قصص و روايات - قصص بوليسية :

قصة جريمة في وادي النيل ف16

قصة جريمة في وادي النيل ف16

قصة جريمة في وادي النيل ف16

- الواقع ان لك طريقة غريبة يا مسيو بوارو في تناول الأمور واني مقدر لدقة المسائل التي اشرت اليها ولكن ليس لدي مزيد من المعلومات الأكيدة أضيفه الى مالديك
- اتعني ان مالديك محض ظنون وشبهات؟
- ذلك ما أعنيه فعلا.

- ولهذا تعتقد انه من غير المناسب ان تفصح عنها؟ ان ذلك قد يكون صحيحا في ساحات المحاكم يا سيدي المحامي اما هنا ونحن نقوم للكشف عن سر الجريمة فكل شعاع من الضوء ولو صغير يجب ان ينال حظه من التقدير حتى نصل الى اليقين
- أظنك على صواب، فما الذي تريد معرفته يا مسيو بوارو؟
- ما الدافع لك بالقيام بهذه الرحلة؟

- ان خالي مستر كار مايكل هو المحامي الإنجليزي الذي يتولى قضايا لينيت دويل في بريطانيا وهو الذي ارسلني في هذه الرحلة لأنه لاحظ في هذه المدة الأخيرة اشياء بعثته على الإرتياب في الوصي الأمريكي المستر بننجتون فلما تزوجت لينيت من المستر سيمون دويل فجأة وبدأت على الفور رحلة شهر العسل في طريقها الى مصر اطمأن خالي الى انه بمجرد عودتها الى انجلترا ستستلم اموالها من يد أوصياءها وفي ذلك قضاء على ما كان يساوره من شكوك..

ولكنه تسلم خطابا من لينيت دويل بعثته اليه من القاهرة وردت فيه عرضا اشرة الى انها التقت مصادفة هناك بوصيها الأمريكي مستر بننجتون فثارت شكوك خالي من جديد ورسخ في ذهنه ان بننجتون ربما أقدم على هذه الرحلة المريبة مدفوعا باليأس الذي أوقعه فيه زواج السيدة المفاجىء وخشي بل ايقن ان تلاعبه وسوء ادارته للتركة سينكشف ومن شأن اليائس ان يقدم على عمل جنوني فلا يتورع عن شيء واحب خالي ان يتبين الحقيقة ولم يشأ ان يرسل في هذه الرحلة شخصا تعرفه السيدة فوجد من الأصوب ان يرسلني في هذه الرحلة انا بالطائرة واعطاني تعليمات مشددة بوجوب الحذر والحيطة وعمل كل ما في الوسع للحيلولة بين بننجوتن والحصول على توقعات من لينيت دويل على وثائق بغير فحص كاف هذا كان سبب حضوري وهو ايضا سبب هذا المسلك الذي اشرت اليه والواقع اني اضطررت الى ذلك وانا في اشد حالات الإرتباك والحرج ولكني غير نادم لأنني ظفرت بالثمرة التي كنت ارجوها.

- أتعني انك وفقت الى تحذير لينيت؟
ليس هذا بالضبط فلم تكن في الواقع بحاجة الى مزيد من التحذير او الحيطة ولكني بملاحظتي نبهت بننجتون الى ان هناك من يقف له بالمرصاد وبذلك غير خطته وعدل عن الحصول على توقيعاتها وكنت اعتزم في الواقع القيام بتحذير واضح ولكن تبين لي ان بننجتون له منزلة خاصة تشبه الأبوة لدى لينيت دويل فقام بذهني ان اتصل لهذا الغرض بسيمون دويل لأنه أسهل تناولا من زوجته.

- والآن هل لك ان تجيبني عن سؤال شخصي بحسب رأيك وتقديرك؟ إذا أراد نصاب ان يفوت شيئا على آل دويل فمن الذي يختاره فريسة سهلة؟ أهو مستر سيمون دويل؟ أم زوجته؟
- مستر دويل طبعا فقد كانت لينيت دويل حصيفة حريصة اما زوجها فهو ساذج يجهل أصول ادارة
الأعمال ولايمتنع عن التوقيع حيث يطلب منه دون مناقشة او تمحيص
- هذا رأي صائب، وذلك فيما أظن دافع حسن للقتل
- ربما ولكن ليس لديك دليل
بل يمكننا الحصول على دليل.

ممن؟ وكيف؟
- من بننجتون نفسه
- اني أشك في هذا كثيرا
- اننا ننتظر قدومه الآن على كل حال يا مستر فانثورب
فأدرك فانثورب مغزى الإشارة واستأذن منصرفا وبعد دقيقتين ظهر مستر اندرو بننجتون والإبتسامة تملأ صفحة وجهه ولكنها كانت ابتسامة متكلفة وبعد ان حيا جلس ثم تطلع الى بوارو والكولونيل ريسي متسائلا فقال بوارو:
- لقد طلبنا اليك الحضور يا مستر بننجتون لأنه من الواضح ان لك مصلحة كبيرة في هذه القضية.

فانت تعرف لينيت دويل فيما أعتقد منذ الطفولة
الحقيقة اني عرفتها كما قلت من قبل منذ نعومة أظافرها
- وهل كنت صديقا حميما لوالدها؟
بلا ريب كنا على اتصال وثيق وصداقة متينة
- الى درجة انك عينت في وصيته وصيا على لبنته وعلى ثروتها الطائلة؟
- هذه كله صحيح اجمالا ولكني لم اكن الوصي الوحيد طبعا بل كان معي في تلك المهمة شركاء
- ماتوا جميعا بعد ذلك وبقيت انت وحدك
- مات اثنان منهم وبقي على قيد الحياة المستر روكفورد.

- شريكك في المكتب وفي التجارة؟
-نعم
- واعتقد ايضا ان الآنسة لينيت ريدجواي قد بلغت سن الرشد حين تزوجت فجأة؟
- انها لم تكن تبلغ بعد الحادية والعشرين إلا في يوليو المقبل
- ولو سارت الأمور على ماهي عليه، لما حق لها ان تتسلم ثروتها قبل ذلك التاريخ؟
- نعم
- ولكن زواجهما المفاجىء غير مجرى الأمور وقلب الأوضاع
- بربكما ماهذا الذي تهدفان اليه من كل هذه الأسئلة؟

- انك رجل ذكي يا مستر بننجتون فهناك فهناك مسألة الدافع الى الجريمة ولايمكن اغفال الإعتبارات المالية عند معالجتها
- ان وصية ريدجواي تنص على ان تتسلم لينيت ثروتها عند بلوغها الحادية والعشرين او بمجرد زواجها اذا تزوجت قبل ذلك التاريخ بلا قيد ولاشرط
- وثروتها تقدر بملايين فيما اعتقد؟
- نعم تقدر بالملايين
واعتقد يا بننجتون ان مسؤولياتك انت وشريكك كانت ثقيلة جدا في هذه السنوات.

- نحن متعودان على المسؤولية في عملنا فلا يركبنا بسببها القلق
- اني لأعجب مما تقول
- ماذا تعني بحق الشيطان
- ان عجبي راجع الى تقديري ان ذلك الزواج المفاجىء لابد قد احدث ارتباكا في خطط مكتبك
- ان اعمال المكتب على أكمل وجه
- ألم يتملكك الإنزعاج عندما وصلت اليك انباء زواج لينيت ريدجواي حتى انك أقلعت بأول باخرة الى مصر حيث تصنعت الإلتقاء بها على وجه المصادفة.

- ان ما تقوله لهو الهذيان بعينه يا مسيو بوارو فانني لم اكن أعلم بزواج لينيت قبل وصولي الى القاهرة ولذلك ذهشت دهشة تامة ولابد ان خطاب لينيت وصل الى نيويورك بعد سفري وقد حول الي فتسلمته بعد اسبوع في القاهرة
- تقول انك حضرت على ظهر الباخرة كارمانك؟
هذا صحيح
- وان الخطاب وصلك الى نيويورك بعد اقلاعها منها؟
- لقد كررت هذا مرارا من قبل.

- ان هذا لمن أعجب العجب فان حقائبك لاتحمل أي بطاقة من بطاقات كارمانك بل بطاقات الباخرة
نورماندي التي ابحرت من نيويورك بعد ابحار كارمانك بيومين
فظهرت الحيرة على وجه بننجتون وبدأ يترنح، فاستطرد بوارو قائلا:
لاجدوى من الإنكار انت اذن قد تسلمت خطاب لينيت ريدجواي في نيويورك
- يبدو انه ليس أمامي الآن إلا التسليم فقد غلبني ذكاؤكما على أمري ولكن الواقع انه كانت لدي دوافع كافية لسلوك هذا المسلك ايها السادة.

- ونحن على أشد ما يكون من اللهفة لمعرفة هذه الدوافع
- يسوؤني في الواقع ان أقول انني لاحظت في المدة الأخيرة شيئا من الإضطراب المريب في أعمال
لينيت التي يتولاها محاميها في انجلترا و عللت النفس بقرب بلوغها سن الرشد ولكنني بذلك الزواج المباغث من رجل انجليزي مجهول فعولت على اكتشاف الحقيقة بنفسي بغير ازعاج للينيت.

ولم أجد من اللائق ان اقحم عجوزا مثلي على شهر العسل لشابين لأسباب مالية بعيدة كل البعد عن ذلك الجو العاطفي ولم يهدني تفكيري الى خير من هذه الطريقة في اصطناع الصدفة فدوافعي
نزيهة بعكس ما ذهبتما اليه
- الحقيقة يا مسيو بننجتون اننا لانصدق حرفا واحدا من كلامك
- تصدقان او لاتصدقان سيان.

- اننا نعتقد ان زواج لينيت المفاجىء أطاش صوابك لأضطراب ادارتك المالية لتركتها فقررت الحضور على عجل للبحث عن مخرج لك بأي شكل وفكرت في الحصول على توقيعها على وثائق اعددتها
لهذا الغرض معتمدا على ان انشغالها بشهر العسل سوف يمنعها من التدقيق في الإطلاع على الوثائق قبل التوقيع فلما خاب أملك افتعلت سقوط الصخرة ونحن على الشاطىء امام معبد أبي سنبل كي تسحقها ولكنها نجت بأعجوبة
- انت مخبول.

- وقد سمحت لك ظروف أخرى بالقضاء على لينيت دويل في أثناء العودة من وادي حلفا بحيث تلقى الشبهة على شخص آخر وقد ثبت لنا يقينا ان مسدسك هو الذي انطلقت منه الرصاصة التي قتلت السيدة اوثربون وهي على وشك الإفضاء باسم قاتل لينيت ثم لويز
وعندئذ ثارت ثائرة بننجتون وصاح:
- ما هذا الهذيان؟ وأي سبب يدعوني لقتل لينيت؟ انني لاأطمع في ان أرثها حتى أقتلها بل يرثها
زوجها فلماذا لا تأخدان بخناقه؟

- ان سيمون دويل لم يغادر الصالون طول السهرة التي قتلت خلالها زوجته ثم بعد ذلك رقد سائر
الليل مكسور الساق محقونا بالمورفين في قمرة الدكتور بسنر ولهذه الإعتبارات جميعا يستحيل
ان يكون هو قاتل زوجته
وانت اذا استخدمت ذكاؤك وكنت في مكاني يا مستر بننجتون وجدت ان الزوج الوارث الطيب القلب الذي يوقع الأوراق دون تمحيص أسلس قيادا من الزوجة الذكية الحصيفة، فمن من مصلحة الوصي.

المتلاعب المختلس المبدد ان تموت الزوجة ويرث الزوج مالها ليوقع الأوراق التي ما كانت لتوقعها هي وبذلك يحصل الوصي على تسوية لحساباته تنقذه من السجن والإفلاس وان كانت نتيجها خسارة قد تصل الى مئات الألوف تتحملها تركة ريدجواي ويضاف الى ذلك ان سيمون دويل يجهل كل شيء عن اعمال زوجته المتشعبة زممتلكاتها فهو خليق ان يطلق يدك في ادارة التركة كما كنت
وعندئذ هز بننجتون كتفيه ثم قال:.

- اقسم انني تعثرت فاذا الحجر يسقط بالمصادفة وليس هناك أي اثبات ضدي
- ربما..
فنهض وقد عاوده شيء من التجلد ثم خرج.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة