قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر والأخير

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر والأخير

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر والأخير

تأخذنا الحياة في دروب كثيرة بعضها قد يمنحنا السعادة وبعضها نتيه فيها بين غيمات الأحزان، لا فرح يدوم ولا حزن ومابين الاثنين نعيش تجربة تستحق أن نتنفسها بكل لحظاتها. حلوة كانت أو مرة؟ لا يهم فهي كالقهوة. شغف وإدمان.
ياسعيد ارحمني بقى. طفل إيه اللي هجيبه للدنيا ده وأنا داخلة على الأربعين؟
أربعين إيه بس يامرام؟ انت عندك 38 سنة.

هزت (مرام) كتفيها قائلة: ولو. برضه سني مش مناسب عشان أجيب أطفال تاني. وبعدين أجيب تاني ليه؟ ما عندنا 3 أطفال زي الفل.
اقترب منها( سعيد) يمسك يديها بين يديه قائلا: الأطفال عزوة ووجودهم نعمة. متتردديش يامرام واقبلي بقى.
تركت يده قائلة: الأطفال نعمة عارفة بس جيل اليومين دول صعب ياسعيد وأنا طالع عيني مع ولادك و...
هساعدك. هتلاقيني جنبك دايما. أوعدك مش هتحسي بيه أساسا.

طالعته (مرام) للحظات بتردد قبل أن تتنهد قائلة: لله الأمر من قبل ومن بعد. ماشي ياسعيد موافقة نجيب طفل كمان، بس انت وعدتني.
ابتسم (سعيد) بارتياح قائلا بسعادة: أكيد طبعا. مش هتندمي يامرام صدقيني.
طالعته(مرام) بقلق وقد حملت ابتسامته لها شعوريا عميقا بعدم الارتياح. ترى هل أراد بهذا الطفل لها إنشغالا عن الكتابة؟ نفضت هواجسها وهي تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

منك لله ياسعيد. انت السبب. حد يلحقني.
خلاص يامرام هانت هتدخلي العمليات أهو وهتخرجي مع ابننا بإذن الله.
مش قادرة خلاص بنجوني ولا اضربوني على دماغي خلوني اغيب عن الوعي بقى. حاسة اني بموووت.
بعيد الشر عنك. الدكتور جاي اهو. الحقنا يادكتور ايدي ماسكة فيها وكل شوية بتعضها. بنجها قبل ماتقطعلي صوباع.
اهدي ياأستاذ سعيد. مساء الخير يامدام مرام.
انت لسة هتسلم يادكتور بنجني ابوس ايديك همووووت.

حقنها الطبيب بالمخدر على الفور لتشعر (مرام) بألمها يخف تدريجيا تسحبها دوامة سوداء لتكون آخر ماتسمعه هو صوت الطبيب وهو يسألها سؤالا لم تفهم فحواه ولدهشتها أجابته قبل أن تسحبها تلك الدوامة وتحيطها بالكامل.

استيقظت (مرام) بعد أن زال تأثير البنج كلية. وجدت (سعيد) يجول في المكان كليث جريح. طالعته للحظة بدهشة قبل أن تقول بصوت ضعيف: مالك ياسعيد رايح جاي كدة ليه وفين عدنان؟
استدار (سعيد) يواجهها بعيون تطاير الشرر منهما وهو يقول: أخيرا صحيتي ياهانم.
قطبت (مرام) جبينها قائلة وقد تطاير آخر أثر للبنج مع نبرات صوته الحادة: هو فيه إيه؟ مالك قافش علية كدة ليه؟ فين عدنان ياسعيد؟ اوعي يكون جراله حاجة؟

عدنان بخير يااختي، مع مامتك في الأوضة التانية. انا اللي مش طايق نفسي وعايز اولع فيكي يامرام.
اتسعت عيونها في حيرة قائلة: ليه بس أنا عملت إيه؟
قولي معملتيش إيه؟ أنا يامرام شغلتي اني أطهقك في عيشتك وأعكنن عليكي؟
ازدردت (مرام) لعابها بصعوبة وشحب وجهها. ترى هل استمع إلى محادثتها الأخيرة مع أختها؟ كيف وهاتفها لا يفتح سوي ببصمة وجهها؟ لكن لابد وأنه قد فتح رسائلها وإلا كيف عرف فحواها.
ردي علية يامرام.

انت. أنا، هو...
منظري قدام الدكتور كان وحش قوي. والله اتمنيت الأرض تنشق وتبلعني.
قطبت جبينها قائلة: دكتور إيه؟ أنا مش فاهمة حاجة.
أيوة استعبطي يامرام. انت نسيتي لما الدكتور سألك وهو بيديكي حقنة البنج جوزك بيشتغل ايه وانتي رديتي عليه وقلتيله هو ليه شغلانة غير انه يطهقني في عيشتي ويعكنن علية.

وجدت في كلماته ملاذها فقالت بسرعة: أهو انت قلتها بنفسك. بنج. تخاريف بنج ياسعيد. أنا كدة، البنج بيخليني مش على طبيعتي وبخرف.
طب ولما فقتي من شوية كان بنج برضه لما قعدتي تحبي في الكل. الممرضة، مامتك، أختك حتى الدكتور وانا واقف شايط ومش طايق هدومي ولما مامتك قالتلك طب وجوزك يامرام بتحبيه هو كمان؟ قلتيلها لأ جوزي حرامي الشيكولاتة ده كخة بياخد مني الشيكولاتة ويخبيها. انا حرامي الشيكولاتة يامرام؟

اتسعت عينا(مرام)بقوة قبل أن تنفجر ضاحكة تمسك جرحها الذي آلمها تحاول أن تكبت ضحكاتها ولكن لا فائدة ليقول (سعيد) بعتاب: بتضحكي يامرام؟ هو انا باخد الشيكولاتة منك ليه واخبيها مش عشان عاملة دايت ومش حابب تبوظيه. تقومي تفضحيني قصاد الكل.
قالت(مرام) من بين ضحكاتها: معلش ياسعيد. هو البنج ربنا يسامحه بيخليني أقول اللي في قلبي.

قطب جبينه قائلا: يعني انت شايفة اني حرامي شيكولاتة وان شغلتي اعكنن عليكي واطهقك في عيشتك؟
يخربيت لسانك اللي سابق تفكيرك يا(مرام). هتودي نفسك في داهية.
هكذا فكرت (مرام) قبل أن تقول بسرعة: لأ طبعا. ماقلتلك البنج اوقات بيخليني أخرف بالكلام وأوقات بيخليني اقول اللي في قلبي. وبعدين هو ده وقت العتاب ياسعيد؟ ماتروح تجيبلي عدنان أشوفه.

ماشي يامرام هعديلك اللي حصل مؤقتا بس حسابنا بعدين وهروح أنادي مامتك تجيبهولك. انت عارفة اني مبمسكش أطفال في السن ده.
أيوة بس انت قلت...
قطعت كلماتها وقد ذهب (سعيد) لتشعر (مرام) بالقلق. لقد وعدها (سعيد) بمساعدتها في تربية هذا الطفل وألا يتركها لتربيه وحدها كسابقيه. ترى هل سيخلف وعده ويتركها لتطرق رأسها بالحائط؟ البداية غير مبشرة على الإطلاق.

يعني انت مكنتيش عارفة يامرام تربية الأطفال عاملة إزاي ولا نسيتي؟
زفرت (مرام) وهي تحمل طفلها على ذراع بينما تضع الهاتف بين اذنها وعضدها تميل لتأخذ لعبة حادة من الأرض كادت ان تطأها بقدمها لتمر بتجربة ألم فريدة من نوعها كالعادة ثم اعتدلت قائلة: الظاهر نسيت ياهبة، علي عنده تمن سنين. يعني كان لازم انسي. سيب الفيشة من إيدك يازفت هتتكهرب.

مهما مرت السنين مبننساش اللي بنشوفه على مابنكبر ولادنا، ده احنا بيطلع عنينا حرفيا. من قلة نوم وتغيير حفاضات وهس وبس ونام الننة نام. ولا الحاجة اللي تغيظ بقى لما ينام البيبي وخلاص بتاخدي نفس وتلاقي الباب بيخبط او التليفون بيرن وهوبا تسمعي سارينة ولا سارينة المطافي.

ياربي متفكرنيش انا طالع عيني حرفيا فعلا. تربية طفل جديد صعبة وخصوصا مع ولادي التلاتة حاسة اني في مستشفى مجانين، آه. بس ياعادل، اهمدي يامروة. عايزين تتخانقوا متتخانقوش حوالية وتشدوا هدومي، عدنان هيقع من إيدي.

الله يعينك يامرام. حاسة بيكي والله جيل مايعلم بيه إلا ربنا، ده حتى البنات بقوا حاجة تانية غيرنا خالص وعنديين. انتي عارفة ان بنتي رهف مبتحبش الفواكه فامبارح جبتلها عنقود عنب وقلتلها مش هتمسك فونها الا اما تاكله. قالتلي ده كتير قلتلها طب كلي نصه. مسكت العنب واكلت من كل عنباية نصها. كنت هتشل يااختشي.
ضحكت (مرام) بقوة فابتسمت (هبة) قائلة: والله وحشتني ضحكتك يامرام. اكيد سعيد مش موجود.

اكيد. ما انت عارفاه. ده ناقص يحرم الضحكة بس عارف اني ساعتها هجيبله إثبات من النت شخصيا بإنه حلال ومفيد للصحة. آه. سيب شعري ياعدنان. بقولك سيب. مش راضي. هعضك. شفتي الواد مسابنيش غير لما حمرتله عينية. ده لا يمكن يكون عدنان ولا يقرب للجنة بأي صورة ده جهنم ذات نفسيها.
ضحكت(هبة) ثم قالت: وهو فين سعيد؟ مش كان وعدك يساعدك في عدنان.

تنهدت (مرام) قائلة: خلاص ياهبة. الحكاية واضحة. كان كل همه انشغل بالعيال وانسى النت والكتابة واهو نجح مع الأسف.
معلش يامرام. ربنا يعينك ولعله خير.
فعلا ياهبة لعله خير.

دلف (سعيد) إلى المنزل فوجده هادئا على غير طبيعته، تساءل في صمت، ترى هل تركت له( مرام) المنزل؟ قد تفعلها ففي الأشهر الأخيرة وبعد أن أتم طفلهما (عدنان) عامه الأول وسعيها خلفه كالمجنونة تلحقه من مصيبة لأخرى حتى أنها أصبحت لا تنام ما جعله يدرك أنها أصبحت قنبلة موقوتة على وشك الإنفجار. إتسعت عيناه فجأة بصدمة حين وجد أولاده الأربعة جالسون على الأريكة. مقيدون وعلى أفواههم أشرطة لاصقة وقبل ان يفعل شيئا وجد (مرام) تخرج من المطبخ ترتدي شيء يشبه العباءة ولكنها رفعتها من جانب واحد فظهر بنطالا على الأغلب يخصه بينما تربط رأسها بعصابة تبدو كربطة عنقه او هكذا شبه له. تزوغ عيناها وهي تناظره لتبدو كالمجانين تماما وهي ترفع يدها التي كانت تخفيها خلف ظهرها بسكين المطبخ خاصتهم وتقول بنبرة غريبة عنها: انت جيت ياسبعي.

تسلل إلى قلبه بعض القلق وهو يراها تتقدم منه ببطئ. يجزم ان (مرام) قد أصابها مس من الجنون ليقول متلعثما: خير يامرام. مالك؟ عاملة في نفسك وفي العيال كدة ليه؟
جبت آخري ياضنايا. قعدت اقولك بلاش عيال ياسعيد كفاية اللي عندنا وانت تقولي لأ هاتي وهساعدك ودي النتيجة. جننتني انت وولادك ياسعيد وجناني هيطلع عليكم في الآخر.
يامرام إستهدي بالله انا جوزك...

قاطعته قائلة: خلص الكلام ياسعيد. اتشاهد ياجوزي. بسم الله الله أكبر...
لااااااااااااااااااااااااااا
استيقظ (سعيد) من نومه على صرخة (مرام) فنهض معتدلا بفزع وهو يطالع وجه زوجته الشاحب. قبل أن يقول: مالك يامرام؟
استدارت تطالعه قائلة بجنون: مش هنجيب عيال ياسعيد. انت فاهم. مش هنجيب عيال.

ثم أسرعت تهبط من السرير مغادرة الحجرة بسرعة ليفرك (سعيد) عيناه قائلا بحيرة: عيال إيه اللي مش هنجيبهم؟ الولية باين عليها اتجننت.

بينما كانت (مرام) تحتضن أطفالها وقد جمعتهم في سرير واحد تقبلهم وتشدد من احتضانهم حتى غلبها النعاس وهي تحمد ربها أن كل ماعاشته اليوم كان فقط محض كابوس وأن حياتها التي تعيشها الآن حتى وإن لم ترق لها تحمل عبق أنفاس أطفالها التي كادت ان تقتلهم في كابوسها في نوبة جنون. سامحك الله يا(سعيد)، يوما ما ستصيب (مرام) بنوبة جنون أو نوبة قلبية، لا فرق. تدرك هي من صميم قلبها أن نهايتها ستكون بيديه، هو وحده، لا غير.

انتهى الجزء الأول وإلى لقاء مع اجزاء أخرى فحياة (مرام) و(سعيد) تمتلئ بمواقف كوميدية لن تنضب أبدا حتى تتوقف (مرام) عن كتابة مذكراتها.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة