قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الرابع والأربعون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الرابع والأربعون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الرابع والأربعون

- يحيى...
همس بها شاهين بابتسامة عريضة وهو يفتح الباب كله ليمد يده بسرعة لذلك الشقي الذي رمى نفسه عليه بلهفة طفل محب وهو يقول
- عمو شاهين وحشتني.

- حبيب عمو، قالها شاهين بابتسامة واسعة وهو يقبل وجنته بقوة غير واعي لسعد الصغير الذي ابتعد عنهم وهو ينظر لهم بغيرة شديدة فمن هذا الذي استقبله والده بكل هذه الحرارة وقبله ايضا ولكن ما إن وجد بلال يقبله هو الآخر من فكه حتى خرج للحديقة الخلفية بحزن والدموع محبوسة بعينيه الجميلة.

أما شاهين قطب جبينه بتركيز عندما نظر لأخيه الروحي الذي تجمدت أقدامه بشكل ملحوظ والتصقت بمكانها كالغراء وكأنها تعطلت عن الحراك لتمنعه من إكمال سيره ما إن وجد امامه، سعد الجندي وتوأمه اااااخر من يتمنى رؤيتهم الآن...
نعم يا سادة، هؤلاء آخر من يتمنى رؤيتهم فهو يشعر بأنه غير مستعد لهذا...
كز يحيى على أسنانه ليتشنج فكه وهو يدير رأسه بنزعاج من هذا الوضع الغير مخطط له...

ليبتلع لعابه بغصة ثم نظر إلى شاهين الذي كان يراقب الأجواء المشحونه وقبل أن يتكلم الآخر أو ينظر له حتى بعتاب لعدم اخباره لوجودهم، هنا سمع سعد الجندي يقول بجدية وهو يقترب منه ويضع يديه بجيب بنطاله
- مش هتسلم، يا أبن ماهر
أبعد نظره عنه وقال بتهرب: أهلا.

- بس اهلا، لا كتر خيرك، قالتها سيلين بانزعاج واضح ف الآخر بارد كالثلج معهم، فهي لم تتمالك أعصابها ما إن رأت والدها سيموت له شوقا و الآخر يرد ببرود تام عليه وكأنه يمن عليه بالكلام بغطرسته وغروره المزعج
التفت لها يحيى وقال بستفسار
- ليه أنتي عايزاني أقول ايه،!

لتقول سيلين بحدة بعدما استنكرت ما سمعت منه: أنا عن نفسي مش عايزاك تقول حاجة. عارف ليه، لأني حاسة إننا مش فارقين معاك ف أنت كمان أكيد مش هتفرق معانا
رفع حاجبه بوجع داخلي وقال: بقى كدة
ردت عليه سيلين بانفعال فهو نجح باستفزازها: أيوة كدة، و مافيش حد أحسن من حد، يعني لو أنت مش عايزنا طاق احنا مش عايزينك من الأساس
- سيليناااا، قالها شاهين وهو ينزل بلال من أحضانه.

بعدما فتح عينيه عليها بذهول من هجومها هذا الغير متوقع فهو ظن بأن لقائهم الأول سيكون دراميا
اما عند بلال اللداغ ما إن لامست أقدامه السيراميك حتى ذهب بسرعة نحو تلك التي كانت تخرج رأسها من باب المطبخ وهي تسرق بعض النظرات لهم كالفأرة
لتعود سيلا أدراجها الى داخل المطبخ بسرعة لا بل جرت للجهة الأخرى وخرجت من باب المطبخ إلى الحديقة الخلفية ما إن وجدت ذلك الغريب يأتي نحوها لتتوقف ما إن سمعته صوته المتسائل.

- أنتي مين؟!
التفتت وهي تنظر له بغضب بعدما عقدت حاجبيها بقوة فهي ايضا غارت على والدها منه لتقول بحدة طفولية
- أنا سيلا...
نظر لها بلال بأعجاب وقال وهو يذهب نحوها وأخذ يملس على شعرها الناعم الطويل
- اسمك حلو ياسيلا، وعنيكي حلوة وشعرك حلو كمان وطويل أوي
ابتسمت باتساع لا بل ضحكت بفرحة شقية مليئة بالبراءة من إطرائه عليها هذا مما جعلها تقول
- أنا حلوة!

- أيوة حلوة، بس أستني أما اذوقك عشان أتأكد إنك حلوة. قالها وهو يقترب منها و يقبلها من وجنتها شديدة النعومة ولكن قبل أن يعطيها رأيه بمذاقها وجد هناك من يدفعه عنها بقوة ليسقط على الأرض الصلبه يتأوه بألم وهذا الشخص لم يكن سوه سعد اللداغ الذي أخذ ينظر لذلك المتطفل الذي ما إن دخل حتى استولى على أحضان والده وجاء الآن ليستولي على توأمه.

شهقت سيلا من فعلة أخيها لتنظر له باستغراب وهي تقول: ليه كدة ياسعد حرام ده طيب أوي بيقول على سيلا حلوة...
- تعالي ماتلعبيش معه، ما إن قالها سعد بغيرة وهو يمسك يد أخته ليمنعها من الذهاب له إلا أنها كان لها رأي آخر عندما سحبت يدها منه لتذهب نحو ذلك الغريب لتقول وهي تملس على ذراعه بلطف
- متزعلش من سعد ده طيب والله ماكنش يقصد.

- مش زعلان، ما إن قالها وهو ينظر بغضب لذلك الذي دفعه حتى ابتسم بشكل لها عندما وجدها تسأله بفضول
- أنت اسمك إيه
- بلال
- اسم قديم مش حلو، ما إن قالتها بعدم إعجاب حتى كرمش بلال وجهه بانزعاج منها ونهض عن الأرض وتركهم ودخل إلى والده
فعلته هذه جعلت سيلا تنظر إلى أخيها باندهاش من تصرفه هذا وما إن وجدت الآخر يلتزم بالصمت حتى ذهبت خلفه لترى ما به
قبل هذه الأحداث...

في الصالة كانت الأجواء مشحونة بينهم وخاصة من طرف سيلين التي كانت تتمنى ان يكون لديها شقيق في يوم من الأيام وما إن تحقق حلمها بمعجزة الاهية بالنسبة لها حتى تفاجئت بعدم تقبل الآخر لهم
كانت تتوقع بأنه ما إن يعلم بوجودهم سيأتي لهم بلهفة ولكن عكس ذلك حصل تماما...
لينطق يحيى بعد صمت دام قليلا
- مين اللي قال إنكم مش فارقين معايا
رفعت طرف شفتيها بسخرية ممزوجة بقهر: تصرفاتك، أسلوبك...

يحيى بضيق: ليه كل الهجوم ده منك، ده أنتي مابقالكيش خمس دقايق معايا لحقتي تشوفي كل ده ازاي، ياريت تدي فرصة للي قصادك يعرف على نفسه صح
عقدت سيلين ساعديها أمام صدرها وقالت
- كنت هديك فرصة لو جيت شفتنا بإرادتك، بس أنا متأكدة بإنك لو كنت عارف اننا هنا ماكنتش جيت مش كدة
- فعلا، ماكنتش هاجي، ما إن قالها بصدق حتى صرخت به بحرقة لرفضه الواضح لهم
- ليه!
يحيى باعتراف- لأني لسه مش مستعد أشوفك كدة.

مسكت شعرها وجعلته على جهة واحدة وهي تتنفس بصوت مسموع ثم أعادت نظرها إليه وهي تقول بتعجب بعدما فردت أصابع يدها أمامه
- خمس سنين مش مستعد، خمس سنين عارف بوجودنا و بتتهرب مننا، ليه كل ده! هااا ليه هو أنت محتاج كم سنة كمان عشان تيجي تشوفنا
رفع يحيى حاجبية بذهول وقال بصدمة بعدما نظر لشاهين وعاد بعينيه عليها
- هو أنتي كنتي عارفة من وقتها إني!
أكملت عنه بقهر ما إن رأت تردده الواضح.

- أخوكي، قولها مستنكر منها كدة ليه ولا مش قد مقامك يااااا باشا، أوعى يكون أصلك اللي عرفته متأخر مش عاجبك والا حاجة
- سيلين الكلام مايبقاش كدة ده أخوكي، ما إن قالها سعد الجندي حتى نظرت له ابنته بحزن ثم قالت بوجع
- مش لما يعترف بالأخوة اللي بينا في الأول يا بابا
ضغطت على شفتيه وأخذت تحرك رأسها بنعم بقهر لا يوصف ثم أكملت بعناد واصرار بعدما نظر لها والدها بتحذير ألا تكمل كلامها القاسي هذا معه...

ماشي هسكت بس بعد ما أقول اللي عندي، واللي هو فرصة سعيدة يا ابن اللداغ، و أتمنى الصدفة اللي جمعتنا دي دلوقتي ماتتكررش تاني، والمكان اللي تشوفنا فيه ياريت تطلع منه، وااااء
- سسسسسيلين، ما إن نطق والدها اسمها بحدة حتى ضربت قدمها بالأرض بقهر شديد لأن هناك كلام كثير بداخلها تريد اخراجه ولكن والدها يرفض ذلك...

لتنظر تارة لأخيها وتارة أخرى لسعد الذي ترى التحذير يشع من حدقتيه وهذا ما جعلها تتأفأف بغضب ثم تركتهم وخرجت الى الحديقة الأمامية تاركة الساحة خلفها لهم.
لينظر يحيى الى أثر توأمه كيف اختفت من المكان وما إن لحق بها شاهين حتى استدار و نظر إلى خاله وقال باختناق حاول أن يداريه بلامبالاته
- وأنت مافيش كلمتين محشورين بزورك عايز تطلعهم.

- طبعا عندي، ما إن قالها سعد بتأكيد حتى سحب يحيى نفس عميق و سأله باستعداد كاذب
- اللي هما؟
ابتسم سعد له بحزن وقال: هي إنك فرحة جتلنا من غير ميعاد يا ابن سعاد، يا ابن بنت قلبي إللي ماتت بدري وسابتلي أمانة هدت حيلي وكسرت ظهري
يحيى بعدم تصديق: أنا فرحة، هو حضرتك متقبل وجودي أصلا. يعني معترف بيا، كدة عادي...
- عندك شك بكدة، ما إن قالها سعد حتى صمت قليا و أخذ يتمعن به ثم أكمل بابتسامة صغيرة.

علي فكرة سيلين شبهك بحاجات كتير وبما فيهم لو العينين
زفر يحيى أنفاسه بنزعاج وقال: أعمل بالشبه إيه وهي مش طايقاني
قطب سعد جبينه باستغراب: مين اللي قال إنها مش طيقاك...
- أنت ماشفتش عملت ايه من شوية، ده كان ناقص تضربني بالقلم
ابتسم سعد وقال بتاكيد: على فكرة كانت هتعملها فعلا لو أنا مش موجود بوسطكم.

ضحك بخفه ما إن رأى اندهاش الآخر. ليكمل بثقة أيوة كانت هتعملها ماتستغربش، أختك مجنونة زيك لما تزعل بتضرب وتتخانق عارف ليه لأنك بتهمها طول ماهي مولعة كدة اطمن بأن مكانتك عندها لسه زي ماهي و إنك لسه بالنسبالها حاجة ليها قيمة ومن قهرتها بتتصرف كدة
بسسسس خاف لما تلاقيها عكس كدة لأن ساعتها هتبقى بجد أنت مش فارق معاها...

شرد يحيى بكلامه ثم قال باستفسسار- ده طبع سيلين طب وميرال فين وياترى رد فعلها هيكون ازاي...
- ميرال! أهي دي بقى اللي يتخاف منها بجد لأنها دايما هادية وراسية و ردة فعلها غير متوقعة بس أكيد هتفرح أوي لما تشوف سندها
ما إن نطق سعد كلمته الأخيرة حتى شعر يحيى بخنجر مسموم يطعن قلبه حقا لينطق لسانه بتلقائية
- بس أنا مش عايز أشوفها ولا تشوفني.

ختم كلامه وهو يعتصر عينيه بوجع فعن أي سند يتكلم هذا، ألا يعلم بأنه كان شاهد على انكسار اخوته بنفسه لا بل ساعدهم بذلك أيضا، ياا الله ماهذا الوجع الذي هو به الآن...
خرج من دوامة جلد الذات على يد خاله الذي أمسكه بعنف من تلابيب ثيابه لينظر له بصدمة من فعلته هذه وخاصة عندما وجده يقول بحدة
- وبعدهالك يا يحيى هتتعدل امتى هتفضل لحد امتى تهرب من أهلك...

أبعد يده عنه باحترام وقال بتوتر: أنا مش بهرب أنا بس اااء
- أنت ايه، أنت ولا حاجة، أنت محتاج تربية من أول و جديد
- الهجين رباني، ما إن قالها حتى حرك سعد يده بعدم رضا وهو يقول
- رباك ده ايه، ده الهجين بتاعك بنفسه محتاج تربية...
إلا قولي أنت متجوز صح والطفل اللي كان معاك ابنك؟
- أيوة
- فين مراتك
- في البيت.

- كلمها خليها تيجي ونتغدى سوا، ما إن قالها سعد حتى نظر له يحيى باستغراب لطريقته معه ليرد عليه الآخر عندما لاحظ علامات التفاجؤ تسكن ملامحه
مالك بلمت كدة ليه، استغربت اني بعزمك ببيت مش بيتي...
- لاء مش القصد، بس حضرتك بتتعامل معايا وكأنك تعرفني من سنين...
- اذا كان كدة مش هلومك لاستغرابك ده لأني أنا كمان مستغرب من نفسي، و دلوقتي ياله قوم كلم مراتك خليها تيجي وهاتلي ابنك عايز أشوف حفيدي
- حفيدك!

- هو مش بيقولوا الخال والد، قالها وهو يربت على ذراعه ليرد عليه الآخر
- ايوة
- يعني أنا دلوقتي والدك، يبقى ابنك حفيدي ولا أنت رأيك ايه، ما إن قالها سعد حتى أومأ له يحيى باختناق ثم تركه وابتعد عنه قليلا وهو يخرج هاتفه ليتصل ب حودة ليخبره بأن يذهب ل غاليته ويحضرها هنا.

أما في الخارج بالحديقة الأمامية و بالتحديد عند أشجار الحمضيات كانت سيلين تمشي بسرعة بينهم دون هدف وهي تفكر وتفكر ولا تعرف ماذا يجب أن تفعل أو كيف عليها أنا تتصرف
لتتباطئ خطواتها بالتدريج عندما بدأت تلمع الدموع بعينيها لتسند كفها على إحدى الأشجار وهي تكتم فمها بكفها الآخر، لا تعرف لما عليها ان تعيش كل هذه التناقضات بمشاعرها قبل ان يكون بواقعها، يالله لما كل شئ تتمناه يعاكسها القدر به.

أخذت تجلس ببطء ع العشب باستسلام ويأس تحت الشجرة ما إن حررت مقلتيها دموعها دون أستئذان، هناك غصة كبيرة تخنقها فعليا من كل ما يحصل معها الآن، الآن انتهى صبرها، الآن وجعها تضاعف عليها و أصبحت تعجز عن التحمل أكثر
خمس سنوات مرت عليها بمرار لم تذق بها الراحة أبدا قضتها كلها باستهلاك روحي بحب ذلك المعقد نفسيا
ممزقة هي الآن لم يبقى منها لا غرور ولا كبرياء ولا حتى بقايا روح، فقط عذاب في عذاب...

عانت المر والويل ولم تستطع البوح عن حزنها وما يدور من تقلبات في داخلها...
أخذت تبتسم بمكابرة لكل من كان ينتظر انكسارها لتثبت لهم العكس ولكنها تعلم مع نفسها بأن ذلك لم يكسرها فقط بل حطمها الى أشلاء...

لتلتزم الصمت وقتها لأن كل ماحصل لها بسبب حماقاتها هي، كيف عشقت من كان السبب الرئيسي لضياع عائلتها. كيف استسلمت له بإرادتها. كيف خللت أناملها بخاصته ظنا منها بأنه المناسب لها كيف تسرعت وانعمت بصيرتها بهذا الشكل المخزي، أين ذهب غرورها بنفسها وكبريائها!
ياااالله لقد ماتت، هي حقا ماتت في ذلك اليوم الذي سحب يده من يدها بعدما أطلق سراحها بالمنفى...

أغمضت عينيها بتعب ليزداد أنينها فهي لا تعرف كيف تحول بكائها من إنكار أخيها لهم إلى استغناء زوجها عنها...
حاوطت ساقيها بعدما سحبتهم نحو صدرها وما إن دفنت وجهها بين ركبتيها وضمت نفسها بانكسار حتى أطلقت العنان لحنجرتها لتخرج كل آهاتها المكبوته بداخلها، ظنا منها بأنها بعيدة عن الجميع الآن ولكنها لا تعرف بأن ذلك الذي تبعها كان يتمزق حرفيا على وضعها هذا.

ألمها هذا يؤلمه هو أضعاف منها، ثواني مرت أم دقائق مرت أم ساعات. لايعرف كم من الزمن مضى عليه وهو يراقب انهيارها هذا لتتحرك قدميه نحوها بشكل تلقائي ليجلس أمامها على إحدى ركبتيه
لترفع رأسها بقوة له لتتراجع خصلاتها للخلف وهي تشهق بصدمة ما إن شعرت بلمسة يده على رأسها.

أخذت تنظر له بعينيها الدامعة بغضب ليرجف فكها بمزيج من المشاعر المروعة ما إن بادلها نظراتها بترجي وهو يمد يده لها يريد أن يلمسها فقط إلا أنه قبل أن يصلها وجدها تضربه بعنف لتبعده عنها.

مال شاهين برأسه الى اليمين قليلا وهو يعاتبها بصمت. ليكرر فعلته فهو يريد أن يلمسها مرة أخرى إلا أنها عنيدة. كلما حاول معها تعالجه بضربه بشكل أقوى وأعنف من سابقتها حتى فقد صبره معها ليمسكها من عضديها وسحبها نحوه ليضمها لصدره بقوة جبارة.
لاااا لاااا هذا لم يكن مجرد حضن عابر بل كان عبارة عن تحطيم أضلاع فهو جعلها تئن من بين شهقاتها من شدة عنفه معها.

أخذت سيلين تقاومه وهي تحاول أن تحرر نفسها من مخالبه إلا أنه لم يسمح لها بذلك بل كلما أرادت التحرر وجدت نفسها أسيرته أكثر. ومن حرقة قلبها ورفضها لقربه هذا لم تجد امامها سوى أن تغرز أسنانها بصدره بكل قوتها
اعتقدت بأنها بذلك ستجبره عن الابتعاد عنها ولكن الغريب كلما زادت بعضتها له زاد تشبث الآخر لها
لتقلل من حدة أسنانها عليه بالتدريج فهي تذوقت طعم دمائه بفمها ولم يتركها!

رفعت رأسها له وأخذت تنظر له باستغراب لإصراره عليها خاصة عندما سمعته يقول وهو يمسح صدره بوجع
- عجبك كدة؟ كلبة أنتي عشان تعملي كدة
صعقت من كلامه هذا لتضربه بقوة على موضع العضة وما إن كادت أن تبتعد عنه إلا أنه منعها وهو يعتصرها بين ذراعيه وهو ينظر لها بتمعن عاشق ثم أكمل كلامه وقال بعدما طبع قبلة مابين عينيها...
خلاص ما تزعليش فداكي أنا وعيلتي كلها...

لم تعطي أي رد فعلا سوى أنها أغمضت عينيها بانزعاج ليقبل جفونها بعمق واحدة تلو أخرى. أخذ يتناوب عليهم بشوق حتى تبللت شفتيه من دموعها الحارة
ابتعد عنها إنش واحد فقط وأخذ يمرر أنامله على وجنتها وهو يتنفس أنفاسها بلهفة واشتياق حقيقي ليهمس لها بصدق
- بحبك
ردت عليه من بين أسنانها برفض
- مش عايزة حبك
لمع الوجع بحدقتيه وهو يقول
- بلاش تقتليني بالطريقة دي
ركزت بالنظر إلى عينيه بكل قوتها وقالت
- مش بحبك.

زادت أنفاسه غضبا فكيف لروحه لا تحبه هي ملكه هي روحه، عض على شفتيه ثم قال بسخرية
- لا ماهو واضع إنك مش بتحبيني فعلا...
مش بتحبيني وخلفتي مني توأم أومال لو بتحبيني هتخلفي كام
- وقح، ما إن قالتها بعصبية حتى ألصق شفتيه على وجنتيها وأخذ يمررها ببطء على بشرته الساحرة وهو يقول بلهاث من قربها منه
- وحشتني وقاحتي معاكي يا نور العين أنتي
أرجعت وجهها للخلف لتبعده عن مرمى شفتيها وهي تقول: بتحبني.

حرك رأسه بنفي وقال بمشاعر حقيقية: ده مش حب دي لعنة وصابتني وسحرتني فيكي، أنا تعبت في بعدك سيلين مش هترجعيلي بقى
- أبدا، ما إن قالتها بجدية حتى فك ذراعيه عنها واستقام بطوله وهو يقول بنزعاج من ردها هذا
- والولاد
نهضت هي الأخرى وأخذت تنفض ثيابها وتقول: هفضل معاهم مستحيل أسيبهم حتى لو هاعيش هنا مربية ليهم
صرخ بها شاهين بانفعال: يعني عندك استعداد إنك تعيشي مربية لولادك على إنك ترجعي على ذمتي.

سيلين بانفعال هي الأخرى: ذمتك دي مش عايزاها
تحلم أوافق عليك من تاني، و عقابك على اللي عملته فيا زمان هو إنك تشوف ولادك قصاد عينك بسسسس على اسم غيرك
لوى فمه بتهكم وقال: أنتي متخيله إني ممكن أسيبهم كدة، أقدر أثبت نسبهم وبسهولة كمان
نظرت له بتحدي وقالت: مش هتقدر تعمل كدة...
ضحك بغل وقال: إيه الثقة دي؟!
ابتسمت له بثقة وغرور واضح وهي تقول.

- مش هتقدر لأنك بتحبني. وأنت عارف كويس أوي لو إنك رفعت قضية نسب هينقطع آخر خيط مابينا، ولو انقطع بجد المرادي، هتبقى دي نهايتنا فعلا و وقتها لا عيلين ولا عشرة هيرجعوني ليك
صعق شاهين من كلامها هذا لا بل شعر بأن هناك جبال من الهم وقت على عاتقه ليقول بمرارة
- أنا مش حمل الاختبار ده ياسيلينا، أنتي ازاي عايزاني أسيب عيالي بأسم غيري.

رفعت ذقنها للأعلى بكبرياء وقالت بجبروت أنثى لا يليق سوا بأنثى الهجين: ده اللي عندي، أنت اللي اخترت يكون كدة، دي نتيجة تهورك معايا، أنت السبب، أنت اللي رفضت تثبت جوازنا، اااااشرب بقى ياهجين اشرب
ختمت كلامها وتخطته بعنفوانها إلا أنها توقفت بصدمة ما إن سمعته يقول من خلفها بتملك مجنون ونبرة غاضبة
- غصب عنك هترجعيلي سيلينا، غصب عنك النهاردة أو بكرة و أولادي عندي وهيكونوا بأسمي على طريقتي.

ثواني مرت عليها وهي تتنفس بعمق وما إن التفتت له بحدة حتى عادت أدراجها نحوه بخطواتها الغاضبة لتعالجه بسرعة البرق بصفعة عنيفة رج صوتها المكان رجا من قوتها لدرجة بأن صداها أخذ يتردد على مسامعهم بوضوح من شدتها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة