قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والعشرون

خرجت متوجهة نحوه بسرعة البرق ودون أدنى تردد رفعت يدها الى أقصى علو وصفعته بكل قوة جسمانية لديها ما إن وصلت له
كادت عينيه تخرج من محجريها من شدة اتساعهما بصدمة من فعلتها هذا ولكن قبل أن يبدي أي ردة فعل أخذ يعود الى الخلف بتراجع فهي اخذت تضربه بقبضتيها على صدره بكل قوتها وتدفعه نحو البوابة.

قطب جبينه بتألم من ضرباتها ياااالله من أين أتت بكل هذه الطاقة، نفذ صبره معها ليمسكها من معصميها بإحكام يريد أن يقيدها بأحضانه وما إن نجح بذلك حتى جن جنونها وأخذت تصرخ بأعلى درجات صوتها بغضب وهي تعافر كالسمكة للخلاص من شبكة صيادها...
حاول أن يهدئها وهو يقول بترجي واضح على ملامحه: ميرال، ميرال اهدي واسمعيني.

حبيبتي اسمعيني بس، كان يتكلم وهو يريد فقط أن تصغي له ولكن عن أي إصغاء يتحدث هذا فهي الآن ترى شياطين الجن والأنس تتراقص أمامها...
أراد فقط أن يدفن وجهه بعنقها وإن كانت ترفض قربه هذا فجبروت حنينه لها جعله متعطش لرائحتها ولدفئها يريد حقا أن يظمأ منها ولكن قبل أنا ينفذ هذا وجد هناك أكثر من شخص يسحبه عنها بقوة كبيرة جعلته يحررها مرغما وما كان هؤلاء سوا الحرس الأمني للفيلا التي استدعتهم والدتها ما.

إن وجدت الأمر تأزم بينهما
أخذو يسحبوه نحو البوابة وهو يقاومهم ويصرخ بهم أن يتركوه فهو يريد فقط أن يتحدث معها وما إن نجح من التحرر منهم حتى وقفت أمامه داليا وهي ترفع سبابتها بوجهه وتقول بانفعال...
- انت ايه اللي جابك هنا، عايز من بنتي ايه، مش كفاية اللي حصلها بسببك...
- أنا عايز أكلمها بس
- مافيش كلام اطلع براااا.

- أنا جاي أصلح اللي حصل و أتجوزها رسمي وأعملها أحلى فرح، عايزين إيه أكتر من كدة، ما إن قال الأخيرة بتكبر وكأنه بعرضه الذهبي هذا سيجعلهم يصلون الى عنان السماء من الفرحة أو أنهم سيقبلونه فرحا، ولكنه لا يدري بأن كلماته هذه جعلت ميرال التي كانت ماتزال تقف بمكانها وتنهج بغضب، تنظر إلى سيارته البيضاء الفاخرة التي أتى بها تارة ثم عاودت نظرها بحقد عليه تارة أخرى...

و بحركة غير عقلانية تحركت قدميها بشكل آلي دون تفكير وكأن عقلها أغلق أبوابه وأعلن انسحابه ليتركها بين أمواج عذابها الذي تجرعته من معذبها
دخلت الى المخزن الموجود بالحديقة الخلفية لتخرج منه بعد ثواني وهي تجر بيدها اليمنى جركن كبير باللون الأصفر ملييء بالبنزين وبيدها الأخرى علبة صغير من الكبريت.

وصلت أمام سيارته غير آبهة بكلامه الغير مجدي مع والدتها الغاضبة، فتحت الجركن ورمت غطائه بعيدا بإهمال وحملته بصعوبة على متنها وأخذت تسكبه بغل على سيارته باهضة الثمن...
مما جعل ياسين يقطع حواره وينتفض بفزع من ما يرى الآن اخذ يركض نحوها وهو يصرخ بها خوفا عليها: الله يخرب بيتك يامجنونة هتتحرقي كدة.

ولكن ما إن اقترب منها حتى شهق بصوت رجالي عنيف عندما وجدها رمت على وجهه البنزين بكل غل لاااا لا لم ترمي عليه فقط بل جعلته يستحم بهذا السائل الخطير من رأسه حتى أخمص حذاءه
مسح وجهه بيده وأخذ يعود للوراء بسرعة وهو يقول بفزع أكبر ما إن وجدها تحرق أحد عيدان الكبريت
- ميراااااال ابعدي عني الوقت ده ااااابعدي...
بلاش، ما تحرقيش قلبي عليكي بالشكل ده
ميرااااال،!

صرخ بالأخيرة بجنون فهو لا يعرف ماذا يفعل وهو يراها تقف أمامه ببرود قاتل ولكن حدقتيها كانت هي الشيء الوحيد الذي يعكس مابداخلها من حقد له وهو يعكس لهيب عود الكبريت الذي بيدها و ما إن ينتهى وينطفئ حتى تعاود احراق واحدا آخر غيره بسرعة قبل أن يمسكها الحرس ويمنعوها من ما تريد فعله
نظر ياسين بمغزى لرئيس الأمن الذي بجانبه ثم أخذ يذهب إلى الجهة المقابلة لها وهو يقول بمسايرة.

- بصيلي هنا أنتي عايزة تحرقيني أنا صح، تعالي احرقيني أنا قدامك أهو، يالا مستنية إيه...
تعالي...
قال الأخيرة وهو يتوجه نحو حوض السباحة دون أن يشعرها بذلك...

ظن أنها تهدد فقط أو أنها تريد أن يخاف عليها ولكن لا يعرف بأن التي أمامه الآن قد مات قلبها على يديه هو فهي كانت تنظر له بمقت شديد، قطبت جبينها بانزعاج ما إن وجدته أخذ يقترب منها ببطئ بهدف أن يخدعها فهو متأكد بأنها يستحيل أن تؤذيه هو بالذات هو حب حياتها الذي امتلك قلبها وروحها ف بالتأكيد لا تقوى على فعل ذلك به فهو يعرف مدى رقتها وعشقها له.

ولكن بحركة غير متوقعة منها رمت عود الكبريت المحترق عليه بمنتهى البرود لتشب النار فيه بأقل
من جزء من الثانية، كتفت يديها وأخذت تنظر له كيف أصبح كالجمره المشتعلة دون أن يرف لها جفن، وصراخه الآن يصلها كالمعزوفة التي تطيب جروحها ولكن لم تستمتع بذلك المنظر كثيرا فبلمح البصر.

وجدته يركض نحو البسين ويرمي نفسه به ليطفئ ناره على الفور وما إن نجح بذلك حتى قتمت نظراتها بانزعاج و ذبلت معانيها لتمط شفتيها بضجر فقد فشلت بهذا ايضا يااااالله كم هي فاشلة لم تنجح حتى في هذا
التفتت الى والدتها التي مسكتها من كلتا ذراعيها وأخذت تهزرها بعنف وهي تصرخ بها بانفعال
- ااااانت ايه اللي هببتيه ده...

أبعدت يدي والدتها عنها وهي تقول بعدما ألقت نظرة الى ذلك الذي خرج من حوض السباحة بمساعدة الحرس الذي تجمعوا حوله وأخذو يتصلون بالأسعاف ما إن وجدو بعض الحروق منتشرة بجسده ولكنه منعهم من ذلك بأشارة من يده
- عملت ايه يعني ماهو زي القرد أهو، بعدين خايفة ليه، الناس العرة اللي زيه مابتموتش بيفضلوا قاعدين على قلبنا. كاتمين على نفسنا.
ختمت كلامها واستدارت وذهبت لتتركهم خلفها مشغولين بذلك.

النكرة من وجهة نظرها ولكنها توقفت ما إن ناداها وهو يمسك صدره بتعب ويتأوه بصمت بين الحينة والأخرى. نعم هو لم يحترق سوا ثواني ولكن تركت النيران آثارها على بعض الأماكن بصورة واضحة
- مش هتطمني عليا أو تعتذري طب مش خايفة أبلغ عنك...
عادت إليه وما إن جلست أمامه على إحدى ركبتيها ونظرت إلى عينيه بقوة حتى قالت بتحدي
- عارف نمرة البوليس ولا اديهالك، ولا أقولك لو راجل اعملها وبلغ فعلا. خليك في يوم قد كلمتك...

رفع حاجبه بغيظ فهذه التي أمامه يستحيل أن تكون زوجته التي يعرفها: بلاش تستفزيني وتطلعي وسوء ما عندي
مالت برأسها قليلا وقالت برفعت حاجب: هووو في اسوأ من اللي شفته منك، ده أنت اخدت اليلفل بالوساخة...

نهضت من وضعيتها هذه واستقامت بطولها واكملت وهي تنظر له من العلو هذا، تعرف أنا مش هلومك لأني أنا السبب بفرعنتك دي. مااااهو لما تحب حد وتديه أكتر من قيمته بظن نفسه ذيب من كتر كرمك ليه مع انه في الحقيقة حتت كلب ولا يسوى.

صرخ بها بانفعال ما إن تركته وذهبت وكأنه لا يعني لها شئ وهذه النقطة بالذات آلمته أكثر من جروحه التي تغزوا جسده الآن، أخذ يكز على أسنانه وهو يصمت بألم فحالته الان لا تسمح له بالمجادلة أكثر
تحامل على نفسه وهو يسند ثقل جسده على ذراعيه لينهض من مكانه وما إن نجح بذلك بعد معاناة حتى توجه لسيارته التي لا يعرف كيف سيذهب.

بها بعدما اغرقتها تلك المجنونة بالبنزين ولكن قبل أن يكمل طريقه. التفت الى داليا التي كانت تراقبه بكره واضح
ياسين بصوت باهت
- سعد خرج من السجن
تغيرت 180° ما إن سمعت هذا الخبر وهي تقول بفرحة: بجد، طب هو فين ما رجعش ليه
أومأ لها و أكمل بالمستشفى وزمانه دخل العمليات
ضربت صدرها بخوف على شريك حياته وحبيبها الأبدي: عمليات،! ليه هو ماله حصله إيه وليه احنا منعرفش ده، قولي اسم المستشفى إيه.

- روحي نادي لميرال و تعالي عشان أخدكم ليه وبالمرة اعالج نفسي
- ماشي، قالتها وهي تدخل بسرعة لتغيب بالداخل مايقارب الربع ساعة، جاعله ذلك الذي يتلوى بألم شديد يحاول أن يداريه عنهم ولكن منظره كان كارثي حقا بالكاد يقف على قدميه
منظره هذا جعلت تلك التي خرجت مع والدتها تبتسم بشماته لتقول للسائق ما إن وصلت الى سيارتهم
أخدت العنوان منه
- أيوه ياهانم في المستشفى الأهلية.

- طب كويس، هات المفاتيح بقى، قالتها وهي تمد يدها له لتأخذها منه وما إن صعدت خلف الموقد والى جانبها والدتها حتى أنزلت زجاج النافذة التي بجوارها ونظرت بطرف عينيها ل ياسين الذي كان ينظر لها باستغراب من تصرفها هذا فهو لأول مرة يعرف بأنها تجيد القيادة، خرج من شروده بها وهي تقول
- ابقى اسبقنا بتاكسي لأن هدومك متبللة وريحتك بنزين و ممكن تصدعني و أكيد ده مش هيرضيك
سلاااام.

قالت الأخيرة وانطلقت بسيارتها من أمامه بكل ثقة وما إن خرجت من البوابة حتى ذهب بغضب الى سيارته ليلحق بها برغم خطورة الوضع عليه إلا أن صدمته منها جعلته يضرب كل شيء عرض الحائط
عند غالية بدأ يومها ما إن استيقظت في الصباح ولم تراه موجودا معها حتى أخذت تبكي بحرقة قلب، هذه فرصة للإختلاء بنفسها فهي تريد أن تخرج كل مافي جعبتها من حزن وكبت...

زاد بكائها وهي تحتضن نفسها بوسط سريرها لاااا تريد هذه الحياة، لم يكن هذا تخطيطها لمستقبلها. كل شئ حصل معها عكس ما كانت تحلم به...
تريد الخلاص من كابوسها الذي رماها به خالها ولكن كلما ارادت الابتعاد عنه وجدت نفسها تغطس بالوحل أكثر وهذا الكابوس ليس سوا ذلك الكائن المغرور المتغطرس الذي عجزت عن التعامل معه.

عضت شفتيها بقوة حتى نزفت وشعرت بطعم الدماء بفمها ما إن أعاد عقلها صور مفصلة عن ما حدث معهم ليلة أمس. يا الله حتى ذاكرتها لم ترحمها الآن وأخذت ترش الملح على جروحها الملتهبة
نهضت بقهر ونزعت عنها الأسدال وأخذت تنزع الفراش عن السرير بغضب، تريد أن تتخلص من كل شئ كان شاهد على انكسارها.

ومن هنا بدأت حملة التنظيف التي أمتدت لساعات طويلة لم تفطر أو حتى تتغدا لا تريد شيء سوا أن ترتاح ذهنيا ولكن من أين تأتي الراحة وهي بهذا العناد ترفض واقعها وبشدة ولكن ما باليد حيلة
انتهت أخيرا من تلميع كل زاوية بالشقة لم يتبقى سوا خزانة زوجها المبجل، توجهت نحو الدولاب وأخذت تخرج كل ما فيها لتمسحها وتعيد ترتيبها.

مرة أخرى ولكن ما إن حملت ثيابه بين يدها حتى أغمضت عينيها بتخدير عندما غزت رئتيها رائحة عطره لم تعي لنفسها وهي ترفع أحد قطع ثيابه ليسقط الباقي عند قدميها وهي تستنشق ماتمسك بين يدها بقوة كالمدمنين...
نعم! لا تنكر بأنه وسيم لدرجة لا توصف وأي فتاة تتمنى أن تكون بمكانها، ولكن الشكل ليس كل شيء، كادت ان تبعده عنها ولكن قبل ان تفعل ذلك سمعت صوت آخر شخص تتمنى أن يراها بهذه الموقف.

- الله ده أنتي طلع حالك من حالي أهو، أومال ليه بتتقلي عليا
فتحت عينيها بصدمة لتراه يقف أمامها تماما وهو يكتف ساعديه أمام صدره العريض وينظر لها بمكر خبيث بعدما غمز لها مما جعلها تنزل يديها بإحراج وهي تقول بعدما ارتدت قناع اللامبالاة
- بلاش خيالك يصورلك حاجة ترضي بيها غرورك
يحيى بمشاكسة محبة
- بجد، أومال اللي أنا شفته ده ايه؟

- كنت بنظف و عايزة أغسل الهدوم وكنت بشمهم عشان أعرف النظيف من اللي محتاج غسيل حتى شوف ده في ريحتك يعني ملبوس قبل كدة...
ما إن قالت جملتها الأخيرة وهي ترفع ما بيدها له حتى تجاهل هذا واقترب منها ليضع كف يده خلف ظهرها ليضغط عليه باتجاهه لتكون بالمعنى الحرفي بين ذراعيه ثم أخذ بهمس ماكر ونظره معلق على شفتيها التي ترتجف بشكل طبيعي يفقده صوابه
- مركزة أنتي بريحتي هااا.

نظرت له غالية وهي على وشك البكاء من شدة خجلها: أنت شكلك مش مصدقني خد حتى شم بنفسك
- لاء أنا عايز أشمك أنتي يازهرتي، قالها وهو يدفن رأسه بعنقها وأخذ يتأوه براحة بعدما اعتصرها بقوة بين ذراعيه، يريد أن يحطم أضلاعها لتندمج بأضلاعه...
أما غالية كانت تحاول أن تبعد نفسها عنه ولكن ما إن فشلت بذلك حتى أخذت تضربه على كتفه بضربات متتالية وهي تناديه باسمه بتكرار وكأن في صوتها صدى
- يحيى، يحيى، يحيى.

ابتعد عنها قليلا ونظر لها بانزعاح من زنها المستمر هذا وهو يقول: نعم!
- ابعد
- بس أنا مش عايز أبعد، ده يرضي مين ده بس يا ربي، أنا عريس ياناس وملحقتش أشبع من عروستي، حسي بيا يحس فيكي ربنا
جرحها لحد النخاع وهو يذكرها بواقعها المرير لتقول باختناق وهي تدفعه عنها
- يحيى ابعد أنا باتكلم جد مش وقت هزارك دلوقتي.

تأفأف كالطفل الصغير بتذمر وقال: والله ربنا هيحاسبك على كل اللي بتعمليه فيا ده والملائكة هتلعنك ليل ونهار...
رفعت حاجبها وقالت بتهكم
- لاااا بجد كويس إنك بتعرف ربنا، طب أنا موافقة أتحاسب بس ياترى أنت ربنا هيحاسبك على إيه و الا إيه...
- ربنا أرحم الراحمين
- أيوه ونعم بالله، بس كمان شديد العقاب.

شحب وجه يحيى ليتركها وأخذ ينزع ثيابه أمامها بوقاحة دون أن يراعي وقوفها أمامه، تحرك نحو الحمام وما إن اختفى بداخله حتى زفرت أنفاسها بتنهيدة طويلة، ثم أخذت تعيد ترتيب خزانته بسرعة قبل أن يخرج
قطبت جبينها وهي تقلص عينيها عندما وجدت ملف سقط من الطبقة العلوية ما إن سحبت آخر قطعة منها، انحنت الى الأسفل ورفعت الملف بيدها بحزن
فهذا ملف والدتها بالتأكيد فهو يشبهه جدا وكأنه هو ولكن، لحظة،!

الاسم ليس اسم والدتها حتى الجنس ذكر،؟!
من ذلك سعد الذي مكتوب اسمه هنا، فتحت الملف واخذت تتصفح بين فحوصاته وما هي سوا دقيقة واحدة فقط حتى اخذت تبتسم بقهر بعدما
أغلقت الملف بقوة وهي تريد الانفجار حقا، عقلها أخذ يغلي كالمرجل وهو يعيد كيف كان أبتزازه الحقير لها، و كم كانت غبية...

كيف استطاع خداعها بهذا الشكل المقنع و أستغلها بحيلة بلهاء لدرجة أن جعلها تسلمه نفسها على طبق من ذهب بكامل إرادتها، والآن ذهبت كل تضحيتها هباء، وتلومهااااااااااا والدتها لم لا تتقبله زوجا لها وتعيش معه بشكل طبيعي مسكينه لاااا تعرف مدى تلونه فهو غشاش، مخادع، مكار...

رفعت رأسها نحوه وهي تشعر بالأكسجين قد انتهى من حولها ما إن وجدته خرج وهو يجفف شعره ثم أخذ يرتدي ثيابه للخروج وما إن انتهى من أناقته حتى التفت لها و أقترب منها وهو يركز عليها بنظره ويقول باستغراب: مالك في ايه،؟
صمتت ولم ترد عليه لينحني برأسه قليلا لها ليقابل عينيها الحاقدة ليلفت نظره الملف الذي بين يديها وقبل أن يتكلم بحرف أو يبرر موقفه وجدها
تبصق بوجهه بكل غل بعدما رمت الأوراق عليه...

فعلتها هذه جعلته يتجمد بمكانه وهو مصدوم بشكل لايوصف. خافت وشعرت بمدى تهورها وفظاعة ما فعلته ما إن لاحظت منظره هذا الذي لن يتكرر أبدا مرة أخرى ولكن هذا لم يدم طويلا فقد أفاق من ماهو فيه.

ليعالجها بصفعة جعلت رأسها يرتطم بالدولاب مما أدى إلى جرح صغير أعلى جبينها ولكن الذي امامها لم يهتم بتاتا لذلك فقط تحول إلى حيوان مفترس ليقبض على عنقها بيديه بكل قوته وهو يرفعها منه ليجبرها أن تقف على أطراف أصابع قدميها وهي تمسك يديه الحديدية بيديها الاثنتين تريد أن تتنفس ولو حتى قليلا...
- أناااااا يتعمل فيا كدة أنااااا إن ماخليتك تبوسي جزمتي عشان أرحمك من اللي هعمله فيكي مابقاش يحيى اللداغ.

كان يصرخ بكلماته هذه بوجهها وهو يزيد من إحكامه على حنجرتها، مما جعل الأخرى تشعر بأن هذه لحظاتها الاخيرة و روحها بالفعل تكاد أن تنتزع منها حتى غرزت اظافرها بوجهه ليتركها على الفور بألم وهو يعود الى الخلف لتسقط بجسدها الخاوي على الأرض وهي تشهق بصوت عالي تريد أن تملأ رئتيها بأكبر كمية ممكنة من الهواء...
أما يحيى يريد أن ينزع ملابسه وهو يتكلم بتوعد حاقد.

- صبرك عليا بس إن ماربيتك من تاني و كسرت عزة نفسك ومناخيرك اللي رفعاها عليا، شكلي امبارح ما عرفتش أكسرك صح بس ملحوقه.

نهضت بسرعة البرق من الأرض و ركضت الى الصالة هاربه منه فهي قد فهمت مقصده، لاااا لا لن تهان وتذل مرة أخرى على يده، مع خروجها من غرفتها وجدت صوت جرس الباب يرتفع لتندفع نحوه وهي تلتفت للخلف ما إن وجدت الآخر خلفها يريد أن يمسكها حتى أسرعت بتنفيذ ما تريد وفتحت دون أي تفكير أو حتى تسأل من هناك وكأن ذلك الطارق أنقذها من موت محتم...
فتحت غالية الباب على مصراعيه لتتفاجئ بشخص لا تعرفه، أين رأته قبل ذلك...

أما الآخر كان لا يقل ذهولا عنها أخذ يمرر نظره عليها بإعجاب وجوع حيواني بدأ يسيطر عليه ما إن رآها أمامه كتلة من البراءة بحدقتيها العسلية و وجهها الخالي من أي مواد تجميلية
ولكن ماهي سوا لحظات قليلة لم تتعدى الثلاث ثواني و وجدها تختفي خلف يحيى الذي سحبها من عضدها ودفعها نحو الداخل بغيرة وهو يقول بصدمة ممزوجة بضيق
- أنت بتعمل هنا إيه ياحاج.

نظر إلى الخلف قليلا ثم قال بعدما عاد ببصره عليه: جيت أقولك على حاجة
ليقول يحيى بانزعاج وغيرة أكبر ف الآخر رأى غلاته دون حجاب أو ثياب مستورة: والحاجة دي ما قدرتش تقولها بالتلفون وبعدين إيه الحاجة دي
ما أنا كنت عندك بالوكر من ساعة بس
سلطان بانفعال كاذب وعتاب غدار
- جرى ايه يا يحيى هو تحقيق ولا إيه ده
بدل ماتقولي اتفضل. وتضيفني حاجة.

- معلش مستعجل عندي مشوار مهم وأنت مش غريب عشان أضيفك حاجة، قالها وهو يخرجه ويغلق الباب خلفه ليسئله الآخر بشكل مباشر فالفضول غلبه هذه المرة
- هي مراتك دي اللي فتحتلي الباب
يحيى بحدة ونبرة تحذير: سلطان مالكش دعوة فيها
- في إيه أنا عايز بس أبارك لعروسة ابني هو أنت مش ابني
- لاااا مش ابنك، أنا ابن حرام وأنت عارف ده.

- امممم تطور رهيب كنت زمان اللي يقولك كدة تدفنه بمكانه دلوقتي بقيت متصالح مع نفسك لدرجة بقيت بتقولها بنفسك
- كنت عايزني بأيه
رد عليه بدهاء قاتل- عايزك ترجع مع مراتك تسكنوا الوكر وليكم الأمان وهديتي ليكم أحلى شقة فيك ياوكر
- المقابل؟
- من غير مقابل
- ده احنا دافنينه سوا
- يعني ايه.

يحيى بذكاء لا يستهان به: يعني أنا لو تعلمت حاجة منك في حياتي هي إني ماعملش حاجة ببلاش لحد إلا لو ليا غاية مع اللي قصادي، ايه هي غايتك ياسلطان من كل ده
- شغل، عايزك ترجع تاني هناك عشان تبقى زي زمان
كل تركيزك وحياتك بشغلك. بس بعد ما طلعت من الوكر مابقناش نشوفك وسايب كل شيء ع الرجالة هما آه قدها بس المال السايب يعلم السرقة بردو.

يحيى بوقاحة: عرضك ده مش لازمني أنا مرتاح كدة وياريت الزيارة دي ماتتكررش لو عايزني. أنا اجيلك
- مقبولة منك يا أبن اللداغ ماهو ليك حق بردو تخاف عليها بالشكل ده وتحبسها كمان ده طلع رامى الله يجحمه بقبره ليه ذوق عالي يعدل المزاج.

خلاااص ماتكلنيش بعنيك سكتنا أهو بس ما تستعجلش فكر ورد عليا، قالها بعدما وضع يده على منكبه ثم تركه وذهب إلى المصعد وما إن اختفى من أمامه حتى سحب الآخر شعره الى الخلف ونظر الى باب شقته بغضب من تلك التي تجعله يخرج أسوأ ما فيه.

مرت عليه خمس دقايق وهو على نفس وضعيته هذه يريد أن يهدأ قليلا لكي لا يقتلها من شدة غضبه منها الآن. يريد أن يعود بأدراجه لها ليعاقبها أشد معاقبه فهو يستحيل أن يمرر فعلتها هذه وكأنه لم يحدث شيء إلا أنه ما إن تقدم وفتح الباب ودخل لينفذ ما يريد حتى غير مساره الى هاتفه الذي كان يرن بتواصل مستمر بالصالة فهي على مايبدو قد رمت متعلقاته الشخصية كلها على طاولة الصالة ثم حبست نفسها بغرفتها وقفلتها عليها من الداخل...

رد على أخيه بضجر وهو يريد حقا أن يسيطر على أعصابه المشدودة: عايز إيه يا ياسين مش وقتك خالص، اقفل دلوقتي وتبقى انااااا
قاطعه ياسين بتعب: اسمعني عايزك تجيني المستشفى
يحيى بتركيز: ليه في حاجة،؟
- لاء مافيش غير إن بنت اللذينا ولعت فيا، ما إن قالها بغضب منفعل حتى قال الآخر بتشويش
- مش فاهم، مالك يالاااا أنت شارب حاجة.

صرخ به بوجع: يحيى! مش وقت غبائك دلوقتي، تعالالي ع المستشفى اللي قولتلك عليها بقسم الحروق اوضة 13
يحيى بفزع: ده طلع بجد بقى،!؟ أنت تحرقت بجد
- أومال أنا بكلمك عشان عايز أهزر معاك، انجز يالا
- مسافة السكة، قالها وهو ينهي الاتصال ثم نظر إلى غرفتهم المغلقة وما إن ذهب نحوها حتى ركل بابها بقوة لدرجة كادت ساقه أن تكسر من شدة الضربة وهو يصرخ بها بصوت عالي مليئ بالغيرة الشرقية.

- بختك باللي مرمي بالمستشفى يا غلاااا والا كنت قطمت رقبتك بإيدي بقى تخرجي قصاد الراجل من غير ماتستري نفسك ماااشي ياغلا ماشي مااااشي بس هرجعلك هروح فين يعني، العقاب بقى اتنين
ختم كلامه بتوعد وسحب مفاتيح سيارته من ع الطاولة ثم خرج وهو يتصل بالهجين ليخبره بما حصل مع الآخر
في مستشفى الأهلي.

خرج الطبيب من غرفة العمليات وما إن نزع كمامته بتعب حتى نظر بعطف الى داليا التي كانت تبكي بخوف شديد لدرجة أنهأ لاتجرؤ حتى على سؤاله عن وضع زوجها خوفا من رده...
ابتسم الطبيب بإنهاك وهو يقول
- حمد لله على سلامته، عمليته صح كانت كبيرة وخطيرة بس بفضل الله نجحت...
سألته باشتياق لرؤيته: هو هيفوق امتي؟
نظر الى ميرال التي تجلس على مقاعد الانتظار بهدوء وهو يقول لوالدتها التي تنتظر رده على أحر من الجمر.

- يقدر يفوق أول ما البنج ينتهي مفعوله بس ده مش بصالحه أنه يفضل صاحي هيحس بكل الوجع ده فعشان كدة هنخليه نايم يومين تلاته، هيصحى خلالهم شوية بس مش كتير عشان مايتعبش، الراحة مطلوبه جدا بالفترة دي...
- أقدر اشوفه امتى
- تقدري تشوفيه أول مايتنقل أوضة العناية بس من برا، وبكرة تقدري تدخلي ليه
داليا بامتنان: شكرا ليك يااا
أكمل عنها وهو ينظر لها ويقول
- عمر، اسمي الدكتور عمر
- ربنا يبارك فيك، تعبناك معانا.

- لا تعب ولا حاجة ده واجبي عن أذنكم، قالها وهو يستأذن منهم بحترام لتنظر داليا إلى ابنتها التي كانت ماتزال جالسة على الأرض وشاردة بلااا شيء.
ذهبت نحوها وما إن جلست إلى جوارها حتى سحبتها إلى أحضانها لتحاوطها بذراعيها بحنان فهي أكثر الناس التي تشعر بحالتها النفسية هذه. قبلت رأسها ثم أخذت تحسبن على من فعل بها هذا...
في الطابق الثاني بنفس المستشفى...

فتح الباب ودخل الى أخيه الذي كان مستلقي وملامح التعب والشاش الابيض يغلف صدره وذراعيه...
تفاجأ يحيى لوهلة من منظره هذا مما جعله يتوقف عن إكمال طريقه نحوه بصدمة
- تعالى ماتخافش أناكويس، قالها ياسين وهو يعدل جسده ليكون شبه جالس بعدما رفع سريره بشكل الكتروني ليناسب وضعيته هذه
سحب كرسي وجلس أمامه وهو يقول بصدمة كبيرة لم يستطع تجاوزها حتى الآن.

- مين اللي عمل فيك كدة. قولي مين وأنا أوعدك إن شمس بكرة مش هتطلع عليه
- ياويلك مني لو لمست شعرة وحدة منها
- منها! هي ست اللي عملت فيك كدة
- تخيل، والله أنا بقيت مسخرة الموسم، ولا لا مش أي ست، دي ميرال بذات نفسها اللي ولعت فيا
أخذ يغمض عينيه ويفتحها أكثر من مرة وهو لا يصدق مايسمع، حاول أن يخفي ابتسامته عنه ما إن استوعب ما قال الآخر ولكن لم يستطع كبتها أكثر من ذلك لينفجر بالضحك بصوت عالي مليئ بالشماتة.

وما إن سيطر قليلا على نوبة الضحك هذه حتى قال
- والله الستات دول طلع لازم يتخاف منهم، أنا عندي التوأم بتاعها بالبيت، وقال إيه عايز أرجع أعاقبها ده أنا لازم أبوس إيدي وش وقفا انها ماعملتش فيا أكتر من كدة، ده طلع كرم أخلاق منها والله
- خلصت تريقة
- لو هو خلص أنا لسه مابدأتش أصلا، قالها شاهين وهو يدخل عليهم لينظر ياسين بحدة نحو يحيى الذي قال بتوضيح
- ااايه في إيه مالك ماهو كان لازم أبلغه.

- كنت عايز تخبي عني ليه، قالها وهو يقف أمام سريره ليرد عليه ياسين
ياسين بتحذير جاد: عشان ماتئذيهاش، أوعى تقرب منها أنا عارفك إنه لو حد قرب مننا ماترحمهوش ولا تخليه يشم هوا تاني يوم
شاهين بتأكيد: صح كلامك، بس دي مراتك أنت أنا أأذيها ليه، بس تعالى قولي قبلها ليه فكرت كدة و ايه يعني حتى لو أذيتها، ااايه معقولة تكون خايف عليها مني بالشكل ده...
- طبعا هخاف عليها منك هي مش قدك.

رد عليه شاهين بتعجب: غريب منطقك يا أخي! مش أنت اللي وصلتها لده كله...
- أنا أأذيها آه، غيري لاء
- شوووف أنا مش هسألك هي ازاي قدرت تعمل كدة فيك والاااا هقولك إنك طلعت غبي لما حاولت تمثل. حبك ليها حقيقة واضحة زي الشمس من غير ماتحس حتى، ولا هقولك إنك هتشوف أيام سودة على إيديها لأن زي ما أنا شايف بخلقتك المتبهدلة دلوقتي إنك مش هتسيبها مهما عملت فيك...

دي ولعت فيك وبردو همك الأكبر كان ايه شاهين لازم مايعرفش لأنك خفت من ردة فعلي لما أشوفك يمكن إني أأذيها، بس نسيت إني مابتعاملش مع ستات وأنت أكتر واحد عارف ده، حتى سيلينا ماكنتش بمخططاتي جت معايا صدفة...
ليتدخل يحيى بحوارهم هذا باستغراب من ما سمع...
- أنت بتحبها يا ياسين
ياسين بإنكار: لاء
شاهين بجدية: كداب، أومال عايز تعملها فرح ليه قصاد كل الناس
ياسين بمكابرة: تأنيب ضمير مش أكتر...
يحيى باستغراب مضحك.

- ومن امتى ياسين عنده ضمير...
صرخ به ياسين وقال: ليه هو أنت شايفني حجر
شاهين بتوضيح: تؤ، احنا شايفينك راجل من لحم ودم وعنده مشاعره وأحاسيس يقدر يضحك بيها على أي بنت تعجبه ويخليها تقع فيه، بس في يوم جا يلعب هوووب لقى نفسه اتلعب عليه من غير مايحس وبدل مايخليها تحبه. حبها هو
ياسين بغضب- ماحصلش
ليقول شاهين بابتسامة: حبيتها يا ياسين
ليقول من بين أسنانه: بقووووولك ماحصلش.

يحيى بتأييد لكلام الهجين: لاء حبيتها أومال ازاي قدرت تحرقك كدة وأنت تسكت وخايف عليها
انفجر بانفعال بهم وقال
- أنا اللي خلتها تفكر بكدة لأنها كانت عايزة تولع بعربيتي وهي واقفة جنبها، عارفين ده معني إيه
إنها هتولع معاها لما تنفجر بوشها، غبيةةةةةةة
كانت عايزة تولع بنفسها من غير ماتحس، فقربت منها عشان أشتت انتباهها ليا هو ده اللي حصل
عم الصمت بالمكان فهم لم يتوقعو هذا...

نطق يحيى بذهول وهو لا يصدق ما سمع: اديتها فرصة إنها تحرقك عشان هي ماتتحرقش...
شاهين بذهول أكبر من الآخر: مش بقول من الصبح بيحبها، طلعت غلطان ده طلع بيعشقها، قوم يا يحيى ارجع بيتك وخلينا نسيبه الليلة لوحدة يفكر هو عايز ايه بالضبط
ياسين بضجر: أنا اقدر أخرج الحروق اللي فيا من الدرجة الأولى. وأماكن شوية من الدرجة الثانية بس مش خطيرة زي مابيبان يعني بس الدكتور أصر على إني لازم أبقى الليلة هنا.

شاهين بعدم تصديق: والله وجي اليوم اللي نشوفك كدة ده رجاله ماقدروش عليك ويترعبوا لما اسمك يتذكر وسطهم و دايما يتجنبوا إنهم يزعلوك لأن ردك هيزعلهم أكتر. جت حتة قطة مغمضة علمت عليك، وربنا تستاهل عشان تبقى تسمع كلامي لما قلتلك اللعب مع الستات خطير وبيوجع بس مابتسمعش الكلام اشرب بقا بالهنا والشفا
نظر له بضيق وقال: شمتان فيا صح.

شاهين بضحك: جدااااا، ماهو مايوقع بالحب إلا الشاطر اللي عامل نفسه بهلوان زمانه مش كدة يا يحيى
- لااااا بلاش تقلب عليا، أنا مش قد الصد والرد معاكم
أنا هقوم أروح فعلا. وأنت يابختك في كم ممرضة هنا تحل من على حبل المشنقة من يومك يا ياسين تقف وأنت واقف على رجليك
قال كلامه هذا وخرج من الغرفة بسرعة وهو يتأوه ويدلك فروة رأسه بألم ما إن سحبه شاهين من شعره بهزار ثقيل...

ليخرج بعدها منديل أبيض من جيب سترته ومسح يده بها أو مثل بأنه يمسح يده بها ثم أخذ ينظر بعيدا عن كل مايحدث حوله، أما ياسين أخذ ينظر إلى الهجين الذي كان في عالم آخر ونظراته فيها لغز خطير يريد حله
- أنا عارف البصة دي مافيهاش خير أبدا
غير شاهين مسار الحديث وقال بمكر
- عايزها
تنهد باستسلام وقال: أيوه
- أنت تقدر تردها ليك من تاني من غير رضاها
- عارف ده بس أنا عايزها برضاها.

- ماعتقدش إنها هتجيلك برضاها بس على العموم براحتك، أنت ادرى بمصلحتك، يالا أنا ماشي
لو احتاجت حاجة كلمني
- إيه ده أنت كمان هتسيبني أومال أنا كلمتكم ليه
- ااايه صغير ومحتاج داده وأنا معرفش، ماهو أنت زي الفل أهو بتقدر تتحرك عادي ولو احتاجت حاجة في دكاترة وممرضين، أنا لازم أرجع عشان سيلينا، ده أنا سايبها من الصبح لوحدها والوقت تأخر
- تبيعني عشان تبقى مع سيلينك
رد عليه على الفور ودون تردد.

- طبعااااا مافيش مقارنة مابينكم أصلا
- بقى كدة
- و أكتر كمان، لحد عندها وأقولك معرفكش ونقطة ومن أول السطر، سلام...
قالها وهو يخرج من عند أخيه وهو يغلق زر سترته
ليتوقف بمكانه ما إن وجد والدة محبوبته تقف أمامه وهي ترمقه بكره، اقتربت منه بسرعة وهي تقول
- بنتي فين
تنهد بضجر وقال: طالما هي جنبي تبقى بالحفظ والصون
- هترجعهالي امتى
شاهين بتملك: انسيها، دي بقت مراتي
شهقت داليا بصدمة: أنت اتجوزتها!

- أكيد، أومال أنا أخدتها ليه...
- سعد هيصحى وهو هيعرف يرجعها منك ازاي
نظر لها وقال بتجريح متعمد فهو يكره هذه العائلة: لا أنتي ولا سعد ولا عشرة زيه يقدروا ياخدوها مني وأنا مش عايز، لما أشبع منها هبقى أرميهالكم بس دلوقتي باعدل مزاجي بيها
- وقح وبتقولها بوشي، قالتها وهي تصفعه بقوة مما جعلت شاهين يعقد حاجبيه بشدة وهو يقترب منها لتعود داليا إلى الخلف من شكله المخيف هذا.

رفعت يدها لتحمي وجهها بسرعة ما إن ضرب الحائط الذي خلفها بقبضته عدة مرات ثم تركها وذهب بيد مجروحه.
- ربنا يحرق قلبك زي ماحرقت قلبي عليها وينتقم منك على كل حاجة عملتها فينا، صرخت داليا بكلماتها هذه وهي تنظر له من الخلف...
أسرع بخطواته وسلك طريق السلم وأخذ ينزل عليه
وهو يدعك وجهها بين الحين والآخر فهو الآن على وشك الانفجار...

خرج من المستشفى وصعد سيارته وهو يفكر هل كل مافعله هو وأخيه صح أم خطأ، نعم يعلم بأن سؤاله هذا جاء متأخرا، ولكن كلام سعد لايزال يرن كالجرس بعقله عند هنا ولم يستطيع الصبر أكثر رفع هاتفه واتصل بأكثر رجال الوكر ثقة ليقول له بأمر غير قابل للنقاش.

- اسمعني ياحودة كويس وركز معايا باللي هقوله بكرة الصبح هيتم الحجز ع فيلا سعد الجندي، عندك الليل بطوله، عايز تروح تجبلي كل الأوراق اللي موجودة هناك سامع كل الأوراق سواء كانت مهمة ولا لاء يعني تقلبلي المكان وتطلعلي المكشوف والمستخبي
- اعتبره حصل ياهجين
- مش عايز أي غلطة كل حاجة توصلني فااااهم...
- مش حودة اللي يغلط ده أنا تربيتك
- هستناك بكرة
- وهو كذلك، أي أوامر تانية ياهجين.

- لاء، قالها وهو يغلق الخط ليمسك الدركسيون بكلتا يده وأخذ يعتصره بين انامله بعنف، كم يتمنى أن يكون سعد كذاب، ولكن ما الحل إن كان صادقا
عند غالية كانت تجلس على الأريكة بالصالة تنتظر قدومه فهي تريد أن تضع حدا لكل مايحدث معهم
تريد أن تصل الى حل. كفى هروب...

أغمضت عينيها برعب وتنفست بعمق ما إن سمعت صوت قفل الباب يفتح دلالة على وصوله واقتراب حسابها، شجعت نفسها على المواجهة و أن تتوقع منه أصعب شيء يخطر على الفكر والبال
ولكن رأته على سجية لم تتوقعها أبدا ما إن وجدته
يدخل بهدوء ويتقدم باتجاهها و ما إن وقف أمامها حتى قبض على فكها ثم انحنى لها وقبل وجنتها
بقوة المتها...
ثم حرر وجهها من أنامله واستقام بطوله وقال بأمر
- جهزي العشا لغاية ما أغير هدومي.

أخذت تراقبه بترقب ورهبة فحالته هذه غير متوقعة أبدا وما إن اختفى من مدى نظرها حتى نهضت تنفذ بصمت وهي تترقب العاصفة التي ستهب بها بعد ما سينتهي هدوءه المخيف هذا
ما إن انتهت ونادته للعشاء حتى جلست أمامه بصمت
ليمر بعض الوقت عليهم بسكون لتجده يقول وهو يأكل بانتظام ورقي...
- تعرفي غلاتي أنتي عدوة نفسك.

- ماكنتش أعرف المعلومة دي بس طالما أنت قولت يبقى تمام انت صح أكيد، ماهو زي مابيقوله خخدو الحكمة من أفواه المجانين، قالت جملتها الأخيرة بينها وبين نفسها
- شكلك لسه زعلانة مني صح، بس مش مشكلة بكرة ترضي...
غالية بضيق: أرضى بأيه ولا إيه بخداعك ليا ولا ازاي ضحكت عليا عشان أقبل فيك بعد ما أوهمتني بمرض امي
- عملت كدة عشان عايزك وأنا اللي بعوزه باخده...

اتقبلي حياتك أنا قدرك ارضي فيه لأني مستحيل اطلقك، ويمكن القدر يلعب لعبته معانا وهتبقي حامل مني، أو نبقي ليه ما يمكن أنتي حامل مني دلوقتي و احنا مش عارفين
انتفضت و نهضت ليسقط كرسيها للخلف وهي تقول بفزع: بعد الشر، أنا أخلف من واحد زيك
صعق من ردها هذا ليقول بخفوت
- وماله اللي زيي
غالية بقسوة: ماتنفعش تكون أب.
تحرك لسانه بثقل: ليه مانفعش
أخذت تعد على أصابعها وهي تقول
- عشان بلطجي أو بمعنى أصح مجرم، خمرجي...

نسوانجي زاني وسخ، كل يومين وتالت راجعلي بأثار مقرفه زيك، لا صلاة ولا صوم ولا مباديء ولا أخلاق، اااايه كفاية كدة ولا أكمل
تمعن بوجهها قليلا ثم قال دون غرور دون ثقته التي لطالما اعتز بها: شفتك طفلة بريئة ماتعرفش اللف والدوران مش زي البنات اللي كنت أعرفهم...

حبيتك، وتمنيت إنك تبادليني ولو حتى حبة صغيرة من الحب ده، ويوم مارفعتي قضية الخلع كنت حالف أشرب من دمك بس شاهين اللي عارف بغلاوتك عندي منعني أوصلك عشان ما أندمش في يوم على أذيتي ليكي...
بس هو ميعرفش إني مستحيل أندم على امتلاكك في يوم من الأيام، أنا آه فيا كل الصفات اللي قولتيها بس بردو مش هسيبك، وهخلف منك وهيبقى عندك ابن أبوه خمرجي بتاع ستات اللي ضحك عليكي وأخدك بالحيلة...
غالية برفض: مش هيحصل.

رد عليها بأصرار: غصب عنك هيحصل يا غالية
نطقه لأسمها بالشكل الصحيح الذي نادرا ماتسمعه يناديها بها أرسل إلى جسدها رعشة اجتاحت كل خليه فيها، أما قلبها الأحمق احتج على حالة محبوبها فهو الآن عينيه تفيض بالوجع الذي بداخله على مايبدو كلامها جرحه بعمق هذا غير شرايين عنقه التي كانت واضحه لها
لتقول بتساؤل: ليه حالف إنك تكسرني فيك
يحي ب أنانية: لو قربك مني يكسرك وماله أكسرك المهم أنا ابقى مرتاح.

غالية بقهر: روح يا يحيى ربي
قاطعها بسخرية موجوعة
- هتدعي عليا بأيه أكتر من إني أحب اللي بتكرهني
بس بصراحة ليكي حق بكرهك ليا ده لأنك بتعرفي كل سلبياتي
- قصدك أعرف كل وساختك، ما إن قالتها بشكل تلقائي بلسانها الطويل حتى أبتعد عنها وكأن هناك من قرصه ليعض سبابته ثم قال
- ااااااخ من قلبي اللي مش راضي يطاوعني إني أكسرلك دماغك الناشفة دي...

لتنظر له بتهكم وهو تقول: كل اللي عملته فيا ده وقلبك مش مطاوعك، أومال لو كان بيطاوعك كنت عملت فيا ايه...
- كنت هعمل كدة، قالها وهو يجرها الى الغرفة لتقاومه بفزع ليحملها على كتفه بعدما ضجر من عنادها هذا وما إن دخل بها حتى رماها بعنف على سريرهم لتتأوه وهي تمسك ظهرها وتقول بهمس سمعه
- بغل وتور مافيش أي رقة بالتعامل
- لسانك، قالها بغضب وهو يعتليها لتقول بخوف ظهر من مقلتيها: ماله
- عايز قص.

- جات قص رقبتك يابعيد اسم الله عليا، قالتها وسرعان ما غطت وجهها بخوف ما إن وجدته يفتح عينيه عليها...
جفلت ما إن شعرت بقبلة صغيرة تنطبع على ظهر كفيها لتفتح أصابعها وأخذت تنظر له بطريقة خطفته حقا
أبعد يدها وأخذ يقبل باطن يدها برقة ثم استلقى إلى جانبها وهو يأخذها بأحضانه ويقول
- تعرفي إن الشيطان معشعش بدماغي دلوقتي
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

- ليه بس كدة تطيريه دي أول مرة أشوف شيطان بيوز حد على أنه يعمل حاجات بمراته زي الكنافه بالعسل
- زي ايه!؟
- زي، قالها ثم أخذ يكمل لها بهمس بأذنها بكلمات جعلت وجنتيها تحمر خجلا وهي تقول
- أنت قليل الأدب
- طب نامي لحسن أعلمك قلة الأدب على أصولها عملي...
- شوية بس أنت كاتم على نفسي، قالتها وهي تريد أن تخرج من أحضانه إلا أنه شدد من تقييدها وقال بجبروت
- ده اللي عندي نامي كدة.

- ازاي؟ و أوعى تقولي زي السكر بالشاي، ما أنا عارفة خفة دمك اللي ماتتوصفش
- لاااا أنتي شكلك كدة مش نعسانة و عايزة تسهري وأنا أحب ما على قلبي السهر وهو ده عز الطلب، قالها بمشاكسة وهو يريد أن يعتليها إلا أنها رفضت وهي تقول
- لاااا لالا سهر إيه أنا عايزة أنام تصبح على خير.

ابتسم باتساع على لطافتها هذه التي تجعله يريد أن يأكلها دفعة واحدة برغم سلاطة لسانها إلا أنه مجنون بها، دفن أنفه بشعرها المنكوش براحة بعدما أغمض عينيه بنعاس هو الآخر
في المستشفى
ما إن انتهت الممرضة من دهن حروقه بكريم خاص وأعادت لف جسده بالشاش الأبيض حتى رفع حاجبه بانزعاح ما إن لاحظ لمساتها المتعمدة له...

كاد ان يبعدها عنه وينهرها إلا أنه لمحها تلك التي سبب بحالته هذه تقف عند باب الغرفة القاطن بها وهي تراقبه ببرود...
ظن أنه طالما رأها ستذهب وتهرب منه إلا أنه وجدها تفتح الباب أكثر وتدخل بثقة، ابتسم مع نفسه فحبيبته أصبحت غير متوقعة ولكن سرعان ماتجهم وجهها عندما وجدها توجه كلامها للممرضة
- نصيحة من بنت زيك بلاش تنخدعي بالمظاهر زيي
الممرضة باستفهام: نعم قولتي ايه؟
- بقولك خلصتي.

- أيوه خلصت، عن اذنكم، قالتها وهي تنهض لتدفع عربة الأدوية وما إن خرجت حتى جلست ميرال على مقعد قريب نوعا ما لذلك الذي لم يبعد نظره عنها بعدما أخرجت ورقة مطوية من جيب بنطالها الخلفي.

لتنحني بجذعها العلوي وسندت مرفقيها على فخذيها وأخذت تنظر الى هذه الورقة ثم مدتها له بيدها بعدما اعتدلت، وما كان من الآخر سوا التقاطها من بين أناملها وهو يقطب جبينه بترقب ولكن ترقبه هذا تحول الى اختناق تلقائي ما إن وجد أمامه ورقة بطلب الطلاق رسمي
قبض على الورقة بغضب لتتكرمش معه ممزقة وهو يقول بحدة: مافيش زفت طلاق أنا ناوي أعمل فرحنا قريب
- ومين قالك إني عايزة أكمل معاك...

- أنتي ايه البرود اللي عندك ده مش عايزة تعاتبيني أو تسألي عن السبب على كل اللي عملته ده
أشاحت بيدها بلا مبالاة حقيقية: مش مهم، أين كان سببك ومهما كانت قوته مش هاممني، تعرف في حاجة وحدة عملتها فرحتني بجد، عارف هي ايه، هي إنك طلقتني...
مش قادرة أوصفلك راحتي لما فقت وسمعت الخبر
فاضل إيه بقى طلاق المحكمة وأخلص منك نهائي يااااه وقتها نذر عليا أول ما هرجع البيت هزغرط.

ياسين بقهر: كدة ببساطة عايزة تنهي كل حاجة، فين حبك ليا فين لهفتك...
نطقت وهي تنظر له بابتسامة ساخرة: بجح، أنت بجح بجد ولا أنا بيتهيألي إنك أنت اللي قاعد بتعاتبني...
- ماهو أنا شايف إنك مش زعلانة
- مين اللي قال كدة، أنا زعلانة جدا على نفسي لأني حبيت واحد زيك في يوم بس مش مهم، أهي تجربة وعدت، كلب يروح يجي عشرة غيره مش مشكلة يعني
ياسين بصدمة: أنا كلب ياميراااال
تنهدت وقالت: أنا آسفة مش قصدي أقولك كده...

ده الكلب وفي و أكيد زمانه زعل لأني شبهته فيك
- ميراااااااال،!
- مالك زعلان كدة ليه من كلامي ما دي حقيقتك هو أنا جبت حاجة من عندي ماتخلينا ساكتين أحسن
ياسين بتهديد: تعرفي أنا أقدر أردك لعصمتي فورا بس مش عايز أزعلك أكتر من كدة لسه قصادنا تلات شهور العدة، أقدر أردك فيها ده غير إن وضع سعد مش مستحمل أنه يزعل عليكي أكتر من كدة
- والله وطلع فيك الخير، وتمر فيك العيش والملح.

- ميرال، أنا ليا مع باباكي حساب قديم وأنتي اللي دفعتي تمنه وبرغم كدة عشان خاطر عيونك أنا دفعت كل تكاليف علاجه
- أيوه يعني أنت مستني مني إيه دلوقتي إني أتشكرك مثلا، ولاااا أقولك كتر خيرك وكمل جميلك واستر عليا واعملي فرح قصاد الناس زي ما أنت متوقع مني إن هو ده اللي هيرضيني
ليقول بلهفة: ايووووه احنا جينا للمهم أنتي ايه اللي يرضيكي وأنا هعمله...

ميرال بجدية: تطلع من حياتي بشكل نهائي وكأنك مادخلتهاش. أرجوك احرمني من شوفتك. أنا لو ندمانة على حاجة في حياتي هو إني ماسمعتش ل سيلين لما حذرتني منك، كانت هي الوحيدة اللي شيفاك على حقيقتك...
- لو كانت أختك فعلا ناصحة زي ما أنتي مفكرة ماكنتش دلوقتي مرات شاهين
- مافيش وجه مقارنة، شاهين برغم كل مساوئه إلا أنه بيحبها فعلا وكان واضح معاها، مش زيك رميت عرضك لرجالتك عشان يستمتعوا فيه، وقتها نزلت من نظري...

ليرد عليها ياسين بتلعثم فهو حقا لم يفكر بهذه النقطة حقا وأصبح الآن أمامها نقطة ضعف لا علاج لها
- أنا ماكنتش متصور كدة أناااا
لتقاطعه بهدوء مستفز متعمد تريد أن تذله
- أنت ايه، هممممم ايه، ياللا قول أنا سمعاك
. أنت صفر ولا حاجة، أنا مش عارفة أنت طايق نفسك ازاي كدة
- ميرال احترمي نفسك أنا لحد دلوقتي بحاول أستحملك وأقول معلش ماهو اللي شافته مني مش قليل ماتخليش صبري معاكي يخلص.

- مايخلص أعملك ايه يعني، ما إن قالتها حتى كاد ان يرد عليها، إلا أنها اكملت بقوة. اااااسمعني ورقتي توصلني من غير دوشة سامع
- ده بقى تهديد...
- لااااا أمر
- طب لو طلقتك تقدري تقوليلي هتروحي فين بعيلتك بعد ما بكرة الفيلا تتحجز وأنتي ماحلتكيش اللضى
- مالكش دعوة بينا، ابعد عننا بشرك وخيرك...
قالتها وهي تنهض لتخرج تاركه ذلك خلفها يصرخ بانفعال
ياسين باستغراب منها ومن ردودها.

- أنتي إيه اللي جرالك إيه الجبروت ده كله.
- أنا بس تذليت منك فحفظت الدرس وحلفت لأذلك زي ما تعلمت منك، قالتها وهي تعطيه ظهرها وما إن انتهت حتى أغلقت الباب خلفها...
وأخذت تكمل طريقها للطوابق العلوية التي يوجد بها والديها وهي جامدة تماما وهناك جملة واحدة فقط تتكرر بعقلها بتحذير وهي
- أوعي دموعك تنزل على حد مايسواش، أوعي
غلطتي وتعلمتي من غلطك وانتهينا
مزرعة شاهين اللداغ.

نزل من سيارته لتتحول نظراته من المحبة والمتشوقة لرؤيتها الى مشتعلة بغضب ما إن رأى تلك المجنونة أمامه بوضع جعلت عداد غيرته يقرأ الألف
خاصة ما إن وجد أحد الحثالة يسترق النظرات لها.

أما عند سيلين كانت مستلقية بالحديقة على بطنها وهي ترسم باهتمام ثم نهضت لتجلس بتأفأف وهي ترفع شعرها بإهمال لتضع به أحد الأقلام بداخله لتضع قلم آخر من الرصاص على طرف شفتيها وهي تنظر بتركيز الى الورقة البيضاء التي تتوسطها إحدى تصاميمها التي قضت يومها بأكمله بها
فتحت فمها ورفعت رأسها للأعلى ما إن وجدت أحدا ما يسحب الورقة منها بعنف لتقول باستفسار
- في إيه،؟!

صك على أسنانه وقال بعدما قبض على عضدها: أنتي بتعملي إيه هنا أنا مش منبه عليكي لما أكون مش موجود تتزفتي وتفضلي جواااا...
- سبني أنت بتوجعني إيه الهمجية اللي أنت فيها دي
- همجية،؟ إيه رأيك أوريكي الهمجية على أصولها. قالها وهو يتركها ليذهب نحو أحد الحرس وسحبه من مقدمة شعره بعنف ورماه أمام قدميها لتنتفض وهو يصرخ بخفة.

ليكمل كلامه وهو يرمي سترته ويرفع أكمام قميصه الأبيض: أرجع ألاقي ست الحسن والجمال قعدالي بتدلع بحركاتها والكلب ده قاعد بيبصلها من بعيد...
قالها وهو يضربه بركلة على بطنه جعلت الدماء تتدفق من فمه وما إن أعاد الضربة حتى نزف من أنفه أيضا لينهال عليه بالضرب كالحيوان وكان الذي أمامه كيس رمل وليس بشر لديه إحساس.

وما إن جعله جثة لا يوجد فيها سوا نبض ضعبف حتى أنفاسه انقطعت حتى سحب سلاحه و وجهه إلى رأسه يريد أن ينهي وجوده من هذا الكون كله ولكن وجد تلك التي جعلته لا يرى أمامه من الغيرة تحتضنه بقوة من عنقه وهي تقول
- لالا ماتقتلوش، ولكن ما إن وجدت أنه لم يهتز لقربها هذا حتى مسكت وجهه بكلتا يديها و أدارته لها و أكملت بصوت يرتجف خوفا بعدما ألصقت أنفها بأنفه...

شاهين اسمعني عشان خاطر حبيبتك سيلينا، أنا مش هقدر أكمل معاك لو قتلته، والله مش هاقدر إلا القتل يا شاهين إلا القتل
لم يصغي لها ورفع ذراعه وأطلق رصاصته ببرود على إحدى ساقي الآخر الذي أخذ يصرخ بوجع فتاك. لتصرخ معه برعب وهي تتمسك بتلابيبه أكثر ما إن التفتت ورأته يتلوى على العشب و أخذت تبكي بانهيار من كل مايجري أمامها الآن...

كاد أن يضربه برصاصة أخرى إلا أنه تراجع ما إن رأى حالتها هذه ليحاوطها بذراعيه ويحملها بخفة ويذهب بها إلى الداخل ليتوجه الى غرفتهم الخاصة في الأعلى وهو يقول ما إن دخلها وأغلق الباب عليهم
- هششش خلاص بقى يا عمري أنتي. ده كلب وراح
سيلين ببكاء: هو أكيد مااااات صح
- لاء يا روحي لاء مامتش، بس هو تصاب برجله وده درس ليه عشان لما يشوفك يغمض...
ضربته على منكبيه وهي تصرخ به بتعب أعصاب
- أنت مريض، محتاج علاج.

- مريض فيكي وعلاجي أنتي، بحبك سيلينا بحبك، قالها وهو يوزع قبلاته السطحية على وجهها الباكي، لم يترك إنش واحد لم يقبله...
- شاهين!
- ياعمره
- كلم رجالتك يعالجوه لأن لو مات والله هقتل نفسي
شاهين بجنون: تموتي نفسك عشان واحد كلب زيه
- ده اللي عندي، قالتها بإصرار
أخرج هاتفه من جيب بنطاله واتصل برئيس الحرس وقال بانزعاج: عالجوه و ارموه الوكر مش عايز اشوف وشه تاني...

قال ما لديه ورمى هاتفه بإهمال على السرير ثم نظر لها وقال بضيق: ارتاحتي دلوقتي لما مشيتي كلمتك
- ارتاحت لأنك مابقتش قاتل، ما إن قالتها حتى ابتسم من طرف فمه بسخرية وأخذ يحرك يده بعدم رضا...
- شاهين، قالتها وهي تمسك مقدمة قميصه بدلال فلعل دلالها هذا يؤثر عليه وينفذ ماستطلبه منه
- عايزة ايه يا روحي أنتي
- أشوف أهلي واطمن على بابا.

- لاء، قالها وهو يبتعد عنها ببرود وأخذ ينزع ثيابه ثم ذهب واستلقى على وسط السرير
عضت طرف شفتيها بحزن لمااا يرفض، ذهبت نحوه وجلست عنده وقالت بترجي
- ليه لاء، أنا هكون معاك مش هسيبك، هو يوم واحد بس
- لاء
- خلاص خليها تكون ساعتين أو حتى ساعة أنا موافقة...
- ولا حتى ثانية وحدة...
- ليه لاء؟ هو أنا أسيرتك!
- هو أنتي لسه واخدة بالك من ده.

- شاهين أنا مراتك ليه بتعاملني كدة ليه، أنا من حقي أزور أهلي أشوفهم واطمن عليهم
- أنتي مالكيش أي حق في أي حد غيري، رايحة فين أنا لسه ماكملتش كلامي، قال الأخيرة وهو يسحبها من معصمها ما إن وجدها تريد مغادرة الفراش
- عايز ايه
- عايزك جنبي
- بس أنا مش عايزة
- ماهو مش بكيفك، أي شيء يخصني تعرفي أنه مش اختياري عشان ترفضي، قالها وهو يستلقي على صدره، ثم أكمل، اعمليلي مساج.

لوت فمها بعدم رضا وكتفت يديها وهي تبعد وجهها عنه، ولكن ما أن صرخ بها بحدة حتى امتدت يدها لتنفيذ ما طلب منها...
مسحت كفيها بكريم وأخذت تمررها على عضلات ظهره البارزة وأكتافه مرورا بعضديه لتبتلع لعابها وهي تفكر ذراعه قوية جدا ماذا سيحصل لوجهها إن حصلت على كف منه بالتاكيد ستتشوه أو ينكسر فكها من قوته...

من شدة خوفها من غضبه مالت بجسدها على ظهره العاري ليفتح عينيه بعدم تصديق وخاصة عندما سمع همسها المدلل عند أذنه
- أنا زعلانه منك
أغمض عينيه بانتشاء من فعلتها الحمقاء هذه
ليقول بعبث: بسيطة تعالي أصالحك
- لااااء مش عايزة كدة، قالتها وهي تبتعد عنه بتمنع ما إن وجدته كاد أن يسحبها أسفله، اعتدل بجسده وقال بحيرة
- أومال عايزة إيه
- طالما مش بترضى تخليني أشوفهم أنا عايزة أكلم بابا بالتلفون وااااء.

شاهين بصراخ: يووووووووه احنا مش هنخلص بقى
سيلين بصراخ هي الأخرى
- لااااا مش هنخلص، عمرنا ماهنخلص، أنا عايزة أهلي سااااامع عايزة أهلي، أنت ليه جاحد كدة. ليه؟
رد عليها بلا مبالاة: خلصتي كلام تعالي بقى اتخمدي أنا عايز أنام ورايا شغل بكرة...
- أنا مش عايزة أنام، قالتها وهي تتوجه للخارج
أما شاهين ضرب الفراش بضجر ثم استلقى وهو يريد ان يحظى بالنوم بعدما قرر تجاهلها فدلالها المفرط هذا أتعبه حقا...

مرت فترة صمت ليبدأ يتقلب قليلا على الجهة اليمنى وقليلا على الجهة اليسرى...
نهض من السرير وهو يلعن قلبه الذي لا يستطيع أن يغفو وهي بعيدة عنه...
خرج من غرفتهم وبحث عنها بجميع غرف الطابق الثاني ولم يجدها ليتوجه نحو السلم وهو يريد فقط أن يراها وكأنها غائبة عنه منذ أيام وليس نصف ساعة...
ذهب الى الصالة لم يجدها، ثم الى المطبخ وكانت النتيجة كالسابقة، خرج الى البهو وهو يفكر ياا الله أين ذهبت الآن...

التفت نحو الدرج ما إن سمع شهقة مكتومة، اقترب من المكان ليجدها تجلس خلف إحدى الأرائك على الأرض وهي تحتضن ساقيها وتدفن وجهها بين ركبتيها...
تنهد بعمق ثم ذهب وجلس أمامها وأخذ يملس على شعرها المموج الناعم، وهو يقول بابتسامة حب.
- حبيبتي
رفعت رأسها له لتتطاير خصلاتها من حركتها المفاجئة هذه لترتد مرة أخرى لتتراقص حول وجهها الجميل هذا وهي ترمقه بغضب لذيذ يروقه حقا.

انحنى بوجهه لها ليقبل أرنبة أنفها الحمراء من أثر البكاء وهو يقول: هو في حد بالجمال ده ولا ده بس حصري ليكي...
لوت شفتيها بزعل ولم ترد عليه بعدما مسحت عينيها من الدموع العالقة بها
- كل ده عشان تشوفي سعد بس
سيلين بتأكيد: طبعا ده بابا أغلى من روحي
شاهين بشك: متأكدة من كلمة بابا دي
نظرت باستفهام له وقالت: مش فاهمة ازاي يعني
شاهين بتساؤل مباشر فهو لم يعد يتحمل أكثر من ذلك: هو أنتي تعرفي حد اسمه ماهر.

فتحت سيلين عينيها بصدمة لا توصف وهي تقول
- هااا
صرخ بها شاهين بحدة نوعا ما فرد فعلها كارثي بالنسبة له: هاا إيه، بقوووولك أنتي تعرفي حد اسمه ماهر، ماهر اللداغ.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة