قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والثلاثون

أخذ يسعل قليلا باختناق وهو يقول
- والله يا أستاذ أنت فاهم غلط أنا نيتي حلال
أخذ يحركه بقوة وهو يقول بجنون حرفي
- حلال إيه ياااالا
- أنا، أنا عايز أتجوزها على سنة الله ورسوله
ما إن قالها حتى سكن جسد يحيى لثانية واحدة فقط ثم نطق بصدمة
- عايز تتجوز مراتي
- قصدك طليقتك، أنا سألت عنها وعرفت إنها عايشة لوحدها واااء
لم يكمل كلامه ذلك الساذج فقد قام الآخر بضربه بركبته على معدته بعدما جعله ينحني للأسفل قليلا.

ثم عاد برفعه مرة أخرى وأخذ ينظر له بإجرام والابتسامة الشيطانية بدأت تزين وجهه ليعالجه بضربة على أنفه جعلت الكهرباء تنقطع من نظر ذلك
المسكين الذي أخذ يحاول أن يحمي نفسه من الضرب المبرح
فهو سقط على الأرض وتكور على نفسه كالقنفذ ولا يصدر منه سوا تأوهات عالية ف الآخر قد عاد كالسابق و أكثر...

أما في الداخل عند غالية كانت تجلس على الأرض عند الكرسي المتحرك لوالدتها وبين ذراعيها صغيرها الذي كان كلما زاد الصراخ في الخارج كان يخبئ نفسه أكثر بأحضانها...
نظرت لها والدتها وهي تقول بخوف على ابنتها
- عملتي ايه يابت وخليتي الراجل يتجنن بالشكل ده
- والله ما عملت حاجة، امسكي بلال كدة، قالتها وهي تنهض لتضع ابنها بأحضان جدته التي استقبلته بسرعة ثم أسرعت غالية للباب وما إن فتحت حتى.

صعقها المنظر كان الآخر وجهه عبارة عن لون أحمر
غير واضحة ملامحه
تقدمت نحوه بسرعة وأخذت تحاول أن تبعده عنه فقد تجمع الجيران حولهم ولكن لا أحد يجرؤ على التدخل
- يحيى سيبه، حرام عليك هيموت بإيدك، يحيى!
قالت الأخيرة وهي تسحبه من عضده بكل قوتها ليشحب وجهها ما إن استجاب لها والتفت نحوها لتعود أدراجها للخلف بخطوتان فمعالمه كانت حقا مخيفة. لا بل مرعبة.

أخذ ينهج بغضب ثم نظر للبواب وقال بجبروت يليق بأبن اللداغ بعدما أشار إليه باستهانة وكأنه حشرة
- ده الليلة يعزل من هنا، ساااامع
- أوامرك يا باشا، ما إن قالها الآخر بطاعة حتى ذهب يحيى خلف غلاته بعدما وجدها تركض
لداخل الشقة...
دخل خلفها وأغلق الباب بقوة شديدة وكأنه يريد كسره، ثم أخذ يفك أزرار كم قميصه ويرفعه للمرفق بتوعد...
دق انذار الخطر برأس غالية فهي تعرف حركته هذه تدل على ما قبل الهجوم...

ومن الغباء أنتبقى بمكانها وتنتظر الموت اليس كذلك؟
عند هذه اللحظة تحركت قدميها بركض نحو غرفة النوم لتدخلها وتغلق الباب عليها وبالفعل نجحت بهذا ولكن قبل أن تقفل الباب بالمفتاح حقا وجدته يندفع عليها لترتد للوراء بألم أخذت تدلك رسغها فقد ركله الآخر بقوة شديد
أخذ يحيى يعض شفتيه بتوعد وأغلق الباب عليهم من الداخل ثم ذهب نحوها وهذه المرة قبل أن تفر وجدته يمسكها من حجابها بقوة وهو يقول بصراخ.

- شفتي عنادك وصلنا لإيه
غالية بوجع: سيب شعري
أخذ يجر شعرها بشكل أقوى من تحت حجابها وهو يقول بغيرة نارية: ده بيخطبك مني
صرخت به غالية بتعمد برغم ذهولها من ما سمعت
- و ايه يعني أكيد ميعرفش إني لسه على ذمتك
يحيى بغيرة قاتلة: غلااااا بلاااش تجننيني
- أنت أصلا مجنون خلقة، قالتها وهي تميل برأسها الى الجانب بألم كبير من شدة قبضته عليها...

هدأ الآخر قليلا وتغيرت نظراته من الغضب الى الهيام بالتدريج، أخذ يبعد عنها حجابها ثم فتح شعرها وما إن انفرد بخصلاته الطويلة حتى دفن وجهه بلمح البصر بذلك التجويف الموجود بين عنقها وجيدها وأخذ يقول بصوت خافت ولكنه غاضب بعدما تنفس عطر بشرتها
- ايووووه مجنون، بس فيكي وبهواكي، أنا خلاص مش قادر أستحمل بعدك عني أكتر من كدة
وضعت يدها على منكبيه وهي تدفعه عنها وتقول
- بس أنت وعدتني، واديتني كلمة راجل.

ابتعد عنها وأخذ يدور حول نفسه بعصبية ثم توقف وأخذ ينظر لها بوجع ولكن النبرة كانت أقرب للصراخ
- وعد ايه اللي يخليني بعيد عنك وعن ابني السنين دي كلها، حرام عليكي، لو قلبك ده حجر كان زمانه لان، أنتي عايزة ايه بالضبط، عجزت معاكي ازاي أراضيكي، بس خلاص أنا مش هستحمل أكتر من كدة
غالية بترقب: يعني
- يعني أنا جبت آخرى معاكي يا إما ترجعيلي
قاطعته بعناد وهي تكتف ساعديها: مش هيحصل.

أومأ لها برأسه ثم رفع سبابته بتهديد
- تمام، بس ماتلومنيش باللي هعمله
ردت عليه غالية بتوتر فهي تعرفه. كلامه ليس مجرد كلام فهو بارع بتنفيذه: ليه أنت هتعمل ايه
- هروح أشوف حياتي مع واحدة غيرك، ما إن قالها حتى انشطر قلبها لنصفين وبرغم شدة ألمها داست عليه وقالت ببرود كاذب
- حلو، وماله، روح، بسسسسطلقني قبلها.

ابتسم من طرف فمه وقال بحقارة من غيرته عليها: عشم إبليس بالجنة. هخليكي كدة لا طايلة أرض ولا سمااا، مستحيل أخلي غيري ينولك، يا ليا أنا...
يا ليا أنا، مافيش حل تاني
صرخت به بانفعال: ده ظلم...
رد عليها بنبرة أعلى: ومش ظلم لم تحرميني منك وأنتي عارفة إنك ساكنة فيا
لتقول بسخرية: اللي يسمعك يقول إنك عايش على ذكرياتي مش كل يوم وحدة شكل بحضنك.

ضرب على صدره وقال: حضني ده ليكي، ليه تخلي غيرك ياخده، تعاليلي و أوعدك عمري ما هبص لغيرك، وهو أصلا أنتي عامية عيوني عن الكل ومش قادر أشوف غيرك
- أنا عندي أفضل كدة ولا أرجعلك، ما إن قالتها بعناد
وهي تنظر له بقوة وتحدي حتى اقترب منها بغضب مجنون جعلها ترفع يدها بسرعه لتغطي وجهها خوفا من ضربه لها فهو لديه سوابق بذلك معها.

انكمشت على نفسها وصرخت بخوف عندما وجدته أخذ يضرب الحائط الذي ورائها عدة مرات حتى انجرحت يده ثم توقف وأخذ ينظر لها وهو يتنفس بصوت عالي ليقول لها بأمر
- بصيلي، بقولك بصيلي! وما إن كرر أمره لها بحدة أكبر حتى رفعت له وجهها الجميل الذي لطالما وقع به عشقا...
كانت عينيها مفتوحة بشدة بخوف وفمها مزموم وكأنها تترقب خطوته التالية ما هي، أما هو كانت حواجبه معقودة ونظراته حادة كالسيف و وجهه.

محتقن لدرجة بأن شرايين رقبته مستنفرة
مسك فكها الناعم بأنامله الخشنة ورفع وجهها أكثر وأكثر نحوه جعلها تقف على رؤوس أصابع قدميها ثم اقترب منها أكثر منها وهو لا يبعد نظره عنها وكلما أرادت أن تحيد عنه بنظرها هو يمنعها من ذلك بضغطه على وجهها أكثر.

أخذت ترمش بأجفانها بتوتر وخجل ظهر عليها رغما عنها، ولكن انهارت حصون قلبها وذاب جليد عنادها وأسبلت عينيها وأغلقتهم بأستسلام عندما فصل ما تببى و قبل مابين عينيها بقبلة طويلة
لحظات من النعيم مرت عليهم بقربهم هذا، ولكن ما إن ابتعد عنها وتركها وخرج من غرفتها دون أن ينطق بحرف حتى جلست على الأرض وهي شاردة ما بين قلبها وعقلها وعنادها...

أما يحيى خرج للصالة وقبل أن يصل لباب الشقة الرئيسي ليخرج حتى توقفت قدميه عندما سمع شهقة والدتها المكبوته
التفت نحوها ليجدها تلك الانسانة الطيبة تبكي بصمت وهي تغطي وجهها بحجابها، كانت جالسة على كرسيها المتحرك إلى جانب الاريكة الغافي عليها صغيره...
ذهب نحوها بلهفة ونسى كل غضبه من تلك المجنونة
ليجلس أمامها على إحدى ركبتيه اي يعني نصف جلسة وهو يقول
- بتعيطي ليه يا أمي.

أخذت تمسح عيونها وهي تقول بقهرة أم وزعل منه
- لأنك ضربت بنتي وأنا ماقدرتش اجي احوشها منك
ابتسم ببهوت ومسك يدها وقبلهم ثم قال بمرارة: اطمني ياحبيبتي أنا ماضربتهاش دي هي اللي ضربتني بكلامها مش راضية تنسا وترجعلي...
- ايوه يبني بس خليك فاكر إن دي نتيجة عمايلك
حرك رأسه بنعم وقال: عارف بس أنا دفعت التمن غالي أوي، كلميها يا أمي والله تعبت، عايز أستقر واعيش زي الناس، مش عايز غير عيلتي تكون معايا، صعبة دي.

طبطبت على يده وقال بتنهيدة
- ربنا يبعد عنكم شر الشيطان يابني
- آمين، قالها وهو ينهض من جلسته هذه ليمسك رأسها ويقبله بأحترام ثم توجه نحو ابنه وأخذ يلعب بشعره المنكوش فهو مثل والدته...
دفن أنفه بنحره وأخذ يستنشق عطره الطفولي ثم قبض على يده و قبلها ليليه رأسه ثم تركهم وخرج بسرعة وهو يكاد أن ينفجر من القهر
يريد الاستقرار وبأن يحيا حياة كريمة كغيره معهم لا أكثر، أهي ترى بأن مطلبه كبير أم أنه لا يستحق هذا.

في شقة بسيطة أثاثها ذو طابع رجولي...
أول ما دخل من الباب حتى أنار الاضاءة ثم رمى نفسه بتعب على أريكة الصالة وأخذ يتأوه بتعب وهو يسترخي بفرد عضلات ظهره
سحب هاتفه من جيب بنطاله وأخذ يتصل بها
ولكنها لم ترد عليه، مرة والثانية نفس النتيجة
ليكز على أسنانه وهو يمرر كف يده على وجهه ثم ما إن زفر أنفاسه حتى أخذ يكتب لها رسالة نصية وبعثها. لينهض ويجلس بضيق ثم أخرج علبة سجائره.

وأخذ يدخن وهو ينظر لهاتفه ينتظر منها الاتصال وهو يحرك قدمه بانفعال
أما على الطرف الآخر عند هدى كانت ترتب ثيابها في الدولاب، رن هاتفها كثيرا ولكنها تعمدت عدم الإجابة فهي تعرف المتصل دون أن تنظر للشاشة حتى
هدأ الرنين قليلا، ليليه صوت رسالة أتتها، أخذت تكمل عملها وهي تحاول أن تمثل اللا مبالاة ولكن فضولها أجبرها على ترك ما بيدها لتفتحها وما إن فعلت ذلك حتى أخذت تتصل عليه هي فمحتوى الرسالة كان.

( دقيقة وحدة بس قدامك لو ما ردتيش هاجيلك وأنتي حرة، والفضيحة اللي هتحصل وقتها أنتي السبب فيها )
أخذت تاكل أظافرها بغيظ فهو لم يرد عليها، يفعل بها كما فعلت به، أخذت تكرر الاتصال كثيرا. فهو يتعمد أن يجعلها تدفع كل ماتفعله معه أضعاف وبالفعل ما إن اتصلت للمرة الرابعة حتى فتح الخط وقال بهدوء متكبر
- شاطرة!
قالت هدى بغيظ: أنت مش بترد ليه
عاد بجسده للخلف و وضع ساقه على الأخرى وهو يقول: مزاجي كدة.

ردت عليه بانفعال: وطالما مزاجك كدة كان لزمتها إيه إنك تبعت رسالة وتزعجني
- أنا أعمل اللي يعجبني، ما إن قالها حتى صرخت به بصوت عالي نسبيا
- أنت مستفز أوي
- صوتك ميعلاش احسلك! ما إن قالها بجدية حتى لم يجد منها رد فعل. ليكمل كلامه وكأنه صديق عمرها، إلا قوليلي كنتي بتعملي إيه
- وأنت مالك
- عيب لما اسألك وتقوليلي كدة
- وقال يعني أنت تعرف العيب.

سحب نفس من سجارته ثم قال بوقاحة بعدما زفر دخانه: معرفوش يا بنت الأكابر وماليش فيه. أنا ليا بحجات تانية هموت و اوريكي شطارتي فيها
- قليل أدب
ابتسم بخباثة ثم قال: أنتي اللي بتجيبي لنفسك على فكرة...
- اوووووف...
حودة بحدة: بت أنتي ماتنفخيش بوشي
- أنت عايز إيه دلوقتي
رد عليها باستفزاز متعمد: تكلمي معايا عندي صداع
- أنا مش برشام، روح الصيدلية
- هدى!
- يا نعم...
- كلميني عن يومك
هدى بضجر: يوووووه هو كل يوم.

أطفأ سيجارته ثم استلقى على الأريكة وهو يقول
- اممممم، ايوة كل يوم يلله اتكلمي
- بس أنا مش بحب أتكلم معاك...
أغمض عينيه باستمتاع فهو يعشق نبرة صوتها ليقول: اعتبري إنك بتكلمي نفسك
لتقول بهجوم: ليه شايفني مجنونة
- أكيد مجنونة، عندك شك بكدة...
- حودة، ما إن قالتها بعتاب حتى رد عليها بحب
- ياعيونه أنتي
- مش ناوي تحل عني
رد بجدية تلمة: أبدا، عمري ما هعملها إلا لو مت
- ليه
- دخلتي مزاجي أوي.

- ده بدل ما تقولي عشان بحبك، ما إن قالتها بندفاع حتى وضعت يدها على ثغرها وأغمضت عينيها بقوة بأحراج خاصة عندما سمعته ينفجر عليها بالضحك ثم صمت وقال
- ما تقولي نفسي أسمعها منك
بخجل شديد قالت: مش القصد والله. بس.
- بس ايه
- ده المفروض يعني، أومال أنت بتعمل كل ده ليه
- هدى!
- هاااا
- احكيلي عن يومك و بلاش تلفي الموضوع
- أنت عايز تعرف إني بكلم رجالة بالشغل ولا لاء، صح
عشان كدة كل يوم لازم أديك تقرير.

- مالكيش فيا أنا عايز ايه، يالا قولي كان يومك عامل ازاي
تنهدت بقلة حيلة ثم أخذت تسرد له تفاصيل يومها الصغيرة قبل الكبيرة، وهذا هو روتينهم كل يوم لا ينام إلا على صوتها هي
بعد ساعة من الزمن. صمتت و أخذت تستمع لأنفاسه الواضحة بالهاتف لتقول بهمس
- حودة أنت نمت، تصبح على خير طيب.
قالتها بترقب ثم أبقت الهاتف مفتوحا وكأن نغمة أنفاسه راقت لها كثيرا هذه الليلة...

بقيت على هذا الوضع مدة طويلة ثم أنهت المكالمة بسرعة ما إن سمعت صوت بالخارج...
نهضت و وضعت هاتفها على الشحن ثم عادت لسريرها بعدما أخذت تنظر حولها بحيرة ماذا يحصل معها الآن...
اختبأت تحت غطائها بخجل من نفسها هل أخذت تستجيب لذلك الشخص حقا، لا لالا مستحيل
همست بها بصوت خافت وهي تغطي نفسها بشكل كلي لعل بهذا تسيطر على دقات قلبها التي بدأت تخونها بتلعثمها أمام الآخر.

بعد تفكير وتأنيب وجلد ذات. الاخر، استطاعت أن تنام أخيرا بأول ساعات الصباح
في صباح اليوم التالي، في أحد الكافيهات
كانت تتناول فطورها بهدوء ظاهري ولكن ذهنها كان شاردا بمكان بعيد، مكان لطالما حنت إليه وقتلها شوقها للذهاب إليه...
لاحظت نظرات الإعجاب الشديد من ذلك الذي يجلس أمامها ولكنها كانت حقا غير آبهة بذلك، حتى فاقت من شرودها و تنهدت باختناق عندما سمعته يقول
- شكله في موضوع شاغل بالك
- فعلا.

ترك شوكته وعقد كفيه ببعضهما وقال بتركيز
- ممكن أعرف ايه هو
- ياسين، ما إن قالتها ميرال حتى كرمش الآخر وجهه ثم قال بضجر
- وماله بقى أستاذ ياسين
- عايز أطلق منه
ابتسم باتساع و أشرق وجهه بفرح وهو يقول
- ده عين العقل، أخيرا سمعتي كلامي...
الإنسان ده كان لازم تنفصلي عنه من زمان...
ميرال بامتنان: ما أنت عارف اللي فيها يا عمر و ايه اللي حصل وقتها، ولولا مساعدتك لينا ما كناش لاقينا شغل لا أنا ولا سيلين...

- أنا معملتش حاجة، أي حد كان بمكاني كان عمل أكتر من كدة، و دلوقتي طالما قررتي أخيرا إنك تتحرري منه، أديني فرصة أساعدك وارفعلك القضية بنفسي، هااا إيه رأيك قولي موافقة وأنا هرفعها دلوقتي
- لاء
- لاء ليه، أوعي تكوني عايزة تديه فرصة
- مش حكاية فرصة أنا بس عايزة أفاتح بابا بالموضوع واخد رأيه
- آاااه تمام، وماله مع إني متأكد إن رأيه من رأيي
وبعدها على طول هتقدملك والمرادي مش هيبقى عندك اعتراض، صح.

ميرال بجدية: أكيد هعترض ياعمر أنا قولتهالك مية مرة، أنا مش عايزة أتجوز ياريت تفهمني وتخلينا أصحاب زي ما طلبت، لو هنرجع نفتح موضوع الجواز ده يبقى أنا هقدم استقالتي من شركتكم لأن تواجدي معاكم بيديك أمل وأنا بصراحة مش عايزة أخدعك...
- إيه الكلام الكبير ده ياميرال، على العموم حاضر ياستي مش هافتحه تاني، تمام كدة، ما إن قالها حتى أومأت له برأسها ثم رفعت كأس الماء و ارتشفت منه قليلا ثم مسحت فمها وقالت.

- الحمدلله شبعت، نمشي أحسن اتأخر وأنت كمان أكيد جا وقت مراجعينك بالمستشفى
- نمشي، قالها وهو ينهض ويخرج محفظته ليضع الحساب على الطاولة ثم ذهب نحوها ومسك ايدها وخرج بها إلا أنها سحبت يدها منه بهدوء وضيق داخلي فهو برغم مواقفه معهم إلا أنها تنزعج عندما يحاول التقرب منها جسديا ولفظيا
في وقت قرب الغروب في شركة اللداغ.

خرج كلا من شاهين ويحيى من غرفة الاجتماعات وتوجها إلى مكتب الشئون القانونية والذي ما إن دخلوا وجلسوا حتى دخل خلفهم ياسين الذي قال بلهفة
- عرفت مكان سعد والبنات
ليقول شاهين بشكل تلقائي: فين؟
نظر له ياسين ورفع حاجبه بخبث: بتسأل ليه مش كنت عايز تعرف مكانهم، وأنت مش قادر تبص بوش سيلين بعد اللي عملته فيها، وأنا بصراحة اقتنعت بسببك ده أخيرا عشان كدة مش هقولك.

- مكان توأمي بأسكندرية، ما إن قالها يحيى بهدوء حتى التفتوا له بسرعة متفاجئين من رده الواثق هذا
ليقول ياسين بصدمة من ما سمع
- أنت كنت عارف
يحيى بتأكيد: طبعا!
ياسين بانفعال: وماقولتش ليه وأنت شايفني متمرمط عليهم
يحيى ببرود: كان لازم تتربوا
نظر له شاهين وقال: ليه خبيت.

- وحدة بوحدة ياهجين، مش أنت خبيت نسبي عني وأنا خبيت مكانها عنك، أنت عذبتني وأنا عذبتك. بس المختلف هنا أنت اللي سبتها بمزاجك وما دورتش عليها يبقى تستاهل اللي جرالك
ياسين بعصبية: شاهين ليك تار عنده دي فهمناها بس ماقولتليش أنا ليه
- أنت بعد اللي عملته ماتستاهلش ظفرها لميرال
حبيت أربيكم اشمعنى اتربى لوحدي أنا، كلنا بالهوا سوا، وبعدين اديكم عرفتوا هتعملوا ايه.

- هروحلها طبعا أصالحها وارجعها لحضني دي عايزة كلام
- وأنت، ما إن قالها يحيى وهو ينظر لشاهين حتى قال بلا مبالاة مصطنعة
- ولا حاجة
ياسين بصدمة: ازاي ولا حاجة أنت لازم تيجي معايا وتثبت جوازك منها وابقى ارجع تاني هنا وعيش على ذكرياتها
ليقول يحيى بعدم فهم أو دعنا نقول أنه يرفض ما فهمه الآن: يثبت ايه؟
ياسين بغيظ من اخيه: شاهين باشا لحد اللحظة دي مش موثق جوازه من سيلين رسمي.

- نهارك اسود، قالها يحيى وهو ينهض من مكانه ليقبض على تلابيب الآخر وما كان رد فعله سوا الصمت بشكل غريب
ليه! اديني سبب واحد بس يخليك تعمل فيها كدة وخصوصا بعد ما عرفت إنها أختي وبنت عمك...
. ده ياسين الواطي وقف كل شئ لما عرف إنها من دمه
- واطي! الله يخليك، قالها ياسين بذهول مضحك ولكن الآخر تجاهله وكأنه لم يسمعه وأكمل كلامه مع الآخر
- عايز أعرف سببك إيه...

ليسأله شاهين بحنين: قولي قبلها أنت شفتها. كلمتها يعني
ترك ثيابه وقال بحزن خفي: لاء، دورت عليهم مع ياسين كتير بس في مرة حودة قال مش يمكن هما جوا مصر وعملوا الليلة دي كلها عشان يشوشونا عن مكانه الحقيقي...
خليته يدور جوا مصر و فعلا طلع كلامه صحيح لما جا وقالي انهم بأسنكدرية والكلام ده من شهرين كدة
شاهين باستفسار: وما زرتهمش ليه.

ابتسم بسخرية وقال: أنا زيك يا ابن عمي بأي عين أروحلهم، صح اخواتي ونفسي أخدهم في حضني واااء
- تاخد مين بحضنك يالا، قالها شاهين بحدة تلقائية وهو يسحبه من طرف الجاكيت بغيرة تزامنا مع سحب ياسين له أيضا من الطرف الآخر وهو يقول
- احنا عارفين إنك أخوهم وكل حاجة بس ياويلك لو حضنت مرمر هدفنك بيدي، بلاش تخليني أعلم عليك قصادها...

ختم كلامه وهو يضربه على عنقه من الخلف ليتأوه يحيى بألم. ثم دفعه عنه وأخذ يعدل ثيابه وهو يقول: ابعد كده جاتكم ضربة، ما قلتوليش ناويين على إيه
- هاروحلهم طبعا و دلوقتي مع إن الوقت تأخر بس مش هقدرش استنى
التفت: وأنت...
- روحوا أنتم. أنا عندي شغل، ما إن قالها حتى رد عليه يحيى بانزعاج منه.

- مش بمزاجك يا ابن عمي أنت أول الحاضرين معانا، اكتب رسمي عليها وطلقها وابقى اشبع بشغلك، وأنا بنفسي هاحرص إنك ماتشوفهاش تاني
- فعلا ده اللي لازم يحصل، قالها ياسين بتأكيد وهو ينظر ل شاهين الذي نهض و أخذ بحمل متعلقاته وخرج قبلهم بأعصاب مشدودة، بعدما قال
- ماشي، أما نشوف أخرتها ايه معاكم
نظر ياسين ويحيى لبعضهما قليلا ثم سأله يحيى باستغراب: معقوله هيكتب عليها ويطلقها من تاني كدة بالساهل من أول محاولة.

- أكيد لاء
- اومال ناوي على ايه
- معرفش، الهجين لا يمكن التخمين بتصرفاته بس اللي متأكد منه، هو أول ما هيشوفها مش هيسيبها
- تعتقد لسه بيحبها
- مش أعتقد أنا متأكد من ده، ده أصلا اتعدى الحب
- أنا مش عارف إيه الحب اللي كله أذى ده، مافيش واحد فينا حياته ماشية عدل هنطلع ع المعاش ولسه ما استقريناش اوووووف، يالا بينا نلحقه لا ينفجر ويفش غله فينا
- بيتكلم وكأنه مايعرفش إن ولاد اللداغ حبهم سام...

غمغم بها ياسين بهسيس وهو يذهب خلفهم بخطوات بطيئة وضربات قلب غير منتظمة وفي عقله سؤال واحد فقط
ماذا سيفعل وماذا سيقول عندما يلتقي بعينيها الذي يذوب بها عشقا، لا يعرف، هو حقا لا يعرف.
مساء في شقة سعد الجندي...
كانت الأجواء رائعة جدا، فقد قامت ميرال وسيلين بتزين جدران الصالة بأعياد الميلاد الطفولية.

أما السقف كانت تنزل منه شرائط طويلة ملونه باللون الزهري كما تحب تلك العفريتة التي خرجت من غرفة ميرال وركضت لوالدتها التي كانت تقف بكامل أناقتها وهي ترتب الشموع على قالب الحلوى الكبير
- شوفي يا مامي أنا حلوة ازاي، قالتها سيلا وهي تدور حول نفسها بفستانها الزهري الفاتح المنفوش.

ابتسمت لها سيلين بسعادة شديدة لسعادة صغيرتها وقبل أن تعلق على مظهرها هذا حتى وجدت والدتها تقترب لتلك الشقية من خلفها وحملتها بشكل مفاجئ وأخذت تقبلها وهي تقول
- أنتي أصلا حلوة شكلا وطعما عشان كدة أنا عايزة آكلك مكان التورتة، أنتي أحلى من التورتة
- لاااا ة ماتكلنيش لالا، قالتها وهي تضحك بصوت عالي كزقزقة طيور الحب
اقترب منهم سعد الجندي وأخذها منها وهو يقول
- اميرتي كبرت سنة.

- بقت خمسة، قالتها وهي ترفع أصابعها الخمسة بوجهه ليبتسم لها وأخذ يقبل كفها الصغير هذا ثم أعادها ل داليا بعدما قال، العمر كله يا حبيبة جدو...
ثم ذهب نحو سعد الذي كان يقف بهدوء، انحنى أمامه وقال بعدما أمسك وجهه الجميل بين يديه واخذ يقبل وجنتيه بقوة
- حبيبي كبر وبقى راجل
رد عليه بتذمر: وهو الراجل بيتباس من وشه كدة
سعد بترقب: أومال عايزني أعمل ايه.

- صافحني زي ما بتصافح الرجالة، قالها وهو يمد يده له، ليضحك سعد عليه ثم سحبه الى حضنه واحتضنه بقوة وهو يقول
- تعرف ياسعد، أنت سندي أنا، أنت ظهري...
ركضت له سيلا واحتضنته وهي تقول بعتاب لذيذ
- وأنا ياجدو
حاوطها بذراعه وقبل وجنتها الممتلئة وقال
- أنتي بقى أخدتي محبة أمك اللي في قلبي
- ياااا سلام، ما إن قالتها سيلين بغيرة حتى حمل سعد التوأم مع بعض وهو يضحك عليها فهي تغار من أطفالها الصغار...

ذهب و وقف أمام الطاولة الموضوعة بمنتصف المكان لتأتي سيلين نحوه بسرعة لتحتضن ذراعه بحب ما إن أنزل الأشقياء
لتقطب سيلا حاجبها والتفتت لوالدتها و أخذت تدفعها عن جدها وهي تقول بغيرة على جدها
- اوعي كدة سيبيه لينا، الليلة عيد ميلادنا احنا مش انتي
ليؤكد سعد الصغير ذلك أيضا ما ان قال
- ايوه سيبيه لينا
لتقول سيلين بذهول: بقى كدة.

- ايوه، قالوها الصغار مع بعض لتضحك عليهم ميرال التي خرجت للتو من غرفتها اقتربت منهم وقالت بعدما حملت كاميرا صغيرة بيدها
- اوعي كدة ياسيلين، خليني أصورهم مع جدهم...
وما إن ابتعدت سيلين حقا حتى، أخذت هذه اللقطة لهم كتذكار جميل ثم بدأت تصورهم مع بعض بلقطات جميلة جدا
ثم أخذو يطفئون الشموع بين الضحك و أناشيد الميلاد، كانت الأجواء بسيطة ولكن رائعة...

وفي الآخر ثبتت ميرال الكاميرا على القاعدة الخاصة بها وأعطتها توقيت معين وركضت نحوهم بسرعة لتحتضنها داليا بحب ليضحكوا من كل قلبهم مع بعض وتم التقاط هذه الذكرى بنفس اللحظة...

ولكن ما إن ذهبت ميرال وهي تضحك نحو الكاميرا ورأت الصورة التي تم التقاطها لهم حتى انقبص قلبها لا تعرف لماذا هناك شعور سئ اجتاحها بأن ضحكتهم هذا لن تدوم كثيرا عند شعورها بهذا، حتى نبض قلبها بطريقة جعلتها تمسك الجهة اليسرى من صدرها بقوة وكرمشت وجهها بوجع.
مرت عليها ثواني معدودة بهذا الشكل ثم رفعت حاجبيها بذهول من ما يراودها الآن.

رفعت رأسها لعائلتها الصغيرة والدافئة وأخذت تتصنع الابتسامة معهم وهي تحاول أن تتجاهل نغزات صدرها المؤلمة بقناع عقلها بأن هناك التهاب برئتيها من برودة الجو ليس أكثر أو دعنا نقول هذا ماتمنته حقا
في الجهة المقابلة على الطرف الآخر بنفس هذا الوقت تقريبا كان قد دخلت سيارة أولاد اللداغ شوارع اسكندرية.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة