قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس والعشرون

- وأنا مش عايزك، قالها بغروره المعروف مما جعلها تفتح عينيها على وسعهما وهي تقول
- أنت بتتكلم بجد
- آه بجد و ورقتك هتوصلك مش خوف لا، لأن كدة والا كدة قضية الخلع دي ماترفعتش أصلا، حودة حرق الملف بإيده بعد مادفع قرشين حلوين، سلام
أبعدت الهاتف عنها بذهول ما إن أغلق الخط بوجهها
أخذت تعاود الاتصال مرة أخرى وهي تكز على أسنانها بغضب وتحرك قدمها بانفعال...

أما يحيى لم يرد عليها فهو يحب أن يلعب بأعصابها ولكن عندما وجدها تكرر الاتصال دون أن تكل أو تمل ضغط على زر الإجابة ليأتيه صوتها الخافت الممزوج بغضب وكبرياء مجروح
- بقى كل ده عملته عشان رفعت عليك قضية خلع
ياترى هيكون رد فعلك إيه لما أرجع أرفعها تاني وتالت ومش بس كدة ده أنا هكسبها كمان.

عض على شفته بغيظ كبير فهو يريدها أن تنكسر له وتترجاه ولكن ما حدث الآن العكس، زفر بانفعال لا يقل عنها وقال بضحكة مليئة بالغيظ
- ترفعيها تاني وتكسبها، ده إيه الثقة اللي أنتي فيها دي...
ابتلعت لعابها بخوف من لهجته هذه ثم قالت بعناد بعدما اتخذت قرارها برد الصاع له صاعين، فهي تتوقع بأنها إن سقطت بيد يحيى سيقطعها إربا صغيرة وإن حدث هذا بالفعل كما تتوقع على الأقل ستكون قد أخذت بثأرها مقدما.

- هكسبها من أول جلسة كمان وهتشوف
يحيى بسخرية: هتعمليها ازاي دي
- هبلغهم بحقيقتك
- هتقوليلهم إيه، بضربك وبحبسك عادي بتحصل بين أي زوجين. مش سبب قوي زي ما أنتي متوقعة، فعشان كدة بلاش تروحي وتيجي لأن
اللي أنا عايزه هيكون
- تؤتؤ، أنا بس هقولهم على حقيقتك
بردت تعابيره وهو يقول بحذر
- أيوه اللي هي إيه يعني
- في حاجات كتير وأهمها، إنك عاجز و أكبر دليل إني فضلت معاك شهور بنفس البيت ولسه زي ما أنا.

فجرت قنبلتها بكل تهور ولم تدرك بأن الطرف الآخر متهور أكثر منها، انتظرت منه الرد ولكن لم تسمع منه سوا أنفاسه الملتهبة كا ألسنة النيران. ليليه صوت انقطاع الخط
شحب وجهها وهي تنزل الهاتف من أذنها ورجفت يدها بشكل تلقائي وهي تفكر بزلة لسانها هذه...
ألم تكلمه من أجل والدتها كيف تطرق الموضوع وأخذ منحدر آخر بهذا الشكل وستدفع ثمنه غاليا بالتأكيد، فهي لو كانت تعرف يحيى حقا فهو مستحيل أن يمرر لها ما قالته الآن.

نهضت من مكانها ودخلت الى غرفتهم لترتدي أسدال الصلاة ثم توجهت نحو القرآن لتقرأ ما تيسر منه، ولكن من شدة توترها قلبها الآن يطرق طبول الرعب، صعب جدا إنتظار ردة الفعل من شخص تعلم بأنه لايوجد بقلبه رحمة...
لم تستطع أن تركز بقراءته مما جعلها تصدق ربها
ثم أغلقته وذهبت نحو السرير دون حتى أن تنزع الأسدال عنها لتستلقي الى جانب والدتها أو بمعنى اصح التصقت بها تريد أن تستمد منها الأمان...

أخذت أجفانها تثقل قليلا ولكن قبل أن تغفو بعمق حتى فزت ما إن شعرت باهتزاز هاتفها الذي كان مايزال بيدها، رفعته أمامها لترى اسمه يزين ألشاشة...
انسحبت من جانب والدتها النائمة وخرجت وهي ترد عليه وقبل ان تنطق بحرف حتى قال بنبرة خطيرة
- أنا عند الباب افتحي
غالية بخوف منه: أفتح إيه، بلاش جنان روح من هنا. ماما كدة هتصحى وخالي كمان
- خالك ده أكبر في الدنيا ولو فعلا مش عايزة مامتك تصحى افتحي
- ولو مافتحتش.

ليقول لها بتوعد: هكسره على دماغك ولا هيهمني حد والدكر اللي في عيلتك يجي يقف قصادي
غالية بضيق- احترم نفسك
- افتحي بس وخلينا نتفاهم
- قولي اللي عندك من هنا
لم يرد عليها قولا لا بل فعلا ما إن ركل باب الشقة بقوة مما جعلها تركض بسرعة نحوه بعدما صدح صوت عالي بالمكان.

فتحت الباب له لترتد للخلف برعب من هيئته التي يقف بها أمامها كادت أن تغلق الباب مرة أخرى إلا أن يده كانت أسرع ما إن قبض على شعرها المغطى بالأسدال ودون أي تبرير سحبها معه وأخذ ينزل الدرج بها بوضعهم هذا
حاولت أن تردعه عن ما يفعل ف الوقت الآن بالتأكيد قد تجاوز الواحدة صباحا ولكن هيهات أن يسمع منها حرف فالغضب قد أعماه.

فتح الباب لها ما إن وصل إلى سيارته ليدفعها بها بقوة غير آبه بألمها ثم استدار الى الجهة الأخرى ليستقر بمكان السائق، التفتت له و كادت أن تفتح فمها باعتراض على طريقته البربرية هذه ولكن شعرت بكفه الكبير يضرب بوجنتها بطريقة جعلتها تفقد حاسة السمع حرفيا...

وضعت يدها على وجنتها، هل الآن قد ضربها أخذت تنظر للطريق المظلم تارة ثم له تارة أخرى وهي تقسم بأن هناك حرب اندلعت بداخلها تريد أن تأكل الذي بجانبها نيئا من شدة حقدها عليه الآن
أخذت تصرخ به بانفعال وتضربه بقبضتها اليسرى ولكن لم يحرك ساكنا، لم ترى منه ردة فعل على انفجارها هذا سوا إغلاق الأبواب الكترونيا...

هدأت قليلا أو هذا ماكان واضح أمامه لتلوي شفتيها بزعل وقهر هذه أول مرة يضربها بهذا الغل، لدرجة بأن خدها الآن بدأ ينبض من شدة الألم وعلى مايبدو بأن حجم وجهها بدأ يتضاعف هذا غير عقلها الذي كان يطرح عليها الاسئلة وهي تنظر حولها، ماذا تفعل هنا كيف حدث هذا، ماذا لو استيقظت والدتها ولم تجدها بالتأكيد ستقلق عليها
يا اااالله ما هذه الورطة.

خرجت من هذه الدوامة التي لا آخر لها من طرح الأسئلة على صوته الخشن وهو يقول بأمر
- انزلي
- يحيى رجعني قبل ما أمي تصحى
تجاهل كلامها ونزل هو ليذهب نحوها وفتح الباب لها، كل من يراه يظن بأنها حركة نبيلة لا يعرف بأن الهدف منها هو تقييدها لكي لا تفتعل المشاكل.

جرها بعنف من معصمها إلى داخل العمارة الضخمة ليصعد بها للطابق الثالث. وما إن فتح باب شقتهم حتى دفعها بكل قوته للداخل مما جعلها تتعثر لتسقط على الأرض بتأوه
اعتدلت بجلستها واخذت تدعك ساعدها بآلم وهي تقول بخفوت: جت كسر إيدك
ابتسم بغرور وهو يجلس أمامها على الأريكة بكل أريحية ثم أخرج سيجارة وأخذ يشربها ببطئ متعمد ونظره مسلط عليها، سحب نفس عميق منها ثم زفره بوجهها ثم قال.

- مالك متوترة كدة ليه وايه اللي أنتي لابساه ده، اقلعي ده حتى البيت بيتك، وأنا جوزك، هو صحيح مع ايقاف التنفيذ بس أوعدك إني هصلح غلطتي دي.

نزعت الأسدال بتوتر خفي وثقة لا تملك ربعها وما إن خلعته ورمته على طرف الأريكة حتى سمعته يطلق صفير إعجاب ممزوج بسخرية وهو يقول بعدما رمقها بتمعن جرئ فهي ترتدي بيجامة منزلية. ترتديها أثناء النوم باللون الأسود من القماش المطاط الذي يلتصق باحتراف على منحنياتها يظهرها بإغراء وكان البادي الخاص به ربع كم مع بنطال طويل
- مزة مزة، عود بطل بصحيح.

متوترة من نظراته وكلامه إلا أنها مثلت العكس وهي تتوجه نحو غرفتها لتغير ثيابها ولكنه منعها ما إن أمرها بحدة: تعالي أقعدي قصادي
- عايزة أغير
- أقعدي عاجبني لبسك كدة
- بس أنا مش مرتاحة
- مشكلتك...
تأفأفت وهي تضرب قدمها على الأرض بتذمر ثم عادت أدراجها وجلست أمامه وهي تنظر له بترقب
- أيوه ياغالية سمعيني كدة كنتي بتقولي ايه.

نظرت له بحدة وقالت: سمعت اللي قلته كويس وردة فعلك علمت على وشي أهي مع إنك تستاهل كل حرف قلته
أنزل قدمه وانتصب بجلسته وهو يقول: أستاهل؟ بقى كدة؟ إن ماكسرت عزة نفسك دي وخليتك تعضي صوابعك ندم وتبكي بدل الدموع دم مابقاش أنا يحيى اللداغ
- وهتعمل ده كله ازاي، ايه هترجع تضربني تاني ولا هتحبسني وتجوعني، هتعمل ايه قولي، هو أنت فاضل حاجة ماعملتهاش فيا.

- في أهم حاجة، قالها وهو يمرر نظره على تفاصيلها بنظرات وضحت مايريده. مما جعل كل خلية فيها تنتفض وهي تقول
- اللي في بالك مش هيحصل
- ده حقي، و عايزه
- حق ايه؟ وعايز ايه؟، أنت عايزني أسلم نفسي لواحد خمرجي زيك
- الخمرجي ده غلط غلطة عمره لما سابك في الأول براحتك وقال إيه بلاش أجبرها على حاجة ماينفعش الغصب فيها، بس دلوقتي هعملها ولا هيهمني هتحسي بأيه وقتها، لأن خلاص مابقالكيش بقلبي مكان.

- وأنا من امتى ليا مكان في قلبك
- كان ليكي القلب كله وجيتك وقولتلك بحبك وفضلت أطبطب واداري بس أنتي فهمتي ده ضعف وتمردتي أكتر، بس خلاص أنا جبت اخري معاكي
- يعني ايه
- يعني البادي أظلم وأنتي اللي بديتي
- كل ده عشان رفعت قضية أتحرر منك بسبب ااء
قاطعها وهو يكمل عنها بتوعد خطير استشعرته هي: أنا عارف السبب وهصلحه حالا ولا يهمك، عشان تعرفي تلعبي مع يحيى...

غالية بمحاولة بائسة: طلقني، صدقني ده أحسن حل لينا هو أنت مش قولت إنك هتبعتلي ورقة طلاقي
عاد الى وضعه السابق ما إن استرخى بجلسته وقال بغطرسة وهو يضع ساقه ع الأخرى
- بعد اللي قولتيه مستحيل أحررك مني
طلاق مافيش غير لما تشوفي حلمة ودنك...
- أنت عايز مني ااااايه ماتسبني بحالي بقى
- عايز طفل منك،!

فتحت فمها باندهاش مما سمعت كادت أن تضحك لا لا بل كادت أن تبكي من هذيان الآخر، هل هو الآن بوعيه أم ماذا، رمقته باستحقار وهي تقول بتهكم
- يحيى أنت طبيعي، بقولك عايزة أطلق تقولي عايز طفل، طفل ايه ده اللي هتكون أنت أبوه...
- ماهو أنا عايز أثبتلك إني مش عاجز بالفعل و أوعدك من أول ليلة هتحملي، ختم كلامه بغمزة سافلة متعمدة مما جعلها تصرخ به برفض.

- والله لو تموت يايحيى، سامع لو تموت، وفر مواهبك دي لغيري أنا بغنى عنها
- ماشي براحتك بس مافيش ولا جنيه هيدفع لعملية مامتك...
- ده لوي دراع بقى، أنت عايز تستغل الوضع لصالحك مش كدة
- اعتبريه اللي يعجبك مش هيفرق معايا رأيك، ودلوقتي يا توافقي يا توريني عرض أكتافك وبردو مش هطلقك، يعني مسيرك هتكوني ليا النهاردة أو بكرة هتروحي فين يعني
نظرت له بحقد ممزوج بزعل وحزن، ياااا الله كم تمقته.

نعم تمقته وبشدة وكل خفقة خفقها قلبها المجنون بجانبه وهي تخفيها عنه بعنادها ليس أكثر من نفور...
زمت شفتيها بتفكير ف الذي أمامها الآن ليس يحيى الذي تعرفه فقد سيطر الغضب عليه ولكن الغريب أنها وجدته يحاول أن لا ينفجر بها، كادت أن ترفضه وبشدة وتتركه وتعود الى منزلها الى جانب والدتها
وآاااااااه من والدتها التي بالتأكيد لن تستطيع أن تتحمل فقدانها والسبب هي...

من خسرانه يؤذي أكثر؟ تخسر نفسها أم تخسر والدتها والجواب كان واضحا لدرجة جعلت عينيها تفيض بالدموع وهي تسحب نفس قوي جعلت رئتيها مليئة بالأكسجين ثم قالت ما إن حررته
- خلاص يا يحيى أنا موافقة بس خليها في بالك أنت كدة بتجبرني عليك وأنا مش طايقاك
مط يحيى ذراعيه بكسل وهو يقول بغطرسة، : يفتح الله مش عايز، يا لا امشي وأنا هكلم حودة يوصلك لبيتكم
- وماما
ببرود قال: الأعمار بيد الله، ماتدوشنيش بقى...

- أنت عايز تذلني ليك وتخليني أترجاك عشان يبقى فلوس العملية قصاد إني أكون ليك أنت مش واخد بالك إنك كدة بتساومني أو بمعنى أصح بتشتريني
- عادي هي أول مرة...
كلامه سهم حاد اخترق قلبها الخائن الذي لا يدق سوا له، ولا يضعف سوا أمامه هو...
كاد أن يزيد بالكلام الجارح إلا أن لمعة عينيها الحزينة جعلته يتراجع وهو يقول بقبول
- هاااا قولتي إيه بالمساومة دي
- الله. أنت مش قلت يفتح الله.

- وأهو غيرت رأيي صعبتي عليا، ردك إيه دلوقتي موافقة ولا لاء
- موافقة
رفع حاجبه بخبث وقال: على إيه؟ عايز أسمعها منك عشان لو مغصوبة مش عايزك
- موافقة اني أكون ليك ومراتك
ابتسم بغرور لا آخر له ثم نهض من مكانه وذهب و وقف أمامها وهو يقول بتعمد أن يجرحها بعدما حاوط خصرها بقوة وقربها منه ونظر الى قميصه
- افتحي الزراير عشان أتأكد إنك مش مغصوبة وجيالي بمزاجك.

رجفت شفتيها باختناق وهي ترفع يديها لتفتح زر تلوى الآخر وهي تحاول أن تتجاهل نظراته التي كانت تخترقها كالليزر...
لم تنجح بفتح سوا زرين فقط من شدة توترها...
أغمضت عينيها برعب عصف بها من كل الجهات ما إن شعرت بمنحنيات وجهه تلتصق ببشرة عنقها ليحرقها بأنفاسه الحارة
حاولت أن تضغط على نفسها لتقبل هذا الوضع إلا أنها لم تتحمل قربه هذا، لتعود إلى الوراء بعدما دفعته عنها وهي تقول
- لاااا لالا مش عايزة أرجوك.

ارتد للخلف من أثر دفعتها له وهو يضحك عليها بسخرية ممزوجة بمرارة الرفض...
أخذ ينزع قميصه عنه تماما ثم حاوط وجنتيها بعنف ما إن وجدها تريد الفرار منه وهو يقول: أنتي اللي وافقتي وأنا مستحيل أرفضك أو أكسر بخاطرك لو على موتي.

نظرت الى بؤبؤ عينيه الغاضب وسرحت بأفكارها ولم ترد عليه وكان عقلها بدأ يعمل الآن، هذا الذي أمامها مجروح، يحيى مجروح منها حتى النخاع وهذا هو سبب غضبه وانتقامه، وإن كان ماشعرت به الآن صحيح هذا يعني بحبه لها صحيح أيضا
لاااا بالتأكيد لاااا هذا المغرور المدلل لا يعرف سمة الحب ومايتبعه من إخلاص و وفاء هو فقط يريد الحصول عليها ليرد اعتبار كبريائه كرجل لأنها رفضته و وقفت أمامه...

أغمضت عينيها بأسى وندم، فقد تهورت ولم تسمع كلام والدتها والآن يجب أن تدفع ثمن غلطتها معه ف الآخر عرف كيف يجعلها ترضخ له بإرادتها
ولكن هناك سؤال بداخلها لما لا ينقض عليها ويأخذ مايريده منها بكل سهولة فهو أقوى، أم أنه مايزال يتبع مبدأ وتفكير، الغريب برغم كل مساوئه يرفض فكرة الاغتصاب عنوة
- سرحتي في إيه، قالها وهو يداعب أطراف وجنتيها بأنامله بمنتهى الرقة لتهمس له بتلقائية
- فيك.

يحيى بانتشاء فردها أرضى غروره
- ليه تأثيري قوي عليكي...
بادليني، قالها ما إن وجدها لا ترد عليه ليحتضنها بقوة وما إن رفعت ذراعيها بخمول وحاوطت عنقه بهم حتى اعتصرها وهو يهمس داخل أذنها، شاطرة
دفنت وجهها بحنايا صدره وهي تقول بإحراج وخجل ممزوج بخوف: على فكرة أنا مجبرة.
- اممممم أنا واخد بالي من الحكاية دي، قالها وهو ينحنى برأسه لها بعدما أبعد خصلاتها عن وجهها ليلتقط ثغرها بقبلة طويلة متطلبه لا آخر لها.

بعد مرور ساعتين انسحبت من داخل الفراش بقرف من ما حولها وما إن صدح صوت آذان الفجر بالمكان حتى انحنت وأخذت ترتدي ثيابها المنثورة بالأرض ثم توجهت نحو الحمام لتغتسل بسرعة وهي تحاول أن تحارب عقلها بشراسة بأن لا يفكر بما حصل معها منذ قليل
خرجت وذهبت تجلس على السجادة لتؤدي فرضها وما إن انتهت حتى تكورت على نفسها وهي تنظر له من بعيد من وسط ظلام الغرفة الذي بدأ ينكسر بخيوط الصباح.

كان ينام بكل براءة و عمق لا يشعر بشيء، بينما هي تتعذب وتشعر بالذل والإهانة، تجمعت بمقلتيها دموعها الحارة فطعم الهزيمة مر، أصر ان يجعلها تنطق حكم اعدامها بنفسها. ألم يقل أنه يحبها أين هذا الحب الآن كيف هان عليه أن يجرحها بأنوثتها...

فعل أشياء كثيرة ليحطم عزة نفسها واستخدم أكثر الأساليب دهاء ليجعلها ترفع راية الاستسلام له بكل ضعف، نعم هي ضعيفة مهما حاولت أن تظهر عكس ذلك فهي لا تقوى حقا على الوقوف بوجهه، بقيت على وضعها هذا أفكارها تأخذها هنا وهناك ليمر بعض الوقت عليها لتنغلق جفونها بنعاس بشكل تلقائي بعدما تورمت من كثرة البكاء
في مزرعة شاهين اللداغ بالتحديد بوقت الضحى.

كان شبه مستلقي على سريره وهو يسند ظهره بوسادتين فوق بعض بشكل أفقى وينظر باستمتاع الى تلك التي تقف أمام المرآة تمشط شعرها بغضب
أما سيلين ما إن نظرت له من خلال المرآة و وجدت شبح الابتسامة مرسوم على وجهه حتى التفتت له بعدما رمت الفرشة من يدها بضيق وهي تقول
- أنت بتضحك على إيه ياغشاش.

كلماتها هذه كانت كفيلة أن تجعله ينفجر بالضحك بصوت عالي أثر غضبها بشدة، لتصك على أسنانها بقوة، ثم ذهبت نحو الباب وخرجت من الغرفة تاركة الآخر بموجة ضحكه المستفزة
أخذت تنزل الدرج بانفعال وهي تغمغم بغيظ من نفسها كيف وثقت بأن هذا الثعلب المكار من الممكن أن يكون في يوم ما حمل وديع، غبية سيلين غبية، عاااااااا.

صرخت بفزع ما إن وجدت نفسها تطير ليرتطم جسدها بكتف عريض معضل، أخذت تنظر حولها بفزع ماذا يجري هنا...
وجدت نفسها محمولة على كتف ذلك الهجين ويذهب بها نحو المطبخ الذي ما إن دخله حتى جعلها تجلس على رخامه البارد و وقف أمامها تماما عاري الصدر لا يرتدي سوا بنطال منزلي باللون الرصاصي الغامق، تتساقط على جبينه خصلات شعره المبعثرة.

نظرت له بعدم رضا ثم أدارت وجهها منه بزعل لخداعه لها، شعرت بشفتيه الغليظة تلتصق بأسفل فكها الناعم ولكن لم تعيره أي اهتمام سوا أنها أرادت أن تبعده عنها دون حتى أن تنظر له، ولكن ثبت رأسها بيده وهو يقول بخمول مسكر فقربها كالخمر يثمله
- أصالح حبيبتي ازاي
- إنك تبعد عني
- صعب أو خلينا نقول مستحيل، اطلبي حاجة تانية
- طب وديني أشوف بابا و أوعدك إني هرجع معاك هشوفه بس واطمن عليه...

- لاء، قالها بجمود وهو يبتعد عنها وفتح الثلاجة ليعد الفطور لأميرته الغاضبة
كادت أن ترمي نفسها على الأرض وتخرج من المطبخ لتحبس نفسها بغرفتها إلا أنها قبل أن تنفذ كل هذا وجدت الآخر يلتفت لها ويرمقها بنظرة حادة كالصقر جعلتها تتجمد بمكانها وخاصة ما إن قال بجدية
- خليكي بمكانك وبلاش تخليني أعمل معاكي حاجات تزعلك أكتر ما أنتي زعلانة بس أكيد هتبسطني أنا.

جفلت منه ما إن فهمت مقصده لتبعد نظرها عنه بخوف وهي تضع خصلاتها المتمردة خلف أذنها. لتلتزم بالصمت بعدها. أخذت تراقبه وهو يجهز الطاولة وما إن انتهى اقترب منها ومسكها من يدها ليجبرها على النزول له لتجلس الى جانبه حول طاولة الإفطار وما إن وضع الشاي أمامها حتى
عادت بذاكرتها للماضي بالتحديد بلوس انجلوس.

عندما كانوا يجتمعون حول طاولة الطعام معا بأجواء مليئة بالحب والضحك والشقاوة من طرفها، هذا غير مشاكلها مع والدتها بسبب الغيرة على والدها
ما إن انرسمت صورة والدها أمامها وكيف كان يدللها ويقبل رأسها كل صباح وهو يقول
- الصباح مايبقاش صباح من غير حبيبة ابوها
اللي بتنورهولي بضحكتها الشقية
عند هذه النقطة نزلت دموعها بأنين ما إن أخذت كلمات والدها تتردد على مسامعها بقوة وكأنها تسمعها منه الآن
- سيلينا حبيبتي.

نهضت وهي تصرخ بانفعال بعدما قلبت الأطباق بغضب: أنا مش حبيبتك ساااامع، أنا مش حبيبتك ولا هكون في يوم حبيبتك...
رجعني لأهلي أنا مش عايزة أكون معاك مش بطيقك ااااانت السبب بكل اللي جرالنا. دمرتنا ربنا ينتقم منك ويحرق قلبك زي ما حرقت قلبي على عيلتي.

- اطلعي فوق على أوضتك قبل ما أعمل حاجة أندم عليها بعدين، ما إن قالها بغضب أسود وهو يعتصر قبضتيه. حتى تركته و ركضت بسرعة نحو الطابق الثاني لترمي نفسها على فراشها وهي تنفجر ببكاء مرير
اما الآخر بقى بمكانه لم يتحرك وعلامات التجهم بوجهه تزداد أكثر و أكثر وهو يفكر بما يجب أن يفعله معها. هذا غير كلام سعد الذي علق برأسه كالمغناطيس لا يعرف لما انشغل تفكيره به الى هذه الدرجة...

نهض من مكانه بعد مدة زمنية قصيرة وصعد خلفها ليراضيها فهو لا يتحمل خصامها وبعدها عنه ولكن ما إن دخل غرفتهم حتى سمع رنين هاتفه يرتفع والذي لم يكن سوا ياسين
ضغط على زر الإجابة و وضعه على أذنه وهو ينظر لتلك التي تدفن وجهها بالوسادة وتبكي. أتاه صوت الآخر وهو يقول بعملية...
- الحاج عايزك أنت ويحيى تيجوا الوكر دلوقتي
- ليه في حاجة
- علمي علمك
- ساعة وهكون عندكم.

- ماشي هروح أبلغ يحيى سلام، ما إن قالها الآخر حتى أغلق الهاتف وهو مايزال نظره معلق بفاتنته الحزينة
ذهب نحوها وجلس الى جانبها وأخذ يملس على شعرها بهدوء ولكن عندما لم يرى منها أي ردة فعل انحنى وقبل رأسها وهو يهمس لها
- أنا عندي شغل واحتمال أغيب اليوم كله، خدي بالك من نفسك
رفعت وجهها من الوسادة وهي تقول بصراخ
- يارب ماترجع
قطب جبينه بخفة وهو يقول
- بتتمنيلي الموت سيلينا
- أيوة.

- بس أنا مش ناوي أموت غير في حضنك بعد ما أعجز واسناني توقع وشعري يبقى أبيض...
سيلين بصدمة: ليه أنت ناوي تفضل معايا كل ده
- ده أنا حتى ناوي أدفنك معايا بنفس القبر، آخذك كدة بحضني وألفك بدراعاتي ويرموا علينا التراب
وبكدة هتكوني ليا للأبد و قلبي يطمن إنك مش هتروحي منه
- إيه الحب الغريب ده
- بذمتك الحب ده مش بيرضي غرورك
تغيرت نفسيتها بثانية واحدة وضربت شعرها بدلال وهي تقول بعدما رفعت أنفها الصغير.

- احممم يعني مش بطال...
ابتسم لها بخفة ونهض ليغير ثيابه فهو استطاع ان ينسيها حزنها وياخذ منها استجابة والفضل يعود لغرورها الجميل هذا الذي لا يليق سوا بها
علي الطرف الآخر عند يحيى استيقظ من النوم دون
أن يشعر بضيق أو صداع يريد أن يفتك به، والسبب معروف فمسكن آلامه موجوده إلى جانبه أو بمعنى أصح أمامه الآن، هاهي تنام على سجادة الصلاة وهي ترتدي أسدالها الأبيض...

يااا الله كم منظرها جميل وكأنها هدية مغلفة بعثها الرب له، نهض من مكانه وذهب لها ليحملها بين ذراعيه ويضعها على السرير وأخذ يغطيها ثم ذهب نحو الحمام ليغيب بداخله ربع ساعة
وما إن خرج وكاد أن يقترب منها ويشاكسها بحب حتى لفت انتباهه شاشة هاتفه يضيئ وينطفئ سحبه من على المنضدة ليجد عدة مكالمات فائتة من أخيه الروحي، وقبل أن يعاود الاتصال أتته رسالة محتواها كان هو القدوم للوكر...

تنهد بضجر واختناق فهو كان يريد أن يقضي اليوم مع محبوبته ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

غير ثيابه ببنطال كريمي مع قميص ماروني قاني ورفع أكمامه إلى ما قبل المرفق يظهر ساعديه القويتين. وترك أول ثلاث أزرار مفتوحة ثم أخذ يمشط شعره الناعم الطويل نوعا ما ثم رش عطره او دعنا نقول استحم بالعطر وما إن ارتدى ساعته بالمعصم الأيسر حتى التفت وذهب نحو تلك العنيدة التي جعلته يفقد صوابه معها ليلة امس ولكنه بالتأكيد ليس نادما على الإطلاق لامتلاكه لها، فهي حق مكتسب له وستبقى له لآخر يوم في حياته، فهو لم ولن يحررها من سجنه ابدا.

خرج من الشقة بأكملها بعدما أغلق الباب الرئيسي عليها بالمفتاح لكي لا تخرج وما إن وصل أمام العمارة حتى صعد بسيارته وانطلق الى هدفه...
في شقة ام غالية كانت تمسك هاتف ابنتها بيدها
ودموعها تنزل بقهر من عينيها غير آبهة لكلام تحية الذي يسم بدنها وهي تقول
- بنتك دي مابقاش حد عارف يلمها، تقدري تقوليلي راحت فين وازاي أصلا تطلع لوحدها من غير ماتقول لحد، ما تنطق ياخليل عاجبك الحال المايل ده.

قالت الأخيرة وهي تلتفت لزوجها الذي رد عليها وهو ينفش ريشه برجولة لا تمت له بصلة
- أقول ايه بس من يومها تعباني معاها وادي أخرتها عيارها فلت
شهقت بعدم رضا: بس كدة هو ده اللي ربنا قدرك عليه بالكلمتين دول ده بدل ماتقوم تقول أغسل عاري بيدي
الأم بفزع: يغسل إيه أنتي كمان هي غالية عملت إيه لكل ده أكيد راحت مشوار الصبح وماهنش عليها تصحيني
- وليه ما تقولي إنها طلعت مع حد وأنتي عارفة وبتغطيلها.

- يالهووووي مع حد هي حصلت تتبلي على بنتي قصادي
- اتبلا عليها ليه ضرتي ولا تكونش ضرتي، دي تلاقيها ملفيه حد جوا باطها عشان كدة عايزة تطلق، ما هي من يوم مرجعت وهي متفرعنة ومافيش على لسانها غير إني عايزة أطلق، برأيك ليه بتعمل كدة هو في ست ماشية دغري بتجري ورا خراب بيتها
الأم بحرقة قلب: حسبي الله ونعم الوكيل فيكي من يوم يومك غلاوية وبتكرهي غالية لأن شبشبها معلم عليكي.

كادت ان ترد عليها تحية بغضب إلا أن صوت طرق الباب قطع عليهم هذا الحوار العقيم، ولكن سرعان ما شهقت وأخذت تضرب على وجنتيها بتمثيل وهي
تقول ما إن رأت يحيى اللداغ هو الطارق
- يالهووووي يانااااس البت وطت راسنا بالطين وطفشت مع عشيقها وهي على ذمة راجل.

قطب يحيى جبينه وهو ينظر لتلك التي جلست على الأرض وتضرب على فخذيها و وجنتيها بدراما محبوكة لدرجة كاد أن يصدقها. ولكن ما جعل دمائه تشيط داخل أوردته عندما وقعت كلماتها الحقيرة على مسامعه، فهو يعرف بأنها تقصد غلاته بهذا
تجاهلها وذهب نحو أم زوجته التي كانت تجلس على كرسي متحرك وتغطي فمها وتبكي بعجز، خائفة على ابنتها من هذا الاتهام الباطل.

جلس يحيى أمامها على إحدى ركبتيه وسحب يدها وقبلها ثم قال بابتسامة: غلا عندي بالحفظ والصون
- عندك؟ ما إن قالتها حتى تجمدت تحية وهي تنظر لهم بصدمة ولكن تحولت تعابير وجهها للضيق عندما أكمل بثقة
- شوفي يا أمي أنا بحب غلا ومش عايز أطلقها بس هي عنيدة حاولت معاها كتير ترجع بيتها مانفعش معاها الكلام، فطقت بدماغي وخطفتها بالعافية طالما مش بتيجي بالزوق
نظرت له بعنين باكية وقالت بترقب
- اذيتها.

كرمش أنفه بابتسامة باهتة وقال
- محدش بيأذي روحه
- خد بالك منها
- في عنيا قبل قلبي
- أقدر أأمنها عندك والا هتخون الأمانة، ما إن قالتها بجدية حتى أومأ لها وقال بصدق
- أفديها بروحي ولا شعرة منها تتأذي
صمتت وأخذت تبكي بعجز لينظر لها يحيى وهو يقول بحيرة: مالك بس ليه العياط ده كله
- أكيد هترجع تحرمني منها وهتضربها وتحبسها
- وعد عليا من اللحظة دي إيدي مش هتترفع عليها
وكلها يومين كدة وهاجي آخدك تعيشي معانا.

ردت عليه بإحراج ورفض: لاء أنا مرتاحة ببيتي هنا
استقام بطوله وأخذ يهندم ثيابه وهو يقول: نبقى نشوف الحكاية دي بعدين أنا جيت دلوقتي عشان اطمنك عليها، و دلوقتي استأذن لازم أمشي ورايا شغل
- ربنا يفتحها بوشك يابني وينور بصيرتك
ويهديلك مراتك أم دماغ ناشفة دي
ضحك دون صوت على دعائها الجميل هذا ليمسك رأسها ويقبله ثم ما إن التفت حتى سحب خليل أمامهم من ياقته بإهانة وقال له بهسيس ثعبان غاضب.

- لم مراتك وعرفها مقامها لا حسن أخليها تشحت بالشارع، مش مرات يحيى اللداغ اللي وحدة زيها ماتسواش تلاته تعريفة تجيب سيرتها، غلا الروح
أشرف من الشرف، لمها لحسن أبعتلك اللي يلمهالك لو أنت مش قادر عليها
ختم كلامه وهو ينفضه من بين يديه باشمئزاز منه فهو من صنف أشباه الرجال، وما إن خرج حتى نظرت والدة غالية ل تحية وهي تقول.

- شفتي كلامك ماجبش ليكي غير قلة القيمة كنتي عايزة تفضحي بنتي بس يا سبحان الله ربك كبير ورد كيدك عليكي بنفس الوقت، و عشان تعرفي اللي يجي ع اليتيم عمره مايكسب
ختمت كلامها وهي ترمقهم بغضب ثم تركتهم وتوجهت إلى غرفتها وهي تدفع عجلات الكرسي المتحرك لتغلق الباب خلفها بغضب منهم.

اخترقت سيارة الهجين بوابة الوكر منطلقة نحو قبو المكان المخصص بتجمعاتهم وما إن توقف أمام هدفه حتى تقدم أحد رجال الأمن وفتح الباب له باحترام
نزل شاهين منها بكل ثقة وهو يقف بطوله المهيب ثم توجه نحو الباب ليدخل حتى توقف ما إن تفاجأ بأحد ما يضع ساعده على كتفه وهو يقول
- أومال أنا محدش بيفتحلي الباب ليه ابن البطة السودة والا ابن البطة السودة ماهو مافيش أوبشن تالت.

دفع ذراع الآخر عنه ودخل بعدما قال بابتسامة بسيطة: لما تبقى الهجين يبقى تتفتحلك الأبواب كلها
- لاااا أنا ماليش بالجو ده بلاها الأبواب كدة أحسن، ما إن قالها يحيى بتراجع مضحك حتى رفع له حاحبه وهو يقول بسخرية
- أومال ليك في الستات بس
يحيى بمراوغة: هو أنت متعرفش
نظر له بترقب: إيه؟
رفع يده وقال: إني توبت إلى الله
- من امتى الكلام ده!
- من النهاردة إن شاء الله.

ابتسم بتهكم وهو يطبطب عليه بقوة شديدة جعلته يسعل وهو يقول: ربنا يقوي ايمانك كمان وكمان
- أومال إيه، خاف مني واعملي كل اللي أنا عايزه لا حسن ادعي عليك وأجيبك الأرض
شاهين بتساؤل: عايز أعملك اللي نفسك فيه
- ايوة
- دي سهلة من عينيا، قالها وهو يضربه بكف قوي جبار على خلف عنقه ( قفاه ) ليتأوه الآخر بصمت
ثم قال بتذمر: مش قدام الكل يا هجين، احترمني يا اخي مش كدة.

- ما أنا بأحترمك أهو، هو في احترام أكتر من كدة، ختم كلامه وأعاد له الضربة بقوة أكبر بنفس المكان مما جعل الآخر يغمض عينيه ويفتحها، بدوره أخذ يدلك عنقه بألم وهو يتبعه للداخل
أخذ ينزل الدرج بنشاط وهو يضحك على الذي خلفه يغمغم بعدم رضا لينظر لأخيه الآخر الذي كان يجلس بضجر وهو يقول
- تأخرتم كدة ليه أنا مكلمكم من ساعتين
تقدم نحوه شاهين ليجلس إلى جانبه وهو يقول.

- ما أنت عارف إن دي يادوب مسافة السكة من المزرعة لهنا...
جلس يحيى هو الآخر وقال: وأنا كان في مشوار مهم لازم أعمله قبل ما اجي هنا وماينفعش أأجله
قطع حوارهم هذا صوت سلطان الذي ما إن دخل حتى قال بضيق: ما لسه بدري يا بهوات، كنتم خلتوها لبكرة جايين على نفسكم كدة ليه...
يحيى باستغراب: في إيه لكل ده ياحاج؟

جلس أمامهم تماما وقال بغضب: في إنكم مابقتوش تظهروا إلا لما أبعتلكم دعوة، في بلاوي عاملينها و عايز ليها تبرير مقنع وإلااااا
شاهين بتنهيدة ضجر: بلاش أسلوب التهديد ده اللي ماياكلش مع أي حد فينا، قولي عايز تعرف إيه وأنا معاك، يعني هات المفيد
- سعد الجندي
- ماله
- ازاي تبرأه
- أنا اللي برأته
- ليه! ليه تعمل كدة، سنين وأنا مستني الوقت ده تيجي أنت تطلعه بعد يومين بس.

ياسين بتدخل: قال يعني طلع من السجن ع المصيف، ده خرج بنقالة عدل ع العناية المركزة
التفت له شاهين بصدمة: امتى ده حصل؟!
ياسين بتوضيح: بص هو قبل مايتحبس كان محتاج عملية قلب مفتوح عشان يبدل صمامات القلب اللي عنده كانت مسدودة، بس بسبب الحبس تأجلت لإشعار آخر، و امبارح بالضبط وصلتني معلومات مؤكدة بأن سعد تعرض لوعكة صحية بعدما خرجنا من عنده بأقل من خمس دقايق
- عنده ايه؟

- تعرض لذبحتين ورا بعض أدت لجلطة في قلبه مع انسداد الشرايين بشكل تام، يعني باختصار من الآخر سعد دلوقتي مافضلش فيه غير النفس
شاهين بعتاب حاد: وأنا ليه لحد دلوقتي معرفش بكل ده
استدار ياسين إلى يحيى وقال: بعتلك الملف بإيد يحيى من أسبوع كدة مفصل بحالته ومدى خطورة الموقف على حياته لو معملش العملية، و طبعا الكلام ده قبل مايتحبس ب 24 ساعة
يحيى بدفاع عن نفسه بطريقة تجعل الذي أمامه يصاب بشلل رباعي الأبعاد.

- أنا لو حلفتلك إني كنت ناوي أديك الملف بجد مش هتصدقني صح بس اللي حصل لما شفته جاني فكرة جهنمية إنما إيه ماتخرش المياة فقولت استنفع منه وبعدين أديهولك الدنيا مش هطير يعني بس زي ماشايف انشغلت ونسيت
سلطان بتدخل وهو لا يصدق ما يسمع
- يعني سعد موات
ياسين بتأكيد: تقدر تقول كدة...
ابتسم باتساع وعاد يسند جسده على ظهر الكرسي وقال- أهي دي الأخبار اللي تفتح النفس بصحيح
شاهين بترقب: فرحت باللي حصله.

رد عليه بتأكيد: ده اللي كنت بتمناه
ليقول يحيى وهو يريد الفرار من كل هذا
- طب طالما وصلت لغايتك يبقى نمشوا احنا
سلطان بانزعاح: تمشوا فين، هي إيه حكايتكم بالضبط، مابقتوش بتتواجدو ليه...
يحيى باستفسار: الشغل ماشي والا لاء
- ماشي زي الساعة
يحيى بضجر: يبقى ده اللي ليك عندنا، وما أظنش هتعوز غير ده لأن كل حاجة أنت عايزها تمت زي ماطلبت.

- لااااا ياحدق لسه فيه، لسه في سيلين، قالها وهو ينظر الى الهجين بحدة ليبادله الآخر بحدة أكبر جعلت الأجواء تتكهرب بينهم
ياسين بتدخل حذر فهو لا يريد أي اصطدام من الآخر: مالها سيلين؟
- اختفت يوم دخول سعد السجن ومحدش عارف مكانها فين، صمت قليلا ثم وجه كلامه لذلك الهجين، سيلين فين يا شاهين
نطق لسانه بثقة: عندي...
- بتعمل عندك إيه
شاهين برد سافل
- بلعب معاها عريس وعروسة، ليك شوق بحاجة؟

- طب هاتها هنا نلعب معاك، ما إن قالها بحقارة حتى صدح ضجيج بالمكان على أثر ركلة الآخر للطاولة التي أمامه بانفعال ليتحطم كل ما عليها
فعلته هذه جعلت سلطان يضحك بصوت عالي خصوصا ما إن وجده يرفعه من تلابيب ثيابه
وضع يده على يديه الممسكه به و أبعدها عنه
ثم قال
- ده معناه إنك بتحبها، يعني بقت نقطة ضعفك زي ما كانت نقطة ضعف باباها، و أكيد هتكون هجوم ممتاز لأعدائك وهييجي واحد ياخدها منك زي ما أنت خدتها من أهلها.

- أحرقه بكاز وسخ اللي يفكر بس يحط عينه عليها
و أولهم أنت، عارف أنا في حاجة هنا، قالها وهو يؤشر بسبابته على دماغه ثم أكمل...
الحاجة دي اللي شاكك فيها عارف لو طلع شكي ده بمكانه يعني الكلام اللي سمعته صح وأنت أكيد هتكون عارف بكل ده وساكت، أقسم بالله العلي العظيم لهوريك اللي عمرك ماشفته من الهجين
سلطان بتوتر من جدية الآخر الذي لطالما أوفى بوعوده: أنت بتقول ايه،؟
ليقول شاهين بتجهم وهو يراقب تعابيره بتمعن.

- بنات ماهر فين
- ماتو من زمان، قالها سلطان بعدما ابتلع لعابه
بقلق ملفت فهو لم يتوقع سؤاله...
رمقه الآخر بشك وهو يقلص حدقتيه: متأكد؟
سلطان بتهرب بصوته العالي
- هو فيه ااااايه لكل ده
استدار برأسه الى اليمين ثم إلى الشمال بحركته المعتادة وهو يقول بطريقة مخيفة للذي أمامه
- رد عليا أنت متأكد إن بنات ماهر ماتو فعلا والااا لاء.

ابتلع لعابه للمرة التي لا تحصى بهذا اليوم، ثم قال بضجر مصطنع يخفي خلفه الكثير والكثير من المخاوف: أيوه متأكد
- حلو الكلام لغاية هنا بسسسس لو عرفت حاجة عكس اللي قولتلنا عليها أو إنك غيرت الحقيقة عشان توصل للانتقام من سعد بالطريقة اللي أنت عايزها صدقني هكسر ظهرك ده اللي فارده علينا بإيدي
وهأهد الوكر ده على دماغك حجرة، حجرة...

قال الأخيرة ثم تركهم وذهب نحو الدرج وما إن صعده وخرج من القبو حتى لحقه ياسين هو الاخر
وهذا ما جعل سلطان يصرخ بغضب سام يكفي أن يقتل العالم وهو يقول
- بقى أنا الحاج سلطان كبير وكر الأفاعي يتقالي الكلام ده...
يحيى بصراحة: مستغرب ليه هو ده الهجين لا بيخاف من حد ولا يعمل حساب لحد
صرخ سلطان بانفعال كارثي
- ايوة بس أنا اللي ربيته.

يحيى بأسف ساخر: والله ياحاج بعد ما شفت اخواتي اللي هما تربيتك أساسا، نصيحة مني ليك أو اعتبره رجاء خاص بلاش تربي حد بعد كدة كفاية أوي إنك فرعنت الاتنين دول علينا، المقبرة مش ناقصة قتلى، احنا مابقناش عارفين نلمهم
- أنت بتهزر هو ده وقته.

يحيى بصراحة ممزوجة بترجي مضحك: عليا النعمة من نعمة ربي مابهزر أديك شايف تربيتك بتفتري على خلق الله ازاي، ده قفايا بقى بينور أحمر لوحده من كتر الضرب اللي بآخده على إيديهم، ارحمنا ياحاج واحرمنا من كرمك ده اللي هيودينا في داهية
- برااااااااااا يا يحيى
في خارج القبو بالتحديد عند القطاع كان ينظر ياسين لأخيه بمغزى ثم سأله باستفهام
- أنت مصدق كلام سعد باللي قاله
- شاكك
- أنت بتتكلم جد
- وجد الجد كمان.

- جد إيه دي كارثة لو كان كلامه صح بس أنا متاكد أنه كداب عايز يشوشنا
- تؤ مش كداب
- عرفت ازاي...
- أنا قولت كلامي ده قصاده جوا عشان أخليه ينصدم و يخاف، لو شكي طلع بمحله هيغلط
- طب لو كان سعد كداب
- هخليه بحسرته أنه يشم ريحة بنته أو حتى يشوف ظلها...
- ليه قولتله أنها عندك ليه ما أنكرتش
- و أنكر ليه.

- أنت داخل بصدر مفتوح أوي والحاج ماينفعش معاه كدة، محتاج مسايسة بلاش تقف بوش الريح ماهو مش بالكلام ده أنا وانت عارفين سلطان يقدر يعمل إيه
- ده اللي عندي
عم الصمت بينهما قليلا ثم نطق ياسين بمكابرة وهو يقول: بكرة هيتم الحجز على فيلا الجندي وتم تبليغهم النهاردة الصبح بكدة
- والمطلوب
- عايز أعرف اللي فيه هيروحوا فين
- ايوة اللي هما مين
- ميرال وأمها
- ااايه حنيت.

- لا حنيت ولا زفت كل الحكاية أنها صعبانة عليا...
هتلاقي نفسها بالشارع ده غير لما تعرف باباها مرمي بالمستشفى
- هي لسه متعرفش
- لاء، كفاية عليهم خبر الحجز ده
- أنت ناوي على إيه
- إني أتجوزها رسمي
- إيه اللي غير رأيك
- شفت إن احنا وصلنا للي عايزينه بس شهامتي مش
بتسمحلي إني أديها ظهري وأمشي وخصوصا أنها لوحدها دلوقتي وربنا عالم باللي بتعيشه دلوقتي
- بس تتوقع إنها هترضى ترجع ليك.

- طبعااااا ميرال بتموت فيا وده غير إنها ما هتصدق بس أنا لازم أرجعها قبل ما يفوق سعد والا مش هيرضى يرجعهالي...
- يفوق إيه هو أنت مش قولت أنه بيموت وإن أمل شفائه معدوم
- قولت كدة قصاد سلطان بس بالحقيقة أنا دفعت تكاليف العملية وهتتعمل ليه الليلة
شاهين بضيق من تصرفه هذا: ومن امتى ياسين بيعالج قاتل أهله بنفسه
- اعتبرتها حالة انسانية.

- كلامك ده اضحك فيه على غيري، أنت بتعمل كل ده عشان تلاقي حاجة حلوة تقولها قصادها بأنك عملتها
- طب ليه ما تقول أنه لازم يعيش عشان يتعذب لأن هدفنا من كل ده أنه يتعذب ببناته مش يموت...
- خداعك ده مش عليا
- أنت عايز توصل لأيه بالضبط
- للي جواك...
- ما فيش حاحة جوايا، غير اللي قولته...
- رايح فين، قالها باستفسار ما إن وجده يذهب ليرد عليه الآخر بغضب: رايح على جهنم الحمرا.

- أول مرة أعرف إن جهنم الحمرا بتكون بفيلا الجندي
التفت له ياسين وهو يتنفس بعصبية ليبتسم شاهين عليه ببروده المستفز وهو يضع إيده بجيوب بنطاله
حركة أخيه هذه جعلته يشتعل وينطفيء في آن واحد، تركه وذهب نحو سيارته وانطلق بها قاصد تلك التي لم يراها منذ يوم الحادث المشؤوم
علي الطرف المقابل.

كانت تقف على السطح ونظراتها الباردة التي لا روح فيها تنظر الى الشمس الذهبية وهي تميل لتعطي الشفق ذلك اللون الناري الذي يغزو السماء بوقت اقتراب الغروب
رمشت ببطئ بجفنيها ما إن مرت بها نسمة هواء باردة جعلت خصلاتها تداعب بشرتها الشاحبة
ولكن ما إن غطى شعرها وجهها بالكامل حتى رفعت وجهها للأعلى وهي تترك روحها قبل جسدها للهواء العليل هذا...

بقيت على وضعها هذا ثواني معدودة ثم أخذت تحرك رأسها بإتجاهين معاكسين لتحرر وجهها من هذا الظلام الذي اكتساها لوهله...
لتمشي بضياع نحو سور السطح الخشن وأخذت تمرر أناملها على أعلى اطرافه وهي تنظر إلى الحديقة المحاطة بمنزلهم من كل الجهات...
صوت تذمر أختها ومشاكستها أخذت تتردد على مسامعها وابتسامة والدها المحبة لهم انرسمت أمامها، بدأت تعصف بها مواقف كثيرة جمعتهم بها.

بركان يغلي بداخلها ولكن الجليد الذي يغلفها يمنعها حتى من البكاء، تريد الصراخ ولكن هناك صخرة ضخمة تجثو على صدرها تجعلها كالمخنوقة لتصبح بنهاية المطاف جثة تتنفس...
قيود تقيد جسدها وروحها تتمنى أن تتخلص منها ولكنها لا تقوى على فعل ذلك وكأنها فقدت الأرادة على ردات أفعالها...
التفتت لوالدتها التي وقفت إلى جانبها وأخذت تملس على شعرها بحنان ودموعها تزين وجنتيها وهي تقول بغصة.

- ميرال كفاية تعذبي أمك كدة مش كفاية أبوكي واللي حصله، مشششش كفاية أختك اللي هتجنن وأسمع صوتها وأنا قلبي زي النار عليها ياترى حالتها إيه وهي بإيد اللي مابيخافش من ربنا
- قولتلك بلغي البوليس
- أبلغ إيه بس أنتي ماشفتيش لما فكرت أعمل كدة قل مني وقالي لو عايزة سلامتها اسكتي
- وأنتي ما صدقتي وسكتي
- عايزاني أعمل إيه فجأة كل حاجة طارت مني.

والله ما أنا عارفة أتصرف، تهت بينك وبينهم وبين اللي هيحصلنا، أنا محدش اتكسر قدي، انطعنت من كل الجهات. جوزي وبناتي وبيتي اتهد على دماغي حتى الفلوس طااارت بقينا ع الحديدة، وبكرة لازم نسيب هنا، قوليلي أعمل إيه انصحيني وعيني، أنا دلوقتي بأصعب موقف يمر عليا بحياتي لازم أكون قوية بس مش عارفة أكون قوية.

نظرت لها ميرال قليلا ثم قالت: ليه كل الزعل ده بابا هيخرج والفلوس هتتعوض. والبيت هنلاقي أكيد مش هنفضل بالشارع ولو على سيلين ماتخافيش شاهين بيحبها و مستحيل يأذيها أو يسمح لحد يأذيها
داليا بوجع: بيحبها؟ طب ما أنتي أخوه كان بيحبك و آدي النتيجة قصادي أهي بتتكلم وكأن كل شئ بيحصل عادي...

ردت عليها بطريقة مجنونة: لالا لاء أنا غير عنها، هو كان بيلعب بيا فحبيته شفتي هبلي فهو يقوم يعمل ااايه يا ست مامي، يغدرني ويطعني بظهري شفتي ندالته لاااااا أكيد مش هتشوفيها زي ما أنا شوفتها وقتها ف انا ايه بقى كرهته وووو
بس، هي دي كل الحكاية
- ميرو حبيبتي ياقلبي أنتي. ليه مش راضية تقوليلي هو عمل فيكي إيه، فضفضيلي مش هتلاقي حد يفهمك زي.

ردت عليها برفض قاطع وحقد على نفسها قبل غيرها: لا طبعا مستحيل أفضفض لحد! عارفة ليه؟! عشان مايخفش وجع قلبي لأني أستاهل كل اللي يجرالي، أنا اللي جبته لنفسي
الوجع اللي بحسه من يومها مش عايزاه يخف ولا حتى شوية بالعكس ياريت يزيد عشان كل لما أحسن فيه أكتر وأعيش تفاصيله أكتر هقسى أكتر...
- أنتي كدة بتعاقبي نفسك
- ايوة، أنا أستاهل.

اقتربت منها وحاوطت وجهها الجميل بكفيها وهي تقول بانفطار قلب أم: ميرال حبيبتي أنتي مجروحة واللي أنتي في ده صدمة واااء
قاطعتها وهي تصحح لها معلومتها
- قصدك خذلان يعني خيبة أمل.

لتقول داليا بتعب نفسي وهي ترى فلذة روحها هكذا، : ايه رأيك تزوري طبيب نفسي يساعدك بالمرحلة دي وأوعي ترفضي زي ما كل يوم تسبيني وتمشي، أنتي مش طبيعية ميرال بلاش نضحك على نفسنا أنتي لو كنتي طبيعية بجد كنتي ماوقفتيش زي التمثال تشوفي الزفت التاني بياخد أختك قصاد عينيك وماحاولتيش حتى تصرخي أو تمنعية من كدة. جيت ولاقيتك قاعدة عادي ولا كإن حاجة حصلت و ده غير إن باباكي سحبوه قصادك. وده بردو ماهزش فيكي شعرة...

- ياريت لو تيجي على إني مش طبيعية وبس. أحب أقولك ع التقيلة بقى، أنا اندبحت بسكينة تلمة بطريقة مش ممكن حد يتخيلها، عارفة لما حد يمسكك من إيدك ويرميكي لكلاب السكك عشان تتعشى فيكي أنا حصل معايا كدة، من وقتها ماتت مشاعري مش قادرة أحس فيكم، صدقيني والله ما قادرة...

يعني دموعك دي مابتأثرش فيني، عايزاني أمنع السوء عن سيلين! ما كنت منعته عني أنا أضعف من أعمل كدة، عايزاني أعيط على حبس بابا، طب ما أنا اتحبست جوا موقف من أبشع المواقف و مش قادرة أعديه، ولا حتى أشيله من دماغي حتى وأنا نايمة بشوفه، ماتطلبيش المساعدة من واحدة مش قادرة تساعد نفسها.

ضربت داليا يديها ببعضهما بقوة وهي تقول بصوت عالي: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يااارب وريني يوم باللي وصلهم للحالة دي
أبعدت ميرال نظرها عن والدتها التي رفعت يديها للسماء وأخذت تدعي ربها بتضرع شديد تشكوه ما تعيشه الآن
أما ميرال قطبت حاجبيها بتركيز ما إن لفت نظرها انفتاح البوابة ليظهر من خلالها سيارة آخر شخص تريد أن تراه الآن...
نظرت الى الأسفل وركزت به ما إن نزل من سيارته.

ونزع نظارته الشمسيه وهو يرفع رأسه نحوها لتلتقي نظراتهم من بعيد بعد غياب طويل...
وجوده الآن أمامها جعلها تعيش معاناتها التي عاشتها معه بكل حذافيرها ولكن هذه المرة بصورة أقوى جعلها تفوق من ما هي فيه، تحولت عينيها بالتدريج من الجمود إلى الاحمرار والحدة ليتشنج فكها بشكل تلقائي وهي تكز على أسنانها ليرتفع صوت تنفسها بقوة وكأنها تريد ان تنقض عليه من مكانها هذا...

أيام مرت عليها وهي كقالب الثلج ولكن هو الوحيد ما إن وقف أمامها جعل جليدها هذا كله يذوب ويظهر خلفه براكينها...
- ده ايه اللي جابه هنا، قالتها داليا بانزعاج وهي تقف إلى جانب ميرال التي تركتها ونزلت تركض بأقصى سرعتها تريد فقط الوصول له...

انتهت من الدرج العلوي لتصل الى الطابق الثاني لتواصل نزولها دون أن تتوقف غير آبهة بوالدتها التي تناديها وتنزل خلفها بسرعة تريد فقط أن تجاريها ولكن هيهات ف الأخرى كانت تجري كالطلقة...
أخيرا انتهت من الدرج و وصلت الى بهو الفيلا لتستثني طريقها بهرولة سريعة وفتحت الباب الداخلي و خرجت متوجهة نحوه بسرعة البرق ودون أدنى تردد رفعت يدها الى أقصى علو وصفعته بكل قوة جسمانية لديها ما إن وصلت له.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة