قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن عشر

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن عشر

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن عشر

- قصدك مراتي أنا، ما إن قالها بغيرة حتى رد عليه سلطان برفض
- لاء ماينفعش كده، لازم تبقى كانت مراتي، طلقها
وارميها من مكان ماخدتها، ولاااا أقلك هاتها هنا نطري على رجالتنا فيها ولو عجبتني ممكن أدوقها أنا كمان ااااااكيد مش هتستخسرها فيا يعني ولا إيه...
قال الأخيرة بمغزى حقير وما هي سوا ثانية واحدة فقط وكان سلطان مستلقي على الأرض مخنوق.

من قبل ذلك المتوحش الذي على مايبدو فقد حرفيا كل ذرة عقل لديه وهو يصرخ به بأعلى درجات صوته ويضغط بكلتا يديه على عنقه وكأنه يصر على إزهاق روحه
- دي مراااتي، ساااامع مرااااتي هي حصلت إنك توصل للوساخة دي عايزني اجبهالك بإيدي
ليه! أنت مفكرني اااااااايه...
حاول سلطان إنقاذ نفسه من ذلك الذي يجثو فوق صدره إلا أنه فشل وبجدارة، ليس هناك مجال للمقارنة بينهما، نعم سلطان ضخم ولكن أمام يحيى
ليس أكثر من ذبابة مزعجة.

دخل الحرس الى القبو مسرعين على أثر الصوت و صراخه العالي وما إن سحبوه عنه حتى أخذ يقاومهم بشراسة وهو ينظر بغضب مهلك لذلك الذي أخذ يسعل بشدة ويمسح لعابه عن فمه ليبتسم بعدها بحقارة لا توصف وهذا ما جعل يحيى يشيط وتتفجر حمم براكينه أكثر وأكثر ليصرخ بانفعال على الحرس الذين يقيدونه وهو يقاومهم.

- اوعوا كده، سبوووووني، ثم وجه كلامه لسلطان بانفعال متوعد، ده أنا هخليك تدوق الموت قبل ما تفكر تحطها في بالك حتى...
- والله وطلعلك صوت يايحيى، بس انا صح
شكي طلع بمحله، ما إن قالها سلطان وهو ينهض عن الأرض لينظر له الآخر بترقب وهو ينهج...
أخذ يقترب منه بخطوات شيطانية مدروسة بعدما أعطى إشارة لرجاله أن يتركوه ويخرجوا وبالفعل نفذو الأمر بالحرف وانسحبوا من المكان كله.

التفت لهم يحيى ثم عاد بنظره على ذلك المسخ الذي أمامه وقبل ان ينطق هو وجده يباغته بسؤال لم يتوقعه: حبيتها مش كده، أوعى تنكر والاااا ماكنتش عملت كل ده عشانها
يحيى بجدية: هي على اسمي سواء بحبها أو لاء هي عرضي أنا واللي يحاول يمسه أدفنه بمكانه
ليقول سلطان برفض قاطع لما سمع: تؤ تؤ تؤ.

يحيى اهدى كده وبعدين أحنا دافنينه سوا، أنت أخدتها عشان تكسر رامي وأنا شجعتك على ده، وأيدتك كمان قصاد الكل، غير كده مافيش، انسى إنها على اسمك زي مابتقول و مراتي والكلام الفاضي ده وبلاش تعيش الدور ده بالذات مش لايق عليك
- عايز توصل لأيه، نطقها يحيى بحذر وترقب فهو يريد أن يعرف بما يفكر الآخر.

تغير وجه سلطان للشر وقال بنبرة اجرامية لا تبشر بالخير بتاتا: يعني ومن الآخر كده، أنت دخلتها الوكر بإيدك، واستغفلتني شهرين، وأنا عملت نفسي من بنها و مش واخد بالي باللي بيحصل حواليا
كانت جوا الوكر ومش بعيد عرفت كل صغيرة وكبيرة بتحصل فيه، ودلوقتي عايزني أسيبها كده بسهولة، ليه هو دخول الحمام زي خروجه.

اعتصر قبضته بقوة وكز على أسنانه وقال بأعصاب متشنجة: كنت حابسها بالشقة لا شافت حد ولا حد شافها ولا تعرف طبيعة شغلنا ايه...
- هاجي معاك وهعمل نفسي مصدقك وماله، بس بردو مافيش غير حلين قصادك، قالها وهو يرفع السبابة والوسطى امامه ليقول الآخر باستفهام
- اللي هما
سلطان بجبروت قذر: ياترميها مع بنات الوكر
ياااا إمااااا تطلقها طالما إنها متعرفش حقيقتك ايه زي ما قولت، اختار، غير كده ماعنديش حلول.

يحيى برفض: لاء في، وهو إني أسيب الجمل بما حمل، وأخدها وأمشي...
أخذ يربت سلطان بقوة على منكبه وهو يقول
- بلاش تعمل فيها غشيم، ما أنت عارف القوانين هنا مافيش جواز يتم من برا بنات الوكر إلا لمصلحة مؤقته، بس أنت شكلك عايز تغلط غلطة أبوك
فتح عينيه وقال باندهاش ممزوجة بلهفة
- أبويا! أنت تعرف أبويا مين
سلطان بمراوغة مستفزة: وعلى سيرة أبوك ياترى ست الحسن والجمال اللي وقف بوشي عشانها عارفة إنك ابن، حرام...

انقض يحيى على الآخر يمسكه من مقدمة ثيابه وهو يقول بأعصاب: رد عليا أبويا مين
- وأنا اش عرفني روح اسأل أمك ده لو كنت تعرف هي مين، ما إن قالها سلطان حتى ضرب يحيى يده على الطاولة الزجاجية لتنكسر على الفور محدثه خلفها جرح عميق بساعده لتمتلئ يده بالدماء.

ابعد يحيى ذراعه الى الخلف ما إن كاد سلطان أن يتفحصها ليرفع سبابة يده الأخرى أمام وجهه وقال بغضب أسود: أنا من اللحظة دي برا اللعبة، برا وكر الأفاعي، وغالية لو قربت منها بس مش هيكفيني أني أولع فيك بكاز وسخ، و أكيد ده هيكون رد فعل بسيط مني و ماخفى كان أعظم
تركه وأخذ يصعد الدرج متوجها خارج القبو تاركا خلفه ذلك الذي ينظر له بشر واضح ليقول بعدما نظر الى الفوضى التي تعم حوله.

- غبي زي أبوك، و أكيد نهايتك هتكون زيه والسبب ست، ما أنا دائما بقول عايز تنهي راجل خلي في طريقه ست تجيب أجله، صمت قليلا ثم أكمل بشرود، وهو في حاجة حرقت قلبي غير الست، سنين طويلة مرت ونارها مش راضية تنطفي جوايا
آااااخ يابنت حوا علمتي جوايا جامد
علي الجانب الثاني، في فيلا الجندي بالتحديد غرفة ميرال التي كانت تجلس أمام والدتها تمسك يدها وهي تقول بتوسل: عشان خاطري يا ماما روحي كلمي بابا وخليه يوافق.

طبطبت داليا على ظهر كفها بحنان وقالت بتفهم: سيبي باباكي ياحبيبتي يهدى يومين كده وأنا أوعدك إني هكلمه على رواق وإن شاء الله هيوافق
ميرال بنفي سريع: لاء يومين إيه بس ياماما ده ياسين كلمني وقالي أبلغكم أنه هييجي بكرة بالليل يخطبني
نظرت لها داليا بذهول: أنتي بتهزري صح
- لاء...
داليا بتنهيدة- مش دلوقتي وقت الكلام ده ياميرال.

ميرال بتوضيح: والله قولتله كده بس هو أصر وقال طالما باباكي عرف بعلاقتنا لازم يبقى كل شئ رسمي احتراما ليه
لتقول والدتها بحيرة- والله مش عارفة أقولك إيه، بس حاضر هقوم وأكلمه وأمري لله
- حبيبتي ياماما، قالتها وهي تقبل وجنتيها بفرحة لتتنهد داليا بشحوب فهي تعرف رأي زوجها بهذا الموضوع بالذات، لتقول بتمني وهي تنهض
- ربنا يسهل يارب وأشوفك احلى عروسة.

- يااااارب، قالتها الأخيرة مع نفسها بأمل ولكن سرعان ما اخذت تعض أناملها بتوتر من ماهو قادم
أستلقى بإرهاق شديد على الأرض السمند الصلبة بالمستودع الخاص به بعد ساعات طويلة من التمارين القاسية، كان يتنفس بصوت عالي
وهو مغمض العينين ولكنه يقسم بأنه يراها أمامه طول الوقت وكأنها حقيقة وليس خيال
سحب هاتفه واتصل بها وهو لا يعرف لما فعل هذا ولكن ما إن أتاه صوتها الناعم حتى قال آمرا وبشكل مباشر.

- سيلينا جهزي نفسك ع الساعة تمانية
أبعدت الهاتف عن أذنها بتفاجؤ ثم أعادته وقالت باستفسار: خير!
ليأتيها رده الواثق: عازمك ع العشا
سيلين بسخرية: بمناسبة إيه
- الهدنة
- اااه قصدك إن الأسبوعين اللي أدتهملي دول هدنة
- بالضبط كدة...
- بس أنا برفض عزومتك دي بكل بساطة
- ماهو مش بمزاجك، ما إن قالها ببرود جليدي أقرب مايكون للقطب الشمالي وهذا ما جعلها تتنرفز وهي تقول: شاهين.

- هممممم، همهم بها باسترخاء لترفع حاجبها بمكر وهي تقول: وحشتك مش كده، اعترف
رفع حاجبه بإعجاب من طريقتها
- واثقة أنتي من نفسك
أسبلت برموشها بدلع وكأنه يراها
- فوق ما تتخيل
سحب نفس عميق وأخذ يمرر باطن كفه على وجهه بتعب فهي بطريقتها هذه أشعلت النار بجسده، ليقول بنبرة مليئة بالتحذير: سيلينا
- نعم
زفر أنفاسه وقال: تمانية بالدقيقة هاااا
سيلين باستغراب من كلامه: بقولك مش هاجي.

- وأنا بقولك هتيجي، سلام، ما إن قالها حتى رمت هاتفها بانزعاج على الأريكة، و بعد مدة من التفكير والاستنتاج خرجت متوجهة الى غرفة أختها
اما عند داليا ما إن دخلت بهدوء الى غرفة نومها حتى وجدت زوجها الحبيب مستلقي على السرير ويضع ساعده على عينيه، أخذت تراقبه ومن أثر تنفسه علمت أنه مستيقظ...

استلقت الى جانبه وأسندت رأسها على عكسها وباليد الأخرى أخذت تداعب خصلاته السوداء المتغلغلة به شعيرات فضية زادت وسامته أضعاف...
- سعد، نطقتها بصوت خافت مبحوح وما إن همهم بصمت حتى أكملت بنفس نبرتها ولكن بعدما اقتربت منه أكثر لتداعبه بأنفاسها، بحبك
ابتسم بحب ولكن سرعان ما رد عليها بمشاكسة
وبلا مبالاة مصطنعة: ربنا يسهلك ياحجة.

شهقت بصوت عالي وأخذت تضربه على كتفه وصدره بقوة وهي تقول بانفعال- حجة ايه، ده أنا أصغر منك
أخذ يضحك عليها بقوة بعدما مسكها من معصميها ليمنعها من الضرب وهو يقول
- خلاص بقا اهدي صحتك
نظرت له داليا باختناق: هو أنا فعلا عجزت بنظرك
ضحك سعد عليها وقال: لا طبعا
- أوعى كده أنت بتكدب عليا، قالتها وهي تبتعد عنه لتنهض بزعل ولكنه سحبها إلى أحضانه وهو يقول: داليا، دودو، يابت أنا بكلمك عيب كده
- نعم عايز إيه.

سعد بحب: وأنا كمان بحبك
داليا بضيق- لسه بدري كنت خليها لبكرة
- أنا هقولها النهاردة وبكرة وبعده هو أنا عندي أغلى منك
- كتر خيرك. تفضلت عليا، ما إن قالتها بدلال حتى ابتسم لها وقبل صدغها بعمق ثم أخذ يشدد من احتضانها، عم السكون لدقيقة كاملة بينهما لا نسمع من خلاله سوا صوت أنفاسهما المنتظمة نوعا ما وكأنهما يأخذان طاقتهما من وجودهما معا...
همست داليا بعدما سحبت رأسه الى صدرها وأخذت تداعب خصلاته.

- لسه زعلان من ميرال
سعد بتسائل: أنتي شايفة ايه
- أنا شايفة إنك معاك حق وبنفس الوقت هي كمان معها حق، ما إن قالتها حتى رفع لها وجهه بانفعال وهو يقول
- معاها حق تقف بوشي، معاها حق تخون ثقتي...
معاها حق تكسرني، كل مشاكل شغلي بكفة و وجعي منها بكفة تانية، حبيتها وداريتها أكتر من روحي ده جزاتي ليه
داليا بتوضيح- أنا مش قصدي اللي فهمته والله، هي غلطانة صح. بس
سعد بحدة: بس إيه.

داليا بتريث- اسمعني كويس وحاول تفهمني، ميرال بنوتة مليانة أحاسيس ومشاعر و شيء طبيعي إنها تقع بالحب، هي مش حجر، زيها زي أي بنت...
تعرف لو كانت صغيرة كنت قولت إنها فترة مراهقة وهتعدي، بس هي عندها 28سنة مش صغيرة و واعية و اللي أنا شايفاه دلوقتي إن بنتنا حبت
بجد، احنا لازم نساندها مش نعاديها، هو احنا عايزين ايه غير سعادتها
سعد بغيرة شرقية: عايزاني أشوف بنتي بتحب وتعشق شريكي بالشغل واجي أقولها برافوووو.

ااااااانت تجننتي
- مش حكاية برافو، أنا قصدي لو جه و اتقدم لها وافق. ليه لاء، ما إن قالتها حتى باغتها باستفسار
- أوافق على إيه بالضبط، عايزاني أسلمها ليه بإيدي، والله لو على موتي ما هيحصل
- سعد مش كده اااالله، ده مش وقت غيرتك
البنت من حقها تختار اللي هتتجوزه
- وما اختارتش غير ياسين.

داليا باستغراب: وايه عيبه، مش ده اللي أنت دخلته بيتك ونزلتنا مصر عشان تشتغل معه، مش أنت اللي أخدتها معاك الشركة وحطتها قصاده
- أخدتها عشان تشتغل معايا وأبقى مطمن عليها مش عشان. اااء
قاطعته وهي تضرب كفيها ببعضهم وتقول.
- وأهي حبته، هنعمل ايه بقى دلوقتي، ايه الحل وهو جاي بكرة يخطبها منك رسمي وهي موافقة.

- ييجي فين هو لوي دراع ولا إيه، قالها وهو ينهض من السرير ليخرج بسرعة متوجها نحو غرفتها ليفتح الباب عليها بقوة مما جعلها تنهض بخوف وهي ترى والدها يدخل عليها وخلفه والدتها...
تأوهت بألم عندما انقض عليها وسحبها من عضدها بقوة وهو يصرخ: شوفي يابت أنتي ياسين ده بالذات لو هتموتي مش هوافق عليه...
مسكته سيلين من عضده خوفا على أختها وهي تقول: بابا بالراحة عليها
نظرت له ميرال بحزن
- ليه بس!؟ إيه السبب لموقفك ده.

نفضها من يده وقال بانفعال شديد: مش مناسب ليكي، أنتي فين وهو فين...
لوت شفتيها كالأطفال ونظرت له بذبول وهي تقول: بس أنا موافقة حتى لو في اختلاف مافيش إنسان كامل.

سحب شعره الى الخلف وجلس بنكسار على طرف فراشها وهو يقول: بالله عليك يابنتي اعقلي وبلاش توجعي قلبي عليكي أكتر من كده، ده أنتي لو بتمشي على صراط أمك مش هتعملي كده، وكإن الزمن بيعيد نفسه معايا بس أنا أكيد مش هعيد غلطتي معاكي زي ما عملت معاها و وافقت أديها ل ماهر...
جلست ميرال أمام قدميه وقالت: ليه بتاخدني بذنب الماضي ده مافيش نقطة مشتركة مابينهم.

- لاء في، ياسين معندوش أهل غير أخوه مقطوع من شجرة لا أعرف ليه لا أصل ولا فصل سألت عليه كتير، بالشغل مافيهوش غلطة سمعته بتلمع زي الجنيه الدهب بس بحياته الخاصة محدش يعرف عنه حاجة، ده غير اسم العيلة اللي بدأ يوغوشني ده
نفس الشريط بينعاد عليا بتاع ماهر اللداغ بس المرادي بأسم ياسين، الاتنين نفس الغموض عشان كده بقولك مستحيل
- بس أنا بحبه، ما إن قالتها ميرال باندفاع حتى
رفع يده للأعلى وصرخ: ميرااااااال!

انتفضت ورجعت الى الخلف بخوف وأخذت تبكي بقوة وهي تقول
- في إيه هو أنا وأنت مش صحاب من زمان و دايما بنقول أسرارنا لبعض إيه الجديد في كده...
يده المرفوعه بالهواء بدلا أن يضربها سحبها بها إلى صدره واحتضنها بقوة شديدة وأخذ يقبل شعرها ثم أبعدها عنه قليلا ونظر الى عينيها وقال بقرار قاطع: شوفي هو هييجي بكرة وهيطلبك، لو وافقتي عليه لا أنتي بنتي ولا أنا أعرفك
نظرت له بتوسل وقالت بدموع: بابا.

سعد بجمود: اللي عندي قولته، والقرار ليكي
- أكيد هتختارك أنت يابابي، ما إن قالتها سيلين بوجع حتى هز رأسه بقهر وهو يقول: هنشوف
وما إن خرجوا حتى ركضت سيلين الى أختها وهي تقول بلهفة: واقفة كده ليه، اجري روحيله وطيبي خاطره وقوليله مش تختاري غيره ده مافيش وجه مقارنة أصلا، ميرال، بصيلي أنا بكلمك...
- بابا هيسامحني مش كده، ما إن قالتها بخفوت حتى عادت سيلين بجسدها الى الخلف مذهولة من ما سمعت لتقول بعدم تصديق.

- أنتي بتتكلمي جد! كل كلامي معاكي بقالي ساعة راح كده، أنتي إيه عامية لدرجاتي، بصي لو وافقتي عليه حتى أنا مش هتلاقيني جنبك اختاري ياعيلتك يااااااا ابن اللداغ بتاعك ده
قالت الأخيرة بكره ثم تركتها وخرجت لتذهب على الفور لهاتفها وما إن سحبته حتى اتصلت عليه وهي تحرك قدمها بقلق وما إن فتح الخط حتى قالت بضيق: أنت فييين عايزة أشوفك.

ضحك بشماتة وقال بانتصار: مش قولتي مش هتيجي ايه اللي غير رأيك، وخلاكي حتى ماتستنيش لليل...
شهيق وزفير، زفير وشهيق، هذا ما كانت تفعله وهي تحاول أن تهديء أعصابها ثم قالت
- عايزة أشوفك
- ايه وحشتك، اعترفي، ما إن قالها حتى أغمضت عينيها بضيق فهو يستخدم كلماتها ضدها عند هذه النقطة لم تتحمل أكثر أغلقت الخط بوجهه بعصبية.

كادت أن ترمي الهاتف هذه المرة على الحائط ولكن قبل أن تنفذ فكرتها هذه، أتتها رسالة محتواها كان، بأنه سيكون بالمكتب بعد نصف ساعة من الآن
خرجت متوجهة له دون تردد أو تفكير حتى وبالفعل ماهي سوا مسألة وقت وكانت تفتح باب المكتب عليه بغضب دون أن تطرقه حتى لتجده يجلس خلف مكتبه بكل شموخ، شموخه هذا يرفع ضغطها حقا
ذهبت نحوه مباشرة لتمسكه من سترته بقبضتيها وهي تقول: أخوك ناوي على ايه.

نظر بكل استمتاع الى ذلك الشرار الذي يقدح بمقلتيها وهو يقول: على كل خير
حركت رأسها باستنكار وهي تقول
- مافيش خير ييجي من وراكم
ليقول بإطراء وهو يرفع يده يتحسس بشرتها
- مش بقولك ذكية...
سيلين بعدم فهم: ليه كل ده، أنتم عايزين توصلوا لأيه
- مالكيش في
سيلين بأصرار: لااااء ليا في، سامع ليا، و ابعد أخوك عن ميرال
شاهين ببرود: إيه المقابل؟

- يعني هو بجد مش بيحبها، ما إن قالتها بصدمة ممزوجة بالحزن والدموع لمعت بعينيها حتى حاوط خصرها بذراعه بسرعة وسحبها نحوه ليجبرها تجلس على فخذه وهو يقول
- كل الزعل ده عشان أختك، يابختها بحبك ليها
وبعدين مكبرة الموضوع ليه ده عايز يتقدملها رسمي
فين المشكلة طالما بيحبوا بعض، عقبالك، قال الأخيرة وهو يقرص شفتيها بخفة ثم سحب يده وقبل أناملها التي لمس طراوتها بهم
حركت رأسها بتفهم ثم ابتسمت بمكر وتوعد...

لتسند ساعدها على صدره وهي تميل علية بحركة جريئة وقالت بتأكيد: ما أنا هحب، طبعا، بس الأكيد مش هتكون أنت الطرف التاني
مط فمه بتفكير ثم قال بجدية وكأنه يخبرها بما سيحدث بالفعل: بعد أسبوعين هتكوني مراتي
- احلم بسلين ومش هطولها، واللي ياسين بيعمله هطلعه على عينك، قالتها بجدية وهي تبعد يده عنها وتنهض وما إن وصلت الباب وكادت أن تخرج حتى نظرت له وأكملت بتوعد جاد بطريقة غريبة...

و وعد مني زي ما أخوك ناوي يكسرها أنا هكسرك
ومش هكون سيلين بنت سعد إن ما عملت كده
خرجت وأغلقت الباب خلفها بقوة ولكن لم تكن سوا خطوتين فقط حتى انتفض جسدها على صوت تكسير فظيع يأتي من الداخل...
فعلى مايبدو بأن كلماتها البسيطة أثارت جنونه، طربت شعرها بدلال و ابتسمت بسعادة ثم أستأنفت طريقها باستمتاع فغضب وإنفعال الاخر هو المطلوب، ف بالتأكيد لن تجلس مكتوفة اليدين وهي ترى عائلتها حزينة وصاحب السبب سعيد.

لابد أن يتذوق من نفس الكأس ويحزن قليلا، فهي تؤمن بمقولة طباخ السم يتذوقه. وهذا ما حدث حرقت اعصابه هو أيضا لتشفي غليلها منه
حل الليل وعم الظلام، في المساء كانت تجلس أمام التلفاز تشاهد أحد الأفلام بتركيز ولكنها قطبت جبينها وكتمت صوتها ما إن وجدت أحدا ما يحاول أن يفتح الباب من الخارج ويفشل.

شحب وجهها ودب الرعب بأوصالها هل ستعاد عليها تلك الحادثة أم ماذا، نهضت بترقب واقتربت من باب الشقة ونظرت من العين السحرية لتتفاجئ بأن الذي خلف الباب ماهو سوا يحيى الذي ما إن فتحت له بسرعة حتى دخل بخطوات مترنحة وهو بالكاد يستطيع أن يسند طوله، أما رائحته كانت مقرفة لأبعد حد.

امتعض وجهها باشمئزاز لتغلق الباب خلفه بعنف ثم تخطته وذهبت الى غرفتها وأغلقتها عليها من الداخل ما إن وجدته يناديها بتمني أن تبقى معه حتى قالت بصوت عالي: والله لو تموت ما أنا فتحالك دي مابقتش عيشة دي...
ذهبت بضيق الى فراشها تحاول النوم ولكن اي نوم هذا وعقلها وكيانها وتركيزها بالكامل مع الذي بالخارج، أخذت تتقلب وهي تريد أن تتجاهل ذلك الصوت الذي بداخلها الذي يطالبها بأن تخرج له.

اعتدلت بجسدها وقالت مع نفسها
- مش هخرج مش هخرج أبدا
بعد مرور عشر دقائق فتحت الباب وأخرجت رأسها منه كالفأر وأخذت تبحث عنه بنظرها لتجده مستلقي على الأريكة مغمض العينين، استغفر الله العلي العظيم، قالتها بهمس وهي تقترب منه بضيق على حاله هذا
وما إن جلست أمامه حتى وجدته يفتح عينيه بكسل وهو يقول بكلمات مجروره وكأنه نائم
- غلااااااااتي، أنا جعان.

- طب قوم خد دوش عشان تصحصح وأبقى أعملك أي حاجة تطفحها، قالتها وهي تسحبه بكل قوتها من يده لينهض ولكن هيهات لم يتحرك حتى إنش واحد حتى...
- يحيى
- هممممم
- قوم بقى...
نهض معها وهو يسند كل ثقله عليها حتى كادت أن تقع لولا الحائط الذي انضربت به لتتأوه بألم ثم ضربته وهي تنظر له
- اااايه مش تحاسب يا طور، إيه التقل ده كله.

- انت حلوة كده ليه، قالها وهو يلتصق بها بشدة ليقبل وجنتها بقوة وما إن كادت أن تدفعه بصدمة حتى باغتها بقبلة أخرى على وجنتها الثانية ولكن ما جعلها تهدأ نوعا ما عندما همس لها بعدما وضع جبهته على خاصتها، مش هتسبيني صح
وضعت يديها على صدره ودفعته عنها قليلا وهي تقول بهدوء: أنت صاحي صح
أومأ لها وهو يبتعد عنها ويقول بخمول متوجها للحمام بخطوات متعثرة: أيوة صاااحي، صااااحي
ماشربتش كتير هي إزازة وحدة بس.

تأفأفت وذهبت نحو المطبخ لتعد له الطعام وهي تشتمه من بين أسنانها وما إن انتهت وأخذت تسكبه حتى وجدته يدخل ويجلس عند طاولة الطعام بهدوء
نظرت له كان يرتدي بنطال منزلي لونه رصاصي وعاري الصدر وعلى أكتافه منشفة سوداء، و شعره المبلل منكوش ولكن بطريقة يخطف بها قلوب العذارى.

لا تعرف لم توترت كل خليه بها من منظره هذا حاولت أن تتعامل بعدم اهتمام ولكن ماحدث هو، أخذت تضع الأطباق أمامه باهتمام فطري لم تشعر به فهي كانت كل ثانية والأخرى تضع أمامه شيء وكأن الذي أمامها طفل وهذا ما جعل الآخر يبتسم بسعادة متناهية ليبدأ بالتهام كل شيء أمامه بشراهة ولكن ما زاد سعادته اضعاف عندما رفعت قطعة من الرغيف المغمس بالصوص الدجاج وأطعمته بيدها ولكن ما جعلها تستوعب حالتها الغريبة هذه وما تفعله الان هو عندما سحب يدها وأخذ يقبل باطن كفها ببطئ.

سحبت يدها منه بتوتر وما إن كادت ان تنهض لتهرب من نظراته ليلفت نظرها ساعده المجروح...
مسكت يده وأخذت تتفحصه بلهفة لتجد جرح بشع و طويل وعميق يبدأ من رسغه حتى عكسه...
رفعت نظرها له وهي تقول بذهول
- مين اللي عمل فيك كده، وليه؟
صمت ولم يرد عليها وأخذ يمرر نظره على وجهها ومعانيها الجميلة وهذا ما جعلها تشرد بخيالها بما كان يحصل بالمكان الغريب الذي كانت فيه. لتقول بخفوت وهي تغلي بداخلها
- امتى حصل ده.

- النهاردة
غالية بانفعال: ازاي قدروا يأذوك كده، أكيد تكاتروا عليك، صح؟
رفع طرف فمه بتمسكن ظريف: ربنا يسامحهم بقى
غالية برد فعل عفوي: لاء ربنا ينتقم منهم، شوف إيدك مسلوخة ازاي
كاد أن يطير فرحا من خوفها عليه هذا، يااا الله كم هي جميلة، داخلها نقي وصافي كقطرات الندى
- تصبح على خير، قالتها بخجل وهي تنهض لتفر من أمامه هاربة ما إن لاحظت نظراته الجريئة المسلطة عليها مع ابتسامته اللعوبة المغلفة بالغرور.

دخلت غرفتها لتدفن نفسها بنعاس داخل فراشها الدافيء لتغفى عينيها بنوم عميق، بعد ساعات طويلة ومن بين طيات نومها الثقيل اخترق طبلة أذنها صوت أنينه العالي
انتفضت بخوف وأخذت تتلفت حولها ولكن ما إن سمعت صوته يصرخ باستنجاد، حتى رفعت غطائها وركضت للخارج بخوف لتجده مستلقي على الأريكة الجلد، نائم على بطنه وهو يحرك رأسه بانزعاج شديد ويغلق عينيه كان واضحا عليه جدا أنه يعيش كابوس بشع للغاية.

ركضت للثلاجة وأخرجت ماء مثلج لتفرغه بوعاء عميق ثم عادت أدراجها له لتجلس أمامه بسرعة وأخدت تبلل أناملها ثم اخذت تمررها على وجهه
وهي تقول بخوف عليه بعدما قرأت على الماء آية الكرسي والمعوذات كما تفعل والدتها لها، فهي تعلمت فعل هذا منها
- بسم الله، يحيى اصحى
كلماتها هذه واناملها الباردة جعلته يفتح عينه على وسعهما بشدة وهو ينهج بانفعال نظر لها ثم التفت حوله وكأنه يريد أن يستوعب ماذا هناك.

صك على أسنانه بعنف وأغلق عينيه و زاد صوت أنفاسه ما إن كررت فعلتها وهي بتمرير اناملها الباردة على ملامحه مرة أخرى بالماء البارد هذا غير همسها ب آيات قرآنية قصيرة
لانت تعابيره ونظراته مازالت معلقة بها وكأنه يريد ان يحفظ تفاصيلها مسك يدها وقال بنبرة قريبة للتوسل بعدما رمى غروره عرض الحائط
- ماتسبنيش.

- مش هسيبك، أنا هبقى جنبك، يالا نام، قالتها وهي تعاود الجلوس أمامه ولكن تفاجأت ما إن سحبها نحوه وجعلها تستلقي الى جانبه كادت ان ترفض إلا أن لسانها انعقد بذهول عندما وجدت رأسه يتوسد صدرها...
كانت مستلقية وهو نائم بداخل أحضانها حرفيا
كادت أن تدفعه عنها وتصرخ به بانزعاج على فعلته هذه. ولكن هناك شئ بداخلها منعها من هذا، نظرت له لتجده قد غفى بسرعة على وضعه هذا.

اخذت تتأمله بفضول لتتحول نظراتها للإعجاب من شعره و وجهه وفكه العريض وأنف مستقيم ورموش...
عند هنا لم تتحمل وجدت نفسها مررت سبابتها على رموشه الطويلة بهدوء...

دفنت أنفها بشعره وأخذت تستنشق عطره، كانت خصلاته ناعمة بشدة كا وبر القطط. ابتسمت باتساع على هذا التشبيه وهي تتخيل ماذا ستكون ردة فعله لو علم أنها تشبه شعره الذي يأخد وقت طويل بتصفيفه بشعر القطط، سيتحطم غروره وكبريائه أكيد، احممم حسنا مجرد التخيل فقط جعلها تشعر بالإنتشاء.

تنهدت ونظرت له مرة أخرى، كان متمسك بها وكأنه طفل ملتصق بوالدته ولكن ما إن تعمق بنومه رخت يديه عنها وهذا ما سهل لها انسحابها منه بالتدريج
رفعت الغطاء عليه لتدثره
- ربنا يهديك، وتبطل تشرب السم ده
قالتها بهمس ثم توجهت إلى الحمام لتؤدي فرضها وهي تدعو له بالصلاح
أشرقت شمس الصباح ليمر الوقت سريعا على أبطالنا بين التوتر والترقب والقلق، هناك قرارات مصيرية ستؤخذ اليوم والجميع ينتظر سماعها، و.

أخيرااااااا أتى الموعد المنتظر، مساء في فيلا الجندي بالتحديد بالصالة
- يعني مقطوع من شجرة أنت وأخوك، ما إن قالها سعد حتى حرك رأسه بتأكيد وهو يقول
- بالضبط كده
سعد بصدق: ياسين أنا لما شاركتك، دخلت من غير تردد الفلوس ممكن تتعوض أنا اللي بعملها مش العكس بس أنت في حياتك الشخصية ماضيك غامض ومش معروف، ودي بنتي مش هقدر إني أجازف فيها، كنوز الدنيا كلها مش هتعوضني عن دمعة وحدة منها...
- قصدك ايه...

ليقول سعد برفض قاطع
- الجواز قسمة ونصيب بس نصيبك مش عندنا
- بس أنا وميرال بنحب بعض، ما إن قالها ياسين حتى نظر له سعد بغضب وقال بحدة
- بنتي مش هتخرج عن طوعي
ياسين بإصرار: عايز أسمعها منها ولو رفضتني بنفسها أوعدك إني هانسحب بهدوء من حياتها
- ميرال، صرخ بها سعد بضيق من الآخر.

كان شاهين جالس بينهما يراقب كل مايحدث ببرود وهدوء تام ولكن سرعان ما قطب حاجبيه بترقب ما إن دخلت عليهم ميرال وقبل أن تلقي السلام وجدت والدها يقول بشكل مباشر وانزعاج واضح
- أنتي موافقة تتجوزي ياسين وتتخطيني
لمعت الدموع بعينيها وشعرت بالإختناق وهي تنظر إلى والدها الغاضب ثم نظرت إلى حب عمرها، حاولت أن تبتلع لعابها الجاف ولكنها فشلت...
هذا والدها وهذا محبوبها، أي اختيار هذا...

إن اختارت والدها ستخسر العيش مع من تحب وإن اختارت معشوقها خسرت عائلتها بالمقابل، يا الله ما هذا الامتحان، بعد صمت طويل تحركت شفتيها بصعوبة وهي تقول: ااااء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة