قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الرابع عشر

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الرابع عشر

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الرابع عشر

يقولون أنه كلما حرم المجتمع من ممارسة الحياة زاد تعطشه لممارسة الموت، يعتقد أناسه أنهم جميعا على حق. من الجاني ومن الضحية؟ لا نعرف حقا. فقد قست القلوب وكثرت الذنوب. ، ولا شيء يميت القلب مثل البعد عن الله.
هناك هم يضحك وهناك منه مايبكي. ومابين الاثنين نعيش مأساة تأخذ الأنفاس قهرا وتدمي الروح ألما وتجبرنا على التساؤل في الصمت والعلن.
ماذا حدث للزمن؟

كانت ترفع أطباق الطعام عن الطاولة بينما يتصفح( سعيد) هاتفه، تطالعه بين الحين والآخر بنظرة حانقة تقول في نفسها(آه ماهو حلال ليك التليفون وحرام علية. لأ وماشاء الله قاطع عننا النت في العيد. ماانت فاتح الباقة هتشحن النت ليه يعني؟ )
تنهدت ثم أخذت الصينية الموضوع عليها أكواب الشاي حين وجدته يعتدل فجأة قائلا: ايه ده؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.

تركت الصينية من يدها وهي تلاحظ احمرار وجهه وتعرق جبينه تعقد حاجبيها بدورها وهي ترى تقطيبة جبينه القوية وتركيزه الشديد على مايقرأه اتجهت اليه تحاول النظر الى هاتفه وهي تقول بقلق: خير ياسعيد. مالك التليفون فيه ايه؟
ارتبك (سعيد) وهو يغلق الهاتف قائلا: ها. ده ده. واحد صاحبي مات كان لسة معايا من يومين.
قالت(مرام) بأسي: لا حول ولا قوة إلا بالله. البقاء لله وحده. معلش ياسعيد ربنا يرحمه. مات في أيام فضيلة.

هز (سعيد) رأسه قائلا: آه طبعا. الله يرحمه.
نهض متجها إلى الحجرة فقالت (مرام): رايح فين ياسعيد؟
هكلم محمود صاحبي عشان نروح الجنازة؟
تابعته(مرام) وفي قلبها ثارت الظنون. فحالة (سعيد)المضطربة، ارتباكه وارتعاشة جسده تخبراها بكل تأكيد ان هناك شيئا يخفيه عنها. ترى هل هناك سر وراء حالته تلك؟ ماالذي رآه حقا على هاتفه؟ أم تراها فقط متأثرة بتلك الرواية التي تقرأها حتى باتت تمزج الخيال بالواقع؟

استغفرت الله ثم حملت الصينية واتجهت إلى المطبخ لتبدأ أعمالها الروتينية المعتادة تنفض عنها هواجسها وتأمل خيرا بكل تأكيد.

قريت الخبر اللي مالي السوشيال ميديا النهاردة يامحمود؟
فرك (محمود) عينيه قائلا بتذمر: انت مصحيني من النوم بدري عشان تسألني السؤال الغريب ده ياسعيد؟ هيكون حصل ايه يعني؟ الأسعار زادت؟ مش جديدة. قطرين دخلوا في بعض؟ العادي يعني، الممثلة المشهورة اتجوزت شاب أصغر منها والممثل الوسيم ضرب مراته وخلعته؟ وإيه الجديد مابكرة الممثلة هتتطلق والممثل هيتجوز تاني.

قال(سعيد) بغيظ: أسعار ايه وممثلين ايه دلوقتي؟ فوق كدة وافتح النت. هتلاقي خبر مخليني من ساعة ماقريته ولحد دلوقتي مش على بعضي.
تلك النبرة التي يتحدث بها صديقه جعلته يعتدل على الفور وتنتبه جميع حواسه ليقول بقلق: خبر ايه ده؟
الأول. مراتك جنبك؟
طالع (محمود) زوجته النائمة جواره قائلا بحيرة: آه ليه؟
قوم حالا من جنبها وروح حتة تانية. الكلام اللي هقولهولك مش لازم تسمعه مفهوم؟

نهض(محمود) على الفور متجها إلى الردهة وهو يقول بقلق: أديني بعدت عنها قول بقى قلقتني.
الستات رجعت تقتل في الرجالة تاني يامحمود.
تلعثم (محمود) قائلا: الستات. بتقتل في الرجالة. انت بتقول ايه ياسعيد؟
لسة شايف الخبر دلوقتي على الفيس واليوم السابع. واحدة بتتخانق مع جوزها اديتله سكينة جابت أجله.
ايه سبب الخناقة طيب؟

قال(سعيد) بنفاذ صبر: وانا هعرف منين بس؟ مقالوش. تلاقيه قاعدلها في البيت زي حالاتنا كدة وهات ياطلبات أو طلبت منه يخرجها وقالها اهمدي ياحاجة الدنيا برة زحمة أو تلاقيه كل شوية يقولها انتي بتعملي ايه طول النهار قاعدة ع النت طبعا ياهانم.
يادي الحوسة على كدة احنا هنروح بلاش ياسعيد.
أنا بقول كدة برضه. الستات مبقاش عندها خلق تروح محكمة الأسرة يامحمود بقت بتخلص حقها بإيدها و تاخده وقتى.
طب والعمل ياسعيد؟

قوم افطر وانزل نقعد مع بعض ع القهوة ونسيبهالهم مخضرة.
تفتكر؟
اومال. قوم ياعم اتلحلح. الحالة عالية ومبقاش فيه أمان. ده بيقولوا البت كانت بتحب الواد اللي قتلته. مابالك بمرام وزينب اللي كل شوية يقولولنا لموا الدور جبنا آخرنا.
آه ياجدع معاك حق. وعلى ايه بقى أصحيها وأقولها تحضرلي فطار وتدخل المطبخ وتمسك السكاكين. اقولك ده انا هجيبلها وانا راجع أكل جاهز.
وانا كمان. يلا بينا.

رايح فين ياسعيد؟ معقولة هتخرج في الأجازة؟
آه مش قلتلك هروح مع محمود أعزي اهل صاحبي الله يرحمه.
بدري كدة؟ طيب هترجع امتى؟
ها. مش عارف. ربنا يسهل.
عقدت (مرام) حاجبيها. لم تعهد (سعيد) قط مرتبكا هكذا. تزداد هواجسها. ترى هل وراء حالته تلك أنثى أخرى؟
افاقت على صوته وهو يقول: مش عايزة حاجة أجيبهالك وأنا جاي؟

ازداد انعقاد حاجبي (مرام) مع سؤاله. يعاني زوجها خطب ما بالتأكيد فسؤاله ذاك يثبت أنه يخفى أمرا ما، لتقول بهدوء: عايزة سلامتك. بقولك ايه. هبة تعبانة شوية هروح اطمن عليها وهرجع.
طيب طيب متتأخريش.
لقد وافق (سعيد). لقد جن لا ريب. كاد أن يغادر المنزل حين استوقفه صوتها وهي تقول: سعيد.
استدار يطالعها متسائلا فاردفت قائلة: متنساش تجيب أكياس وانت جاي.
ها. أكياس. عشان ايه؟
هيكون عشان ايه ياسعيد؟ هخزن فيها لحمة.

لحمة. على بركة الله. طيب. سلام
سلام.
أغلق الباب خلفه بينما طالعت (مرام) طيفه بقلق قبل أن تزفر وتتجه لحجرتها كي تستعد للمغادرة.

يعني جايباني على ملا وشي وتعالي يامرام الثانية دي الحقيني عشان توريني الخبر ده. وايه الجديد يعني؟ مااحنا كل يوم بنسمع عن مصايب.
وكزتها(هبة) قائلة: بنسمع عن مصايب آه ومهازل بتحصل ولسة هتحصل يمكن بس مش كل ساعة بنسمع ان واحد قتل مراته وبطريقة بشعة زي دي. ده زي مايكون الرجالة اتهبلت وحلفت لتقضي على ستاتها. شوفي الفيديو ده.

طالعت (مرام) فيديو لامرأة داخل محل تجاري وأمامها رجل يتحدث معها وفجأة انهال عليها الرجل بسلاحه الأبيض فانتفضت (مرام) تاركة الهاتف من يدها قائلة بفزع: لا حول ولا قوة إلا بالله. إيه ده. هو فيه كدة؟ منك لله ياشيخ. حسبي الله ونعم الوكيل.
وانت شفتي ايه؟ بقولك الرجالة اتهبلت وبتدبح في الستات.
ليه بس كدة؟ ده احنا غلابة وبينضحك علينا بكلمة.

الرجالة قاعدة في البيت فاضية وبتتلكك يااختي. ده فيه دكتور في المنصورة قتل مراته ب 11 طعنة عشان حاجة بسيطة.
حاجة بسيطة زي ايه يعني؟
انا عارفة بقى. تلاقيها طلبت منه مصروف زيادة ولا مارضيتش تعمله جنزبيل باللمون ولا تلاقيها زعقت للعيال وهو قاعد او قالتله فسحني.
يالهوي يالهوي. طب والعمل ياهبة؟ ده سعيد مش على بعضه أساسا. تلاقيه شاف الخبر على النت وبيفكر يجرب.

أنا بقول نلايمها اليومين دول ونمشي جنب الحيط وكل أما يقولوا حاجة نقول سمعا وطاعة لحد ماالموجة دي تعدي ونشوف ايه اللي هيحصل.
نقول وماله يعني هي كلمة طيب أو حاضر هتنقصنا حتة. انا هعمل زي كركر وكل شوية هقوله حاضر حاضر حاضر.
هو ده الكلام وربنا معانا بقى.
ياااارب.
سعيد. فين الأكياس اللي طلبتها منك.
مجبتش يامرام. هو احنا بنخزن حاجة؟ انت أصلا مبتحبيش التخزين. واللحمة بتطبخيها اول بأول.

معاك حق يااخويا. خدلك تفاحة طيب.
هي فين السكينة اللي بنقطع بيها التفاح.
سكينة ايه ياحبيبي؟ هو أنا مقلتلكش. بقيت أحب آكل التفاحة كدة من غير ماأقطعها. أصلي فجأة لقيتني مبحبش مسكة السكينة، بتقبض روحي يااخويا.
الله عليكي بقى. انا زيك تمام. ما أهو أحسن الناس اللي تختفي من بيوتهم السكينة والأكياس. آه والله زي مابقولك كدة.

هكذا تعامل الزوجان مع مأساة تقشعر لها الأبدان ولكن يبقى السؤال في القلب حيا. والإجابة. لا عيب في الزمن فقط تغيرت النفوس وتبدل البشر وابتعدوا عن الله فزاد الخطر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة