قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل الخامس عشر

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل الخامس عشر

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل الخامس عشر

الخطوات كانت كأنها حفر بالطريق الترابي، يحاول وليد تهدئه عمّار ويهرول خلفه ووالده وعمه
يحاولان إيقافه حتى وصل إلى منزل درويش وطرق طرقات مدوية يكاد أن يكسر باب المنزل من شدة طرقاته
حتى فزع كل من كان بالداخل، هرولت حفصه بفتح الباب وحبيبة خلفها خائفه من يدق الباب هكذا
فتحت حفصه وكأنها فتحت باب النار، دلف عمار ووجهه غاضب يكاد الدماء ان يخرج منه
وخلفه وليد ووالده وعمه وبأعلى صوت ل عمار أردف.

فين عمى درويش، فيييين عمى!
حفصه تلجلجت وخافت من منظرهم وبالاحرى عصبية عمار المفرطه لأول مرة تجده هكذا
قامت بسؤالهم، اى شخص بمكانها سيسأل بالطبع ماذا حدث
ايا فيه، ايه فيه ياعمى، فيه ايه يا وليد
ثوان ودلف درويش من باب المنزل يلف عبائته حول جذعه ووجهه عابس مردفاً
خبر ايه ياعمار، خبر يا عبدالرحمن مال ولدك جالوله داخل بيت البهايم ياك
نظر الجميع إليه فتحدث عبداللاه بما أنه الاكبر.

درويش، انت خطبت حبيبة ل إلياس ولد اخوى؟!
شهقت حبيبة واتسعت حدقه عيناها! العروس ذات نفسها متفاجئه وحفصه أيضاً
ف اردف درويش بهدوء ونبرة مستفزة
ايوة جريت معاه الفاتحه وهو الل هياخد حبيبة
كيف ياخد حبيية! رد علىّ كيف يخطب على خِطبة أخيه دا حتى حرام شرعاً
انت مش جولت هتفكر وترد
قالها عمار بلا وعى من هول عصبيته وغضبه فقال درويش
طب م تدخلوا مش عالباب الكلام ديتى.

فيش دخول يا درويش، الل حصل دا جلة جيمه للكل وعيب عليك كدا توجعنا كلنا فبعض وعيال العم والبيت كله عشان بِتك وعشان إنت محترمتش كلمتك معانا
قالها الحج عبدالرحمن غاضباً ف أردف درويش بنفس طريقته المستفزة كعهده
أنى جولت هنفكر، مديتش رد عمار جابلى عشرة كيلو دهب
إلياس دفع عشرين وجريت معاه الفاتحه، وبصراحه بجى بِتى داكتورة وعيشتها لازم تكون عيشه بنادر
مش تجعد فالنجع تخبز وتسعى الطير وتبجى زى بجية الحريم.

تعيش ففيلا يرمح فيها الخيل والياس هو الاحج بيها!
تكسر فؤاد عمار قطع بل تمزق كل نسيج به ممسكاً بالآخر ف أردف وليد وخرج عن صمته
لما ملكش ميل ناحية عمار كنت جولت ياعم درويش، دلوك هو راح واتغرب وشرب المرار عشان بتك وانت عارف والبلد كلياتها ورچع چايب مهرها على جلبه وكلامك اداله أمل
تجوم تديها ل إلياس! عشان التانى هيجعدها فمصر!
طب عمار رايح مصر، هتخطبها ليه وترجع فكلامك! ولا عشان التانى دفع اكتر ياعمى!

نظر درويش إلى وليد من اسفل لاعلى رمقه نظره ساخره مع قوله
ياك بعد السبع بِنته عرفوش يربوك يا ديك البرابر أما تتحدت كديتى مع عمك!
شعر وليد بالغضب ف اوقفه قول والده الحج عبداللاه
إسمع يا درويش، الل عملته دا أكبر غلط، بتك مش بيعه وشروة
بتك الوحيدة إنت چنيت عليها، مش إلياس ولد اخوى
بس لا يعرفها ولا أنت هتعرف عنها حاچه لما تروحله هناك.

لكن ولد اخوى عارفها واتربي معاها وشاريها بعمره، أول م طلبت مهرك المغفلق سافر من غير تردد
لا أنا ولا ابوه وافجنا لكن عمل الل فدماغه عشان راجل وكد كلامه وشارى وعيحبها من جلبه
ليه تكسر جلبه يا درويش
وجلبها!
قالها عمار بعينان تنضح توسلاً وأستطرد قوله
وجلب بتك ياعمى! جلب حبيبه، سألتها عاوزة مين؟
سألتها عاوزة تكمل حياتها فين، م تنطجى يا حبيبة!

قالها بصراخ مدوى ف نظرت إليهم حبيبة وعيناها تنهمر بكاءاً، لأول مرة تقف بينهم دون مقابها بوشاحها فقط
رمقها والدها شذراً وأردف إليها بصرامته المعهودة
إطلعى فوج يا حبيبة، يالا
عاد بنظره إليهم قائلا
حبيبة مالهاش رأى، أنا الل عارف مصلحتها أكترمنها، ومصاحة بتى فجوازة إلياس ولد وليد العارف.

ترجل خطوات الى غرفته فنظر بعضهم إلى بعض وكان وليد يربت على كتف عمار وحبيبة تنظر حسرة عليهما ولا تفصح عما بداخلها، عاد درويش حاملاً حقيبة الذهب الخاصة ب عمار و أردف له
مهرك يابشمهندس، متنكرش أنى بردك عملت فيك خير، لولاى ولولا شرطى مكانش هيبجى معاك الثروة الخاصة بيك لوحدك دى، روح شوف هتعمل ايه
وانسي بتى تماماً
لم يمسك منه عمار الحقيبه ف أخذها وليد وعمار على نظراته المتوعدة له يصوبها ناحيته
ف أكمل درويش.

عاوز تحضر فرحهم يا أهلا وسهلاً، إلياس اصله چاهز ومچهز كل حاچه من وكت خطوبته لبت محسب
بت محسب الل ضربها بالجلم فبيت أبوها! دا الل هتستأمن عليه بتك!
قالها عمار متحدياً إياه ف أردف درويش يشيح بنظراته بعيداً
ضربها بالجلم يربيها كان هيبجى فحكم چوزها، وبنات محسب فايعين وعاوزين يتأدبوا
ضحك عبدالرحمن بسخرية وأردف له.

لو بنات محسب فايعين مكانش رماله دهبه وجاله مع السلامه بناتى محدش يمد يده عليهم وعملها عركه معاه وطرده من البيت
وضع درويش يد على الاخرى على عكازه وأردف بنفاذ صبر من الحديث معهم
خلاصة الجول، فضيناها ولو على الل عمله عمار دلوك هنعديه عشان إحنا بيت واحد وولاد عم فالاخر
نظر له عمار يعتريه الغضب الشديد قائلا
بس أنا مش هعديه ابداً.
ترجل الجمع راحلين من المنزل، وحفصه تقف محلك سر حتى اغلق درويش الباب خلفهم.

رمقها نظره مع قوله
ايه فيه حاچه عاوزة تجوليها أنت ِ كمانى؟!
لم تجيبه حفصه وهرولت خلف حبيبه حتى تطمئن لحالها بعد فرقعه القنبلة المدوية التي فجرت المكان للتو، ،
أنا كنت عارفه!
اقتربت عبلة من شقيقتها بعدما اغلقت باب الغرفة حتى لايسمعهم أحد وقالت
كُنتِ عارفه أنه عيحب حبيبة؟! وأنه سافرعشانها؟
أومأت زمزم برأسها مع نزول دمعه من أحدى مقلتيها على وجنتها، فتنهدت عبله وأردفت
وراضية ليه على جلبك التعب يا زمزم!

امسكت زمزم علبه مناديل الورقية الخاصه بعمار، ووضعتها عند انفها ومن ثم قبلتها
وأردفت بصوت متهدج
طب هجول لجلبي لاه؟! هجوله تحبوش، هجوله شوف غيره وبطل تدج ليه؟
غصب عنى، جلبي عرف انه عاوز غيرى ومش شايفنى من الأصل
وفضل يحبه ويدعيله ليل نهار، بصى يا عبلة
نهضت زمزم وذهبت ناحية الخزانه خاصتها واتت بدفتر صغير مدون به تواريخ كثيرة
واخذت تقلب بين صفحاته مع حديثها بنبرة تمزق القلب.

كل مرة عينى توجع عليه صُدفه كنت نكتب التاريخ، كل مرة وچه ليا كلمه
كل مرة شوفته فيها، كل مرة اتچمعنا ففرح ولا فواچب
أنا جلبي اتخلج يحب عمار يابت أبوى، مش بيدى والله
نكست برأسها على ركبتى شقيقتها وغرقت في بكاؤها، فربتت عبله بحنو على خصلات شعر شقيقتها مع تمتمتها
اهى راحت خالص من طريجه، واتخطبت للبو إلياس، يستاهلوا بعض
ويمكن ربنا مجدرلك الخير معاه يا زمزم، جولى يارب يابت أبوى جولى يارب.

كما هما ظلّا الشقيقتين، ترمق عبلة شقيقتها بنظره مع حديثها لنفسها كل منا بحالة ليست جيدة و قلبة يكاد ان يكون منطفئاً و لم يعد شغوفا كسابق عهده و لكن أحدنا كان للآخر في كل وقت رفيق جيد حاول يعيد قلب صاحبه إلى البهجة و يزيل عنه آلامه و يبعد عنه ما يكدر صفو حياته.
كان يجلس عمار وحيداً بغرفته، أمله الوحيد بحياته اخذته الريح العتيده
رياح درويش وانانية إبن عمه إلياس، وهي!

قلبه يُشعره بأنها لن تكون بخير معه، ستتخلص من سجن درويش لتقع بحبس إلياس ذلك المتعجرف
ذو الأنف العالية هل سيكون أمين عليها؟
هل سيعوضها مافاتها؟ قلبه يوخزه بعدم الاطمئنان من ناحيتها، وقف ناحية نافذة غرفته
ينظر ناحية بيتها ومنزلها وكل ذكرى تتعلق بهما مرّت أمامه
منذ الصغر حينما ولدت وهرول هو مع زوجه عمه ووليد لكى يراها ومن يومها وهي نائمه بين نبضات قلبه.

حتى في طفولتها، كان يختبئ خارج مدرستها ويخصص جزء من مصروف يده لها يبتاع لها الحلوى والشيكولا
ويعطيهم إلى حفصه عندما كانت تجلبها من المدرسه، كان يراقبها في ذهابها إلى الدروس الخصوصية وفي عودتها
تذكر حينما ذهب لها الجامعة، ووعده لها انها له مهما حدث
شعوره بابتسامتها حينما تحدث إليها يسألها هل تريده كما يريدها؟ كل وقت شعر فيه بالتعب.

كل ذرة عرق تعرق بها وتحمل مشقه العمل في بلد غريبة عن وطنه، كل وقت قضاه بوحدته مغترباً كى يصل إليها كى يظفر بها
هل تبخر الحلم؟ حبيبة ستصبح زوجة إلياس؟!
ألا يوجد مفر، وليد يطرق بابه مرات ووالدته ووالده وهو على حاله قابع خلف الجدران يتذكر مع صمته لايبوح ولا يتكلم.

يعتصر قلبه شوقاً لها، يريد ان يذهب يختطفها ويتزوجها رغم عن أنف أبيها ولكن لايريدها ان تفعل شئ يخسرها إياه أو يجعلها تشعر بالندم في يوم من الأيام.
اما عنها فكانت تبكى ليلاً ونهاراً، لانخفى سراً هي لا تشعر ب انجذاب نحو أى من الفرسان الثلاثه
ولكنها أعجبت بإصرار عمار عليها رغم كل شئ كان يعيقه، لم يستسلم مثل إلياس ولم يعجبه الشرط ولم يقف مكتوف الايدى مثل وليد.

كلماته ب آخر مرة وخزت قلبها بشدة، شعرت ب الامان متدفق منه وب أنها ستعيش ف أمانه حقاً
وستخرج خارج سجنها، ستعيش مثل بقية فتيات جيلها مع شخص يحبها من كل قلبه
جن جنونها، هل ستتمرد..
نهضت من مكانها، وبحثت عن حفصه فكل مكان حتى وجدتها وهنا كانت المفاجأة!
عشان خاطرى يا حفصه
أخذت تتلفت حفصه حولها يميناً ويساراً قلقه مع قولها
يخربيت چنانك ميتى راح عجلك يا حبيبة! عاوزانا نروحوا فين يابت عمى.

عشان خاطرى اتلككى ب أى حاجه عشان تيته دهب، حقنه دوا نبص عليها
عاوزة اروح هناك
حتى لو روحنا دا فرضا ان ابوكِ وافج، مش هينفع تشوفى عمار اتچنيتِ؟ إنت ِ دلوك مخطوبة ل إلياس عيب عليكِ
تمردت حبيبة وتحدثت بنفاذ صبر
انا عاوزة اعمل العيب لمرة اخيرة فحياتى، مرة واحدة ي حفصه ابوس ايدك
أمالت بجذعها على كف يد حفصه فنهرتها حفصه واخذت تفكر وهي تتمتم
طب عاوزاه ف ايه سيبيه ف الل مكفيه ي بتى.

حفصه، انا معرفش ليه خايفه من إلياس دا لكن حاسه ب أمان من عمار
عاوزاه لآخر مرة اتكلم معاه، والنبي وغلاوتى عندك
فكرت حفصه لدقائق ومن ثم قالت
ابوكِ مش هيرضى نروح بعد الل حصل والمدعكه والمرار الطافح
بكت حبيية وعيناها تتحدث رجاءاً لها وحفصه تفكر فخروج من هذا المأزق، خائفه على حبيبة من درويش
وفنفس التوقيت رقت لحال حبيية لأول مرة تجدها تتمسك بطلب هكذا
حتى عثرت على فكره.

انا هجوله رايحين عند هند عبداللاه ناخد الچمعية ومن هناك نروح لبيت عمك عبدالرحمن بس ايه رچلى ع رچلك ماشى
هزت حبيبة رأسها وهمت ب أرتداء ملابسها بينما كانت تتمتم حفصه ب أن يسترهما الله في هذا الموقف حتى يمر بسلام الله.

وانا لا اريد احد بعد الآن تكفيني احزاني التي تؤانسني في الليل هنا، الهدوء القاتل، ولكن بداخلي لم يكن هدوء ابدا لطالما قتلتني الذكريات لطالما دمرتني التفاصيل، صوت عقارب الساعه يدق فقط في رأسي رعشه يداي التي اشعر بها ومتى سيكُف قلبي عن النبض سريعا وكأن هناك حرب نعم هي بالحقيقه حرب ولكن بداخلي انا، انا فقط...
وليد! ايه يابو عمو هتفضل سرحان كدا كاتير.

رمق وليد همام بجانب عيناه وظلّ على صمته، فشعر همام ان هذا الوقت المناسب كى يتحدث إليه فيما يجول بخاطره
وليد هو أنت عتحب حفصه؟!
انتشل همام وليد من حزنه وتعجب ونظر له رافعا حاجب واحد من حاجبيه
حفصه! حفصه مناع؟!
ابتلع همام ريقه واردف
ايوة
ليه بتسأل السؤال ديتى ياهمام
چاوب وخلاص
ضحك وليد بهستيريا وتحدث بعدها وهو يفرك عيناه أثر الدموع
حفصه دى أختى، مستحيل نفكر فيها غير أنها اختى الكابيرة كمانى.

دى أكبر منى ي همام
استراح همام وتنفس الصعداء فصمم وليد على سؤاله إياه
لا بس أمانه ايا الل خلاك تسأل السؤال المغفلق ديتى
شرد همام ونظر أمامه فالفضاء وأردف له
معرفش حسيت كديتى وخلاص
لاه، تحسش تانى
صمتا الاثنين فتوصل وليد لشئ ما ف اردف لها على فجأة متعجباً
ثوانِ، إنت عتحب حفصه ياك؟!
أبتسم همام خجلاً وهو ينظر إلى اسفل قدميه ف دنى وليد منه ضاحكاً واردف له
عتحب حفصه مناع؟!
ومالها حفصه يعنى يا وليد.

لاه مالهاش زى الفل، بس أكبر منك ي همام
سيدنا رسول الله اتچوز السيدة خديجة وكانت اكبر منه
عليه الصلاة والسلام ياسيدى
ضحك وليد كثيراً فلكزه همام فقال وليد مع ابتسامته العريضه المعروف بها
دجيجه بس نفهموا، إنت عاوز تتچوزها ياض؟ هي دى الل عاوز تتچوزها وهي حساش
أومأت همام برأسه إيجاباً فتابع وليد
وهى حساش ليه الجاموسه دى
عبس همام وقال له في ضيق
وليد تتكلمش عليها كديتى
ضحك وليد ووضع يده على فمه ف اكمل همام.

ايوة هي، بس احوش فلوس كويسه وارفع شجتى واعرف أچيب لها شبكه. واروح اتجدم لها
عمار عاچبنى ف اصراره وأنا عاوز اعمل زيه
هز وليد رأسه حزناً مع شروده وهو يتحدث
ويعنى بعد م عمل عمار خد ايه يا ولداه
انا مش هستنى حد ياخدها منى ي وليد، دنا أموت
أبتسم وليد بحب وقال له
يبجى تتحرك من دلوك، سامع جبل م يفوت الأوان ويطلع لك حد من تحت الأرض بيحبها ويتجدم جبلك
أو حد ياخدها ويكون چاهز، وتندم ياهمام هتندم جوى.

نظر همام إلى عين وليد ب إصرار واردف له
شايف كديتى
متفكرش، عاوزها روح باللى معاك دلوك وربك هيعدلها سامع!
في نفس التوقيت كانت وصلت حبيبة الى منزل عمها الحج عبدالرحمن وحينما علم عمار هرول على الدرج إليها فوجدها مع حفصه، نسى حفصه ونسى وجود من في البيت ولم يرى غيرها!
وبعينان يمتلئان حناناً إختلطت مع نظراتها له أردف
حبيبة! حبيبة عمّار
نظرت له مالياً وأردفت بصوت خائف قلق متوسلاً
هتستسلم ياعمار؟!

هنا وضع عمار يده على قلبه وهو يعتصره بقبضته واردف لها والدموع تنهمر تقف على عتبات جفونه
إنتِ شايفه أنى استسلمت يا حبيبتى؟! بعد كل ديتى استسلمت
اقسم بالله لولا م هو عمى وابوكِ وهو ولد عمى عيار واحد واخلص من الچوز واخدك واسافر بَعيد
لكن دا تصرف أهوج وطايش وانا بالعقل مش عارفلها مخرج
عمار، أنا خايفه!
قالتها بصوتها الرقيق الناعم، قالتها كقطه مواءها يدوى في أركان مكان تحتمى به تحشى الكلاب أن تنهشها.

قالتها وتتبعتها بكلمه اخرى مزقت قلبه إرباً
أنا خايفه اكتر من لما كنت بخاف مع أبوى، ولما أنت اتكلمت حسيت ببصيص أمان كنت نحسه فوچود أمى ياعمار..
آآآآه ياجلبي، يارب ليه كدا طيب ايه حكمتك فكديتى
قالها عمار ناظراً للسماء فقالت حفصه
عيب عليك يابتاع المصحف والمساجد، منسألش ربنا على حكمه وجدره
جولوا يارب انتو التنين، يمكن ربكم يخلج فجضاه رحمه بيكم
بكتونى چاكم الحِزن.

نظر عمار الى حفصه وعيناه تمتلئ دمعاً يأبي النزول
فيه أكتر من كديتى حِزن يا حفصه؟!
نظرت له حفصه تهم بمسح عبراتها وأردفت
انت هتولول ياك! اعمل حاچه انا برضو ممرتحاش ل إلياس خصوصاً بعد حكايته مع عبله محسب
مش ولد عمتى، انما نطيج سواجين التكاتك عنه
بعصبيه خارجه عن شعوره تحدث عمار إليها
أعمل اييه؟ أعمل اييه أنا! جولى حل وأنا معاكِ، ناخدها ونهربوا؟!
شهقت حبيبه وقالت
وتفتكر أنا اعملها يا ولد عمى.

اومال نعملوا إيه يا جلب ولد عمك، نعملوا ايه ياناس
صمت ثلاثتهم، وكانت تفكر حفصه وتهم حبيبه بمسح دموعها خلف نقابها وينظر لها عمار كأنه يحاول حفظ صورتها الاخيرة بعقله وقلبه معاً حتى تحدثت حفصه
عندى فكرة، اتكلم مع ولد عمك إلياس، جوله انا متكلم عليها الأول وشبه مخطوبين وخللى عند حرج ابوك دم وسيبها وتعالى خد دهباتك
يارب يطلع انسان مش حيوان ويسمعك ويغور وتبجى من نصيبك.

نظرت حبيبه إليها بفرحه ف أحتضنتها ف تهللت اسارير عمار قليلاً وأردف لها
تفتكرى هينفع معاه؟!
أهى محاولة، عاوزش تحاول عشان حبيبه يا مطعون؟!
نظر عمار بكل حب الى حبيبه وكان قلبه هو المتحدث قائلا ً
أنا أموت عشان حبيبة، عشان بس تكونلى حبيبة
مستعد ابوس ايده وايد عمى درويش، بس يديهالى
نظرت له حبيبه نظرة طويله بعمق وقامت بسؤاله سؤال تفاجئ به هو وحفصه
ليه حبتنى جوى كدا؟ كان حصل إيه عشان تحبنى كديتى؟!

إبتسم عمار ومسح على ذقنه المهذبه والتي اعطته مظهراً جذاباً فوق جاذبيته وأردف
عشان مكنتش نعرف نفكر فبنت غيرك، ولاعرفت نشوف غيرك من صُغرى
ولاعرفت نتعلج بحد ولا عرفت نشيلك من بالى
وعشان بحبك، والل بيحب عمره ماعرف ليه يا حبيبة!
أحست بدوار من هول جمال كلماته، امسكت يد حفصه وقالت
يالا بينا يا حفصه
لسه كنت هنجولك، دلوك ابوكِ ياچى ويخلى العشية ربراب.

هرولا الاثنتين مع تتبعهم بالنظر من عمار، وعزم نيته انه سينزل من كرامته لأجلها وسيتوسل إلى إلياس كى يفسخ خطبتها ويتركها له ولكن حدث مالم يتوقعه هو أو حفصه..
عاد إلياس بظهره للخلف وهو جالس على المقعد الهزاز وأخذيهتز مكانه وهو يتحدث هاتفياً مع عمار
والله يابن عمى هو مش سبق عشان تقولى انا جيت الاول وانا اتقدمت الاول
اشتعل عمار غضباً ولكنه تمالك أعصابه حتى يحصل على مايريد.

فالدين الرسول بيقول لا يخطب احدكم على خطبه أخيه، وانا اتقدمت مرتين وقدمت المهر مرة
ابتسم إلياس إبتسامه جانبيه وأردف
وخالو درويش قالك هفكر، وهو فكر ورده كان الرفض عادى جداً
كز عمار على أسنانه وأردف يتحمل على نفسه
على فكرة أنت ممكن تلاجى مليون بنت فالقاهرة غير حبيبة تعچبك وتتچوزوا
نفس الكلام ليك برضو
قالها إلياس باستفزازه المعهود ف قبض عمار يده وأخذ يطرق على الكومود بجانبه وأردف
يعنى إيه؟!

يعنى الله يبارك فيك ياعمار يابن عمى وعقبالك ان شاء الله، هنستناك فالفرح
عن إذنك عشان عندى شغل، انت عارف بقا شركات كتير وانا بس المدير التنفيذي
مع السلامه
اغلق الهاتف، فقذف عمار بالهاتف امامه حتى سقط على الأرض متهشماً وهو يسب ويلعن إلياس
ولا يعرف أين المخرج من دائرته هذه؟!

مرّ شهر على هذا الحال..
إقترب موعد بدء العام الدراسى، وكان استعد إلياس لكل شئ يخص عش زوجيته مع حبيبة
فقد اشترى لها شقه كبيرة واسعه ببرج بعيدا عن الفيلا المقيمه بها والدته وعن المنطقه التي تسكن بها شقيقته
وفي نفس الوقت كان درويش يجهز حبيبه كعروس ويقوم بشراء لوازمها كافة وهو سعيد للغاية فقد وصل إلى مُبتغاه.

قاطعه الحج عبدالرحمن والحج عبداللاه ولم يكن بجانبه سوى شقيقه مناع وبعض رجال العائلة اقارب درجة ثالثة
كانت حبيية كعروس ماريونيت، تتحرك بخيوط يمسكها درويش
وجهها لا يعرف طريق الابتسام، شاردة طيلة الوقت تراها حفصه وقلبها يتمزق حزناً عليها
وتقوم بتجهيزها ودموعها تغسل اشياءها، قلب حفصه خائف عليها لأول مرة ستتركها للأبد وتعيش بعيداً عنها. فهى إبنتها وفي الوقت ذاته، إلياس شاب مخيف غامض.

لم يرتاح قلب حفصه له اطلاقا برغم القرابه، وليد أصابته وعكه صحية غريبة فكلما ذهب إلى طبيب لا يعلم مابه ويعطيه الكثير من العقاقير من دون فائدة ومن طبيب لطبيب ويبقى حال وليد هكذا
يفرغ مافى معدته ليلاً ونهارا ويستلقى بفراشه وحراكه بطئ ومجهد ومتعب.
أما عن العاشق، عمار، فهو ترك البلدة ب أكملها.

ذهب إلى صديق له كان زميله بالجامعه بكليه الهندسه بالقاهرة، هرب من البلدة ومن بها وكان هناك موطنه في هذا الشهر، يحاول النسيان يحاول التماسك ولكن هيهات
النفس تأنس دائما بوجود خليلها!
اليوم إحتفال حنة الفتيات بها، عروس النجع ب أكمله الطبيبة المستقبليه حبيية درويش.
ليس ب إستطاعى وصف فرحه زمزم العارمه أنها تزحزحت من طريق حبيبها عمار، وفرحه عبلة ب أنها ستتزوج ذاك المتغطرس لأنها لا تحبها البته!

أتت جميع فتيات البلدة، زميلاتها واقاربها جميعهن، لم تأتى مسك حزناً على خالها والتي تعد واحدة من ضمن القلائل التي اعلم مابه.
ولم تحضر من شقيقات وليد سوى كام واحدة فقط، جلست حبيية بالمنتصف
تصفيق وزغاريد واغنيات وهي شاردة عابسه صامته، يتعحبن الحاضرات لحالها
فالمعظم يحسدها على هذه الزيجه وأيضاً على دفع مهر كهذا بها أى انه مُتيم بها حد الموت.
وعلى الناحية الاخرى كان يتحدث وليد بالكاد هاتفياً بالهاتف.

هتسيب حبيبة، مينفعش لازم نوجف چمبها يابو اخوه
صمت عمار يمسح عيناه ف استطرد وليد مّتعباً
أنى مش جادر نجوم من مكانى، بس هنسافر نحضر الفرح فمصر
ينفعش اسيبها، حبيبة عندى زى واحدة من البنات أخواتى ورايحه بلد غريبة
حاسسها أصغر بكاتير من الغربة دى، لازم كلنا نكون حواليها ياعمار
مش هنجدر يا وليد، والله مانجدر
سمع وليد صوت بكاء عمار الصامت، فمسح هو دمعاته واخفاها حتى لايشعر بها عمار
وأردف.

معلهش، معلهش ياعمار عارف انه صعب مينفعش نسيبوها وحديها عمك درويش لوح تلچ هيسلمها وهو فرحان جوى ولا ع باله وحفصه لا ليها حول ولا قوة والياس دا الدم كله داخل عليه والهوايل هتبجى على راس حبيية هي واللى چابوها، يبجى دا أنسب وكت نبجوا چمبها
إثر تحدثهم سويا استمع وليد إلى صراخ يأتى من الدور السفلى، صراخ مفزع لصوت والدته واثنتين من شقيقاته وزوجة عمه!
---------------------------.

َكتمتُ حُبّكِ حتى منكِ تكرمَةً ثمّ اسْتَوَى فيهِ إسراري وإعْلاني كأنّهُ زادَ حتى فَاضَ عَن جَسَدي فصارَ سُقْمي بهِ في جِسْمِ كِتماني (المتنبي).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة