قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا أشواك العشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

نوفيلا أشواك العشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

نوفيلا أشواك العشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

صباحًا، كانت سيلا تركض وهي تخفي خلف ظهرها هاتف سمر الخادمة الجديدة التي جلبها لها سليم لتساعدها فاتخذتها صديقة مقربة لها..
حتى سمعتها تهتف بضجر شابه الحياء:
-امانة لاتديني التليفون ياست سيلا
هزت سيلا رأسها نافية بابتسامة خبيثة:
-تؤ تؤ، لازم اقرأ رسايل سي مروان الاول يا سمووورة!
ثم عادت تركض مرة اخرى بسرعة لتهتف سمر مسرعة بحذر:
-براحة ياست سيلا لايكون في حمل ويحصل حاجة و...

ولكنها صمتت عندما رأت غمامة الحزن التي طافت في سماء عيناها، كأمطار تهطل بغزارة لتُنمي أرض الألم المشققة حد الصرع...!
اقتربت منها سمر تعض على شفتاها مرددة بأسف:
-حقك عليا ياست سيلا، والله ما كان قصدي افكرك
هزت رأسها نافية، وبصوت ماج الألم به كرتوش طبيعية في لوحة سوداء قالت:
-لا يا سمر عادي، بس متقلقيش أنا مش حامل، ومش معقول بعد ما بقالي 5 سنين متجوزة ومفيش حمل يبقي هاحمل دلوقتي!

ابتسمت سمر بحبور وهي تهمس:
-ومين عالم، ربنا قادر على كل حاجة
تنهدت سيلا بقوة، وبصوت أخترقته سهام الألم بسمومه القاتلة ردت:
-أنا وسليم مينفعش مع بعض يا سمر، الدكتور قال كدة في اخر مرة، مش هنخلف مع بعض!
إنتفضت سمر قبل أن تجيب على صوت سليم الذي دلف المنزل لتوه، لتنهض مسرعة تحييه:
-حمدلله على السلامة يا سليم بيه.

اومأ سليم موافقًا برأسه دون رد، ليتجه نحو غرفته بخطى شبه مسرعة، فأسرعت سيلا خلفه بهدوء متوتر بعض الشيئ...

دلفت خلفه ثم أغلقت الباب، ليخلع هو الچاكيت بصمت فاقتربت هي منه تعاونه وهي تهمس له برقة:
-شكلك تعبان النهاردة!؟
اومأ مؤكدًا وقد بدأ يفتح أزرار قميصه العلوية ابتسمت هي وكادت تهتف بشيئ ما ولكنها توقفت فجأة وهي ترى أحمر شفاه على قميصه!
إتسعا بؤبؤي عيناها وهي تهمس بصوت جامد:
-أية دا يا سليم؟!
نظر هو لمَ تنظر فعقد ما بين حاجبيه وهو يتأفف بضيق:
-مش عارف.

شعرت وكأن الدنيا تنهار من حولها، حلمها، صبرها، حياتهم سويًا يتفكك ترابطها بسلاسل العشق ليبقى كل شيئ مجرد رماد!
وسرعان ما تكونت الدموع بعيناها وهي تقول بشراسة:
-مش عارف، مش عارف ولا مش عايزني انا اعرف يا سليم!
تنهد بعمق وهو يجادلها ببرود:
-وانا مش هعوزك تعرفي لية! إنتِ عارفة إن لو في حاجة أنا مش بخاف
أصبحت تضربه على صدره بقبضتاها الصغيرة وهي تصيح ببكاء حاد:.

-أنت مش عايزني اشوف واعرف خيانتك، الروچ دا بتاع البت صح، كنت معاها، كنت معاها يا سليم، عملت زي ما خالتك عاوزة صح!
أمسك يداها يكبلها بقوة، ثم زمجر غاضبًا فيها ؛
-اهدي بقا وبطلي جنان، هي مين دي اللي كنت معاها! أنا مكنتش مع حد، شيلي الوسواس دا من دماغك
ثم نظر في عيناها مباشرةً وهو يكمل محذرًا:
-عشان لو فضلتي كدة أنا هاديكِ سبب حقيقي تعملي عليه كدة يا سيلا
تهديد صريح...!

واضطراب حي تمرغ بين جوانح شعورها يخمد ثوران الانثى داخلها..
ولكن رغم ذلك ضغطت على روحها الممرغة ارضًا وهي تخبره بصوت أجش:
-مستحيل، لان ساعتها هيبقى أنا كمان من حقي أشوف واحد واتجوز وأخلف منه!
شهقت بعنف من زجه المفاجئ لها بجسده نحو الحائط حتى إلتصقت بالحائط وكأنها تحتمي به ثم إرتجف جسدها رغمًا عنها وهو يخبرها بحدة أخفت نبرة التملك الواضحة:
-إياكِ...
وضع أصبعه على شفتاها متابعًا بنفس النبرة:.

-إياكِ اسمعك بتقولي الكلام دا تاني..
ثم رفع وجهها نحوه بعنف قبل أن يستطرد بصوت جامد لا يقبل النقاش:
-إنتِ ملكي، ليا أنا بس، ومفيش راجل في الدنيا هيلمسك غيري!
أنهى جملته بقبلة عاصفة وكأنها صك الملكية وسط تلك النزاعات، كانت قبلته عنيفة حادة ولكن سرعان ما لانت وهو يستشف دموعها...
كانت دموعها تهبط بصمت إلى أن تعالت شهقاتها تغطي سكون ظللته حلكة الليل، فمد أصبعه يمسح دموعها وهو يهمس لها بجوار اذنها:.

-هششش، لو ولادي مش هيكونوا منك أنتِ يبقى مش عايزهم!
أحتضنته بقوة متشبثة بعنقه، وكأنه طوق النجاة، وسبيل الحياة، ورابط الروح في تلك الدنيا..
لتردد كالأطفال بشفاه مزمومة:
-أوعى تسيبني يا سليم، أنا بحبك اووووي والله
أبتسم في حنو وهو يردف:
-وأنا بعشق أمك والله، ومستحيل أسيبك دا أنتِ روحي، هو في حد بيسيب روحه!
أحتضنته بقوة أكبر لتجده يلتصق بها أكثر ليدفن وجهه عند عنقها وهو يهمس لها باشتياق:.

-وحشتيني، وحشتيني اوي على فكرة
نظرت له بنصف عين وهي تتابع بغيظ:
-امممم، عشان كدة كنت بعيد عني اسبوعين من ساعة ما جينا من عند الدكتور!
أخذ يملس على وجهها بأصبعه برقة بينما عيناه ترسمان ملامحها بمهارة ريشة عاشق مرصعة بالدفئ، ثم تنهد مستطردًا:
-كنت محتاج أحدد حاجات كتير اوي وأفكر كويس، عشان محدش فينا يندم بعد كدة.

اومأت موافقة بابتسامة منكسرة، وأغمضت عيناها بقوة تكتم تلك الكهرباء التي سرت على طول عمودها وهي تستشعر يداه التي مست ظهرها عقب عبثه بأزرار ذاك الفستان...
ليسقط عنها ببطئ، فحملها هو بين ذراعيه بتمكن هامسًا:
-بحبك...
كانت أخر ما سمعته منه قبل أن يذوبا معًا في رحلة جديدة من عشقًا بات أسرًا لهم رغم ضرباته، لم تخلو من كلماته المعسولة التي بات يحاول إتقانها مؤخرًا!

وقف رجلاً ما في احدى الأركان لمكتب كبير يطغي عليه السواد تمامًا كحلكة قلوب من به...
يولي ظهره للباب الذي فُتح لتوه ليدلف شخصًا وهو يخبره بجدية هادئة:
-اوامرك يا باشا
سأله بخشونة دون أن ينظر له:
-حطيت رجالة وره سليم ومراته وخالته؟!
اومأ الرجل مؤكدًا بثقة:
-طبعًا يا باشا، ومرسين مستنية منكم إشارة عشان تنفذ
اومأ موافقًا وبنبرة خبيثة تابع:.

-عشان تكسر سليم الصقر، لازم الضربة تجيله من قلب بيته، قبل ما تكون في الشغل
اومأ الرجل موافقًا، ليكمل هو وقد بدأت ابتسامته تتخذ حيز الظهور على محياه المقعرة حقدًا:
-خلي مرسين تبدأ التنفيذ، وخليك معاها خطوو بخطوة ماتديلهاش الامان بردو
اومأ الرجل موافقًا وبصوت مطيع رد:
-امرك يا باشا
ثم أستدار ليغادر مسرعًا، فيما همس هو وقد إرتجفت حروفه عقدًا للهب الشيطاني:
-مسيرك تقع يا سليم ومحدش هايسمي عليك!

ليلاً...
كانت جميلة خالة سليم تجلس في حديقة المنزل مع مرسين والتي اتخذت وظيفة سكرتارية سليم بأعجوبة بعد إلحاح وتنكر منها بحسن النية...
أشارت لها جميلة نحو كوب القهوة وهي تقول:
-اشربي يا مرسين القهوة لاتبرد
اومأت مرسين قائلة بابتسامة هادئة:
-ميرسي يا طنط، انا قولت بس اجي اطمن على حضرتك
ربتت جميلة على كتفها في حنو هامسة:
-كتر خيرك يا مرسين تسلمي.

ابتسمت مرسين في حياء مصطنع وصمتت، بينما كانت نظرات جميلة تلاحقها بترقب كجنود تحاول إحياء ساحة الحرب...
بغض البصر عن كون هناك قلبًا ينزف او لا!
فجهنم تنتظر بصيرة قد عُميت برغبات الدنيا..!

بينما في الاعلى في غرفة سليم وسيلا...
كانت سيلا متمددة على ذراعي سليم تبتسم في حنو..
تدفقت سيول العشق، وتناثر لمعان اللهيب، وقد اختلطا برحاب قلوبًا تذوب بها كمياه تراكمت بغزارة..!
رفع سليم وجهها له يشاكسها بعبث:
-عارفة يا سولي
أستندت بيداها على صدره العاري تسأله:
-امممم؟ قول يا قلب سولي
اتسعت ابتسامته وهو يخبرها بحنق مصطنع:.

-أنا مكنتش عايز اضايقك، لكن خلاص، أنتِ تخنتي اوي، بقيتي شبه المفتش كرومبو، وانا خلاص السن له احكامه، والعمود الفقري اتكسر 44 مرات من ساعة ما اتجوزتك
إتسعت حدقتا عيناها وهي تهتف صارخة فيه بشراسة:
-أنا شبه المفتش كرمبو يا سليم! ولا أنت اللي شخشخت (عجزت) يا روحي
مط شفتاه مشاكسًا:
-بقيتي بيئة اووي يا حبيبتي، بارك الله فيما رزق
نظرت لجسدها الذي لم يمتلئ على الاطلاق، ثم همست بجزع:.

-بقا انا عشان ربنا يعني مديني شوية عز، خلتني المفتش كرومبو دا انا حتى بيضة وكيوت كدة مش شبه شيكابالا! يلا هتروح من ربنا فين، هو اللي عند ربنا بيروح!
ضحك سليم وهو يحتضنها، ليجدها تتحسس صدره بشرود وهي تهمس بصوت آلفه الألم كظله:
-عارف يا سليم، كان نفسي أجيب ولد منك عشان يبقي شبهك في كل حاجة، وبدل ما يبقي عندي هتلر واحد يبقوا اتنين
نهض فجأة سليم يطل عليها بعضلاته المفتولة لتشهق هي متوجسة:.

-أية يا سليم مالك هتعمل اية يا حبيبي اوعى تتهور
أنقض عليها فجأة يكتسحها بجبروت عاشق مل البُعد الذي كاد يقتضيه حيًا، قبل أن يهمس لها بخبث:
-هانجيب هتلر يا حبيبتي!

بعد مرور أسبوعان...
كان سليم يرتدي ملابسه ليتجه لعمله، بينما هي ممدة على الفراش تحدق به بصمت، إلي ان قالت فجأة:
-بردو مش هتقولي الروچ دا كان بتاع مرسين ولا لا يا سليم؟!
تنهد بقوة قبل أن يجيبها بصوت أجش:
-أنتِ عارفة إن مرسين مش بتهدى يا سيلا، لازم تتأقلمي وتبطلي شك بقااا
نهضت جالسة وهي تزمجر بغيظ:
-يعني مفروض أشوف الروچ بتاعها على قميصك واسكت! ولا أأجرلكم شقة تاخدوا راحتكم فيها؟!

فجأة كان أمامها يمسك خصلاتها السوداء يشدها بقوة حتى تأوهت بصوت عالي لونه اشباه بكاء قادم..
ثم قال بحدة:
-سيلا، أنا مش هاسمح إنك تتجاوزي حدودك او تقللي مني! وأنتِ عارفة كدة كويس فمتحاوليش تخليني افقد اعصابي!
أبعدت يده بشراسة مرددة:
-مش هاسكت يا سليم، مش هاسكت لحد ما تطرد البت دي من الشغل
أشار لها بأصبعه وهو يستطرد بصوت قاتم:
-مش هاطردها يا سيلا، انسي!
ولم يعطيها الفرصة بل غادر دون أن يرمي السلام حتى..

فأسرعت هي لتنهض وترتدي ملابسها مسرعة للحاق به...

وفي الأسفل ما إن رأت جميلة سليم الحانق سألته بقلق:
-مالك يا سليم حصل أية يا حبيبي!؟
تنهد بقوة ثم أجاب بنفاذ صبر:
-سيلا بقت مقرفة اوووي وشكاكة، أنا تعبت منها ومن الغم دا، مكنتش متوقع إنها نكدية اوي كدة
هزت جميلة رأسها نافية بعدم رضا:
-حاول تراضيها يا سليم
ثم أكملت بنبرة ذات مغزى:
-دي الست بتحس بجوزها يا حبيبي..
اومأ موافقًا ثم استدار وهو يخبرها:
-انا هاروح لمرسين اشوفها.

اومأت موافقة، وبقلبًا يتمني ذلك نهرته بهدوء:
-واقعد مع البنت واهتم بيها شوية يا سليم، دي البنت شاكه انها حامل!
عند تلك الكلمة تحديدًا لم تعد سيلا تحتمل تلك السموم التي تغرز بها فسقطت على السلم حتى وصلت للارضبيو لتصطدم بها بقوة فاقدة الوعي...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة