رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل السادس والعشرون
استقلت سيارة أجرة إلى سكنها ف رن هاتفها، رقم غير مدون
أجابت..
ألو؟
طمنينى عليك ِ يا حبيبة
تعلم صوته، تحفظه عن ظهر قلب، يصبح هناك نبضات خاصه ينبض بها قلبها حينما
تراه أو تسمعه، تلعثمت وبللت شفتيها ومن ثم أردفت بطريقة استفهامية
وليد؟
على الناحية الأخرى، كان يترجل وليد خارج مكتبه بالبنك وأكمل مكالمته
انى آسف أنى اتصلت بيكِ يابت عمى وتعرفيش رقمى، بس خدته من عمار
كُنت لازم نتطمن عليكِ فوسط كل الل حصل ديتى.
على صمتها حبيبة تنتظره يتابع حديثه، ف أكمل هو
لو المكالمه مضيجاكِ نجفلوا
لاء يا وليد بالعكس، إنت بالذات لما بتكلمنى بحس بحنية أهل كبيرة أوى
بحس بكل أخوات الدنيا وحنيتهم أتجمعت فيك، بحس بصراحه أن الدنيا بخير
ولسه فيه صبر عشان الل جاى أفضل
إبتسم وليد إبتسامته الواسعه، منذ فترة كبيرة لم يتبسمها ف أردف بصوته الرنان لها
عارفه يا حبيبة، أما سمعت الل حصلّك وعمله إلياس، كُنت عاوز ننزل نفرتك عضمه فيدى.
وكُنت عاوز نعتذرلك ميت عُذر
تعتذرلى ليه؟
عشان كلنا كنا السبب فاللى حصلّك مش عمى درويش بس، أنا وعمى درويش وعمار وحفصه
كُلنا اتكتفنا وسكتنا يابت عمى
تنهدت حبيبة بحزن تنهيدة استشعرها وليد ف أردفت هي بنبرة متهدجه
مش زعلانه منكم، دا قدرى يا وليد، الحمدلله ان جه حقى من غير م حد منكم م يتورط معاه فمشكلة
حاول وليد أن يفك رابطه عنقه قليلاً وعاد إلى مكتبه وأغلق الباب الزجاجى وجلس إلى مقعده يردف لها.
بتعملى إيه فحياتك دلوك؟
أمنية صاحبتى أجرت لي شقه قريبة من بيتها وبتتابعنى وبنذاكر سوا لحد بليل وبتروح هي، وبروح جلسات التأهيل النفسي وحاسه انى بدأت أتحسن
عمار وهمام سابولى مبلغ كبير أوى دفعت منه ايجار الشقه وباكل وبشرب ومواصلات
ضحكت بخفه واستطردت
والفون الجديد، بصلى وبقرأ قرآن محافظة على وِرد يومى، زائد عم ناصر
قالتها مبتسم ثغرها ف إبتسم وليد وأردف
مين عم ناصر؟
دا يا وليد ممكن اعتبره أيقونة ربنا بعتهالى عن طريقه تتحقق أمنيتى الوحيدة وهي الخلاص من إلياس، كُنت وانا فثانوى قالت لنا ميس منال أن لما نطلع صدقة ونحط نية معينه فدماغنا
بتحصل، كُنت طول السنين دى كل لما أشوفه بالجامعه أديله الل ربنا بيبعته عن طريقى
وأقوله ادعيلى، ونيتى أخلص من إلياس من غير م تتورطوا انتو، مكنتش اعرف المعجزة هتحصل ازاى
بس دا ربنا! رب المعجزات والمستحيلات.
كانت دى أمنيتى، لأن كنت حاسة أنى فيوم هموت على إيد إلياس من تعذيبه فيّا
بعد الشر!
قالها وليد في إندفاع فصمتت حبيبة ف أكمل هو
متجوليش كدا يا حبيبة، دا لو حصل مكانش هيكفينى عمره، زمان يا حبيبة كُنتِ الدنيا كُلها بالنسبة لي
شمس منورة بتطلع تنور حياتى، بس بعد م بعدتِ وإتجوزت وانا أتجوزت وخلفت
عرفت ب إنك بنتى كان نفسي فيها، أخت تامنه بس أصغر ادلعها والاعبها وأجيب لها كل طلباتها.
عرفت أن الل بيتولد معانا دا حب بس مش حب عاطفه، حب خوف على إنسان حاسه منك
على دمك ولحمك بيتحرك فحته تانيه
إبتسمت حبيبة وقالت
لسه زى م أنت كلامك حلو وبتقول كلام جميل وشعرك أجمل، ربنا يتمها عليك نعمه ويفرحك ب إبنك
صمتت ل ثوانِ وقالت
وكأنى كُنت معزولة عن العالم، معرفش إنت خلفت أمتى واسمه ايه، معرفش مشكلة مرات عمار
معرفش بمشكلة بابا الل قالبه الدنيا جحيم عندكم، كل دا قالته ليا حفصه لما كانت هنا
منه لله بقا.
إدعيلنا ي حبيبة، أن الل فتحه أبوكِ ميبجاش نهايته خراب علينا كُلنا
المهم، هبعتلك فلوس عن طريج البنك الل شغال فيه
وإنت ِ روحى استلمى الحوالة تمام، ولحد م تخلصى وترچعى البلد هبعتلك تمام
وليد! مينفعش و
بت! تعرفى تسكتِ تعرفى ولا تعرفيش
يا وليد لاء والله أصل..
خلاص خلص الكلام، هتصرفى منين يعنى، أنا أخوكِ يعنى دا حجك فيّ
عاوزين بس تجديرات يا دكتورة السنة دى، سامع ان تجديراتك مكانتش كويسة السنين الل فاتت.
معلش، هنبدأو من چديد ونعوض
وبعد أذنك هبجى أكلمك اتطمن عليكِ، سلام يا حبيبة
أغلق الهاتف، وضعته حبيبة بحقيبتها ثانية وشردت في أمر وليد وعمار وحفصه وأمنية
هم معانى السند لها الآن ب إختلاف دور كل واحد منهم، حفصه الأم والاخت وبئر الأسرار
أمنية الصديقه ومُنقذها الوحيد، وليد الأخ والأب والعطاء، أما عمار فهو كل المعانى الباقية المتبقية
والتي تفتقدها حبيبة، سيظلوا مربعها المفضل، مُربع طمأنينة قلبها وأخيراً.
سلامٌ، وإنْ كان السلام تحيَّة، فوجهُك دون الرد يكفي المُسلِّم!
كان ميعاد عودة عمار من عمله، ولج إلى شقته وأغلق الباب بعد إلقاء تحية السلام
فخرجت زمزم من المطبخ مُبتسمه، رحبت به ف أردف هو
تعبان جوى إنهاردة عارفش مالى
ولج إلى غرفة نومه يبدل ثيابه فتبعته زمزم
عشان بتجعد طول الليل صاحى، بحس بيك
نظر عمار إليها مبتسماً وهو يقوم بتبديل ثيابه ف أستطردت هي حديثها
أحضر الأكل دلوك ولا هتريح شوية؟
لاء هريح، ولا إنتِ چعانه؟
إبتسمت زمزم وجلست بجانبه على الفراش وهي تقوم بمساعدة ف إرتداء ملابس نومه
لاه، فطرت متأخر مع عبلة تحت
إنتهى عمار ف أراح جذعه على الفراش وهي بجانبه تجلس ناظرة له ف أردف هو
هتنامى ولا
لاه هطلع نكمل الل وراى، بس..
إبتسم عمار وأردف يعلم مابداخل زوجته
بس خير، عارف مدام جعدتى يبجا فيه حاچه عاوزة تجوليها
هو بصراحه ربنا أه، المستشفى اتصلت بي وجالو أن ميعاد العملية
السبوع الچاى.
هز عمار رأسه وأردف لها
على خير يارب وتجومى بالسلامه، طيب هحاول آخد أجازة من شغلى ونروحوا
الفكرة فال 15 يوم راحه، يعنى ينفعش ركوب جطر ونرچعوا بعد م تعمليها
هنجعد فين، معجول ننزل ف اوتيل 15يوم!
نظرت زمزم له ب إمعان وقالت وهي تستعد لإفتعال مُشكلة معه
أكيد مش هنروح نجعد مع حبيبة صوح!
إنتبه عمار، لم يكن بحسبانه حبيبة مطلقاً ف أردف متعجباً منها
حبيبة! حبيبة كيف يعنى مچاش فبالى، انا چت فبالى مرت عمى زاهية.
بيت عمى وليد، بس لاه برضو هينفعش
إنت ِ غير الراحه عاوزة حد يخدمك، وغير كديتى هعمل إيه أنا 15يوم لا شُغلة ولا مشغله
صمت الإثنين ف أردف عمار
يدبرها المولى ان شاء الله
كان يستعد للذهاب في النوم ف أمسكته زمزم من ذراعه تلفته إليها
إنت صوح عمى هيسفرك إنت ووليد بعد العملية بتاعتى؟ يعنى مش هتكون هنيتى طول شهور
الحمل بتاعتى ولا تحضر ولادة ولدنا الل هنموت عليه ياعمار!
مط عمار شفتيه وهو ينظر لها وأردف.
أبوى هيسفرنى خايف من التار، خايف لايصفونى ولاد حچاچ أنا ووليد
لكن والله لو ربنا عاوز سواء هنسافر هنجعد لو ربنا كاتب أموت هموت، حتى لو كُنت فالهند
دفعته زمزم بخفه في أحد كتفيه وقالت عابسه الوجه
بس بعد الشر، لاه ان شاء الله مش هياخدوا حد منيكم، أنا عاوزاش تسافر
وإن كان ولابد، تاخدنى وياك بس كديتى
كان عمار ينظر لها، ف أردف بصوت متعب وهو يتثائب.
طب أنام دلوك وأول م اجوم هنشوف هسافر هجعد هاخدك معاى، هنجعد فين فمصر
اريح بس ساعه
طب إنت مش فرحان بذمتك أن هبجى حامل وهتبجى أب ياعمار، أخلف لك عيل عسل زيك
كديتى ويبجى شاطر فالمدرسة، نفسي أسميه مالك
عحب إسم مالك جوى
تنهد عماربنفاذ صبر وأردف لها ممسكاً يدها وقبلهما
أبوس يدك أرتاح وهجوم نشوف هنسميه إيه، ربنا يجومك ليا بالسلامه الأول
إنتبهت زمزم للكلمه ف أتسعت حدقة عيناها
ليك! عتجول ليك يا عمار.
تعجب عمار ف أردف
أيوة طبعاً ليا، هو بعد أمى وأبوى ووليد، ليا مين غيرك؟
إبتسمت بشدة وقامت بعناقه فقهقه هو عالياً من فعلتها واحتضنها بقوة
حتى أمال بجسده على جسدها وأثبت لها غلاوتها بالفعل ليست مجرد كلمات..
بمكتب محافظ الأقصر، كان نائب دائرة قرية المطاعنه التي يقطن بها الحج عبداللاه والحج عبدالرحمن
موجود برفقتهم وهم يتقدمون بطلب صُلح يتدخل به المحافظ والنائب ورئيس مجلس المدينة
إلى عائلة عبدالمعطى تحديداً أولا حجاج لإغلاق بحر الدماء المرتقب.
وبالفعل حصلّوا على الموافقه وتحديد يوم لعمل جلسة مُصالحه تشهدها القرية ب أكملها ويكون من حاضريها كِبار رجال القرية وكبار المسؤولين.
إنصرفوا جميعاً وبقلوبهم بارقة أمل أن سيغلق باب الدماء والثأر دون إحتياجهم لسفر اولادهم والغربة
ومن دون الخوف على بقية شباب العائلة.
ايوة طبعاً، اصل كانوا هييفضلوا مسافرين لحد ميتى؟
قالها همام وحفصه تضع الطعام أمامه وتجلس ببطء
إن شاء الله زيارتهم تچيب نتيچة والصلح ينفع مع ولاد الملكوم حچاچ ونخلص من الجرف ديتى
حتى أنى ينفعش نسيب بلدى وأهلى وناسى ونروحوا بلد غريبة لا نعرفوا حد وعيالى يتربوا فيها!
لاه ياخوى، بلادنا وبيتنا أولى بينا، ربنا يچعل وش بتك زين يارب
ونخلص منها الحكاوى الفقرية الل مشوفنهاش جبل كديتى دى
لاحظ همام وهو يتناول طعامه كلمه إبنته، ترك الطعام واعواد الجرجير الخضراء بفمه واردف بفرحه
إنتِ عرفتِ منين إن الل فبطنك بت ياحفصه؟
إبتسمت حفصه وجلبت له صحن المخللات وضعته أمامه وقالت ضاحكه
يابوى مالك إنت عايش فخضرة الطعميه، روحت أنا ومرت ابوى عند الداكتور وجال بت.
إفرح ياهمام بت نفس خلجتك العفشه
أبتسم همام وأردف وهو يأكل
مش أعفش منك
أمتعض وجه حفصه وقامت بقلب صحن الخضرة راساً على عقب بطريقتها المضحكه وقالت
مين الل عفشه دى ياهمام! چاك حصبه ألمانى دا أنت عرفتش تنام ليلك لحد م وافجت عليك يا چوازة الندامه يا راچل نص ونص ومسيو من غير الواو يا دم داخل عليك من بدرى
مين العفشه؟ أنطج
أخذ يضحك همام بشدة ممسكاً بيدها يهدأها وأردف.
عهزر معاكِ يا حفصه مالك، طب والله والله م يملى عينى غيرك
جولتِ إيه
هدأت حفصه من روعها إلى حد وجلست الى المقعد وأمسكت الصحون ب أكملها جمعتها
ونهضت بهم وهي تتمتم
مش أنا عِفشه! فيش وكل، روح كُل عند مَنونة يا ولد منونة!
تركته فنظر همام ناحيتها مبتسماً كعهده وهو يطرق كف بكف.
شريد الذهن لا أقوى على الجدال أصواتهم حولي، هسيس لا أفهم طلاسمه لا تسودني الكآبه والخوف فقط بل ملامح وجهي الخمسيني في عامي الذي يقرب من آخر الثلاثينيات!
وقبح حاضري سيج بلون فراغي الداخلي وغربة أيامي وقسوة ذاكرتي وذكرياتى.
أنا آسف يا إلياس بيه، وضعك صعب جداً ممكن جدا يتحكم عليك بخمس سنين سجن
أتسعت حدقه عين إلياس وأردف غاضباً
خمسه ازاى! أنا مش قادر اقعد يوم كمان هنا، المكان مقزز ومقرف والناس مقرفه.
أنا بتعرض للضرب والإهانة من المساجين ومن الصولات، انا تعبت
تلعثم المحامى واردف له بصوت خفيض
الجمعية الل صورتك وكلام مراتك، دا غير تقرير المستشفى
وغير كمان أنها استشهدت ب إنك عرضتها للإجهاض قبل كدا وهي تسترت عليك عشان كانت خايفه منك
وقالت على اسم المستشفى والدكتور وشهدوا، فعلا مفيش أى منفذ
غير حاجه واحدة
كان يتحدث المحامى خائفا من ردة فعل إلياس ف أردف إلياس بعصبيته المعروفه
إيييه الحل خلصنى.
قلقان حضرتك متوافقش وو
أى حاجه هتطلعنى من القرف دا موافق عليها فوراً
نثبت أنك مريض نفسي، وقتها هتتحول لمصحه نفسية والعقوبة هتقضيها هناك بدل السجن
وهتكون أخف
صمت إلياس وعاد للخلف بجسده المتعب من شدة تعذيبه داخل الحجز، كان يفكر والمحامى عنه ينتظر رده قبل أن يقوم ب أى إجراءات.
مضى وقت..
تعافى درويش كثيراً عما مضى، تحمل نفقات علاجه وعملياته أبناء عمومته ب أكملهم وشقيقه مناع أيضاً.
وبعد كثير من العمليات الجراحية الدقيقة التي خضع لها، وصل لنتيجة أنه سيبقى قعيد بقية حياته
بل وقد أصيب أصابة بالغه فقد بها النطق!
كان على مقعده المتحرك صامت ويزچه شقيقه مناع برفقة الحج عبدالرحمن والحج عبداللاه
وكرم والد همام والشباب همام ووليد وعمار..
عاد إلى منزله مكسوراً، يشعر بالخزى مما فعل معهم وهم من وقفوا بجانبه بالنهاية، لايدرى ما القادم جراء فعلته المُشينه وفتح باب النيران.
لا يعلم كيف سيقضى بقية حياته حبيس مقعد حتى البوح بالكلمات لا يسعه!
ذهبت له زوجة مناع ومعها حفصه اخبروه، أن ستأتى السيدة أم بخيته لتصنع له طلباته
وطعامه كل يوم، وسيأتى مناع شقيقه يطمئن لحاله يومياً.
ناوله زكريا إبن مناع ورقة واخبره ب أنه يمكن له كتابه مايريد هنا، امسك ورقة وقلم، وكتب بها
عاوز اسمع صوت بتى حبيبة
نظر الجميع بعضهم إلى بعض ف أردف عمار بشئ من الصرامه
تسمع صوت حبيية فين؟ على تليفون چوزها؟ م انت عارف انه مانع عنها التليفونات
دون درويش بالورق بعدما سمع عمار
كلموا إلياس خلينى أسمع صوتها
تنهد الحج عبداللاه وأردف
إسمع يا درويش، ريّح دلوك وبعدين نشوف الل إنت عاوزه عشان الدنيا خربانه عند بتك.
رفع درويش حاجييه ودون على الورقة على عجل بخط مهترئ
مالها بتى
هز وليد رأسه ساخراً، ف أردف الحج عبدالرحمن
بعدين يا درويش، ريّح دلوك، حفصه هتبجى تيچى تديك الدوا والحجن لحد م تبجى زين
تركوه مع مناع شقيقه الذي ربت على كتفه، بينما كان ينظر درويش إلى ارجاء منزله بحسرة
حظيرة البهائم محترقه، منزل خالِ من صوت حبييته الوحيدة زوجته هناء منذ سنوااات طويلة.
ومن صوت ترجل حبيبة إبنته صعوداً وهبوطاً وشعرها الكثيف يتهادى خلفها بفوضوية..
صوت حفصه وهي تتحدث بنبرة عالية كعادتها وهي تقوم ب إعداد الطعام.
المنزل فارغ، ليس من البشر
بل من الروح الدافئه، فقد درويش كُل شئ بسبب تهوره بلحظة غضب
وبسبب حبه للمال قام ب إزهاق ارواح ليس لها ذنب الله يعلم وحده ماهى نتائج فعلته
وماهى ردود الأفعال.
كل ألم يَعطي درساً، وكل درس يغير شخصٱ، وكل تجربه تصنع نضجٱ، ,.
اصبحت عادة يومية لدى حبيبة بجلسة التأهيل النفسي، تحكى وتشكو وتخرج مابداخلها من طاقة سلبية
تستقبل تمارين الاعتياد على جديد يدخل طاقة ايجابيه بها، تستعد ان تسترد حبيبة أفضل من السابقة
وأفضل من أى وقت مضى.
أنا مبسوطه جدا بيكِ يا حبيبة، عندك قوة إنك تتخطى أى مرحلة صعبه مريتى بيها
بجد انا مبسوطه منك جداً
قالتها الطبيية ف إبتسمت حبيبة لها قائله
حاسة ان فكل مرة وقعت بسبب حاجه، ربنا بعتلى علاجها فوقت مناسب.
انا مكنتش وحدى يا دكتورة ف ولا مرة، كان ربنا معايا وكان بالصبر بيقوينى
كانت تسمتعها الطبيبة ف أمالت ب رأسها قليلاً وهي تدون أمامها
قوة ايمانك قطعت شوت كبير علينا عشان نأهلك من اول وجديد، بجد بحييكِ
بس قوليلى، ايه عند حبيبة ممكن تتخلى عنه عشان اتفرض عليها
يعنى مثلاً، دراسة الطب؟ النقاب؟ جوازك من إلياس؟
تنفست حبيبة بعمق ومن ثم زفرت وتحدثت وهي شاردة أمامها.
دراسة الطب، فالاول كنت بعمل كل حاجه زى م عاوز بابا عشان متعاقبش
بس بعدين عرفت ان هي وبس الحاجه الوحيدة الل هتخلى ليا شأن كبير
هتخلينى اقف من جديد واثبت نفسي زى م انا عاوزة، هختار انا الشعبة الل هحب ادرسها
مش حد هيختار لي، أعتقد أن مش ندمانه على دراسة الطب
أما عن النقاب، ف أنا اتحرمت من أنى اعرف اختار او اميز ايه الصح وايه الغلط
انا دلوقت عندى إتاحه اقلعه وانا فكامل إرادتى، بس هفكر لو وجوده مأزمنى.
هقلعه من غير تردد، ولو هحب افضل بيه فهفضل لارضاء ربنا مش لإرضاء حد.
بالنسبة لجوزاى من إلياس، فهى اكبر غلطه ربنا هيعوضنى عنها، انا همشى ف الإجراءات زى م قالت الجمعية بمساعدة امنية ومامتها، ومنتظرة تصليح الغلطه دى واخرج من سجنه نهائى وللابد
دونت الطبيبة أمامها ومن ثم رفعت بصرها إلى حبيبة وقالت
ومربع الطمأنينة بتاعك اخباره إيه؟
عندما ذكرت الطبيية هؤلاء الاربعه، ابتسمت حبيبة رغماً عنها وأردفت.
حفصه مش بتسيبنى دقيقة الا فالمحاضرات او النوم، فعلا أمى بكل معانى الكلمه
حتى قالتلى انها حامل فبنوتة وهتسميها على إسمى ويمكن دا أسعد خبر جانى فحياتى
أما أمنية، فهى ملاذى الوحيد فعلاً، ثقتى فيها كبرت وبقيت بعتمد عليها فكل حاجه واى حاجه
أختى وصاحبتى الوحيدة وأجمل صدف القدر بالنسبة لي، شخص كدا متضعش طالما هو معاك
ووليد وعمار؟
تلعثمت حبيبة وبللت شفتيها ونظرت لاسفل بخجل وأردفت بنبرة صوتها الناعمه.
رغم مشاغلهم وبيوتهم وحياتهم، رغم مشكلة التار الل بابا ورطهم فيها مؤرقاهم ومش بينامو ليل ونهار
بس فاكرين حبيبة، وليد يتصل عمار يبعت فلوس، وليد يتطمن انى باكل
عمار يأكد عليا اذاكر عشان اجيب تقديرات أعلى، وليد يصمم عليا بقفل القفل والترباس قبل م أنام والشبابيك
وعمار يراجع معايا وِرد القرآن وتقسيم وقتى هل صح ولا لاء
وليد خدتى الادوية بتاعتك؟
عمار ناقصك ايه وابعتهولك؟
اعتقد لو نهاية إبتلائى كانت نهايته جايزة زى الاربعه دول يفضلوا جنبي ومحتاجش حاجه تانى
لا معنوياً ولا نفسياً، انا مبسوطه لإبتلاء زى الل اتحطيت فيه
وبحب ربنا أوى..
إبتسمت الطبيبة وأردفت لها بصوت هادئ
إنتِ فعلا تستاهلى يا حبيبة، هنمشى عالدوا بس هنقلل الجرعات
اعتقد بعد كل الامان دا بطلتِ تصحى مفزوعه او تنامى خايفه وقلقانه
هزت حبيبة رأسها إيجاباً.
هما عملوا الل اكتر من الدوا، ربنا يديمهم جمبك، الجلسة خلصت يا حبيبة
تم خصوع زمزم لعملية الحقن المجهرى، كانت خائفه تتمتم بكلمات غير مفهومه
كان عمار بجانبها طيلة الوقت ووليد وعبلة شقيقتها والصغير عمار
الجميع سافر معها يدعمها، وم أن انتهت قام عمار بتأجير غرفة مفروشة ومرحاض لتجلس بها الأيام الذي ستثبت بها البويضه حتى ميعاد اختبار الحمل.
عاد وليد وعبلة وإبنهم، وظل عمار معها يقوم بخدمتها وبدعمها النفسى، كانت خائفه أحياناً
وأحياناً عصبية وأحياناً هادئة، تحملها في كل ظروفها ف لعبة الهرمونات بداخلها هي ليس هو.
كان معها حنوناً صادقاً بسيطاً، لايتركها سوى أن أحضر لهما طعاماً.
كان يسندها للذهاب إلى المرحاض ويتنظرها، كان يقدم الطعام لها وهي على الفراش..
حتى مروا الخمسة عشر يوماً، وأتى موعد عمل الاختبار وأخذ النتيجة.
فعلت الاختبار وعادت ثانية إلى الغرفة المؤجرة، كان هو في المرحاض
وخرج ليستمعها وهي بتصلى وتدعو ربها رافعه يدها للسماء على سجادة الصلاة
يارب، يارب أكون حامل، يارب لو مفضليش أى امنية فالدنيا
لو مفيش أى حاچه هتتحجج لىّ غير الدعوة دى عاوزاها يارب
أشيل واد ولا بت يفرحوا جلبي وجلب عمار، مبجاش أرض بور يارب
عمل الل عليه وزيادة، وانا هعرفش أكون أنانية تانى يارب.
أنصرنى واكون حامل ورچعنى للبلد فرحانه بخير حملى يارب أنك على ماتشاء قدير
كان يقف عمار يستمعها وقلبه يتصارع دقاً ف أردف يتمتم داخله وهو على نظرته لها
مكنتش أعرف أنى بنحبك كديتى، ولا كان يخطر على بالى أن جلبي يشيل أتنين جواه!
إنتهت من صلاتها أحتضنها عماربقوة من جسدها من الخلف، وجعلها تنهض وأصطحبها الى الفراش لأن عليها الراحه.
وباليوم التالى، ذهب عمار بمفرده للإتيان بالنتيجة.
كان متوتراً، يهز بساقِ واحد ويترقب أن تدعوه الموظفه لأخذ النتيجة
يقضم شفتيه حتى اندفع الدماء بهم من كثرة فعلته، يفرك ب أصابعه
وهاتفه يرن كل دقيقه ب إسم زمزم وهو يجيبها انه مازال منتظراً
حتى سمع صوت النداء
مدام زمزم محسب ابوالفضل
سمع عمار ترجل بخطوات متباطئه خائفه، وكأن الصورة تسير بالتصوير البطيء
وقف عمار أمامها فسلمته الموظفه التقرير مع قولها
---------------------------.
ولا تَنْسَيا عهدي خليليَّ بعد ما
تَقَطَّعُ أوصالي وتَبلى عِظاميا
يقولون: لا تَبْعَدْ وهم يَدْفِنونني
وأينَ مكانُ البُعدِ إلا مَكانيا (مالك بن الريب).