قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع عشر

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع عشر

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع عشر

نائمة بوسط سرير وثير مريح ولكن هذه الراحة كانت أبعد ما يكون عنها، قطبت جبينها بضيق وأخذت تحرك رأسها بالأتجاهين بانزعاج من الكابوس الذي تراه الآن فعقلها الباطن كان يكرر ماحدث معها كله بالصوت والصورة ليتعرق جسدها بقلق وتوتر و مشاعر الخوف سيطرت عليها مرة أخرى لدرجة بدأ نفسها يضيق وصدرها يؤلمها وكأن هناك ثقل عليه
لتعجر حتى عن الحراك...

توالت عليها ذكرياتها وكأن شريط حياتها كلها أخذ يمر أمام نظرها منذ صغرها حتى وصلت للوقت الحالي لتخرج منها شهقة عنيفة جعلتها تنتفض من رقدتها هذه الى الجلوس وهي تفتح عينيها الى أقصى حد هذا غير صوت تنفسها العالي الذي ملأ الغرفة
كرمشت وجهها وهي تضع يدها على صدرها بوجع
ليقع نظرها على الساعة المعلقة على الجدار لتجد ان الوقت قد تجاوز الواحدة بعد منتصف الليل...

رمت عنها الغطاء لتضع قدميها على الرخام الفاخر والبارد لتتوجه بعدها نحو الستارة وما إن ازاحتها و فتحت زجاج النافذة حتى أغمضت عينيها واحتضنت نفسها بخمول عندما مر بها تيار هواء منعش...
أخرجت رأسها منه وأخذت تنظر لهذا المكان الراقي التي هي به الآن، لتسحب الأكسجين النقي بكل قوتها لتنتعش رئتيها وهي لا تصدق حتى الآن بأنها أخيرا قد تخلصت من ذلك المكان القذر المليئ بالمعاصي...

في الصالة انفتح الباب الرئيسي ليدخل الى شقة أخيه ياسين وهو يحمل حقيبة ثيابها وأخذ يبحث عنها بعينيه بلهفة وكأنه يريد أن يحتضنها ببصره قبل ذراعيه.

تنهد بعمق بعدما رمى الحقيبة على الارض وهو يرى الهدوء يعم الأرجاء فهي بعادتها تكون بوسط المكان تعلن عن حضورها بكل إعتزاز و دائما ماترمقه بتعالي وكأنه لا يساوي شيء أمامها، أبتسم باتساع وهو يتذكر تفاصيلها العنفوانية ولكن سرعان ما خيم الضيق عليه وأخذ يتأفأف بحيرة وهو يفكر بما هو مقبلا عليه هل هذا بداية جديدة أم نقطة تحول لا تبشر بالخير.

وبعد تردد كبير وأفكار كثيرة لم توصله لأي استنتاج بدأ يحرك ساقيه بتثاقل نحو الداخل ليمسك أوكرة الباب ويفتحه بهدوء، ليجدها تقف أمامه بشموخها المعتاد الذي يعشقه عليها، كان ضوء الغرفة منطفئ ولكن إضاءة الشارع العام الذي يضرب على وجهها من خلال النافذة التي تقف الى جانبها كانت تعطيها سحر لا يعرف كيف يصفه.

يااااالله، الكبرياء وعزة النفس خلقت لها فقط، أنثى متمردة متعالية بتمردها عليه لتتوج ملكة على قلبه المسكين بشعرها الأسود المنكوش الذي دائما مايراه يقف بعكس اتجاه مساره الصحيح.

أخذ يقترب منها ببطئ وهو يمرر نظره على قامتها الهشة، ترتدي بيجامة قطنية واسعة تظهر من خلالها مدى نحافة جسدها الصغير، كان من المفترض أن يكتب عليه هنا مصنع الأنوثة ومنتهى الجمال، فهي حقا مصدر الجاذبية والفتنة، لايظن بأن هناك امرأة في العالم تظاهيها فهي أخذت كل الحسن لها حصريا
توقف قليلا ما إن لمح بمقلتيها نظرة، عتاب؟
لم يتوقع هذا منها كان على استعداد أن يتقبل منها.

الكره، الحقد، بغض، نفور، خوف، رعب، كان على أتم الاستعداد لكل هذا إلااااااا أن يرى العتاب منها ممزوج بألم وخيبة ظن...
أكمل طريقه لها ما إن رجف ذلك النابض بين أضلاعه عندما وجدها تبعد عينيها عنه بضيق...
كان قد قرر مع نفسه قبل أن يدخل لها بأنه لن يقترب منها بشكل مباشر الآن لكي لا تنفر منه فهي بالتأكيد ماتزال متأثرة بما حدث لها، أراد أن يعطيها مساحة لتستوعب كل ماحدث معها حتى الآن...

ولكنه ضرب كل هذه القرارات بعرض الحائط عندما وجدها أمامه بكل هذا الإغراء
لاحظ بأن ملامحها تمتعض بضيق كلما تقدم منها وصلت الى درجة وجدها ترفع كف يدها أمامه
لتمنعه من الاقتراب أكثر وهي تقول باختناق
- خليك بعيد ماتقربش مني
احتقارها له بهذه الكلمات كانت بالنسبة له أحلى من العسل فهو لا يصدق حتى الآن بأن ذلك الحثالة لم يؤذيها، كان فاقدا للأمل، يقسم بأنه وصل إلى حافة الجنون بسببها هي.

تجاهل رفضها من الاقتراب منها ليطبق عليها بجسده الضخم وهو يحتجزها بينه وبين الحائط وما إن دفن وجهه بعنقها حتى تذوق بشرتها الناعمة بقبلة مباغتة عميقة جعلت روحه ترتد له ما إن رسم ملكيته عليها باحتراف ثم أخذ يتحسس شريانها النابض بشفتيه الحارة وهو يهمس لها بهوس بعدما كتفها من معصميها بسبب مقاومتها الشرسة له.

- للحظة كان عندي استعداد أني أخنقك بإيدي وأدفنك بنفسي ولا غيري يضمك لحضنه ويشم ريحتك دي زي كده، موتك أهون عليا من إنك تكوني لغيري
ابتعد عنها قليلا ما إن لاحظ إلتواء رقبتها بمحاولة بائسة منها لتبعد نفسها عنه وهي تقول بصوت يرتجف متذبذب ولكن مليئ بالضيق منه ومن تصرفاته الطائشة: أنت مريض، تقتل القتيل وتمشي بجنازته، وهو كان مين السبب بكل اللي حصلي ده، مش انت.

حرر معصميها بهدوء وأخذ يبعد خصلاتها الهائشة عن وجهها الذي يضاهي القمر جمالا بنظره هو، أحتضن وجنتيها واقترب من جبهتها ليقبلها بقبلة طويلة مليئة بالحنان ليرجف جسدها بشكل تلقائي من ذلك الشعور الغريب الذي غزاها بشكل مفاجئ.

ابتعد عنها بعدما طال الصمت بينهم ليسحبها خلفه الى الصالة الخارجية بعدما غلف يدها الناعمة بكفه بحب واضح ولكن هذا لم يدوم كثيرا عندما وجدها تسحبها منه لتذهب وتجلس على أريكة منفردة لتميل بجذعها العلوي لتسند مرفقيها على ركبتيها وضمت كفيها بقبضة فوق شفتيها لتشرد نظراتها للبعيد
منظرها هذا جعله يرتعب هل هي الآن تفكر بأن تتركه؟ وبالفعل صدق حدسه ما إن نطقت بجدية متغلفة بالبرود.

- أظن إن اللعبة أنتهت لحد كده، صح،! يعني أنا دوري انتهى، وأنت اللي كسبت على رامي وقدرت إنك تسرقني منه زي ما كنت مخطط...
سببك كان تافه زيك.

صمتت قليلا وأخذت تبتلع لعابها ثم أكملت بنفس برودها. على العموم أاانا لا هلومك ولا هعاتبك وأقولك ذنبي ايه إنك دخلتني بدوامة مالهاش آخر عشان تثبت انتصارك على خصمك لأن باختصار كل اللي حصل معايا بالشهرين اللي عشتهم معاك خلوني أكبر يجي عشر سنين على عمري و أكبر دماغي من كل اللي بيحصل حوليا، فعشان كده أنا عايزة منك حاجة وحدة، وحدة بس
يحيى بترقب: اللي هي؟

رفعت نظرها له وقالت بحرقة ظهرت من خلال نبرتها الجادة: أحلفك بالله وبالعشرة اللي مابينا إنك تعتقني لوجه الله، طلقني يايحيى
شحب وجهه من ما سمعه ليقول بترجي طفيف
- اديني فرصة تانية ياغالية وخليني اوريكي خيري زي ما وريتك شري...
ابتسمت بألم فهي لأول مرة تسمعه يلفظ اسمها صحيح، لتنطق بجدية بعدما حسمت أمرها.

- أنا بعد اللي شفته منك مابقتش عايزة منك أي حاجة أنت إنسان شهواني بتمشي ورا ملذاتك خمر وبنات وفي منكر ومش عامله لدرجة خلتني أغرق معاك بعالم عمري ما كنت متصورة إني هشوفه غير بالأفلام...
حرك رأسه بقبول وقال باعتراف: شوفي كلامك كله ده صح واللي حصلك مني مش قليل بس مستحيل أقبل إنك تمشي، غصب عنك هتفضلي معايا لأن معنديش أدنى استعداد أسيبك
غالية بضيق: إيه غصب عنك دي، أنت تاني هتجبرني عليك
يحيى ببرود: ايوة.

- يعني مش هترحمني وتخلصني منك بقى، ما إن قالتها باختناق حتى أتاها رده المباشر
- لاء
غالية بانفعال: يحيى! بلاااااش تستفزني بطريقتك دي، أنا خلاص قرفت منك ومن عيشتك ومن وجودك حوليا، ارحمني بقا والله تعبت اعتبر نفسك ماشفتنيش بحياتك، اعتبرني مت باللي حصل يا أخي وعيش من غيري واكسب فيا ثواب.

يحيى بحب غريب لم يفهمه هو ايضا- بس أنتي ما موتيش وأيوه العيشة معايا غصب مش هيفصلك عني غير الموت، يابموتي يابموتك، يا بنت الناس افهمي بقا أنتي بقيتي عندي أغلى من الروح بذات نفسها ولو مش مصدقاني أنا ممكن أحلفلك ع المصحف واااء.

قطع كلامه بصدمة ممزوجة بوجع ما إن وجد دمعتها تنزل من مقلتها بهدوء تام كشاهد على حزنها، حاول أن يمسحها إلا أنها أبعدت نفسها عنه لتنزل دمعة أخرى لتليها بالثالثة وما هي سوا جزء من الثانية حتى غطت وجهها بكفيها لتجهش ببكاء مرير كالأطفال وكأن صبرها انتهى لحد هنا.

وهذا ما جعل يحيى يجن جنونه وتقطعت أوتار قلبه عليها، وهو لا يصدق هل غلاته تبكي الآن، ليجلس بسرعة على الأرض عند قدميها حاول أن يبعد كفيها عنها ولكنه أبت ذلك ليسحبها من ساعدها الى الأسفل أي نحوه ليجبرها أن تنزل له وتجلس الى جانبه لاااا ليس الى جانبه بل جعلها داخل أحضانه وهو يحاوطها بذراعيه وكلما ارتفع صوت شهقاتها المعذبة زاد هو من احتضانها ودفنها بصدره أكثر وأكثر.

وهذا ما جعلها تضربه على منكبيه بقوة بقبضتها الصغيرة وهي تقول بانفعال
- سبني، أوعى كده مش طيقاك
ابعد رأسها من صدره قليلا بعدما قبله ثم أخذ يمسح عينيها الكحيلة الدامعة وهو يقول بهمس ونظرات الإعجاب الصادره منه على استعداد تام لأكلها نية
- أعمل إيه وترضي عني، هاااا قولي، قولي ياغلاتي يرضيكي إيه عشان تبقي جنبي وأنا أعمله أدفعلك عمري، والله روحي تهون ليك.

- مش بدماغي حاجة دلوقتي، قالتها بتوتر من قربه ولكن سرعان ما كشت روحها منه بقرف وهي تكمل برفض، وبعدين مش هفضل معاك مهما عملت، شيل إيدك دي عني وما تلمسنيش تاني بها أبدا
- ما أوعدكيش بده، قالها وهو ينظر لها كيف تبتعد عنه متوجهة لتلك الغرفة التي استيقظت بها متجاهلة كلامه هذا ولكن ما جعلها تلتفت له بصدمة من جرأته ما إن أكمل، ماهو اللي يدوق طعمك و حلاوة قربك يدمنك وما يقدرش يبعد عنك تاني.

- بالراحة ع الباب يا غلا دي مش شقتي، قالها بمشاكسة ما إن وجدها تغلق الباب بوجهه بكل قوتها، ليبتسم بعدها بسعادة فهو لاحظ احمرار وجنتيها خجلا منه هذا يعني أنه استطاع ان يأخذ منها استجابة
نهض عن الأرض واستلقى على الأريكة باسترخاء
ونعاس ولكن عكر مزاجه رنين الهاتف المزعج ليخرجه بتأفأف من جيب بنطاله
- أيوة ياحودة عايز ايه.

- كنت عايزني أبلغك بأخبار بيت خليل أول بأول عشان تكون على اطلاع دايما باللي بيحصل معاهم
- أنت هتشرحلي ولا ايه، ادخل بالمفيد ياحودة هو أنا ناقص وجع دماغ
- أم الست غالية
- مالها؟
- نقلوها للمستشفى الظهر، ما إن قالها حتى اعتدل بجسده بسرعة وقال- ليه فيها ايه؟
- سكتة قلبية، بس حالتها مستقرة نوعا ما.

يحيى بأمر: انقلها مستشفى خاص وخلي عينك عليها والفواتير مهما كانت تندفع فورا، ما تستخسرش فيها أي حاجة عايز كل حاجة تبقا تمام، مش عايز أوصيك
- اعتبره حصل بالحرف يا باشا، بس هو! صمت حودة بتردد ليقول الاخر بحسرة وهو ينظر الى باب غرفتها
- فهمتك، عايز تقولي مش هتجبها تشوف أمها
- بالضبط كده
- بصراحة لاء
- ليه
- مالكش في، اتكل على الله وبلغني بكل جديد
- تمام سلام.

- سلام، أنهى المكالمة وأخذ يقول مع نفسه وكأنه يريد أن يخدر ضميره هذا إن كان يملكه أساسا
- مالي اتخنقت ليه، أنا عملت كده عشان لو أخدتها تشوفها مش هترجع معايا وهتشبط بمامتها وأنا ده مش هقدر، اووووف خلاص هاخدها بس مش دلوقتي هستنى كم يوم كده يمكن أعرف أميل دماغها عشان اضمن وجودها معايا، ايوه أنا كده صح، هما كم يوم بس مش أكتر
الوقت: قريب الفجر
المكان: الصحراء الغربية بالتحديد بالواحة البحرية.

كان يصدح صوت هجان الغاضب بالأرجاء بعدما سمع بموت رامي
- غبي، غبي، قولت ليه ماتتصرفش من دماغك بلاش تهور. أهو راح بشربة مية، و عشان ايه
عشااااااان ست، ومش بعيد أكون أنا المرحوم التاني لو متصرفتش صح المرادي، لازم اهدى كده وأفكر بتأني واللي هيساعدني بده أنت
قال الأخيرة وهو ينظر الى ذلك الشخص الذي يجلس أمامه بتكبر وهو يريح ساقه على الأخرى ولكن كلماته هذه جعلته يستقيم بطوله وهو يقول.

غالب بصدمة واستنكار- أنا، أساعدك، أنت نسيت نفسك ولا ايه
هجان بضيق: الله الله، وليه الغلط بس، ماهو المنطق بيقول عدو عدوي صاحبي، واهو احنا الاتنين أتعلم علينا من الهجين اللي بقا طايح في الكل وماعتقش حد، لا ابن حتته اللي هو أنا ولا صاحب البدلة والمركز اللي هو أنت عرف يخلص من لدغته، يعني احنا في الهوا سوا ومافيش حد احسن من حد
غالب بقلق: أيوة بس احنا مش قده.

هجان بضجر: اتكلم عن نفسك، لو أنت طري وخايف تاخد حقك وقررت تطاطي ليه أنا لااااا وألف لاااا
غالب بغضب: ماتحترم نفسك ياجدع أنت وتحسن ملافظك
- متأسفين يابتوع المدارس والكلام المتزوق
- ناوي على ايه مع شاهين باشا، ما إن قالها باستفسار حتى رد عليه الآخر بقرف
- باشا عليك مش عليا...
- مش وقت الكلام ده قولي ناوي على إيه خلصني
ليقول هجان بفحيح: يحيى اللداغ
غالب بترقب- ماله
- نلاعب شاهين ع النقطة دي.

- وليه يحيى ما نلاعبوا ب ياسين على الاقل ده أخوه
صرخ به هجان برعب: اااااايه ياسين، أنت تجننت، عايزنا نلاعبه على ياسين،! ده ياسين يبلعنا قبل ما نقرب منه حتى، أوعى يغرك شكله وتقول أنه فريسة سهلة ده لو نفع أصلا إننا نقول عليه فريسة ده فك مفترس
ياسين مابيقلش خطورة عن شاهين، بقا احنا عايزين نخلص من شاهين نقوم نلفت نظر ياسين لينا.

عشان نروح بخبر كان صح، ولو جثة رامي جات لحد هنا ده كرم أخلاق من الهجين، احنا بقا لو لعبنا تاني مش هيبقا لينا جثة من الأساس هيبخرنا ابن اللداغ...
- أنت أوفر أوي...
هجان بعدم فهم
- ااايه، أنت بتقول إيه، إيه لوفر دي
- اوفر، يعني انت بتبالغ بوصفك.

- لاء ياخويا ماببالغش أنا، شاهين عنده مبادئ بيلعب عليها وفي حاجة نظيفة جواه، مش زي التاني اللي راضع مع ابليس بذات نفسه، ومابيعترفش بأي حاجة غير اللي بدماغه، عايز تموت موته وسخة عادي ياسين
- يعني أفهم منك ياسين أخطر من شاهين
- الأخوة دول أنقح من بعض مايتحزروش، بس اللي أنا متاكد منه هو إن الاتنين بيدوك تذكرة ذهاب بلا عودة للعالم التاني، فعشان كده لازم نتغدا فيهم قبل مايتعشوا فينا.

فتح غالب عينيه برعب: اااايه فيهم دي، أنت بتجمعهم ليه، هو احنا قادرين على واحد عشان نيجي جنب التاني
هجان بسذاجة: تصدق صح أنا شكلي كده تحمست ودمجتهم بحسابنا، بس خلينا بالمهم واللي هو يحيى اللداغ
- ماله ده بقا
- أضعفهم، بس ابن اللعيبة شايل شغل الوكر كله على أكتافه، نقدر نضرب شاهين عن طريقه هو
غالب برفض- أنت اتجننت، هو أنت ماشفتش هو عمل ايه برامي لما فكر يقرب منه.

- ما التاني غبي، ودخل يلعب بغباوة، هو في حد عاقل يدخل وكر الافاعي برجليه وعايز يطلع منه صاغ سليم من غير ما يدفن بمكانه
- طب هنعمل ايه
- هو من ناحية هنعمل احنا هنعمل بس ايه بالضبط دي بقى عايزلها تخطيط وتركيز لأن الغلطة بطلقة
يا ريس
غالب باشمئزاز وتكبر
- إيه ريس دي اسمي غالب باشا منصور
سحبه هجان من سترة بدلته وهو يقول بضيق منه.

- لااا بقولك اااااايه عايز تحط إيدك في إيدي بلاش أنتكتك دي عليا وعيش عيشة أهلك، هتقرفني
من أولها هديك بالجزمة على وشك أنا بقولها لك اهوووووو
في الصباح بعدما أشرقت الشمس لتنير الأرض بعد ظلمات الليل الموحشة، في فيلا الجندي دخلت داليا الى غرفة ميرال بعدما طرقت الباب بهدوء لتبتسم بتعب ما إن رأتها جالسه على الأرض تحتضن ساقيها نحو صدرها وعينيها منفوخة من أثر البكاء المستمر.

اقتربت منها وجلست أمامها وهي تقول
- مانمتيش صح
- هو من امتى حد فينا يعرف يدوق النوم وبابا لسه ما رجعش، وحياتي يا ماما كلميه وطمنيني عليه
تنهدت داليا وقالت: أنا كلمته من شوية وقال إن ساعة زمن وجاي، والله انا مش عارفة إيه المصايب اللي بترف علينا من كل حتة دي بس
نقول إيه الحمدلله على كل شئ
ميرال بتساؤل: معرفوش إيه سبب الحريق
- ماس كهربائي ده اللي باين لحد دلوقتي بس التقرير الرسمي لسه ماظهرش.

صمتت قليلا ثم قالت بجدية حادة ولكن فيها من الليونة نوعا ما: ميرال، اللي حصل امبارح مش عايزه يتكرر، أنا سبتك طول الليل كله تقعدي مع نفسك و تفكري وتشوفي إن تصرفك كان صح والا غلط، أنا عايزك تحكمي على نفسك بنفسك
باباكي تعبان وبلاش تزيدي تعبه...
- أنا آسفة
- ليه هو أنتي غلطي بحقي عشان تتأسفيلي؟

- ماما، ما ان نطقتها بغصة حتى دفنت وجهها بين ركبتيها تبكي بقهر وهذا ما جعل داليا تحتضنها بحنان رغما عنها حاولت أن تقسى عليها ولكنها لم تستطع، قبلت رأسها ثم أخذت تملس على شعرها الناعم وهي تقول
- ليه حابة توجعي قلبنا عليكي ياميروا
نظرت الى والدتها بدموع وقالت
- هو أنا مش من حقي أحب
- من حقك بس ليه ماصارحتنيش، ليه خبيتي عليا، كم مرة قعدت معاكي وقولتيلي مافيش حاجة فجأة كده ألاقيكي غرقانه لشوشتك.

ميرال بتلقائية: ماهو ماكنش في حاجة أقولك غير أنه خطبني وأنا وافقت
لتقول داليا بعصبية- لا والله واحنا فين من كل ده
ميرال ببراءة: لاء اسمعيني، هو جاني وقالي أنه عايز يخطبني وكده، فكان عايز يشوف رأيي إيه في الأول، وأنا لما وافقت كان هييجي يتقدم بس أنتي شايفة الظروف اللي بنمر فيها اليومين دول...

- طب قومي دلوقتي واغسلي وشك وانزلي شوفي أختك اللي قاعدة بالجنينه من امبارح دي ومش راضية تدخل قبل ما ييجي باباها، أنا مش عارفة الاقيها منك ولا منها ولا من أبوكم اللي كل ما أكلمه يزعقلي ويطلع حرقة قلبه فيا، ونبقى نشوف إيه حكاية سي ياسين بتاعك ده مع إني مش مرتاااحه ليه
نظرت لها ميرال بحزن وهي تقول: ليه بس
- حساه كده ملعب ومش سهل خالص وياخدك البحر
ويرجعك عطشانة.

ميرال بعدم قبول لما سمعت عنه- حرام عليكي ياماما والله ياسين مافيش منه
- أنا قولت هبلة محدش صدقني، قومي يالا قدامي ننزل ده أكيد عاملك غسيل مخ، واحنا مهما قولنا وزدنا مش هتشوفيه غير زي ماهو عايزك تشوفيه
ميرال باستفسار- يعني هتساعديني وتكلمي بابا ولا لاء.

- ربك يسهلها من عنده، بنات آخر زمن مافيش خشى، قالت الأخيرة وهي تضربها على رأسها بخفه مما جعل الأخرى تضحك وهي تقترب منها وأخذت تقبل وجنتيها بشقاوة نادرا ما تظهر عليها ثم تركتها وذهبت الى الأسفل.

في الحديقة الأمامية كانت تمشي حافية القدمين على العشب الرطب. تنظر بين الحين والآخر الى البوابة الرئيسية تنتظر رجوع والدها وهي تفكر بضياع بما يجب أن تقرر، ذهبت نحو الأرجوحة الكبيرة وجلست عليها بتعب وهي لا تزال تائهة بكل ما يحدث، لأول مرة تشعر بأنها عاجزة عن الفهم مايدور حولها ياترى ماهو هدفهم الرئيسي من كل هذا.

ولكنها لم تصل لشئ سوا أن الأخوة اللداغ كالفيروس أصابها هي وعائلتها وبالتأكيد سيكون هناك خسائر فادحة لهم، خرجت من أفكارها و تحليلاتها هذه على صوت أختها وهي تدفع الأرجوحة بخفة وتقول بحب
- صباح الخير ياسيلي
صمتت وانتظرت ردها ولكن كان السكون سيد الموقف وهذا ما جعل ميرال تذهب وتجلس الى جانبها داخل الأرجوحة وهي تقول بعدما تنهدت
- حتى أنتي زعلانة مني، ليه مافيش حد بيفهمني.

رفعت سبابتها بوجه أختها وأخذت تقول بعصبية
ناتجة عن خوفها عليها: انا كل مرة اجي وأقولك خدي بالك من دول، أنا مش مطمنه ليهم، ده باين إن وراهم مصيبة، وبعد تحذير ليكي اجي الاقيكي بتحبي سي زفت ومش بس كده، لااااا تقفي قصاد بابا كمان عشانه أنتي اتجننتي
ختمت كلامها ومسكتها من رسخها قبل ان تنهض وتتركها لتقول بعدها: خلااااص أنا آسفه لأني زعقتلك بس ياميرو احنا عيلتك وبنحبك أكتر من.

أي حد والله كل اللي بنعمله ده من خوفنا عليكي
- أنتي عمرك حبيتي يا سيلي، ما إن قالتها ميرال حتى أشاحت لها سيلين بذراعها وهي ترد عليها وتقول: لاء ومش عايزة اتزفت على عيني
ابتسمت ميرال ورفعت منكبيها وقالت
- يبقى ببساطة مش هتفهميني
نظرت لها سيلين بعدم تصديق: أنا اللي عايزة أفهمه حاجة وحدة بس فين ميرال أختي العادية الراسية
اللي تصرفاتها رزينة وخطواتها محسوبة
- أنت ليه محسساني إني ارتكبت جريمة لما حبيت.

- وأنتى يوم ما تزفتي ماتلاقيش غير ده
- وماله ده، ياسين إيه عيبه إنسان مكافح شهم عرف يبني نفسه من الصفر، واللي أهم من ده كله بابا بيحبه وبيثق في وبيعتمد عليه بكل صغيرة وكبيرة
نهضت سيلين وقالت بأعصاب مشدودة
- وأهي الثقة دي احنا بندفع تمنها دلوقتي كل شي بيضيع مننا شوية شوية، الفلوس طارت ع القرض. المخازن احترقت، وياعالم هيحصل ايه بعد ده كله.

بس كل الخساير دي تهون قصادك، احنا مش هنستحمل خسارتك ياميرال، بابا مش هيستحملها
لو مفكرة أنه بيحيني أكتر منك تبقي غلطانه، دايما بشوف نظرة الفخر بعينه لما بيبصلك بلاش تخلي النظرة دي مكسورة، أبعدي عنه اسمعي مني ااااااابعدي عنه لأن كل المصايب اللي بتحصلنا دلوقتي بسببه هو وأخوه
ميرال بتفاجؤ من هجوم اختها بهذا الشكل عليه
- سيلين! بلاش كرهك ليهم يوصلك لده، كل اللي خسرناه لحد دلوقتي هما كمان خسروا زيه...

وماتنسيش إن بابا وياسين هما الاتنين مع بعض بمركب وحدة وزي ما شايفة الاتنين بالمركز دلوقتي
فبلاش كرهك ليه يخليكي تعلقي عليه كل اللي بيحصل، ف لو أنتي شفتي حاجة غلط على أخوه ماتحاسبيش ياسين عليها، كل إنسان وليه طبعه.

قالت الأخيرة وكادت أن تدخل إلا أنها التفتت لها مرة أخرى وقالت، وااااه ياسين اللي مش عاجبك كلمني وطمني على بابا وقال إن كل شيء تمام وأنه هيحل كل حاجة بنفسه، كلمني لأنه عارف غلاوة بابا عندي قد ايه فمستحيل يأذيه فبلاش تخلي الأفلام اللي بتشوفيها تأثر عليكي
اقتربت سيلين منها وقالت بحزن عليها
- ياااااه لدرجاتي بتثقي فيه
- جداااااا
ابتعلت لعابها وقالت: طب بتثقي فيا
- أاااكيد.

- عشان خاطري، ابعدي عنه لو بتثقي فيا ابعدي
ما إن قالتها سيلين حتى قابلتها الأخرى بنظرة عتاب ممزوجة بوجع، فالجميع يريدونها أن تبتعد
عن حب عمرها لما لا أحد يفهمها، ولكن قبل أن تنطق برفض حتى التفتتا معا نحو البوابة التي فتحت بشكل الكتروني ودخلت من خلالها سيارتين معا.

- بابااااا، صرخوا بها وهم يركضون نحوه كالأطفال بسعادة ولهفة ما إن وجدوه ينزل من سيارته ليتلقاهم بذراعين مفتوحة ليضمهم نحو صدره بحماية وأمان وأخذ يقبل رأس كل واحدة منهن وهو يقول
- ياروحي أنتم.

رفعت ميرال نظرها لذلك المكار الذي ينظر لها من بعيد وما إن التقت نظراتهما حتى بعث لها قبلة بالهواء بمشاكسة جعلها تخبيء وجهها بسرعة مرة أخرى بكتف والدها بخجل، أما أختها كانت تنظر بحقد واضح الى عدوها الذي كان يقف بشموخ ليبادلها بنظرات واثقة وكأنه يريد ان يوصل لها رسالته وهي بأن كل ما أريده سأحصل عليه.

ابعدهم سعد من حضنه ما إن دخلوا ليذهبوا نحو المطبخ بعدما نادتهم والدتهم، استدار سعد لأولاد اللداغ وقال بجدية: تفضلوا
جلس شاهين بهيبته المعتادة وقال: بقى كل ده يحصل بيوم واحد أغيبه...
سعد باستفسار: سيبك من كل ده وقولي القرض هنعمل في إيه
شاهين بعتاب- أنا نبهتك و قولتلك ان المدة قصيرة جدا بس حضرتك قولت أنه تمام وموافق عليه مش ده كان كلامك ولا أنا غلطان.

- أيوة بس كانت المدة سنة مش شهر، أكيد في حاجة غلط أنا مستحيل أمضي ع المدة دي
شاهين بخبث وهو يخرج الملف من حقيبة عمله
- سنة ايه؟ المدة كانت شهر والعقود الأصلية أهي قصادك وامضتك عليها، أديتك أسبوع تدرس البنود
قبل مانمضي ونبهتك ع النقطة دي وأكيد حضرتك فاكر إني ما كنتش راضي عليها بس موافقتك خلتني أسكت وقولتلي أنا المسؤول لأن المشروع فكرتك ف ليه دلوقتي مستغرب
سعد بإصرار: لاء أنا متأكد إن المدة كانت سنة.

أخذ ياسين الملف وأخذ يدقق به بتمعن ثم قال: السنة دي هي مدة اتمام المشروع يمكن كنت مش مركز لما درسته فعشان كده فكرت إن السنة دي مدة دفعت أول قرض
سحب سعد الملف منه وأخذ يدققه هو أيضا ليشحب وجهه وهو يقول بعدما رماه على الطاولة أمامه
- أنا مستحيل أغلط الغلطة دي...
نظر له شاهين ببرود: والله ده اللي حصل ده اللي باين عندي على العموم أنا هكلم مدراء البنك عشان الموضوع ده وتحاول إن الدفعه التانية تكون بعد سنة.

- والأولى هنعمل فيها ايه، قالها ياسين باستفسار ليرد عليه أخيه: لاء دي خلاص لازم تندفع مش بيدنا حاجة نعملها بالنقطة دي
سعد بحيرة: أنا كنت مستني وصول حمولة الأسمنت والحديد عشان أتصرف فيه وأدفع القسط الأول بس معرفش ايه اللي حصل وخلى الحمولة يتأخر أسبوعين كمان
- أنا سألت عن الحكاية دي وعرفت إن حرس الحدود متشددين اليومين دول أوي فعشان كده
- خير، بإذن الله خير...

- نستأذن احنا بقا، ما إن قالها شاهين حتى نهض ياسين ايضا معه وخرجوا لينظر سعد الى أثرهم بتعب ثم نهض وذهب الى المطبخ ليجد زوجته فقط
- فين ميرال؟
التفتت له داليا بتوتر وهي تقول بكذب
- طلعت تغير هدومها...
أومأ لها بشرود ثم تركها وأخذ يصعد الدرج بتثاقل شديد وكأن حمل العالم كله على ظهره
في الخارج، كانت تقف عند أحد الأشجار البعيدة عن الأنظار بيدها زهرة ملونة مابين الأصفر والبرتقالي.

تأفأفت بضجر فقد تأخر عليها فهو بعث لها رسالة يطلب أن يراها قبل ان يذهب...
- الحلو زعلان ليه، قالها وهو يقترب منها لتهمس اسمه بفرحة
- ياااسين
- ياحب ياااسين، قالها وهو يقلد نبرة صوتها الناعمة مما جعلها تضحك عليه وهي تضربه على صدره بدلال
- أدفع عمري كله قصاد الضحكة دي
ابتسمت بسعادة شديد وهي تقول
- كنت عايزني في ايه بقا
اقترب منه بشدة وقال: وحشتيني
تنهدت بحزن وقال: وأنت كمان بس مش هينفع أكلمك تاني.

- نعممممم، هو لعب عيال والا إيه، قالها بحدة وضيق ولكن سرعان ما تدارك نفسه، ليه بس كده ياحبيبتي
- مش كده بس بابا عرف ورفض الحكاية من الأساس
ياسين بمسايرة: مالكيش دعوة بحد
- ازاي بس
أخذ يقرص وجنتها وهو يقول: هحل كل حاجة بلاش توجعي دماغك أنا هحارب الكل عشان آخدك منهم
رفعت حاجبيها بتفاجؤ وقالت: بتحبني قد كده
ياسين بمراوغة: أنتي شايفة ايه، عنيا بتقول ايه.

عضت ميرال طرف شفتيها ثم قالت بعدما تمعن بالنظر إليها: عنيك بتقول أنا بحبك وبموت فيكي ومش هسيبك ابدا ابدا
- صدقيها بقا واوعي تشكي فيها، بس اللي عايزه منك إنك تحطي ايدك في إيدي كده وماتسبنيش أبدا
ميرال بصدق: عمري ماهسيبك.

ياسين بحماس: ايووووه هو ده الكلام، هاتي بقا بوسة حلوة كده من الشفايف اللي بتسمع الكلام دي، ختم كلامه وهو يدفعها أكثر على الشجرة ليسندها عليها وهو يقتحم ثغرها بتلذذ ممزوج بحب و رومانسية جعلتها تذوب بين ذراعيه من حرارة قبلاته، يالله كم هي محظوظة به وبحبه لها وهيامه بها
ابتعد عنها وهو ينهج ليقبل جبهتها وهو يقول
- بحبك
- وأنا كمان بحبك
- مبسوطة معايا
- أيوة
- أيوة ايه.

- مبسوطة معاك، بحبك يا ياسين بحبك أوي، قالتها بصدق مشاعر نقية وهي تخبيء نفسها داخل أحضانه الدافئة بخجل ف الآخر أخذ يضحك عليها وما إن كاد يقبلها مرة أخرى حتى هربت منه بأعجوبة لتركض نحو الداخل وهذا ما جعله يضحك عليها أكثر وهو يقول بصوت عالي لتسمعه
- ياااااجبانة.

عند شاهين كان يقف عند باب سيارته ينتظر أخيه نظر الى ساعة يده بضجر واستعجال فهو لديه أعمال كثيرة يجب أن ينجزها اليوم ولكن على مايبدو بأنه سيتاخر بسبب ذلك المزعج
لفت انتباهه تلك المهرة التي خرجت بعنفوانها وأخذت تقترب منه بخطوات سريعة وما إن وصلته حتى كادت أن تدفعه من صدره بغضب إلا أنه كبل يديها بسرعة وسحبها نحوه بعدما جعلها تستدير وبدلا أن تضربه هي احتضنها هو بقوة بين ذراعيه المفتولتين بالعضلات...

كان ظهرها ملتصق بصدره العريض التي ضاعت بداخله، أخذت تحرك نفسها بقوة لا تذكر وهي تقول
- سبني
همس لها عند أذنها من الخلف: عاجبني تفضلي كده
التفتت له بوجهها وهي تقول: شاهين
نظر الى لون عينيها الملون وقال بهدوء
- نعم
سيلين بأمر: ابعدوا عننا وسبونا في حالنا
زوا مابين حاجبيه بجدية وقال بنفس هدوءه
- مش هيحصل الا اذا، وافقتي على عرضي.

تعمقت سيلين بالنظر الى حدقتيه وكأنها تريد أن تستكشف بما يفكر فيه، لتقول بعدها باستفزاز
- اللي يشوف اصرارك ده عليا يقول يابختها قد إيه بيحبها
ابتعد عنها وحررها وهو يقول بإنكار
- تؤ حب إيه بس، أنا عايزك رغبة مش أكتر
سيلين باستفزاز أكبر: ااااه قولتلي غريزة، حيوان يعني مش أكتر
مال برأسه على اليمين وهو يقول: أنا مكنتش عامل حسابك ولا مفكر فيكي بس طولة لسانك دي هي اللي لفتت نظري ليكي...

اقتربت منه وأخذت تضرب سبابتها على صدره وهي تقول باستمتاع فهي أخذت تلعب بأعصابه
- أنت مكسوف تقول إنك وقعت فيا، وإنك مش قادر تتنفس من غيري، أنت مجنون فيا، مجنون بسيلين سعد الجندي مش كده، قالتها وهي تحرك شعرها بغرور متناهي متعمدة به ثم أكملت بتكبر.

قول قول عادي حصلت كتير مع غيرك يعني مش أنت أول ضحية ليا، بس اللي يكسف بجد هو إنك تيجي بهدف إنك تدمر بابا لسبب ماااا أنا معرفوش لحد دلوقتي بس اااااكيد بالمستقبل هعرفه، يعني تيجي عشان تنتقم منه تلاقي نفسك هووووب بدل ما توصل هدفك تلاقي نفسك ضايع بغرام بنته...
اقتربت منه وأكملت بجدية تامة...

أنت مش بس بتحب بنت عدوك لاء أنت بتعشقها لدرجة مش عارف تعمل إيه والا إيه عشان توصلها، وأنا بقولك أهو إنك عمرك ماهتوصلها نجوم السما أقربلك منها، احلم على قدك مش أنا اللي أنزل من نفسي وابص لواحد زيك
تشنج فك شاهين وهو يطبق على شفتيه بقسوة ثم قال بتوعد حقيقي: أسبوعين بس، أسبوعين وهطربقها على دماغك ودماغ اللي خلفك...
رفعت أنفها بشموخ وتحدي وهي تقول
- هو مش كان يوم واحد ايه اللي خلاه يبقى أسبوعين.

ماتخليك قد كلمتك يامتر. وبعدين اللي عنده حاجة مع بابا يا يجي يطالب فيها منه وش لوش بلاش تدخلوا عليه من بناته، بلاش اللف والدوران ده بقى، لأنه عيب، هااا عيب يا أستاذ، هو أنا اللي هعلمكم أصول اللعب ولا إيه
نظرت لها بقسوة وأخذ يقول بنبرة قاسية.

- حلوة أوي ومغرورة أوي أوي اوووي لدرجة عايز أكسر غرورك ده معايا، هتجيلي، هتجيلي برجلك لحد عندي عشان أتجوزك، و وقتها هقدر أنفخلك دول بذمة عشان يبقوا زي اللي فوق ياشفايف البطة أنتي، قال الأخيرة بوقاحة وهو يتحسس شفتها السفليه ويكز على أسنانه بتمني استطعامهما
دفعته عنها وهي تقول بتوتر ورجفة غريبة سرت بأوصالها: أنت أااانت
صمتت بتوتر أكبر ما إن غمزها بخفه لتضرب قدمها بالأرض وهي تقول بضجر طفولي لذيذ.

- مش هيحصل عمري ماهبقى ليك سااامع، عمري
ولكن ما جعل غضبها يتزايد منه أضعاف عندما وجدته يقابل كلامها هذا بالضحك باستمتاع شديد على حالتها هذه فهو صاحب تأثير قوي عليها بنظرة ولمسة بسيطة يحرجها ويجعلها تبتلع لسانها الطويل هذا...
تلاشت ضحكته الى ابتسامة هادئة ما إن اختفت من أمامه وذهبت نحو الداخل ليصعد سيارته وانطلق بها الى الخارج تاركا خلفه أخيه الذي ما إن اتصل عليه ليسأله أين هو حتى قال.

- ارجع على رجليك ياحيلتها مش شاهين اللداغ اللي يتلطع كده يابقف أنت...
أنهى كلامه وأغلق الخط بوجهه دون أن يستمع الى رده ليتوجه بعدها للوكر وفي عقله ألف حساب وحساب ولكن أكبرها و أهمها هي سيلينا
علي الجهة الأخرى، في الوكر
نزل من الدرج القبو بخفة ليقترب من ذاك الذي يشرب الشيشة وما إن جلس أمامه حتى قال باستغراب: طلبتني يا حاج؟
- أيوة
- خير، هو في حاجة غلط بالشغل لا سمح الله.

- لاء أنت شغلك مية مية مافيش حد يقدر يعدل عليه
حتى لو كنت أنا
- حلووووو الكلااام، نيجي للجد بقى، كنت عايزني بأيه
سلطان بمغزى: عايزك ترجع تنام في الوكر من تاني بس بعد ماتتخلص من كل بلاويك
ليقول يحيى بحذر: يعني ايه؟
- غالية خطيبة الواد اللي فطس هنا ده
- قصدك مراتي أنا، ما إن قالها بغيرة حتى رد عليه سلطان برفض
- لاء ماينفعش كده، لازم تبقى كانت مراتي، طلقها.

وارميها من مكان ماخدتها، ولاااا أقلك هاتها هنا نطري على رجالتنا فيها ولو عجبتني ممكن أدوقها أنا كمان ااااااكيد مش هتستخسرها فيا يعني ولا ايه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة