قصص و روايات - قصص هادفة :

قصة كتابي الجزء الثاني للكاتبة جيهان بنشبيبة كاملة

قصة كتابي الجزء الثاني للكاتبة جيهان بنشبيبة كاملة

قصة كتابي الجزء الثاني للكاتبة جيهان بنشبيبة كاملة

مقدمة
في الخيال وفي الواقع بدأت قصتنا وتعلمنا في الجزء الأول أن القراءة شيء جميل، ولا يجب أن نستسلم أبدا ونثق بأنفسنا.
أما في هذا الجزء فسنلتقي بشخصيات جديدة ونرى أماكن جديدة ونتعلم أشياء جديدة. والآن أترككم مع القصة.

لقراءة الجزء الأول: قصة كتابي الجزء الأول

سامر طفل في العاشرة من عمره، طفل ذكي يحب القراءة، كل أوقاته يَشْغَلُهَا بقراءة القصص والكتب. كان يحب سامر قراءة القصةِ المفضلة لديه في حديقة المنزل.
في الثالثة والعشرين من شهر أيار كان سامر في الحديقة يقرأ تلك القصة جالسا على كرسيه تحت مظلة الشمس التي تقيه من أشعة شمس ذلك اليوم، وفجأة وجد نفسه في مكان غريب تملؤه الظلمة.
تساءل سامر في نفسه:
- أين أنا؟ ما هذا المكان المظلم؟
خطى سامر خطوة فاشتعل قربه ضوء، فاستدار ليرى ما هو منبع هذا الضوء، فوجد شَمْعِدَانَا مشتعلا، امسك بقبضتها كي يحملها فاشتعلت شمعدانات أخرى التي أضاءت المكان، ترك الطفل الشمعدان، وبدأ يتفحص المكان وأخيرا وصل إلى طريق مسدود ففكر قائلا:
 - أيمكن أن يكون مفتاح مخبأ أو حجر على شكل مختلف عن غيره في الحائط يفتح بابا أو يؤدي إلى مكان ما؟
 وهو يقولها، كان يتحسس الحائط بيده.. فتعثر سامر بشيء صلب فوقع، ووقف واستدار ليعرف ما جعله يتعثر فتألم في ساقه اليمنى رفع جزء من سرواله حتى الركبة، فوجدها تنزف، أخذ رباط عنقه ولفه على ساقه المصابة وصَبر للألم، بعد ذلك وجد حجرا عليه رسومات غريبة وناقصة استدار جهة الحائط فوجد مكان فارغا على شكل مربع فنظر إلى الحجر فكان شكله أيضا مربعا، حمل سامر الحجر بصعوبة مع أن الحجر عندما كان في الأرض كان يبدو خفيفا، وما إن وضعه سامر في مكانه حتى بدأت تظهر رسومات على الحائط وتتوهج، نظر سامر إليها بتمعن وقال:
- تبدو كأنها تحكي قصة ما.
ما إن قالها حتى سمع صوت محركات تعمل تحته، أدار وجهه إلى اليمين فبدأ الحائط يعلوا حتى فتح ممرا إلى غرفة، كان الممر ضيقا وصغيرا بالنسبة لكبير أما بالنسبة لسامر فقد كان جيدا.
دخل الفتى الممر ووصل في الأخير إلى غرفة مملوءة بالرسومات العجيبة في الحائط توكأ على الحائط وحمل قدمه اليمنى كي لا يتألم كثيرا، ثم نظر للرسومات على الحائط، وبدأ يحاول فهمها، ولكنه لم يفهم الأخيرة التي تتضمن فتاة ذات شعر يتدلى على كتفيها وفستان طويل يصل حتى الكوع جالسة في طاولة بمدرسة، وتنظر إلى ساعة.

قال سامر بصوت عال:
- ما معنى هذا؟ أنا لا أفهم.
عندما قال هذا الكلام ظهر عمود من الرخام المزركش، وعليه كتاب داخل صندوق زجاجي، حمل سامر الصندوق بحذر كيلا يكسره، ولكن ساقه آلمته مرة أخرى، فقال:
-  لا، ليس مرة أخرى يجب أن اصبر كي لا يسقط الصندوق.
لم يستطع الفتى أن يحتمل فسقط على الأرض، وسقط الصندوق بعيدا، وما كاد أن يسقط حتى صرخ سامر:
- لااااااااااااا!
سقط الصندوق ولكن لم ينكسر، فتعجب الطفل:
- لا! لا! لا أصدِّق! كيف؟ كيف حدث؟ كيف لم ينكسر؟ لا يمكن!
نهض وذهب إلى الصندوق وهو يعرج وتفحصه لكنه لم يكن مكسورا، تركه الولد وذهب إلى الكتاب.
حمل سامر الكتاب وقرا عنوانه فاستعجب قائلا:  
- ماذا؟ كتابي المفضل نفسه!
وهنا سمع صوتا خافتا، فتبعه ولكنه لم يجد أي شيء، فرجع إلى الغرفة الأخرى، ولكن الكتاب كان مغلقا، فصدم الفتى قائلا:
- ماذا؟ من أغلق الكتاب، فأنا لم أغلقه أبدا. ثم تنهد وقال:
- كيف سأجد الصفحة التي كنت فيها؟
أراد أن يحمل الكتاب، فحُمل عاليا وتقلبت صفحاته بسرعة وظهر ضوء أبيض وسطه وبعد دقيقة أو اثنتين زال الضوء، وتوقف في إحدى الصفحات، ونزل على العمود الرخامي، تفاجأ سامر ولكن فضوله لمعرفة السبب جعله يتفحص الكتاب من الخارج وعندما لم يجد أي شيء تساءل:
- أيمكن أن يكون أي شيء يدلني في هذه الصفحة التي توقف فيها الكتاب على كيف أخرج من هنا وكيف لم يتكسر الصندوق وكيف صعد الكتاب وحده وأخرج الضوء وما معنى الرسومات وأيضا ما معنى هذا كله.
بدأ سامر يقرأ الصفحة التي توقف فيها الكتاب، انتهى من تلك الصفحة فأدارها وقال:
- هذا لا يوجد بقصتي المفضلة.
 لما وصل إلى جملة تقول:
- «أنا الظلام، وأنت لمع الطالبة المجتهدة، أ ليس كذلك؟»
لما قرأها سمع صوتا يقوم بتنبيه:
- احذر، هذه الجملة ستتسبب لك بالمتاعب. ثم ساد الصمت قليلا، بعدها سمع صوتا خافتا يقول:
-استعد الخطر قادم.
تساءل سامر:  
- من أنت؟ وعن ماذا تتحدث؟
لكن لم يجب أي أحد، وهنا ظهر غبار اسود بدأ يتجمع ببطء ويتشكل مثل هندام رجل من فوق أما من الأسفل فمثل شبح كان كله اسود يرتدي عباءة سوداء ترفرف من الأسفل. وما إن رآه سامر حتى قال في نفسه:  
- إنه يشبه الظلام.
- التفت الشخص إلى سامر وقال بصوت مخيف:
- شكرا على إخراجي من ذاك المكان أو ربما لا يجب أن أشكرك، ثم ضحك ضحكة شريرة: ييهاها، ييهاها.
قال سامر بصوت مستعجب:
- لكني لم أخرجك.
قال الشخص:
- بلى، أخرجتني بقراءتك لاسمي.
قال سامر بصوت منخفض:  
- هذا يفسر الصوت الذي حذرني من الجملة، ويفسر من هذا الشخص، انه "الظلام".
- كان الصوت منخفضا لدرجة أن الشخص لم يسمع إلا: (... يفسر من هذا الشخص، انه "الظلام".)
لما سمعها حتى قال:
- نعم، أنا الظلام، يا لك من ذكي.
دقق الظلام فيه النظر، ثم اختفى، تفاجأ الفتى، فظهر وراءه.
وقال:
- أ لست سامر الذي يحب القراءة.
أجاب سامر واثقا من نفسه بتهذيب:
- أنا آسف يا سيدي لكني لا أحدث الغرباء وليس مسموحا لي بذلك.

غضب الظلام وقال بصوت مرعب:
- أنا الظلام الشر الأكبر، وأنت لا تخاف مني ولا تجيبني.
قال سامر وهو غير خائف:
- حتى ولو كنت أيها الظلام الشر الأكبر فلن أخافك لأنني لست شريرا مثلك، ولن أقوم بما تقوله لي لأنك تسيطر على الخير، لأنك ليس دائما ستسيطر، أنا لست مثلك أنا شخص لا يخافك، وواثق بنفسه، ويحب القراءة.
قال الظلام:
- حسنا إذا سأستخدم طريقة أخرى.
بعد ما قالها جمع قبضته فأحاطت بها سحابة رمادية، وبقي هكذا حتى ظهر الدم عليها، ثم صرخ الطفل صرخة الألم:
- آاااااااااه.
جاء ألم الجرح مرة أخرى لسامر وبدأ ينزف.
قال الظلام:
- ما رأيك، هل ستجيب الآن.

قال سامر متألما:
- كيف...
توقف قليلا ثم أكمل:
- علمت بجرحي؟
أجاب الظلام:
- أنا الظلام أعرف أي شيء عن المجتهدين أمثالك، بواسطة مساعدي، لكن جرحك علمت عنه عن طريق الزجاج الذي كاد ينكسر.
قال الولد:
- أي زجاج؟ آاه تذكرت الصندوق.
تحدث الظلام بكلام غير مفهوم، ثم ظهر شيء أسود من إحدى الرسومات على الحائط التي تجسد مجموعة من الأشخاص يحيطون بفتاة، بعدها بقليل ظهر أشخاص ذوي وجوه بيضاء، وأعين سوداء، وأفواه حمر كالدم، يرتدون الأسود أيضا. نظر الفتى إليهم بتمعن وقال: أنتم تشبهون من في الرسومات وأيضا وصفُ الكتاب ينطبق عليكم، إذا أنتم المساعدون: اللعب، رفيق السوء، التفاهة، الهاتف والشغب أليس كذلك.

التفت المساعدون إلى الظلام وقالوا بصوت منخفض:
- ألن يكون الأمر أصعب؟ فهو يعرف كل شيء، وإن هزمنا فسنرجع مرة أخرى إلى ذلك المكان.
أجاب الظلام:
- لا تخافوا لدي خطة.
لم يعرف سامر عم يتحدثون لذا ذهب ليتم قراءة قصة تلك البنت وأولئك الأشخاص الذين يوجدون على الرسومات وفي الكتاب، لكن الظلام منعه بإرجاع ألم ساقه مرة أخرى.
وفجأة اختفى الكتاب...
وقال الفتى:
- لماذا؟ أنا أريد القراءة.
أجاب الظلام:
- لن أدعك تقرأ، أبداً، أبدا، وإن قلت لماذا فسيفشل كل ما أفعل.
قال الولد بغضب:
- سيء، شرير.
رد الظلام:
- نعم، نعم، أنا شرير.
ثم استدار إلى المساعدين وقال بأمر:
- ابدأوا
فدار المساعدون حول الولد بسرعة، واستمروا بالدوران وهم يشوشون على الصغير، أما الفتى سامر فقد كان يفكر فيما قاله الظلام له ولما لمْ يجبه... وفي نفس اللحظة بدأ المساعدون بالدوران حوله، استغرب، ثم بدأ عقله يتشوش ولم يعد يركز في السؤال، كان الكلام الذي يقولونه يؤثر عليه كثيرا، لكن فضوله لمعرفة سبب منع الظلام له من إتمام القصة ومن منع إجابته له، جعلاه ينسى ما يجري حوله.
توقف المساعدون عن الدوران وذهبوا بقرب الظلام، فتقدم أحدهم وقال:
- لا يمكننا أن نشوش ونستولي على عقله، فشيء ما يمنعنا.
فكر الظلام قليلا، ثم قال:
- لا بد أنه يفكر في شيء بتمعن لذا نسي من حوله، ولم تستطيعوا التشويش عليه، تنهد، ثم أكمل: لدينا حل واحد، وهو استعمال الطاقة القصوى السرية.
قال المساعدون:
- ماذا لا يمكن.
رد الظلام بغضب:
- بلى، إنه حلنا الوحيد.
قال المساعدون بخوف:
- حسنا.
رفع الظلام يديه إلى الأعلى وبدأ يخرج منهما ضباب أسود غامق، ثم تحدث بلغة غير مفهومة، لما سمعها الصبي توقف عن التفكير واتجه بنظره إلى الظلام، ما كاد يفعل ذلك حتى أحس بالدوران، ثم غاب عن الوعي.
عندما استيقظ وجد نفسه في الظلمة، لكن أحس بعد قليل بشخص يتحرك، ثم صار اثنين، ثم ثلاثة، ثم سبعة، بدأوا يتكلمون ويقولون كلاما غريبا.
شعر سامر بكلامهم يتردد على آذانه، ثم شعر بألم شديد في رأسه الذي جعله يسقط أرضا أمسك برأسه بإحكام وهو جالس على ركبتيه. ثم فجأة تذكر ّأن الطفلة كانت أيضا تجلس على ركبتيها وأشخاص يحيطون بها، ثم قال:
- لكن أنا متغير عنها في بعض الأشياء التي تحدث لي.

في تلك الأثناء، كانت هناك فتاة تقريبا في الثالثة عشرة من عمرها في الطريق إلى المدرسة، وفجأة ظهر ضوء غريب في حقيبتها، ثم خرج منه كتاب فقالت:
- هذا أنت؟

أجاب بسرعة:
- نعم، ليس لدينا وقت أسرعي أغمضي عينيك.
قالت الفتاة:
- ماذا؟ ما الذي يحدث؟
رد الكتاب:
- لا أسئلة الآن، أغمضي عينيك بسرعة، سأجيبك لاحقا.
كان يبدوا على الكتاب العجلة والخوف لهذا أغمضتهما، ثم فتحتهما فوجدت نفسها في المدرسة.
سأل الكتاب:
- أين هو القسم الذي أتت منه الدوامة؟
أجابت الفتاة:
- إنه في الطابق الثالث القسم رقم خمسة لمن يدرسون بالسنة الخامسة ابتدائي.
أشار لها إشارة بالدخول.
قالت:
- وصلنا إلى القسم بهذه السرعة.
نظرت إلى الجوار فوجدت أن لا أحد بالمدرسة فقد كان الوقت مبكرا لذا دخلت وأغلقت الباب خلفها، ثم سألت:
- ما الذي يحدث؟ ولما نحن هنا؟ ولماذا أتيت؟ ولما أنت مستعجل وخائف؟
أجاب الكتاب:
- سألخص لكِ الأمر، لقد دخل طفل بطريقة ما إلى إحدى الأماكن في ذلك الخيال، ساعدته لكنه عن غير قصد أطلق سراح الظلام ومساعديه لكنهم لم ينجحوا بخداعه وإبعاده عن القراءة بالطريقة الأولى وهي التي مررت بها لذا استعملوا الأخيرة وليس حتى الثانية، لذا هو في خطر ولا سِيَّما أنه مصاب.
قالت الطفلة:
- ماذا؟ ولكن ألا يمكنك مساعدته كما ساعدتني؟
أجاب:
- لا فهذه الطاقة القصوى السرية، لا أستطيع حتى اختراقها كي أتكلم معه، وتريدين مني أن أساعده بطاقتي، مساعدته كما فعلت معك صارت مستحيلة لذا طلبت منك لأنك تحبين القراءة وستساعدينه.
ردت:
- ماذا؟ حسنا، لكن لماذا أنا هنا.

قال:
- لأنك لن تستطيعي الذهاب إلى هناك إلا من نفس المكان الذي ذهبت منه من قبل، وشيء آخر الفتى قرأ عنك وعما حدث لك، ولكن الظلام لم يدعه يكمل أن هناك من سيساعده كما ساعدتك كي لا يكون لديه أية آمال، أفهمت الآن يا عزيزتي الصغيرة لمع؟
قالت لمع:
- نعم، فهمت، إذاً هيا بنا لنساعده.
رد الكتاب:
- حسنا إذا أغمضي عينيك مرة أخرى.
لما فتحتهما وجدت نفسها في الظلمة.

كان الفتى سامر يحاول الصمود لأنه قوي ويحب القراءة ولم يستسلم.

 


اشتعل ضوء بين الفتاة والكتاب.
قال الكتاب للمع:
- لا ترين إلا الظلام ولن تستطيعي الوصول إليه لأنه هناك حاجزا سحريا أقامه الظلام ليمنعني من إنقاذ الفتى وهزيمته.
ردت لمع:
- لكن كيف سننقذه، إذا لا حل.
قال الكتاب:
- أنا لم أقل لا حل إطلاقا.
فُتِحَ الكتاب وخرج نور على شكل دائرة بدأ يظهر فيها طفل يجلس على ركبتيه يضع يديه على رأسه بإحكام متألما يقاوم.
سألت لمع:
- من هذا؟
أجاب الكتاب:
- هذا سامر الفتى الذي حدثتك عنه، أرأيت المساعدين إنه لا يراهم لكنه يحس بهم أما قوتي فقد أظهرتهم لك.
سألت لمع:
- المساعدون يجب أن يكونوا ستة وهم سبعة، هذا غريب.
رد الكتاب:
- هذه هي الطاقة القصوى السرية، إنه الجهل، أقوى المساعدين، يبحث عن نقطة ضعف الطفل ويجعله يستسلم بها، إنه خطير جدا، فبعد أن يستسلم الطفل يجعله ينسى أنه يحب القراءة.
قالت:
- ماذا هذا سيء، لن أدعهم يفعلون ذلك أبدا.
قالت البنت:
- كيف سنساعده؟  
قال:
- عن طريق هذا.
أشار بضوء إلى قلبها وآخر إلى عقلها، ثم أكمل:
- عن طريق مثل الكلام الذي ساعدتك ستساعدينه لكن وحدك.
تشجعت لمع وقالت:
- حسنا.

كان سامر يعاني ألم رأسه عندما بدأ ألم ساقه أيضا، فبدأ يستسلم، لكن قبل أن يستسلم تماما سمع صوتا رقيقا مشفقا وفي نفس الوقت مليئا بالشجاعة والثقة:
- أنت تحب القراءة أليس كذلك؟
أومأ برأسه نعم، ثم أكملت:
- إذا لن تسمح لأي شخص بأن يمنعك حتى ولو تألمت، فأنت شجاع ولا تستسلم بسهولة، وهذه المرة ستستسلم؟ بالطبع لا أليس كذلك.
أشار بنفس الإشارة لكن مترددا، بكت لمع، ثم مسحت دموعها وأكملت كلامها مرة أخرى:
-  لا تتردد ستفعلها لأنك شغوف بالقراءة، لا تفقد أملك أبدا، يا سامر، فالجميع ينتظرك كي تُعَرِّفَهُمْ أن القراءة شيء جميل.
لما قالت جملتها الأخيرة شعر سامر كأنه كان مقيدا لكنه قيوده فُكت الآن، ووقف ثم قال:
- أنا لن أستسلم أبدا، وأنت أيها الشر اذهب بلا رجعة إلى الأبد، أ فهمت، ثم حرك بذراعيه فخرج منهما ضوء أبيض.


كانت لمع أيضا ترفع يديها ويخرج منهما ضوء أبيض.

وصل ضوء بقرب سامر، ثم اختلط بالضوء الذي يخرج من يده، فازداد إشعاعا وبياضا، لكن شخصا غريبا يبدو مثل الظلام لكن مختلف عنه قليلا فقد كان أسود بالكامل، رفع ذلك الشخص يديه وخرج منهما شيء أسود يقاوم الضوء الأبيض. قال أحد المساعدين:
اهزمه أيها الجهل.
 ولكن قوة العلم لدى الطفلين هزمت الجهل.  فقال الظلام: لا، لا ليس ثانية.
ثم أخذ الضوء ذلك الشر بعيدا وتبخر، بعدها أضاء المكان كله.
سأل الكتاب لمع عندما كانا في طريقهما إلى سامر:
- كيف عرفت أنه سيقوم بالجملة الأخيرة في الواقع.
قالت:
- لأنه أخي الصغير.

 

رأى سامر تلك الفتاة فجرى إليها، وهو يقول:
- لمع أختي.
 ثم عانقها، واستدار إلى الكتاب، وسأل:
- هل أنت من ساعدتني.
أجاب الكتاب:
- نعم، أنا من ساعدك في كل شيء، لكن الآن أختك من ساعدتك.
سأل سامر مرة أخرى:
- كيف؟
أجاب:
- مادامت جاءت إلى هنا من قبل، فتستطيع مساعدتك، يجب فقط أن تؤمن بأنها ستنجح، لكنها فعلت كل هذا بدون أن تشعر ولاسيما أنها بكت.
قال الصبي باستغراب وتساؤل:
- بكيْتِ؟
ردت لمع:
- نعم.
يحرك سامر يده على ذقنه، ثم يقول:
- إذا القصة والرسومات كانت تتحدث عنك.
ردت:
- نعم.
قال الكتاب:
- هيا نرجع إلى الواقع ونترك هذا الخيال.
رد سامر:
- انتظر، هل لي بسؤال؟
قال الكتاب:
- نعم، بالطبع، اسأل.
سأل الولد:
- ما هي قصتك؟
أجاب الكتاب:
- أنا كتاب سحري ومن يحب القراءة، ويحبني أكون بقربه دائما.
قال الصبي بفرح:
- يعني ستبقى معنا دائما.
لم يجب الكتاب، وأكمل:
- قصة مثل قصتكما لا تحدث كثيرا، إلا بعد مئة عام، أنا أحكي قصة جميلة بعنوان الكتاب السحري، وكل من يمتلكني يحدث معه كقصة لمع مع أنَّ القصة لا تتحدث عن مثل ما حدث لكما لكنه يحدث.
قال سامر:
- ماذا؟ مئة عام، لكن الذي قرأته فيك عن أختي.
رد الكتاب:
- إنه سحري لا يُرى إلا لمن يحدث له مثلك.
قال سامر:
_ هكذا إذا شكرا لك.
سألت لمع:
- وماذا عن الظلام ومساعديه؟
رد الكتاب:
- لن يرجعوا إلا بعد مئة سنة، وبعدها لن يرجعوا أبدا فقد اكتملت مئة مرة.
تساءل الأخوان:
- مئة مرة؟
أجاب الكتاب:
- نعم، منذ كتابتي يجب أن يكون هناك مئة وواحد مرة تحدث فيها مثل قصتكما حيث أنكما المرة المائة، أفهمتما الآن.
قالا معا:
- نعم.
رد الكتاب:
- إذا لنذهب إلى الواقع.
قالت لمع:
- نعم، هيا
قال سامر:
- حاضر.
قال الكتاب:
- كالعادة يا لمع.
قالت:
- أغمض عينيك يا أخي الصغير، ولا تفتحهما حتى أقول لك.
فتحت لمع عينيها، فوجدت نفسها وأخيها في حديقة المنزل، فقالت: افتح عينيك يا سامر. ثم قالت للكتاب:
- أيها الكتاب هلا أخذتني إلى المدرسة، فأنا ليس لدي عطلة مثل أخي.
سمعت لمع صوتا حزينا يقول:
- إلى اللقاء. أغمضت عينيها مرة أخرى فوجدت نفسها أمام باب المدرسة، وكان الكتاب قد اختفى.
قالت لها مرافقة أمام الباب: أدخلي.
أجابت: حسنا.
ثم دخلت وهي قلقة، استغربت المرافقة لأمرها ولكن نسيت الأمر وأكملت ما كانت تفعله.

أما سامر فبحث عن كتابه المفضل، لكنه لم يجده في أي مكان فاستنتج أن الكتاب الذي كان معهم في ذلك المكان هو نفسه كتابه المفضل الذي أعطته له أخته، فقال:
"رحل الكتاب السحري، رحل إلى الأبد، الوداع يا صديقي سأشتاق إليك".