قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس عشر

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس عشر

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس عشر

نشفت الدماء بعروقه وجف فمه وعجز عن النطق ما إن رأى بأن ذلك الكلب يصور له كيف يدخل الى داخل العمارة وبدأ يصعد الدرج ببطئ وكأنه بأفعاله هذه يرمي الكاز على النيران، وما أن وصل الى باب الشقة الخارجي حتى أخذ
يصرخ بأعلى صوته: اووووعى تأذيها أو تلمسها حتى أنا بقولك أهو، هقتلك يارامي هقتلك، موووووتك هيكووووون على إيدي ساااااامع على إيدي.

كتم الصوت من عنده و سحب هاتف حودة منه بيد ترتجف وأخذ يتصل على شاهين وياسين بمكالمة جماعية و ما إن أتاه الرد من شاهين أولا ليليه الآخر، حتى صرخ باستنجاد
- أنتم فين؟
شاهين بترقب وصدمة: يحيى! في إيه مالك؟
- مالك يا لااااا ماتنطق، ما إن قالها ياسين وهو ينهض من مكتبه حتى سمع أخيه يقول بخوف ظهر رغما عنه بنبرة صوته
- رامي الكلب رايح لغالية مراتي في شقتي اللي في الوكر وأنا في مخازن الواحات مش هقدر ألحقها.

حد فيكم يتصرف بسرعة لو لمس منها شعره أنا هروح فيها
- حذرتك قبل كده وقولتلك طلعها من المستنقع ده ماسمعتش الكلام اشرب بقى، واتحمل نتيجة أخطاءك...
ما إن قالها شاهين بغضب وانفعال داخلي وبرود ظاهري حتى أغلق الخط بوجهه ليكون درس له ليتعلم منه فأخيه دائما ما يكون طائش بقراراته وتصرفاته ولا يسمع لأحد...

وهذا ما جعل يحيى يجن جنونه حرفيا و أخذ يضرب الدركسيون بيده بعدما رمى هاتف حودة من النافذة ما إن رأى ذلك الكلب من خلال هاتفه هو بأنه بدأ يفتح باب الشقة بسلاح أبيض
في شقة أم غالية كانت جالسة على كرسي الصلاة وهي تسبح ربها بعدما أدت فرضها وهي شاردة بنظرها في البعيد، وضعت يدها على قلبها المقبوض بوجع لا تعرف ما سببه.

نزلت دموعها بعجز ونظرت إلى الأعلى وهي تلهث بالدعاء بتضرع: يارب يا كريم، اكرمني واحميلي بنتي من كل شر بعينك التي لا تنام...
ياااالله ماتمتحنش صبري فيها أنا محيلتيش غيرها.
أنا قلبي واجعني عليها، اللهم إني أقسم عليك باسمك الأعظم أن ترجع لي بنتي لحضني سليمة من كل شر
خرجت مماهي به على صوت زوجة أخيها وهي تفتح عليها الباب لتقف أمامها لتضع يدها على خصرها لتحرك شفتها بعدم رضا وهي تقول بقرف.

- وبعدها لك بقا، هو أنتي كل يوم هتقعدي القعدة دي تندبي حظك، لاااا أنا الحال ده مايمشيش معايا...
أم غالية باستغراب: أنا عملت ايه بس ما أنا قاعدة أهو كافية خيري شري...
شهقت تحية بعدم رضا وهي تقول: خيري إيه يا أم خير أنتي، خليل لازم ييجي يلاقيلي تصريفة معاك أنا مش هأقدر أستحمل أكتر من كده
لتقول أم غالية بضيق من ما سمعت: ده بيتي أنا بيت جوزي الله يرحمه، لو مش طيقاني تقدري تشوفيلك مكان تاني.

- نعمممممم يادلعادي، بيتك، ده أنتي شكلك كبرتي وخرفتي البيت ده بيتي أنا، سامعة بيتي أنا وبإسمي أنا، خليل كتبه بأسمي لما عملتي ليه توكيل عام عشان يمشي معاملة الدكان اللي بردو سجله بإسمي يعني كل حاجة ليكي بقت ليا أنا، وقعادك معانا هنا دلوقتي ده كرم أخلاق مني...

نظرت لها أم غالية بشهقة خرجت من أعماق فؤادها وأخذت ترتجف بصدمة ليشحب وجهها كالأموات تضامنا مع ضيق تنفسها الملحوظ لتبدأ شفتها أن تميل الى اليمين ويدها اليسرى التوت لتسقط بنهاية المطاف على الأرض بجسد خاوي
لتتذمر تحية ما إن رأتها هكذا وهي تقول: يووووه
هو ده وقتك، أما أروح اتصل بسبع البرمبة ييجي يشوف يعمل فيها إيه دي، ما أنا مايجيليش منهم غير وجع القلب
في الوكر بالتحديد بشقة يحيى.

كانت غالية تقف أمام الموقد تعد لها الغداء ولكن ما جعلها تقطب جبينها وتطفيء النار تحت القدر ما إن سمعت صوت ضحك خافت ولكنه مليئ بالشماتة يأتي من الخارج وكان هذا الشخص يتكلم على الهاتف.

أخذت تقترب من الباب بترقب تريد أن تسمعه جيدا فصوته مألوف بالنسبة لها ولكن ما جعلها تكتم شهقتها بكف يدها وأخذت ترجع الى الخلف بخطوات متعثرة وهي تفتح عينيها بخوف فطري ما إن رأت ظل شخصين يحاولان أن يفتحا الباب من الخارج بهدوء وهما يهمسان فيما بينهما لكي لا يشعر بهم من بالداخل
ابتلعت لعابها برعب وأخذت تنظر حولها بضياع...
ذهبت إلى أسدالها المرمي على الأريكة.

لترتديه بسرعة ثم ركضت نحو المطبخ وأخذت سكين كبير نصله حاد...
خرجت لتتوجه الى الغرفة ولكنها ركضت نحو الباب الرئيسي وأغلقته بقفل آخر من الداخل ولكن فعلتها هذه جعلت رامي يكز على أسنانه بضيق وأخذ يدفع الباب بقوة وهو يصرخ بصوت خافت
- افتحي ياغالية، بقولك افتحي.

- رامي، نطقت اسمه بشفاه يابسة ونبرة صوت هامسة لم تسمعها هي حتى، انتفض جسدها وركضت الى غرفتها وأغلقتها من الداخل وأخذت تدفع مرآة الزينةخلفه بصعوبة، وذهبت بعدها لتختبئ بالزاوية التي بجانب السرير بعدما سحبت القرآن من الطاولة واحتضنته على صدرها بيد وبيدها الأخرى رفعت أمامها السكين وهي تقول بمحاولة أن تشجع نفسها
- ماتخافيش ياغالية ده قدامهم بابين عشان يوصلولك ده غير إن ربنا معاك ومش هيسيبك تتأذي.

قطعت كلامها وصرخت بخوف وهي على وشك البكاء ما إن سمعت صوت كسر باب الشقة الخارجي وصوت أقدامهم تتنقل هنا وهناك لتنتفض كل عضلة فيها وأخذ قلبها يخفق بشدة ونزلت دموعها تغطي وجنتها بغزارة وبخوف وانكسار ما إن وجدت أكرة الباب بدأت تتحرك بقوة ليليه ضرب قوي عليه وهو يصرخ بها
- مهما عملتي مش هتعرفي تخلصي مني، بقى تسبيني أنا وتروحي لعدوي، إن ماكسرت عينه فيكي
احتضنت نفسها بقوة وهي تناجي ربها بأن ينقذها.

وصوت أنينها ملأ المكان، نهضت بترقب ورفعت السكين بيدها وحشرت نفسها بالزاوية أكثر وأكثر ما إن فتح الباب أو بمعنى أصح كسره
ليمنع رامي صاحبه من الدخول معه وتركه بالخارج يراقب الأجواء الهادئة بشكل مريب، وأخذ يقترب منها وهو يضحك بدون صوت بخبث تام وهو يتأمل هيئتها ويصورها بهاتفه وهو يقول بسخرية ما إن رآها تحمي نفسها ب سكين
- لازم أخاف أنا كده صح...

أما على الجهة الأخرى نزلت دموع يحيى وهو يزيد من سرعة السيارة أكثر وأكثر وأخذ يصرخ بحرقة وعجز تام ما إن رآها وجدها بشاشة الهاتف كيف تقف أمامه وعلامات الرعب تزين ملامحها هذا غير
أن دموعها وااااه من دموعها التي لأول مرة يراها
اعتصر الدركسيون بيده وأخذ يقول بجنون
- لااااااااا لاااااااااااا اوعى تعملها، غلااااااااا
هذه كانت ردة فعله ما إن وجد رامي أخذ يفتح أزرار قميصه ببطئ وهو يقترب منها ويكمل بحقارة.

- سلام بقى يا يحيى عايز أعيش اللحظة معاها بلاش تكون عزول يا أخي
اغلق الكاميرا ورمى الهاتف بإهمال على السرير وهو يقترب منها ويقول
- أنا لو كنت زمان عايزك طاق ياحلوة دلوقتي بقا عايزك طاقين وتلاتة...
رفعت يدها بوجهه وهي تقول برجفة
- هقتلك لو قربت
- ياريت وهو في أحلى من كده إنه يكون موتي على إيدك أنتي بس قبلها لازم أدوقك...

قالها وهو يقترب منها بشدة محاولا أن ياخذ منها السكين ولكنه نسى بأن قوة الأنثى تتضاعف ما إن تشعر بالخطر لتعالجه بحركة سريعة بضربة بداخل تجويف كتفه جعل الآخر يضربها بكف قوي على وجنتها كرد فعله منه ليرتد بعدها الى الخلف وهو يسبها بألم
سحب النصل من أعلى كتفه ورماها على الأرض بعنف وما إن كاد أن يقترب منها ليأخذها بحضنه حتى وجدها تحتضن القرآن إلى صدرها بقوة وهي.

تجلس على الأرض كالطفل الذي بلاحول ولا قوة وهي تصرخ بأعلى درجات صوتها ب
- يحيى!
- يحيى ياااايحيى تعال وشوف مراتك، بس وهي في حضني، قالها وهو يضحك عليه بحقارة، مد يده ليلمسها ولكن قبل أنا يصل لها،!
برزت عينيه بشدة للخارج باختناق وأخذ يحاول ان ينقذ نفسه ما إن وجد سلسلة من الجنزير الفضي يلتف حول رقبته بسرعة البرق من الخلف.

أخذ يحرك جسده بمقاومة يريد أن يرى من هذا الشخص إلا أنه فشل بهذا ليسحبه الآخر بقوة مما جعله يسقط على الأرض الصلبة ليبدأ بعدها بسحله إلى الخارج باستحقار وكأنه يسحب كلب مربوط من رقبته وهذا ما جعل رامي يرى الموت بعينيه من شدة الالم الذي داهمه
مسك رامي الجنزير الذي يحاوط حنجرته وهو يحاول أن يقلل من الضغط عليه ولكن ما زاد الأمر سوءا وجعله يصرخ مكتوب ما إن بدأ الآخر يسحله على الدرج بدون أدنى رأفة به.

وما إن خرج من العمارة حتى أكمل جره على الأسفلت ليتجرح وينسلخ جلد ظهره من حرارة الارض وخشونتها وما إن وصل نحو القطاع المفتوح
حتى رماه بمنتصف المكان وهو ينفضه من جنزيره وكأنه كيس قمامة قذر ثم أخذ يلف السلسلة على رسغ يده بتوعد.

أما رامي ما إن تم تحرير رقبته حتى أخذ يشهق بقوة وهو يسحب أكبر كمية ممكنة من الأوكسجين ليبدأ بالسعال بعنف ولكنه تجمد بمكانه وصعق برعب عندما رفع رأسه الى الأعلى ليرى يحيى أو هذا ما ظنه هو ولكن الضربة القاضية كانت بالنسبة له وعرف بأنه هالك لا محالة هو عندما رأى ال
هجين يقف أمامه بكل جبروت
أخذ ينظر رامي حوله بصدمة ما إن وجد بثانية واحدة جميع أعضاء الوكر يقفون حوله بثياب سود.

يا الله! متى ظهر كل هذا الحشد؟ ألم يقولوا بأن الوكر بهذا الوقت خالي من أي حراسة كيف حدث هذا و وقع بفخهم
حاول أن يقف بأقدام خاوية عندما رأى موكب من الدرجات النارية يقترب منه لتبدأ بالدوران حوله
وهم يرفعون فوهة سلاحهم عليه وهم يضحكون بشر واستمتاع للقضاء على هذه الحشرة بالنسبة لهم.

- هشششششش ده بتاعي أنا، قالها الهجين وهو يرفع ذراعيه لهم بأن يبتعدو وبالفعل نفذو الأمر ما إن صدر من رئيسهم وابتعدو قليلا ولكنهم ما زالو على استعداد للانقضاض عليه...

أخذ يقترب منه والآخر يعود الى الخلف بتعثر وخطوات خاوية لا روح فيهم مما جعله يسقط على الأرض وهو يتوسل له بأن يعفو عنه ويقسم بجميع الأديان السماوية أن فعلته هذه لن تتكرر، ولكنه لم يعلم بأن توسله هذا يجعل الهجين يشعر باستمتاع أكثر و يحفزه للقضاء عليه أكثر.

وقف بشموخ و أخذ ينظر باستخفاف لذلك الذي نهض من الأرض وركض هاربا ولكنه تفاجأ بركلة من أحد أعضاء الوكر جعلته يتدحرج ليعود مرة أخرى الى مكانه السابق عند قدمي شاهين اللداغ الذي ما إن أصبح أمامه حتى ضغط بقدمه عليه وهو يقول
- بقا أنت عايز تعلم علينا...

أخذ رامي يحرك رأسه بنفي فهو لا يقوى على الكلام ف الآخر أخذ يضغط على حنجرته بحذائه لينحني ويسحبه من ياقة قميصه الملطخ بالدماء وما إن أجبره على الوقوف حتى أخذ يكيل له اللكمات
القوية بشكل سريع وكأن الذي أمامه كيس ملاكمة وليس بشر من لحم ودم...
سحبه من مقدمة شعره بعنف الى الأسفل وما إن مال بجذعه حتى ضربه على أنفه بركبته مما جعل الآخر يفقد حواسه الخمسة ويسقط على الأرض بقوة
والدم يسيل منه بغزارة.

وصل ياسين إلى مدخل العمارة ولكن قبل أن يدخلها وجد سيارة يحيى تتوقف أمامه بشكل سريع ومفاجئ مما جعلها تصدر صوت عالي من المحرك لينزل منها دون أن يعير أخيه أي انتباه وأخذ يصعد الدرج بسرعة يريد أن يصل إليها بأي ثمن.

فتح باب شقته المكسور لينظر للمكان المبعثر بصدمة وترقب، دخل إلى غرفتها وهو ينادي بأسمها كالمجنون وهذا ما جعل تلك المسكينة تنهض من مكانها بخوف ولكن ما إن رأت يحيى يقف عند باب الغرفة حتى نزلت دموعها بعتاب
لا تعرف أهي التي ذهبت له أم العكس حصل ولكن كل ما تعرفه هي ما إن رأته امامها حتى انزرعت داخل أحضانه وأخذ يعتصرها بذراعيه ويقبل رأسها بلهفة ليبعدها عنه قليلا وهو يقول بخوف بعدما احتضن وجهها بكلتا يديه.

- حبيبتي أنتي كويسة. صح
أومأت له بنعم وهي تعود لتدفن نفسها بصدره ليحاوطها بحماية بذراعيه وهو يقول
- خلاااص ماتخافيش، أنا جيت أهو
نظر الى ياسين الذي كان ينظر الى زوجة أخيه باستغراب فهو توقع بأنها سافرة ومن أشكال بنات الوكر لأنها كانت خطيبة رامي سابقا ولكن مايرى الآن أبعد ما يكون عن تخيله خرج من ذهوله على صوت حودة الذي دخل عليهم وهو يقول
- الهجين خاربها بالقطاع ورامي هيموت على يده أكيد.

نظر ياسين بقوة الى يحيى الذي بادله النظرات بنفس
قوتها وتوعدها...
- ياسين هات مفاتيح شقتك، ما إن طلبها يحيى منه حتى رماها له ليعطيها بعدها ل حودة وهو يقول، خد غالية برا الوكر بسرعة طول ما الكل
مشغول ومحدش واخد باله
- يحيى، قالتها غالية وهي تتمسك بمقدمة قميصه
وتحرك رأسها بنفي فهي ترفض هذه الفكرة تريده أن يكون معها لتطمئن...

حاوط وجنتيها و قبل جبهتها وهو يقول باطمئنان: قولتلك ماتخافيش، طول ما أنا عايش يا قلب يحيى أنتي...
احتضنها بحماية وهو يستنشقها بقوة ثم أخذ ينزل معاها للأسفل ليجعلها تصعد بسيارته بالخلف وما إن استقر حودة خلف الدركسيون حتى نظر له يحيى وهو يقول بتحذير
- مش عايز أوصيك
- بالحفظ والصون يا باشا، رقبتي قصاد خدش منها
قالها حودة بجدية تامة ثم أنطلق بعدها الى خارج الوكر...

وما إن اختفى من أمامهم حتى أخذ يحيى يركض نحو القطاع وهو ينزع التيشيرت مستعدا بشكل تام للقضاء على الآخر وخلفه ياسين، يا الله يريد أن يصل لذلك الحثالة ويشرب من دمائه لعل هذا يقلل من نيرانه المندلعة داخل صدره، وما إن وصل الى التجمع هناك و أراد أن يتخطاهم حتى.

- شاااهين، صرخ بها يحيى وهو يحاول أن يحرر نفسه من الرجل الذي كتفه بقوة فهذه أوامر الهجين بأن يمنعوا أي شخص كان من التدخل وما إن نظر له شاهين بغضب وعينين من الجمر حتى صرخ يحيى بانفعال
- سيبه ياشاهين موت الكلب ده على إيدي أنا
حرك الهجين رأسه برفض لما قال الآخر لينحني نحو فريسته ليربط عنقه بالجنزير الخاص به و أخذ يجره خلفه نحو البوابة أي مدخل الوكر الرئيسي غير آبه بمقاومته التي لا تذكر.

وما إن وصل إلى هدفه حتى علقه هناك كالذبيحة من عنقه ليرتفع صوت اختناقه وبرزت شرايينه وهو ينتفض بعنف ليبدأ خروج لسانه بشكل مخيف من فمه وما هي سوا دقائق من العذاب مرت عليه حتى سكن جسده بهدوء معلنا عن مغادرة الروح منه
أخذ شاهين يتنفس بعنف من أنفه كالتنين الغاضب
لينزل من مكانه وذهب نحو أخيه الذي كان ينظر له بقهر ليسحبه من خلف عنقه نحوه ليقبل رأسه ثم وضع مقدمة رأسه بخاصة الآخر وهو يكمل بعصبية.

- لاااااااااا عاش، ولاااااا كان، اللي يفكر بس أنه يكسر عين يحيى اللداغ اللي طول ما أنا فيا نفس هكون بظهره وسند ليه
ابتعد عنه يحيى وهو يبتسم بتأثر من كلماته هذه ليحتضنه بقوة وهو يربت على كتفه
خرج سلطان من بين حشود الموجودين واقترب من جثة رامي وما إن تمعن بالنظر به حتى أخذ يحرك رأسه برضا ثم أشار إلى رجاله وهو يقول بأمر وصوت خشن.

- ارموه برا الوكر لكلاب السكك تنهش لحمه الخاين ده عشان يكون عبرة للي تسوله نفسه أنه يلعب معانا
بعد ساعة زمن من هذه الأحداث في القبو الخاص بتجمعاتهم كان يجلس هو وياسين على الأريكة يورث سيجارته بهدوء ليسحب منها نفس عميق وما إن عاد بظهره للخلف حتى زفر الدخان باسترخاء ليبتسم بسخرية من طرف شفتيه عندما سمع سلطان يقول له بإطراء.

- أيوة كده ياهجين هو ده الشغل التمام، خلي الكل يسمع إنك لسه مسيطر و كمان أكتر من زمان
شاهين بضجر: من غير لوك كتير جامعنا هنا ليه، هات من الآخر
ليقول سلطان بشر: ماااشي هجيب من الآخر...
بنات سعد
نظر له شاهين بحذر: ما لهم؟
- عايزهم، ما إن قالها سلطان حتى رد عليه الآخر باستهزاء
- ابقى اتغطى كويس قبل ما تنام
سلطان بعصبية: أنا بأتكلم جد
- تؤ، أنت بتهزر، عشان أنا لو أخدت كلامك ده جد.

هعلقك مكان رامي بإيديا دول، قالها بتهديد صريح لما يريد أن يفعل ليصرخ الآخر به
- شاااااهين أنت نسيت نفسك
- اللي عندي قولته، ما إن قالها وهو يهم بالنهوض إلا أن سلطان منعه وهو يدفعه من صدره ليعود الى مكانه وهو يقول بغضب: استنى أنا لسه ماخلصتش كلامي
- اللي أنت عايزه زي عشم ابليس بالجنة، عمره ماهيحصل...
- أنت بتتحداني
- اعتبره اللي ييجي على هواك بس بردو مش هيحصل.

ما إن نطق شاهين هذه الكلمات بغطرسة حتى أخذ يتبادل النظرات القاتلة الممزوجة بالتحدي مع الآخر ولكن سرعان ما تحولت ملامحه الى الاشمئزاز عندما جاءه صوتها الناعم وهي تنزل درج القبو
- لاء لاء، ده شيطان ودخل ما بينكم أكيد، اهدى كده يا حاج ده شاهين حبيب القلب اااء قصدي حبيبك، قالتها زينة وهي تقترب من سلطان وأخذت تطبطب عليه بدلع بعدما وضعت صينية
الأكل على الطاولة أمامهم.

تأفأف شاهين بضجر ليلتفت وهو ينوي الخروج إلا أنه توقف ما إن وجدها تتعلق بذراعه وهي تقول بمياعة مثيرة لأي رجل إلا هو
- استنى بس رايح فين تعالى تغدا أنت أكيد على
لحم بطنك من الصبح
أبعد يدها عنه بضجر: مش عايز
زينة بهيام: عشان خاطري ولا أنا ماليش خاطر عندك
رفع حاجبه باستنكار وقال
- مالكيش طبعا ايه العشم ده!
ضحكت بدلال وهي تضربه بخفة
- جاتك إيه يا شاهين، ماتقول حاجة ياحاج اااالله أنت هتسيبه يمشي كده زعلان.

- أقعد ياشاهين دي ماكنتش كلمة قولتها قلبت حالك بالشكل ده، يا لا يا ياسين قرب أنت كمان وسمي باسم الله
- من غير ماتقول هاسمي أنا هموت من الجوع، قالها ياسين وهو يجلس بالقرب من الطعام وأخذ يتناوله بشراهة غير آبه بالحوار الدائر حوله
تنهد شاهين بضجر عندما همست له الأخرى بخفوت
- تعالى دوق أكلي ده أنا عملته بإيديا دول عشانك
- كلامك ده كفيل أنه يسد نفسي من هنا لشهر قدام.

أوعي كده، قالها و يتركها ويذهب لم يلبي نداء سلطان عليه مما جعل زينة تلحق به بلهفة حاولت ان تداريها أمام سلطان الذي أخذ يضرب كفيه ببعضها وهو يقول بضيق
- عنيد ومحدش قادر عليه وشوره من دماغه
- و ايه الجديد في كده شاهين طول عمره كده، قالها ياسين وهو يلتهم الحمام المحشي الساخن بحماس لينظر له سلطان بتمعن ثم سأله بخبث
- سيبك منه وقولي وصلت لفين مع بنت سعد الكبيرة
شرب الماء بعدما قال بلا مبالاة: هانت.

- هانت؟ أوعى يا ياسين تكون عاجبتك بجد
أخذ يمسح يده وهو يقول بشرود
- و إيه يعني لو حصل ده،؟
سلطان بانفعال: لااااء ده يعني كتير أوي، ماتنساش نفسك أنت مش رايح تحب وتعشق
ياسين بضيق: حب إيه بس هي عجباني و عايزها مش أكتر من كده.

- وماله، خدها واتمتع بيها، بس أكتر من كده لاء أوعى هاااا أوعى تنسى نفسك معاها إن أنت ابن سامر اللداغ وهي بنت سعد قاتل أبوك وعمك، أنا كبرتكم وتعبت عليكم عشان ناخد تارهم، البنتين دول لازم تجيبهم هنا صدقني يا ياسين دي مش بس هنرد فيها تارنا دي هتبرد ناري أنا شخصيا
قطب ياسين حاجبيه وهو يقول بتساؤل
- ليه، أنا عايز أعرف ليه كل الحقد ده لسعد الجندي
كنت تقدر تقتله من زمان وتنهي كل ده ليه سبته السنين دي كلها.

- اليوم اللي مات فيه ماهر اختفى سعد مع البنات قلبت مصر عليه ومالقتوش
ياسين بشك: طيب، ليه كل همك إنك تجيب بناته هنا ليه مش بتكتفي بسجنه. أو قتله بس ايه كمية الحقد ده كله
سلطان باعتراف خفي لم يفهم عليه الآخر: البنتين دول بنات عدوي، وأنا وعدته إني هربيهم بنفسي بس سعد هرب بيهم وعرف يحميهم مني بس بمساعدتك أنت وشاهين هعرف أرجعهم لأصلهم.

لأني من غيركم مش هاقدر، هرجعهم غوازي هنا، هيكونه سلعة للمتعة للي رايح واللي جاي...
ومابقاش سلطان لو مانفذتش ده حتى لو كان آخر حاجة أعملها قبل ما أموت
قال الاخيرة وهو يتركه ويخرج من القبو تاركا خلفه ذلك الذي أخذ يفكر باستغراب وهو يقول
- غريب حقدك ده، ده أنا نفسي مش حاقد عليهم زيك مع إن التار ده تاري واللي مات ده أبويا وعمي...
بس أكيد في سر ورا ده كله...
مساء في فيلا الجندي.

ما إن أوقف سيارته أمام المدخل الداخلي حتى نزل بتعب نفسي قبل أن يكون جسدي ليرفع حاجبه باستغراب ما إن وجدها تقف أمام حوض السباحة تعطيه ظهرها تتحدث بالهاتف باندماج شديد لدرجة
أنها لم تشعر به وهو يقترب منها ليسمعها تضحك بخجل وهي تقول
- لاء مش هينفع أخرج دلوقتي، ياااسين بطل بقا.

عيب كده، هههههههه وأنا كمان، حاضر هكلمك بعد العشا، ماشي وهنسهر كمان يا لا سلام بقا لحسن ماما تقفشني و وقتها ليلتي هتبقا كحلي هههههه
ضحكت وهي تنهي المكالمة معه بسعادة كبيرة ولكن ما إن التفتت حتى ذبلت ملامحها لتنظر الى الأسفل بخجل شديد وأحراج ممزوج بصدمة عندما رأت والدها ينظر له بعتب
- نزلتي راسك ليه؟ هاااا ليه؟
لتقول ميرال باختناق من الموقف بأكمله
- بابا أنا.

سعد بتحدى: أنتي غلطانة لدرجة مش قادره تحطي عينك بعيني، صمت قليلا وهو يتأمل منظهرها هذا الذي لم يتوقع أنه سيراها يوما به ابدا
اقتربت منهما كلا من داليا وسيلين وهما تنظران لهما بتساؤل وفضول ماذا هناك، ولكن ما زاد استغرابهما أضعاف ما إن أكمل سعد كلامه بضيق غاضب
- أنا مش هقولك ليه، ولا هعاتبك، بس كل اللي هقوله انسي إني ممكن أديكي ليه، لو كان آخر راجل بالعالم مش هتتجوزيه ياميرال.

نظرت له ميرال بدموع وهي تقول
- ليه؟
- هو إيه اللي بيحصل، في ايه، قالتها داليا وهي تنظر إلى ميرال ثم تنظر الى زوجها الذي احمر وجهه من انفعاله
تجاهل سعد سؤال زوجته واقترب من ابنته وقال بغضب: اللي عندي قولته...
- أيوة بس أنا بحبه، ما إن نطقتها حتى صمتت بسرعة مصدومة وشهقت سيلين بخوف عندما وجدت كف والدها نزل بكل قوته ليرتطم بوجنة ميرال وهو يصرخ بها بانفعال.

- بتقوليها في وشي هي دي أخرتها، الظاهر انا معرفتش أربي كويس، اطلعي على اوضتك وماتورنيش وشك
- بابا أنا آسفة مش قصدي والله، قالتها وهي تحاول أن تقترب منه إلا أنه ابتعد عنها ورفض اقترابها هذا وهو يقول بوجع
- كسرتي ثقتي فيكي ياميرال كسرتيهااااا و عشان مين؟ هاااا، والله ما هخليه يشوف ظفرك...
تنسيه وتشيليه من عقلك غصب عنك فاهمة
صرخت ميرال بانفعال: لاء مش هنساه.

- ميرال انت تجننتي، قالتها داليا بحدة وغضب فهي بدأت تتجاوز بكلامها دون أن تشعر بذلك
فضل سعد متجمد بمكانه وهو لا يصدق بأن التي أمامه ميرال ابنته الرزينة الهادئة المطيعة لا يرى الآن سوا تمردها وتعلقها الشديد بالآخر لدرجة بأن تقف بوجهه وترفض نسيانه
تحركت تفاحة آدم في عنقه بحركة فاشلة ليبتلع ريقه الجاف، رفع يده التي ترتجف من تشنج اعصابه ليخرج هاتفه من داخل سترته ما إن ارتفع رنينه.

ضغط على زر الإجابة و وضعه على أذنه دون أن يرى من المتصل ونظره ما زال معلق بتلك التي خيبت ظنونه بها، ولكن قبل ان ينطق بحرف حتى اتاه الخبر الكارثة الذي جعله يركض نحو السيارة بسرعة دون ان يرد على تساؤلات داليا
أما سيلين ما إن رأت والدها يتركهم ويذهب حتى لحقت به وصعدت الى جانبه دون أن تسئله ماذا هناك فهو بحالة لا تسمح لها بمناقشته...

أخذت تنظر للطريق المظلم تارةوتارة أخرى الى والدها بخوف، تشعر بأن والدها سيفقد وعيه فعلى ما يبدو ضغطه ارتفع
لفت انتباهها بأنهم يقتربون من تجمع ناس وسيارة إطفاء تحاول أن تطفيء المخازن الخاصة بشركتهم
وبالفعل صدق حدسها عندما وجدت والدها ينزل بسرعة وترك الباب مفتوح وما إن رأى بأن النار أكلت كل شئ وما تزال ملتهبة بشكل مريع
حتى سقط على الأرض الرملية ولمعت عينيه بقهر.

أمام عينيه محصول تعب السنين كله يحترق، جميع المخازن تتحول لرماد أمامه ولا يستطيع أن يفعل شيء...
أغمض عينيه بأسى عندما وجد صغيرته تحتضنه من الخلف وهي تدفن وجهها بكتفه وتقول
- بابا، حبيبي، أوعى تزعل نفسك عشان خاطري
كل شيء يتصلح أهم حاجة احنا نكون مع بعض صح مش ده كلامك
- تعبي كله راح هباء يا سيلين...
- فداك فلوس الدنيا كلها، بابا، أنت أهم من ده كله.

نهض بتعب وأخذ ينظر الى ياسين الذي كان يتكلم بانفعال مع أحد الضباط وما إن انتهى حتى اقترب منه و وجهه ملطخ باللون الأسود بسبب الدخان
ياسين بقهر: لازم نروح ع المركز نشوف اللي حصل ده بفعل فاعل ولا ماس كهربائي
أومأ له سعد ثم نظر الى ابنته وهو يقول
- يا لا بينا أرجعك عشان ألحق أشوف ايه الحكاية
سيلين بترجي- بس أنا عايزة آجي معاك...
صرخ بها سعد بأرهاق: تجي فين بلاش تجننيني.

هو أنا ناقص هم عشان تزيديها عليا أنتي كمان
نزلت دموعها بحزن على هيئة والدها وهي تحرك رأسها له بنعم، ثم تحركت أمامه متوجهة الى السيارة وماهي سوا مسألة وقت حتى أوصلها الى الفيلا وذهب ليحل تلك الكارثة التي وقعت عليه لتنظر بوجع قلب الى أثر غبار سيارته الذي تركه خلفه
التفتت لتدخل ولكن رنين هاتفها جعلها تتوقف لترفع حاجبيها بترقب عندما رأت رقمه ينير الشاشة ما إن أجابته حتى سمعته يقول بشكل مباشر وثقة مخيفة.

- قرارك إيه
ردت عليه سيلين بخفوت وكأنها ترفض أن تصدق مايحدث معهم: أنت السبب بالحريق اللي حصل صح
ضحك بشر ثم قال ما إن صمت بجدية
- بحب ذكائك، ما أنا قولتهالك، اختاري يا كبريائك يا باباكي، والقرار ليكي
- أنت أحقر إنسان شفته بحياتي كلها ولو تفضل آخر حد في العالم مش موافقة إني ارتبط بواحد زيك لو مهما عملت ساااااااامع لو مهما عملت.

- هنشوف، قالها ثم أنهى الاتصال مما جعلها تجلس على الأرض تبكي لتصرخ بعدها بانفعال وحقد العالم تجمع لديها وهي تقول
- بكرهك ياااااا شاهين! بكرهك!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة