قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

كانت تطوف حوله كمن يتربص به، تبحث عن فرصة لإفتراسه ربما، كذلك البطل الذي يشاهد فيلمه الآن والذي إتضح أن حبيبته لم تكن سوى مصاصة دماء ترغب في شرب دمه حتى النهاية، ترى هل أثر الحظر على عقل مرام؟ ابتلع ريقه وهو يلاحظ توقفها أمام التلفاز بعيون محمرة ليقول بإضطراب: -فيه حاجة يامرام؟
قالت (مرام) بصوت غريب عنها بعض الشيئ: -مش ملاحظ إن كدة كتير.
عقد حاجبيه قائلا: -مش فاهم، إيه اللى كتير؟

قالت (مرام): -قعدتك كدة لا شغلة ولا مشغلة، تاكل وتنام وبس ده أنا حاسة انى اتجوزت سيد أبو حفيظة بكرشك ده اللى بقى قدامك مترين.
كاد أن يقول ما أنا بشتغل كل يوم وبرجع لمابيبتدى الحظر، مش قاعدلك طول النهار يعنى، وبعدين حاسبى كدة وهو يعنى أنا اللى اتجوزت هيفاء وهبى، انت مش ملاحظة إن ويزو بقت جنبك فراشة ولا إكمنى ساكت ياحاجة.

أغلق فمه وهو يراها ترفع حاجبها، تنتظر تعليقه ربما لتفتح نيرانها البادية على ملامحها المتأهبة، نظر حوله قائلا بإضطراب: -هم الولاد فين يامرام؟
هزت رأسها بإنكسار مفتعل وهي تقول: -كل واحد في أوضته بيروقها. بيساعدونى يعنى، ماهو أنا أصلى تعبت من شغل البيت، كل يوم ترويق وغسيل وتنضيف وطبيخ، شاي وقهوة وعصاير وحلويات، جبت أخرى ياسعيد وأهو انت شفت بعينك أنا بعمل إيه في البيت كل يوم.

قالت جملتها الأخيرة بلهجة ممطوطة أدرك فيها أنها تلمح إلى سؤاله الذي كان دائما ما يخبرها به وهو انت قاعدة طول اليوم بتعملى إيه يعنى يامرام لقد أدرك بالفعل أنها كانت تفعل الكثير ولكنه أبدا لم يرى ذلك، ولن يعترف بذلك الآن أيضا. أفاق من أفكاره على صوتها وهي تقول: -وبعدين ياسعيد، بما إن حظر التجوال إتجدد أسبوعين كمان وهتفضل منورنا كدة كتير، مش هتقوم انت كمان بواجبك ناحية مصر، قصدى ناحية مراتك وبيتك.

ابتلع ريقه متوجسا وهو يقول: -واجبي؟! قصدك إيه يامرام؟
قالت (مرام) بلهجة ممطوطة وهي تقترب منه: -تساعدنى، تخف من علية شوية بدل القعدة اللى ملهاش لازمة دى، تشغل نفسك حبتين بدل الفراغ اللى جاي على دماغى ومقعدنى في المطبخ ال24 ساعة.
قال (سعيد) متهربا: -آه طبعا وماله، أساعدك يامرام بس أنا مبعرفش أعمل شغل الستات.

رفعت (مرام) حاجبها قائلة: -تتعلم ياحبيبى، أو تجيبلى حد يساعدنى وانت عارف الشغالة في اليومين الصعبين دول بتاخد كام.
شعر بأنه مجبر وهو لايستسيغ الإجبار مطلقا ولكنه تنهد قائلا: -وعلى إيه؟ الطيب أحسن. هساعدك يامرام وهو يعنى شغل البيت فيه إيه؟
إبتسمت وهي تنظر إليه ليتوجس قلبه خيفة وقد ظهرت إبتسامتها كإبتسامة ذئب منتصر يدرك أن من أمامه هو حمل وديع، وقع بالفخ.

بعد مرور عدة أيام...
رن هاتف( سعيد) ليترك مابيده ويجيبه على الفور قائلا: -عصام. فينك ياراجل؟ مبقاش حد بيشوفك.
إستمع إليه يقول: -انت عارف بقى الكورونا والحظر ياسعيد.
ليتحسر (سعيد) قائلا: -آه والله حتة فيروس قعدنا في البيت زي الستات.
ثم عقد حاجبيه مردفا: -إيه الصوت ده؟
قال (عصام): -دي القهوة فارت وانا بحمر الفراخ البانيه.

إتسعت عينا (سعيد) قائلا: -بتحمر بانيه؟ وكمان بتعمل قهوتك بإيدك، لأ الظاهر إنك مش مسيطر ياعصام.
قال (عصام): -لا والله مسيطر. عيب عليك، بس انت فاهم بقى، الحظر إتمد وكدة يعنى.
أصدر( سعيد) صوتا بحلقه ينم عن الرفض قائلا: -ويعنى إيه الحظر إتمد وقعدتنا طولت، إحنا رجالة يابابا وبنشتغل طوال النهار هنيجى كمان نشتغل بالليل.
قال (عصام): -معلش ياسعيد نساعدهم شوية، كتر خيرهم.

قال (سعيد) بإستنكار: -كتر خيرهم على عينى وعلى راسى، بس لازم يعرفوا ان احنا ملناش في شغل البيوت.
استمع ل(عصام) وهو يقول: -ياسيدى مش أحسن مانجيبلهم شغالة تساعدهم.
قال (سعيد): -لا ياحبيبى. شغالة إيه دي كمان؟ بقولك ياعصام. قوى قلبك كدة وقولها وش، ياتشتغل في البيت وتعاملك بما يرضى الله ياتطلقها وتجيب اللى تريحك، آه الستات زي الهم على القلب. مش ناقصة هبل.

قال (عصام): -تصدق معاك حق وآدى كنكة القهوة في الحوض والبانيه طفيت عليه وخارجلها عشان أرصهملها دلوقتى.
ليبتسم (سعيد) قائلا: -أيوة بقى، هو ده عصام اللى أعرفه، سلام ياصاحبى.
أغلق الهاتف ثم شرع يكمل ما يفعله لينتفض على صوت( مرام) وهي تقول: -كنت بتكلم مين ياسعيد؟
قال بحنق: -الرقم غلط.
ثم وضع حبة الكوسة من يده في الطبق قائلا: -انا قورت ال2كيلو كوسة والبتنجان وقطعت الكرنب، فيه لسة حاجة تانية؟

قالت بعملية: -لم الغسيل على ماأخلص الخلطة وآجى أحشى معاك.
كادت أن تذهب ولكنها توقفت وإلتفتت إليه لتقول: -آه كنت هنسى، وانت بتطبقه متنساش تسيب الحاجة اللى فيها قطع على جنب عشان بعد مانحشى نبقى نقعد مع بعض نخيطها.
قال (سعيد) بإستنكار: -لأ كدة كتير على فكرة، بقولك إيه يامرام. انت زودتيها قوى، انا قلت أساعدك حبة مش أعمل نص شغل البيت، أنا نازل واللى يحصل يحصل.

سحب مفاتيحه وهاتفه ليتوقف وهي تقول: -ماشى ياسعيد، إنزل براحتك بس متزعلش لو إتصلت ب 105 وقلتلهم ان عندى في البيت حالة كورونا وإن الحالة نزلت بعد الحظر وبتنشر العدوى في شوارع مدينتي الغالية على قلبى.
إلتفت إليها يطالعها بصدمة لتمسك هاتفها وهي تقول: -مستنى إيه؟! ماتنزل.
ترك مفاتيحه وهاتفه وهو يقول بإحباط: -تحبى بعد مانخيط الهدوم، نمسح البيت بالديتول.

أصدرت صوتا بحلقها ينم عن الرفض قائلة: -لأ، مسحته من شوية وانت عند باباك ومامتك تحت، نبقى نمسح السلم ولو فضل وقت نبقى نظبط الخضار لتخزين رمضان.
ثم إلتفتت على الفور متجهة إلى المطبخ بينما كاد( سعيد) أن يمسك الفاز ويقذفها بها ولكنها كانت قد اختفت من أمامه ليردد بحنق: -حتة فيروس، خلانى في البيت محبوس، عايش مع مرام في كابوس.
ليشمر عن ساعديه وهو يقول: حسبي الله ونعم الوكيل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة