قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن والعشرون

فتحت سيلين عينيها بصدمة لا توصف وهي تقول
- هااا
صرخ بها شاهين بحدة نوعا ما فرد فعلها هذا كارثي بالنسبة له: هاا إيه، بقوووولك أنتي تعرفي حد اسمه ماهر، ماهر اللداغ
- لاء معرفوش، ما إن قالتها بغضب تخفي خلفه توتر كبير وهي تنهض من مكانها لتهرب من أمامه حتى وجدته يمسكها من رسغها بعنف وهو يقول بعدم اقتناع
- متأكدة؟

حررت يدها منه وقالت بقلق سيطر عليها من تمعنه بها: أيوه متأكدة، بس مين الشخص ده اللي بتسأل عنه
وقف أمامها وأخذ يخترقها أكثر بنظراته الحادة
- أنا هنا اللي بسأل، بس كل اللي أقدر اقولهولك هو إن لو طلع اللي في بالي صح. نهاية سعد والكلب التاني على إيدي. ماهو مش بنات اللداغ اللي يتلعب فيهم وبنسبهم
رفعت سبابتها بوجهه وأخذت تهزها أمامه بعصبية وتقول بتهديد حقيقي و ليس مجرد كلمات.

- والله لو قربت من بابايا تاني المرادي مافيش حد هيخلصك مني
اقترب منها حتى لم يبقى شئ يفصلهما سوا القليل وهمس بتحدي: لا بجد، هتعملي ايه يعني
هتولعي فيا زي ما أختك عملت
سيلين بخوف: أختي!، ميرال مالها، انطق عملتم فيها إيه
شاهين بسخرية: مالهاش. سلامتك. هي بس ولعت في ياسين ولولا ستر ربنا كان راح فيها
رفعت حاجبيها بتفاجؤ ثم أخذت تضحك بفرحة وهي تقول بشماتة
- تسلم إيدها والله فرحت بالخبر ده، ااالله ع الجمال.

عقبالك أنت كمان
سحرته بضحكتها ليداعب أنفه بخاصتها وهو يقول بمغزى: يتخاف منكم يا بنات اللداغ
دفعته عنها بضيق وقالت بإصرار
- قصدك بنات الجندي
- يعني أنتي متأكدة إنكم بنات سعد فعلا
- شاهين أنت مالك! فيك ايه؟، ما إن قالتها باختناق من ضغوطاته عليها حتى أشار إلى رأسه وقال.
- في مية سؤال هنا ده غير اللي بشوفه بعينيا
ردت عليه بترقب: بتشوف ايه؟
مسك وجهها بحنان وقال: إنك شبهه أوي...

أبعدت يده عنها وقالت بعدما عادت خطوه للوراء
- شبه مين، أنت بتقول إيه أصلا
- يحيى، أنتي شبه يحيى بحاجات كتيرة و أولها غروركم المبالغ فيه دي نقطة مشتركة مابينكم
نفس الجينات أكيد ماهو كل ده مش صدفة.
ده غير إنكم وارثين جمال مش طبيعي...
نظرت له بعدم فهم ورفض قاطع لما تسمع منه لتقول بانفعال: يحيى مين و وارثين إيه، أنت ماله كلامك الليلة غريب كدة ليه.

شاهين بضغط متعمد: يحيى ماهر اللداغ أخو ميرال ماهر اللداغ و سيلين ماهر اللداغ، ده اسمكم الحقيقي
- لاااااااا، انا ماعنديش اخوات ولاد، هي ميرال وبسسسسس
- اعترفي ماهو مش معقول كل الدخان ده من غير نار
ده حتى باباكي هو اللي قالها...
سيلين بصدمة كبيرة: قال إيه
- البنات دول مش بناتي، ما إن قالها بحذر وهو يراقب ردود افعالها حتى جن جنونها وهي تصرخ بوجهه بقهر.

- أنت واحد كدااااااااب وشكاك. بتصدق خيالك المريض وعايزني أصدقه معاك، احنا بنات سعد الجندي صدقت أو لاء مش هتفرق معايا لأنك مش بتهمني من الأساس، ساااامع أنت مش بتهمني
ختمت كلامها وركضت إلى الأعلى وما إن وصلت الى غرفتها حتى أغلقت بابها عليه وأخذت تأخذ أرضيتها ذهابا وإيابا وهي تجر شعرها للخلف.

بالتأكيد هذه لعبة منه لكي يؤذي والدها، هو محامي و وراء أسئلته هذه نية خبيثة، يريد أن يرميه بالسجن مرة اخرى بتهمة تزوير نسب بأوراق رسمية يريد أن يخدعها ويضغط عليها لتعترف على والدها
ولكن مستحيل أن تنطق حرف بهذا الموضوع بالذات فوالدها لطالما حذرهم من النقاش بهذا الموضوع.

مع اي كائن كان حتى بينهم بالمنزل كان ممنوع فتح هذه السيرة بتاتا، ولكن السؤال هنا من هو يحيى وإن كان حقا أخاها لما لم يخبرها سعد بذلك...
لمااااااااااا، أم أن كل هذا فقط خدعة من قبل الهجين.

في الاسفل عند شاهين رمى نفسه على الأريكة بعدما اختفت الأخرى من أمام نظره، تنهد وهو لا يعرف ماذا سوف يفعل، شكه سيقتله، سيلين تنكر و بشدة وياسين يرفض التصديق أو دعنا نقول يريد الرفض لأنه أكثر المتضررين إن كان والدهم من الصادقين...
و الآن لا يوجد دليل سوا كلمات سعد الأخيرة له...

استلقى على الأريكة بتعب حتى أنه سمع صوت طرقعة فقراته ليغمض عينيه بخمول و صداع أحتل رأسه الذي كان لا يتوقف عن التفكر المستمر ولكنه لم يجد أي جواب لما يجوب بداخله، مر وقت لا يستهان به وهو بدوامته هذه حتى أنه لم يشعر بنفسه كيف ومتى غفى على وضعه هكذا.

في المستشفى الأهلي، بعدما دقت الساعة الثانية صباحا بعد منتصف الليل. خرج الطبيب من إحدى الغرف الخاصة بعدما فحص حالة مريضه واطمأن عليه وما إن أخذ طريق العودة لمكتبه حتى توقفت قدميه بشكل تلقائي بالأرض وكأنه دعس على لاصق ثبته بمكانه و منعه من إكمال طريقه هذا ما إن وقع بصره على تلك الفتاة التي لفتت نظره منذ أول نظرة لها ومن وقتها انشغل تفكيره بها، ما بها لما شاردة طول الوقت ولما عينيها تطوف بهما الأحزان...

ولكن طالت نظراته لها ليجدها تقول بضجر دون أن تنظر له
- وبعدين بقا هو أنت كل لما هتشوفني هتبلم كدة
حمحم الطبيب حنجرته بإحراج
- احممممم بشبه عليكي
رمقته من طرف عينيها: كدبة قديمة و مكشوفة
تجاهل ماقالت عن تعمد وهو يسألها بفضول
- مالك زعلانه ليه
فتحت عينيها على وسعهما وقالت بحدة
- وأنت بتسأل ليه
استغرب طريقتها ولكنه بقى على سجيته الهادئة وقال: يمكن أساعدك
ميرال بهجوم: خدماتك دي وفرها لغيري أنا مستغنية عنها.

قطب جبينه باستفهام وقال
- أنتي ليه اندفاعية بالشكل ده
ردت عليه بنزعاج: وأنت حشري كدة ليه
- أستغفر الله العلي العظيم. قالها وهو يزفر أنفاسه بضجر ثم قال بعدما مد يده لها للمصافحة و أكمل، طب إيه رأيك نبدأ صح انا الدكتور عمر، وأنتي
نظرت الى يده باستخفاف ثم نهضت من مكانها وذهبت ولكنها توقفت عندما سمعته يقول بنبرة مليئة بالإغراء
- طب تحبي تدخلي تشوفي باباكي.

التفتت له وهي تعض شفتها بتفكير ثم قالت برفض ممزوج بقهر استشعره هو: لاء مش عايزة، هو زعلان مني ومش عايز يشوفني أكيد
اقترب منها وهو يقول: مافيش أب بيزعل من بنته، ممكن يزعل عليها آه. بس منها ما أظنش
ابتلعت لعابها وقالت بصوت مبحوح خائف
- تفتكر!
وضع يده بجيب البالطو الأبيض الخاص به وقال باقتراح: جربي مش هتخسري حاجة هو نايم دلوقتي...

أومأت له وذهبت نحو غرفة والدها ترددت كثيرا ولكن في النهاية اتخذت قرارها و دخلت إلى غرفة والدها لتقترب منه بخطواتها الهادئة
وما إن جلست على الأرض أمامه راكعة حتى مسكت يده المجعدة وانحنت لتقبلها بقوة ثم نظرت له وقالت بصوت بالكاد هي تسمعه.

- بابا، سامحني، بالله عليك سامحني مع إني مستاهلش ده، لأني خيبت ظنك وكسرتك، ماسمعتش كلامك، فاكر لما كنت تقول بنتي عاقلة وشاطرة و مستحيل تغلط، بس أنا غلطت بحق نفسي، غلطة ماتتغفرش
باباااا اصحى وكلمني وعلمني أنا تايهة من غيرك...
تعرف إن ماما بتقولي أنتي مش طبيعية وهي مش بتشوف نفسها، ردة فعل ماما لكل اللي حصل مش طبيعي، ألاقيها سرحانة وبتعيط، وبس...

بلاقيها مستسلمة للظروف بشكل غريب ده غير إن سيلين اختفت، أو بمعنى أصح أخدوها غصب قصادي وأنا فضلت أتفرج عليها ازاي بتقاومهم ومش عايزه تروح معاهم...
خيبت ظنها هي كمان، بس لازم تعرفوا أنا مش قد إني أقف قصادهم أنا أضعف من إني أحمي نفسي أو أختي منهم. تعرف لو سيلين كانت بمكاني وشافتهم بياخدوني كانت هتقلب الدنيا عليهم وتسحبني من حباب عنيهم بس اااء بسسسس.

بس أنا أنااااا، باباااااااااا بنتك ضاعت ومش عارفة تلاقي نفسها من تاني...
قطعت كلامها بغصة ونهضت عن الأرض وهي ترجف وتكمل بقهر من نفسها وعجزها التي استوطنها.

تعرف إني أبشع بنت ممكن ربنا يرزقها لأي أب وأبشع أخت. وأسوأ حبيبة وأتعس زوجة، أنا مش عايزة ألوم حد لااااا لااااا مش عايزة، لأن كل اللي حصلي من إيدي، أنا أستاهل كل اللي جرالي، والله أستاهل أنا مش ناكرة ده، وراضية بنصيبي الحمدلله، راضية باللي مكتوبلي
تركته وخرجت بسرعة بعدما رمت بعض ما كان يجوب بعقلها امام والدها دون ترتيب أو تجميل.

وجدت والدتها داليا ماتزال نائمة على مقاعد الانتظار، تجاهلتها وأخذت تمشي بالممرات وهي تسند يدها على الحائط وهناك رجفة خفية محتلة أوصالها، أما عينيها كانت كالعادة تفيض بالدموع ولكن لم تنزل منها ولا حتى دمعة واحدة...
وهذا أصعب شعور يصيب المجروح، هو الإختناق
تريد البكاء، نعم تريد هذا وبشدة ولكن جسدها العنيد يرفض انهيارها الآن...
وجدته يقف أمامها وهو يقول
- طمنيني عنك يا آنسة، بقيتي كويسة.

أغمضت عينيها بحرقة قلب من هذا اللقب الذي خسرته عنوة، فتحت عينيها ونظرت له بعدما كرر سؤاله باهتمام. لتجده شاب وسيم لا بأس به وهذه أول مرة تركز بشكله...
لا تعرف لم غضبت من نظراته التي كلما رآها وجدته يتجول بها على معالم وجهها باهتمام اااااخ لماااااا كل هذا الاهتمام، نطقت كلماتها باندفاع شرس ولكنه بارد حد الازعاج
- وأنت مالك إن كنت بقيت كويسة ولا لاء...

كاد أن يرد عليها إلا أنه لفت نظره ذراعها التي ترجف بشكل تلقائي ليقول باستغراب: مالها إيدك
ميرال بانفعال: أنت شكلك بتحب حد يقولك وأنت مالك صح
- تعالي معايا هديكي حقنة حالتك مايتسكتش عليها
قالها وهو يحاول أن يأخذها معه إلا أنها ابتعدت عن مرمى يديه وهي تقول بخوف ف الذي امامها متطفل حقا
- أنت عايز مني إيه، مالكش دعوة بيا
- بلاش عناد أنتي كدة بتأذي نفسك
- و إيه يعني هي أول مرة.

- لاااا أنتي الكلام مش بيجيب فايدة معاكي، قالها وهو يسحبها خلفه رغما عنها بعدما مسك يدها ولكن سرعان ما التفت نحوها ما إن وجد أحدا ما يقبض على يده بقوة شديدة ليحرر الأخرى منه. وما هي سوا زمن الإلتفاتة حتى وجد نفسه يفترش الأرض وهو يمسك فكه ويتأوه
جلس الآخر أمامه نصف جلسة وقال بغضب وغيرة وهو يخنقه بيده بقوة جعلت الطبيب يعافر للخلاص من قبضته الحديدية
- أوعى تلمس حاجة مش ليك تاني وإلاااااا...

ميرال بتدخل: سيبه يا ياسين.
نظر لها بعينين من الجمر وقال بغضب
- خايفة عليه،!
ميرال بصدق- لا
ياسين بإصرار: يبقى يموت مالوش لزمة عندنا
- براحتك، قالتها وهي ترفع منكبيها وتركتهم وأكملت طريقها، نهض ياسين ولحق بها بعدما حرر الآخر منه ورماه بعيدا عنه ليقول ما إن وصلها بغيرة
وهو يسحبها من عضدها
- كان عايز منك إيه
نفضت ذراعها منه وقالت بحدة: روح اسئله والا أنت ماتعرفش تتشطر إلا ع الستات مالكش بالرجالة.

ياسين بعصبية: ميرال!
- أنا كرهت اسمي بلاش كل شوية تناديني فيه
- طب رايحة فين؟
ردت عليه بلامبالاة: هنزل جوا عايزة أشم هوا
وضع يده على صدره المتأذي وقال بألم وهو ينهج
- هاجي معاكي
- بقولك عايزة أشم شوية هوا مش عايزة اتكتم أكتر
وقف أمامها تماما وقال: مش هسيبك لوحدك
ضربت بقوة على جرحه وقالت بانزعاح
- يااااااسين ابعد عن وشي بقلك
- ماشي، قالها بقبول وهو يبتعد عنها قليلا وأخذ يمشي خلفها بمسافة بسيطة.

التفتت له وقالت: أنت عايز إيه
- ولا حاجة غير إني أبقى معاكي
- بس أنا مش عايزة
- وأنتي مالك اعتبريني مش موجود
- أنت لا تطاق، قالتها بانزعاج ثم أكملت طريقها نحو المصعد وما إن صعدت به حتى أغلقت الباب بوجهه بعدما رفضت مشاركته المصعد وهي تقول بأمر
انزل من السلم. الرياضة مفيدة عشان جروحك تطيب بسرعة
بعد دقائق فقط وصلت إلى الحديقة الخلفية للمستشفى. كانت خالية تماما ومظلمة نوعا ما، ف الوقت متأخر جدا...

ذهبت نحو المقاعد الخشبية وما إن جلست عليها حتى قالت بتنهيدة ما إن لاحظت وقوفه خلفها كالظل
- وبعدهالك يا ابن اللداغ مش عايز تعتقني ليه، فاضل إيه عندي ولسه ماخدتوش
خدت مني قلبي وعقلي وجسمي وصحتي، فاضل إيه لسه نفسك فيه، قولي عايز إيه مني كمان عشان أدهولك بنفسي وتخفي بقى من حياتي...

ليقول الآخر بتمني: عايزك أنتي كلك، والله عايزك أنتي وبس من الدنيا دي، أنا مابقتش عارف أطلعك من دماغي، أيام بس، مجرد أيام بعدتي فيها عني خلتيني معرفش أفصل يومي إن كان ده الله او اخرى
ابتسمت بروح باهتة وقالت وهي تنظر الى سواد الليل الحالك الذي يغزو السماء.

- تعرف إني في مرة قريت نص حلو أوي لبنت كانت كاتبة لما جوزها غدرها، من شدة تأثيره حفظته بس ماكنتش متوقعة في يوم إني هكون بمكانها في يوم، تعرف ايه كان محتوى النص ده، ما إن قالت الأخيرة بحرقة قلب حتى أكملت بعدها بصوت قوي
غاضب مليئ بالخذلاااان
{ كان يا مكان هكذا هو الزمان، غدر، وخداع وأحزان، وعود زائفة وأكاذيب في كل وقت و أوان.

ورودك باتت رماد وعهودك قيود من نيران، عشقك أكذوبة، و وفائك أوهام. وإخلاصك حلم لم أراه حتى بالأحلام...
زوج مخادع غدار يتلوى أمامي كالثعبان حتى نجح بكسر أجنحتي فأصبحت كفراشة من دون الألوان غارقة بالجروح والآلام، فصفعاته لي كنت أتلقاها من كل مكان...

ليرسم القدر بنهاية المطاف حكايتي من سواد الكحل المغطي أجفاني، لتتلاشى بعدها أمنياتي وتتبعثر أمامي ولم يبقى الآن مني سوا أحزاني وبقايا روح تهوى النسيان فماذا تريد مني الآن }
أنهت القائها وصمتت بانكسار حقيقي ترفض أن تظهره أمامه، ارتدت بسرعة قناع جمودها ما إن رأته يقترب منها ليجلس أمامها على ركبتيه.

مسك كلتا يديها بترجي صامت وانحنى وقبلهما باعتذار عن كل ما بدر منه وما كان رد فعلها على هذا كله سوا الانزعاج وهي تسحب كفيها منه وتقول ببرود
- ليه بس القرف ده، ده أنا لسه غسلاهم
- أنا فاهمك أكتر من نفسك. أنت بتقولي كدة عشان تجرحيني بس ياميرال أنا والله حبيتك بجد
أومأت له وقالت بعدما سندت يدها الى جانبيه وأخذت تنظر الى داخل عينيه التي كانت تنظر لها بلهفة.

- عارفة، ماهو ربنا يمهل ولا يهمل، وسبحان الله انقلبت اللعبة عليك، كل مشهد مثلته عليا عشان توقعني بحبك كنت من غير ماتحس بتقع بحبي أكتر، أنا مش غبية عشان انخدع فيك كدة، أنا فعلا حسيت بحبك وقتها، بس اللي ماكنتش تعرفه انك غدرت نفسك قبل ماتغدرني، كل اللي عشناه كان خدعة أو تقدر تقول عليها نزوة، استغلتني ونجحت بده...
- أنتي كنتي...
قاطعته بابتسامة وهي تكرمش له وجهها.

- وحدة رخيصة بالنسبالك صح، ده اللي قولته ليا وقتها، الايد اللي بوستها من شوية هي نفسها اللي سحبت منها الخاتم وقولت أنه أغلى مني
و دلوقتي نجحت وخدت اللي كنت عايزه مني يعني انتهى دورك بفوزك، وخلصنا لحد هنا يا ابن الناس
ياسين بفزع: لااا مستحيل نكون خلصنا على كدة، وأديكي قولتيها من شوية بعظمة لسانك إني أذيت نفسي قبل ما أأذيكي...
نظرت له بتململ وهي تقول
- أيوه والمطلوب مني إيه دلوقتي.

- تديني فرصة إني أصلح اللي عملته وأعرفك إني عملت كل ده ليه...
- كنت ممكن أسمعك زمان لما كنت مخدوعة فيك بس دلوقتي لااااء، لااااااا أنت ولااااا أعذارك بقى ليهم لازمة عندي
- بس أنا بحبك والله بحبك
- قولها كمان
- ميرال حبيبتي والله أنا بحبك بموت فيكي وندمان إني أذيتك بالشكل ده...
- منظرك ده وأنت قاعد عند جزمتي وبتترجاني عشان أرجع أتقبلك من تاني وأتقبل حبك اللي زيك بيبرد ناري...

ياسين أنت لو آخر راجل بالدنيا مش هرجعلك...
أنا مش هتعقد منك بالعكس أنا هقوى بضعفك ده قدامي، هأرجع أكبر بشغلي وأنجح وهعيش حياتي بالطول والعرض
هو ده عقابي ليك هو إني أنفيك من حياتي ولا كأنه كان في يوم ليك لازمة...
وحق اللي رفع السما وفرش الأرض زي ما أنت شايفها كدة لهخليك تحلم فيا وما طولنيش، أنت عمرك ماهطولني أبدا
- مش هاخد على كلامك ده عشان جرحك مني لسه مفتوح.

- إصرارك ده بيمتعني، بحب أشوفك بتجري ومش هطول
- أنتي ماتعرفيش ياسين لحد دلوقتي، فبلاش تختبري صبري، لأن لو انتهى، بغمضة عين هتلاقي نفسك بحضني كدة
قال الأخيرة وهو يسحبها نحوه بحركة مفاجئة ليزرعها داخل أضلاعه بلهفة عاشق محب، وما إن باغت شفتيها بقبلة متطلبة مشتاقة حتى صرخ بصوت مكتوم وابتعد عنها وهو يضع يده على فمه بصدمة.

فهي عضته لاااا لاااا ليست عضة بل كانت أشبه بلدغة، نظر ياسين بذهول الى أنامله التي تلطخت بالدماء ثم نظر لها ليرى بمقلتيها حقد يكفي العالم
وهي تمسح فمها بقرف منه لتبعد خصلاتها عن وجهها، ثم أخذت تقول بعصبية وهي تكز على أسنانها
- عارف أنت مشكلتك إيه، إنك مش قادر تصدق إني مابقتش طايقاك، أنااااا مش عايزة أشوفك تاني. افهمها بقى مش عايزة...

صرخت بآخر كلماتها هذه لتجده أخذ ينظر حوله بضياع واضح ثم قال بإصرار متألم
- مش هسيبك يا ميرال لو مهما قولتي وعملتي، أنتي روحي. والروح مابتسبش صاحبها غير وقت الموت...
- ده مش حب ده ابتلاء، ما إن قالتها باستنكار لأفعاله حتى رد عليها ببرود تعلمه منها
- وكل أبتلاء هو من ربنا و لازم نتقبله
- عمري ماهتقبلك، وبعدين هو انت تعرف ربنا اصلا.

- هنشوف، قالها ثم تركها خلفه وعادت أدراجه الى داخل المستشفى بتعب فجروحه هاجت عليه بالمواجع، قطب جبينه بألم وهو يمسك صدره ليتنفس بصعوبه...
وما إن وصل الى غرفته حتى استلقى على سريره وهو يغمض عينيه بأرهاق دون أن يفكر بما حصل في الأسفل فهو الآن يريد فقط أن ينام.

اما عند ميرال ما إن بقيت لوحدها حتى جلست على المقعد مرة أخرى ورفعت نظرها الى السماء بحزن وشرود تام لم تشعر بذلك الذي كان يقف قريب منها نوعا ما وقد سمع كل الحوار الذي دار بينها وبين الآخر، تنهد وهو يلتفت ليعود الى مكتبه وهو قد فهم نوعا ما حالتها الغريبة هذه، وسبب وصولها لهذه النقطة هو ذلك البربري بالتأكيد.

في الصباح بالتحديد عند غالية التي كانت نائمة بأحضان زوجها براحة لأول مرة تشعر بها مرتاحة البال والقلب، ولكن هل هذا سيدوم طويل بالتأكيد لا يجب أن يأتي فاعل خير ويعكر مزاجها وبالفعل هذا ما حدث عندما أخذ اهتزاز الهاتف الذي بجانبها يرتفع بشكل ملحوظ...
مما جعلها تتحرك بانزعاج وبحركة عفوية مدت ذراعها بصوبه و سحبته من الطاولة ف الآخر مايزال يقيدها وكأنه خائف أن تفر منه ليلا وتحرمه منها...

ابتسمت بنعاس له وهي تضع الهاتف على أذنها وقبل أن تنطق بحرف وجدت صوت ناعم رقيق يقول
- صباح الخير يا بيبي
فتحت عينيها وذهب كل النعاس وهي تبعد الهاتف عنها بهدوء واخذت تنظر الى شاشته لتراه مسجل برقم غريب ولكن لاحظت الى جانب الرقم يوجد قلب يحترق بنار...
سمعتها تقول بمياعة: بيبي وحشتني ما ترد عليا اااالله هو انا ماوحشتكش ما تيجي نعمل رياضة صباحية
غالية بذهول: يعمل اااااايه
- مين معايا.

نظرت غالية لزوجها المبجل النائم بعمق ثم قالت بتهكم: معاكي مراته للبيبي شخصيا
شهقت ثم قالت بانزعاج، : هو الباشا اتجوز
- تخيلي، اسمعيني كويس يابت أنتي يحيى اتجوز وتاب من القرف اللي زيك، حسك عينك تتصلي فيه تاني...
ربنا يبعد شركم عنه
ردت عليها بعين قوية و وقاحة: أبعد ايه، ده في بعدك حتى لو فعلا اتجوزك أكيد عرفي و يومين وهيرميكي ويرجعلي هو مايقدرش يستغنى عن دلعي...

غالية بثقة: اللي زيك هما اللي بيترموا مش أنا...
- صدقيني هيرميكي لأنك مهما عملتي مش هتعرفي توصليه للي هو عايزه زيي، ما إن قالتها بتعمد لتغيظها حتى ردت عليها وهي تقول باستخفاف
- ومالك فخورة أوي كدة ليه بقرفك ده، أعوذ بالله منك ومن شرك، اسمعيني يحيى تنسيه خالص
هو بيحبني أنا واتجوزني أنا...
- الباشا بيحبك ههههههههههه حلوة النكتة دي.

غالية بغيرة وتملك: أيوه بيحبني وأنا بحبه ومش هسمحلك تقربي منه تاني خلاص هو بقى ليا، مكتوب على بطاقته اسمي، يعني يحيى بتاعي أنا وبسسسسس
قالت الأخيرة بانفعال ولم تشعر إلا و الهاتف ينسحب منها من قبل زوجها الذي أغلقه بشكل نهائي على الفور وما إن رماه بإهمال للطرف الآخر وعاد لاحتضانها وهو يدفن وجهه بعنقها وكأن شيئا لم يكن.

حتى لوت شفتيها بزعل وما هي سوا ثواني حتى أخذ يضحك عليها رغما عنه وما جعل ضحكه هذا يزداد هو عندما أخذت تدفعه عنها وهي تقول
- أوعى، أوعى كدة يا بتاع الستات...
يحيى بمشاكسة: بتغيري عليا غلاتي
غالية بإنكار: لا لا غيرة إيه بس دي مسألة كرامة
- طلعتي بتحبيني وتملكتي فيا كمان، ما إن قالها حتى ردت عليه بخجل: أنا قولت كدة عشان أغيظها بس.

- بقى كدة طيب أقوم أروحلها طالما أنتي مش بتحبيني، ما إن قالها وهو يبتعد عنها حتى تفاجأ بها تدفعه إلى جانبها لتعتليه هي هذا المرة بعدما كان هو معتليها
رفعت يدها بتهديد وقالت: والله لو كلمتها هي أو غيرها لهوريك كيد النسا هيكون ازاي وساعتها هتتمنى اللي جرى ما كان
- ده تهديد بقى
- أيوه
- أنتي قده
- أيوه
- يعني مش خايفة
غالية بمكر: أنا لما كنت لوحدي ماخفتش فما بالك دلوقتي بعد ما بقيت مرات يحيى اللداغ.

صمت وهو تائه بجمال مانطقته الآن ليقول بهيام بها وبشخصيتها: بحبك
- روح الله يسهلك، قالتها وهي تبتعد عنه لينهض خلفها بسرعة وحاوط خصرها من الخلف وأسند ذقنه على منكبها الأيمن وهو يقول بخفوت هامس بعدما عض شحمة أذنها
- رايحة فين بس
- أعمل فطار
- هو ده وقته...
- احنا الصبح عايزني أعمل غدا والا إيه
- سيبك من الأكل دلوقتي، وفكري فيا شوية ده أنا عريس مع إيقاف التنفيذ
غالية بمراوغة: عايز إيه يعني أرقصلك.

غمزها وقال بحرارة: يااااريت والله
غالية بتحذير: يحيى!
رد عليها باندفاع- طب إيه رأيك نلعب رياضة من نوع جديد هيعجبك أكيد على ضمانتي
التفتت له بغيرة وهي تبعده عنها بعدما تذكرت كلام الأخرى: آااااااه قولتلي، رياضة، ما أنت متعود عليها بقى، متعود على قلة الأدب. رياضة صباحية مش كدة يابيبي
ليقول وهو يتهرب منها فهي الآن منظرها يوحي بأنها ستنهش لحمه ني: أنا هروح استحمى أحسن.

- أيوووووه استحمى هو ده حلك الوحيد لحالتك الصعبة دي...
- بومة مش وش نعمة ودلع، غمغم بها وهو يذهب نحو الحمام و أغلق الباب خلفه لتركض نحو السرير وما إن رمت نفسها عليه حتى سحبت هاتفه وفتحته ولكن ما إن تم تفعيله حتى أخذت اشعارات الرسائل تهل عليه كالمطر...

حاولت فتحه ولكن هناك رمز سري، حاولت اسمه لم ينجح حاولت اسمها، غلا، غلاتي، غالية، ولم يفتح، تأفأفت بضجر وهي تجلس بتفكير لتسحب الهاتف بسرعة وما إن كتبت، غلا الروح، حتى انفتح بسرعة لتبتسم باتساع لدرجة ظهرت كل أسنانها بسعادة فهو كتب غزله بها رمزا لهاتفه.

ولكن سرعان ماتجهم وجهها عندما فتحت رسالة تلك البغيظة لتجدها كلها غزل جريئ تخجل أن تقوله هي بينها وبين نفسها، ولكن رسالتها الأخيرة جعلتها تصرخ بغضب عندما وجدتها تطلب منه أن يقابلها بعد ساعة من الآن بمكانهم المعتاد
تركت الهاتف من يدها ونهضت وهي تحتضن الوسادة وما إن وجدته يخرج من الحمام حتى ضربته بالوسادة من شدة الغيرة
- مالك في ايه
- ماليش
- أومال زعلانه كدة ليه
- من السعادة اللي أنا فيها...

تجاهل كلامها وذهب ليرتدي ثيابه وما إن انتهى حتى سحب هاتفه ليقرا رسالة الدعوة لتجده يقول بعدها: أنا طالع
غالية بفزع: على فين؟
- أنتي من امتى بتسألي ولاااا أنا من امتى برد
- يحيى
- نعم...
- ماتخونيش، ما إن قالتها بترجي حتى رد عليها
- ما وعدكيش
- طالما كدة متمسك فيا كدة ليه
- مراتي،!
- وده يديك الحق إنك تأذيني بالشكل ده.

- أنتي اللي بتجيبي الأذية لنفسك، يالا سلام دلوقتي أنا تأخرت، ما إن قالها وهو يتخطاها وخرج للصالة حتى لحقت به وهي تقول بغيرة
- تأخرت على القرف بتاعك. صح
التفت لها وقال بعصبية: غاااالية أنتي مصدعة والا حاجة ماتفوقي لنفسك، كادت أن ترد عليه إلا أنه قاطعها وهو يكمل، كلمة زيادة وهخليكي تندمي على اليوم اللي شفتيني فيه
- قال يعني أنا مش ندمانة دلوقتي، ما إن ردت عليه بتذمر حتى عاد لها وقبض على عضدها وهو يقول.

- أنت عايزة إيه بالضبط
صرخت بوجهه وهي تقول بنرفزة
- ماتروحلهاش
- ليه، قالها وهو يريد أن تمنعه من غيرها يريد ان يجعلها تفوق وتتنازل عن عنادها قليلا فهو الآن يختبرها واستغل هذا الموضوع لصالحه ولكن حبطت معنوياته ما إن ردت عليه وقالت
- عشان حرام، ده زنا
نظر لها قليلا ثم قال: غيره!

- لو الحرام والزنا وغضب ربنا عليك ماهزوش فيك حاجة ف أنا مهما قلت مش هيأثر فيك، أنت عامل زي اللي قال ربنا عليهم بكتابه الكريم (ختم لله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبص رهم غش وة)...
ما ان سمع الاية حتى اهتز قلبه وشعر بأن كل خليه فيه تعرقت رهبة، فاق من حالته وهي تكمل.

روح يا يحيى للي مستنياك روح، ما إن قالتها وهي تدفعه عنها حتى وجدته التفت حقا وذهب لباب الشقة ولكن ما جعله يقف هو عندما اخترق سمعه شهقه مجروحة خرجت منها
التفت لها لينصدم من منظرها كانت تقف وهي تغلق فمها بكلتا كفيها ودموعها وآاااااااااااه من دموعها التي أغلى من روحه...
ضغط على شفتيه بقوة بعدما رمى مفاتيح سيارته بإهمال...

- تعالي، قالها وهو يفتح ذراعيه لها، كرر طلبه منها مرة أخرى عندما وجدها تحرك رأسها بنفي ترفض قربه منها، وما إن وجدها أصرت على رفضها هذا حتى اقترب منها وهو يقول دون أن يلمسها لكي لا تنفعل أكثر
- بتعيطي ليه، مش أنتي اللي قولتيلي روحلها
لتقول بضيق وهي تمسح دموعها
- واشمعنى المرادي سمعت كلامي
انحنى قليلا ليصبح وجهه بوجهها واخذ يتحسس وجنتها الحمراء بأبهامه وهو يقول
- حقك عليا.

نظرت له بعينين دامعة وقالت بترقب مضحك
- يعني مش هتروح لها
ابتسم على شكلها اللطيف هذا
- مش هروح
لوت شفتيها بدلال عفوي وهي تقول: طب احلف؟!
- واللي خلقك ليا و رزقني فيكي يا أحلى هدية ما أنا رايح ليها ولا لغيرها
- طيب، تيجي نفطر سوا، قالتها بابتسامة وخجل من نظراته التي تخترقها حرفيا ليبتسم عليها وهو يقول
- ماله نفطر ياقمر
علي الجهة الأخرى
فتح عينيه بتعب ما إن وجد شريكة عمره تحتضنه.

وهي تقول بفرحة: وحشتني يا سعد أنا من غيرك ولا حاجة
رفع يده بثقل وأخذ يمسح على رأسها بضعف ثم أخذ
يبتلع لعابه الجاف وهو يقول بصعوبة
- سسسس، سسسيييلين
- هي كويسة يا حبيبي
- لااااا، قالها ونزلت دمعة من طرف عينيه لتمسحها داليا بسرعة وهي تقول بحزم.
- بلاش تقهر نفسك احنا محتاجينلك، كلنا محتاجينلك وأنا أولهم...
- سسيلين فين
- هترجع لو بقيت كويس
- عند شاااا شاااهين مششش كدة
- أيوه
- عايز أشوفهههه.

- حاضر بس هدي نفسك معاهم حق الدكاترة لما تنيمك بالمهدئات
لم يهتم لكلامها وأعاد سؤاله مرة أخرى بإصرار
- ممميرال فين
- برا
- ناديهاااا
- حاضر ياحبيبي بس بالله عليك بالراحة على نفسك أنا مش مصدقة إنك صحيت وبتتكلم معانا بلاش تأذينا فيك أكتر من كدة...
ما إن أومأ لها حتى ابتسم بتعب عندما وجدها تطبع قبلة سطحية على شفتيه وتقول بفرحة
- وحشتني يا روحي وسقف بيتي اللي تهد بغيابك.

تعرف إني اكتشفت إني مابعرفش اتصرف من غيرك
سعد قوي نفسك عشانا، احنا ضعنا بغيابك
أشار لها بعينيه أن تقترب منه وما إن نفذت حتى قبلها بخمول على جبهتها ثم قال ببتسامة
- ده، اخري، نادي، مييييرال بقى
- حاضر ياحبيبي، قالتها وذهبت نحو الباب ونادتها بالفعل، لتتردد الأخرى من الدخول عليه ولكن داليا لم تمهلها الوقت لتفكير فهي مالت عليها وسحبتها للداخل لتقع عينيها على والدها ليرتجف فكها.

لتمرر يدها على وجهها بسرعة لتمنع نفسها من انهيار مؤكد. خاصة عندما رفع يده لها لتأتي له...
نظرت الى والدتها التي أسندت ظهرها على الحائط
واخذت تراقبهم بدموع، ثم التفتت مرة أخرى الى والدها الذي كان ينظر لها بحنان أب مشتاق لأطفاله
- مش عايزة أعيط على واحد مايستاهلش ولا حتى على نفسي ده عقابي ليا، قالتها وهي تقترب منه وما إن أمسكت يده التي مازالت ممدودة لتقبلها حتى وجدته يسحبها اليه يحتضنها.

توقف العالم بالنسبة لها هي الآن مدفونه بأحضان أكثر شخص يحبها بهذا العالم، بأحضان والدها الروحي، أغمضت عينيها وهي تعض شفتيها ما إن شعرت بدفئه عليها، ثانية والأخرى و بدأت دموعها تنزل من مقلتيها و انهارت حصونها الواهية...
حاولت أن تسيطر على نفسها وصوتها إلا أن انفجارها
كان كبيرا بحجم جرحها، صوت شهقاتها العالية شق صدرها من قوته...

لم تنطق بحرف اكتفت بالبكاء المرير بأحضان والدها وهو اكتفى بما سمعه منها ب ليلة أمس، لقد كان يسمعها بتمعن...
نظر الى داليا التي كانت حالتها لا تقل عن الآخر.

أومأ لها بالإقترب لتركض له دون تردد لترمي نفسها إلى الجهة الأخرى من صدره ليحاوطهم معا وأخذ يستنشقهم بلهفة ليختنق بقهر أب وهو يحاول ان يخفي دموعه عنهم ما إن بدأ قلبه المريض يبحث عن رائحة صغيرته الغائبة، وما زاد جنونه عليها هو عندما عرف من ميرال كيف تم أخذها عنوة من بينهم...

بينما كان الطبيب يقف عند باب الغرفة بصدمة من هذا المنظر الذي يراه الآن أول مرة يرى عائلة بهذا التماسك، خرج وأغلق الباب خلفه بهدوء دون أن يشعروا به تاركا لهم مساحتهم الخاصة
بالمزرعة عند سيلين التي كانت تنظر لشاهين بزعل ممزوج بحقد بين الحين والآخر فهي لم تنسى كلماته ليلة أمس. ولكن الذي استغربته هو عدم اقترابه منها أو حتى وجه لها أي كلام سوا أن تعد له القهوة وما إن رفضت حتى ذهب و أعدها.

بنفسه ثم دخل الى المكتب بعدما جاءه شخص وأعطاه حقيبة مليئة بالأوراق التي لا حصر لها
وها هي الآن تجلس لوحدها والآخر مايزال غارقا بعمله منذ أكثر من ثلاث ساعات
انتفضت من مكانها بذهول ما إن سمعت صوت تكسير يأتي من المكتب، ركضت نحوه وما إن فتحت الباب حتى صرخ بها
- براااااااااااا
أخذ الهجين ينهج بانفعال بعدما تركته وصعدت بسرعة إلى الأعلى خائفة من حالته هذه.

أخذ ينظر إلى الأوراق التي لا فائدة لها فهو لم يجد شيئا يخص موضوع النسب أو حتى ورقة مخالفة للقانون...
لم يبقى لدية الآن سوا آخر حل وهو تحليل ال DNA، أومأ برأسه مؤيدا ما يفكر به الآن ثم صعد الى غرفته وما إن وصلها وفتح الباب حتى أبعدت نظرها عنه بضيق...
ذهب نحو مرآة الزينة وسحب فرشاة من عليها وذهب وجلس خلفها وأخذ يمشط خصلاتها بهدوء.

مما جعلها تلتفت له بعدم تصديق من مايفعل الآن لتقول وهي تضرب يديها ببعضهما
- أقطع دراعي لو أنت صاحي وطبيعي أكيد بتضرب حاجة واااء.
قطعت كلامها وصمتت عندما شعرت بجسر أنفه يتجول على عنقها وجيدها بعدما حاوطها من خلفه وسحبها نحوه ليلصقها به
- شاهين
- هممممممم
التفتت له برأسها وقالت بفضول
- مين يحيى ده، اللي شاكك أنه اخويا
- ادعي أنه مايبقاش أخوكي فعلا
سيلين بكذب: مع إني متأكدة أنه مش أخويا بس عايزة أعرف مين.

- تعرفي لو أنتي طلعتي بنت ماهر بجد هتبقى كارثة
ردت عليه بخوف: بس أنا بنت سعد
شاهين بصدق: أتمنى
سيلين بتساؤل: أنت تعرف ماهر اللداغ منين، لاااا استنى، اللداغ اسم عيلتك كمان، أنا ازاي فاتتني دي...
- ساعات بتبقى الحاجة قصادنا وما نخدش بالنا منها غير لما يفوت الأوان
- أيوه يعني يبقالك ايه ماهر ده اللي أنت مصر تعملني بنته...

شاهين بحدة ليتخلص من اسئلتها التي لا تنتهي: أنتي مركزة معه كدة ليه. هو أنتي مش بنت سعد زي ما بتقولي
سيلين بتوتر: ايوة
- يبقى خلصنا...
- طيب ماتزقش، قالتها وهي تدفعه عنها وتنهض لتخرج
- رايحة فين؟
نظرت له وقالت: أعملي ساندوتش أصلي جعانة
بجوع هو الآخر: اعمليلي معاكي
حركت منكبيها برفض وهي تقول
- كل واحد يعمل لنفسه
ابتسم وقال: لسه زعلانة مني
حركت رأسها بدلال وقالت: أنت شايف إيه.

شاهين برغبة حب: شايف إن بطتي مدايقة مني وأنا لازم أصالحها وأعملها أحلى نفخ لشفايفها
- الهجين؟
رفع خطي حاجبيه وقال بترقب
- ماله؟
جعلت عينيها تذبل وهي تقول بغرور
- شكله حلو وهو دايب فيا
- ماهو اللي زيك ماينفعش يتحب من شخص عادي والسلام، لازم يكون مخالف للتوقعات زي مقوماتك
- أنت قليل الأدب صح بس تصدق صعبت عليا وهروح أعملك أكل معايا، قالتها وهي تضرب شعرها بدلع ثم خرجت ليضحك الآخر عليها وعلى روحها البريئة...

ولكن سرعان ما تحولت نظراته للغضب وهو ينظر للفرشاة ليسحب منها بعض الشعيرات العالقة وذهب نحو الدولاب وأخرج من أحد ستراته منديلا ليضع شعرها به
الى جانب شعر يحيى ثم وضعهم بجيب بنطاله
ونزل بسرعة وعقله يصور له سيناريوهات متعبة للعقل و
الأعصاب
انتهى من السلم وكاد أن يتوجه للخارج إلا أنها أوقفته ما إن قالت: رايح فين مش هتاكل
- هروح أعمل مشوار وهجيبلك معايا أكل من برا ع العشا.

سيلين بفرحة طفلة: بجد!؟ ده بابا كان بيكره أكل المطاعم ودي فرصتي وجت لحد عندي، هاتلي بيتزا هات اكسترا جيز وكنتاكي
رد عليها بحب وهو يقرص وجنتها
- بطتي تؤمرني وأنا أنفذ
- طب خد ده مني عشان خاطري قالتها وهي تمد له السندوتش لتجده يمسك فكها وانحنى لثغرها يقبلها بعدما قال...
- لا أنا عايز آكل دول.

ذابت بين ذراعيه لا بل انصهرت معه وما إن ابتعد عنها حتى لاطف شفتيها مرة أخرى برقة ثم قبل ما بين عينيها وهو يقول بلهاث
- عمري ماحبيت ولا هحب ست زيك سيلينا، أصلا أنا مش بشوف غيرك
- يااااا حرام، الهجين جا يصيدني فصدته أنا...
قالتها بغرورها المعتاد حتى ضحكت بصوت رنان ما إن عض وجنتها بقوة ثم تركها وذهب مسرعا قبل أن يتراجع عن الذهاب ليبقى معها ويفعل بها أشياء يرغبها وبشدة
في كافتريا المستشفى
داليا باستفسار.

- كنتي فين الصبح قبل ما يصحى باباكي
تنهدت ميرال بعدما احتست قهوتها وقالت بوجع داخلي: كنت ببتنا أقصد باللي كان بيتنا، جبت شنطنا. أهي بالعربية تحت
داليا بضيق: ليه ماقولتليش آجي معاكي. ليه رحتي لوحدك
- ماكنتيش هتستحملي المنظر والله
- وأنتي استحملتي
- هي جت على دي يا أمي، قالتها بمسايرة كاذبة تريد بها أن تداري حرقة قلبها فهي تدمرت حرفيا وهي تراهم يخرجونهم من منزلهم عنوة بسبب الديون وقروض البنك...

- حنروح فين دلوقتي
- اليومين دي قاعدين مع بابا بالمستشفى وأنا بالوقت ده هدور على شقة للإيجار تناسب وضعنا ده
- وهتدفعي منين
- عندي فلوس شغلي اللي بقالي سنين بشتغله وما بصرفش منه
- طب الفلوس اللي عندك هتكفي إيه والا إيه، المستشفى والا الشقة
نظرت إلى ذلك الذي أخذ يقترب منهم وقالت
- حساب المستشفى ياسين هو اللي يدفعه...
ياسين بمشاكسة: مين اللي قال كدة.

ميرال بجبروت يليق بها غصب عنك هتدفع. صلح الغلط اللي احنا فيه ده كله بسببك
- إيه الثقة دي، قالها ياسين وهو يجلس إلى جوارهم
كتفت ساعديها وقالت برفعة حاجب
- عندك اعتراض
ياسين بحب: هو أنا أقدر، أنا وفلوسي وحياتي تحت أمرك
نظرت له ميرال بعدم رضا ثم تركته ونهصت لتقف بعيدا عنه فوجوده بالقرب منها يزعجها حقا
نطقت داليا بضيق
- وطالما بتحبها كدة إيه اللي هببته ده
ياسين بتنهيدة ندم: غلطة وهصلحها أكيد.

داليا برفض: تصلح إيه، ده أنا هقطم رقبتها بنفسي لو فكرت إنها تسامحك بس مش ترجعلك، أنا ساعدتك في الأول وايدتك لأني فكرت إنك بتحبها بجد و هتصونها بس بعد اللي جرى...
- اااايوه بعد اللي جرى هتعملي إيه
- هقولك مالكش حاجة عندنا
- ميرال هترجع ليا من تاني
- لما تشوف حلمة ودنك، ما إن قالتها حتى كاد أن ينهض من جانبها بغضب من كلماتها هذه إلا أنها منعته من ذلك ما إن طلبت منه الإتصال على أخيه
- عايزة من شاهين إيه.

ردت عليه بشراسة: بنتي عنده هكون عايزة ايه يعني
- والله أنا اللي لازم أخاف على أخويا معاها مش العكس بناتك دول مفتريين أنا تحرقت من وحدة. والتاني ربنا العالم بحاله...
- اتصل عليه وبلاش تعملي فيها غلبان وأنت موقع نص مصر في بعضها
- حاضر بس أقوله إيه يعني لو عشان تكلمي سيلين هيقفله بوشنا زي المرة اللي فاتت
- لا المرادي عشان سعد عايز يشوفه.

صمت وهو مستغرب من هذا الطلب إلا أنه نفذ ما أرادت. بعدما ابتعد عنها. اتصل بالهجين الذي كان بهذا الوقت قد خرج من أكبر مختبر لجنايات فهو حسب عمله بسلك المحاماة استطاع ان يزرع أحد رجاله بوسطهم ومن خلاله سيتم اجراء الفحص بمنتهى الدقة والخصوصية
صعد الى سيارته بهمة وما إن انطلق بها حتى جاءه اتصال من أخيه، وما إن ضغط على زر الإجابة حتى سمعه يقول.
- شاهين أنت فين في حاجة
- ليه في حاجة
- سعد فاق.

- والمطلوب مني إيه، أوووعى تقولي أنه عايز يشوف سيلين
ياسين بتعديل: لا هو عايز يشوفك أنت
- أنا،؟!
- والله ده اللي وصلني من مراته، هاااا قولت إيه هتيجي ولا هتكنسل عليه
- اكنسل إيه ده أنا محتاج المقابلة دي أكتر منه
- يعني؟
- قوله مسافة السكة وهيكون عندك، قالها وهو يرمي الهاتف الى المقعد الذي بجانبه وأخذ يزيد بسرعته ليصل لهدفه بأسرع وقت.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة