون حزينة تستمع لكلمات والدتها القاتلة وهي تتشاجر مع زوجها وتتهمه بأنه لم يستمع لها من البداية و اضاع وقتها بالمجيء هنا، لعنها في سره بأفظع السباب حين سمعها تخبره:
-هتعوضني طبعا! انا هاخد بعضي وانزل على المطار احجز اول طياره على الكويت او اي دوله قريبه ومنها على الكويت المهم اني مش هفضل في البلد دي ساعه واحده!

اغلقت الهاتف بحده و وصل صوت اصطدامه بالطاولة إلى مسامعهم، تجمعت الدموع بعيونها رغماً عنها وشعرت بقبضه امير تلتف يدها و يحثها على الابتعاد معه، رمقتهم الجدة بحزن و جسدها المنهك غير قادر على التحرك من مقعدها و مواساة حفيدتها فغمز لها أمير لتتركها له، حاولت روان ابعاد يديها لكنه جرها بعناد إلى غرفتها، ابعدت وجهها عنه وهربت دموعها من مقلتيها، تنفست بحده ترفض البكاء فتحدث بإصرار:
-عيطي انتي لوحدك!

شعرت بشلالات تنساب من مقلتيها بجملته، اقترب امير يضمها تارة من الخلف ويربت على كتفيها تارة أخري وهو يهمس:
-عيطي وانتي معايا انا وبس!
علا صوت بكائها و استدارت تخفي وجهها في صدره وتضمه بقوة و بكاءها لا يتوقف، رفعها عن الأرض بسهوله وجلس على الاريكة وعدلها لتستقر فوق ساقه، ربت على ظهرها و شعرها طويلاً حتي هدأت و ساد الصمت المريح بينهم فقطعته بهمساتها:.

-كلامنا واحشني اوي، انا مش قادرة امسك تلفوني من غير ما افتكر اني خسرت أكتر انسان بيريحني!
رفع ذقنها بهدوء ومسح دموعها قائلاً:
-خسرتي ازاي وانتي في حضنه، انتي اللي عايزة تفكري انك خسرتي مش اكتر، لكن هو هنا وهنا...

اشار اليه ثم استقرت يديه فوق قلبها هي، اغمض كلاهما عيونهما و انغمسا في الشعور بدقات القلب المجنون قبل ان تنفرج عيناها بقهر حين سمعت صوت باب الشقة يفتح ثم يغلق بحده، هربت دمعه بعد ان ظنت ان دموعها قد جفت فقال لها بحده:
-خلاص مسموحلك تعيطي مرة واحده، متعيطيش عشان حد ميستهلش كفايه انك اغلي حاجه عندي وعند تيتا!
-مشت بالسرعة دي، دي مكملتش ساعة قد كده انا رخيصة عندها!

حدكت رأسها برفض ثم استقامت بحده وابتعد عنه قائلة بألم:
-و لو سمحت انا اصلا دماغي مش فيا بلاش تشتتني بطريقتك دي!
-اشتتك عشان بقولك انك اغلي حاجه عندي!
سأل بذهول من تحولها و اكمل بخفوت:
-يا بت المجنونة!
تركته و انضمت للجدة المنتظرة بالخارج، قبلت رأسها واخبرتها:
-نفتح الشبابيك نغير الهوا، لو كانت قعدت اكتر من كده كان حالي ضيق نفس!
احتضنتها الجدة ترفض ذهابها وقالت بحنان:.

- انتي اللي بقيالي يا حبيبتي، ربنا يسعدك في حياتك و يهديكي انتي وامير!
نظرت لها بعتاب لذكر اسم امير امامه فنظرت الجدة لأمير الواجم وقالت بهدوء:
-امير بجد بيحبك وكل اللي عمله ده كان بأتفاق معايا يعني تقريباً هو مكذبش علىكي هو بجد بيحبك!
ابتسمت لها روان، نعم تعلم أنها شريكه له في الاتفاق على حسب ما اخبرها به في المشفى منذ يومان، قطع تفكيرها قول امير بصوت جاف منزعج:.

-انتي مش محتاجه تقوللها امير بيحبها قد ايه، هي عارفة كويس اوي اني بحبها بس بتكابر ومش عايزة تعترف!
ابعدت رأسها بعيداً عنه ترفض إجابته فأستكمل:
-انا مضحكتش عليها انا كنت بحكي ليها حياتي بكل تفاصيلها وهي كمان و اعتقد لو هي عرفت انا مين مكناش هنوصل للمرحلة دي قبل ميه سنه، انا اتعلقت بيها و هي اتعلقت بيا بس هي مصره تتمسك بخزعبلات في دماغها!

انسحبت روان دون اي كلمه إلى غرفتها واغلقتها خلفها، نظرت له الجدة بحرج وقالت:
- معلش يا حبيبي اديها يومين و هتروق، اديك شايف يومين حصل فيهم بلاوي الدنيا بالنسبه ليها!
اجبر ابتسامه و قال:
-عارف، عشان كده هسيبها كام يوم تفكر وتعقل الكلام اللي قولته ليها ولو عايزة اي حاجه كلميني!
-انا مش عارفه اشكرك ازاي على مساعدتك ليا دي انا لو...
قاطعها أمير بابتسامه حقيقيه تلك المرة ليؤكد:.

-اقسم بالله ما عارف اشكرك انا ازاي ان الظروف دي خلت حفيدتك على ذمتي!
ضحكت الجدة وقرصت وجنته قائلة بمشاكسه:
-طيب روح قبل ما تفتكر و تطلع تقولك طلقني!
اقترب يقبل رأس الجدة بحب قائلاً:
-الطلاق ده للعيال التوتو انما احنا رجاله منطلقش ولو بالطبل البلدي!

ضحك كلاهما قبل ان يذهب متحججاً بأن امامه ايام لإقناع والدته بما حدث له و يمهد لها بأنه عقد قرانه على حبيبته و انه سيأتي بها زوجة قريباً، ابتسم بسخرية فوالدته لن تنام حتي يوم زفافهم، حمحم سيكون عليه اخفاء بعد المعلومات الغير مهمه كرفض العروس المؤقت له!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة