قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع والعشرون

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع والعشرون

رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع والعشرون

وبعد خمس سنوات..
يا ولييييد، ولييييد تعالا هنيتى
هرول ناحية حفصه الصغير وليد ذو الخمس أعوام قائلا لها
امى عتجولك اعمليلى المنطلون
إبتسمت حفصه بذبول وقامت ب مساعدته لإرتداءه سرواله
فجلست بجانبها إبنتها حبيبة وبيدها تقوم ب إسناد أختها شهد!
كانت تنظر حبيبة إلى والدتها حفصه ومن ثم اتفرجت شفتيها بالقول
مش هتكملى لي الحكاية ي أماه بتاعت حبيبة وعمار ووليد الكبار!

شردت حفصه قليلاً ونهضت لتفتح الخزانة وتجلب عبائتها السوداء وهي تردف إلى ابنتها
هفضل طول عمرى نكره اليوم ديتى
أنهى يوم ي أماه؟!
قالتها حبيبة الصغيرة، فسمعت حفصه صوت جمالات من الخارج تتعجلها للذهاب سويا
يالا ياحفصه، وهاتى وليد معاكِ عبلة مستنية تحت
قالتها بنبرة حزن، سمعتها حفصه وهي ترتدى ثيابها وحملت طفلتها شهد وامسكت بيدها وليد وحبيبة.

هبطت مع جمالات ف إلتقت ب عبلة مرتدية الاسود أيضاً ممسكة بيدها أبنها عمار، والسيدة تحيه والسيدة عظيمه والسيدة زاهية ومى إبنة زاهية أيضاً ينتظرون معها.
ترجلت النسوة جميعهن حتى استقلوا سيارة وما إن وصل جميعهن إلى مقابر العائلة آل نجم الدين..
وقفت حفصه والدمع هبط على وجنتها وهي تتذكر اليوم وكأنه البارحه...
منذ خمس سنوات..
ياااابوووووووووى، ياخوووووووووووى، يامراااااارى يابااااااااه يامرارى يابوووووووى.

ياخوووووووووى
كانت تبكى وتنحب حفصه بالخارج والسيدات تمسك بها، تقوم بحمل الثرى من الأرض ووضعه على رأسها وهي تبكى وتلطم شدقيها، والسيدات حولها يبكين ويصرخن معها هي وجمالات زوجه والدها
جمعيهن خارج المسجد، والمشهد داخل المسجد كالآتي
كرب والثانى والثالت، والرجال تستوى صفوفهم لإقامة صلاة الجنازة
الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر.

وبالخلف جميع رجال عائلة نجم الدين وعلى رأسهم الحج عبداللاه والحج عبدالرحمن وجميع ازواج فتيات الح عبداللاه وزوج مى شقيقه إلياس والحج محسب وجميع اولاده، وباقى اولاد مناع
وباقى رجال العائلة والجيران من العائلات الأخرى..
انتهت الصلاة، وقامت الشباب بحمل الثلاث كروب فقد فاضت روح كلاً من مناع وزكريا إبنه وإلياس إلى بارئها..

حشد النساء ينتظرن بالخارج، تتعثر وتقع حفصه وهي تصرخ بجانب زوجه ابيها وشقيقاتها، خرجت الخشبات من المسجد ودوت صرخه ل زاهيه تقشعر لها الأبدان
إبنااااااااااااى، يا إبنااااااااااى ي الياااااااااس، يا حبيباااااااااى
ياخووووووووووى يابوووووووووووى يا باااااااااااه
كان حشد الجنازة لايحصى، فقد أتى جمع من نجوع مجاورة لمساندتهم في هذا الحدث الجلل.

وإلى المقابر، الصراخ يدوى ب أرجاء المكان الشيوخ تتلو ماتيسر من القرآن وتقوم بالدعاء لهم، الجميع يبكى الجميع ينهار حتى تم دفنهم وتوديعهم ولكن حفصه أبت الخروج خارج المقابر وبعد معافرة أخذوها معهم.
وليد چوزى فين؟ وليد فين ي أماه!

قالتها عبلة حينما فاقت بعد عملية ولادتها المتعسرة هذه المرة، فقد كرمهم الله بثانى ذكر لهما جميل الوجه مبتسماً رغم ان عمره لايتعدى السويعات، لم تنتبه عبلة إليه كل م كان على لسانها ذكره
أين زوجها، ولاتجيب والدتها سوى بالبكاء
أمى رُدى علىّ؟! وليد فين ومچاش ليه كل ديتى وفين أبوى وفين أخواتى
حاولت والدتها ان تجمع قواها وأردفت لها
بركة انك جومتى بالسلامه يابتى
چوزى فين يا أماه!

قامت السيدة بمسح عيناها برفق وحاولت ان تتحدث بهدوء خوفاً على إبنتها النفساء
إدعى لچوزك وولد عمه يابتى، بين الحياه والموت!
إنتفضت عبلة من على سرير المشفى وأردفت فزعه
لاه! كيف يعنى، كيف ياماه جوليلى
طلعوا عليهم ولاد حچاچ وضربوهم وضربوا ولد عمهم إلياس وحبيبة وهمام كرم وزكريا مناع وعمك مناع يابتى
اتسعت حدقة عين عبلة هلعاً، وقامت بلطم شدقيها مرة والثانية والثالثة
وهي تردف بخوف ونبرة يختلجها البكاء.

يا ولييد! يامرارك الطافح ي عبلة، ياحِزنك المكبب يا عبلااااه
جوليلى ياماه تخبيش علىّ، وليد عايش؟!
نظرت الام الناحية الاخرى، فقامت عبلة بتقبيل يدها عدة مرات بشكل عشوائي وأردفت
أمانه ياماه يحنن عليكِ، حصل ديتى؟! حصل يا أماه! مات وليد ي أماه؟!
إتدعيله يابتى، بإذن الله يعدى منها، إصابته خطيرة هو وعمار، انتِ نفساء وبين أيادى الله
ربك هيسمعلك يابتى.

الدموع هبطت رغماً عنها واحمر أنفها وقالت بنبرة مرتعبه مما سمعت
فيه حد مات ي أماه؟!
شرعت السيدة في البكاء وقالت بصوت متهدج
زكريا وَلد مناع وعمك مناع وألياس!
قامت عبلة بطرق صدرها بكفيها وهي تندب وعيونها تبكى بحرقه، بينما هي كذلك ولج إليهم زوجه شقيقها الأكبر ومعها طفلها عمار وهي تردف
عامله كيا ي عبلة! حمدلله ع سلامتك ياخيتى
نظرت والدة عبلة إليها وأردفت بخوف
إيا الاخبار يابتى فالبلد.

الدنيا مجلوبه ي أماه، والله البيوت كلها مخيم عليها السواد، على كد الل حصل بس الحمدلله
لاچت فچوزى ولا أخواته
نظرت عبلة ناحيتها ف أدركت زوجة شقيقها مدى الخطأ الذي تحدثت به
فصمتت ونظرت لأسفل فقالت عبلة
عاوزة نشوف وليد!
تشوفيه وين؟! إنت ِ لسه والده وجدراش توجفى على رچلك
هشوفه يعنى هشوفه يا أمااااه!

أن كنت في قطر الحياه فلن أصعد معك سوف أبقى هنا حتى لو كان البقاء موتى لا أريد الذهاب هناك أخر السكه شقاء، يا صديقى أبقى هنا و لا تذهب للمحطه الأخيره لا تجرب ألم ضمور عظمك و عجزك عن أخذ نفسك لا تذهب للغد سوف تحلم حلم جديد و سوف تخسره في الطريق فلا تذهب لهذه المحطه غداً سوف تحب عائلتك و لن يبقوا معك، سوف تحب شخصاً ما و سوف يرحل كل ما قد تحبه أو تحلم به سوف تخسره فموت هنا و لا تذهب للمحطه الأخيره سوف تكون محطم مريض وحيد، أنزلنى هنا أكمل أنت أن أردت لكن أنا سوف أنزل في المحطه القادمه.

بعدما دلف إلى غرفة العمليات وليد وعمار وهمام وحبيبة، تم انتزاع الرصاص من أجسادهم فقد عند نقلهم للمشفى كان لايزال نبضاتهم مسموعه وقلوبهم تتصارع تريد البقاء.
إصابة حبيبة لم تكن بالغه فقد تلقى إلياس كم هائل من الرصاص داخل جسده، وأصيبت حبيبة بطلقه ناريه واحدة بجانب أحد أكتافها، كان منظر مروعاً أمام أعين درويش العاجز الأبكم.

أما عن همام فحينما إلتقوا ب أولاد حجاج وبدء ضرب الرصاص، وقع زكريا بالدراجه البخارية أرضا فوق جسد همام الذي كان بالخلف، ف اصيب همام بالرصاص ناحية كلية من كليتيه ليكون مصيرها الاستئصال كى يحافظون على حياته.
وليد وعمار، تم حصد مجموعه من الرصاص الساكن ب أجسادهم، خضعوا لعملية جراحية واثنين وثلاثة
ومن بعدها نقلوا إلى غرفه العناية المركزة بالمشفى يتلفظون حياة أو موتاً.

أيداوي القلب جريح؟!
أتعلم كم أن الحب مخيف! يبدو في الظاهر مريح و في الواقع هو أضعف من أن يدوم طويلا! ؛ و قلوبنا المشتتة في حال نزيف
، لا تصلح لتجارب أخرى، يكفي ما مرت به رغم ضعفها لم تمت لكنها شبه ممزقة! لا أظن أننا سنجد من يجيد حياكتها و إحياءها من جديد! تلك القلوب لا يحييها إلا الحب و من ضمن ما يمكن أن يميتها هو نفس الحب! رفقا بقلوبنا الهشة، رفقا بحالنا البائس.

يا طبيب القلب بقلبي، فجروحه گثرت و الخيط شديد، ,
وبعد أيام..
حبيبة، حبيبة جلبي أنا، وحبيسة جلبي أنا، جومى يالا
متناميش كديتى، بسم الله على جلبي وبسم الله عليكِ إنتِ ياجلبي
جومى وعافرى وحاولى وخلّينى أحاول بالله عليكِ، يمكن يكون لي آخر إنتِ
يا أغلى من روحى
فتحت حبيبة عيناها برفق، لأول مرة تستيقظ وتستفيق وتشعر بما حولها منذ الليلة المشؤمة،.

إصابتها لم تكن بالغه، فقد سترها الله بالعملية الجراحية ولكن يبدو ان عقلها رفض النهوض إلى العالم والالم ثانية.
نهضت وتمتمت بصوت خفيض
عمار!
كانت تجلس حفصه بجانبها مستندة رأسها على كف يدها عيناها ذابلتان من البكاء وترتدى الأسود، نهضت من مكانها وذهبت ناحيتها وأردفت
حبيبة! إنتِ فوجتِ، فوجتِ يابتى، حمدلله على سلامتك
بدأت تستعيد حبيبة قواها، تنظر هنا وهناك أهى بالمشفى؟!

آخر صورة تتذكرها بحيرة دماء إلياس ومحاولة نهوض والدها وعجزه وسقوطها معه.
حفصه، حف. حفصه
بالراحه على نفسك، إهدى خالص متتعبييش روحك
حاولت حفصه مساعدتها لتنهض وتجلس على الفراش، ف دلفت الممرضه قائله
طيب الحمدلله جامت بالسلامه، الدكتور هيعدى يشوفك كمان شوية
تحسست الممرضه نبض حبيبه وضغطها ودونت بالتقرير وذهب، نظرت حبيبة ناحية حفصه المرتدية الأسود
وقالت
ليه لابسه أسود ي حفصه، حفصه قلبي واجعنى أبوس إيدك طمنينى.

صمتت حفصه وبدأت تقص ماحدث إلى حبيبة، وعلى الناحية الأخرى
كانت تجلس والدة وليد السيدة عظيمه على سجادة الصلاة تتذكر
وكأنه يمر أمامها عُمر إبنها وحيدها ب أكمله أمامها
عارفه يا أماه لما أكبر، هوديكِ تحچى إنت ِ وأبوى، لاه إنتِ وأبوى وأخواتى البنات
لاه إنتِ وأبوى وأخواتى البنات وأجوازهم، يابووووى دول كاتير جوى
خلاص هوديكِ وحدك ي أماه وهما بعدين..

شُفتِ الشنب الل خط ي أماه، ولدك كبر وبجا راچل وتجدرى تعتمدى عليه ف أى حاچه
حَش برسيمات زرعيات، يركب المحرات يعدلك الغنمات، يحوش البيض من تحت الفروچ إنت ِ تؤمرى
كانت تسمعه الجدة دهب فقالت له من الخارج
دم أما يتلافاك، برسيمات وكحروت وفروج إيا الل تلمهم ياحزين، ياك بنكبرك عشان تكون خلفة الندامه
نظر وليد ب إمتعاض إلى الخارج وتحدث إلى والدته بشئ من السخرية.

جدة دهب دى لو ماتت ربنا هيكرمنا آخر كرم ومش باعيد نوصل للأولمبيات!
ياماه مش بخيّب أملكم فيّ، أنا عاوزش الهندسه عرفتش نمشى فيها، أنا عارف ومحدد هدفى
وحاسس أن هننچح فالكلية دى أكتر، إنت ِ بس هدى الحچ ياعظيمه ياعظمظم يا أعظم عظمات الستات
عليا الطلاج إنتِ وبس فالحريم والباجى سلطه.

وبعدين فالمرا بت المركوب الل متچوزها دى، شهر حامل وشهر تسجط وشهر تولد، مبتديش لروحها هدنة ولانفس كأننا معزومين على ماتش ولازم نكسبوا، هو كان يوم طين ومبالغ فيه يوم م خدتها
جالولى الايام الكَحلة هناك اهى يا وليد، جولتلهم لسه والله راح نازل الجلم على خشمى طرش ودنى سِت أيام!
كانت تتذكر، ودموعها تهبط من شدة خوفها وشوقها لإبنها، فرحه عمرها المنتظرة.

رفعت يدها إلى السماء تدعو ربها وتناجيه، ف أحيان كثيرة الدعاء يغير القضاء
توجهت إلى بناظريها إلى السماء ورفعت كفيها ومع قولها
يارب، يارب اتمنيه سنين، ووهبتهولى وخليتهولى يعيش وميموتش زى أخواته
فرحت جلبي بيه وفرحت جلب أبوه بيه، يارب لو راح منى عمرى هيروح يارب
إرحم ضعفى يارب تحت عرشك اترجاك يارحيم يا كريم تخلى لي ولدى عمّار
دا مشافش يوم زين يارب، تعبان طول حياته وصابر.

يارب لاجل حبيبك محمد المصطفى، تجول للأجهزة اللى هو عليها وللجماد وللخراطيم الل طالعه وداخله منه
أمرهم ب أمرك وجول اشفيه ورچعه لحضن أمه بالسلامه يارب
والله مظلوم وماليه يد ف أى حاچه، يارب وحيدى عالدنيا شحته منك شحاته
خليهولى، اشوفه تانى جدامى واسمع صوته وجلبي يجوم من حزنه لما يتطمن عليه أنه بجا بالسلامه
هو وود عمه يارب، نچيهم وإشفيهم هما بين إياديك ومفيش أحن منك يارب.

صمتت السيدة تحيه، وهمت بجلب قميص كان يرتديه عمار لم تقوم بغسله، أخذت تشتم رائحته وتنهار في بُكاء مرير..
نهضت ودلفت إلى غرفته، أخذت تتحسس فراشه، مكتبه واوراقه
حاسوبه، تنظر إلى احذيته، ملابسه معلقه بالخزانه،
نظرت إلى المقعد الذي يجلس عليه ويتأمل السماء، تذكرت ذات مرة تقاسمت معه سهرته
بعدما توفيت زوجته بشهور..
مرت عمك عملت شريك، روحت جولت نچيبهولك مع كوباية شاى تعدل مزاچك.

أمسك عمار يدها وقبلها وأردف وهو يتناول منها الصحن وكوب الشاى
تسلم يدك ويد مرت عمى يارب
ينفع نجعد معاك ولاعاوز تجعد وحدك
إبتسم عمار بهدوء وأردف بنبرة صوته الرصينه كالعادة
لاه طبعاً وهو أنا أطول تجعدى معاى
طب سرحان في إيه يابشمهندس؟!
نظر عمار إلى الأرض متبسماً وعاد بنظره إلى والدته وهو يحك بمقدمه شعره الاسود الناعم
صدج الل جال جلب الأم عيحس
شعرت والدته بالفخر وأردفت.

لاه وأنا بالذات، چمعت كل الحب الل كُنت هحبه ليك ولإخواتك فيك إنت
هاه، جولى مالك
نظر عمار إلى النافذة ونهض وهو يتحدث
بفكر ي أماه
فيه ايه يا ولدى
تفتكرى آن الأوان، جلبي يرتاح
علمت الأم أنه يتحدث عن حبيبة فقالت له بنبرة حانيه كعهدها معه
والله يا ولدى الل يعوزه ربك من فوج سابع سما، بيكون لو ألف باب مسدود قباله
بس هي لسه على ذمة چوزها يا ولدى.

هنا، دار عمار بجسده وجلس بجانب والدته وامسك قطعه من المخبوز ووضعه بفمها وأخذ النصف الآخر ووضعه بفمه واحتسي خلفه جرعه الشاى وأردف
ان شاء الله هتطلج منه، أنا بتكلم بعد كل الل مرّت بيه حبيبه، هتعرف تتقبل راچل تانى فحياتها؟!
هتعرف تعمل حياة، هتعرف تشاركنى حبي فيها الل بجاله سنين، هتعرف تتخطى المرحلة الطويلة دى فحياتها؟!
دنت والدته منه وربتت على كتفه مردفه
إنت حاسس منها إيه؟!

ترك عمار الكوب من يده وزفر بحرارة وهو بقول بنبرة حزن
حبيبة متلخبطه يا أمااه، متلخبطه ساعات أحس انها عايزانى جوى
وساعات أحس انها عاوزانى نبعد
ريّح جلبك يا ولدى، الل من نصيبك هيصيبك ولو بعد 100 سنة!
عادت السيدة تحيه من ذكراها، سمعت صوت اقدام زوجها وغلقه لباب المنزل الرئيسى اسفل
هرولت على الدرج لتجده عابساً الوجه وكأنه تقدم بالعمر عشرون عاماً على عمره
لتسأله سؤالها المعهود.

الواد عامل إيه يا حچ، بالله عليك تطمنى
جلس الحج عبدالرحمن إلى اقرب اريكه خشبيه موضوعه وترك عكازه وأردف بصوت متعب ونبرة منهكه خائفه
حاله زى ماهو، الدكاترة عملوا الل عليهم وزيادة
طب والعمل، نسفروه مصر طيب، نسفروه بره
نبيع الل حيلتنا يا حچ، دا عمار!
قالتها فهبطت عَبره من أحد مقلتيها ف أردف الحج عبدالرحمن بنبرة ملتاعه خوفاً
لو علىّ متأخرش، بس هما جالو ان هو وولد عمه فالغيبوبة دى عايشين عالاچهزة.

والله اعلم أمتى هيفوجوا، يعنى لا مصر ولابرة هيجدموا ولا يأخروا
ادعيله يا تحيه، ادعيله
تركها وبخطوات متباطئه حزينة كان يصعد الدرج كادت تخار قواه ب سنده الوحيد بالدنيا
بين الحياة والموت، الخوف يدب أرجاء المكان وترتعد اوصالهم، لايريدون تصديق الفكره
اسيموت عمار ووليد؟! أم ستُكتب لهما حياة أخرى بفضل الله ودعاؤهم ويقينهم بالإجابة!
أنا جولت لأبوى يكتبه وليد.

قالتها عبلة وهي تهرول على سلم المشفى متجهه ناحية غرفة وليد بالعناية وخلفها الحج عبداللاه
ف أردف لها هو منزعجاً
دا فال عفش يابتى، م كُنتِ كتبتيه خالد زى م كان عاوز أبوه
لاه ياعمى، كتبناه وليد وفضينا، وان شاء الله هيجوم ابوه بالسلامه دلوك
ويفرح بيه ويشوفه ويشيله.

وصلت عبلة إلى غرفة وليد لتجد حبيبة بذراعها الملفوف وحركة جسدها البطيئةتقف عندها تلامس الزجاج وتنظر ناحية وليد وهو يرقد هكذا، ترجلت عبلة بخطوات سريعه ناحيتها والشرر يتطاير من عيناها لتتوجه إليها بالحديث
واجفه كدا ليه؟ عايزة إيه منه ولا من أخوه!
نظرت حبيبة ناحيتها مستنكره وأردفت لها بصوت متعب
ايه الل عتجوليه دا ياعبلة، وليد أخوى وولد عمى
أنا عسألك سؤال تچاوبي على طول، عاوزة ايه وواجفه كديتى ليه.

ايا مكفكيش إنت ِ وأبوكِ الفجرى الل حصل، مش بسبب أبوك چوزى وابوعيالى وأخوه بين الحياة والموت
ياشيخه مِنك لله، مِنكم كلكم لله، ياريت كان أنت ِ، ياريت كُنتِ إنت ِ وچوزك الل غورتوا فستين داهيه وهما لاه، حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل
تحملت حبيبة ما دفعته عبلة من قساوة كلمات في وجهها هكذا، فهى تعلم بحالها انه يرثى لها حقاً.

وأنها خائفه على شريك عمرها ووالد صغارها، ولكن عبلة لاتعلم ولا تتفهم ابداً ماهى علاقة ترابط حبيية ب وليد على الأخص، فهو شقيقها وأبيها وصديقها وعائلتها الحنون التي فقدتها.
لم تجيب حبيبة على أى من الهراء الذي قذفته عبلة بوجهها وظلّت على نظرتها ناحية وليد الراقد بين الأجهزة
لاحول ولا قوة له.
أطراف ميتة، تستنجد طائر الأمل يحملها..
لعلها حياة او فرصة بقاء، ، او ربما هو نهر حُبك وعطاؤك يروي ميتا.

آخر قطرة من نبض الجسد، ف باذن الله سأظل معك باقِ حبيبتى.
كانت تساعد حفصه زوجها همام أن ينهض على فراش المشفى وهي تطعمه، كان ينظر لها ب إمتنان
وهي تطعمه كطفل صغير، فبالرغم من فقدانها لشقيقها ووالدها لكنها مازلت مركز احتواء وعطاء
سواء له أو ل حبيبه في شدتهم هذه.
تسلم يدك ي أم حبيبة
حملت حفصه الطعام وقالت له
الداكتور طمنى، جال اسبوع كمان يتطمن على بجيه وظايف اچهزة چسمك وهتطلع.

حمدلله عالسلامه ياخوى، جدر ولطف والحمدلله أنها چت على إنهم يشيلوا كليه
الحمدلله أنك معاى بالسلامه، عشانى وعشان بتك، مانا مبجاليش غيرك ياهمام
شرعت حفصه في البكاء، فحاول همام أن يخفف عنها بكلماته كالعادة
بس متجوليش كديتى، أمانه عليكِ م تبكِ ورحمة ابوكِ، الله يرحمهم ياحفصه
ويسكنهم چناته، ويباركلك فخواتك التانيين وفبتك وفيّ يابت، أنا معاكِ ضهرك وسندك ويدك.

أنا عمرى م هتخلى عنك يا حفصه، دا أنت ِ الل لىّ والله ياغالية
نهضت حفصه من مكانها وربتت على كتف زوجها بحنو وتنهدت حزناً على مَن فارقوها
ويتألم قلبها من لوعه فقدانهم.
قرص من الدواء وكوب ماء، كانت تقدمه مى إبنه زاهيه لها
بينما كانت ترفض هي الطعام والنوم منذ هذا اليوم، جلست مى بجانبها وقالت
يامااما خدى دواكِ، مش معقول كدا
لم تسمعها زاهيه وتحدثت وهي تنظر فاللاشئ أمامها وتردف بحزن.

كان رايح لقدره، أنا معرفش ليه هرب وليه راح البلد، اتاريهم كانوا مخطيين يابنتى
راح فشربه ميّه بسبب عملة خالك، طول عمرى واخداكم بعيد عن البلد وقرف البلد ومشاكل البلد
يقوم يموت اخوكِ ظلم وفتار مالوش يد فيه
صمتت مى، فتابعت زاهيه
أخوكِ مات زعلان منى يامى..
رفعت مى بصرها وقالت
ماما، دلوقت موقف حبيية إيه، كدا هي أرملته وهتورثه مش كدا؟
إنتبهت زاهيه، فنظرت ناحيه صورة إلياس المعلقه ولم تنفرج شفتيها عن الإجابة.

عمار ووليد يقفان بمكان به خُضره واسعه، مُرتديان جلباب ذو اللون الأبيض
شعرهما ممشط ومهذب، ذقن عمار مهذبه على وجهه وتبدو بشرته فاتحه عن الحقيقه
وكذلك وليد، وإبتسامته العريضه المشهور بها، واقفان ينظران هنا وهناك.

ف أتت نحوهما حبيبه بشعرها منسدل على كتفيها ووجهها الصبوح وبسمتها المُشرقه وعيناها فرحتان تهرول فيتهادى شعرها خلفها ويترنح ثوبها يمينا ويساراً كانت على مقربه منهم وحينما أقبلت وجدت م يمنعها، كلما هرولت ناحيتهم وكأن هناك حاجز ما لاتستطيع إختراقه!
وليد، عمار! طمنونى عاملين إيه
إبتسم وليد كعهده ونظر لأسفل، بينما ترجل عمار ناحيتها كعنفوان حُبه المعهود وأردف
اتوحشتك جوى، إنتِ الل طمنينا عليكِ.

أنا زينه وكويسه، أنا جلبي هيوجف عشانكم
رفع وليد نظره وأردف لها من بعيد
خليكِ زينه دايماً يا حبيبة، وأوعى الحُزن يدج بابك ولا الزعل، خلاص يا حبيبة مفيش زعل تانى
لوحت حبيبة إلى وليد وهي تردف
حاضر، بس أنتو متسيبونيش، أنا ماليش غيركم
ترجل وليد ناحيتها ووقف بجانب عمار، لايستطيعون لمسها ولا العبور لها ولا حتى هي
ف أردف وليد
خلّى عمار چمبك ي حبيبة، أنا شكلى هسافر بعيد.

إتسعت حدقة عين حبيبة، ف امسك عمار ذراع وليد بقوة وأردف
لاه يا أخوى، چينا الدنيا سوا ,وطول عمرنا سوا
يا هتقعد معاى ياهنسافر سوا
هنا ظهر عمّهم وليد العارف بالله رحمه الله عليه الناحية الاخرى ويوجد أيضاً حاجز شفاف بينهم وبينه
ومرت ثوان ليظهر بجانبه إلياس واقفاً ولايتحدث
ف أردف عمهم وليد
وليد عبداللاه، إنتَ إتسميت على إسمى وآن الاوان تيچى معاى أنا وولدى.

فرح وليد وعمار حينما رأو عمهم الغائب عنهم منذ سنوات طويلة من رحيله، هروله ناحيته ووقفا عند خطوة معينه، ف أبتسم عمهم وليد ومدّ يديه الاثنين لهما
وقف وليد كما هو بينما تقدم عمار بالخطوات وعلى مقربه من عمه حتى اقترب ان يلامس يديه
نهضت حبيبة من غفوتها فزعه!
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وضعت يدها على قلبها من هول م رأت، غسلت وجهها بالماء وذهبت ناحية حاسوبها
وفتحته وكتبت الرؤية وانتظرت نتيجه التفسير..

---------------------------.

عدّي ع الأقصر حبيبة
تلقَى ناس مافهومش عيبة
من طيابة ناسنا فيها
التاريخ سمّاها طيبة (هشام الجخ).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة