قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

جلست ذات يوم أشعر بالملل الشديد، فلقد أنجزت كل واجباتي المنزلية ولم أكن بمزاج يسمح لى بالكتابة ولا طاقة لى اليوم لأشاهد التلفاز مطلقا. وإذا بى أرى هاتف زوجى على الطاولة الجانبية خلف المزهرية. التمعت عيناي من السعادة، فنادرا ما ينسى زوجي هاتفه الثمين الذي لا يبارح جيبه أو يده قط. في تلك الفترة كان لا يضع له رقما سريا يمنع المتطفلين من الولوج إليه لا أدري أثقة في نفسه أم في المحيطين به؟ ولم يضعه حاليا؟ دعوني لا أفكر في هذا الأمر الآن حتى لا تنتابني الظنون مجددا.

عودة إلى ذاك اليوم.
أمسكت الهاتف بين يدي أنوى أن أتصفحه ولو قليلا ثم ترددت؛ فأنا لا أقترب من هاتف زوجي أبدا ولا أفتحه مطلقا، ولكن في الفترة الأخيرة لاحظت منشورات عديدة من زوجات فتشن هاتف أزواجهن ليكتشفن مصائبهم. فإنتابتنى الشكوك وأطاحت بي الظنون، فمثلهن كانت ثقتي في زوجى بلا حدود وخشيت أن أحظى بنفس المصير. حسمت قرارى وفتحته بهدوء وأنا أسمى بالله.

الماسينجر. تم فحصه بسرعة ولا شئ، الواتس آب. ورغم وجود بعض الرسائل لسيدات ولكنها في إطار العمل، حسنا لاشئ بدوره. فايبر، لاين، سكاي بي، وي شات، تيليجرام. لا شئ أيضا.
تساءلت بصمت. هل ظلمته؟ هل يؤثر علي الإنترنت كما يقول (سعيد) دائما؟ هل أنا مريضة بالوساوس القهرية. فتحت البحث على الإنترنت أبغى وصفا لحالتى أو حتى علاجا لها.

تجمدت في مكانى لبضع لحظات واتسعت عيناي هلعا. فعملية البحث الأخيرة بهاتف زوجى كانت بعنوان(أريد زوجة) وعملية البحث قبل الأخيرة بعنوان(حملة إنقذونا من العنوسة).
من الذي سينقذكم يافتيات؟ زوجى؟ هل جننتم؟ ربما أغضب منه. أغتاظ. أتشاجر معه وأهدد بالإنفصال ولكننى أبدا لن أتقاسمه مع أخرى، تركت الهاتف من يدي ووضعته مكانه.

وظللت أجول في المنزل كليث جريح. أبغى أن أفكر في شئ أنقذ به ما يمكن إنقاذه، لتلتمع الفكرة في رأسي. إنتظرت زوجي وأنا على أحر من الجمر. ليأتى مساءا كعادته. إبتسمت قائلة: حمد الله ع السلامة ياسعيد.
قال (سعيد) بهدوء: الله يسلمك يامرام. الولاد فين؟
قلت بهدوء: نامو من بدرى. يلا بقى غير هدومك بسرعة وتعالى عشان محضرالك عشا حلو يستاهل بقك.

أومأ برأسه بهدوء ثم ذهب وإغتسل ليبدل ملابسه ويجلس بجوارى على الطاولة يتناول عشاؤه بصمت. سألنى عندما رآنى لا أشاركه الطعام قائلا: مبتاكليش ليه يامرام؟
تظاهرت بالحزن قائلة: مليش نفس والله ياسعيد. اليوم النهاردة كان ملغم أخبار وحشة، حاجة كدة تسد النفس. الرجالة إتجننوا مرة واحدة وبيتجوزوا على مراتاتهم. تخيل؟

شرق (سعيد) وكاد أن يلفظ أنفاسه. لأمنحه كوب الماء بسرعة وأنا أسمى بالله. شرب ثم قال بتوتر: رجالة مين دى يامرام؟
هززت رأسى ومازلت أتصنع الحزن قائلة: متعرفهمش ياحبيبى. هم متجوزين صاحبات لية على الفيس بوك. بس الإستوريز بتوع صاحباتي قطعوا قلبى.
إزدرد لعابه قائلا: إزاي يعنى؟

تنهدت قائلة: أول واحد نجاح جوز مي. أقنعها بإن الجواز عليها خدمة وطنية، آل إيه واجب على كل مواطن، وقعد يعددلها في وضع السكان والبلد والنتايج المترتبة على عدم جوازه هو وغيره بستات تانية. ومع الأسف اقتنعت و وافقت فإتجوز واحدة وإتنين كمان. ياعينى عليه رأفت الهجان ده. شهر والتانى وإنتقل لرحمة الله، ماهي لو كانت سألتنى كنت حذرتها وخليتها ترفض. أصل قريت عن دراسات بريطانية أثبتت إن الراجل اللى بيتجوز أكتر من واحدة بيكون متعرض لمشاكل في القلب بنسبة أكبر من اللى يتجوز واحدة بس. يلا بقى الله يرحمه راح فدا الوطن.

نظر إلى (سعيد) دون أن ينطق بكلمة لأدرك أنى حققت الهدف الأول في مرماه. فقد توقف عن الأكل ولاحظت رعشة بسيطة في يده، لأكمل طرق الحديد وهو ساخن وأنا أقول: ولا فؤاد جوز عبير اللى إكتشفت إنه متجوز عليها ولما سألته ليه عمل كدة؟ يقولها آل إيه لقى تجربة جوازه ناجحة قوى فحب يكررها. أهو الباشا دلوقتى مشرف في السجن وعليه قضايا نفقة آد كدهووو، يستاهل بقى. هو كان قادر يفتح بيت لما راح يفتح التانى.

ترك (سعيد) الملعقة من يده وقد بدأ العرق يتصبب على جبينه. لأدرك أننى حققت هدفا آخر في مرماه لأصمم على (الهاتريك)وأقول بأسى مصطنع: اما عادل جوز هادية فكان عايش فعلا معاها حياة هادية مكنش بيعكننها غير حماته. حب يتجوز وقال هيرتاح مع التانية. فإتجوز التانية والتانية جرت التالتة. أصله مرتحش طبعا ماهو نسى إن عقوبة تعدد الزوجات هي تعدد الحموات، قامت خناقة كبيرة. كل حما وبنتها مع التانيين. حاول يخلص مابينهم ضاع في النص وأهو الوقتى مرمى في المستشفى بين الحيا والموت ومش بعيد يحصل نجاح جوز مي الله يرحمه.

لاحظت أن زوجى بدأ يدلك يده اليسرى لأقول: مالك ياسعيد؟ فيك حاجة؟
قال (سعيد): لأ مفيش. مضايق بس زيك على الناس دى، كان أملهم في التغيير كبير وخاب. فكرونى بواحد صاحبي كان ماسك إمبارح موبايلى وبيعمل سيرش على الموضوع ده. بيدور علي عروسة يعني ولما سألنى عن رأيى. قلتله اللى جرب يتجوز مرة مستحيل يتنفخ تانى.
رفعت حاجبى الأيسر قائلة بنبرة تحذيرية قائلة: قلتله إيه ياسعيد؟

إبتلع( سعيد) ريقه قائلا: قلتله. اللى جرب الجواز مرة مستحيل يكررها ما هو أصل أساس التعدد العدل، وإحنا مستحيل هنعدل. ولا إيه؟
إبتسمت قائلة: عين العقل ياحبيبى. عين العقل.
نهض فقلت بحيرة: رايح على فين ياسعيد مش هتكمل أكلك؟
شبعت.

اتجه إلى الحمام أتابعه بعيني لأدرك بأننى قد ظلمته فهو ليس الباحث عن عروس والمتصفح لهاتفه بالأمس. ولكننى تأكدت بما فعلت من أن هذا الموضوع لن يخطر على باله قط، ولو لثانية واحدة. للأبد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة