قصص و روايات - قصص بوليسية :

قصة جريمة في وادي النيل ف9 مفاجأة

قصة جريمة في وادي النيل ف9 مفاجأة

قصة جريمة في وادي النيل ف9 مفاجأة

وفي اللحظة دخل احد الخدم ليخبر بوارو ان سيمون دويل يطلب مقابلته فأسرع اليه حيث كان
لايزال راقدا في قمرة الدكتور بسنر وكان وجهه محتقنا بتأثير الحمى وقد معتمدا الى رومة من الوسائد وارتسمت على وجهه امارات الحيرة والإرتباك وقد شكر بوارو على تفضله بالحضور ثم قال:
- هناك مسألة أحب ان أتحدث اليك بشأنها
- وماهي؟
- انها بخصوص جاكلين فانني باختصار أريد ان أراها فهل لديك مانع؟ وهل تعتقد انها تمانع في.

الحضور اذا طلبت اليها ذلك؟ قد قضيت هذه المدة راقدا أفكر في الصدمة التي وقعت لهذه المسكينة فهي طفلة وحيدة ليس لها سند أي معين كما تعلم والحقيقة انني أسأت اليها كثيرا حتى حطمت أعصابها وأفقدتها التوازن
وسكت سيمون لايدري ماذا يقول وقد زادت وطأةارتباكه فحدق بوارو في وجهه مليا ثم قال:
- أتريد ان ترى الآنسة جاكلين وهو كذلك سأحضرها اليك
- انه لكرم عظيم منك...

وذهب بوارو يبحث عن جاكلين دي بلفور فوجدها جالسة وحدها في احد أركان صالون المراقبة
وفوق ركبتيها كتاب مفتوح ولكنها لم تكن تنظر فيه فقال لها بوارو:
- ان المسيو سيمون دويل يريد ان يراك، فهل تأتين معي اليه؟
وكان صوت بوارو رقيقا جدا فياضا بالحنان فالتمعت عيناها واحمر وجهها ثم اصفر وظهرت عليها الحيرة وهي تقول:
- سيمون يريد ان يراني أنا
- نعم، فهل تأتين معي؟
- طبعا طبعا بكل تأكيد.

مضت معه في اذعان الأطفال ولكن أيضا في ارتباكهم وحيرتهم فلما وصلا دخل بوارو أولا معلنا قدومها فدخلت ووقفت في مكانها كالمترنحة وقد تسمرت عيناها في وجه سيمون وكان سيمون لايقل عنها ارتباكا ولكنه عثر على لسانه قبلها فقال متلعثما:
- مرحبا بك يا جاكلين انه لكرم منك ان تأتي فانني أريد ان أقول، ان ما أقصده...
وعندئذ أخرجته من ارتباكه وقد أخدت الكلمات تتدفق من فمها وهي تلهث:.

- سيمون انني لم أقتل لينيت انت تعرف انني لم أقتلها لقد كنت كالمجنونة أمس آه هل تغفر لي؟
- طبعا طبعا انت معذورة كل ما هنالك انك أفرطت في الشراب بعض الشيء
- ماذا تقول؟، كان من الممكن ان تصيبك هذه الرصاصة في مقتل
- ما هذا الهراء؟، لاتقولي ذلك
- ولكن ساقك؟ ربما تضاعفت اصابتها في المستقبل.

- كفى هراء يا جاكلين فعند وصولنا الى أسوان سيجرون عليها كشفا بالأشعة ويتولى أخصائي عملية التجبير بعد ان يخرج الرصاصة وسرعان ما تلتئم وتشفى
وترنحت جاكلين قليلا ثم اندفعت نحوه وركعت الى جوار الفراش ودفنت وجهها في صدره وأخدت تنتحب فجعل سيمون يربت عليها والتقت عيناه بعيني بوارو فتنهد بوارو وتسلل خارجا وهو يسمع
الهمسات المتقطعة:
- آه يا سيمون يا حبيبي كيف أمكن ان أفعل هذا بك؟

ووجد بوارو الآنسة كورنيليا منحنية فوق السياج أمام الباب فالتفتت نحوه قائلة:
- ما أعجب المفارقات تصور ان تكون في هذه الحالة في يوم بديع كهذا اليوم انظر الى السماء
والى الشمس...
فتطلع بوارو الى الشمس ثم قال لها كمن ينشد أغنية محفوظة ( عندما تبزغ الشمس لايستطيع
الإنسان ان يرى القمر ولكن عندما تغيب الشمس يبصر الإنسان القمر )
- ماذا تقول؟ هذا طبعا شيء بديهي معروف
- وانا رجل عجوز أحمق يهذي بالبديهيات.

واستأنف سيره فطرقت سمعه أصوات متقطعة من القمرة المجاورة وهي قمرة آل اوثربون:
- يالك من ناكرة للجميل، أبعد كل ما فعلت من أجلك؟ ألا تدركين مبلغ عذابي؟ ألا تراعين مزاج
أمك؟
فزم عندئذ بوارو شفتيه وطرق الباب فاذا صوت السيدة اوثربون يسأل من الطارق؟ فقال:
- هل الآنسة روزالي موجودة؟
فبرزت اليه روزالي ولاحظ تحت عينيها حلقات سوداء وتقرحا في اجفانهاوبادرته بالسؤال في جفوة
عما يريد.

- حبذا لو تكرمت يا آنسة ببضع دقائق من الحديث على انفراد
فظهر عليها التجهم والتردد ولكنه كررالتوسل فمشت معه الى سطح السفينة متجهين اللى مؤخرتها لأن المكان هناك كان خاليا ووقف بوارو وظهره الى السياج اما روزالي فوقفت امامه منتصبة القامة كما يقف الجنود وقفة الإنتباه وشرع يتكلم ببطء وهدوء وهو ينتقي الكلمات انتقاء:.

- لقد تعودت يا آنسة ان تحملي عبء همومك وحدك ولكن ذلك العبء قد طال بك احتماله حتى أرهقك وبدأت تظهر عليك بوادر التعب والإعياء
- لست أدري عما تتكلم
- انني اتكلم بلسان الواقع يا آنسة والواقع أحيانا كريه لانحب ان نواجهه ولكني رجل أحب ان أسمي الأشياء بأسمائها وقد تبينت من خبرتي الطويلة ان ذلك أهون على النفس ان والدتك باختصار تدمن الشراب.

فسكتت روزالي ولم تجب وفغرت فمها ثم أغلقته ثانية وهي لاتدري ماذا تقول فاستطرد بوارو
عندئذ قائلا:.

- لاحاجة بك الى الكلام يا آنسة فسأتولى أنا عنك ذلك وقد اهتممت منذ كنا في أسوان بدراسة العلاقة بينك وبين والدتك وأدركت انك تكنين نحوها عاطفة قوية صادقة ثم قابلت والدتك بعد ذلك ذات صباح باكر وكانت في حالة سكر واضح ثم لما جلست معكما الى المائدة رأيتها تكرر على مسمعي انها لا تذوقالخمور فأدركت انك انت التي تمنعينها من ذلك وانها تشرب في حجرتها على مخبأ.

للخمر السري فحملت صندوق زجاجات الخمر والقيت به في النيل اليس هذا هو ما حدث يا آنسة؟
- نعم هذا ماحدث، وكان خطأ مني ألا أصارحك بالحقيقة بعد ان شهدت الآنسة فان شويلر انها رأتني، ولكنني يا مسيو بوارو شديدة الخجل من سلوك والدتي وان كنت أعذرها وأشفق عليها
- هدئي من روعك فالسر عندي مصون
- لاشك عندي في هذا يا مسيو بوارو ولكن أرجو منك ان تغفر لي خشونتي.

- لاحرج عليك والآن أخبريني هل كان القاؤك صندوق زجاجات الخمر بعد الساعة الواحدة بعشر دقائق
- ربما فقد كان الوقت نحو ذلك فعلا
- وهل رأيت الإنسان فان شويلر كما رأتك؟
- كلا
- وهل لم تر أحدا آخر حينما كنت واقفة فوق سطح السفينة؟
فسكتت لحظة وقد قطبت حاجبيها كمن يفكر تفكيرا عميقا ثم هزت رأسها ونفت ذلك بلهجة قاطعة
فهز بوارو رأسه ولكن عينيه كانتا تلمعان ببريق خاص.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة