قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والأربعون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والأربعون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السابع والأربعون

بعد مرور أسبوع
مرت أيام بعد أيام على أبطالنا وهم بين المد والجزر
ف يحيى أخيرا استطاع خلال هذه الفترة أن يكسر عناد غلاته وجعلها تكون معه بكل كيانها وجميع حواسها ليعيش معها جنونه و أجمل لحظات عمره وهذا ما جعل أم غالية تطمئن على ابنته الوحيدة التي أخيرا استقرت مع زوجها نوعا ما برغم مشاكساتهم أحيانا
أما شاهين كان على العكس تماما، نار الشوق تقتله وتعذبه ببطء فحبيبته وزوجته أصبحت حلاله بعد طول انتظار وعذاب ولكن لا يستطيع أن يلمس يدها حتى. فهي فرضت قوانين صارمة عليه جعلته يدور حول نفسه من قلة الحيلة أمامها ولكن كلما أراد أن يجعلها تلين يجدها أصلب من سابقها ولكن أيضا رغم كل هذا لا ينكر أنه في قمة سعادته الآن فهو أخيرا أصبحت عائلته تحيط به
أما عند ميرال التي كانت تعيش بملكوت ثاني دموعها كل ليلة تبلل وسادتها وكأن قرارها المتهور هذا يحرقها، حتى وإن كان مجرد تجربة كما قال لها عمر إلا أن قلبها يرفض حتى الاقتران باسم آخر غير معشوقه وإن كان بشكل كاذب...
تحن له بكل وقت وتريده هو دون سواه ولكن كيف تفعلها لا تعرف، كيف تغفر لمن لا يستحق المغفرة!
كيف ستنساه وهو مستوطنها حرفيا، أول حب و آخره هو فقط...
وهاي هي الآن مستلقية على ظهرها بفراشها وعينيها مفتوحة بشرود لتنزل دمعتها ببطء شديد من طرف أهدابها لتسير بهدوء وتسقط على وسادتها إلى جانب البقايا الأخرى...
ها هو اليوم الموعود جاء، عند هذه النقطة وما إن استشعرت بمرارتها حتى وضعت يديها على وجهها لتطلق العنان لحنجرتها لتخرج شهقاتها المحبوسة بداخلها التي تكاد أن تقتلها قهرا لتلتفت على يسراها وتدفن وجهها بفراشها لتكتم صوتها
غير واعية لوالدها الذي كان يقف عند باب غرفتها وأخذ ينظر لها بحزن والدموع أخذت تلمع بمقلتيه على حالتها هذه...
لم يستطيع المكابرة وتركها هكذا مثل كل مرة فهو دائما ما كان يراقبها من بعيد كل يوم ولكن الآن عاطفته غلبت قسوته معها، نعم يعترف بأنه قسى عليها كثيرا ولكنها ابنته الرزينة كيف تخطئ بحق بنفسها وتظلمها بهذا الشكل وتمحي وجوده هكذا من حياته وتتصرف وكأنه غير موجود
تحركت قدمي سعد الجندي نحوها بآلية وما إن وصلها وجلس الى جوارها حتى سحبها بقوة وجعلها بأحضانه لتتعالى شهقاتها وأنينها أضعاف عندما شعرت بدفئ والدها الذي أخذ يعتصرها بين ذراعيه وهو يملس على شعرها لتقول من بين أنينها
- باباااا انا آسفة والله اسفة
ضمها له أكثر وهو يقول بوجع عليها
- هشششششش اهدي
دفنت وجهها تحت جناحه وهي تقول ببكاء مرير
- بابا خبيني بحضنك. أرجوك والله أنا تعبت.
- ياقلب ابوكي أنتي و روحه. بصيلي، قالها وهو يرفع وجهها بكفه، أخذ يمسح دموعها بأنامله ثم أكمل، ليه كل الدموع دي في عروسة تعيط كده في يوم خطوبتها كدة
كلامه هذا جعل دموع ميرال تزداد لتدفن وجهها بصدره مرة أخرى وهي تئن وتقول: بابااااا أنننننن...
أخذ يملس على شعرها: لسه بتحبي ياسين
زادت غصتها لتقول بكذب ومكابرة وهي تضغط على نفسها: لااااا لااااا مش بحبه
رفع وجهها مرة أخرى وقال بحزن شديد فهو يعلم بأنها كاذبه: يبقى خلاص يابنتي، طالما مش بتحبيه. أدي لنفسك فرصة، شوفي غيره مش يمكن يكون دا الصح واحنا مش عارفين
أغمضت عينيها بوجع لا آخر له ليمسح على رأسها و وجنتها بعدما قبل جبينها وهو يكمل: خلاص يا قلبي اللي ربك عايزه وكاتبه هتشوفيه، ارضي بنصيبك واحمدي ربنا عليه
أومأت له بشهقات متفاوته وهي تقول: الحمدلله، الحمدلله
- فعلا الحمدلله على كل شئ، قومي يالله استحمي لغاية ما أمك تجهز الفطار أختك زمانها بالطريق
ميرال بفرحة واشتياق: سيلين جايا؟
اعتدل بجلسته وتنهد: أيوة كلمتني من شوية وقالت أنها في الطريق، يالا يا حبيبتي قومي، قال الأخيرة وهو ينهض من جانبها لتوميء له برأسها. ثم ما إن خرج وتركها لوحدها حتى أخذت تدعك وجهها باختناق لتنظر بعدها حولها هل هي الآن بكابوس أم حقيقة
سحبت خصلات شعرها المبعثرة للخلف بكل قوتها وكأنها تريد أن تقطعها بأناملها، رمت عنها الغطاء ونهضت لتتوجه للمرآة لترى هالات سوداء تزين أسفل عينيها هي الآن كالباندا حرفيا
مالت بجذعها العلوي نحو المرآة أكثر لترى وجهها بشكل أقرب وأخذت تمرر أصابعها على شحوب ملامحها الواضحة كالشمس، لتغمض عينيها بتعب سنين لا تمضى معها، لتهمس لنفسها بصوت مسموع
حبك دمرني يا ياسين لا هو عاتقني أعيش من غيره ولا ينفع اعيشه تاني زي زمان، حبك لعنة حياتي
يا كل حياتي و روحي أنت، ااااااخ يا زمن معقولة هي دي نهايتنا
تنهدت وهي تفتح عينيها على نداء والدتها لها بالخارج تخبرها بأنها جهزت لها الحمام لتستحم...
اخذت تنظر لنفسها مرة أخرى لا تعرف هل ما يسكن مقلتيها الآن عتاب أم انكسار، تشعر بالضياع هل هذه نهاية حبها الكبير يالله كيف خانتها روحها قبل قلبها لتقع أسيرة بجبروت حنينها له بهذا الشكل
فهي بلحظة غضب ممزوجة بجنون كتبت آخر سطور من حكايتهم لا تعرف إن ما فعلته صائب أم خاطئ
هي الأن لا تعرف شئ سوا أن فؤادها ينزف بداخلها بصمت...
تحركت من أمام مرآتها بعدما
رمقت نفسها بنظرت وداع لتخرج من غرفتها متوجهة نحو الحمام لتستعد لهذا اليوم العصيب الذي قررت خوضه وكأنها ذاهبة على نعشها وليس خطبتها
علي الجهة الأخرى بالتحديد بالواحات الغربية
كان شبه مستلقي تحت إحدى الأشجار يسند ظهره على جذعها وهو ينظر أمامه بحزن فظيع، هاهو حقق لها أمنيتها وتركها كما تريد. تركها لكي تعيش بسلام بعيدا عنه ولكن بفعلته هذه فقد هو السلام والطمأنينة...
كان يكفي بأن اسمها مرتبط بأسمه على الورق ولكن ما إن انتهى هذا ايضا وحررها منه كليا حتى شعر بأن روحه انتزعت منه...
أبتسم بحالمية عندما مر طيفها أمامه ما إن جلست إلى جانبه لتقبل وجنته برقتها المعهودة. ليلتفت لها برأسه وعندما وجدها تبتسم له لينطق لسانه بتنهيدة شوق عالية
- وحشتيني يا مرمر
وجدها تبتسم له بشكل أوسع من سابقه والخجل كسى وجنتيها بحمرة خفيفة لذيذة ليكمل كلامه بعتاب و وجع وكأنها تجلس الى جواره بالفعل وتسمعه
بقالك كتير معذباني مش هتحني عليا بقى، أرجع رأسه للخلف، صعب بعدك ميرال والله صعب، أنا ياسين محدش قدر ينزل دموعي، أنتي نزلتيها بسهولة
ميرال! اووووووف يا ميرال، أنا مش بعاتبك ولا بلومك، أنتي معاكي حق بس عايز منك إنك تاخدي بالك من روحك في بعدي، وما تبكيش عليا أنا مستاهلش والله مستاهلش، و أوعي أوعي تفكري بيا انسيني وعيشي حياتك من غيري...
بس أنا صدقيني مش هاقدر أنسى اللي عشته معاكي، ازاي أنسى وأنتي حبيبتي وكل ما ليا...
ده أنا أديتك حريتك مني كان قصادها روحي وعذابي وكل ده يهون قصاد سلامتك وسعادتك
أخذ يثرثر معها عن ما يجوب بداخله ولم يشعر متى غطت دموعها معالم وجهه. ليمسحهم بسرعة واختناق وهو يعتدل بجلسته ما إن سمع صوت سيارة تقف خلفه ليتبعه صوت يحيى الذي قال ما إن نزل منها بعجرفته المعتادة
- بقى الباشا هنا و احنا بقالنا أسبوع بندور عليه
رمقه بملل ثم قال بضجر: ايه اللي جابك
ليقول يحيى برفعة حاجبه
- اااايه أزعجت سيادتك ولا ايه
تأفأف ياسين ثم قال بانزعاج: يحيى أنا مش ناقصك اللي
فيا مكفيني
- اللي فيك؟ معقولة عرفت، قالها وصمت بتعمد ليثير فضوله وها قد نجح بذلك بالفعل ما إن وجده يقول بتركيز
- عرفت ايه،؟ !
لم يتردد يحيى ولا حتى ثانية واحدة ليفجر القنبلة ليقول بشكل مباشر: ميرال خطوبتها النهاردة
قطب ياسين حاجبيه بعدم فهم وهو يقول
- مين دي اللي خطوبتها النهاردة
رفع يحيى منكبيه وقال: ميرال
ياسين بعدم استيعاب حقيقي: ميرال مين!
- أختي
- لاء استنى، قالها وهو يستند على يده لينهض وما إن استقام حتى كرر سؤاله، أختك مين بقى...
- ميرال
أشار لصدره وقال: ميرال حبيبتي أنا!
يحيى بتلاعب بالأعصاب: لا خلاص حبيبتك إيه بقى أهي كم ساعة بس وهتلبس خاتم غيرك
مرر ياسين راحة يده على وجهه بقوة وهو يقول
- أنت بتقول ايه!
اقترب منه يحيى وأخذ يخبطه بعنف بعض الشئ على صدره وهو يقول: بقووووول اللي هيجرى، ميرال النهاردة خطوبتها على الدكتور عمر، خمس سنين وأنت مصدعنا يا أخي عليها. وليل ونهار بتدور على مكانها، و أول ما لقتها عملت إيه، هااااا إيه روحت طلقتها بسهولة ومن غير مانعرف حتى...
صدفة، أنا وشاهين عرفنا بطلاقك صدفة
- سهولة اااايه، مين ده اللي طلقها بسهولة، ليه هو أنت دخلت قلبي وشفت حصله ايه، بسسسس بس أنت متأكد من كلامك. ميرال هتتخطب فعلا
يحيى بانفعال: بقوله الليلة، يقولي متأكد...
ليقول ياسين بقهر وانكسار: طب ازاي ده احنا بقالنا أسبوع بس، عارف ده معناه ايه
- إيه
ياسين بجنون أخذ يمشي هنا وهناك و كأنه يكلم نفسه: ده معناه إن تضحيتي ليها ولا حاجة، دي داست عليا ومشيت ولا كأني كنت موجود في يوم بحياتها
يحيى باستنكار: أنت مفكر ايه بعد الطلاق هتفضل على ذكراك يعني
توقف وأخذ ينظر له وهو يقول بوجع: لاء، مش مفكر بسسس كنت، كنت
- كنت إيه
نظر للأرض وهو يحاول أن يعبر عن ما يدور بداخله: يعني أنها هتتأثر مثلا، أو يمكن كنت عشمان إن الحجر الموجود جواها يتحرك شوية، أو يمكن تضحيتي ليها تغفرلي عندها
- أنت مش كنت عايزها تبقى مبسوطة وتعيش حياتها
ما إن قالها يحيى. حتى صرخ به الآخر
- مش بعد أسبوع يااااا يحيى مش بعد أسبوع...
ده الميت بياخذله أربعين يوم...
- خلاص انسى، اللي حصل، حصل بقى، ما إن قالها يحيى بمغزى حتى نظر له ياسين بنظره غريبة ليحك جانب حاجبه قليلا ثم قال
- اللي حصل يتغير...
- يعني
- يعني مش ياسين اللي يتنسي بأسبوع بس وكأنه ماكنش من الأساس، مش ياسين اللي يضحي بحب عمره قصاد سعادته وهي تستهزئ فيه
- لو هتأذيها هتلاقيني قصادك قبل ما تعملها، قالها وهو يقف أمامه ما إن وجده يريد التحرك لينظر له بوجع وهو يرد عليه
- ياريتني أقدر أعملها
- ناوي على إيه...
- آخد حقي، قالها وهو يدفعه من أمامه وذهب مسرعا لسيارته التي أتى بها ليسرع الآخر خلفه وهو يقول
- أيوة اللي هو ايه، الله يخرب بيتك رايح فين، ناوي تعمل إيه
نظر ياسين للآخر بنظرة خبث لم تظهر عليه من زمن وهو يقول بتوعد: ناوي على كل خير، كلم حودة يجمع الرجالة ويلحقنا ع اسكندرية
- هتعمل ااااايه
- نزف العروسة، هنعمل إيه يعني
- ياااااسين، لو أختي تأذت شعرة منها قصاد روحك هنسى الاخوة اللي بينا
- اتفقنا
- على إيه
- شعرة منها قصاد روحي، ما إن قالها وهو يشغل المحرك وانطلق نحو هدفه وعينيه تلمع بتوعد لا آخر له ليرفع يحيى هاتفه ليتصل ب حودة...
في كافتريا المستشفى
كان يجلس أمامها وهو يحرك ساقه بتوتر ليقول بعد صمت لا يستهان به: وبعدين بقى ده احنا بقالنا أسبوع بالبوز ده، هتفردي وشك امتى بقى
نظرت له هدى بغضب: وأفرده ليه يا أستاذ حودة، بعد ما ضحكت عليا وقولتلي الليلة هاجي أخطبك، فاكر كلامك ده، وأنا الهبلة اللي صدقتك ورحت بلغت أهلي وفضلنا نستنى على مافيش
- ما أنا اعتذرت بدل المرة ألف وباباكي وأهلك عذروني بس أنتي اللي راكبة دماغك...
- إيه! إيه الجبروت ده، مش عايزني أزعل كمان على كسرتك لفرحتي...
صمت حودة قليلا ثم قال بهدوء: غصب عني ياحبيبتي يحيى باشا طلب مني شغل ضروري بوقتها مقدرتش أرفض
- الباشا بتاعك مايترفضش طلبه أكيد بس أنا استنى عادي
- هدى أنا عارف إني غلطان، ما إن قالها حتى أبعدت نظرها عنه وهي تقول بدلال أنثى جميل
- طببببب كويس إنك عارف ده
نظر حودة حوله ثم تقدم بكرسيه الخاص نحوها ثم قال وهو يدفعها بخفة من عضدها: يابت ده أنتي اللي بالحتة الشمال، فكيها بقى
نظرت له بتفكير ثم قالت: لو فكتها هتتعدل ولا هتفضل زي الديل ما تتعدلش
- هتعدل لما تقصري لسانك ده شوية، قالها وهو يقرصها من كف يدها بقوة جعلتها تتأوه بصوت مسموع ليفتح عينيه عليها بعصبية وهو يضربها بقدمه على ساقها، هشششششش إيه صوتك ده
أخذت تدلك مكان الألم وهي تقول
- جاتك كسرة بإيدك ورجلك
- لسانك ده هيخليني أتغابى عليكي
- وأهون عليك، قالتها وهي تلوى شفتيها بزعل مدلل لبيتسم لها رغما عنه فهي حقا لا تهون عليه
لتبادله الأبتسامة بحب كبير ولكن سرعان ما كرمشت معالمها عندما جاءه اتصال من الباشا الذي لا تعرف ماذا قال له ليرد الذي أمامها بطاعة
- اعتبره حصل ياباشا، سلام
- على فين، قالتها بذهول عندما وجدته ينهض وهو يحمل متعلقاته الشخصية ليقول على استعجال
- لازم نمشي يا حبيبتي جالي شغل مهم
هدى بعناد متعمد- وإن قولتلك نقضي اليوم سوا...
- خلينا لغير يوم يا حبيبتي. يالا قالها وهو يمسك يدها وسحبها خلفه ليخرج بها مهرولا ليفتح لها الباب وما إن استقر خلف الدركسيون حتى تفاجئ بضربة منها وهي تقول
- بكرهك
- وأنا بموت فيكي، قالها وهو يقبل يدها لتسحبها منه وتكتف ساعديها أمام صدرها ونظرت للنافذة بزعل ليتنهد بحيرة وهو يتحرك بسيارته بسرعة ليوصلها ثم يذهب لتنفيذ ما يريده أولاد اللداغ
- يعني اااايه رجعها ليه، يعني ايه، ومن أسبوع كمان. ازاي أنا معرفش، صدح صوت زينة بالفيلا وهي تكاد أن تتميز غيظا مما سمعت ليرد عليها فتحي بتوتر
- ماهو أنا خبيت عليكي عشان كنتي تعبانة من العلقة اياها...
زينه بغل: ماتفكرنيش. دي خدتني على خوانه
- طلعت حلوة وشرسة نوعي المفضل، غمغم بهذه الكلمات وهو يبتسم بإعجاب لينتفض ما إن صرخت به
- أنت بتقول إيه! سمعني
فتحي باستدراك: ولا حاجة، ياست الكل، كنت بسأل بس. في دماغك حاجة معينه عايزة تعمليها ولا ايه
- أيوة، ما إن قالتها بتأكيد حتى سألها بفضول
- إيه هو بقى
زينة بحقد: تخلصني منها
فتحي باستغراب: أخلصك من مين
- من سيلين طبعا، ما إن قالتها بإصرار حتى نهض من الأريكة وهو يقول بفزع حقيقي
- نهار اسود، عايزاني أخلص على وحدة الهجين بنفسه بيقول عليها ياعشق الهجين، عارفة إن مجرد التفكير بده يعتبر انتحار رسمي، لا لا لا أنا مليش دعوة، سلام
قال الأخيرة وهو يتركها ويخرج لتحمل هي الزهرية وترميها خلفه بغضب لتسقط على الأرض و تتهشم لأجزاء صغيرة ثم أخذت تشتمه بكل لغات العالم
لتقترب منها الخادمة بسرعة وأخذت تنظف المكان وهي تنظر لها بغموض بين الحينة والأخرى
في اسكندرية أمام مدخل العمارة السكنية لعائلة الجندي، توقفت سيارة الهجين وهو يقول
- وصلنا
- مش هتنزل، قالتها سيلين وهي تنظر لذلك الجامد الذي لم يتكلم طول الطريق سوا بكلمات معدودة
- لأ...
مالت نحوه وهمست له: كل ده عشان أختي هتتخطب
التفت لها واصبحوا وجها لوجه: لأ...
غمزت له بخفة وسألته: أومال ايه
- مافيش يا قلبي، اتبسطي أنتي، أنا هكمل كم مشوار كدة وهبقى أجيلك ع القاعة
ابتعدت عنه قليلا وقالت بتفاجؤ: هتيجي
شاهين بتأكيد: أكيد
ردت عليه بذهول: غريبة
- ايه الغريب في كدة. أخت مراتي وبنت عمي
سيلين بعد اقتناع: هدوءكم ده ما يطمنش
- ليه أختك عملت حاجة غلط
- لأ، بالعكس دي طلعت أنصح مني بكتير وعرفت ازاي تدي أخوك على قفاه يستاااهل، فاكر عمل فيها ايه وقد ايه كان اصراره على أذيتها...
شاهين بغموض: اممممممم بقى كدة...
- ايوه كدة، دي ميرال مش سيلين عشان تسامح
- وقال يعني أنتي سامحتيني و كرمك بيخر منك اشحال أنتي مدوقاني المر بالأيام اللي فاتت عطشان والمياة قصادي ومتحرمة عليا
- تستاهل يابيبي
- طب انزلي يا قلب البيبي وخلي نهارك يعدي
- احمممم، حمحمت بها غالية التي كانت تجلس بالخلف هي و والدتها لينظر لها شاهين عبر المرآة الأمامية ليفتح عينيه على وسعهما ما إن وقع نظره على بلال الذي كان يقبل وجنة سيلا
ليصرخ به بانفعال: يابني كفاية ده أنت هريتها، خدها خلص، تعالي أنتي هنا، قال الأخيرة وهو يلتفت للخلف ليحمل ابنته الصغيرة ليعود للأمام ويضعها بأحضان والدتها وهو يكمل، امسكي بنتك ياهانم وخدي بالك منها دي قربت تخلص بسبب ابن الكلب، يالا انزلوا والحرس هتساعدكم...
قالها وهو يخرج ذراعه من النافذه ويؤشر لهم ليأتوا على الفور ليساعدوا أم غالية التي شعرت بالخجل وهمست لأبنتها
- قولتلك خليني بالبيت حلوة البهدلة دي
فتح شاهين بابه ونزل ليلتفت نحوها وفتح لها الباب ليحملها هو وما إن استقام حتى اقترب منه أحد رجاله بالكرسي المتحرك ليضعها عليه ثم مسك رأسها وقبلها ثم نظر لسيلين التي كانت قد نزلت هي الأخرى واخذت تنظر له بسعادة ليقول
- يالا هتوكل أنا
نظرت له سيلين قليلا ثم لغالية لتفهم عليها الأخرى ف أخذت الأطفال معها وتوجهت للداخل
لتذهب سيلين خلف زوجها وقالت له قبل أن يصعد
- ناوين على ايه يا شاهين
- هيكون إيه يعني
- مستحيل الليلة دي تعدي على خير، يحيى ما جاش ليه، ليه بعت عيلته معانا، راح فين، أكيد راح ل ياسين اللي بقالكم كم يوم مش عارفين توصلوا ليه...
- أنتي عايزة ايه
- ناويين على إيه بالضبط
- على كل خير، ما إن قالها حتى زاد قلقها اضعاف
- خير! ومنكم، ما اظنش
- بحبك وأنتي ذكية، قالها وهو يقرص شفيتها بقوة ثم تركهم ليقبل أناملها بقوة ثم تركها وذهب لتقف بمكانها تنظر لسيارته كيف تختفي من أمامها بعدما لحقت به إحدى سيارات الحرس والأخرى بقيت معهم
في الأعلى كانت الأجواء على أتم ما يكون كل شئ يدل ع البهجة إلا ميرال التي كانت تجلس أمام الميك اب ارتست بملامح جامدة وما إن كادت تضع لها أحمر الشفاه حتى أبعدت يدها عنها ونهضت من الكرسي عندما أتاها صوت سيلا التي فتحت باب غرفتها ودخلت راكضة وهي تقول بحماس
- مامي!
- يا قلب مامي أنتي، قالتها وهي تستقبلها بحنان كبير ثم أخذت تقبلها بحب كبير ثم أبعدتها عنها وهي تنظر لسعد اللداغ الذي أتاها هو الآخر ركض عندما وجدها تفتح له ذراعيها...
لتحتضنهم معا وهي تقول: وحشتوني أوي أوي ياحبايبي
- أنتي عروسة يا مامي، ما إن قالتها سيلا وهي تنظر إليها بانبهار طفلة لتبتسم لها الأخرى بحزن
لتسألها عن والدتها بهدف تغيير مجرى الحديث
- إلا صحيح سيلين فين...
- أنا هنا، قالتها وهي تنظر لها من عند باب الغرفة
لتنهض ميرال واخذت تنظر لها بدموع محبوسة بمقلتيها لتقترب الأخرى منها بسرعة وأخذت تهمس لها بأذنها بعدما احتضنتها بقوة كبيرة
- مافيش عياط، أوعي تعمليها أنتي طلعت أقوى مني بكتير
- سيلين أنا محتجاكي الليلة معايا أوعي تسيبيني. خفت أوي إن شاهين يمنعك إنك تيجي
- أنا معاكي يا قلبي و عمري ما هسيبك ولا حد يقدر يفرقنا لا شاهين ولا غيره، استني أما أشوف
قالت الأخيرة وهي تبعدها عنها لتنظر لها بأعجاب ولكن اعجابها هذا زاد أضعاف عندما أكملت زينتها بشكل كامل وارتدت فستانها لتضع طوق ناعم مرصع بالكريستال الأبيض أعلى رأسها لتصبح كأميرات ديزني حرفيا
ابتعدت سيلين خطوة للخلف وأخذت تنظر لها من الأسفل للأعلى بتقييم وهي ترفع حاجبها، كانت ترتدي حذاء عالي كريستال مع فستان زهري فاتح جدا بموديل منفوش من طبقات التل الشيفون يصل طوله لأسفل الركبة
ضيق عند الخصر محدد نحافتها بطريقة تخطف الأنفاس مع نقوش الصدر المزخرفة ليكون من الأعلى عاري الأكمام تماما
لتنزل خصلاتها السوداء المموجة بستايل غجري وفوضوي بشكل رائع وما زادها جمال هو تاجها الناعم...
- اللهم صل على النبي، قالتها داليا وهي تدخل عليهم ليتبعها زغروطة عالية منها ومن غالية التي دخلت معها لتنظر لها ميرال باستغراب واستفهام
وقبل أن تسأل عنها. وجدت سيلين تقوم بتعريفها
- دي بقى حبيبتي غالية مرات أخويا، قصدي أخونا
رفعت ميرال حاجبيها بفرحة وهي تقول
- هو يحيى برا...
- لأ، ما إن قالتها غالية بإحراج لتختفي ابتسامة ميرال بالتدريج ولكن سرعان ما إن ابتسمت مرة أخرى وتقدمت نحوها لترحب بها بحب لتستغرب غالية لقبول الأخرى لها بهذه السرعة، فهي لا تعرف بأن ميرال هي نبع الطيبة والرقي إلا أن الزمن جار عليها
مرت عليهم ساعة تلو الأخرى بالتجهيزات ليعم الظلام ع السماء بالتدريج ليعلن بهذا عن حلول الليل
كانت أجواء القاعة صاخبة فقد قام عمر بعزيمة كل معارفه وأصدقائه وكأن بفعلته هذه يريد أن يخبر الجميع بأنها ستصبح له
كان يقف إلى جانبها وهو يتمعن بها بانبهار لا يصدق حتى الآن بأنها وافقت عليه...
نعم هو الآن يرى السخط منها إلا أنه سيجعلها تهيم به كما يهيم هو بها
اقتربت سيلا منهما بفستانها الجميل وهي تحمل طبق مزين موضوع به خاتمان ما إن بدأت المراسم تقام
لينحني نحوها عمر وأخذ منها الخاتم المخصص لميرال بعدما داعب شعرها بابتسامة سعيدة لينظر بعدها لتلك التي سحرته بفتنتها من أول يوم رآها به
فرد راحة يده أمامها يطالب بأن تعطيه يدها اليمنى ليرى التردد مع الدموع تلمع بحدقتيها وهي تمد له كفها وما إن لامست بشرته بأناملها حتى ابتلعت غصتها بصعوبة شديدة لدرجة بأنها شعرت بنغزات بحنجرتها
أخذت تنظر بتوسل لوالديها وكأنها تريدهم أن ينقذوها نظرتها هذه جعلت قلب سعد ينفطر عليها
لتعود بنظرها ليدها ما إن شعرت بالآخر بدأ يقرب الخاتم من خنصرها ولكن ما إن بدأ يضعه حتى انتفض ليقع منه على الأرض عندما اااااء
وهنا دقت ساعة الصفر ليتفاجأ الحضور ب...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة