قصص و روايات - قصص بوليسية :

قصة جريمة في وادي النيل ف15

قصة جريمة في وادي النيل ف15

قصة جريمة في وادي النيل ف15

دار فرجيسون على عقبيه وانطلق نحو الصالون المراقبة حيث كانت فان شويلر جالسة في ركنا المألوف وكانت حصتها من العجرفة في هذا اليوم أكبر قليلا من المعتاد وكانت تحيك الصوف بابرتين
حينما اتجه فيرجيسون نحوها وفي أعقابه هركيول بوارو الذي احتل مكانا متواريا على بعد منها وتظاهر بالإستغراق في قراءة مجلة مصورة وبدأ بين الطرفين الحوار التالي:
- طاب صباحك يا آنسة فان شويلر.

فرفعت فان شويلر عينيها عن الصوف لحظة واحدة لم تزدها ثم تحولت ببصرها الى ابرتها مرة أخرى وتمتمت بفتور
- طاب صباحك
- اسمعي اني أريد ان اتحدث اليك في أمر على جانب عظيم من الأهمية فالمسألة بالضبط انني
راغب في الزواج من ابنة اختك
فانتفضت كرة الصوف التي في حجر فان شويلر وانطلقت تقفز كالمجنونة الى آخر الصالون اما فان
شويلر نفسها فقالت بلهجة تقطر سما ناقعا:
- لابد انك فقدت صوابك ايها الشاب.

- كلا على الإطلاق فأنا مصمم على الزواج منها وقد طلبت يدها شخصيا منذ برهة وجيزة
فقالت ببرود:
- أحقا؟ وأخالها صرفتك الى حال سبيلك؟
- لقد رفضتني، ولكني لن انصرف عن طلب يدها ولا ابرح عنها حتى تقبل
- أؤكد لك انني سأتخد الإجراءات اللازمة لوقاية ابنة أختي الشابة من مثل هذا التهجم
- وماذا يحنقك علي؟ ماذا لديك ضدي؟
فرفعت فان شويلر حاجبيها وجذبت الخيط جذبة قوية تريد ان تسترجع بها الكرة ولم تنبس بكلمة فاستطرد:.

- هيا خبريني ما الذي يحنقك ضدي؟
- أظن ان المسألة غاية في الوضوح يا، فأنا لاأعرف اسمك
- فيرجيسون..
فقالت فان شويلر بكل استياء وتأفف:
- آه يا مستر فيرجيسون ان الموضوع الذي تشير اليه خارج عن نطاق البحث ولايمكن ان يكون موضع نظر
- أتعنين انني لست كفؤا لها؟
- كنت أعتقد ان المسألة غاية في الوضوح حتى بالنسبة لك.

- ولماذا ترين اني لست كفؤا لها؟ ان لي ساقين وذراعين وصحة من فولاذ وذهنا مرتبا قادرا على التفكير فما عيب هذه المؤهلات؟
- هناك شيء اسمه المركز الإجتماعي يا مستر فيرجيسون
- المركز الإجتماعي خرافة قديمة متعفنة
وفي هذه اللحظة فتح الباب ودخلت كورنيليا فوقفت كالمصعوقة عندما وجدت خالتها المرهوبة الجانب تتحدث مع خاطبها المتهجم اما فيرجيسون فالتفت نحوها وضحك ملىء شدقيه ثم ناداها:.

- اقبلي يا كورنيليا وابشري، فاني اطلب يدك للزواج كما ترين على اعتق الطرق التقليدية
فقالت فان شويلر وبصوت رهيب حقا:
- كورنيليا هل شجعت هذا الشاب؟
- انا، كلا، بالطبع لا، على الأقل، ليس بالضبط.
- ماذا تعنين؟
فأسرع فيرجيسون يقول كي يخرجها من المأزق:
- انها لم تشجعني على الإطلاق وكل ما هنالك انها لم تقف في وجهي وان لها قلبا رقيقا حقا وخالتك يا كورنيليا تقول اني أدنى منك اجتماعيا بكثير فهل هذا رأيك؟

فقالت فان شويلر
- هذا فيما أظن بديهي جدا لدى كورنيليا
فاحمر وجه كورنيليا وقالت:
- كلا يا مستر فيرجيسون ليس هذا رأيي فلو انني احببتك لتزوجتك بلا نظر الى أي اعتبار
- ولكنك لا تحبينني؟
- اني اعتقد انك مزعج ومثير للسخط فان آراءك وأفكارك من أفظع وأقبح وأشأم ما سمعت وان لك.

لزهوا لايعدله زهو في تبجج سخيف وطفرت الدموع الى عينيها فاندفعت خارجة اما فيرجيسون فقال لآنسة فان شويلر وهو يضطجع في مقعده وينظر الى سقف الغرفة ويصفر:
- هذه على العموم بداية لا بأس بها وسأستمر في مناداتك بخالتي العزيزة
فأخدت فرائص فان شويلر ترتعد غضبا وصاحت:
- اخرج من هنا على الفور و إلا ناديت الخادم
- لقد دفعت ثمن تدكرتي ولاتستطيعون اخراجي من قاعة عامة ومع ذلك فاني سأطيب خاطرك يا خالتي العزيزة.

ووقف ثم راح ينبخر خارجا وهو يصفر وظلت فان شويلر بعد ذلك ترتعد وتحاول الوقوف كي تحضر كرة الصوف ولكنها لم تستطع لفرط اضطرابها فخرج بوارو من عزلته واسرع اليها بالكرة فقالت له
- شكرا لك يا مسيو بوارو و أرجو ان تتكرم بارسال الآنسة بويرز فاني أشعر باضطراب مما سببه لي هذا الشاب الوقح
- انه ملحوس قليلا فيما اعتقد ومعظم اعضاء هذه الأسرة على شاكلته انه التدليل المفسد للطباع والتربية وأظنك عرفت شخصيته.

- عرفت شخصيته؟
- انه يسمي نفسه فيرجيسون لأنه لا يريد استخدام وحمل لقبه العتيد رعاية لمبادئه المتطرفة
فوضعت فان شويلر يديها بالصوف في حجرتها وحملقت في وجهه قائلة:
- لقبه العتيد؟
- طبعا انه اللورد داوليش الشاب وقد ورث ملايين الجنيهات ولكنه اعتنق الشيوعية في أكسفورد
واذا بصفحة وجه فان شويلر تتحول الى حلبة معركة تصطرع فيها شتى الإنفعالات المتعارضة فلما استجمعت انفاسها وبلعت ريقها قالت:.

- ومنذ متى تعرف هذه الحقيقة يا مسيو بوارو؟
- لقد رأيت له صورة في بعض الصحف وفطنت الى الشبه ثم عصرت اثناء تفتيش قمرته على خاتم له منقوش على فصه شعار أسرته والمسألة لا تحتمل الشك
- انا مدينة لك بالشكر على هذه المعلومات الثمينة
ثم واتتها عندئذ القوة فنهضت خارجة وقد طفح وجهها المتعجرف بالبشر واشرق بنور السعادة
وهز مسيو بوارو رأسه مرارا ثم استغرق في التفكير.

وبعد حين دخل عليه ريسي فوجده ما يزال جالسا في موضعه فقال له:
- والآن يا بوارو لم تبق إلا عشر دقائق ويحضر بننجتون لمقابلتك كما طلبت اليه وسأتركه لك
فنهض بوارو واقفا وقال:
- ولكن أرجو ان تحضر أولا فانثورب الى قمرتي
واسرع ريسي ليبحث عن فانثورب بعد دقيقة او دقيقتين فأشار بوارو الى مقعد احتله الشاب وقدم اليه سيجارة وقال:.

- والآن يا مسيو فانثورب لندخل في الموضوع لقد لاحظت انك تلبس رباط عنق من النوع الذي لا يلبسه في بريطانيا كل انسان بل السادة المهذبون ذوو المكانة والتربية الحسنة وهناك فيما أعلم تقاليدبين تلك الأوساط تقضي بفعل أشياء والإمتناع عن أشياء أخرى ومن يلبسون هذا النوع من
أربطة الرقبة لايمكن ان يقحم الواحد منهم نفسه في حديث خاص مع أشخاص لم يعرفهم وبغير سؤال يوجه اليه
فدهش فانثورب واردف بوارو.

لا، ولكنني منذ ايام رأيتك بنفسي تقدم على هذه الهفوة وقد كان جماعة من الركاب جالسين في الصالون يتحدثون حديثا خاصا جدا في مسائلهم المالية واذا بك تتسلل حتى تقف بالقرب منهم بقصد استراق السمع ثم اذا بك تتجاوز ذلك الى توجيه اطراء صريح الى سيدة هي مدام لينيت دويل لما تتمتع به من فطنة في ادارة الأعمال
فامتقع وجه فانثورب ثم احتقن ولكن بوارو لم يأبه له بل استطرد.

- والآن يا مسيو فانثورب لم يكن هذا التصرف مما يتفق مع ربطة العنق التي يرتديها صديقي السير هاستنغز لأنه رجل مهذب لبق رقيق يموت وجلا وخزيا ولا يقدم على مثل هذا التصرف الذي اقدمت
عليه هذه واحدة، وواحدة أخرى انك شاب حديث العهد بالمحاماة فلم تؤسس لنفسك فيها مركزا يسمح لك بقضاء مثل هذه الإجازة الباهضة التكاليف، ومتى؟ في ابان الموسم القضائي في فصل الشتاء.

يضاف الى ذلك انك ملحق بمكتب محاماة في الريف فلا يحتمل ان تكون اتعبك او مرتبك كافيا لهذه المظهر ولايبدو عليك اثر مرض حديث العهد حتى نقول انك اتيت الى هنا للنقاهة عملا بمشورة الأطباء وقد تساءلت وها أنذا أسألك لماذا ولأي غرض قمت بهذه الرحلة النيلية الى وادي حلفا؟
فطرح جيم فانثورب رأسه الى الوراء في تحد وقال:
- اني أرفض امدادك بأي معلومات يا مسيو بوارو وأعتقد انك لابد في الواقع ان تكون مجنونا.

- انني لست مجنونا بل اني عاقل جدا والآن أساعدك قليلا على توضيح موقفك فأقول اين يقع المكتب الذي تنتسب اليه؟ انه يقع في نورثامبتون وهو مكان غير بعيد من قصر وودهول وماهو موضوع الحديث الذي اجتهدت في استراق السمع اليه؟ انه وثائق تمليك وما الى ذلك وما هي
الملاحظة التي أطريتها؟ ولايفوتني ان أقول انك كنت مرتبكا جدا وانت تفعل ذلك لشعورك بالحرج.

انها ملاحظة من شأنها منع لينيت دويل من توقيع أي وثيقة بدون قراءة وفوق هذه السفينة وقعت جرمة قتل تلتها جرمتان في سرعة فائقة فاذا أضيف الى ذلك ان السلاح الذي قتلت به مدام اوثربون
هو المسدس الخاص بالمسيو بننجتون فلعلك ترى من واجبك الآن ان تطلعني على مالديك من معلومات مساعدة للعدالة..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة