قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل السابع والعشرون

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل السابع والعشرون

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل السابع والعشرون

كان متوتراً، يهز بساقِ واحد ويترقب أن تدعوه الموظفه لأخذ النتيجة
يقضم شفتيه حتى اندفع الدماء بهم من كثرة فعلته، يفرك ب أصابعه
وهاتفه يرن كل دقيقه ب إسم زمزم وهو يجيبها انه مازال منتظراً
حتى سمع صوت النداء
مدام زمزم محسب ابوالفضل
سمع عمار ترجل بخطوات متباطئه خائفه، وكأن الصورة تسير بالتصوير البطيء
وقف عمار أمامها فسلمته الموظفه التقرير مع قولها
للأسف نيجاتيف، مفيش حمل، اتفضل حضرتك النتيجة.

بتثاقل، حمل عمار الأوراق، وفي طريقه إلى زمزم والهاتف لا يكف عن الرنين ب إسمها
وهو يقوم ب إغلاق الخط، فضّل ب أن يذهب إليها يخبرها وجهاً لوجه، يتحمل نوبة بكاؤها
يتحمل حزنها، يحاول التخفيف عنها وعن نفسه أيضاً.
وصل إلى المنزل، هرولت هي عليه بسرعه ووقفت ونظرت إلى عيناه
عمار، أنى مش حامل صوح!
يحاول عمار تخبئه مشاعره، يحاول ان لا تنفلت دمعة عينه منه وأردف لها برصانته.

زمزم، انتِ أحلى حاچه فيكِ إنك مؤمنه وراضية ومُحتسبه، ربنا م أرادش يا زمزم
صمتت وهبطت الدموع من عيناها كشلال مياه، تنظر له على صمتها وامسكت ب ملابسه
تهز جسده قائله ب إنهيار
آخر أمل راح ياعمار! يعنى خلاص كدا، عمرى م هبجى أم!
خلاص ياعمار مش هسمع صوت ولدى ولابتى تنادينى ماما، مش هچيب لك عيل من حشايا يشيل إسمك!
خلاص كديتى يا عمار، اخر حلم وامل ليااا.

انهارت ب أحضانه فترك هو دموعه تنهمر فقد أصابه التعب من كتمان م يشعر طيلة الوقت
فقد تعلق بالأمل هو الآخر، ان يكون أباً، لايريد جرحها والغدر بها وأن يتزوج عليها.
لايريد تطليقها، فكان اخر أمل له ب أن تصبح حاملاً منه بعد هذا الحقن دون الدخول في متاعب أخرى.
رفعت زمزم عيناها له وتحدثت بكسر خاطر بالغ
خلاص ياعمار، خلاص يا وَلد الحلال إنت عملت الل عليك للآخر جوى.

أنا فكرت كاتير وجولت لو العملية نچحتش ودى آخر حاچه هطلبها منك، جولت لازم مكونش أنانية
لو عاوز تتچوز إتچوز، بس جبلها طلجنى!
نظر عمار لها ب إمعان وعيناه تتحدث استنكار لما قالت وأردف
إيا الل عتجوليه ديتى، أنا وعدتك يا زمزم، لا هتچوز عليكِ ولا هنطلجك
أبوك الحچ عبدالرحمن مش هيسيبك كديتى، دا انت وحيده، كيف يبجاش له منك أحفاد
كيف چدر إسم ينجطع! فكل مرة كان يسألنى هاه يابتى عملتِ إيه عِند الداكتور.

كنت عنحس ان خلاص چاب اخره، امك كمانى عاوزة تفرح ياعمار ماليهمش غيرك
ثم أجهشت في البكاء بحرقه وأكملت تتعتع بكلماتها
المُشكلة ان استحمل اشوف خشبتك طالعه جدامى يا عمار ولا أشوفك مع غيرى ابداً،
مهجدرش ياناس مهجدرش واصل، فوج احتمالى يارب
فوج احتمالى هموووت وجلبي عيوچعنى
هنا قام عمار ب إحتضانها بقوة ومسح دموعها ب أنامله كما اعتادت وأردف بنبرة حنوه عليها
بجولك إيه، شيلى التخاريف دي من دماغك ويلا أغسلى وشك.

والبسي هدومك، هنفسحك فمصر زى م كان نفسك وخوفتِ تطلعى حامل تعرفيش
دلوك إنت ِ مش حامل، والصفحه بتاعت العملية جفلناها ربنا م أرادش
وأنا راضى بنصيبي، وابوى وامى هيتدخلوش فحياتى واصل
وانا عند وعدى يابت الناس، طول م إنت ِ عايشه عمرى م اجهر جلبك
نظرت له زمزم بحزن بالغ ف اكمل هو
يلا جبل م نغير رأيي، حضرى نفسك هفسحك فُسحة بعمرك كله
نودع القاهرة جبل م نمشو الصبح نعاود.

ترجلت زمزم بثقل وخذلان وخيبة أمل، تعرف أنه يقوم بمدارة مابداخله دائماً
تعلم ب أنه يتحامل على نفسه وقلبه من أجلها، وهذا م يعذبها اكثر.
تجهزت وارتدت ثيابها، وأمسك عمار بيدها وذهب بها إلى مطعم يتناولان طعامهما به
ومن ثم استقلا سيارة أجرة الى دريم بارك كان من أحلام زمزم ب ان تذهب إلى هناك وأخبرت عمار بذاك الحُلم يوماً، إنقضى باقى اليوم بالالعاب، تناست زمزم الأمر.

ضحكت وصرخت من قلبها بكل لعبة استقلتها، كان يقوم عمار بتصويرها وهو يبتسم
لعبت كلأطفال وصرخت مثلهم وتزاحمت على الالعاب أيضاً.
أنتهى اليوم بدريم بارك، ولكن لم ينتهى بالنسبة لعمار فقد عاهد نفسه ب أن يسعدها سعادة
تبدل أحزان قلبها الدفينه قبل أن يرحلوا من البلدة ويعودوا الى موطنهم حيث وحدتها وإحتلال الافكار عقلها كالعادة.
ذهب بها إلى السينما!

كانت لأول مرة تراها، تركها تختار هي الفيلم الذي سيشاهدونه وولجوا الى القاعة تحمل هي علبة فشار كبيرة
جلسا وشاهدا واستمتعا حتى انتهى الفيلم، وقبل أن يعودوا إلى الشقه
اطعمها المثلجات اللذيذة واخذ يقص عليها بعض ذكريات الجامعة لديه وببعض الأماكن التي كان يذهب إليها بصحبة اصدقاؤه.
كان تضحك من قلبها تارة، وتارة أخرى حينما يتم ذٓكر زميلاته الفتيات تقوم بلكمه في صدره مع عبوس وجهها.

، انقضى اليوم، وعادوا سويا، استعد عمار للنوم وقبلها قبله ب جبهتها و ردد اذكار النوم ومن بعدها غط في سُبات عميق، أما عنها ف كانت عيناها متيقظه وعقلها يفكر، ستبدء رحلة البحث عن عروس ل أجله
ستأكلها نظرات والدته ووالده والجيران ومعارفهم، ستأكل النار قلبها كلما شاهدت طفلاً مع والديه
خطرت ببالها حبيبة!
بعدما علمت بقصتها التي حتماً ستُطلق من زوجها إلياس، هل سيتزوجها؟

بالتأكيد نعم بعدما عجز أبيها تماماً واصبحت وحيدة بهذه الحياة
فهى ستظل حبيبة زوجها، مازال عقل زمزم يبث بها هذه المشاعر مهما قام عمار ب إشعارها بالأمان
مهما قام بترديد الوعود أمامها، تعلم عن ظهر قلب ان حبها هي كزوجته حُب مكتسب
بينما حب حبيبة به حب فطرته، حب عمره، حب حياته ب أكملها.
شعرت بوخزة بقلبها ثقيله نوعاً ما، استغفرت ربها وأغمضت عيناها تمسح عبره هبطت على وجنتها جراء ما كانت تفكر به.

وفي الصباح، استيقظ عمار على صوت تنبيه منبه هاتفه، قبل أن يفوتهما القطار
لاحظ بعدم استيقاظ زمزم، ظن هو انها ستستيقظ قبله كعهدها.
إلتف ناحيتها بعدما أغلق المنبه، وقام بهز جسدها مع دعوته ل إسمها
زمزم، زمزم جومى يالا يدوب نلحق نلبس ونلم الحاچه ونطلع عالمحطه
لاحظ ب أنها لاتجيبه او تصنع اى رد فعل، إهتم عمار واستفاق من نومه أكثر وهز جسدها بقوة وامسك بيدها
وجده مثلجاً ولونه شاحب!
زمزم! جومى يالا، زمزم، زمزم!

صنع هذا الشئ عدة مرات، تحسس نبضها، لايوجد نبض!
ماذا؟!
هلع من فراشه واقفاً وقام ب الامساك بهاتفه واتصل بالاسعاف حتى أتت واخبره المُسعف ب أنها قد فارقت الحياة منذ عدة سويعات!
وقف عمار مشدوهاً! زمزم ماتت!
أول شئ صنعه وخطر بباله، جلب إسم وليد على هاتفه وهو لايرى أمامه من هول سيل دموعه
حتى أجابه وليد
خبر إيه يا ابو العم ركبت ولا لسه؟
بتعتعه تحدث عمار وهو ينظر ناحية زمزم مغمضه العينين ممسكاً بكف يدها البارد.

زمزم، زمزم م، ماتت يا وليد!
بهلع نهض وليد من مقعده واردف بصوت عالِ في عمله
إيا! كيف يعنى، عمار أنت زين حصل ايه عنديكم ركبي سابت
ترك عمار الهاتف ووليد انهال عليه بالتساؤلات التي لا إجابة لها، ف اغلق وليد الهاتف واستقل سيارته وعلى الفور متجهاً ناحية القاهرة..
ومسافة الطريق، كان قد اخبر عمار بعدما عاد له انتباهه وتركيزه وثباته.

اخبر والده ووالد زمزم بوفاتها إثر السكتة القلبيه مثلما أوضحت كشف الإسعاف وانه في طريقه للعوده ولكنه ينتظر وليد.
عادوا بزمزم، جثة هامدة، المشهد يُعاد ب اختلاف الظروف
حينما عادت جثة هناء والدة حبيية من القاهرة، النساء متشحات بالسواد وحينما تلقوهم
قاموا بتغسيلها والصلاة عليها وحملوها اربعتهم شقيقيها وعمار زوجها ووليد
وعبلة وبقية اشقاؤها صراخهم يدوى بالمكان، الكُل ينبض بقلبه الحزن.

صغيرة بالعمر ووفاتها أتت غفلة.
كان يحمل عمار الكرب صامتاً في طريقة إلى المقابر وصورتها أمام عيناه
قلبها لم يحتمل فكرة ان ستبدء حرب تزويجه من أخرى، فضلت الموت على أن تموت
وهو بين أحضانه اخرى غيرها.
أتدري ما هو أصعب شعور؟ أن تحتضن أقرب الناس فتلتمس البرودة في جسده الهزيل، أن تصرخ بأعلى صوتك وتحس أن صداه لم يتجاوز حنجرتك، أن لا تجد من يتقاسم معك الألم فالمدينة كلها أصبحت رمادًا،.

أن تتمنى الموت انت الآخر وبنفس الطريقة التي تلاشت بها روح أحبتك..
خيم الحزن، عاد الحميع واصبح يتلقى عمار عزاؤها مع اشقاؤها ووالدها وبجانبه وليد الذي لم يتركه لحظة.
اما عند عزاء السيدات، كانت عبلة شاردة بملابسها السوداء ووجهها المملوء بالحزن والذي لم تجف من عليه عِبراتها
تتذكر حينما ذات مرة كانت تتناول وجبة إفطارها مع زمزم شقيقتها وتحدثوا بشأن حبيبة وماحدث لها.

زمزم ممسكه بعمار الصغير تداعبه وعبلة تتحدث
بُصى يا زمزم، بصراحه كديتى بعد الل حكوه چوزك وچوزى وحفصه مناع عن حبيبة درويش
طلعت صوح البت دى مظلومه وانا وأنت ِ ظلمناها جوى، اتارى عمك درويش وراها المُر هنيتى
وچوزها الل أن شالله دم يسرعه سرع وراها المرين هناك ويتيمه ياعجلى.
تركت زمزم الصغير وتوجهت الى عبلة بنبرة عصبية بعض الشئ.

يعنى ايه مثلاً؟ لو اتطلجت من إلياس يتچوزها چوزى؟ تجبليها إنت ِ وليد يعمل فيكِ كديتى
تنهدت عبلة وقالت لها
إسمعينى زين، صحيح انا اصغر منك بس اعرف عنك، ربنا موزع الحنضل والحزن بالتساوى على كل الناس
وكل واحد وبياخد نصيبه الل يجدر عليه، لو العملية بتاعتك منچحتش لاقدر الله
بعد الشر ياعبلة
يابوى جولنا لاقدر الله، لو بجول لو، لو منچحتش، ساعتها حماكِ هيجوم فدماغ چوزك الچواز.

ومين دلوك جناحها مكسور ومحتاچه حد يحاوط عليها بعد م تطلج من المطعون چوزها
حبيبه!
تخيلى أنى كنت هنكون مكانها، يامرارى الحمدلله يارب
زفرت زمزم ب حزن وقالت
ايوة عارفه انها غلبانه، وتعبت فحياتها وربنا يكتبش علينا الل شافته
بس چوزى لاه، هي ياك هتكونله مچرد واحدة يتچوزها عشان الخلفه؟
دى حبيبة جلبه، حبيبة عمره، كأنى بوديه ليها ع طبج من دهب
ضيقت عبلة عيناها لها وقالت بخبث ماكر.

بذمتك عيحسسك عمار انه عيحبها وناسيكِ؟
إبتسمت زمزم وأردفت
بصراحه ابداّ، عحس دايما أنه أنا وبس، بس برضو لاه، يتچوز اى واحدة تانيه غير حبيبة ويطلجنى
لاه يتچوزش خالص ويخليه معاى، والعملية هتنچح وهچيب له عيل
يشيل من جلبي الخوف ل عمار يروح منى، ويخلينى فجلبه طول العمر
عادت عبلة من شرودها ب إحساس بتوعك بأمعاءها، فنهضت نحو المرحاض تقيأت ف لاحقتها حفصه
وأردفت لها
تعالى ياعبلة اجعدى، كفاياكى بُكا..

نظرت عبلة نحو حفصه وأردفت
كانت خايفه ياعجلى يتچوز عليها، كانت خايفه من نتيچة العملية واديها راحت وارتاحت من الخوف والجلج للأبد
وحدى الله طيب دا جدر ربك هنعترضوا، مالك إنت ِ رايحه چاية عالحمام ليا من الصبح
تنهدت عبلة وقالت بحزن
شكلى حامل ياحفصه ولا وكته ولا أوانه
وه! حرام عليكِ تجولى كديتى على نعمه ربنا، أختك جلبها وجف من كتر حزنها على ضفر من الل عتجولى عليه لا وكته ولا أوانه دهوت.

هنا دفعت عبلة رأسها بصدر حفصه وأجهشت في بكاء مرير وأخذت حفصه تربت على جسدها، وعلى الناحية الأخرى كان هاتف عمار يرن، فهو لا يكف عن الرنين منذ بداية العزاء وهو لايجيب
ف قام وليد بوضع يده بجيب بنطال عمار وسحب الهاتف ل يجدها حبيبة!
أخبره هامساً ب أذنه ب أنها حبيبة، إنتبه عمار ب وهن وأمسك الهاتف وأجاب الاتصال
ألو
تنحنحت حبيبة لاتعلم بماذا تقول بهذه المواقف، ف أردفت بنبرة صوتها الناعمه
البقاء لله ياعمار.

سبحان من له الدوام ي حبيبة
شِد حيلك، زمزم كانت بنت كويسة ومهذبه، انا متعاملتش معاها كتير بس شوفتها كام مرة
ربنا يرحمها برحمته ويسكنها فسيح جناته
صمت عمار لم يجد م يقوله لها، ف استطردت هي حديثها
سلم أمرك لله، الحزن بيتولد كبير وبيصغر مع الوقت
مش معنى دا انك هتنساها، دى مراتك وعشرتك
انا بقول بس، إرضى بقضاء الله اصله نافذ نافذ
هنا انفرجت شفتى عمار عن الصمت المطبق وقال
تعرفى تاچى يا حبيبة؟!

تعجبت حبيبة من سؤاله، رفرفت ب أهدابها ماذا ستخبره
همت بالرد عليه ولكنها فوجئت ب اتصال امنية على الجهة الأخرى
فتحدثت إلى عمار
لو عليّا متأخرش أنى أكون جمبك، بس عندى إمتحانات كتير زائد اجراءات القضايا
اللى رفعتها ضد إلياس والطلاق وامنية معايا هي ومامتها.
عاد عمار إلى صمته ف همت حبيبة بالقول قبل أن تغلق المكالمه
هبقى اكلمك على طول اتطمن، سلام ياعمار وشد حيلك
اغلقت المكالمه وأجابت امنية على الناحية الاخرى.

ايوة ي امنية
بصى يا حبيبة، بكره الصبح بعد الكلية هنطلع عالمحامى هنعمل شوية حجات طلبها تكون بتوقيعك
وبيقولك متقلقيش هتاخدى حكم بالطلاق ف اسرع وقت بس بعد م ناخد حكم التعويض والنفقة
وكل مستحقاتك..
تنهدت حبيبة ب ارتياح وأردفت الى امنية بخوف
انا قلقانه منه يهرب ي امنية ويعرف مكانى ويجيلى هنا
ضحكت امنية بسخرية وأردفت لها.

ايه الفيلم دا يا حبيبة، لاء طبعا يهرب ايه أولا مش هيعرف عشان دا متخلف ومش محبوب ومحدش هيساعده جوا السجن او برة
ثانياً في امن على شقتك ولا أنت ِ ناسية، تالت حاجه بقا
لو عمل كدا هتلاقينى فدقايق جمبك ومعايا البوليس تانى يسحل أمه
ضحكت حبيبة وأردفت الى امنية ب أمتنان
أنا مش عارفه اشكرك ازاى، انتِ بجد ي امنية اكبر نعمه فحياتى
ربنا يخليكِ ليا
ابتسمت امنية وكانت نبرة صوتها يختلجها الفرح وقالت.

ويخليكِ ليا انا كمان، يالا اسيبك للى كنتِ بتعمليه ومتنسيش مشاوير بكره
اغلقت الهاتف حبيبة، ومن ثم اقتحمت بالها جملة عمار لهاحينما رجاها ان تأتى
وكأنه في أمس الاحتياج لها برغم كثرة من حوله بهذا الموقف.
أمسكت هاتفها وفتحت الرسائل وقامت بكتابة رسالة مضمونها
انا ووليد جنبك، وانت مش وحدك، زمزم فمكان أحسن
ربنا يربط على قلبك يارب ويصبرك.

لم يؤمن بي أحد..

حقاً يا أمى لم يؤمن بي أحد، لبئس إن لم تؤمن بي وبنجاحي، لبئس أيضاً لعدم صدقگ لما أقول لگ، لبئس أيضاً لعدم إيمانگ بي حينما اخبرتگ أني سأصل إلى أهدافي التي گنت اتدوالها معگ أثناء حديثنا، لبئس لعدم إيمانگ بطموحاتي التي گنت افضفض بها لگ ولشقيقتى وزملائى، لبئس لقولگ لي بعدم تحقق ما گنت أحلم به منذ طفولتي، كُنتِ أيضاً تصيحِ بوجهي، و كان يهزئ بي اصدقائى عندما اتحدث معهم وأخبارهم بأحلامي، گانوا يهجوا بوجهي معلنين بفشلي، وعدم بلوغي لأهدافي، صراخهم گان يطردني، ويراود قلبي، شبه الضربات القاتلة، وفي گل مره يلاكموني بالصمت، حقاً لم تؤمن بي عائلتي يوماً، ولا اصدقائى أيضاً.

لابئس بعدم إيمانگ زوجتى بي أيضاً بعد كل ماتجرعتيه من الآلام بسببي، لبئس بكِ أيضاً!
كويس الل أنت عملته فينا دا؟ رُد عليّا
أردفت بصراخ زاهيه في وجه إلياس، وهو امامها مكبل الايدى منتكس الرأس وعلامات الضرب وتقرح جلده وجسده ظاهراً وواضحاً عليه، رفع لها وجهه وأردف ببشاعه صوته كما اعتاد
عملت ايه فيكم؟
ينفع الكيان الل انا بنيته ب إيدى مع ابوك حته حته، سيبت بلدى واهلى وناسي.

يتهد على ايدك ونتفضح فكل حته بسبب انانيتك وغطرستك وفرض سيطرتك وقسوتك على مراتك!
كل الل بنيناه انا وابوك يتهد فثوانِ؟ ليه كدا يابنى
إبتسم جابب ثغر إلياس مستهزءاً لما قالت والدته وأردف لها وعيناه مصوبه لعيناها
انا هديت الكيان الل اهتميتِ بيه اكتر م اهتميتِ ب إبنك! مش كدا ياحضرة البيزنس وومن
الل اثبتت انها من الصعيد وتقدر تعمل حاجه ومش مهم ولادها!

ابنك الل كان كل يوم يجيلك مضروب من المدرسين والعيال زمايله فالمدرسة
وانتِ مكونتيش بتهتمى، كنت مبتسمعيش، بل بالعكس
كنت بتيجى عليه وتكملى ضرب! وتكملى تكسير فيه وفنفسيته
مش برضو الكيان الفظيع دا الل بنتيه بعرقك وتعبك جه على كرامه إبنك الوحيد، كنت بتبنى فيه
وانا بدوق سم كلام زمايلى على انى فاشل وعمرى م هنجح فحاجه
انا الولد التخين البكابوزا الل ايه الل يدخله حربية، الل ايه يخليه بيزنس مان اصلا!

انا فاشل مش بنجح ف أى حاجه، لا زوج ولا أخ ولا إبن!
انا اوحش شخصية ربنا خلقها على الأرض بفضل تربيتك ي امى! بدل م تحاولى تخلينى اتغلب على كل الل كنت بشوفه فحياتى كنتِ بتحبطينى اكتر وبتتعبينى اكتر وبتكسرى فيا طموحى أكتر
هو أنت ِ مرة خدتينى فحضنك مثلاً، سمعتينى؟
هعرف ازاى اتعامل بطريقة آدمية وانا طول الوقت بتعامل بجحوود منكم ومن الل حواليا من صغرى.
ماما الكيان اتبنى واتهد ب إيدك، ومحدش يلومنى.

لومى نفسك، حتى فالل انا فيه بترمى الحمل عليا بدل م تساعدينى
نظرت له زاهيه ب استنكار وقالت وهي ترفع حاجبيها له
اساعدك ف إيه، انا فعلاً جبت حبيبة هنا تتنازل بس بعد الل شوفته وعرفته وسمعته
حرام عليك، كويس أن مفيش فمرة مسكت سكينه قتلتك بيها
انا كنت عارفه ان طبعك وحش، بس عمرى م تخيلت انك بتحب الاذى كدا ويتتفنن فتعذيب الغير
والاضعف، ومين؟
مراتك وبنت خالك الغلبانه الضعيفه اليتيمه الوحيدة.

اساعدك ف ايه، انت مخلينى حاطه دماغى فالارض!
نهض إلياس متعجرفاً وأردف لها
مش عايز حد منكم يزورنى تانى
قام بمناداة العسكرى ليعيده إلى الحجز ثانية ويترك والدته تبكِ بحسرتها عليه وعلى م ضاع بسببه.
مضى وقت..
والآن على مشارف إعداد ليوم الصُلح بين عائلة عبدالمعطى وعائلة نجم الدين حتى يتم إغلاق
سلسال الدماء للأبد وتجنب حصر ضحايا جُدد بالعائلتين.

وبحضور السيد المحافظ ونائب القرية ورئيس مجلس المدينة وبعض الرجال ذو قيمه وشان بالمحافظة، وحضور القنوات الارضية لتصوير الحدث مباشرة
تم وقع الصلح بين العائلتين ب إغلاق المشاكل بينهما إلى الأبد وقبل عائلة عبدالمعطى تحديداً اولاد الحج حجاج مرسي الصلح بوضع يدهم بيد كبير عائلة نجم الدين سناً وإذاعة الحدث صوت وصورة.
مضت الايام حتى اصبحت شهور.

اغلق عمار شقته وعاد إلى منزل والده الحج عبدالرحمن، ومن المنزل للعمل ومن العمل للجلوس بصحبه وليد وهمام سواء أمام المنزل او بالحديقة
وقد تأتى عليه الأيام التي لايترك بها المنزل بسبب حالته النفسية، اما عن وليد فهو اصبح ملازماً لزوجته اكثر مما سبق ليس بسبب حملها الجديد ولكن بسبب حزنها على شقيقتها الراحلة البالغ.

وجاء دور حبيبة، انتهت من تقديم امتحاناتها لآخر العام وعادت الى بلدها بجانب والدها العاجز الذي من يوم عودتها لايجمعهما مكان او حديث، تصنع له اشياؤه فقط وتعطيه ادويته اللازمة.
حفصه كادت تنتهى شهور حملها بطفلتها الأولى وتنتهى معاناة الحمل معها وأن تسعد برؤياها أخيراً.

كانت تحضر حبيبة الإبرة كى تحقن والدها بعدما انتهى من تناول غداؤه، اعطته الابرة وهمت بالرحيل ف أشار لها بالورق والاقلام ف احضرتهم له فكتب لها
مش عايزة تجعدى معاى؟ من يوم م چيتِ إنت ِ ف اوضتك بتطلعيش غير لو هتوكلينى او هتدينى الدوا
نظرت حبيبة إلى الورق فقالت له باللكنة الصعيدية م دامت هي ببلدتها الآن
لاه يابوى، عاوزاش اجعد معاك
نظر درويش لها ب أسى وكتب ثانية
ليه يابتى؟

قرأت حبيبه وجلست بهدوء أمامه وأردفت بنبرة يختلجها الحزن
يابوى أحسن بلاش نتعاتب، خلينا كديتى أحسن
إنت وحدك وانا وحدى، كلامى ليك هيچرح الباقى لسه متچرحش وانا تعبت جوى وعاوزاش افتكر
سمعها درويش للنهاية ودون ثانية بالورق أمامه
لاه جولى مالك، اتكلمى يا حبيبة
قرأت حبيبه، فهمت بمسح عيناها وقامت بفتح ثوبها ووجهت ذراعها وظهرها الى والدها
وعادت ثانية بوجهها له
اجولك واتكلم؟ شايف چسمى يابوى.

چسمى الل جطعه ضرب وتعذيب وإهانه ولد اختك، إلياس الل بعتنى له عشان دفع أكتر
دفع الل راح فالاخر وانت جتلت ارواح مالهاش ذنب وانت عچزت للأبد يابوى ومحدش كسب حاچه
كلنا خسرنا
فاكر يابوى كنت تعاملنى كيف جبل م اتچوز! كأنى عبد هنيتى وبتعامل بالضرب وبس
وروحت للأكتر عذاب ومرار، معرفتش اشتكيلك عشان عمرك م كنت هتوجف فضهرى يابوى
انا اتچوزته سنين كنت تسأل علىّ فين وفين.

كأنك م صدجت ترتاح منى ومن حملى، جلبك موچعكش يوم مثلا
محستش ببتك الوحيدة؟
دنا بت هناء حبيبتك، معجول كل حُبك دا لامى محبتهوش لبتها؟
لو كان كل الل عملته خوف علىّ فكنت غلطان يابوى، انا لا عيشت طفولة ولا مراهقه ولا چواز
انا على طول خايفه ومسلوبة الارادة والقرار والبركه فيك
لولا الل طلعتنى عليه مكانش كمل إلياس ولد اختك الل ان شاء الله حجى چاى منه تالت ومتلت
كنت عالاجل عرفت اخد حجى منه من بدرى جوى.

شوفت ان الكلام الل عاوزنى اتكلمه مش زين يابوى؟
تركته وانصرفت من الغرفه وهو ينظر لها بحسرة م أشعرته به، وبهول م عانت بسببه فقد اصبح درويش
الأبكم أمام زمجره م تشعر ابنته ولايستطيع الرد سوى بالحسرة في قلبه.

ماكل هذه الاحداث التي تصارعني ومازلت في مقتبل عمري اما لها ان تتوقف، ان تمهلني الفرصه حتى استجمع شتات امري ان ارتاح قليلا الم يتحدثوا ان هذه الفتره هي اثمن فترات العمر واكثرها فرحا ما الذي يحدث اذا لما كل تلك الخيبات.
سرحاااان ف ااييه
قالها همام لينتشل عمار من شروده بالحديقة ف إبتسم عمار ليجلس على الجهة الاخرى منه وليد
ف أردف وليد.

اكيد سرحان ف بتك حبيبة الل چت نسخه طبق الاصل من القوقة أمها حفصه بلسانها الطويل
ضحك همام وقام بطرق وليد في كتفه من خلف عمار واردف
أنا مرتى قوقة! لا إسم الله ع مرتك لما بتنادى عليك بصوتها الحيانى بسمعه من وانا فالبيت
وانا نشوف خلفتك الچاية زينه ولا عفشه يا زين
وضع وليد ساق على ساق وتحدث بغرور مصتنع مضحك
شوفتش عمار ولدى زى الجمر كيف ابوه ازاى! اكيد العيل الل چاى هييچى نفس العسلاية كديتى.

مش كيف الجرد العفش بتك، والله ظلمتوها ب إسم حبيبة
لو على إسم حبيبة الكابيرة فهى جمر وانت وحفصه دخل عليكم السريع وظلمتوا الاسم
نظر همام له ب استنكار وأردف له
دا حبيبة دى حبيبة ابوها واتفرچ عليها لما تكبر، هتترچانى نديها ل عمار ولدك
وانا هرفض
انتبه عمار لحديثهما المازح ف اردف بحزن
هترفض انت كمان تدى حبيبة ل عمار ي همام؟
إنتبه وليد وهمام لحديث عمار الجَدى ف استطرد همام.

ياعم شايفهوش شغال يتريج عالبت وهي لسه عندها كام يوم
وبعدين ياعم عشان خاطرك أنت هدى حبيبة الصغيرة لعمار الصغير
بس ياترى، عمار الكابير هياخد حبيبة الكابيرة؟

صمت عمار وتذكر كلمات والدته قبل ان يأتى ليجلس معهم بالحديقة
وبعدين ياعمار
إعتدل عمار من نومته شارداً وجلس أمام والدته
وبعدين إيه يا أمى
العمر بيسرجك وبكره وبعده مش باعيد، وانا وابوك عاوزين نفرح بيك ونشوف عوضك
وانت عايش فحزنك وتعبك كديتى، الله يرحمها زمزم عدى كام شهر يا ولدى
اجفل عمار عيناه لدقيقة ومن ثم قال
أماه، أنا عملت كل الل كنتو عايزينه، وعملت الل كانت عايزاه بردك زمزم الل يرحمها.

سيبونى انا اقرر هعمل ايه فالباقى فحياتى
يعنى هتجضيه وحدك؟
سيبيها للمولى ياماه، سيبيها لله
إييييه يابو عمار خبر ايه، كل شوية سرحان سرحان سرحان عتحب چديد ياك
قالها همام ف أردف وليد إليه
عمار مستحيل يحب تانى، تبعنى انا عجولك ايه بس
مچاوبتنيش يابوالعم، عمار الكابير هياخد حبيبة الكابيرة
اخذ عمار نفس عميق وتنهد بهدوء واردف الى همام دون النظر إليه
يعنى هي حبيبة الكابيرة فاضية جوم ناخدها؟

هنا صفق همام وهو يضحك بينما نظر وليد الى أسفل فتابع همام
الله عليك يابوعمو يعنى مفيش مانع تطلج من الياس وتاخدها
بس انا كنت معاهد زمزم لا هنتچوز عليها ولا هنطلجها
دنى وليد من عمار وأردف له بحنوه المعتاد
بس زمزم ماتت الله يرحمها، وانت مخلفتش وعدك معاها
لا اتچوزت عليها ولا طلجتها، يبجى الحىّ ابجى من الميت وكفاياك حزن ياخوى
كل السنين دى، آن الأوان.

على الجهة الاخرى، كانت حبيبة بصحبة حفصه تحمل حبيبة الصغيرة وتجلس معها بفراشها
بعدما قامت بمناولتها مشروب المُغات الشهير الذي يصنع خصيصاً للمراة التي تلد حديثاً.
شالله يباركلك ي حبيبة يارب
كانت تنظر حبيبة إلى الصغيرى وتداعبها وهي مغمضة العينين وأردفت
مش هتعملوا سبوع عشان مرات عمار صح؟
هزت حفصه رأسها إيجاباً، فقالت حبيبة مبتسمه
ربنا يخليهالك يا حفصه ويجعل حظها أحسن من حظى يارب وتشوفيها احسن بنت فالدنيا.

هنا ربتت حفصه على يد حبيبة وقالت بنبرة حانية
ومالو حظك، بكرة تبجى اكبر دكتورة اورام فمصر والشرق الأوسط والحچز عندك يبجى طوابير
ويريح جلبك وبالك براچل ولد حلال
نظرت لها حبيبة وضحكت مستهزءه قائله
راجل! تانى، لاء بعد بابا وإلياس انا كويسه جدا وأنا لوحدى
هشتغل على نفسي ولنفسي بس
لاعاوزة جواز ولا عاوزة حد، خلاص تعبت
أمالت حفصه ب رأسها وهي تتناول منها الصغيرة وتهم ب إرضاعها وقالت في نبرة خبث.

يمكن دا رأيك، ومشيئة ربك ليها رأى تانى.

عادت حبيبة إلى المنزل، اطمأنت الى حال أبيها وانه يغط في سبات عميق بعدما ساعدته يستريح بفراشه
، ذهبت إلى غرفتها بعدما توضأت وصلت فرضها.
امسكت المصحف وتلت بعض الآيات القرآنية بسورة النور، ومن بعدها فتحت جهاز الحاسوب المحمول الخاص بها، فهى قد ابتاعته بعدما حصلت على مصوغاتها التي قدمها لها إلياس اثناء عُرسهم
إبتاعتهم جميعا حتى لاتتذكر شيئاً منه، ً واشترت الحاسوب لتدرس عليه وقامت ب إدخار بقية المال.

وقبل ان تنهمك ببعض الأشياء التي تخص دراستها رن هاتفها، كان عمار
تعجبت، الوقت يبدو متأخراً وهو غير مُعتاد ب أن يحادثها بهذا الوقت
تحيرت هل تجيب أم لا
أجابت اتصاله
الو
الو، معلش يا حبيبة لو بتكلم ف وقت متأخر، بس حسيت انى تعبان جوى
وچيتِ على بالى
عادت حبيبة بجسدها للخلف على فراشها وأردفت
مالك ياعمار، أنا سمعاك
---------------------------.

وطلعت لفوق جدا جداا، صليت وكإنى بودعكوا
انا عارف كلامى هيوجعكوا، ف إقروه للآخر لو حابيين
مساكين، أموات عايشين أو بين ل إتنين
كنت مفكر وانا عيل إن الأيام أفلام سيما
ورضيت بالواقع لما فهمت، حكمة ربنا ف التقسيمه ( محمد إبراهيم).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة