رواية ولعشقها ضريبة الجزء الثالث للكاتبة إسراء علي الفصل السادس عشر
هي بداية ونهاية العشق...
هى نُقطة الإنطلاق ومُلتقى الطُرق...
وأنا لستُ سوى عاشق لكِ...
ف ليحترق العالم من أجل عيناكِ
نهضت ترتعش مما حدث وهي تنظر إلى الباب الذي دلف خارجًا منه ب هدوء عكس موجة الغضب والإعصار التي تركها بها ثم غادر. لملت أشياءها وهي تُتمتم
-أنت عاملي زي عفريت العلبة. وقال إيه! هلعب معاكي ب قوانيني...
قالتها وهي تُقلد نبرة صوته الضخمة وتُحرك كفيها ب الهواء لتقول ب سخرية.
-مجنون دا ولا إيه! لأ بس رعبني. أووووف...
قالتها وهي تُبعثر خُصلاتها ثم دلفت هي الأخرى خارج الغُرفة وإتجهت إلى قاعة المُحاضرات. لتجد جميع الطُلاب يجلسون ويتبادلون الأحاديث الجانبية ف إتجهت إلى طرف القاعة وهتفت ب صوتها
-يا شباب! ممكن تقعدوا شوية!..
بدأت الأصوات تخفت تدريجًا لتهتف ب إبتسامة وهي تتفحص الجميع.
-أنا اسمي روجيدا التهامي. دكتورة جديدة. أنا هنا بدل دكتور رشاد. أتمنى إني أقضي معاكم ترم حلو...
أخرجت نظارتها الطبية وإرتدها ثم تشدقت ب نفس الإبتسامة
-حد عنده إستفسار!..
نفى الجميع وقد بدى على وجههم السعادة المُطلقة لتضحك وتقول
-شكلكوا مبسوطين
-أجابت عليها طالبة: جدًا. أصل دكتور رشاد مكنش بيفهمنا حاجة وإحنا بنحفظ بس.
-أولًا ميصحش إننا تقول على دكتور كدا. ممكن يكون أنتوا اللي مش مستوعبين طريقته ف مش بتفهموا منه وبتستبدلوه ب الحفظ وخلاص
-ليرد أخر: وجايز يكون المحتوى مينفعش يدرس ف السنة دي. غير الإمكانيات اللي غير متوفرة
-إبتسمت روجيدا وقالت: مش عذر على فكرة. الإمكانيات ممكن تستبدلها ب حاجات تانية...
حمحمت روجيدا ثم قالت وهي تفتح أحد الكتب.
-مش موضوعنا حاليًا. أنا هديكوا المهم واللي يلائم السنة وإستيعابكوا. ولو فيه حاجة هنتناقش فيها...
وبدأت في الحديث ب طريقة سلسلة وسهلة حتى يستوعب الجميع
وعلى الجانب الأخر ما أن خرج من غُرفتها حتى أطلق السباب اللاذع ثم هتف وهو يمسح على خُصلاته
-نهايتي يا هتكون على إيدك أو إيد بنتك. بنت ال...
كاد أن يُِكمل ولكنه تراجع وهتف ب إمتعاض
-ولا بلاش أحسن أمك تتقمص...
أخرج الهاتف من جيب بنطاله ثم أجرى مُكالمة مع أحدهم ليقول ما أن فُتح الخط على الجانب الأخر
-هو فين داهية تاخده!
-رد الرجل على الطرف الأخر: راجع المنيا. أنا وراه أهو يا باشا
-عينك عليه ومتخليهوش يطلع من القسم عما أشوفلي صرفة معاه
-تمام يا باشا...
ليُغلق جاسر الهاتف ويُعيده مكانه ثم دلف إلى تلك القاعة التي أرشده إليها أحد العمال. ليجدها تقوم ب تدريس المُحاضرة ب طريقة سلسة ورائعة ليجد نفسه يستوعب ما يُقال في ثوان
بحث ب المكان لعله يجد مكانًا فارغ. ليجد ضالته خلف شابان يبدو عليهما أنهما لا يهتمان بما يُقال ف جلس خلفهم وهو يضع نظارته الشمسية ثوان وسمع حديثهم
-تراهني إنها مش مصرية! الجمال دا مش صنع البلد...
قبض جاسر على يده حتى لا ينقض عليهما. ولكنهما لم يصمتا على هذا الحد ليقول الأخر
-اسمها روجيدا التُهامي. مش مصرية إزاي! دا غير لهجتها مصرية درجة أولى
-يابني يستحيل الصاروخ دا يكون تقفيل محلي. دي إستيراد وتصدير...
وعند ذلك الحد لم يتمالك جاسر أعصابه. ليطبق على عنقي الشابين ب قوة هشمت عظامهما ثم قام ب دفع رأسيهما إلى الحاجز أمامهما لتنفجر الدماء منهما ب غزارة. تأوه الشابان ب صوتٍ واضح إسترعى إنتباه روجيدا لتلتفت ب غضب قائلة
-ممكن أعرف الصوت دا ليه!..
ومن أخر صف رفع جاسر يده وقال ب لا مُبالاه خبيثة
-لا أبدًا يا دكتور. مشكلة وبنعالجها. كملي شرح...
إتسعت عينا روجيدا ب ذعر وهي ترى نظراته تخترقها. إبتلعت ريقها ب صعوبة. ألم يكتفي ب إرهابها ب الأعلى مُنذ قليل؟
وجدته ينهض ويسحب الشابين من تلابيبهم ثم قال ب برود
-أصلهم محتاجين إسعاف...
ثم قام ب هزهما ب شراسة وتساءل ب حدة
-مش كدا يا نجم منك ليه!..
أومأ الشابان ب رأسيهما ب خوف ليأخذهما جاسر خارج القاعة. لم تستطع روجيدا التفوه ب حرف ف هي لا تزال تُعاني من صدمة ما قبل قليل.
أنهت مُحاضرتها وبدأت في لملمة حاجيتها ب توتر وهي تتساءل ماذا فعل ذلك الهمجي ب الشابين! قاطعها طالب وأخذ يسألها عن عدة أشياء عن المُحاضرة ف أجابته ب إبتسامة ورحابة صدر. ف قال الطالب ب إبتسامة بلهاء ب النهاية
-شكرًا جدًا يا دكتورة
-أومأت ب رأسها وقالت: العفو
-أتسعت إبتسامته وقال ب عفوية: حضرتك حلوة أوي...
ولم يعلم أن ب عفويته تلك ستهلكه. ليشعر ب ألم في رُكبته من الخلف إذ ركله جاسر ب عنف ثم قبض على مؤخرة عنقه كما فعل مع السابقين ليهدر ب صوته المخيف
-الحلوة دي تبقى أمك...
شهقت روجيدا ب فزع حقيقي وهي تراه يدفع الطالب الهزيل على الأرض. ف صرخ جاسر مرة أخرى ليجعله يهرب من براثن هذا الأسد
-برة يا بن ال...
ثم إستدار إلى تلك التي تقف ك الأرنب المذعور وتشدق ب تهديد
-عالله أشوف جنس در مقرب منك يا روجيدا...
إبتلعت ريقها وهي تراه يتقرب منها حتى حاصرها خلف المكتب لتقول ب توتر
-جاآسر. إحنا. م. مش ف البيت. عشان تعم. ل كدا
-رفع حاجبيه ومط شفتيه ثم قال: أعمل إيه ب الظبط!..
أمسك رسغها جاذبًا إياها إليه ثم هتف من بين أسنانه
-يعني أعمل معاكي إيه! طيرتي عقلي وانا عمّال ألف وراكي وأقتل دا وأضرب دا عشان خاطر الست
-ضيقت عيناها ب غضب وقالت: والله محدش قالك تلف ورايا على فكرة
-والله!..
قالها ب نبرة أكدت لها أن ما بعد ذلك لن يُبشر ب الخير لتقول بَ شجاعة لا تملكها
-أه والله. وبعدين دا طالب يعني أد أختى الصغيرة
-بس راجل
-بس طالب
-ضرب المكتب خلفها وهدر: بس راجل يا روح أمك...
إتسعت عيناها ب غضب. لتدفعه ب صدره ف إبتعد عنها. وبدأت هي ب لملمة أشياءها لتقول من بين ذلك
-أنت إتخطيت حدودك معايا يا جاسر...
إلتفتت إليه وهي تحمل أشياءها لتجده يضع كِلتا يديه ب خصره ف قالت وهي تتنجب نظراته المُحدقة بها
-ودا بيخليني أعاندك أكتر. خلي بالك كويس أني بشر ومش هستحمل أكتر من كدا. بعد إذنك...
تحركت خطوتين قبل أن تجد نفسها تُسحب إلى الخلف ب فعل قوة جبارة كاد أن ينخلع لها كتفها. ثم همس من بين أسنانه
-رايحة فين وسيباني؟!
-نفخت ب ضيق وقالت: مروحة
-لأ مفيش مرواح. أنتي هتنوريني ف الشركة النهاردة
-حاولت الإعتراض: بس آآ.
-قاطعها وهو يضع يده على شفتيها وقال: مفيش بس. ولا أنتي عوزاني أزعل؟..
هزت رأسها ب يأس وهي تسبه داخل نفسها ثم هزت رأسها نافية ليبتسم ويقول
-كويس. يلا...
لم تجد بدًا من إتباعه ف هو قد تلبسه شيطان ومن الأفضل مُسايرته.
كان شريف يقود سيارته حتى وصل إلى المنيا ثم بعدها إلى قرية الهواري ليدلف إلى القسم ب سرعة وصعد إلى مكتبه
دلف يضع هاتفه ومفاتيحه على المكتب ويجلس. ثوان ودلف مُنتصر وعلى وجهه إبتسامة ليقول
-قهوتك زي كل مرة يا باشا!
-إبتسم شريف وقال: أيوة الله يخليك يا عم مُنتصر
-أشار إلى عيناه وقال: عنيا يا باشا...
تحرك مُنتصر خطوتين قبل أن يعود ويُخرج من جيب بنطاله مظروف أبيض ثم قال.
-أه نسيت يا باشا. أنا لاقيت الظرف دا قدام مكتبك...
أخذه منه شريف وعلى وجهه علامات التعجب ثم قال وهو يقلب المظروف
-متعرفش من مين!
-هز رأسه نافيًا وقال: لا والله يا باشا. أنا جيت لاقيته
-طيب روح أنت يا عم مُنتصر...
أومأ ب رأسه ورحل. ليفض شريف المظروف وقبل أن يفتحه وجد الباب يُفتح ب قوة ويدلف منه شخصًا ما مُلثم. لينهض هو ب سرعة و يوجه مسدسه إلى ذاك المُلثم ويقول ب تحذير
-أقف مكانك...
وقف المُلثم مكانه ب ذعر وعيناه البنية الواسعة تتسع أكثر. توجه شريف إليه لينزع الوشاح عن وجهه ليشهق قائلًا
-بنت!
-هتفت الفتاه ب ذعر: أيوة بنت. في حاجة!..
تأفف شريف ب نفاذ صبر ليضع السلاح ب جذعه مرةً أخرى ف هي تبدو مُسالمة وبريئة ب درجة مُرعبة ليقول ب ضجر
-خير يا شاطرة؟!
-أولًا. أنا مش شاطرة أنا عندي عشرين سنة. ثانيًا. مش أنت الظابط الجديد اللي بيقوله عليه جامد!
-رد عليها شريف ب تهكم: بيقولوا.
-إبتسمت الفتاه ب خبث وقالت: من ناحية جامد ف أنت جامد فعلًا...
نظر إليها شريف ب تعجب ما لبثت أن تحولت إلى حدة. ف حمحمت الفتاه قائلة ب نبرة أودعت بها كل براءتها
-أنا اسمي مروة. وكنت محتاجاك ف موضوع كدا
-خير!..
تنهد وهو يقولها لتقترب منه ثم قالت ب رجاء
-والدي محتاج مساعدة وممكن أنت تساعده!
-طب ما تعرفيني؟!
-والدي كان عليه فلوس لناس وعطوله معاد يسدد فيه الفلوس بس أبويا إتأخر وهما قالوا يا يدفع يا يحبسوه.
-مسح ب يده على وجهه وقال: طب وأنا دخلي إيه!..
إبتسمت إبتسامة جعلته يتوجس مما ستتفوه به لتقول
-عوزاك تهددهم إنهم ميقربوش منه لحد اما يسدد
-هتف ب عدم تصديق: نعم!
-ردت عليه ب براءة كادت أن تُصيبه ب ذبحة صدرية: أيوة والله. مش ااشرطة ف خدمة الشعب!
-أنتي عبيطة يا بنتي...
إقتربت أكثر و ضمت يديها إلى صدرها وهتفت ب رجاء
-والله والله مش هقول لحد أنك عملت كدا. أبويا كبير ومش حمل السجن. دا ممكن يموت فيها...
تنهد شريف ب نفاذ صبر وهي لا تزال تنظر إليه ب تلك النظرة الراجية ليتأفف قائلًا ب ضيق
-إتفضلي قدامي
-قفزت ب سعادة قائلة: شالله يخليك لعيالك يارب
-كور قبضته وقال ب حدة: يلا يا بت بدل أما أشلفطلك وشك
-تعالا ورايا...
لتتجه إلى الخارج وقف ب الطرقة قائلًا ب صوتٍ عال
-سُك ع القهوة يا عم مُنتصر. ملناش ف الطيب نصيب...
كانت تجلس ب جانبه ب ضيق وظلت تتأفف عدة مرات ليقول جاسر ب لا إكتراث
-بطلي نفخ يا روجيدا عشان منفخكيش
-إحترم نفسك...
نظر إليها من طرف عيناه ولكنه لم يرد بل أكمل طريقه دون حديث. حتى وصلا إلى الشركة ليجدها تفتح الباب وترجلت ثم أغلقته ب عنف وإتجهت إلى أعلى دون أن تنتظره
ضحك جاسر ب إستمتاع ثم تبعها ليجدها تهم ب صعود الدرج ليوقفها مازحًا
-مش هتطلعي الدور العاشر على رجلك.
-نظرت إلى المصعد هتفت: منا مش هطلع ب الأسانسير...
ضيقت عيناها ثم قالت وهي تُشير ب سبابتها
-وخصوصًا معاك
-وضع يده على صدره وقال: أنا! هو أنا بعمل حاجة!
-ردت ب سخرية: الله يرحم...
ضحك جاسر عندما تذكر ما حدث مُنذ سنوات ب داخل المصعد ولم يتوقف عند ذلك الحد ف كلما صعدت معه أكثر كلما تجرأت أفعاله
وجدته يسحبها من يدها ثم قال ب إبتسامة ماكرة لم تلمحها
-والله هقف ب أدبي. هو أنا أقدر أعمل حاجة!
-ما هو واضح؟!..
ضحك وهو ينظر إليها ب نظرات وقحة جعلت وجنتها تشتعل وهي تتأفف ب ضيق وحدة. وجذبت سترتها السوداء إليها. حك فكه ثم قال ب تنهيدة
-يا اااه يا اااه...
أغمضت عيناها ب قوة وضغطت على جفنيها. لتجد أن باب المصعد يُفتح ويخرج منه بعض الموظفين. قامو بتحية جاسر ثم رحلوا ودلفا هما لتقول روجيدا ب تضرع
-عديها على خير يارب...
أشار إليها لتقف جانبه لينغلق المصعد وإنفتح فاها ب شهقة وهي تراه يضع يده على خصرها يُقربها منه وهمس ب أذنها
-هيحصل إيه لو وقفت الأسانسير وعملت الرذيلة هنا!..
إبتلعت ريقها ب خجل وهي تُحاول إبعاد يده عنها ولكنه يتشبث أكثر بها همست ب حدة وقد بدأت أنفاسها ب الخفوت
-جاسر!
-تلاعب ب حاجبيه وقال ب عبث: عيون جاسر
-حاولت إبعاد يده قائلة: إيدك؟!
-ضحك ثم همس وهو يقربها منه: بتوجعني عارف...
وضعت يدها على صدره ثم قالت وهي تشعر ب دوار داهمها
-هموت يا جاسر
-إحتضنها ب قوة قائلًا: هششش. إحنا قربنا نوصل...
وضع يده على صدرها وبدأ في تحركها إلى أعلى وأسفل ب حركات رتيبة حتى تهدأ. وجد رأسها يميل على صدره وعيناها بدأتا ب الإنغلاق. أنفاسها تثقل فجأة وتتسارع فجأة ليقول ب قلق
-روجيدا!..
وصله همهمة بسيطة ليقول ب حنو
-متغمضيش عينيكِ. حاولي تركزي على صوتي...
أومأت ب رأسها ب خفة ثم أراحت رأسها أكثر. وب تلك اللحظة فُتحت الأبواب. ليضع يده أسفل رُكبيتها و الأخر أسفل ظهرها ليرفعها ويتجه إلى الخارج
قابله سامح ليقول ب تعجب وهو ينظر إلى روجيدا الشبه واعية
-مالها يا جاسر!
-رد جاسر وهو ينظر إليها: مفيش. داخت من الأسانسير. أنا هاخدها المكتب
-أومأ سامح قائلًا: ألف سلامة...
أومأ جاسر هو الأخر ثم إتجه إلى مكتبه ليجد سكرتيرته نهضت ب تعجب ليُشير الباب ب عيناه قائلًا.
-إفتحي الباب. وهاتي عصير فريش بسرعة...
أومأت ب إبتسامة مُتكلفة ثم نهضت وفعلت ما أمرها به. دلف إلى الداخل و وضعها على الأريكة. ليفتح أزرار قميصها الأبيض الأولى ليُتيح إليها التنفس. ثم أمسك يدها وبدأ ب تدليكها و الربت الخفيف على وجنتها قائلًا ب لطف
-روجيدا! فوقي معايا كدا. أنتي كويسة مفكيش حاجة...
اومأت ب رأسها وهي لا تزال تشعر ب ذلك الدوار الساحق ولكن تنفسها بدأ يهدأ. مال إلى قدميها ونزع عنها حذاءها ورفعهما إلى الأريكة وعدل من وضعية جذعها العلوي. ليبتسم وهمس
-أحسن؟
-أومأت ب خفوت وقالت ب همس: أها...
ربت على خُصلاتها ثم مال وقبّل جبينها ب حنو ليسمع بعدها طرقات ف إستقام وسمح لطارق ب الدلوف
وجدها السكرتيرة ليقول وهو يأخذ منها كأس العصير
-مدخليش حد يا ليان. وأي معاد أجليه ساعة
-تمام يا مستر جاسر...
أومأت ثم رحلت ب إحترام. إتجه هو إلى روجيدا ثم جثى على رُكبتيه وهمس ب جانب أُذنها
-يلا يا حبيبتي. قومي إشربي العصير دا وهتكوني كويسة...
ودون أن ينتظر ردها وضع يده خلف ظهرها وجعلها تستقيم ثم ساعدها على إرتشاف العصير. لتهمس بعدما إرتشفت نصف الكأس
-خلاص يا جاسر مش قادرة
-خلاص تمام...
ليضع الكأس على الطاولة ب جانبه وعاد ينظر إليها ثم تمتم دون أن تسمعه.
-كل مرة كدا. أعمل معاكي إيه عشان تشيلي الوهم دا من دماغك!
-بتقول حاجة؟!
-داعب خُصلاتها وتشدق: مبقولش. إرتاحي أنتي. تعرفي تنامي شوية!..
أومأت ب رأسها ب خفوت. ليُساعدها على التمدد. نزع سترته ودسرها بها جيدًا. إتجه إلى مكتبه وشرع في عمله وهو يختلس إليها النظر ما بين ثانية وأخرى.
-تعرف إن جاسر معاه روجيدا هنا!..
قالها سامح وهو يدلف إلى مكتب صابر الذي رفع رأسه ب دهشة وتساءل
-وجايبها ليه!..
توجه إليه سامح ثم جلس أمامه على المكتب وقال
-هو محكلكش ايه اللي حصل إمبارح!
-عقد حاجبيه وقال: لأ. هو إيه اللي حصل؟!
-تلاعب ب أحد الملفات وقال: مفيش جه واحد إمبارح. وفجأة لاقيت أمي بتصرخ وبتقولي إلحق أخوك يا سامح...
إعتدل صابر ب جلسته وقد بدى عليه الإهتمام ليحثه على إكمال الحديث.
-كمل وبعدين؟!
-نزلت جري. لاقيت البيه كان هيقتل الراجل دا لولا إيد روجيدا اللي لحقته و رفعت المسدس
-إتسعت عينا صابر وتساءل ب توجس: شكله إيه الراجل دا؟!..
وصف له سامح الرجل لينتفض صابر قائلًا
-يا نهار مش باينله ملامح. أخوك كان هيقتل ظابط
-طب وفيها إيه!..
أتاهم صوت جاسر الذي يتكئ على الباب عاقدًا ليده أمام صدره. ليتنحنح صابر قائلًا
-أنت واعي ل اللي بتقوله! أنت ممكن تروح فيها...
دلف جاسر ب برود ثم. تشدق وهو يجلس على المقعد أمام شقيقه
-وفيها إيه برضو! الحيوان بيحوم حولين روجيدا لأ وبيتحداني
-جلس صابر وقال ب جدية: جاسر الموضوع بدأ يفلت من إيدك. وكدا كل حاجة بتبينها هتضيع منك
-مط شفتيه وقال: وهي كدا مش ضايعة. دي حلاوة روح...
إنحنى سامح نحو شقيقه وربت على رُكبته ثم تشدق
-إجمد يا جاسر. أنت لحد كدا كويس. ب الرغم من اللي بيحصل. بس أنت مستسلمتش.
-أخذ جاسر نفسًا عميق وقال: كل دا بس عشانها
-أتاه صوت صابر: وعشانها كمل للنهاية ومتيأسش
-أديني بحاول...
ربت سامح مُجددًا على رُكبته يدعمه وهو يبتسم إليه ب تشجيع ليتنحنح صابر قائلًا
-هو أنت ناوي على إيه مع الظابط دا!..
إبتسم جاسر وكأنه سينمو له أنياب من تلك الإبتسامة وهمس
-كل خير
-إبتسم صابر قائلًا: ما هو واضح...