قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا أشواك العشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

نوفيلا أشواك العشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

نوفيلا أشواك العشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

كان يدلف بها إلى منزله يجذبها من خصلاتها بقوة وصوت صراخها يضفي نوعًا من موسيقى إنشقاق الروح!
وكان هو الاخر منفعل، غاضب، لا بل كاد يجن من فرط ذهوله...
خط محدد توقعه ينحني يمينًا ولكنه إنحدر نحو الهاوية فانقسم بانكسار!
كان يصرخ بعصبية جلية تحاوط خليط ملامحه:
-أنا يا سيلا، بقا انا مراتي تخوني على اخر الزمن!
ثم امسكها من كتفيها لتنهض، ثم بدأ يزمجر بحدة قاسية:
-لية!؟ لية عملتي كدة ليييييية.

وببرود هائل كاد يُميته صريعًا ردت:
-وأنت مالك! أنا حره
لم يشعر بنفسه الا وهو يسحبها نحو غرفته في الاعلى متجاهلاً نداء خالته التي جاءت تركض خلفه بفزع:
-في أية يا سليم حصل اية بس فهموني!؟
دلف إلى الغرفة ثم رماها ارضًا ليغلق الباب خلفه، كانت هي محدقة فيه بسكون غريب!
وكأن شللاً ما اصاب أطرافها المشعثة..
دلفت جميلة وحاولت جميلة ازاحتها من امام سليم ولكنه امسك بها ليصرخ بخالته:
-اطلعي بررره يا خالة.

حاولت الاعتراض بقلق:
-اسمعني بس يا سليم، آآ
ولكنه قاطعها مستطردًا بحدة عالية:
-لو سمحتي ماتخلنيش اعمل حاجة اندم عليها يا خالة، اطلعي بررررره
ابتلعت ريقها بقلق وقد أيقنت أن سيلا تعدت كل الخطوط الحمراء التي رسمها هو مسبقًا..
وبأقدام شبه مرتعشة خرجت بالفعل ليغلق سليم الباب بالمفتاح..
ثم خرجت خلع -حزام بنطاله- وهو يردد بشراسة:
-خونتيني وشوفتك بعيني، وبكل بجاحه بتقولي اه انا حره!

كانت تنظر له بخوف هذه المرة، سلسلة الجمود التي كانت متففنة في إظهارها على ملامح وجهها إنكسرت..
ليظهر هلع غزير تشبع تلك الجفون التي حفرت أسمه مسبقًا...!
هبط حزامه على جسدها بعنف فظلت تصرخ بألم:
-حرام عليك سبني!
ولكنه لم يكن ليتركها بل ظل يضربها بكل قوته، بانفعال كل آآهٍ صرخت بها كرامته ورجولته كرجل شرقي...
وكل ذرة جنون اجتاحته امام برودها!

لم يتركها إلا جثة هامدة مسطحة ارضًا، هبط يميل رأسها ولكن وجدها فقدت الوعي، ابتعد عنها ببطئ يعدل هندامه بسكون ثم استدار ليخرج من الغرفة مغلقًا الباب خلفه وكأن شيئً لم يكن!

كانت جميلة تجلس مع سيلا بعد رحيل الطبيب الذي داوى جروحها قدر الإمكان، وكتب لها على علاج وبالطبع لم يكن سليم في المنزل...
جميلة، مندهشة بحق من تصرف سليم الذي أنعش بذور الخوف من تصرفاته مرة اخرى!
واخيرًا بدأت سيلا تتململ في نومتها وهي تتأوه بصوت عالي باكية من الألم الذي خدر حواسها:
-اااه يارب مش قادرة
اقتربت جميلة تتحسس وجنتها بحنان هامسة:
-سلامتك يا حبيبتي، أية اللي حصل يا سيلا فهميني!

ازداد بكاؤوها الذي أصبح رحلة عميقة اختطفت اتزانها، ثم بدأت تغمغم:
-مش لما اعرف انا، والله ما فاكرة حاجة كويس، أنا في حد اتصل بيا وقالي سليم في الشقة دي وعمل حادثة، وانا مافكرتش كويس وغيرت طريقي من بيت اهلي للشقة دي، واول ما وصلت لاقيت ناس غريبة شربوني حاجة غصب عني وبعدها ماحستش بأي حاجة!
اخذتها جميلة في احضانها تربت على خصلاتها التي كانت تقريبًا مُقطعة، ثم همست لها:.

-طب اهدي يا سيلا، اهدي كدة في حاجة غلط لازم نفهم
أصبحت تهز رأسها بشكل هيستيري وهي تحاول النهوض:
-انا مش عايزة افهم حاجة ولا عايزة اشوف خلقته، انا عايزة امشي من هنا لو بتحبيني بجد ارجوووكِ
وقبل أن تجيب جميلة كان سليم يدلف ممسكًا بيد مرسين التي كانت تبتسم بخبث لم يلوح سوى لسيلا التي امتعضت رغم ألمها...
ثم قال بقسوة:
-تمشي فين! أنتِ مفكرة إن في حد ممكن يخلصك من تحت إيدي؟!

وبلحظة كان أمامها يصفعها بقوة مصيحًا بنبرة سقطت على أذنيها كرعد زلزل كمائن عشق دفين:
-أنتِ مش هتمشي من هنا الا على قبرك، يا تموتي في ايدي من العذاب يا انا اموت واخلص من العار دا!
ظلت تبكي وهي تحاول إخباره بصوت متقطع الأشلاء:
-حرام عليك يا سليم، أنا والله ما عملت حاجة ولا فاكرة أي عار بتتكلم عنه
أشار لمرسين أن تقترب، ثم شابك أصابعه بأصابعه وهو يكمل بجمود حاد:.

-احسن برضه، مرسين هتعيش معانا، ومن الليلة دي أنتِ الخدامة بتاعتها، ويا ويلك يا سواد ليلك لو اشتكت منك! هيكون يوم أسود على دماغك
لم تعلق وإنما ازداد بكاءها العالي، ليجذبها من خصلاتها محذرًا:
-ساااامعة؟!
اومأت مسرعة بخوف مرتعد:
-سامعة، سامعةة!
أولاها ظهره ليخبر جميلة قائلاً بنبرة ذات مغزى:
-اسمعي، لو عرفت إنك ساعدتيها هيبقي ليا تصرف تاني معاكِ واظن أنتِ عرفاني كويس!

لم تعلق جميلة وإنما اكتفت بالتحديق به، إلى أن انتهى ثم غادر متجهًا لغرفته، فاقتربت مرسين من سيلا تنغزها بقوة آمرة:
-قومي اعمليلي حاجة اكلها يابت انتِ
نهضت سيلا ببطئ بعدما نظرت لها بحدة، تحاول لملمة ما تبقى من كرامة تحولت لشظايا داخلها!

مر حوالي أسبوع...
وفي يوم صباحًا، كانت سيلا قد أعدت الافطار لكلاً من سليم و مرسين
تحسست ظهرها الذي كان يؤلمها بسبب نومتها على الارضية في غرفة الخدم، مسحت الدمعة التي كادت تفر هاربة من بين أسر جفنيها ثم دلفت ببطئ دون ان ان تطرق الباب كعادتها...
ولكن فوجئت ب مرسين التي كانت تُقبل سليم بشغف شديد وهو يحيط خصرها بيداه...

نغزة قوية مرت عاصفة على ذلك القلب، ولكنها لم تكن عشقًا، بل كانت لنفسًا اصبحت ذليلة بعد أن كانت ملكة العالم وما فيه!
وما إن رأتها مرسين حتى اقتربت منها تدفعها للخلف بعنف مزمجرة:
-أنتِ متخلفة يابت أنتِ، في حد يدخل اوضة البهاوات من غير أذن كدة؟! ولا جاية تتصنتي!
هزت سيلا رأسها نافية وبصوت مبحوح حاولت الرد:
-لا بس كنت آآ شايله الصينية م معرفتش أخبط.

رفعت مرسين يدها تنوي صفعها ولكن يد سليم التي امسكت بها اوقفتها عما تريد، ثم همس لها بضياع:
-أنتِ، أنتِ بتعملي آآ أية!
نظرت له مرسين بذهول وقد لاحظت إختفاء نظرة الجمود التي كانت تتلبسه، ثم أخفضت يدها سريعًا والقلق يتآكلها مما تشك به...
حاولت العودة للسابق وهي تهتف بضجر:
-أنت مش شايفها يا سليم كمان بتحاول ترد عليا!

كان يحدق بها بتشوش صامت، والآم رهيبة تحيط رأسه، لم تنتظر سيلا اكثر فركضت من الغرفة تشهق باكية..
فيما امسك هو برأسه وهو يهمس بصوت يكاد يسمع:
-سيلااا!

وفي اليوم التالي...
كانت سيلا تتمدد في غرفة الخدم كالعادة على الارضية، دموعها هي صاحبها الوحيد!
كان جسدها يهتز مع ارتجافة قلبها كلما تذكرت ذلك المشهد، فجأة شعرت بمن يدلف ويغلق الباب خلفه، نظرت له لتجده سليم
ارتجفت تلقائيًا وهي تعود للخلف مرددة بخوف:
-أنت، أنت آآ عايز أية جاي هنا لية!
اقترب منها حتى أصبح أمامها، ثم جذبها لأحضانه فجأة وهو يردف بنبرة شبه باكية:
-وحشتيني، وحشتيني اووي يا حبيبتي!

دفعته عنها بكل قوتها، ثم صارت تصرخ بعصبية هيستيرية:
-ابعد عني أنت مجنون أنت عايز مني أية تاني حرام عليك بقاااا
رفع يده ليضعها على شفتاها، ولكنها اعتقدته سيصفعها كالعادة مما جعلها تخبئ وجهها وهي تعود للخلف شاهقة بعنف مرتجف:
-لا حرام عليك كفاية أنا معملتش حاجة!
أمسك يداها الاثنان ليهمس بصوت مبحوح:.

-سيلا، أنتِ خايفة مني! أنا سليم حبيبك، أنا مكنتش واعيي يا سيلا، خالة جميلة هي اللي حكتلي كل حاجة دلوقتي حصلت، انا حتى مش فاكر كويس انا عملت أية ولا أزاي مرسين بقت هنا!
نظرت له بسخرية مريرة وهي تقول:
-والمفروض إن انا اصدق بقا!؟ لية لايكون معمولك عمل! امشي اطلع بره يا سليم
كاد يهتف بشيئ ما ولكنها وضعت يدها على اذنيها مزمجرة بجنون:
-بررررره بررررره مش عايزة اشوفك انا بكرررهك يا سليم بكررررهك...

شعر بطعنات متتالية تحطم فؤاده من كلمتها تلك!
وكأن سكين بارد غُرز بقلبه فجأةً فدمره كليًا...
-سامحيني يا حبيبتي انا اسف
همس بها ثم بالفعل استدار ببطئ يجر اذال الخيبة، وما إن خرج يسير دون صوت حتى سمع صوت مرسين تتحدث في الهاتف بانفعال مرددة ؛
-يعني أية رجع لطبيعته! أنت مجنون، مش هو دا اللي اتفقنا عليه
صمتت دقيقة تستمتع للطرف الاخر ثم اكملت بحدة:.

-يعني أنت وقفت ام العمل عشان الفلوس! ما احنا متفقين أن هجبلك الفلوس بس مكنش معايا، وبعدين لما أنت لسة موقفه ازاي رجع لطبيعته بسرعة اذا كنت قايلي لما اوقفه بعدها بأسبوع هيبتدي يفوق...
ثم عادت تصرخ بجنون:
-الله يخربيتك هتوديني في داهية، أنت عارف انك لو وقفته انا اللي هتأذي مش هو لان يعتبر انا اللي عملاه ومع ذلك وقفته، دا انا هاوديك في داهية!

كان سليم متجمد مكانه يستمع بذهول قاتم جعله راسخ مكانه يرفض التحرك...!
معناها صحيح ما قالته خالته، هو ظلم محبوبته، اهانها، حطم كبرياء الانثى داخلها ودفن رماد العشق بنفسه!
هل هذا وعده لها بالامان والحماية و، والثقة!
دمعة يتيمة سقطت من عيناه، ليمسحها مسرعًا وهو ينظر ل مرسين بشر و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة