قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الخامس والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الخامس والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الخامس والعشرون

أشرقت شمس الصباح بيوم جديد بأحداث جديدة داخل مزرعة جميلة مكونة من طابقين محاطة بحدائق وأشجار كثيرة كل من يرى كثافتها يظنها غابة...
لااااا هي بالفعل غابة ولكن بأصحابها، القوي يأكل الضعيف وها هي ضحية ذلك الهجين تجلس على طرف النافذة الكبيرة تسند جانب رأسها على النافذة
وهي مغطاة بملاءة حريرية كبيرة.

كانت تمشط المكان بنظراتها الحزينة ولكن بالتأكيد ليست أكثر حزنا من دمعتها التي نزلت لتعلن بأن هناك جرح مفتوح بداخلها ينزف...
مسحت وجهها وهي تحاول أن لا تضعف أكثر من هذا، لتلتفت لذلك الذي يحتل حيز كبير من السرير مستلقي على بطنه وينام بعمق وكأنه لم ينام منذ دهر، نهضت من مكانها واقتربت منه لتراقب ملامحه المرتاحة وهناك أيضا شبه ابتسامة مرسومة على ثغره...

زاد حقدها عليه أضعاف فهو على مايبدو سعيد بانكسارها هذا ولكن هيهات أن تجعله يصل الى مبتغاه ليست سيلين التي تضعف وتبكي أمامه
ف إن كان فعل كل هذا ليحصل عليها فقط فا ليكن مايريده هو، ولكن النتيجة ستكون كما أريد أنا، لأنك مهما فعلت يا آدم ف أنت ضعيف أمام دهاء حواء...
أومأت برأسها بنعم وكأنها تريد أن تؤكد لنفسها بأنها تستطيع أن تفعلها، و أول خطوة هي يجب التخلي عن خجلها الذي سيعيقها بالأيام القادمة...

ذهبت نحو الحمام بعدما سحبت من دولابه قميص
أبيض ولم تغيب بالداخل سوا دقايق حتى خرجت
وهي ترتديه ثم توجهت نحو المرآة. تمشط شعرها المبلل الذي حرصت على عدم تنشيفه من الماء
فتحت أول أزرار القميص لتزيحه قليلا من
جانب الكتف لتظهر أحدهما بإغراء ودلع يليق بها
ثم استدارت له بعدما رمقت نفسها بنظرة رضا.

وقفت أمامه تماما وأنزلت رأسها للأسفل بسرعة لتنزل معها خصلاتها الطويلة لتتناثر قطرات الندى منها على وجهه وجذعه العلوي العاري مما جعله يكرمش وجهه بانزعاج واستغراب فهو قد ظن بأنه سيراها في الصباح تبكي وتصرخ او منطوئة على نفسها بانكسار مما فعله بها...

ولكن ما يراه الآن غير ذلك تماما تحولت ملامحه للإشراق فهو يجدها الآن تقف أمامه بهيئة تكاد أن تجعل قلبه يتوقف من شدة الاثارة والجمال التي هي فيها الآن، ليقول بصوت مبحوح ثمل من سكرة ماعاش معها ليلة أمس فهي أنثى طاغية بأنوثتها وقد فاقت توقعاته
- تعالي يا حلوة.

صعدت الى السرير وزحفت على ركبتيها لتكون الى جانبه تماما لتميل عليه بجذعها العلوي لتلامس أطراف خصلاتها الرطبة جانب وجهه وأعلى صدره العريض، كاد ان يحاوط خصرها ليلصقها به إلا أن كلماتها كانت كالسهم السامة التي اخترقت قلبه ما إن قالت بهدوء
- من يوم ماشفتك ودخلت حياتي دوشتني عايزك وعايزك وهاخدك وأعمل كده وكده وأنا العبيطة فكرت إنك يا ما هنا ويا هناك وبالآخر طلعت فشوش
شاهين بذهول: فشوش!

ابتعدت عنه وضربت شعرها للخلف بغرور وهي تقول بعدما ابتعدت عنها ونزلت من الفراش لتقف أمامه على الجهة الأخرى
- يعني منفوخ ع الفاضي، وأنا بصراحة عايزة...
قطعت كلامها بمكر وهي تبعد نظرها عنه بتكبر
مما جعل الآخر يجن جنونه منها وهو ينهض عن السرير بعدما أبعد عنه الغطاء بانفعال وهو يقول
- عايزة ااااايه
- راجل، ما إن قالتها وهي تنظر له بقوة حتى بسرعة الصقر كان أمامها يسحبها من شعرها وهو يصرخ بها.

- نعممممممممم راجل، أومال أنا إيه ماتتعدلي ع الصبح
رفعت حاجبها بتحدي وقالت بتعمد أن تؤذيه كما آذاها: أنت راجل آاااه بس امبارح كنت معايا بأداء مراهق. كان فاضلي تكة وأرجع في وشك ع القرف اللي شفته منك...
شدد من قبضته على خصلاتها وأخذ ينظر لها بغضب مع أنه متأكد بأنها تقول هكذا لكي ترد له ما فعله بها ليلة أمس إلا أن كلماتها هذا جرحت كبريائه من الصميم...

سحب شعرها للأسفل بقوة ليجبر عينيها بالنظر إلى خاصته الغاضبة لينحنى لها وأخذ يتلمس بشرة عنقها بأنفه ببطئ شديد ليقشعر جلدها تحت إثر أنفاسه الحارة.

كادت أن تقع على الأرض فقدميها أصبحت هلام ما إن قبل عنقها بعمق وعصبية آلمتها حتى أنها تأوهت بين يديه بشكل تلقائي من فعلته هذه معها ولكن ما إن تركها أخيرا وابتعد عنها بشكل مفاجئ حتى عادت الى الوراء بتعثر لتجلس على الأرضية بخمول فهي تشعر بالدوار يداهمها من كل مكان
ابتسم من طرف فمه بغطرسة وهو يقول بثقة
- لا ماهو واضح عليكي من حالتك دي إني فعلا طلعت بأداء مراهق. أنتي حلوة آه بس قليلة خبرة.

فمتحطيش راسك براسي لأنك هتدفعي تمنها غالي أوي أو بل الأصح سعد هو اللي هيدفع تمن كلامك ده
رمى كلماته المتوعدة هذه بوجهها ثم تركها ودخل الحمام وهو يغلق الباب خلفه بغضب...
أما سيلين أخذت تنظر حولها بقهر تشعر بأن كل شيء هنا يضغط على صدرها ويخنقها حرفيا نهضت من مكانها وخرجت من الغرفة بوجع نفسي أكثر من أن يكون جسدي...

أخذت تنزل السلم وهي تحاول أن تتظاهر بالتماسك والقوة إلا أن دموعها التي نزلت رغما عنها شوشت نظرها ومنعتها من أن تكمل طريقها...
تجلس بمنتصف الدرج وهي تضع يدها على وجهها وأخذت تبكي بحرقة قلب تمزق نياط الروح قبل القلب، يااااالله كم تتمنى أن تصحو من هذا الكابوس لترى نفسها بغرفتها الدافئة مع عائلتها الصغيرة. كل شيء في لحظة تحطم، كل شيء.

أبعدت يدها عن وجهها ودفعت شعرها بأناملها للخلف وهي تنهض عن الدرج وأخذت تستثني طريقها لخارج هذا المكان المشؤوم وما إن عبرت الباب الداخلي حتى وجدت نفسها بوسط مساحة شاسعة من الخضار والأشجار التي برؤيتهم فقط تجعل روحك
ترد لجسدك بعد غياب...

ولكن هذا كله لم يداويها. لتقف بقلة حيلة بالمنتصف ورفعت عينيها المتورمة من البكاء للسماء الغائمة وكأن تلك الغيوم سقطت بمقلتيها لتهل عليها بالأمطار الغزيرة لتحرق وجنتيها، ضغطت على شفتيها بقوة وما هي سوا ثانية حتى صرخت بعدها بنفس القوة...
- باباااااااااااا، ما إن نطقت تلك الكلمة حتى أخذت تبكي بأعلى درجات صوتها الممزوج بالصراخ وهي تكرر ندائها لوالدها.

قطع الهجين لوعتها هذه عندما سحبها من مرفقها بسرعة ممزوجة بعنف مما جعلها تلتفت نحوه
وهو يقول ببرود بختام ساخر
- انسيهم سيلينا، مافيش بابا تاني ياقلب البابا أنتي
- مش هنسى. مش هنسى سااااامع، وهرجع ليهم
غصب عنك زي ما خدتني منهم غصب عني...
كانت تتكلم بانفعال وهي تكاد أن تموت من شدة قهرها وهي تضرب قدميها على الأرض...

- هشششششش، قالها وهو يحاول أن يثبتها أمامه وما إن نجح بهذا حتى ضغط على عنقها من الخلف ليلصقها بأحضانه ويده الأخرى حاوطت خصرها باحتواء ثم بحركة خفية وجدت نفسها طائرة بالهواء
يحملها بين ذراعيه لتقيد عنقه بساعديها ففعلته كانت مفاجئة لها.

توقعت بأنه سيدخلها إلا أنه خالف توقعاتها ما إن ذهب بها نحو إحدى الأشجار ليجلس تحتها ويسند ظهره عليها وهي ماتزال بأحضانه، حررت عنقه و وضعت يديها على منكبيه ودفعته عنها لتنهض إلا أنها فشلت وبجدارة فهو يقيدها بإحكام لتنطق بزعل جميل مغوي
- أوعى كدة، سبني
- ليه. حد قالك عليا مجنون عشان أسيب نعمة ربنا
- وقال يعني أنت عاقل أوي بعمايلك دي، ما إن قالتها حتى رد بتحذير عليها وهو يمسك أنفها بمشاكسة
- سيلينااااا.

حركت وجهها بضيق ثم قالت بعناد
- اسمي سيلين
- أنا بحب أدلعك كدة
- وفر دلعك ده لغيري أنا مش عايزة
ضرب مقدمة رأسه بخفة على خاصتها وهو يقول- مراتي وبراحتي أناديلها باللي يعجبني
نظرت له بضيق وهي تقول بعدما ضربته على صدره: مستفز!
- صدقيني مش قد استفزازك ليا ب شفايفك مع إني هريتهم امبارح بس لسه ما رتوتش منهم...

قالها وهو ينحنى لها ليكتم أنفاسها باحترافية برغم مقاومتها له التي لا تذكر امامه إلا أنه كان يتعمق دون أن يعير لرفضها هذا أي اهتمام وبالفعل لم يحررها منه إلا لما أراد هو ذلك، ثم قرص شفتيها بحركته المعتادة وهو يقول بانتشاء
- عسل يابطتي
أخذت تمسح فمها بظهر يدها وهي تقول
- مقرف
شاهين بقصف جبهة: تؤتؤ ماتتكلميش عن نفسك كدة أنتي صح مقرفة زي ماقلتي بس أعمل ايه اتورطت فيكي.

نظرت له من زاوية عينيها بعدم رضا وهي تقول
- وعلى إيه تتورط شيل ده من ده
- بأحلامك إني أسيبك، ما إن قالها بإصراره الغريب هذا حتى كادت أن ترد عليه إلا أن اتصال يحيى قطع عليهما الحوار والذي قال ما إن تم فتح الخط
- قبل أي حاجة قولي الأول سبع و الا ضبع ياعريس
- بومة زيك
يحيى بهزار: إذا كان زيي يبقى ليلتك كانت آخر ألاطة
- انجز عايز إيه
- أنت فين؟

نظر بهيام الى تلك التي تسكن بين أحضانه وقال بصدق: بالجنة، أنا بالجنة
يحيى بحسد- يابختك، مش زيي قاعد جنب أبو لهب
- بلاش قر، وقول في إيه من الآخر
- طالما عاوز من الآخر، أنا بصراحة مش هقدر أستنى يومين كمان على غلاتي
- طالما قولت غلاتي يبقى هديت صح؟ و الاااا لساتك مجنون وهتتهور
- هديت ياهجين.

ليرد عليه بتساؤل وهو يشدد من احتضان تلك الماكرة التي تحاول استغلال انشغاله بالحديث لتفر منه ومن قيوده ولكن لا تعلم بأن العالم بأسره لا يستطيعون أن يشغلوه عنها
- طب ناوي على ايه،؟
- بص هي بايظة بايظة قولت أخربها بالمرة، ما إن قالها حتى ضحك الهجين على شقاوة أخيه الروحي بعدما فهم مقصده ليرد عليه.
- لاااا طالما كدة يبقى ربنا معاك ويقدرك على فعل الخير، بس أوعى تنسى نفسك ودوس أوي
- لا هي قرصة ودن صغيرة.

شاهين بشك: صغيرة! متأكد؟
يحيى بضحك: مش أوي الصراحة...
- ماشي و يالا غور دلوقتي أنا مش فاضيلك، قالها وهو يغلق الخط بوجه الآخر دون أن ينتظر الرد لينظر لتلك التي تسند رأسها على صدره و نظراتها شاردة بلا شيء
أخذ يداعب فروة شعرها وهو مستغرب هدوئها هذا
ليقبل اعلى جبينها و احتواها بين ذراعيه أكثر ليجدها تدفن نفسها بداخله بشكل تلقائي وهي تغمض عينيها بتعب.

مر بعض الوقت عليهم ولم تنطق بحرف حتى ظن بأنها نامت على وضعها هذا إلا أنه وجدها تقول بخفوت: عايز أكلم أهلي اطمن عليهم
نظر لها وقال: عايزة تعرفي عنهم إيه
رفعت رأسها له وهي تقول: كل حاجة
- باباكي لسه بالسجن، ما إن نطقها حتى انتفضت بجسدها وهي تقول باحتجاج شرس
- ليه، هو أنت مش قولت اتجوزيني وهخرجه
- أيوة قولت
- طب إيه ماتنفذ وعدك ليا
- هنفذ بس زي ما أنتي شايفة مشغول معاكي وناسي الدنيا
أخذت تدفعه عنها وهي تقول.

- قوم روح ليه و طلعه، وشوفلي أخبار عيلتي إيه
وتعالى قولي بالتفصيل
- حاضر، قالها بقبول استغربته لتجده ينهض معها من أرض الحديقة لتحاول أن تستغل هدوئه هذا لتمسك بكف يده بيديها الاثنتين لتقول بعدها بترجي وعينيها مليئة بالدموع...
- شاهين ربنا يخليك رجعني لأهلي أديك أخدت اللي أنت عاوزه...
قطب جبينه بانزعاج من ما قالت: ايه الكلام ده، أنا عايزك أنتي كلك على بعضك تبقي ليا أنا ماطلبتش ليلة وخلاص.

لتقول سيلين بتفائل وكأنها وجدت الحل لكل المشاكل: خلااااص رجعني دلوقتي وتعالى اتجوزني زي الناس ما بتتجوز و وقتها كمان هكون ليك طول العمر ونعيش
طبيعي طالما أنت عايزني بالشكل ده
شاهين برفض قاطع: هو أنتي مفكرة إني ماكنتش أقدر أعمل كدة من الأول، بس أنا مستحيل أحط إيدي بإيد سعد الجندي، ياسين عملها لهدف معين بس أنا لايمكن أعملها.

سيلين بانفعال: ماتجبليش سيرة ياسين قدامي أنا لو في حاجة بأكرها أكتر منك في الدنيا دي يبقى هو...
- هدي أعصابك. كرهك لينا ده هيقتلك، وبعدين أنتي عروسة والزعل مش حلو عشانك و آااااه بمناسبة إنك عروسة وكدة يعني، في حاجات حلوة أوي هتبسطني أنا شخصيا أوي أوي هتلاقيها بالدولاب فوق ابقي البسي منهم بدل قميصي اللي لبساه ده مع أنه عليكي تحفة بس أهو نغير...

قال الأخيرة وهو يغمزها بسفالة ثم تركها وذهب نحو سيارته مما جعل الأخرى تصرخ به بانفعال
- شااااااهين،!
- حبيبتي، قالها بهدوء يتلف الأعصاب وهو يلتفت لها بابتسامة محبة جعلتها تشيط غيظا من بروده هذا ولكن سرعان ما تسلحت بالبرود مثله وهي تقول
- عارف إنك بعد ما دخلت حياتي اكتشفت إن ربنا بيحبني أوي.

أخذ يقترب منها أو بمعنى أصح يعود بأدراجه نحوها وهو يقول بسخرية: بجد، قد كده طلعتي بتحبيني ومش مصدقة نفسك إن ربنا رزقك بيا
ابتسمت له بتهكم غاضب: لاء حب إيه، ده أنا بس افتكرت ان بابي في يوم قالي إن ربنا اذا أحب عبد ابتلاه، وانا ابتليت فيك بلوه سودة، روح ياشاهين روح ربنا يخلصني منك على أهون سبب.

تنهد ورد عليها بشكل تلقائي بما يجوب بصدره: مافيش خلاص مني غير بالموت، وحتى لو مت هاخدك معايا مستحيل أسيبك لغيري بعد مابقيتي زي الدم اللي بيمشي بوريدي، بحبك سيلينا...
وأنا لو حبيت حد مش بسيبه لو على قطع رقبتي
. عارفة يعني إيه واحد زيي يحب ويتجنن على وحدة...
قالها وهو يحتضنها بذراعيه باحتواء ليدفن وجهه بتجويف عنقها بشكل استفز الأخرى لتدفعه بسرعة عنها وهي تقول بضيق
- بس أنا مش بحبك، هي عافية.

سحبها من رسغها له وقال بتأكيد وهو يمرر ظهر يده على وجنتها بعدما احتضن خصرها بدراعه الأخرى
- أيوة عافية، ماهو لازم تبقى عافية، زي كل حاجة فيكي ماتجيش إلا عافية
لوت سيلين شفتيها وهي تقول بدلع فطري اطاح بعقل الذي امامها: أنا بكرهك
- وأنا بموت فيكي يا روح قلبي، قالها ثم انحنى نحوها ليكتم أنفاسها إلا أنها ابعدت وجهها عنه
بضيق وهي تقول.

- أنا مش تحت أمر مزاج حضرتك ساعة بحبك وساعة أوعي تفكري ده حب، مش ده كان كلامك
- إذا كنتي أنتي غبية أنا أعمل ايه، تصرفاتي معاكي كلها بتدل عن حبي ليكي بس غرورك بيمنعك إنك تفهميها، عايزة تسمعيها عشان ترفضيني مش كدة
- أكيد هرفضك أنت وحبك اللي مالوش لازمة ده
أنا مش محتاجة مشاعرك دي احتفظ فيها لنفسك، وصدقني جوازك مني ده مش هينزل مني قد ما هينزل منك
امبارح الصبح قبل كتب الكتاب قولت ده مش حب.

فاكر، بس بعد ليلة امبارح ماقدرتش تخبي حبك أكتر من كدة، كل لما تقرب مني بتضعف أكتر وبتحبني أكتر وبالمقابل مش هتلاقي مني غير الرفض والكره والحقد اللي كمان عم بيزيدو أكتر
و دلوقتي روح طلع بابا من السجن ونفذ وعدك ليا
زي أي راجل قد كلمته، ولما ترجع أكيد مش هتلاقيني تحت أمرك وطوعك انسى يابابا. أنا مش من النوع اللي تقبل الخضوع.

أنا سيلين سعد الجندي بنت عدوك اللي محتاجة ترويض مش ده كان كلامك يوم الحفلة وحلفت وقتها إنك تروضني
بس اللي متعرفوش إنك أنت اللي عم تتروض مش أنا، نصيحة مني ليك إخلص مني بسرعة لأني لعنة وحليت عليك، وصدقني من اللحظة دي مش حسيبك غير وأنا مطلعة عليك القديم والجديد واللي عمله أخوك بأختي أنت اللي هتتحاسب عليه.

أنهت كلامها هذا ثم تخطته ودخلت تاركة ذلك الذي يكاد أن ينفجر من شدة انفعاله وغضبه منها، تحرك نحو سيارته لينطلق بها خارج سور المزرعة متوجها لهدفه المقصود
قبل الظهيرة في شقة أم غالية...
- شوف مين اللي ع الباب، دي أكيد أمك العقربة جت من السوق، قالت الأخيرة بصوت خافت ثم أخذت تغمغم مع نفسها بانزعاج فهي لا تحب تحية ابدا.

كانت مشغولة بالتنظيف فهي الآن تنحنى بجسدها للأسفل لتمسح أرضية المطبخ وما إن التفتت لتغسلها وتعادود المسح مرة أخرى حتى شهقت وعادت للخلف ما إن رأته امامها يقف عند طرف الباب يسند نفسه عليه
رفعت أنفها بشموخ وقوة واهية وهي تقول
- ايه اللي جابك.

مط شفتيه ثم اعتدل بوقفته وذهب نحوها دون أن يرد عليها وهو يتفحص هيئتها الغريبة هذه، فهي كانت ترتدي شبشب رجالي كبير على قدميها الصغيرة مع جلابية ذات لون باهت من كثرة الغسيل مرفوعة للأعلى يظهر من أسفلها بيجامة بشعة تجمع جميع ألوان الطيف السبعة لا يعرف من أين أتت بها مع شعرها المنكوش الذي ما إن مسكه حتى قال بسخرية
- نفسي أشوفه يوم متسرح.

دفعت يده عنها وهي تقول بكبرياء تحاول ان تداري خجلها منه: مالكش دعوة بي، انا بحبه كدة
يحيى بصدق: وأنا بحبه لأنه جزء منك
- ماقولتليش جاي ليه، قالتها وهي تنزل جلبتيها وذهبت نحو المغسل تغسل يدها بالصابون
التفت معها وقال: جاي أشوف عقلك ضرب كدة ليه...
سحبت نفس عميق ثم قالت بثقة: شكلك عرفت بالقضية عشان كدة دمك شايط، بس أكيد هيتحكم لصالحي...
ليقول يحيى بغيظ...

- نفسي أعرف الثقة اللي أنتي فيها دي جيباها منين بقى عايزة تطلقي و لااا وكمان ترفعي قضية خلع وعايزاني أوافق آجي المحكمة وأنفذلك كل الهبل ده صح
عقدت ساعديها أمام صدرها وهي تقول
- والله ده المفروض...
- نسيتي يا غلا الروح أهم حاجة، واللي هي مش يحيى اللداغ اللي يتخلع.

- لا هيتخلع على إيدي يا ابن اللداغ، ما إن قالتها حتى ارتفع صوت أنينها بألم جبار عندما وجدت يده تفترس شفتيها لتعتصرها بقوة ولم يتركها حتى ظهرت الدماء منها وهو يقول
- بلاش تخليني أكسرها إيدك، اقسم بالله وقت لما وصلني الخبر لو كنتي وقتها وقعتي بإيدي مش هتردد
لثانية وحدة إني أدفنك بمكانك، فبلاش تختبري صبري دلوقتي وتقومي زي الشاطرة تغيري هدومك وتجي معايا ع الشقة.

ابتعدت عنه وهي تمسك فمه ثم تقول بتعابير متألمة
- وإن ماسمعتش كلامك هتعمل إيه يعني...
سحبها من شعرها بقوة فتاكة مما جعلها تكمم فمها بيدها لكي لا تصرخ بصوت عالي وتسمع والدتها وهو ما إن فهم عليها حتى استغل هذه النقطة لصالحه وقال بحقارة...
- هجرك من شعرك وهاخدك غصب عنك قصاد عنين والدتك، تخيلي بقى هي هتستحمل تشوفك كدة.

وهي مابيدهاش حاجة عشان تخلصك مني، أاااكيد هتموت بحسرتها عليكي وهي أصلا مابقالهاش كم يوم لما خرجت من المستشفى
ردت عليه بعناد: مش هرجع ليك لو مهما عملت
يحيى وهو يفجر القنبلة بوجهها
- حتى لو قلت لك إن حياة والدتك بإيدي...
غالية باستفهام: ازاي!؟
- الست الوالدة محتاجة تعمل عملية بقلبها بأسرع وقت ممكن وهتكلف مبلغ محترم لو بعتي عيلتك كلها مش هتلمي ربعه.

- ليه ماقولتليش ده من قبل، ما إن قالتها بحزن سيطر عليها من ما سمعت لتجده يقول
- ماحبتش أأذيكي و أوجع قلبك عليها، سبتك يوم واحد بس عشان أدبر لك المبلغ أرجع ألاقيكي رافعة عليا قضية خلع...
- أنت كداب ماما مافيهاش حاجة
- تعالي معايا، قالها وهو يسحبها خلفه للصالة ليجعلها تجلس على الأريكة ورمى امامها ملف طبي كامل خاص بوالدتها ثم أكمل.

الملف قصادك أهو شوفيه بنفسك ولو حابة خديه لأي دكتور وهو هيشرحلك حالتها خطرة قد ايه، أنا حجزت ليها بكرة بالليل. عمليتها بمستشفى أهلي استثماري فيها أحسن كادر طبي
وزي ما متعودة مني مافيش حاجة ببلاش أعملها لازم تديني مقابل ليها، يعني مثلا أنتي ما عندكيش وقت كتير آخرك النهاردة المغرب لو وافقتي ترجعيلي. تروحي تتنازلي عن القضية وتجهزي نفسك ليا لأن.

لو وافقتي ترجعيلي هتمم جوازنا لأني ما بقتش مستعد أصبر عليكي أكتر من كدة، باختصار ماتستاهليش...
نظرت له بدموع تهدد بالنزول وهي تقول
- يحيى ماما هتبقى كويسة بعد العملية صح
- لو خليتي عقلك براسك وتنازلتي عن عنادك
هتبقى زي الفل
- طب لو رفضت عرضك ده
- يبقى أنتي جنيتي عليها، الملف عندك والقرار بيدك أنا كدة عملت اللي عليا، يالا تشااااو.

قال الأخيرة بابتسامة ماكرة ثم تركها وخرج تاركا خلفه تلك المسكينة ضائعة بين أمواج أفكارها لا تعرف أين الخلاص
دخل الهجين مركز الشرطة ببدلة سوداء فخمة تدل على ارستقراطية صاحبها ونفوذه وبيده يحمل حقيبة كلاسكية...
و ما إن وصل غرفة التحقيقات حتى وجد ياسين يخرج منها بابتسامة ماكرة تزين وجهه ليقترب منه ويقول: اديت أقوالي بالحرف زي ماقلتلي بالضبط يعني كل حاجة تمت زي ما كنت عايز يامتر...
- يعني مافضلش غير.

قاطعه ياسين بحماس
- اننا نشوفه، بس دول قالوا إن الزيارة ممنوعة
- مافيش حاجة ممنوعة على أخوك
- كبير من يومك ويتخاف منك بس في حاجة أنا مش فاهمها
- ايه؟
- ازاي سعد يتمسك وأنا لاء و احنا شركاء بالشغل و يكتفوا بس بالتحقيق معايا
رفع حاجبه وقال: أنت متخيل إني ممكن أعمل حاجة تأذيك
- لاء أكيد، بس بردو بردو عايز أفهم
- خطوط النقل والشحن مسؤولية سعد هو وبس وفي أوراق ماضي عليها بنفسه، وأنت برا الليلة دي كلها.

- نفسي أعرف أنت بتقدر تخليه يمضي على كل الأوراق دي ازاي، فين عقله لما يطاوعك...
- هو أنت مفكر إنك بس اللي مخادع ومكار
- أنا طلعت صفر ع الشمال جنبك، أنا آخري كلمتين حلوين ضحكت فيهم ع البنت بس أنت ماشاء الله عليك شغل عالي أوي، وعلى ده كله أخدت بنته كمان، إلا قولي سيلين عاملة ايه، يا ما نفسي أشوفها مكسورة وأفرح فيها دي كانت وقفالي زي العظمة بالزور. رخمة ماتتبلعش.

شاهين بتحذير حقيقي فهو لايمزح إن كان الأمر يخص سيلينا: لووووو عايز تتحبس مع أبوها هات سيرتها تاني
ياسين بتراجع: اتحبس، لااا ياعم الطيب أحسن
أنا مش قدك. سيلين مين دي أصلا
توقف عن السيرة ونظر له من طرف عينيه بغضب أسود جعل الآخر يقول على الفور
- ولاااا أعرفها، السماح ياهجين.

تخطاه وذهب نحو غرفة الزيارة ليعطي للعسكري أمر النيابة ثم دخل وجلس هو وأخيه على كراسي مصنوعة من الحديد وأمامه طاولة مستطيلة الشكل من نفس النوع
ماهي سوا دقائق معدودة حتى وجدو سعد يدخل عليهم بخطوات ثقيلة وهو مقيد اليدين بأصفاد...
مظهره هذا جعلت الشماته تلمع بأعينهم كالبريق
وقف سعد بمكانه قليلا وأخذ ينظر لهم بغضب ممزوج بحقد يكفي العالم، ثم ذهب وجلس أمامهم.

ليقول شاهين بعملية: أنا حليت مشكلة الشحن وحكاية التهريب دي وخليت واحد تاني يشيل الليلة بدالك بس قضية القرض، ما عملتش فيها حاجة لأنه طلع أمر بالحجز على الفيلا وحساباتك اللي في البنوك
يعني أسبوع زمان أو يمكن أقل هيتم تنفيذ الحكم وهينزل بالجرايد إعلان إفلاسك رسمي
- كل ده كوم وميرال كوم تاني، قالها وهو ينظر إلى ياسين الذي رد عليه بخبث و تهكم
- هي سهلة لو جت على ميرال بس...

صمت سعد بترقب وخوف من أن يسئله عن ما يقصد، ولكن الآخر أكمل بلا مبالاة وتشفي واضح
- مش هتبارك لشاهين أصل كانت ليلة امبارح دخلته على سيلين، ختم كلامه بمغزى جعلت دقات قلب الآخر تتوقف بصدمة! لاااا بل صاعقة حلت عليه تحولت تعابيره إلى عدم تصديق وأخذ يحرك رأسه بنفي وهو يكرر جملة واحدة
- سيلين لاااااا سيلين لااااا، محدش يجي جنبها.

- ماجيش جنبها إيه، دي مراتي، اتجوزتها عرفي وآدي العقد، قالها وهو يضع العقد على الطاولة ودفعه أمامه لتقع عينين سعد على محل كتابة اسمها بأسفل الورق، وما إن تمعنى بالخط قليلا حتى نزلت دمعه من عينيه فهو يعرف خطها...
رجفت شفتيه وهو يقول
- مستحيل بنتي تأذيني بالشكل ده، مستحيل
أكيد فيه حاجة غلط...
شاهين بتأكيد: مافيش حاجة غلط، سيلين مراتي شرعا.

سعد بانفعال وغضب وحرقة قلب أب: ليه كل ده! ليه أخدتم بناتي مني ليه!
انتفض شاهين وضرب الطاولة وهو يقول بحقد: وأنت ليه أخدت أبويا وعمي مننا ليه، ليه يتمتنا مرتين ليه و احنا أطفال عشان توقعنا بإيد واحد مسخ طلعنا زيه، اشرب من نفس الكاس ااااشرب
ليقول سعد برعب على فلذة كبده الروحية
- سيلين فين عملتم فيها اااايه
ياسين بتدخل: أنت اللي لازم تقولي قتلت أبويا ليه
سعد بعدم فهم: مين أبوك ده كمان.

- سامر، ما إن قالها حتى قطب جبينه بعدم معرفة
- مين ده
شاهين بغصة رجل شرقي لا تظهر إلا نادرا
- سامر أخو ماهر اللداغ جوز أختك سعاد...
تجمد بمكانه وكأن دلو من الماء المثلج سكب عليه في فصل الشتاء وهو ينطق اسمه: ماهر.؟
ياسين بتوضيح: أيوه ماهر اللي قتلته بعيلته احنا ولاد أخوه سامر اللي قتلت أبوهم كمان، يعني تارنا معاك اتنين مش واحد.

شاهين بغل أسود: ده أنا لو قتلتك دلوقتي مش هيبرد ناري بس حلفت لأموتك باليوم ألف مرة بحسرتك على عزاز قلبك وأخليك تتمنى الموت وماطولوش.
وأولهم بنتك لو طلت السما مش هتشوفها تاني.
سعد فزع وختناق فصدره يكاد ان يفتك بها من شدة الألم: لاااااا لااااااا أوعى أوعى تأذي سيلين أوعى.

ياسين بتوعد: ايه خايف عليها وماخفتش علينا ليه، ده أنت قتلت بنات ماهر بدم بارد ولا رفلك جفن، بناتك غاليين عليك وبناتنا لاء، بس أوعدك إن كل ده هيطلع من عينين سيلين
سعد بجنون يريد ان يسمعوه فهم يتكلمون فقط حقدهم أعمى بصيرتهم: لااااا سيلين مش بنتي
نظر له ياسين باستحقار: شوف الحقير، وصلت الندالة فيه ينكر أبوته ليها عشان يحميها مننا مفكرنا أغبية، يا لا بينا ياشاهين ده شكله اتجنن وهيدوشنا.

نهض شاهين معه دون أن يبدي رأيه بما سمع وما إن خرجوا حتى كاد أن يلحق بهم سعد وهو يصرخ بتعب و إرهاق ولكن العساكر قيدوه من الجهتين يمنعوه من الوصول لهم وانغلق الباب بينهم وهو ما يزال يصرخ بهستيرية خلفهم يريد فقط أن يسمعوا ما لديه
- سسسس س سيلين مش بنتي وميرال كمان مش بنتي، دول مش بناتي بلاااااش تأذوهم دول بنات ممممم ماهر.

التفت شاهين نحو غرفة الزيارة وهو يقلص نظره عليه هل ما سمعه الآن صحيح، نظر إلى ياسين وقال: سمعت اللي قاله
- ماركزتش فيه هو قال ايه
- آخر حاجة قالها إن دول مش بناته دول بنات ماهر
- واحد بالحقارة دي هتتوقع منه إيه، عايزله أي حاجة عشان يشبط فيها ويحافظ على بناته...
- يا لا بينا، قالها شاهين وهو يلتفت ليكمل طريقه ولكن بعدما انزرع الشك بداخله...

خرجوا من المركز متجهين إلى سيارتهم لينظر له ياسين وهو يقول: مش هتيجي الوكر
- لاء مش ناقص زن سلطان ولا رخامة زينة
- طبعااااا بعد ما دوقت الحلو كلو أكيد مش هتحب الفسيخ
- اخفي من وشي أحسلك، ما إن قالها بغيرة حتى صعد الآخر بسرعة وطار من أمامه وهو يضحك على غيرة أخيه المجنونة...

اما شاهين تنهد أكثر من مرة وعاد بنظره الى المركز بتمعن ثم صعد هو الآخر ليذهب لتلك التي كالعلاج له على الرغم من تمردها وعنفوانها معه إلا أنه لا يجد شيئا يطيب جروحه سواها
مسااااء على الجهة الأخرى في المزرعة كانت تجلس أمام التلفاز تتابع أحد الأفلام المصرية القديمة بتركيز عالي، ليقطع عليها اندماجها هذا، هو دخول شاهين الذي ما إن رأته حتى ذهبت نحوه بسرعة وهي تقول بلهفة
- هاااا قولي بابا طلع.

جلس بتعب وقال: لسه أسبوع. وقبل ما تصرخي وتصدعيني دي مجرد اجراءات مش أكتر
- طيب، وماما وأختي
- عادي مافيش جديد، بس بعد يومين هيطلع الحجز ع الفيلا وهيضطروا يطلعو منها
سيلين بصدمة: هيروحوا فين بس
- يروحو مطرح مايروحو بقى ده شيء مايخصنيش
صرخت به بهجوم: طبعا تتعب نفسك ليه وتعرف ما أنت اللي خربتها أكيد مش هتيجي وتعدلها.

- سيلينا، ما إن قالها بصوت حاد جعلها ترتبك قليلا مع أنها حافظت على ثباتها الوهمي هذا وهي تقول
- يا نعم
أرجع رأسه للخلف وهو يغمض عينيه ويقول
- لمي الدور أنا مصدع
جلست الى جواره وقالت بزعل- يارب تموت
مال برأسه نحوها وقال: بتتمني موتي
حركت رأسها بنعم وهي تقول: فوق ماتتخيل...
ده أنا حتى همشي بجنازتك بفستان أحمر...

فتح عينيه بغضب وقال: آاااااه واللي رايح واللي جاي يبص عليكي، حتى أسود ماتلبسيش عشان هيطلع عليكي قمر أكيد، بقولك ايه أنا لو مت أنتي ماتطلعيش على جنازتي أساسا...
فتحت فمها بذهول ثم قالت ببلاهة
- أنت بتتكلم جد؟!
- وجد الجد كمان، مش هستحمل حد يشوفك و أكيد وقتها هتكوني حرة مني وممكن تتجوزي
لااااااا وكتاب الله أدفنك معايا، هو ده الحل الوحيد.

- أنا هتجوز بس مش هستنى لغاية ماتموت، أنا هطلق منك وهاتجوز قصاد عينك وهحرق قلبك زي ماحرقت قلبي على بابا بالمستشفى
- حتى لو طلقتك مش هتقدري تتجوزي غيري
- ازاي؟ مين اللي هيمنعني
- أنا...
- ثقتك دي اللي بتتكلم عنها مش بمحلها
شاهين بمغزى: ممكن أعمل أي حاجة ممكن تخطر على بالك أو حتى ماتخطرش على بالك عشان بس أضمن ملكيتي ليكي سواء كنت عايش أو لاء أنتي مافيش حد هيلمسك غيري...
- بس ده اسمه جنون.

- مش مهم اسمه يكون إيه المهم اللي أنا عاوزه يكون
و دلوقتي معايا، قالها وهو يمسك يدها ويأخذها للطابق العلوي إلا أنها سحبت يدها منه برفض
كادت أن تعود وتجلس على الأريكة بعدما رمقته بكره إلا أنه عاد وأمسك يدها وسحبها معه للأعلى
إلا أنها أخذت تبكي بصراخ هستيري ما إن أجبرها على دخول غرفتهم
حاوط وجهها وأجبرها على السكوت عندما صرخ بها
بحدة: مالك!؟
- مش عايزة أعيش الإحساس الحقير اللي عشته معاك.

امبارح، ما إن قالتها باشمئزاز حتى صرخ بها بغضب
- ليه كل الرفض ده، غيرك بيتمنى يكون مكانك...
دفعت يده وهي تقول: أنا مش بحبك! بأكرهك عارف يعني ايه بأكرهك...
مسكها من مقدمة قميصه الذي مازالت ترتديه وقال: محدش طلب حبك، لما آجي وأطلب منك تحبيني وقتها تعززي عليا في، بس أنتي مراتي وغصب عنك هتتقبلي ده، سواء كان بمزاجك أو لا. هتتقبليه.

قال كلمته الأخيرة وهو يدفعها بعيدا عنه لتسقط على الأرض بعنف لتعود بسرعة للخلف لتتكور على نفسها بإحدى زوايا الغرفة وهي تحتضن نفسها وهي تبكي
أخذ يبدل ثيابه وهو ينظر لها بين الحينة والأخرى وما إن انتهى حتى وقف وهو يضع يده على خصره
وعينيه مسلطة عليها، ذهب نحوها وجلس على إحدى ركبتيه أمامها وهو يقول بهمس و بحنية
- بصيلي
رفعت وجهها المحمر من البكاء الشديد لتحرك رأسها برفض عندما وجدته يقول: تعالي في حضني.

تنهد بابتسامة باهته ثم قال بمحاولة أخرى فهو لا يتحمل مقتها له بهذا الشكل: مش عايز منك غير حضن، تعالي
- مش عايزة
- ماهو يا إما تجيني تنامي في حضني اووو
انتي اللي جبتيه لنفسك وياريت ترفضي أنا هموت وادوقك تاني...
صمتت وأخذت تنظر له بترقب وكأنها تريد أن تستكشف إن كان صادقا ام كاذبا...
- خلاص شكلك رافضة وبصراحة هو ده اللي أنا عايزه.

قالها وهو يقترب منها و يعض على شفتيه بتمني سافل إلااااا أنه ابتسم بسعادة لا توصف ما إن وجدها ترمي نفسها بأحضانه بإرادتها وتحاوط عنقه بقوة وهي تقول بخوف
- لا خلاص أنا موافقة أنام بحضنك بس بأدب زي ما وعدتني صح
- صح ياروحي صح، قالها وهو يستنشق شعرها بقوة وكأنه يريد أن يخزن أكبر كمية ممكنة من عطرها الأخاذ...
نهض بها وذهب نحو السرير ليستلقي معها ثم سحب عليهم الغطاء وأخذ يدثرها بأحضانه قبل أي شيء آخر.

ولكن لم تمر عليهم سوا خمس دقائق فقط لا أكثر حتى وجدها تحاول الابتعاد وهي تقول
- كفاية كدة
- صح كفاية كدة، ندخل بالجد بقى، قالها و بدأ يمرر يديه على خصرها لتعود إلى أحضانه بسرعة وهي تقول بخوف مضحك
- لاااا أنا نمت أصلا، أهو نمت
ضحك عليها وعلى شقاوتها اللذيذة هذه، أخذ يقبل رأسها عدة مرات ثم نزل وأخذ يتناوب بتقبيل وجنتيها...
سيلين بغيظ: ماااا تتهد وتنام بقى عايزة الليلة دي تعدي على خير...

مسك ذقنها و رفع وجهها له وهو يقول بتمعن بتفاصيلها: أنتي حلوة كدة ليه
رفعت كتفها بدلال علامة على عدم معرفتها لذلك وهي تقول: معرفش ليه، بس ربنا خلقني حلوة كدة
اقترب منها بشكل خطير وهمس بحرارة
- أنتي مش حلوة و بس لاااا ده أنتي حلوة اوي
أسبلت عينيها بغرور وقالت: ده العادي بتاعي
تمعن بنظره لها ثم قال بغزل معوق: تعرفي إن لونك حلو ومميز اوووي، زي الشاي بالحليب.

انتفضت بانزعاج منه: بقى أنا لوني زي لون الشاي بالحليب! ايه الألفاظ البيئة دي، أنا لون بشرتي برونزي يا مثقف
- إيه؟
لترد عليه وهي تحرك رأسها بالإتجاهين بدلع
- برونزي رباني، وده أحلى حاجة فيا
- تؤ غلط أحلى حاجة فيكي دول، قالها وهو يمسك فكها وسحبها نحوه ليقبل شفتيها بقبلة طويلة ولكن سطحية
ابتعدت عنه وقالت بضيق
- أنت غشاش وأنا مش هاثق فيك تاني
شاهين باستفسار ذا مغزى
- يعني الثقة راحت مابينا.

ردت عليه سيلين بإصرار: أيوة راحت
- لااا طالما كدة تعالي بقى، قالها وهو يسحبها نحوه
ليرفع الغطاء عليهم بسرعة تحت اعتراضها ولكن عن أي اعتراض نتكلم أمام الهجين، مسكينة حواء وثقت بآدم وهذه هي النتيجة الوقوع بالفخ بنجاح ساحق لا مثيل له.

علي الطرف الثاني كانت غالية تجلس إلى جوار والدتها النائمة وهي تائهة بملكوتها، عقلها لا يتوقف عن التفكير، ماذا ستفعل، ف الفحوصات التي أعطاها لها يحيى كلها تؤكد بأن والدتها تحتاج إلى أن تخضع لعمليه جراحية وبالتأكيد هذا مكلف
نظرت إلى هاتفها لا يوجد أي اتصال منه وها قد تجاوز الوقت الثانية عشر بعد منتصف الليل...
عضت شفتيها بتوتر ثم اتخذت قرارها واتصلت به.

رن كثير ولم يرد حتى انقطع الخط، أعادت الاتصال أكثر من مرة، ليأتيها رده أخيرا وهو يقول بتعجرف
- عايزة إيه
- بص أنا مش هقدر أخاطر بحياة ماما فعشان كدة
أنا موافقة إني أرجعلك
- وأنا مش عايزك، قالها بغروره المعروف مما جعلها تفتح عينيها وهي تقول
- أنت بتتكلم بجد
- آه بجد و ورقتك هتوصلك مش خوف لا، لأن كدة والا كدة قضية الخلع دي ماترفعتش أصلا، حودة حرق الملف بإيده بعد مادفع قرشين حلوين، سلام.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة