قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس والثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس والثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس والثلاثون

((، بعد خمس سنين، ))
المكان، أسكندرية...
الوقت في إحدى ليالي ديسمبر الباردة لا بل شديدة البرودة، الأجواء كانت مخيفة صوت الرعد يرج الأرجاء مع أمواج البحر الهائجة غضبا
يليه كثرة الناس على الأرصفة وأصواتهم وهم يركضون باتجاهات مختلفة يريدون الأختباء من حبات المطر التي تجعل جسدهم يقشعر مع مزامير السيارات في الشوارع المزدحمة...

كان الوضع عبارة عن فوضى في فوضى حرفيا كما في داخل تلك التي تقف أمام النافذة وتشاهد كل هذا بصمت قاتل...
رفعت كوبها الكبير وارتشفت منه القهوة بهدوء مميت ثم أنزلته لتحتضنه براحتيها وأخذت تستشعر حرارته وهي ما زالت شاردة بالأجواء الخارجية
وكأنها متعجبة فهي لأول مرة ترى شيئا يعبر عنها
ولو لدرجة بسيطة ولكنها تقسم كل هذا الضجيج لا يأتي بمقارنة مما في داخلها، على مايبدو هذا الشتاء قارسي المناخ ومزاجي.

خرجت من شرودها و رفعت حاجبيها والتفتت للخلف ما إن سمعت صوت قفل الباب الرئيسي للشقة يفتح، وضعت كوبها على الطاولة وهي تبتسم بحب عندما وجدت عائلتها تدخل ليليه صوت تلك الشقية التي تذوب عشقا بها وهي تركض نحوها وتقول
- مااااامي، وحشتيني
انحنت نحوها واستقبلتها بذراعين مفتوحتين لتحملها باحتواء و اخذت تقبل وجنتيها الناعمة بقوة ثم نظرت لوالديها الذين جلسا على الأريكة بتعب.

انتقلت بنظرها لأختها وقالت باستفسار بعدما جلست هي ايضا
- اتأخرتم كدة ليه...
لتقول سيلين بتعب هي الأخرى
- بسبب العفريتة اللي بحضنك دي...
- يوووووه أنا مش عفريته أنا إنسانة، قالتها بتذمر لذيذ وهي تزم شفتيها
سيلين بعصبية من شقاوتها التي لا تنتهي
- قصدك حيوانة
نظرت سيلا الى ميرال وقالت بطريقة جميلة
- شفتي يا مامي سيلين بتقولي ايه.

سيلين بغيظ: بقى ميرال مامي وأنا اللي شلتك في بطني تسع شهور تقوليلي يا سيلين هي دي آخرة تربيتي يامقصوفة الرقبة
ردت عليها بتذمر
- ماشلتنيش لوحدي في بطنك كان سعد معايا
ضحك الجميع عليها وعلى طريقتها بالكلام ثم
قالت ميرال وهي تنظر لذلك الصغير
- حبيب خالتوا ده شكله تعب خالص
سيلين بتأكيد: طبعا هيتعب طول ما طلبات الست سيلا اللي ماكنتش تخلص بالمول، عايزة من ده وده لا ده وحش وده مش عارفة ايه...

- إيه ده! هو مش عيد ميلادي بكرة ومن حقي أدلع
- وعيد ميلاد أخوكي كمان بس أنتي خدتي كل حاجة على ذوقك أنتي
- ما أنا سألته وقولتله ترضى إني أشتري كل الحاجات على ذوقي وهو وافق، احنا توأم يعني واحد
- طبعا هيوافق هو ييجي ايه جنبك ده لو اعترض تاكليه باسنانك المبرد ده
- لاء هو وافق عشان بيحبني، ما إن قالتها حتى ابتسم سعد الكبير بحب لذلك الذي يغفو على صدره وأخذ يملس على شعره الناعم وهو يقول.

- هو في زي حنية سعد...
- هو يعني أنا اللي وحشة يا جدو ولا عشان اسمه زي اسمك
سيلين بتنهيدة: سيلاااااا احنا مصدعين فبلاش اسطوانة كل يوم وتدوشينا برغيك
قالت داليا بحنان: سيبيها دي أحلى حاجة فيها
نظرت سيلا بزعل لوالدتها وقالت بدلال وهي تؤشر على نفسها بسبابتها الصغيرة بمنتهى البراءة
- أنا رغاية يامامي، أنااااااا روحي خلاص أنا مخصماك، ربنا يسامحك.

أشاحت سيلين بيدها وقالت بلامبالاة: أحسن وياريت تفضلي زعلانة كدة كتير هااا طولي شوية بزعلك
زادت بلوية شفتيها وفتحت عينيها باندهاش وهي تقول باختناق طفيف- وتهون عليكي سيلا حبيبتك
- جدا، خاصميني بقا أوعي تصالحيني، ما إن قالتها سيلين حتى نزلت سيلا من حضن خالتها بسرعة وذهبت نحو والدتها واحتضنتها وهي تقول بلهفة
- لااااا أنا بحبك
ابعدت سيلين وجهها للجهة الأخرى بزعل مصطنع وهي تحاول ألا تضحك أمامها لتقول.

- وأنا مش بحبك
رفعت سيلا جسدها للأعلى قليلا و وضعت كف يدها الصغير على وجه والدتها وأدارته لها وما إن نظرت الى عينيها حتى قالت بجمال لا يوصف
- حبيني، ده أنا سيلا
- اااااخ منك اااااخ، قالتها وهي تعض أصابعها بقوة من شدة جمال تلك العفريته ثم احتضنتها بحنان أم وأخذت تقبلها كثيرا تزامنا مع ارتفاع ضحكاتها الطفولية...
ثم نهضت و وضعتها على الأرض وضربتها على أسفل ظهرها وهي تقول.

- يالا قدامي ع الأوضة عشان نغير هدومنا ونغسل سناننا وننام
- حاضر، ما إن قالتها وركضت لغرفتهم حتى تقدمت سيلين من والدها وحملت ابنها منه لتسند جسده الصغير على صدرها ثم دفنت أنفها بعنقه واستنشقت عطر طفولته بقوة وهي تتوجه للداخل
دخلت الى غرفتهم الطفولية لترى تلك العفريتة اخذت تغير ثيابها لتذهب هي نحو سرير ابنها وما إن وضعته وبدأت بنزع حذائه حتى وجدته فتح عينيه بنعاس شديد وهو يقول
- ماما.

ابتسمت له وأخذت تلعب بشعره الحريري وهي تقول: ياقلبها أنت
سعد وهو يغمض عينيه ويفتحهما وكأنه يقاوم نعاسه وهو يقول: بكرة عيد ميلادي
- أيوه يا حبيبي العمر كله يارب، قالتها وهي تنهض وتأتي بثيابه وأخذت تساعده بتغيير ما عليه لتتجمد يدها عنه ما إن قال
- عايز تديني صورة بابي أشوفها
ركضت نحوهم سيلا وقالت بحماس
- أيوه يامامي عايزين نشوف صورة بابي
سيلين بتهرب: ماعنديش صورة ليه يا حبايبي...

سعد بضيق طفولي: أزاي ماعندكيش
سيلين بتوتر: ضاعو مني
سعد بإصرار: طب هييجي امتى من السفر
- معرفش و يا لا ناموا مش وقت الكلام ده وبعدين أنت إيه اللي صحاك مش كنت نايم
- هو ليه لما نسألك على بابا ماترديش، أنا كبرت بكرة هبقى أربع سنين، عايز أشوف بابا أنا ولا مرة شفته
قولتيلي لما تكبرو هتعرفو وهييجي وماجاش
- سعد حبيبي اااء
قاطعته تلك الشقية وهي تقول.

- طب كلميه واعرفي هيرجع امتى وقوليله سيلا بتحبك وبتقولك تعالى بسرعة
نظرت سيلين لأبنها الذي أنزل رأسه بحزن وصمت لتقول وهي تقرصه من وجنته بخفة
- وأنت ياحبيبي مش هتقول قوليله بحبه
- أحبه ليه وهو سابنا...
- كم مرة قولت أنه ماسبناش هو سافر شغل و دايما بيتصل يسأل عليكم بس أنتم بتكونو نايمين وكل شهر بيبعت ليكم هدايا.

- كان يقدر يشتغل هنا وكان يقدر يتصل واحنا صاحيين بس هو مش بيحبنا يبقى أنا كمان مش بحبه ومش عايز حاجة منه لا هدية ولا غيره
ما إن قالها ذلك الطفل بحزن ممزوج بعناد حتى تنهدت سيلين بصبر طويل ثم قالت
- وطالما مش بتحبه وزعلان منه أوي كدة عايز تشوفه ليه
- نفسي أشوفه كل صحابي بالنادي عندهم أب إلا أنا.

انعصر قلبها ما إن سمعت ما يقوله بهذه الطريقة لترد عليه بسرعة: ليه بتقول كدة ياحبيبي هو بابا سعد مش معاك دايما، ده كمان أبوك
تدخلت سيلا برفض: لا جدو سعد ده باباكي أنتي احنا عايزين بابانا احنا
سيلين بعصبية: وبعدين بقى أسكت واحد يتكلم التاني...
كادت أن تتكلم سيلا إلا أن سيلين قالت لها بحدة
- ماسمعش صوتك يالا على سريرك، وأنت التاني نام يالاااا
نهضت من مكانها وأخذت تدثرهم بالغطاء ثم أطفأت.

النور عليهم وخرجت متوجهة الى غرفتهم هي وميرال...
وما إن دخلتها حتى أغلقت الباب بقوة ثم أسندت ظهرها عليه وأخذت تنزل ببطئ للأسفل حتى جلست على الأرض وهي تبكي بحرقة وما إن زاد بكائها وارتفع صوتها
حتى قالت ميرال بسخرية مريرة
- عياط ماقبل النوم
رفعت سيلين رأسها بفزع ومسحت دموعها وهي تقول: أنتي هنا
ذهبت نحوها وجلست أمامها على الأرض وهي تقول: لا هناك، وبعدهالك كل يوم عياط هتنسي امتى.

أوعي تكوني مفكرة إني مش بسمع عياطك كل ليلة
انسي، لازم تنسي
سيلين بانفعال وآثار الدموع واضحة على وجنتيها أما عينيها فكانت شديدة الاحمرار
- انسى ااايه، أنا لو نسيت ولادي هيفكروني...
أنتي مفكرة إني ببكي عليه، أنا ببكي على نفسي
عارفة يعني إيه أخلف وأنا حاسه إني عاملة حاجة غلط، مين يصدق إني أتجوزته فعلا.

أنتي متعرفيش حصلي إيه لما عرفت إني حامل وخصوصا قبلها كان بابا راح المحكمة عشان يرفع قضية طلاق، طلع مافيش جواز أصلااااا، تعرفي ده معنى إيه، تعرفي احساسي كان إيه
نظرت لها ميرال بحزن على حزن الأخرى
- حبيبتي ليه بتعيدي اللي راح...
- لأنه ما راحش، سابلي ذكرى بدل الوحدة تنين.

كبروا وعايزين باباهم، بيسألو عنه كتير وخصوصا سعد متأثر بالموضوع ده أوي وعقله أكبر من سنه بكتير، ليل نهار بيفكر أبوه ليه مش موجود معاهم ليه مش شايفينه. كل العيال همهم الأكل والشرب إلا عيالي همهم أبوهم هيرجع امتى ومهما أحاول أضحك عليهم ماينفعش
- قولتلك روحيله من أول يوم عملنا فيه فحص الحمل
خليه يعرف أنه هيبقى أب بس أنتي عندتي.

- كنت هجري عليه وهكون أسعد وحدة لأني شايلة أطفال منه بس كل حاجة حلوة ليه عندي أتكسرت لما عرفت إنه مافيش أي إثبات لجوازنا حتى عقد عرفي مافيش
سابني كدة قدام الريح وراح، بأكتر وقت احتاجته فيه مالقتهوش، غدرني، وخلاني أحس بإحساس الرخص...
قطبت ميرال حاجبيها بضيق من الأخرى فهي تعذب نفسها بهذا الشكل: سيلييييييين وبعدين بقى...
كفاية تعيدي اللي فات لأن كل ما تعيديه هتتوجعي نفس الوجع اللي توجعتيه زمان.

ابتسمت بانكسار وهي تقول: فاكرة زمان لما كنت بتريق ع اللي بيحب وكنت شايفة نفسي ازاي، وكنت بقول مستحيل أسمح لحدا يأذيني بكلمة...
شفتي حصلي ايه دلوقتي
نهضت ميرال من مكانها وذهبت لسريرها وهي تقول: قومي اغسلي وشك ونامي بكرة عندك شغل اللي فات مات ومهما تكلمنا عنه مش هيجينا منه غير الوجع
- أنتي ردك هيكون ايه على الدكتور عمر هتوافقي
عليه، ما إن سألتها سيلين حتى التفتت لها وقالت
بانزعاج من هذا الموضوع.

- أوافق إيه بس، انا صح اطلقت من سنين بس لسه بنظر القانون مراته مافيش ورقة طلاق تثبت إني أتحررت منه
- وساكته ليه لحد دلوقتي، مستنية ايه، ماتطلقي رسمي منه وشوفي حياتك أنتي كبرتي دخلتي ب33 سنة
- ما أنتي عارفة أنا كنت ناوية أعمل كدة بس لما جينا هنا ولحد ما استقرينا ولقينا شغل كان وقتها أنتي حامل ورافضة تقولي لشاهين ولو أنا رفعت قضية كان هيعرف مكانا وقتها
- والحل إيه هتفضلي كدة.

- أكيد لاء، أصلا أنا كنت ناوية أكلم بابا بالموضوع ده، وأهو جا الوقت إننا ننهيه، مش عشان لا عمر ولا غيره، أنا رافضة إني أدخل راجل بحياتي تاني
- ليه، ماتقولي لأنك لسه بتحبيه
ميرال بنفي وجمود: لاء، بس كل الحكاية إني عايزة أعيش لنفسي كفاية أوي اللي عملته فيها...
- مش عايزة تبني عيلة...
- عيلتي أنتم، و ولادك ولادي، صمتت ثم ابتسمت بخفه ثم أكملت بمرح باهت. دي حتى بنتك بتقولي يامامي أكتر منك...

- عشان واطية زي خالتها قامت وسابتني قاعدة بالأرض، تعالي قوميني، قالتها وهي ترفع لها ذراعها لتسحبها الأخرى وما إن استقامت أمامها حتى
دفعتها عنها بهزار وهي تقول بعدما ذهبت تغير ثيابها هي الأخرى
- اوعي كدة مقدرتش أعيطلي شوية بسببك دايما كاتمة على نفسي بفلسفتك دي...

- تصبحي على خير، قالتها ميرال وهي تبتسم لها ثم استلقت ودثرت نفسها جيدا بالغطاء و أخذت تهسهس فورا بالآيات القرآنية القصيرة وكلما انتهت منهم تعيدهم مرة أخرى وبقت على وضعها هذا حتى نامت
فهذه هي حيلتها مع نفسها تفعل هذا دائما لتمنع نفسها بالتفكير القاتل الذي ممكن أن يصيبك ما قبل النوم
في القاهرة
في إحدى الفلل الراقية تحديدا بالصالة.

كانت تقف بكامل أناقتها أمام إحدى الزوايا المخصصة للمشروبات الخمرية بكل أنواعها...
أخذت تسكب نوعها المفضل بداخل كأسين ثم بدأت تضيف مكعبات الثلج عليهم وما إن انتهت حتى التفتت وذهبت نحو ذلك الذي كان جالسا على الأريكة وهو فاردا ذراعيه باسترخاء على ظهر الاريكة
ولكن اعتدل وأخذ منها كأسه عندما وجدها جلست إلى جانبه لالا بل كانت ملتصقه به حرفيا لدرجة كل من يرى يقسم بأنها تجلس بأحضانه
همست لها بعذوبه: تفضل.

أخذ يتفحص جسدها بجراءة وهو يقول بتنهيدة: عليا النعمة اللي يشوفك يقول بنهاية التلاتينات
مين بس يصدق إنك أنتي دخلتي ال 55 سنة
كرمشت معالم وجهها وهي تقول
- طب ليه السيرة دي ما كنت ماشي كويس
سحبها نحوه أكثر وقال: زعلتي يا فرسة
- طبعا هزعل أنت كل لما نقعد مع بعض تقولي أنتي عندك كام سنة
- ياااا زيزي ده إن دل على شيء بيدل على إني مش مصدق سنك، دي ولا أجدعها بت تلحقك بجمالك.

أبعدته عنها بضجر ثم قالت: وحياتك ولا بذكائي هتلاقي زيي، أنت شكلك نسيت إن أصلا القوبها دي كلها اللي احنا فيها دي وحتى البدل الحلوة اللي بتلبسها كل يوم أنا السبب فيها، لولايا زمانك اتفرمت من الهجين زي ما فرم الكل بعد موت سلطان...
- الهجين، قالها بغل وهو يرفع الكأس لفمه وأخذ يحتسي شرابه ببطئ ونظراته شاردة في اللاشيء لترد عليه الأخرى
- أيوة الهجين...
رفع حاجبه وهو يدير وجهها له وقال.

- لسه بتحني ليه، وبتفكري فيه؟!
- طبعا مش أنا اللي ربيته
ضحك دون صوت ثم قال بسخرية: قلب الأم ياعيني عليكي، والأم اللي جواكي ازاي قدرت تتحرش بضناها وتغريه
- اغري ايه أنت كمان، ده أنا رحتله من كل السكك اللي ممكن تدخلها الست لراجل وبردو مانفعش لدرجة شكيت أنه فيه حاجة، ده لو كان حجر صوان كان لان معايا إلا هو معند ورافض حتى يبصلي.

- قصدك بيفهم مالوش بالرمرمة، ما إن قالها بهمس وهو يشرب شرابه حتى ضربته على كتفه بقوة وهي تقول
- طب ليه الغلط يا ولا، بلاش تزعلني يافتحي أحسلك أنت مش قد زعلي...
- خلاص أسحب كلامي بلاش تقلبيها نكد الليلة وتنهيها بخناقة
نظرت له بعدم رضا ثم تنهدت وقالت: سيبك من كل ده وقولي أخبار البضاعة ايه وصلت ولا لسه...
- على وصول
- ااايوه وطالما على وصول خلي الكل يفتح عنيه أكتر.

أنا مش ناقصة خسارة تانية كفاية أوي البضاعة اللي غرقت بالبحر، ده زمانه السمك تكيف على حسابنا
فتحي بضجر: نعمل إيه والهجين حاطتنا بدماغه
ده قلب علينا الطربيزة المرة اللي فاتت وخلانا نلف حوالين نفسنا ومعرفناش راسنا من رجلينا، وكل ده حصلنا بسببك، قولتلك بلاش نتحداه بس أنتي أصريتي تضربيه بشغله واحنا مش قده
زينة بعناد- ومش هسيبه بحاله أبدا، أنا عايزاه يجيلي راكع...

- هو صحيح ترك الكار بعد مصفاه ابن اللذينا...
تخيلي واحد محى وكر الأفاعي وفروعه الرئيسية لوحده، فيه اللي ضربه بشغله لحد ما خلاه ع الحديدة، و في اللي سجنه وفي اللي قتله وأنتي الوحيدة اللي كبر عقله منك وإلا كان محاكي من أول ماهربتي من الوكر بفلوس سلطان وأسراره
- ماهو كان لازم أهرب أنت ماشفتش هما عملوا ايه بسلطان، في يومها الكل أعلن ولائهم لشاهين
ابن سامر اللداغ لعبها صح وخلى رجالة الوكر كلهم.

بجيبه الصغير...
رد عليها بعدما ابتسم بسخرية من ماسمعه منها
- و بعد ده كله عايزاه يجيلك راكع، ده أنتي أحلامك عايزلها أحلام عشان تتحقق...
- لازم يجيلي مش هسيبه لغيري
- ياستي حلي عنه احنا ماصدقنا أنه أتشغل دلوقتي بشركته اللي فتحها هو واخواته كفاية لما آخر مرة رحتيله وساومتيه على نفسك يا إما يتجوزك يا إما هتبلغي أعدائه إن طليقته هي نقطة ضعفه، ده أنتي لو ناوية تنتحري ماكنتيش قولتي كدة...

زينة بغيرة: ماتجبليش سيرتها، قضيت عمري كله أتمنى نظرة منه وفي الآخر ألاقيه مجنون بواحدة تانية وقال إيه
مايقولش عليها غير ياعشق الهجين، اللقب ده أنا اللي أستحقه مش هي، أنا اللي بعشقه وبموت فيه مش هي، أنا زينة اللي محدش قدر يهزني هو من أول يوم شفته فيه وكان لسه مراهق دخل عقلي
ليقول فتحي بضجر: بتحبي فيه إيه ده، ده قفل ميعرفش يتعامل مع الستات، إيه اللي شدك ليه.

- راجل، ما إن قالتها بابتسامة حالمة لا تليق بسنها حتى رد عليها الآخر باستنكار
- نعم ياختي، راجل! واللي قاعد قصادك ده إيه رجل كنبه ولا إيه
- يافتحي أنا قلبي مالهوش بالصغيرين اللي زيكم
احنا نستمتع مع بعض آه، بس تملى عيني لاء
رمى فتحي كأسه بغضب على الأرض ليصدح صوت الكسر بالمكان ثم سحب زينة من مقدمة فستانها نحوه وهو يقول
- بقى أنا مش مالي عينك.

نظرت له برغبة وقالت ببرود متعمد: لاء مش مالي عيني هتعملي إيه يعني
- هعمل كدة، قالها وبحركة سريعه مزق مقدمة فستانها إلى نصفين ثم انقض عليها بغضب شديد
في صباح فجر اليوم التالي، كانت الساعة مازالت مبكرة جدا، اي مايقارب الخامسة ونصف...
كان يقف بسيارته أمام إحدى المستشفيات الحكومية، ينتظر خروجها بفارغ الصبر
يريد أن يراها، يرى طلتها التي تأسره...
بقي على وضعه هذا ما يقارب النصف ساعة ليعتدل.

بجلسته بلهفة ما إن رآها تخرج مع زميلتها من داخل المستشفى
شغل محرك سيارته وذهب وتوقف أمامها قبل أن تتخطى الشارع للجهة الأخرى وما إن أنزل النافذة حتى أمرها: اصعدي
نظرت هدى الى صديقتها التي استأذنت منها وذهبت لمنزلها لتبقى هي وحيدة أمام مصيرها المكروه هذا
ليكرر حودة أمره بحدة أكبر: بقولك اصعدي
- هو أنت مش هتبطل مني بقى وتسبني بحالي.

- لاء، واركبي يالا والا حابة أنزلك بنفسي أفتحلك الباب، صمت ينتظر منها التنفيذ وما إن رمقته برفض حتى صرخ بها بصوت عالي نسبيا هاعد من واحد لتلاتة لو ما ركبتيش هنزل أجيبك من شعرك
تأفأفت وهي تضرب الأرض بقدمها ثم فتحت الباب وما إن استقرت الى جانبه حتى انطلق بها نحو منزلها بصمت
ولكنه أخذ يتنفس بغضب كبير ما إن سمع صوت بكائها الصامت. ليقول: بتعيطي ليه أنا عملتلك إيه عشان تعيطي...
- مش بطيقك يا أخي.

- أناااا مش أخوكي، ومش بتطقيني ليه. كل ده عشان خليت حبيب القلب يسيبك. لو كان بيحبك بجد ماكنش سابك
هدى بهجوم: حسين كان بيحبني وأنا بحبه، وجه خطبني، بس منك لله عملت في ايه عشان يسيب مصر كلها ويهاجر أكيد هددته أتوقع ايه من واحد زيك، أصلا أنا ماشفتش خير من يوم ماشفتك
كان يوم أسود، سنين وأنت بتلاحقني وبتأذيني، حل عني بقا
- خطيبك اللي فرحانه فيه ده أنا مهددتوش يا حلوة.

أنا بس عرضت عليه عرض مغري شوية وهو أنه يروح يكمل ماجستير برا وشغل يقبض منه باليورو قصاد أنه يسيبك ليا، عارفة عمل إيه لما قولتله كدة...
- مش عايزة أسمع، أنت كداب، قالتها وهي تضع يدها على أذنيها برفض لسماعه حركتها هذه استفزته كثيرا ليسحب يدها للأسفل بقوة وهو يقول بغضب
- أنا مش كداب بس أنتي اللي مش عايزة تصدقي.

هو وافق بلحظتها حتى مافكرش ولا تردد وبنفس اليوم فسخ خطوبته منك، و دلوقتي ممكن تقوليلي فين حبه ليكي، ده لو كان راجل تاني عنده غيرة على عرضه كان ضربني بالبونية قبل حتى ما كمل عرضي بس ده ماصدق نفسه من الفرحة و
وافق بساعتها
غصت بالبكاء بحرقة و وجع على حبها الذي ضاع بلمحة عين بعدما سرق منها أكثر من أربع سنين من عمرها، كانت مخدوعة فيه.

توقف حودة عن القيادة على جانب الطريق ثم سحب منديل ورقي ومده لها وهو ينظر للطريق و يقول بجمود: ماتعيطيش على واحد مايعرفش قيمتك
سحبت منه المنديل بضيق وهي تقول
- ماكنتش عارفة العياط ايه غير لما دخلت حياتي
نفسي أعرف أنت جايب طولة البال دي منين ده لو غيرك كان زهق مني وراح وخصوصا إني انخطبت رسمي لغيرك، وقتها قولت خلاص هينسحب بهدوء بس العكس حصل
- اللي بيعوز حاجة بجد مستحيل يجي يوم ويسيبها غير وهي في حضنه.

- ايوه بس أنا مش بحبك أغنيهالك يعني عشان تفهمها
ليقول حودة بضيق داخلي ولكنه حافظ على لا مبالاته المصطنعة: عادي يادكتورة مش مهم تحبيني، أنا أصلا ماتعودتش على أنه في حد بيحبني كفاية إني عايزك
مسحت دموعها وقالت: وصلني البيت أكيد زمان أهلي انشغل بالهم عليا
أومأ لها برأسه ثم أعاد تشغيل المحرك وهو يقول
- أنا ملاحظ إن أهلك مدلعينك بزيادة وخصوصا أخوكي الكبير.

نظرت له باستغراب وقال: طبعا هيدلعوني مش بنتهم الوحيدة وآخر العنقود
- ايوة بس ده بيدايقني
- وأنت مالك يدايقك ليه
- بغير عليكي منهم...
- نعم
- اللي سمعتيه، و خفي هزار مع ولاد خالاتك لاحسن
يوحشوكي
- أنت بتقول إيه، أنت مش طبيعي وبعدين بطل كلامك اللي كله أمر في أمر
انتظرته يرد عليها إلا أن ردة فعله كانت فعل وليس كلام عندما وجدته يسحب يدها اليسرى وقبلها واحتضنها داخل كفه...

حاولت هدى أن تسحب يدها منه وهي تقول بانفعال
- سيب ايدي
رفعها لثغره وقبلها للمرة الثانية ثم حررها بهدوء
ليكمل طريقه نحو منزلها والصمت أصبح سيد الموقف بينهم، وماهي سوا دقائق حتى وصل لمنطقة بسيطة ليست بالشعبية ولا بالراقية
وما إن توقف أمام العمارة القاطنة بها حتى عضت هدى شفتها السفلية بقوة ثم قالت: نفسي أعرف أنت ازاي قدرت تصاحب اخواني وتخليهم يثقوا فيك لدرجة أنهم يخلوك تجيبني وتوديني الشغل عادي كدة.

- هو أنتي متعرفيش إني فهمتهم إني شغال سواق عشان كدة أنتي جزء من شغلي دلوقتي
- والله هاين عليا إني أروحلهم وأقولهم على حقيقتك
- اللي هي ايه
- إنك صايع ومخادع وبتاع تلات ورقات واااء وااا
أخذت تتلعثم بكلامها ما إن وجدته التفت لها برأسه ورمقها بحدة جعلها تبتلع ما تبقى من حروف أعاد نظره للأمام وهو يقول بصيغة الأمر المعروفة
- انزلي يالا، ونامي وارتاحي، ولما أكلمك ردي عليا
- مش هرد هي مش عافية.

- لاء عافية، ما إن قالها بصوت غاضب وهو يضرب الدركسيون براحته حتى نفخت وجنتيها بضجر ثم نزلت وفتحت الباب وأغلقته بكل قوتها وركضت لداخل العمارة...
أخذ حودة ينظر لأثرها وما إن اختفت حتى ابتسم بخفه وأخذ يرجع للخلف بهيام نادر، لا يظهر إلا مع تلك الفاتنة التي فتنته ولوعته بها لسنين
حرك سيارته وانطلق متوجها لمنزل غالية كما أخبره يحيى ليلة أمس
في شركة اللداغ في المكتب الخاص برئيس الشئون القانونية...

كان يجلس خلف مكتبه يدقق بنود العقود بدقة متناهية وما إن ينتهي من ورقة حتى يسحب ورقة أخرى وما إن ينتهي من ملف حتى يأخذ ملف آخر
لينطق بعد صمت طويل: بتبص عليا كدة ليه ماتقوم تشوف شغلك
ياسين بانزعاج: أنت ازاي عايش كدة، حياتك شغل في شغل ارحم نفسك
ترك شاهين مابيده ونظر له وقال: والشغل ده كله مين اللي يعمله
- الموظفين طبعا، أنت بتعمل شغلك وترجع تدقق حرف حرف من ملفات شغلهم.

أعاد نظره للملف وقال: العقود والأوراق دي ماينفعش نعتمد فيها عليهم لازم تدقق صح
- خلي مدير المكتب هو اللي يعمل كدة
- أراجعهم أنا للتأكيد، ما أنت عارف إني مش بثق بحد
وخصوصا في حكاية الشغل
- أنت كدة بتموت نفسك، لو بتحبها بالشكل ده ليه مش بتدور عليها. ليه؟
أغلق الملف و وضعه فوق الآخر وقال- ما أنت بتدور على مراتك بقالك سنين عرفت تلاقيها.

ضرب فخذه بحرقة وهو يقول: ااااخ فص ملح وداب، يا ما نفسي أمسك سعد من رقبته وماسبهاش إلا لما أدفنه جنب سلطان، بقى يحرمني منها ويلوعني عليها بالشكل ده، ده أنا ماسبتش مكان ما دورتش فيه في لوس انجلوس...
رجع شاهين بجسده للخلف ليسنده بتعب وهو يقول: متأكد انهم سافروا هناك
- ايوه متأكد، ده أنا شفت كشف أسماء المسافرين بعنيا...

رفع طرف فمه بستنكار وقال: ازاي تقدر تسافر من غير موافقتك هي لسه مراتك بنظر القانون...
ياسين بحيرة: ماهو ده اللي هيجنني
- لأنك غبي عشان كدة ماقدرتش توصلها
- ليه بتقول كدة
- لأنه ببساطة هي مش برا مصر...
- بقولك شفت أسمائهم بنفسي من ضمن اللي سافروا
- مش يمكن يكون خدعة
- أنت كنت شاكك كدة من الأول صح
- ايوه، ما إن قالها ببروده المصطنع حتى انفجر به الآخر بغيظ.

- وماقولتش ليه وأنت شايفني كل شهر والا شهرين بسافر هناك وأدور بنفسي ده غير رجالتي اللي طلعت عينيهم على أنهم يلاقولي خبر منهم
رفع منكبيه وقال- ماقولتلكش لأنك ماسئلتنيش
- شاهين بلاش استفزازك ده هي الحاجات دي محتاجة سؤال...
- أنت اللي خدعك غرورك بنفسك لدرجة إن غباءك طغى عليك
- مقبولة منك، بس ايه
- ايه
- مش هتدور عليهم جوا مصر
تنهد بحزن وقال بنفي: لاء.

- لاء ليه، معقولة نسيت سيلينتك، ولا خايف تلاقيها بعد الوقت ده كله تكون نسياك واحتمال تكون اتجوزت كمان وخلفت من جوزها وااااااه
تأوه بألم عندما ضربه الآخر بالتحفة الموجودة على سطح المكتب، أخذ ياسين يمسح على صدره بوجع وهو يقول
- يخربيتك، ما براحة ياعم، وبعدين لو بتغير عليها كدة ازاي هتتحمل لو طلع كلامي صح، سيلين عنيدة وقوية وممكن تتجوز بس عشان تأذيك.

- ماتقدرش تتجوز غيري، هي بنظر الناس لسه ما تجوزتش، وبنفس الوقت هي متجوزه بس مافيش ورقة تأكد كلامها...
نهض من كرسيه وهو يقول بصدمة: نهاااااارك اسودددددد أنت لسه ماثبتش الجواز...
- لا
ياسين بذهول: اااايه الجبروت ده، أنت ازاي تعمل فيها كدة وقال بيحبها قال أومال لو كنت حالف تأذيها كنت عملت ايه...
- كان لازم أضمن إنها ماتكونش لغيري حتى لو سبتها.

- أاااناني، أنا صح مش بطيقها بس أنت جيت عليها أوي بالنقطة دي، أنت كدة ماخلتش أي خط رجوع مابينكم، أنت مافكرتش بحالتها لما تعرف بده حيحصلها ايه
- لاء مافكرتش بده كله، غير إنها ماتبقاش لغيري
- تبقى تستاهل اللي هيجرالك منها ياهجين...
مشكلتكم أنت ويحيى إنكم ماتعلمتوش من غلطي واللي حصلي و آدي النتيجة واحد عايش زي المكنة للشغل بس والتاني هيموت وتبصله بنظرة رضا...

صمت وأخذ ينهج بضيق من أفعال اخوته فهو قد تعلم من درسه إلا أن الآخرين لم يتعظوا منه، ليقول بعد ما مرت ثواني من الصمت
عارف مشكلة ولاد اللداغ إيه، هو إنهم اعداء نفسهم
محدش يقدر يأذينا احنا اللي بنأذي نفسنا بنفسنا
أنا رايح لمكتبي وأنت خليك كدة أوعى تلين، وقال ايه بيحب ماهر عشان كدة مايقدرش يبص بعين سيلينا بعد اللي حصل، ده بدل ماتحتويها أكتر لأنها طلعت من لحمك ودمك...

اااسمع غلطة الشاطر بألف ياشاهين وأنت غلطتك هتدفعها أضعاف الشاطر ده
قال كلامه هذا ثم تركه وخرج مخنوق شوقا لتلك القاسية التي هجرته جسد دون روح...
أما شاهين أخذ يبتلع لعابه باختناق حقيقي والدموع ملأت عينيه حزنا لا أحد يفهمه لا أحد، لو بقت معه لتأذت، منه قبل أن تتأذى من غيره، هذا غير عذاب ضميره تجاهها من كل ما افتعله بحقها كان يجب أن يحررها من سجنه لتعيش وتعود لحياتها السابقة.

أغمض عينيه بسكون وما إن تخيل طيفها يحوم حوله لتقبله من فكه حتى نزلت دمعه منه بهدوء ليهمس لها وكأنها موجودة فعلا
- وحشتيني ياعشقي
رفع يده ودعك وجهه بقوة ثم نهض وهو يحمل متعلقاته الشخصية وخرج من مكتبه لا بل من الشركة بأكملها متوجها للمزرعة الخاصة به
يريد أن يذهب ويرمي نفسه بذكرياتها التي تحاوط ذلك المكان بكل زاوية منه
مساء بشقة صغيرة ولكنها جميلة ودافئة ذات تصميم راقي جدا ولكنه بسيط...

- وبعدين بقى خيلتيني، قالتها والدة غالية وهي ترى ابنتها تأخذ الصالة ذهابا و إيابا لترد عليها الأخرى
- هما تأخروا كدة ليه، يكونش وعي بحته كدة ولا كدة ويحيى مخبي عليا عشان كدة لسه ماجابهوش
- بلاش وسواس اتعوذي من الشيطان الرجيم يابنتي
دي مش اول مرة يعني يروح مع أبوه وبعدين ده بيموت فيه أنتي مش شايفة أنه متعلق فيه قد إيه
- وده اللي مخوفني
- ليه خايفة ياقلب أمك أنتي.

- خايفة ياخده مني ويضغط عليه فيه عشان أرجعله
- وأنتي ليه تخليه يعمل كدة وتوصلو للمرحلة دي
ما ترجعيله وتلمي عيلتك لأن اللي أنا شايفة أنه مستحيل يسيبك لو حتى اضطر يخليكي طول عمرك متعلقه كدة...
- أنا أرجعله مستحيل
- يابنتي بلاش عناد فكري فيها بالعقل، السنين بتفوت والعمر بيجري وأنا مش دايمالك كتير، أرجعيله ده بيحبك وبيموت فيكي، ارجعي خلي ابنكم يكبر معاكم أنتم الاتنين كفاية متمرمط مابينكم.

- أنا ويحيى انتهينا ماننفعش نرجع لبعض أنا ماعنديش أدنى استعداد إني اعيش من تاني اللي عشته معه زمان
أم غالية بانزعاج من ابنتها: خليكي بعنادك ده وشوفي هتخسري قد ايه. جوزك حلو و ألف من تتمناه ومستعدة تتحمل طبايعه اللي مش عجباكي دي...
ولو أنتي ساندة ظهرك بحبه أحب أقولك بكره يزهق منك ويروح لغيرك ويتجوز ويعمل بيت وعيلة ليه وأنتي خليكي كدة زي بيت الوقف...

غالية بصدمة فهي لم تفكر بهذا: يتجوز ده ايه، والله لو عملها مش هبقى على ذمته لو وقف على شعر راسه
- عادي يطلقك وياخد بلال منك وابقي احلمي بشوفته
غالية بضيق: أنت ليه بتقولي كدة، ليه بتحبي تحرقي دمي.

- أنا بوعيكي، تقدري تقوليلي لو هو خد ابنه منك تقدري تعملي ايه، لا عندك لا أب ولا حد، ولا حد ممكن تعتمدي عليه ولو عندك كمان مش هيقدروا يقفوا قصاد نفوذه وخصوصا أخوه الكبير محامي مشهور إيده طايلة يعني لو عملتي فيها إيه ماهتشوفيه لو هو رفض
وقفت غالية وأخذت تعض أناملها بقهر شديد فكلام والدتها محق جدا، التفتت نحو الباب بلهفه ما إن سمعت صوت الجرس يرتفع.

ركضت نحو حجابها وما إن ارتدته بسرعة حتى ركضت نحو الباب لتفتح بابتسامة واسعة ظنا منها
بأن الطارق صغيرها
ولكن خاب ظنها ما إن وجدت جارها الجديد وهو يقول بابتسامة لزجة: السلام عليكم
غالية بضيق حقيقي منه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اتفضل في حاجة
- أنا اسف ع الأزعاج بس حبيت أتعرف عليكم
غالية باستنكار: نعم حبيت ايه.

مد ايده لها ليصافحها وهو يقول: أنا أحمد، الباشمهندس أحمد، حبيت أتعرف عليكم، الجار للجار برضوا، وأنا تحت أمركم لو احتاجتم حاجة كدة والا كدة
نظرت الى يده برفض ثم قالت: اااه، مرسيى كلك ذوق، عن أذنك
كادت أن تغلق الباب بوجهه إلا أنه منعها وهو يقول
- لااا استني بس
غالية بحدة: في إيه يا أستاذ
- ماتشرفتش بأسم حضرتك ايه وفيه كمان موضوع مهم عايز أفاتحك فيه.

- اسمها مدام يحيى اللداغ، قالها يحيى بحدة وهو يخرج من المصعد لينزل صغيره من على ذراعيه الذي ما إن وطئت قدميه الأرض حتى ركض الى والدته لتستقبله الأخرى بلهفة
اقترب يحيى من ذلك المتطفل على ممتلكاته وهو يلوي فمه بضيق وغيرة قاتلة، : كنت محتاج اسمها بأيه
غالية بمحاولة تهدئة الوضع: يحيى!
نظر لها وابتسم بتصنع وهو يقول: خدي بلال وخشي جوا يا حبيبي أنا هشوف الباشمهندس وأجيلك.

ابتلعت غالية لعابها بخوف ولكنها لم تجد أمامها سوا أنها يجب أن تنفذ ما قاله لها وبالفعل انسحبت من بينهم وهي تعلم جنون الآخر مستحيل أن يجعل الأمر يمر مرور الكرام هكذا ولكن جارها يستحق هذا فهو منذ قدومه هنا يحاول ان يقترب منها بطريقة مزعجة ولزجة...
وما إن دخلت وأغلقت الباب حتى أخذ يحيى ينظر إلى الأرض قليلا ثم ما إن رفع رأسه حتى باغت الآخر بلكمة على فمه جعله ينزف واحتمال بأنه قد كسر إحدى أسنانه ايضا.

ثم سحبه من ياقة قميصه نحوه وهو يقول
- أنت عايز منها إيه دي مش أول مرة ألاقيك بتحوم حواليها
أخذ يسعل قليلا باختناق وهو يقول
- والله يا أستاذ أنت فاهم غلط أنا نيتي حلال
أخذ يحركه بقوة وهو يقول بجنون حرفي
- حلال إيه ياااالا
- أنا، أنا عايز أتجوزها على سنة الله ورسوله.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة