رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثالث عشر
أنا مبحبش حد يقرب منى، القرب منى نار بتحرق الل يتجرأ!
مثل عصفورة في كفِّ طفل يزمُها، تذوقُ حياض الموتِ و الطفل يلعب
فلا الطفل ذو عقل يرق لما بِها، ولا العصفور مطلوق الجناح فيذهبُ.
دكتورة حبيبة، دكتورة حبيبة درويش!
توقفت حبيبة إثر خروجها من قاعه المحاضرات التابع للكلية، فوجدته أستاذ أحدى المواد التي تدرسها حبيبة بهذا العام، توقفت له
ايوة يا دكتور
أبتسم هو وأردف.
ازيك يا دكتورة، أنا آسف لو وقفتك مرة واحدة كدا
صمتت حبيبة وانتظرته يتابع بينما هو صمت قليلاً ومن ثم أنتبه فتابع حديثه
فيه إمكانيه نتكلم عشر دقايق فمكتبي؟!
تعجبت حبيبة وقالت له وهي تضم الكتب خاصتها الى صدرها كأنها تحتمى بهم
ليه يا دكتور هو فيه حاجه؟ فيه حاجه صدرت منى فالمحاضرة
أومأ استاذها برأسه نفياً وقال
لاء طبعاً، أنا بس كنت حابب اتكلم معاكِ فموضوع معين
نظرت له حبيبة، اليوم تقاطع شئ آخر طريقى مجددًا..
كعادتى كان اللاشعورَ حالُى، بماذا أجيب؟ وماذا أقول
شئ ما حاك في صدرى
حاولتُ التصرّف بكبرياءٍ وأشحت بوجهي بعيدا وهممت بالانصراف
مع قولى
دكتور زايد أى حاجة تخص الدراسة اتفضل حضرتك قولهالى فالمدرج، لكن أى شىء تانى غير مسموح
عن إذن حضرتك
تركته وانصرفت ماضيه بطريقها حتى التحقت بها زميلتها على الفور تناديها
حبيباااه، حبيبه استنى
وقفت حبيبة ف دنت دينا منها وقالت لها
دكتور زايد كان عاوزك ف إيه؟
هزت حبيبة رأسها يميناً ويساراً وأخبرت زميلتها ب أنها متعبة قليلاً وتود الذهاب إلى المدينة الجامعية لتستريح.
بينما صديقتها كانت لديها مُفجاة لحبيية الله يعلم وحده هل ستكون سارة لها أم لا.
يابت نجعد معاه ونشوف متجوليش لاه كدا من غير ماتعرفى
نظرت عبلة إلى والدتها تزمت شفتيها إعتراضاً وأردفت
ياناس انتو مستكترين عليا اللُجمة! انا عايزاش نتجوز ولا نسافر واصلاً
إلياس ديتى بالذات لما شوفته فالعيد واحد متعنطز وشايف روحه جوى
طرقت والدتها كفاً ب كف وأردفت لها
يابتى إسمعى، لما شوفتيه من بَعيد غير لما نجعد ونتحدت وناخد وندى، عارفه إلياس الل مش عاچبك دا.
عارفاه يحتكم على إيه وهتعيشي ف إيه، بيجولوا عايشين ففيلا فمصر زى التليفزيون
عاوزاش أنا عاوزااااش
أمسكت والدتها ذراعها وقامت بثنيه مع قولها غاضبه
عجرب يا عبلة أما تكشحك كشح، كيف عايزاش تتجوزى اومال هتجعدى كديتى
وواحد زى إلياس ولد عمك دا يترفض يابت، شايفه ساب كل بنات البلد واتكلم عليكِ يابجرة
نفثت عبله بضيق وهمت والدتها بالنهوض، ف دلفت عبلة منزعجة الغرفة على شقيقتها زمزم
وجلست وهي تسب سخطاتها.
أنا كان مالى ب إلياس ومعرفش مين ياربي
نظرت زمزم لها ب إشفاق وأردفت لها
ايه ياعبلة بس مالك
ياناس عاوزاش نتجوز، أنا بحب جعدتى هنا مع أمى وأبوى وبحب نومتى وسريرى
ومبسوطه كديتى جولتش عاوزة نتجوز والله
تنهدت زمزم ونهضت من مكانها جلست بجوار عبله وأردفت لها بنبرة صوت حزينة
إسمعِ يا عبلة، مسيرك هتتچوزى هتتچوزى، فيبجى العريس الكويس المناسب وخلاص.
دا حتى أنت ِ حالك احسن من حالى، عالاجل انا اتعلجت فحبال الهوا الدايبه
من غير فايدة وادينى اتخطبت لواحد معرفوش ولا مبسوطه معاه بس دى الدنيا ياعبلة
قامت عبلة بلكز شقيقتها ب أحد كتفيها وقالت
ياشيخه بس أنت ِ كمان، مفهماش منك حاچه سيبينى فالمصيبة الل أنا فيها دى!
مضى الوقت والأيام وذهب إلياس ووالدته إلى منزل الحج محسب وجلست معهم العروس عبلة.
وبجو عائلى هادئ تمّت قراءة الفاتحه والاتفاق على تفاصيل الزفاف ومسكن الزوجية.
ذيع صيت ببلدتهم كلها بخطبة إلياس ل عبلة إبنهدة الحج محسب، إنزعج درويش كثيراً
ودار في نفسه الحديث هل شرط زواجه سيجعل إبنته حبيبة لم تحظى بالفتى المناسب الثرى كما هو يحلم!
هل سيفكر ثانية في أمر شرطه الغريب ام سيبقى على موقفه؟
كان يمر ب ارضه المزروعه حتى وجد أن جاره الذي يملك الأرض التي بجانب أرضه استبقه بحصه سقى الماء.
لأرضه قبل أرض درويش، انزعج درويش وقام بمناداة جاره بصوت عالِ
ياحچاااج، ياحچاااج اومال ايه عاد!
خرج له جاره وأردف
خبر ايه يا بو الغايب، عامل ايه ي حج درويش
عبس درويش بوجهه وأردف
خبر ايه انتَ يا حچاج كل مرة تسبق ف سقية الأرض وانت عارف ان الدور على أرضى أنا
معاوزش كل مرة نتعاركو ياحچاچ على سقية الارض، والمرة الل فاتت عيال ولدك كانو عيجرطفوا الزرعيات وبهدلوها خالص
نظر الرجل إليه وأردف وهو عاقد ذراعيه.
لاه الدور علينا إحنا يابو عمو، وعيال ولدى يدوب اتمشوا عندك وعندى كانوا عيلعبوا
ضاق بدرويش ذراعاً من الرجل ف أردف
لا يدوب ولا يدوبش، إسمع ياحچاج آخر مرة نحذرك لا تسجى جَبلى ولا تيچى ناحية الزرع بتاعى
سلامو عليكم.
تركه وذهب إلى منزله في الوقت ذاته الذي كان عمّار يُحدث وليد عبر الانترنت كعادته وقد أخبره بخبر خطبة عبلة وإلياس، لايعلم وليد إلى أى مدى قد أسعد عمار هذا الخبر، فهو يشعر ب أن غريمه الوحيد في معركته
بزيجته ووصاله لمحبوبته هو إلياس، ودار بينه وبين وليد الحوار الآتى
بس الل استغربت له أنه اتجدم وخطب عبلة بت عمك ومخطبش حبيبة!
ابتسم وليد وقال له
يمكن سمع بموضوع شرط عمك درويش جال وأنا نجيب وزن بته دهب منين.
ضحك عمار كثيراً وأردف
أحسن حاچه عملها والله، يلا بالسلامه مبروك عليه خطيبته
تنهد وليد ف أكمل عمار
تصدج لما كلمت البت زاميلة حبيبة فالمدينة وهي جالت لي هنمهد لك تكلمها حبيبة رفضت تكملنى نهائى
مانا جولتلك ياعمار، انا لما بنتصل نتطمن عليها مش عتكلمنى زميلتها تطمنى وخلاص وانت لما اترجيتنى اجولها انك عاوز تكلمها جولت مع أن عارف ان حبيية مش هتوافج
أبتسم عمار وأردف الى وليد.
بس عارف كُل ما بتبعد عنى وأحس إن وصالها صعب، بتبجى غالية علىّ أكتر
وبحبها واشتاج ليها اكتر واكتر
ابتسم وليد وهز رأسه وأردف اليه
دا أحلى مافى الحُب يا ولد عمى كُل ما جلبك يوچعك كل م تعرف ان حبيبك جاعد ومتربع چواه!
ايوة طبعا دا أحلى حاجه
أشاحت حبيبة بنظرها بعيداً عن زميلتها بالغرفه عندما صرحت ب أن كلما ابتعدت الفتاة عن بيتها ومنزلها من الممكن ان تفعل أى شئ يحلو لها ومحرومه منه.
الحديث لم يعجب حبيبة فتوجهت إليها تحثها على الفضائل والقيم الصحيحه
لاء طبعا ً، انا مثلا بابا الل ملبسنى النقاب يعنى مش بمزاجى مش معنى أنى هنا وعايشه بعيد عنه
اقلعه ولما انزل البلد ألبسه تانى! كدا بخون ثقته فيا وأنا هنزل من نظر نفسي جدا
ومش هبقى مبسوطه
تراقصت زميلتها بجذعها ساخره من حديث حبيبة وقالت
والله كل واحد له الطريقة الل بتعجبه وبيمشى عليها.
تعجبت حبيبة وأكملت طعامها صامته وهي تضحك مع صديقتها دينا على رد فعل زميلتهم.
لطالما أردت أن اخرج من سجني الاسود هذا أردت أنا أذهب خارج الصندوق دائما ولكن كل مره احاول فيها أعود بلا جدوى بلا فائده، خوفي يمنعني حتى من التعرف على نفسي، أصبحت وحيدة الان هناك سور بيني وبين البشر لا أستطيع تجاوزه ولا أحد يهمه الامر..
كانت تجلس حفصه برفقه زوجة أبيها واشقاؤها أمام التلفاز، وكان هناك فيلماً يُذاع يشاهدونه حتى عُرض مشهد لزواج البطلة فنظرت زوجة مناع الى حفصه وقالت وهي تتشدق بشفتيها
عجبال لما تتفك عجدتك ي بت چوزى جادر يا كريم، البنات كلها حواليكِ اتخطبوا والاصغر منك
تنهدت حفصه وهي ترتشف كوب الشاى وتحدثت دون النظر إليها ناظره إلى التلفاز.
والله يا خالتى چمالات الچواز مبياخدوش عليه چوايز، والنصيب جاعد حتى لو إتچوزت وانا كد جدة دهب
متشغلوش بالكم بس
مصمصت أم زكريا شفتيها ونظرت ناحية التلفاز مرة ثانية، طرق الباب فقام أحد اشقاء حفصه هم يفتح الباب
ف وجد والده وبرفقته همام مبتسماً كالعادة
ولأول مرة يذهب وهو لايعلم بوجود حفصه، حينما رآها تراقص قلبه وهي تصنعت عدم الإنتباه له
فقامت أم زكريا من مكانها ورحبت به مع قولها.
ازيك ياهمام وأزى أمك وابوك، چدع انك چيت يا واد كنت عاوزة أشيع حاچه لأمك
أردف إليها مناع وهو يربت على كتف همام
همام فيه بركه، يدوب بجوله السيفون فالحمام بايظ ومعرفينش سباك مين يصلحه دلوك جالى أنا نصلحه ياعمى
چدع يا ولد اختى، خش صلحه ع بال م اعملك كوباية شاى
دلف همام وهو يصوب نظره ناحية حفصه، حتى قذف ب إحدى كلماته إليها
ازيك ي حفصه، منورة المكان.
لم تنظر إليه أجابته على نظرها ناحية التلفاز ممسكه بكوب الشاى
بنورك يا مسيو همام
ضحك همام ودلف إلى المرحاض ومعه عدته، استغرق وقت ليس بكثير حتى انتهى وقام بتصليح كل شئ عالق
خرج وتناول كوب الشاى المُعد له، فكانت حفصه في هذا الوقت ذاهبة إلى المرحاض
هنروح نچرب ونشوف
أبتسم همام وأردف لها مازحاً إياها
لاء حاسبي، فيش حاچه توجف مع العبد لله، روحى شوفى
دنت حفصه منه وقالت وهي تضيق عيناها له.
دلوك عارف فالسباكه والنچارة والريسيفرات والعفشيات والفرنساوى والشعر والنثر
وتحش البرسيمات وتهش الغنمات وتهش الكلاب
أبتسم همام وأردف لها وقسمات وجهه هادئه كعهده
سبع صنايع والبخت صايع زى مابيجولوا
طرقت حفصه كفا على كف وقالت له ساخره
وايه ضيعه البخت، اديك بجيت مسيو فرنساوى فمدرسة وبكرة تحوش من الدروس الخصوصية والبنات الل هتروح وتيچى عالبيت عشان دروس المسيو همام وحصص مسيو همام.
لمعت عين همام وهو يستمع لها وأردف
ادعى يارب يسمع منك عشان حاچه واحدة
رفعت حفصه إحدى حاجبيها وقالت له
ايه هو يا معدول؟!
عشان أچمع مهر الل عليها عينى من زمان واجدر اخدها لبيتى ومايمنعنى حاچه عنها واصل
تلعثمت حفصه وابتلعت ريقها بالكاد ولوّحت بيدها تدلف الى المرحاض
طب وسع نخش الحمام چاك حمى تطبج على مصارينك.
تركها وهو يضحك كعادته، وإنْ باتُ عمرًا فوق عمره وبذل قصارى جهده كى يحصل عليها فلن يتردد حق ذرةٍ مهما بذل ومهما فعل.
ب كافيتريا الجامعة كانت تجلس حبيبة مع زميلتها يتناولان بعض الشطائر ويتحدثا سويا
في الوقت بين المحاضرات، كانت تقصّ حبيبة على دينا صديقتها أمر استاذهم بالكليه.
فهو بعد مُضى وقت فاتحها ب موضوع هام ألا وهو رغبته في التقدم لها وطلب يدها بعدما أبدى إعجابه الشديد بهدوئها واخلاقها وثيابها المحتشمه وتفوقها الدراسي، فلم تجب حبيبة إلا برد واحد ٍ اعطته عنوان منزلهم واسم بلدتهم وتركت الأمر بيد والدها.
اما عن العاشقان، فمازالا على الحاحهم كى يتحدثوا معها وهي على رفضها، فكانت تتحدث معها صديقتها بشأن هذا الامر ويدور الحديث بينهم عليه.
لو دكتور زايد جاب مهرك ووافق، كدا لا فيه وليد وعمار
كانت تأكل حبيبه ولا تكترث، ف أكملت صديقتها
ألا صحيح، تفتكرى أنهم عارفين انهم هما الاتنين بيحبوك ِ؟!
أومأت حبيبه بعدم المعرفه بعدما رفعت كتفيها، ف أكملت صديقتها
اكيد عمار ميعرفش ان وليد بيحبك هو كمان، لأن كل الشواهد بتقول أن عمار مبين واتقدملك لكن وليد ساكت
إنتِ عرفتِ من حفصه..
زفرت حبيبة بفروغ صبر وأردفت.
يوووه هو أنا ليل نهار مش ورايا إلا حكاية وليد وعمار!
إندهشت صديقتها منها وأردفت
على فكرة قصتكم انتوا التلاته سوا تحفففه ومخليانى بفكر فيها ليل نهار، وأنا كمان بقوم بدور الوسيط وشكلى أهبل وسطكم
كانت تقهقه صديقتها وهي تصفق فجعلت حبيبة تضحك هي الأخرى ومن ثم نظرت حبيبة إلى ساعة اليد ونهضت للحاق بالمحاضرة التالية.
وبعد مرور فِترة زمنية..
كل شئ قسمة ونصيب ياعمى.
رفع محسب بصره إلى خطيب زمزم وهو ينظر لأسفل خاجلاً منه وأردف له
حصل إيه بس يا ولدى
زمزم مش عايزانى ياعمى، أنا حاولت وكنت فاكر كل الوكت دا هي مكسوفه منى طلعت مش عايزانى اصلا
بتك زي الفل بس شكل نصيبنا مش مع بعض، ربنا يسهلها بالاحسن
ترك الفتى المجلس ونهض، وتنهد محسب بضيق بعد فسخ خطبة زمزم على فجأة من طرف العريس وليس من طرفها هي، فيا تُرى ماذا تُخبئ لهم الأيام، ,
--------------------------------.
َسأقولُ لكِ أُحِبُّكِ، حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ، أو يفعلونَهْ، عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي ( نزار قبانى)
أنا فكرت كاتير، وجولت إن لازم مكونش أنانية، لو عاوز تتچوز اتچوز بس جبلها طلجنى!