قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل الخامس والعشرون

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل الخامس والعشرون

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل الخامس والعشرون

خطوات قدم عمار كانت مُسرعه وهو يهبط من سبارة الأجرة، وتتبعه زمزم تزمت شفتيها حنقاً
وعلى الفور وكأن قلبه يحدثه أن هناك مكروه بحبيبه، فقد سمع صوت نحيب حفصه بجانب همام وهو يحدثه
لم ينتظر المصعد ب أن يأتى، ترجل على الدرج درجتين بخطوة حتى وصل!

وجد حبيبة ثيابها مقطعه اثر ضرب السوط، دماء مُلطخه بجسدها، وجهها شاحب وترقد بلا حراك مغمضه العينان ب أحضان حفصه التي جفت مقلتى عيناها من الدموع وهمام بجانبهم عابس بحزن بالغ.
ترجل ببطء ينظر إلى حبيبه، وكأنه لايشعر ب أحد سواها بالمكان، لايرى دونها
لايدرى من معه، ترجل بهدوء مصوب عينيه عليها
جثى على ركبتيه وبحنو لامس جسدها وبدأت دموعه فالهبوط وهو يردف بتعتعه
م، مالها يا حفصه، مالها ح حبيبة فيها إيه.

ببكاء ونحيب حفصه وعبراتها المنهمرة على وجه حبيبه قالت
منه لله إلياس ولد عمك، منه لله يدوج من المرار الوان يارب، الوااااان يارب
وجهه محتقن عمار قبل ان يجهش بالبكاء أردف بصوت عالِ وخلفه زمزم شهقت من منظر حبيبة المزرى
ماله الزفت عمل فيها اييييه
مفهماش حاچه احنا لاجينا بوليس وناس ماسكه ورق وكاميرات عتصور وهو عيصرخ وحبيبة مرميه فالارض
يبجى هو الل عمل فيها كديتى، إحساسي كدبش علىّ.

يا حبيبتي يابتى، يا حبيبتى يابتاااااى
هنا لم يدرى عمار سوى بدموعه تنهمر وشهقاته تعلو وهو يمسك يد حبيبه يتحسس نبضها
ويلامس وجهها ويحاول أن يجعلها تستفيق وهو يهزّها ويبكى بشده
رُدى علىّ يا حبيبة! رُدى علىّ نموت يا حبيبة والله، نموت والله يابت عمى
أمانه ياحبيبة، يااااااااااا الله!
كان صدر زمزم يعلو ويهبط من شدة م تشعر من الم يوخزقلبها ف أردفت بصراخ
عتبكى عليها! كُنت عارفه ونكدب نفسي كنت عارفه ياعمار.

رفعت حفصه بصرها إليها وإمتعض وجهها وأردفت
إسمعى يا زمزم، لو شوفنا كلب فالشارع حاصله زى حبيية كنا هنبكو
معجول فيش رحمه فجلبك، شايفاها عامله كيف
عاوزاش اسمع صوت حد هنيتى، همام عمار هتعملوا ايه خلصونى عاوزين ننقذ الغلبانه دى
رفع عمار بصره وهو يمسح دموعه مردفا إلى همام
همام روح وجف تاكس بسرعه
طب نطلبوا الإسعاف
قالها همام ف أردفت حفصه وهي تشهق من هول بُكاءها.

كان فيه ظابط عيجول ودوها المستشفى هناخد اقوال الوقعه فمحضر
هنا صرخ عمار بقوة صوته وأردف الى همام آمراً
يالا ياهمام جدامى، خد الحريم ووجف تاكس
هنا رفعها عمار على ذراعيه، كانت اخف من العصفور الهزيل
هبط ثلاثتهم على الدرج، وهبط عمار خلفهم ينظر إلى وجهها وعلامات الضرب عليه
وجسدها الممزق والدماء ويداها المرتجفتان الباردتان اللتان صنعت شيئا رغماً عنهما دون وعى.

تمسكت بملابس عمار بوهن وتمتمت بصوت خفييض سمعه عمار فقط
م. متسبنيييش
انهمرت دموع عمار بقوة عندما سمعها وهرول حتى وصل إلى بوابة البرج، عانى همام ف ايقاف سيارة اجرة حتى وجد، لوح الى عمار
جلست زمزم وحفصه وهمام بالخلف، وجلس عمار بجانب السائق وعلى ساقيه يسند حبيبة ب أحضانه وظل طوال الطريق ينظر لها وزمزم تنظر له بمرآه السيارة المعلقه,.

وصلوا إلى المشفى، كانت حفصه قبل هبوطهم أحضرت هاتف إلياس بما انه وسيلة الإتصال الوحيدة
وقد جلبت أمنية رقم هاتف إلياس حينما بحثت عنه مراراً، إتصلت أمنية لتتعرف ما حالة حبيبة خاصه بعدما وصلوا أهلها من الصعيد.
بنفس اللحظة الذي كان يضع عمار حبيبة على السرير ذو العجل ويهرول الاربعه خلفها ويسمع ب أذنه طوارئ
تدلف حبييه يغلق الباب وينظر عمار خلف الباب من القطعه الصغيرة الزجاجيه.

يحاولون خلع ثيابها وتوصيلها ب أجهزة اكسچين ووقع فحوصات على الفور، يراقب بعينان تتحدث حسره على غاليته، وزمزم خلفه تنظر له بحنق وتقضم شفتيها!
رن هاتف ألياس بحقيبه حفصه، أجابت حفصه لتجدها أمنية
تقص لها القصة ب أكملها وان سيقع أقصى عقوبة على إلياس نتيجه وحشيته بالدلائل زائد القبض عليه مُتلبساً بفعلته بتلك الضعيفه.

كانت تسمتع حفصه وتصب لعناتها وتنهمر عيناها بحراً من الدموع، وبجانبها همام يستمع وزمزم ترجمت بعض الذي أخبرت به أمنية من ردود أفعال حفصه، وبنهاية المكالمه أخبرتها أيضاً ان هناك عضو من اعضاء الجمعية سياتى فور نهوضها بخير ليأخذ أقوالها كامله وأخذت منها إسم المشفى وقالت ب أنها ستأتى على الفور..
أنتو كنتو فين؟
قالتها أمنية معاتبة عمار وحفصه في المشفى عما حدث لحبيبة طوال هذه السنوات.

كان يستند عمار إلى الحائط عيناه حمراوتان من البكاء ووجهه محتقن، أما عن حفصه
فكانت وجنتيها لاتجف أبداً ف أردفت إليها
كان مانع كل إتصال بيها الله يحرجه مطرح م راح ويخلص حجها منه
تبسمت أمنية ب استنكار وأردفت
يعنى ايه؟ يعنى محدش منكم حتى يقوله لاء لازمها فون، لاء بنتنا فيها حاجه مش طبيعيه
محدش منكم كان ملاحظ أنها بتموت بالبطئ مع المجرم دا!
نظر عمار إلى حفصه ونكسوا رؤسهم أرضاً ف اكملت أمنية.

ياجماعة اقنعونى أن محدش منكم حس بيها طول السنين دى؟ أنا بكلم اكتر اتنين حبّوا حبيبة
سمعت زمزم هذه الجملة والنار تتآكل ب صدرها، غيرة من حبيية وشفقه على حالها مما سمعت من أمنية ولكنها تصنعت عدم الإهتمام ف وقفت بالخلف
اذا كنت انا يدوب زميلة ليها فالكلية، حسيت ان فيه حاجه مش طبيعيه بتتعرضلها البنت دى
انتو ازاى كدا، إنت ِ ازاى ربتيها وغاليه عندك
وإنت!
قالتها متوجهه إلى عمار فرفع عمار لها بصره.

إنت عمار، تقريبا حبيبة محكتليش عن حد حبها بجد وشافت معاه أيام حلوة فحياتها تتعد على الصوابع
غير عليك أنت وحفصه ووليد!
وقالتلى ع استقتالك فحبها والجواز، لما اتجوزت ابن عمك المريض البشع دا
عملت ايه بعدين؟ إتجوزت وعايش حياتك وهي بتموت
مين جال عايش!
قالها عمار ينهر أمنية ف تابع جملته
مين جال حاسسش بيها وبالنار الل هي فيها، في صلاتى كنت اجول يارب طمن جلبي عليها ماليش حول ولا قوه.

لا عارف اتطمن ولا ليا حج، هي فعصمه راچل وانا إتچوزت
مرتى مالهاش ذنب تتچرح بچرح جلبي، خليه جلبي مجفول على الل فيه
خليك بچرحك ياعمار وحاول تسعد الل حواليك، لكن اقسم بالله كُنت حاسس
بس كان ممكن اعمل إيه؟ ومكنتش أعرف باللى هي فيه هيبجى بالبشاعه والمرض
الل شوفناه وعرفنا دى!
صمتت أمنية، فقالت حفصه لها
دلوك هو ممكن ولد المركوب دا يحصله إيه، انا عاوزاله إعدام
عشان عمتى زاهيه تفرح بيه جوى!
هزت أمنية رأسها وقالت.

فيه طبعاً عقاب هيقع عليه لأن مش بس الشكوى وتثبيتها، التقرير الل هيتعمل بحالتها من المستشفى
هيبقى فيه تعويض ليها مادى كمان، فيه نصوص وفيه قانون والجمعية مش هتسيبها
المشكلة اننا ف ايام امتحانات، انا متأكدة ان الجمعية هتعين لحبيبة حد من التأهيل النفسي
ومش هينفع تروح معاكم للبلد عشان حد ياخد باله منها
هما انضم همام إليهم وأردف لها
تسمحيلى بس يا دكتورة، هي اصلا ينفعلهاش مرواح البلد.

عقدت أمنية حاجبيها وقالت ب إستفهام
ليه؟
نظر همام ناحية حفصه وتابع حينما نظر إلى أمنية مرة ثانيه
الدنيا مجلوبة عندنا بسبب أبوها، وابوها نفسه فالمستشفى بين الحياة والموت
رفعت امنية حاجبيها في إندهاش وقالت وهي تعقد ذراعيها
سبحان الله! اللهم لا شماته، أهو باباها دا تدميره فيها ابلغ من إلياس
آنسة أمنية، عاوز أعرف إلياس فين دلوك؟

قالها عمار ب إصرار، ف أخبرته أمنية عن مكانه، ترك المشفى وأخبر زمزم زوجته ب أنه سيأتى على الفور
ذهب إلى قسم الشرطة، وحينما بلغ ب أنه يريد رؤية إبن عمه
لأمر ضرورى، أتو به من حجزه المؤقت وحينما دلف إلياس وجد عمار إبتسم بسخرية وبيديه القيود الحديدية.

تركه العسكرى واغلقوا باب الغرفه، أقترب عمار ببطء إليه وبأقوى م عنده ضم قبضه يده ولكمه لكمه مدوية بوجهه تألم منها إلياس بشدة حتى تقاذفت بعض قطرات الدماء من فمه وأنفه
وقف عمار يلهث من شده لكمته له وينظر له متحفزاً وعيناه تتحدث إحتقار العالم له ف أردف إلياس غاضباً
بتضربنى يا حيوان! أنا هفرجك هعمل فيك اييه فاكرين هفضل هنا وخلاص خلصت الحكاية
اقترب عمار إلياس وأردف ينظر له بثقه.

أنا للأسف مش عاوز بس البوكس دا الل أضربهولك، أنا عاوز اسففك تراب الشارع تحت چزمة ستك وتاج راسك الل كُنت عتعذب فيها دى، بس دورك چاى چاى
ووالله لأخليك تحفى عشان تطول منها العفو
هم عمار بالانصراف ووقف يردف
ومش هتطوله!
تركه وأنصرف فبصق إلياس بنفس زاوية المكان الذي ذهب منه عمار وأردف بصوت عالِ
تعالو خروجوووونى من هنااااا.

كان وليد يجلس بمنزله يحمل على ساقيه صغيره يداعبه حينما كان يتحدث هاتفياً إلى عمار وسمع منه القصة كلها، تغيرت ملامح وليد وأعطى الصغير إلى عبلة ودلف إلى الغرفه وتحدث بجدية
وحبيبة عاملة كيف دلوك
أردف عمار بصوت متهدج يقف خارج غرفتها بالمشفى
حبيبة ربنا يتولاها يا أخوى
طب دلوك هتكملوا عِندكم ولا هتكملوا مشواركم، ولا هتچيبوها وتاچوا؟
أخذ عمار نفس عميق وزفر ببطء حزين وأردف.

عارفش حاچه يا وليد، عارفش غير أن أتطمن عليها وبس
عارفش حاچه ولا مقرر حاچه
طب ومرتك، زمان سنينك طين عِندك
نفث عمار بغضب وضم قبضه يده ليرتطم بها بالنافذة وأردف
أنا ف إيه ولا ف إيه يا وليد
بلل وليد شفتيه وهو يحك بذقنه وأردف مُتحيراً
طب إبجى طمنى يا أبو أخوه، انى هنكلمك ع طول ماشى.

أغلق عمار الهاتف، فسمع صوت حفصه تتحدث إلى الممرضه ب أن حبيبة عادت لوعيها ومن الممكن الدخول لها وهو يضع يده على قلبه كعهده قائلا بسريرته بسم الله على جلبي
، هرول بسرعه ودلفوا جميعاً
كانت تنظر لهم حبيبة، وزعت أنظارها عليهم وإنهمرت دموعها بصمت، هرولت حفصه وأحتضتنتها بقوة ف أجهشت حبيبة بالبكاء داخل أحضان حفصه
ف آردف همام
حمدلله على السلامه ي حبيبة، جدر ولطف ي بت عمى
الله يسلمك ياهمام.

كانت تنظر لها زمزم والغيرة تشتعل بها، لم تنطق ببنت شفه كلمه، فتقدم عمار وأردف لها
حجك علىّ أنا، وحجك هيچيبهولك أنى
أتسعت حدقه عين حبيبة وقالت بوهن
أنا مش عايزة حد منكم يتعرضله، مش عاوزة أخسر أى حد منكم، البوليس والحمعية هيجيبولى حقى
وقبلهم ربنا الل كان شاهد على تعذيبه وظُلمه فيّا طول السنين دى
كيف عمتى زاهيه خدتش بالها؟ كيف چوزتك لولدها المچنون بس أما أشوفها
قالتها حفصه بغضب فقالت حبيبة.

كان بيجبرنى ابقى قدامكم كويسه، ولو عملت حاجه غير الل بيؤمرنى بيها كان بيعذبنى لحد م روحى بتطلع
ان شالله ينتقم منه المنتقم الچبار، ان شاء الله ياكله السريع لا يلحج يجول ولا يعيد وَلد زاهيه
تحدث عمار غاضباً منها وعليها وأردف بعصبيته المعهودة
كيف سِكتتِ كل ديتى؟ مالكيش حد، مالكيش ناس
ليه يا حبيبة ليه
إبتلعت حبيبة ريقها بصعوبه وقالت بصوت متهدج.

قولتلك عشانكم، عشانكم أنا ضحيت لأن لو أى حد عرف باللى كان بيعمله كان هيموته
وكنت هخسركم
كُنتِ جولتِ لأبوكِ
قالها همام ف إبتسمت حبيبة بسخرية وقالت
أبويا! أبويا كان هيقوله زود، البنت يتكسرلها ضلع يطلع ٤٢
أبويا كان مش هيصدقنى ف أى حاجه بالعكس كان ممكن إلياس عمل تهديده
وكان أبويا موتنى وطير رقبتى فعلاً
ضيق عمار عيناه وأردف لها متحفزاً
كان عيهددك ب إيه؟

نظرت حبيبة ناحية زمزم زوجة عمار وأرادت عدم إفتعال المشاكل ف غيرت الموضوع
أنا تعبانه أوى، هو صحيح انتوا عرفتوا إزاى
لامست حفصه وجه حبيبة بحنو وأخذت تمرر أصابعها بحنو عليها وقالت
جلبي حس بيكِ، ولما حصل الل حصل لأبوكِ ومچتيش جولت فيها إن
تعجبت حبيبه وقالت بصوتها الناعم
أبويا!
يا بُنى.

سأريك السلام إلى أن تطمئن، نام على صدري وابق آمن، سأجعل من جروحي وآلامي قصة طريفة أحكيها لك قبل النوم، وإن داهمتك الحياة بمرها وأهوالها سأبقى سياجا يحيط بقلبك الرقيق، سأكون أبيك وصديقك وخليلك، سأكون لأجلك كل شيئ، فقط كون بخير لأجلى وابق آمن!
الوِلد ياعبداللاه..
قالها الحج عبدالرحمن شارداً بحزن إثر جلوسه مع شقيقه الحج عبداللاه، تنهد الحج عبداللاه وسعل سعلة قوية ومن ثم قال.

والله أنا خايف وجلجان أكتر منك يا أخوى وعمّال نفكر نعملوا ايه فالمصيبه دى
هز الحج عبدالرحمن رأسه وأردف
تحيه من يوم الل حصل، وتجول الواد الل حيلتنا يا حچ، الواد هيروح فالتار يا حچ
جولتلها تفى من بوزك، أن شالله أنا وهو لاه
ربت الحج عبداللاه على كف يد شقيقه وأردف بحزن دفين ب أعماقه
عاملة زى عظيمه، من يومها جامطه الأسود على راسها وتجولى جلبي مش متطمن لولاد حچاچ.

درويش ولد عمك فتح باب النار، سّفر وليد ياحچ بالله عليك
دا وحيد على السبع بِنته، دا فرحه جلبي بعد20سنة ضنا، أما مبرچلة مخى عارفش أتصرف كيف ولا أعمل إيه
وضع الحج عبدالرحمن رأسه على يديه المعقوفه على عكازه وأردف دون النظر إلى شقيقه
مات لبيت حچاج ٣، ودرويش بين الحياة والموت دلوك
وهما خبّوا عالحاكومة يعنى عاوزين ياخدوا حجهم بيدهم، من ميتى جافلين سلسال الدم!
من ميتى يادرويش الله يسامحك.

زفر الحج عبداللاه بحرارة وأردف غاضباً بصوت الأجش
لو حطّوا حد فدماغهم دلوك هيكون ولدك وولدى مؤكد
وولد أخوك وليد!
إنتبه الحج عبداللاه إلى ماقاله شقيقه ف أكمل الحج عبدالرحمن
لو حطوا ٣جصاد ٣، يبجى إلياس ولد أخوك الله يرحمه ووليد، وعمار ولدى
هبطت دمعه رغماً عنه لتختفى بشاربة الكثيف فمسحها على الفور، فهو لا يبكِ ابداً
لكن واضح أن النكبة أكبر والكارثه التي ستحل عليهم أكبرمن إحتمالهم وتوقعاتهم.

مثل طفلٍ يختبر المشي للمرّة الأولى؛ بخطواتٍ مائلة، بمشية متأرجحة، وبالاتّكاء على كلّ الأشياء نختبر شعور المحاولة الأخيرة.
قرأت بالأمس اقتباسًا هبط كالصّدع على قلبي؛ أنت المحاولة الأخيرة لشخصٍ يكره المحاولات.
يا لهول ما يمكن لعبارةٍ أن تختزنه بالذات أن تحدثنا عن شخص مثل زمزم!
هل هي ضحية محاولاتها الّتي خيّبتها، هل هي ضحية هذا الذي حاولت مرارًا ومرارًا أن تنجب له من رحم قلبها أعذارًا.

ثمّة يا الله محاولات قمنا بها ونحن ذابلون، شاحبون، ونحن نفتقد للدّهشة، وليس أصعب يا الله من أن تحارب على ناصية قلبك دون دهشة..
يا الله،
هل تعلم كم يكلّفنا من عناء أن ننظر في وجه أحدهم بعد أعوامٍ من الحبّ لكي نقول منتصرين على كلّ محاولاتنا الخائبة الماضية هذا الوجه كان يستحقّ؟
كلّ منّا يا الله يستحقّ لو لمرّةٍ واحدة أن يقف العالم أمامه ويصفّق لانتصاراته الصّغيرة،.

فكان عمار إنتصار زمزم الوحيد، كان معركتها بجيشٍ واحد؛
قلب من يحبّ..
ناجت ربّها عنه كثيراً ب أن يكون نصيبها وتناست أمر دُعاء ب أن يُهيأها الله لما هو لها خيراً، ب أن يجمع عزمها عليه، ويُصرفها عن أن تلهث راكضًة إلى سراب.
لسّه فاكر زمزم ياعمار؟!
تنهد عمار لكى يجمع من قواه مايمكنه أن يتحدث أمامها مبارياً كما أعتاد
يابت الحلال إديكِ شايفه إحنا ف إيه من ساعه م رچلينا دبت المخروبة الفقرية القاهرة.

چريت على حبيبة وبكيت على حبيبة ونسيت مرتك!
وضع عمار يده على جبهة رأسه وأرف محاولاً التحكم في صبره
ومين صاحب فكرة ناچو هنا اثلاً، هو أنا كُنت أعرف الل فيه حبيبة ولا چاى عشان حبيبة من اساسه
بس چيت ورمحت كأنك شايفش جدامك غيرها، بكيت عمرى م شوفتك عتبكى حتى أما جالو انى هنخلفش فعمرى، صاحبتها تعاتبك ليه سيبتوها تجول عمرى م نسيتها!

مش صوح ي عمار؟ ودلوك لما الابلة الداكتورة فاجت وبجت زينه تعالى يا زمزم نشوف إيه حكايتك
وعلى إيه، خليك چمب حبيبة ياعمار
هنا دنى منها ببطء وأردف وهو يمسح على وجهه
بذمتك، لو مش حبيبة اى شخص فالدنيا، منظرها والل سمعتيه
يوچعش جلبك! لو واحدة لاجيناها فالشارع بمنظرها ديتى
كُنا هنسيبوها يابت الناس! ودى بت عمى ولحمى ودمى والل عمل فيها كديتى ولد عمى الهى ربنا ياخده.

وحبيبتك! تنساش وحياة الغاليين تجول أنها حبيبتك وعمرك كُله
أنا شوفت بعينى وجلبي كان ممصدجش، عمار الل عيستحرم يبُص لصنف حُرمه
عمار الل عيستحرم يلمس حد، حضن وبكى وشال
يبجى كيف تنسى أنها فوج بت عمك ومرت ولد عمك حبيبة جلبك ياعمار
صمت عمار ونظر إلى الأرض، هي معركتها حتماً وعليها بتفريغ بكل مايدور داخلها منذ بداية هذه الزيارة المشؤمة
إتچوزتنى ليه ياعمار؟
نظر عمار حوله وطرق بكفى يديه على سرواله بنفاذ صبر.

يارب وكت دا إتچوزتنى ليه!
ايوة ولو سمحت عاوزة إجابة، اجولك ليه عشان اهلك خطبونى ليك
لكن أنت كنتش عاوزنى، صوح
لاه مش صوح يا زمزم، مستحيل اربط حياتى بحياة واحدة بجية العمر وانا عاوزش
هعاشرك كيف وأجيب منك عيال كيف وأنا مش جابلك
لفيت معاكِ مليون حته عشان موضوع الخلفه، تحبِ تعرفى الناس عتجول ايه يا زمزم
جالولى زملاتى فالشغل أنت وحيد لا أخ ولا أخت، إتچوز ياعمار.

لسه صغير والعمر جدامك وتخلف، وهي خليها ع ذمتك، عملت الل عليك
الواحد مننا يعملش كل ديتى، وانا والله جولت لاه
حرام أظلمها، خلينى معاها
لو عاوزكيش يابت الناس كنت خدتها حچه وطلجتك ومعلييش لوم!
يا زمزم أبوس على يدك كفاية نكد، أنا ماليش ذنب ف أى حاچه
ويعلم ربنابعاملك بمايرضى الله وبتجى ربنا فيكِ
صمتت زمزم تهم بمسح دموعها، فمسحهم هو بأنامله وأردف
يالا نشوف الدكتورة بتاعتك ونلحجوا ونشوفوا هنعملوا إيه.

على صمتها تشعر بالذنب، ف أردف هو
خلينى اعملك كل الل عاوزاه، عشان لو متت تجولى جصرش فحجى واصل
قالها وقد لوحت الدموع ب أرجاء عيناه فشهقت زمزم ووضعت يديها على فمه
بعد الشر عليك ي حبيبي، ان شاء الله انى أمانه م تجول كديتى تانى
دى الحجيجه يا زمزم وعاوزك تفوجى وتشوفى المصايب الل إحنا فيها
فيه تار وفيه عيون علىّ وعلى وليد وهمام، فيه موت وخراب ديار مستعچل
عشان تعرفى همّى الل چواى وعنفضفضش لحد ولا نجول.

ربتت زمزم بحنو على صدره وأردفت له
لو عاوزش نروح خ..
لاه، يلا بينا، والل عاوزه ربنا يكون.
مرّت الأيام..
حبيبة كانت تخضع للعلاج إثر كل ماشاهدته جسدياً طوال الفترة الماضيه وكانت تتابعها أمنية ووالدتها وحفصه وهمام حينما استأجرا غرفة ب فندق قريب من المشفى واصبحا ليلاً ونهاراً برفقة حبيبة.

أيام وخرجت حبيبة من المشفى، ولأمنها أخبرت أمنية حفصه وهمام ب أنها ستقوم بتأجير شقة صغيرة لأجل حبيبة في فتره الامتحانات قريبة من منزل أمنية لتتابعها وقد ابتاعت لها هاتف جديد برقم جديد
كى يطمئنوا لحالها وتعيين أمن لها خوفاً من غدر إلياس بها بهذه الفتره.
تم تعيين طبيب نفسي لها من قِبل الجمعية يتابع حالة حبيبة حتى تعود أفضل مما كانت قبل كل هذا.

تجهزت زمزم للخضوع لعملية الحقن المجهرى بعد عمل التحليلات اللازمه لها ومن ثم وضع يوم للعملية
والتعليمات المؤكده ب أن تستقر من دون حركه لمدة 15يوم حتى يتم عمل الاختبار وتكون النتيجة ايجابية بنجاح العملية، فعادوا إلى البلاد ثانية.
عَلمت زاهية بما حدث لإبنها إلياس حينما نُشرت صور الوقعه بالجرائد وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

اصبحت قضية رأى عام، هرولت الى إبنها تنظر له خلف القضبان وهو يرجوها ب أن تتحدث إلى وسائطه من الرجال الذين لهم كلمه بالدولة ليقوموا ب إخراجه من هذا المأزق!
كانت ل زاهية خِطة أخرى..
كانت تترجل حبيبة باصطحاب أمنية خارج الجامعه وتهم بالرحيل إلى الشقه التي تقطن بها فوجدت عمتها زاهيه أمامها..
حبيبة! ممكن نقعد فمكان ونتكلم
تعجبت حبيبة لكن أمنية قد استشفت ما الذي ستحدثها بشأنه حماتها وعمتها.

أتى فنجان قهوة وكوب من الليمون المثلج ووضع امامهما وإنصرف النادل
خير ياعمتى
حبيبة، إلياس إبنى الوحيد، إلياس ضحية زيّه زيك بالظبط
هو مريض نفسي بسبب التنمر، أنا متأكدة أن كل الل عمله فيكِ كان غصب عنه
لم ترتشف حبيبة من كوب الليمون وإبتسم ثغرها خلف النقاب ساخرة وقالت
ف إيه بقا؟
عشان خاطر عمتك، ميرضكيش حياته تدمر بسبب الل حصل
مستقبله هيروح، خلاص السجن والعقاب هيتبهدل.

تعرفى أنه مش قادر ينام ولا يقعد فالحجز، انتِ عارفه برضو أنه مريض وسواس قهرى
تعرفى كمان إنه إتضرب علقة موت يا حبيبة جوا الحجز بسبب الجمعية الزفت والصور والكلام الل اتقال وشكوى صاحبتك
حبيبة أنا قلبي موجوع على إبنى أوى
والحل ف إيدك إنت ِ لوحدك، الموضوع متصعب عالآخر
ظلت حبيبة على نظرتها إلى عمتها مطولاً وأردفت لها بعد تفكير
حاضر ياعمتى هروح معاكِ أتنازل، بس قبل م اتنازل عاوزة ازور إلياس.

أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا {صدق الله العظيم}.

كان يرتل وليد القرآن من المصحف الشريف، وقد دمعت عيناه عند هذه الآية اثناء دلوف عبلة إليه غرفته
وجلست بجانبه ونظرت له بعينان حانيتان
مالك بس يا وليد؟
هم بمسح دمعته سريعاً، لايريدها أن ترى ضعفه، لايريدها أن تعلم ب أنه يخاف
خايف يا ولد عمى؟
نظر لها وليد دون ان تنفرج شفتيه فقالت عبلة شاردة
سمعت مرت عمى وهي عتجول لأختك مروة، هيسفروك انت وعمار بعد عملية زمزم
خايفين عليكم، حتى بيت عمى كرم خايفين على عيالهم.

الل عاوز يهچ على مصر والل عاوز يروح اسيوط وهمام عاوز ينجل شغله اسكندرية وياخد حفصه تولد هناك
حتى ابوى، خايف على أخواتى جوى وعمك مناع جالتلى حفصه
عاوز يخفى عياله تحت الأرض، وبيت حچاچ ساكتين ولا بينوا حاچه من يومها ولا حاچه
النچع خِرب، وكلنا خايفين حريم ع رچالة، وكله من عمك درويش
ياكش كان مات وغار وارتحنا، منه لله فتح طاجه چهنم عالكُل
هز وليد رأسه نفياً وأردف بحزن ليس من عهده.

هما عايزنيش من كل دول غيرى أنا وعمار، جصاد عيال حچاج
لاه، بإذن الله ربنا يعمى عنيهم عنكم، يامرارى يخلونى انا وخيتى ارامل!
وولدى عمار يتيتم بدرى! لاه ياخوى
ولد عمك إلياس جيمه وسيما وولد اخت عمك درويش وچوز بته
ياخدوه هو، أنا كرهته سم بعدما سمعت بالل كان عيعمله فمرته
دم أما ياخده ويغور هو وعمك درويش وانت ميمسكش سوء ياوليد يارب
ربت وليد على ظهرها بحنو وأردف بنبرة صوت مقتضبه.

أنا كل خوفى على أبوى وأمى، وعليكِ وعلى ولدى، تموتوا وراى
هبت عبلة من مكانها قائلة
أمانه يحنن عليك ياخوى ماتجول كديتى، أن شاء الله من غير شر محدش منكم هيحصله حاچه
عمى عبداللاه يدخل المحافظ، عمى يعرف ناس واصلة كاتير ويعرف النائب كمانى
ندخلوه ونفضوا الموضوع
تنهد وليد بحزن ونظر إلى السماء يرتجى ربه خائفاً من القادم.
يتمتم بداخله
ياخفى الالطاف، نجنا مما نخاف.

بجسد به الكثير من النتؤات والجروح أثر الضرب القوى، بهزلان جسد رغم أنهم مجرد ايام قليلة مضت
ولكن بسبب مرض وسواسه كان يتقيأ يشعر بالتقزز من كل شئ وممن حوله بالحجز.
دلف إلياس مكبلاً بالقيد الحديدى ف وجد أمامه والدته زاهيه وحبيبة..
نظرت له حبيبة نظرة شامته، من اسفله لأعلى ف اردفت زاهيه بعينان دامعتان.

حبيبة جاية تتنازل ياحبيبي وان شاء الله هتطلع من هنا وترجعوا مع بعض بس أنت إوعدنى متعملش فيها حاجه تانى وتتغلب على مرضك النفسي دا
على نظرتها حبيبة له وكأنها لم تستمع إلى أى كلمه مما قالتها زاهيه، أقتربت وبصقت ف وجهه
وما أن بدا عليه الغضب والتقزز صفعته بيديها الضعيفه الصغيره على وجهه بعزمها كله
واردفت بصوت عال غير مسبوق لها، ولكنه صوت الغضب والانهيار الكامن منذ سنوات.

بكرررررهك، يا اقذر وأوحش واسفل بنى آدم، عارف وأنت واقف قصادى متكلبش كدا
حتى مش قادر تمسكنى من شعرى تجرجرنى زى م كنت بتعمل ولا تضربنى وتحرق جسمى بالنار
لمجرد انى اتكلمت، أنا بقا الل فقمه انتصاراتى يا حيواان!
إقتربت زاهيه تنهرها على فعلتها قائلة
إيه دا يا حبيبة، اتجننتِ هو دا الل اتفقنا عليه؟
نظرت حبيبة نظرة يتطاير منها الشرر وتصاعد الدماء الى وجهها من الغضب واردفت
أتفقنا على إيه ياعمتى، على ايه جاوبينى.

اتفقنا يسحلنى فالشقه من شعرى وجسمى يمسح السيراميك رايح جاى، اتفقنا يقص شعرى مرة ويحلقه مره
وبراحته خالص عشان منفذتش أمر من اوامره
اتفقنا يسخن الشوكه والمعلقه عالنار ويلسوعنى فكل مناطق جسمى
اتفقنا يعلقنى وينام معايا زى م اكون ناموسه ف أوضته بابشع الأوضاع وابشع الآلام!
أنا كويس أن قادرة اتكلم، قادرة امشى، انا صبرت بس عشان دراستى
عشان دى الحاجه الوحيدة الل باقيالى.

كُنتِ تعرفى أن ابنك كان حارمنى من الاكل طول السنين دى! كان مجوعنى وكان معذبنى
مكنتش بعرف انام من الم جسمى، مكنتش بنام من الكوابيس لما يدخل فجأة يجرنى من شعرى عاوز ياخد حقه بطريقته هو السيد وانا العبد!
انا بقيت أخاف من صوت الباب لما بيتفتح، انا أول أم تفرح ان ابنها مات عشان مخلفش من المجنووون إبنك
وضعت زاهيه يدها على فمها وأردفت بذهول
إيه!

وعاوزانى بعد كل دا اتنازل، عشان هو يا حرام إنضرب وقرفان وهو فالقسم
وهيتسجن باقى عمره!
انا لو ب ايدى اقولهم عذبوه نفس عذابي كل يوم هعملها، ولو ف ايدى حكمك هوصلك للموت كل ساعه تتمناه
إطلعى بررررررة يا حقيييييرة، أنا هطلع وهذلك تانى
هتبوسى رجلى زى م كنتِ بتعملى يا سافله برررررة
حملت حبيبة حقيبتها ونظرت له ضاحكه وقالت قبل أن تنصرف
انت فاكر انك هتطلع منها؟ بموتك!

تركته وانصرفت تسمع شهقات زاهيه وصوته العالى فالغضب وهو يتأوه من داخله على م وصل إليه
لاول مره تشعر بالانتصار لاول مرة خاطرها ينجبر
استقلت سيارة أجرة إلى سكنها ف رن هاتفها، رقم غير مدون
أجابت..
ألو؟
طمنينى عليك ِ يا حبيبة
تعلم صوته، تحفظه عن ظهر قلب، يصبح هناك نبضات خاصه ينبض بها قلبها حينما
تراه أو تسمعه، تلعثمت وبللت شفتيها ومن ثم أردفت
---------------------------
نقلْ فؤادكَ حيثُ شئتَ من الهوى.

ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأولِ
كمْ منزل في الأرضِ يألفه الفتى
وحنينُه أبداً لأولِ منزلِ (أبو تمام).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة