قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا أمير تيتا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الأول

نوفيلا أمير تيتا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الأول

نوفيلا أمير تيتا للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الأول

داخل برج سكني عصري الطراز في أحد الأحياء الهادئة بالقاهرة ارتمت روان صاحبة التسعة عشر عاما، ذات القوام الأنثوي المرسوم ببراعة رغم قصر قامتها على فراشها وأخذت تعبث بأزرار هاتفها بمهارة غير عابئة بتأخر الوقت واقتراب الفجر، ثم ضغطت زر الإرسال بحماسة:
-أنا شكلي بكراش على حد!

أرسلتها إلى صديقها المقرب أو ما تلقبه بال (بيست) والذي تعرفت عليه منذ ستة أشهر على موقع للتواصل الاجتماعي ولكنه أثبت أنه خير جليس لها و لهمومها، أخرجت لبانة كانت تمضغها و وضعتها على الطاولة الخشبية بجوارها ثم ارتسمت على وجهها ابتسامة وردية عندما أتاها صوت رده السريع:
-يعني ايه بكراش دي لا مؤاخذة؟

ضحكت بشدة و استمتاع على سذاجته و وقفت تسير على أطراف أقدامها كراقصة باليه ماهرة لخارج غرفتها ثم إلى الغرفة الموازية لها حيث تنام جدتها ملاكها، ابتسمت بخفة بعد أن دثرتها بالفراش و شعرت بوخزه ندم لشجاراتهم التي لا تتوقف رغم أنها كل حياتها وهي بمثابة كل ما تملك في الحياة فكلاهما بائس خلق للتخبط في الحياة، حركت رأسها وعادت إلى غرفتها ثم أسرعت بالرد على ذلك المنتظر بنشاط على الجهة الأخرى من غرفة الدردشة الخاصة بهما:.

-يعني شكلي أعجبت بواحد!
تأخر الرد ثوان بعد أن رآها ثم أرسل:
-واحد راجل يعني؟
لوت شفتيها بسخافته وهي تسب غباءه واجابت:
-ايه السخافة دي، اكيد يعني راجل، ابو شكلك!

على الجانب الآخر من الدردشة جلس شاب متربع على فراش داخل غرفة أنيقة تعبر عن ذوق ساكنها البسيط و يمسك هاتفه يكاد يغرق فيه بعينيه، ضغط الشاب بكفيه على الأزرار بغضب وهو يتمتم:
-راجل! لا ده انتي قليلة الأدب بقى!
ادخلت والدته رأسها من باب غرفته الموارب متسائلة بعدما سمعته يتحدث أثناء مرورها:
-انت بتكلم مين يا أمير!
أشار إليها أمير بكفه وقد احتقن كل وجهه و قال:.

-الله يرضى عليكي يا امي، سبيني دلوقتي عشان هتشل!
مصمصت شفتيها بغيظ و هي تدعي له بالهداية و غمغمت بصوت غير مفهوم :
-الله يحرق النت اللي هيضيع دماغك ما قولتلك اتجوز انت داخل على التلاتين سنه مفيش فايدة.
ترك أمير الهاتف من يده و أشار إلى أذنه قائلاً:
- أنا بسمع على فكرة، وداني شغاله والله!
انكمشت ملامحها بغيظ وقالت وهي تخرج و تغلق الباب:
-طبعا بتسمع دبة النملة لكن اقولك خد الزبالة تعمل اهبل و تنزل تجري!

خبط أمير على رأسه وقال بصوت عال كي يصل اليها:
-أنا لسه سامعك والله و باخد الزباله كل يوم على فكرة!
ضحك عندما اتته وصله توبيخ عالية ثم اتبعه صوت إغلاقها لباب غرفتها، زفر وعاد للمجنونة التي سرقت قلبه قبل عقله و سيضيع معها ما تبقي من زهرة شبابه إن لم تتعقل قريباً، نظر إلى الرسالة الأخيرة وعاد غضبه سريعا فانطلق يراسلها بحدة:.

-و مين ده إن شاء الله ومن امتي بتفكري في الحب، انتي مش مصدعه اهلي بعبارة أنا لا أصلح للحب، إيه اللي جرا، العداد هنج؟!..
ارسلها وزفر مستكملاً ما لا يستطيع ارساله:
-ولا عشان ساكتلك وبقول هبلة، لا يا ماما متسحلش أنا ست شهور وراكي وتقوليلي بيست و مش بيست، بيست دي هناك في الكويت عند امك، أبو أم اللي يحبك ويفكر فيكي وفي تخلفك يا عرة!
أتاه الرد بعد مدة:.

-يا غبي مبقولش حب بقول اعجاب بس مش متأكدة لأنه انسان جد كده و رخم وانا بحب الهلس!

غامت عيناه بغيط وهو يقول بصوت عال:
-ااااه يا تربية واطية، بحبك ازاي فهميني، من بين كل الناس المتربية ليه انتي أقع فيكي، لا لا مش هدعي على جدتك الست الطيبة المحترمة اللي معرفتش تربيكي!

أمسك هاتفه وتراقصت أصابعه فوق لوحته قبل أن يضغط زر الإرسال:
-لا انتي مش معجبة بزفت، انتي بس بيتهيئلك...
أتاه ردها عبارة عن صورة لفنان ترتسم على وجهه ابتسامة صفراء بسخرية ثم أرسلت:
-روح نام يا أمير أنا مش ناقصة وانت مش متظبط انهاردة!
فرك رأسه بتفكير مقرراً أن الوقت قد حان لاتخاذ القرار الحاسم، حرك أصابعه ثم أرسل ينهي حديثهم:
-تمام يا روان، سؤال أخير؟
أجابت روان سريعاً:
-اتفضل...

تنفس بقوة و حزم ثم أرسل:
-احنا كده لازم نتقابل ونعرف بعض صح ولا ايه؟!

اعتدلت روان وعقدت ساقيها اسفلها بذهول لمطلبه واسرعت تحفر لوحة هاتفها بسرعة كهربائية:.

-نتقابل، أمير انت عيان، ده انت مكسوف تبعت صورة ليك من يوم ما عرفتك، أمير احنا بدأنا نتكلم فويس من اسبوع!
علت دقات قلبها فنهرت غباءها بتمتمتها:
-ايه يا مجنونه متنخيش لأي مخلوق متبقيش هبلة زي أهلك، خدوا ايه من الحب واحد في امريكا بقاله سنين ومسألش عنكم و التانية مع جوزها في الكويت و سايبة بنتها ومشافتهاش ولا سألت من ساعتها...

زفرت باختناق تحاول نسيان مجرى حياتها كطفلة تائهة تخلى عنها الأمان، التقطت هاتفها لتقرأ رسالته:
-بطلي برود، اعملي حسابك هنتقابل، عشان حسابك تقل معايا!
ضحكت بشدة واجابته سريعاً:
-أنا كلمتك يا ابني؟
اتاها رده:
-أنا مش فاهم انتي هبلة بجد ولا بتستعبطي، على العموم روحي نامي و بكره يحلها الحلال...
عضت شفتيها بمشاكسة وأخبرته أصابعها سريعاً:
-تصبح على خير يا مجنون...

اضافت زهرة بأخر رسالتها و انتظرته بترقب يراسلها فوراً:
-وانتي من أهل الخير...

تعلقت عيونها بالقلب البراق الذي أرسله بنهاية جملته كعادتها كل ليلة وتنهدت تحاول ابتلاع تلك الابتسامة التي تحتل كل وجهها بلا مبرر...

أطفأ أمير الهاتف و وضعه على الشاحن، وقد تعلم قيمة إبقاء هاتفه به طوال الليل منذ اعتاد التحدث معها، تنهد ولن يفكر بمتاهات باقات الانترنت الخاصة بشريحته والذي يدفع بها الكثير و الكثير دون تذمر رغم التهام الشركة المحتالة نصف ما يدفع لأجله...

افترش سريره بتعب و وضع يده فوق رأسه يحاول اتخاذ القرار الصحيح بشأن حبيبته وقرر النوم في النهاية باستسلام، على أن يحادث جدتها بالأمر و إخبارها بتغير الخطة، ابتسم وهو يتذكر أول لقاء له بها وشكر الحظ الذي جعل مكان عمله في نفس مبنى سكنها...

قبل شهور مضت، وفي صباح مشرق خرج أمير من المقهى المختلط الخاص به ونظر للديكورات البراقة بفخر حين قطع اندماجه صوت فتاة صاخب يأتي من المدخل الخاص بالمبني الذي بأسفله مقهاه واتبعه صوت سيدة مسنة توبخها، اقترب اكثر وهو يحاول السماع بوضوح لما يدور وقد تعجب لبرود ردود افعال البشر من حوله وعدم اكتراثهم للأمر، توقف في مكانه حينما ظهرت شابة متوسطة الطول تميل للقصر، رفيعة بشكل رشيق جذاب و ممتلئة في الأماكن الصحيحة، رمش أهدابه بأعجاب خاصة عندما رأي وجهها الأبيض المستدير و عيونها العسلية المرسومة بخط أسود فوق جفنيها...

شعر برأسه تدور وهو يراقب شفتيها الكشميرية اللون تتحرك وضاقت عيناه ببطء وهو يحاول تفسير النقطة اللامعة أسفل منتصف شفتيها، خرج من عالم أحلامها المراهقة على صوتها الصاخب:
-راح فين الحيوان ده، أنا منبهة عليه الف مرة يجي في معاده يوم السبت مخصوص كده الدكتور مش هيدخلني المحاضرة و هيخصم مني خمس درجات وقتي!..

تأففت السيدة المسنة وقالت بغيظ:
-ممكن توطي صوتك شويه انتي آنسة رقيقة مش بلطجية، حرام عليكي فضحتينا في الشارع...
زمت روان شفتيها بعناد و قالت بصوت عال غير مبالية بنظرات الناس من حولها:
-أنا حرة واللي مش عاجبه يغور في ستين داهية!
حاولت روان تحريك المقعد المتحرك المخصص لتنقلات جدتها الصعبة او البعيدة لكن الجدة أوقفتها بحدة قائلة:.

-ممكن تروحي انتي، أنا ست كبيرة اه بس مش مشلولة ولا الكرسي نساكي اني بمشي، يلا لو سمحتي شوفي محاضرتك وانا هستني السواق هنا...
-يووه يا تيتا ابوس إيدك متتعبنيش...
قالت روان بغيظ، فأبعدت الجدة انظارها وهي تعقد ذراعيها معلنة بحزم:
-اتفضلي أنا مش محتجاكي في حاجة...
زمت روان شفتيها بغضب وتركت المقعد لترفع ذراعيها لأعلى قائلة بحدة:
-خلاص براحتك، أنا همشي...

لم تجبها جدتها و تجاهلتها، فما كان من روان إلا أن أوقفت تاكسي بعناد و دخلت إليه وهي تقول لسائق وجهتها وفي نفس الوقت ترفع هاتفها لمهاتفة السائق المسئول عن توصيل الجدة و الذي تأخر عن موعده بنصف ساعه و يتحجج بالطريق منذ الأزل...

اقترب أمير الذي كان يراقبهم بهدوء من الجدة اللي ظلت تتابع ابتعاد حفيدتها بنظرة تملئها الألم وقال بلهجة مبتسمة:
-صباح الورد يا تيتا!
التفت الجدة اليه والتي تبدو في الثمانين عام تقريبًا و تبدو كنسخة من حفيدتها بملامح جار عليها الزمن، أخذت تتفحصه من اصبع قدمه إلى أعلى رأسه ثم ابتسمت بخفه مجيبة:
-صباح الخير يا ابني؟

-أنا لقيت حضرتك منورة الدنيا قدام الكافيه بتاعي فقولت لو واقفة مستنية حد ياريت تتفضلي تستني جوا...
قال بأدب بالغ وابتسامة لم تفارق شفتيه ولكنها هزت يدها برفض قائلة:
-لا مفيش داعي السواق على وصول...
-يعني مستخسرة تدخلي مطرحي الجديد بوشك المنور ده و اعزمك على كوباية عصير فرش يمكن اقدر اخدعك واطلع بدعوة حلوة منك!

ضحكت الجدة بطريقة مميزة ببحتها اللطيفة على الأذان، فتقدم أمير بثقة يمسك مقعدها ويدفعها نحو مقهاه قائلاً:
-طب والله العظيم أحلى ضحكة اسمعها في الدنيا و وشك ده هيكون فتحة خير عليا!
لم ترفض الجدة تقدمه ولم تندثر ابتسامتها ولكنها قالت بحاجبي مرفوعين و حماس بريء يسر الأعين:
-انت ولد شاطر، و لسانك جميل أنا متأكدة انك هتنجح في شغلك...

وبالفعل جلس معها أمير بابتسامة حقيقية وهو يطلعها على ديكورات المقهى و جلسا يتحدثا سويًا لأكثر من ساعة شعرت فيها الجدة بسعادة بالغه و انتعاش لهذا الاهتمام المحبب لقلبها، تنهدت الجدة وهي تطالع هاتفها وتعدل نظارتها ببطء ثم أومأت رأسها بأسي وخيبة أمل، قائلة:
-شكل سامي مش جي...
تفحص أمير ملامحها الحزينة وسأل:
-مين سامي ده ابنك!
نظرت له الجدة بعيون يحيطهم جفون منكسرة من شدة ما تتحمل وقالت بخفوت:.

-لا ده السواق، ابني طه في أمريكا...
نظرت بعيدا وقالت:
-أنا هطلع تاني لحد روان ما ترجع...
-روان دي بنتك؟
سألها أمير بتلقائية وحدسه يخبره بأن الفتاة الخلابة هي المقصودة بهذا الاسم، فهزت الجدة رأسها بابتسامة تكاد لا تكتمل و قالت:
-لا بنت ابني، حفيدتي روان، هي كل حاجة بقيالي من ريحة ابني...
انعقد حاجبي أمير بتعجب و سأل:
-ريحة ابنك؟ انتي مش قولتي انه في أمريكا، يعني ممكن يرجع صح؟
نظرت لأسفل وهي تجيب بتلقائية:.

-لا مش ممكن، من ساعة ما راح امريكا من سبع سنين وهو مالوش حس ولا خبر ده حتي طلق مراته بعد ما سافر غيابي...
ضحكت بسخرية وقالت بابتسامة تحارب بها الدموع بعيون أم متحسرة :
-راضي طول عمره كان بيكره امريكا وبيقول اللي بيروح هناك عمره ما بيرجع ولو رجع مبيبقاش زي الاول، بتكون خدت خيره خلاص!

ربت أمير على يدها بابتسامة حزينة و بكل ما يتملكه من طيبة انحنى عليها يقبل يدها بحب تربى عليه تحت جناح والدته منذ وفاة والده المفجعة من سنوات مضت وقال بمشاكسة:
-و مين راضي بقي اللي عيون تيتا بتلمع وهي بتتكلم عنه؟
ابتسمت الجدة و رغماً عنها سقطت دمعة خائنة وهي تجيبه:
-راضي ده حبيبي و جوزي الله يرحمه، زمانه زعلان مني عشان مرحتلوش انهارده زي كل أسبوع!
-لا بالله عليكي متعيطيش وتندميني إني سألت،.

ساد الصمت بينهما و أخذت الجدة تلملم شتات نفسها ولكنه لم يتحمل ووقف قائلا بحزم وهو يدفع مقعدها:
-طيب مقولتليش ليه من بدري كنت وديتك. ، مش مهم احنا فيها فين المكان بالظبط...
قاطعته الجدة بذهول:
-لا يا أمير مفيش داعي أصلا روان قربت ترجع...
وقف أمام سيارته وأخبرها بحزن مصطنع:
-تيتا متزعلنيش منك ولا انتي بقي مش واثقه فيا وخايفه اخطفك...

ضحكت الجدة تلك الابتسامة مرة أخري والتي داعبت أوتار الحنين في قلبه وقالت:
-بس يا ولد يا مجرم انت، حقيقي أنا حبيتك بجد، انت أطيب حد قابلته من فترة طويلة أوي، وتستحق بدل الدعوة ألف، ربنا يفتحها عليك في شغلك و يسعدك في حياتك يا ابني...
-تعالي ادخلك العربية وهحط الكرسي ورا..
قال بعفوية ففاجأته بقولها وهي تنفذ :
-أنا هقوم بنفسي، الكرسي ده أنا بحتاجه بس في المشاوير الطويلة لأني للأسف بتعب أوي...

ابتسم أمير برضا وساعدها على النهوض وبالفعل غابا سويا حيث مدفن زوجها غير واعي للعاصفة التي ستهب في وجهه حين يعود مع الجدة...
خرج أمير من ذكرياته على صوت إشعار من هاتفه فقفز من فراشه يجذبه من قابس الشاحن و وجد رسالة منها وقرأها ببطء وابتسامة مرتسمة على فمه:
-وحشتني مع اننا لسه قافلين، انا نايمه فعلاً، سلام نمت خلاص،.

تجاهل الوجه الاصفر و لسانه المتدلي بآخر رسالتها و أخرج الهواء من فمه تدريجياً وهو يخبط بالهاتف على رأسه بتعب متمتمًا:
-الله يحرق الحب و سنينه قلبي هيقف يا شيخة من تفاهتك أومال لو قولتيلي بحبك يا أمير هيحصلي ايه؟!

اما هي فابتسمت بسعادة محتضنه وسادتها وقد اعطتها تلك المحادثة طاقة إيجابية لا تحلم بها، انفرجت عيونها بعد لحظة عندما عاد عقلها لمن اختار قلبها الأحمق الإعجاب به، أمير، ذات الاسم و شخصيتان كشتان، فأمير عن أمير هناك فرق...

وقفت في المطبخ عاقدة ذراعيه تطالع الذي يقف بمطبخهم يطبخ لجدتها حساء وكأنه يملك الحق و يسرق مكانها في حياة الجدة ثم قالت باتهام و غيرة:
-لا بجد ما تيجي تريح جوا شويه، ايه الحشرية دي!
رمقها هذا الأمير المزعج بلا مبالاة وجفف يداه قبل ان يحاول تخطيها بتجاهل، اعترضت طريقة بوجهه احمر لتجاهله وقالت:
-في بيتي و كمان قليل الذوق لا حقيقي اسم علي مسمي..

ابتلعت لسانها وانحصرت انفاسها عندما تقدم منها بتحدي غير عابئ ان الفارق بينه و بين جسدها صار لا يتعدى سنتيمترات معدودة وهمس:
-انتي قولتي اهوه في بيتك، يبقي مين اللي قليل الذوق!
تعلقت عيونه بشفتيها اكثر من اللازم فدفعته بحرج واحمرت وجنتها بخجل قائلة:
-بتبص علي ايه يا قليل الأدب!
-علي الروج اصل ريحته حلوة أوي، مش انتي حطاه بردو عشان الرجالة تبص؟

طالعته بصدمة لوقاحته وقبل ان يجيب تركها وخرج من امامها، وقفت كالتمثال تحاول استيعاب إهانته عندما تفاجأت به يعود امامها مرة أخرى و بكل وقاحة التقى ابهامه بشفتيها السفلى يزيل بضعاً من احمر شفاهها، فرغ فاهها بصدمة واشتغلت النيران بوجهها عندما امتص ابهامه بين شفتيه الرفيعة المزينة بلحيه و شارب يضيفان عليه هيبه رجولية بحته، وقال بعيون غائمة نجحت في سبر أغوار عينيها:.

-كنت عارف انه بطعم الفراولة بس كان لازم اتأكد...
لعق اصبعه مرة أخرى تأكيدية ثم تركها و ذهب، تنفست بحده واستندت علي الحائط خلفها تحاول تمالك دقات قلبها مما فعله للتو...
عادت من ذكرياتها برفض و قالت بصوت عالي:
-لا إياكي و الحيوان ده أصوم و أصوم وافطر علي بصله!
وبذلك خبطت وسادتها في وجهها مقررة الاستسلام للنوم...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة